
جدل دعم المواشي وكيف تم التلاعب بالأرقام؟
شهد موضوع دعم الأغنام والأبقار في الآونة الأخيرة جدلاً ونقاشًا حادًا في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد الحملة الممنهجة التي أطلقها تباعاً قيادات حزبين يتذيلان مؤخرة ترتيب الفرق النيابية، ليعمد للترويج لها لاحقًا عدد من الفاعلين السياسيين، إما عن جهل أو تجاهل، حيث قاموا بتكرار نفس الأسطوانة التي ترتكز على ثنائية الرقم الضخم '13 مليار درهم' والعدد المقلص '18 مستورد'، بهدف تجييش وتحريض الرأي العام، لخدمة أجندات سياسية وانتخابية متناقضة، لكنها في ذات السياق موحدة في استهداف الحزب الذي يرأس الحكومة.
لكن التساؤل الذي يُطرح هنا ليس في كيفية التقاء المصالح المتناقضة حول هدف واحد، فذلك يجد إجابته في التخوف من الحضور الميداني والانتخابي القوي لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي كرسته جميع الاستحقاقات الجزئية التي خاضها الحزب، مما بات يؤشر على تكرار سيناريو 2021 في الاستحقاقات المقبلة. لكن التساؤل المطروح هنا يتمثل في كيفية تنظيم حملة منظمة انطلاقًا من معطيات غير دقيقة؟ وكيف تم التلاعب بالأرقام لتغليط الرأي العام؟ وهي أسئلة تحيلنا على التساؤل عن الميكانيزمات التي تعتمد عليها هذه الجوقة التي احترفت التضليل والتخوين بهدف الاغتيال الرمزي والسياسي للخصوم.
13 مليار درهم… بين الحقيقة والتضليل
ركزت الأدوات التضليلية بشكل مكثف على الترويج للرقم 13 مليار درهم، دون تقديم أي توضيحات بشأن المصادر التي استندت إليها في ذلك أو الطريقة التي تم بها صرف هذا المبلغ الضخم. حيث كان الهدف من ذلك هو خلق حالة من الصدمة والدهشة في ذهن المتلقي، فمثل هذا الرقم يصعب على أي مواطن يمتلك ذرة مواطنة أن يستسيغه أو يتقبله. وعوض تقديم تبرير منطقي لهذا الرقم، عملت الماكينة التضليلية على تهريب النقاش إلى الأمام، مُركّزة على فرضه كحقيقة مسلّمة لا جدال فيها، من خلال افتراض المشاريع التي يمكن أن يُموّلها هذا المبلغ الضخم، على غرار المستشفيات الجامعية والملاعب الرياضية… فيما سعت الأطراف التي ركبت على الموجة إلى جلد الفاعلين في القطاع لزيادة حالة الصدمة والدهشة لدى الرأي العام.
لكن عند الرجوع إلى الوثيقة نفسها التي تضمنت الإيضاحات المقدمة خلال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2025، والتي مر عليها نصف سنة بالمناسبة، يتبين أن مجموع قيمة واردات الأبقار في المغرب خلال سنتي 2023 و 2024 قد بلغ 3,671.1 مليون درهم (الرقم1 في الوثيقة أسفله)، فيما بلغت واردات الأغنام خلال ذات الفترة الزمنية 1,942.7 مليون درهم(الرقم2 في الوثيقة أسفله). وبالتالي، لم يتجاوز مجموع واردات الأغنام والأبقار 5,613.8 مليون درهم، أي 5.6 مليار درهم، وهو ما يعادل أقل من نصف 13 مليار درهم التي يروج أنها قدمت كدعم! وبالتالي، يطرح التفاوت الكبير بين قيمة الواردات من الأغنام والأبقار وبين قيمة الدعم المروج له الكثير من الاستغراب والشكوك. إذ كيف يمكن أن يمثل مبلغ الدعم ضعف قيمة الواردات من الأبقار والأغنام!
احتساب رسوم الاستيراد 'الحمائية' لتغليط الرأي العام
لكن بالعودة إلى ذات الوثيقة المتعلقة بالإيضاحات المقدمة خلال مشروع قانون المالية، يتبين أن مروجي هذه الادعاءات قد عمدوا إلى احتساب رسوم الاستيراد التي أوقفتها الحكومة بالنسبة للأغنام وكذا الأبقار الأليفة التي يفوق وزنها 350 كيلوغرام ، والتي كانت تصل في الحالتين معا إلى 200%، على أساس أنها دعم حكومي. لكن، الحقيقة أن هذه الرسوم كانت تمثل إجراءً حمائيًا، لا مصدرًا للإيرادات، حيث كان الهدف منها يتمثل في حماية القطيع الوطني من خلال جعل استيراد الأغنام والأبقار الموجهة للذبح مكلفًا للغاية، وهو ما كان يجعل الفاعلين في القطاع لا يجرؤون على استيراد الأغنام والأبقار التي تفوق 350 كيلوغرام، حيث لم تتحصل الخزينة العامة على مداخيل هذه الرسوم منذ إقرارها إلى الآن، وهو ما يوضح أن هذه الإجراءات لم تكن تهدف إلى زيادة الإيرادات بقدر ما كنت تسعى إلى حماية 'الكساب' في العالم القروي من منافسة القطيع المستورد.
وبذلك ظلت هذه الرسوم مجرد إجراءات على الورق، لا تؤثر أساسًا على مداخيل الميزانية العامة. ومن هنا، يصبح الحديث عن 'تبديد' المال العام مسألة غير دقيقة، بل هي حق أريد به باطل، إذ لم تكن تلك الرسوم لتدخل أصلاً في الميزانية لو لم يتم إيقافها. إذ كيف يمكن للفاعل في المجال أن يجرؤ على دفع رسم قدره 200% عن كل رأس، ليؤدي في النهاية مبلغًا يساوي ضعف ما أنفقه على شراء الأغنام والأبقار، فضلًا عن تكاليف النقل والشحن!
الخلط بين رسوم الاستيراد 'الحمائية' والدعم الاستثنائي
من جهة أخرى، لجأت أدوات التضليل إلى خلط متعمد بين الإعفاءات الجمركية التي لم تكن تُدر أي إيرادات على الميزانية العامة في الأصل، وبين الدعم الحكومي الاستثنائي الموجه للمستوردين خلال عيد الأضحى، والذي حُدد في 500 درهم عن كل رأس من الأغنام المستوردة، إذ لم يتجاوز مجموعه خلال سنتي 2023 و2024 مبلغ 437 مليون درهم، أي 0.437 مليار درهم، وهو مبلغ يبقى معقولًا ومقبولًا في ظل تعاقب سنوات الجفاف طيلة سبع سنوات متوالية، حيث سعت الحكومة من خلال هذا الإجراء إلى تعزيز القطيع الوطني الذي عرف تراجعًا كبيرًا بسبب توالي سنوات الجفاف، قدر بنسبة 37 بالمائة مقارنة بإحصاء عام 2016.
لذلك، فإن الخلط المتعمد بين قيمة الرسوم الجبائية 'الحمائية' التي تقدر بـ 7,342.3 مليون درهم بالنسبة للأبقار (الرقم3 في الوثيقة أسفله)، و 3,869.7 مليون درهم بالنسبة للأغنام (الرقم4 في الوثيقة أسفله)، مع الضريبة على القيمة المضافة على الأبقار التي تناهز 744 مليون درهم عن الأبقار(الرقم5 في الوثيقة أسفله) و 1,163.4 مليون درهم عن الأغنام (الرقم6 في الوثيقة أسفله)، وبين الدعم الحكومي الذي لا يتعدى 437 مليون درهم عن الأغنام أي ما يعادل0.437 مليار درهم من جهة ثانية، يعد بمثابة جريمة نصب واحتيال على العقول، وعملية تضليل ممنهجة تهدف إلى تحريف المعطيات بهدف تضخيم مبلغ الدعم من 0.437 مليار درهم إلى 13 مليار درهم، للتأثير على الرأي العام وزيادة حالة الإرباك والتشويش على المواطنين الذين وجدوا أنفسهم في أمام سردية واحدة تحاول إيهامهم بخسائر غير موجودة في الواقع.
من جهة أخرى، لنا أن نتخيل الكلفة التي كان من الممكن أن تصل إليها الأغنام خلال العيدين الماضيين لولا هذه الإجراءات الاستباقية التي مكنت من استيراد 875 ألف رأس، منها 386 ألف رأس في سنة 2023 و489 ألفًا في سنة 2024. حيث ساهم هذا الاستيراد بشكل مباشر في ضبط السوق واستقرار الأسعار، أو على الأقل في الحد من ارتفاعها الكبير، إذ أن هذه الكمية المستوردة رفعت من حجم العرض، مما خفف من حدة الضغط على الطلب، وسمح بتحقيق نوع من التوازن النسبي في السوق. ولو لم يتم اتخاذ هذا القرار، لكان النقص في العرض قد أدى إلى قفزة غير مسبوقة في الأسعار، قد تصل إلى حدود 250 درهمًا للكيلوغرام.
تقليص عدد المستوردين وتحزيبهم
عمد مروجو هذه الاتهامات إلى تقليص عدد المستفيدين بشكل متعمد، بالموازاة مع تضخيم مبلغ الدعم، حيث ادعوا أن العدد يقتصر على 18 مستوردًا فقط، وهو رقم لم يُقدّم له أي دليل ملموس أو لوائح تؤكده. فقد اقتصروا على تكرار الرقم فقط، لينتشر في مواقع التواصل الاجتماعي والجرائد المقروءة كالنار في الهشيم. علمًا أن عدد المستوردين حسب الوثائق الرسمية لوزارة الفلاحة يصل إلى 156 مستوردًا، منهم 61 مستوردًا في عام 2023 و95 مستوردًا في 2024، وهو ما تؤكده اللوائح التي نشرها 'المكتب الوطني للحبوب والقطاني' بكل وضوح وشفافية.
والأبشع من ذلك أن جوقة التضليل لم تتوقف عند هذا الحد، حيث سعى ما تبقى من قيادات البيجيدي، وعلى رأسهم 'البوق الصوتي' للحزب، والوزير الأسبق الذي اشتهر برفض العمل السياسي 'بالبيليكي'، بالإضافة إلى 'الحاج اليساري' الذي ارتبطت مواقفه دائمًا بالتدليس و'التضليل السياسي' حسب البلاغ الشهير، إلى تحزيب المستفيدين، والأكثر من ذلك اعتبارهم قياديين في الأحرار، دون تقديم أي أدلة حول ذلك أو حتى نشر لائحة بأسماء هؤلاء المستوردين.
علمًا أنه تم فتح المجال أمام جميع المستوردين الذين تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في القرار الوزاري المشترك بين وزارة المالية ووزارة الفلاحة، وعلماً كذلك أن إمكانية الإعفاء من الرسوم الخاصة باستيراد الأبقار والأغنام لا تزال سارية المفعول، خاصة مع تأطيرها في قانون المالية الذي صادقت عليه أحزاب الاستقلال والأحرار والبام. وهو مايجعل إمكانية الاستيراد مع الإعفاء من الرسوم متاحة أمام جميع الفاعلين في القطاع إلى غاية الآن.
ولذلك فحري بهذه الجوقة عوض أن تستمر في 'مندبة انتقاء المستوردين' أن تعمل على تشجيع مستوردي المواشي على الاستيراد لتخفيف الضغط على القطيع الوطني حتى يستعيد عافيته. بل سنصفق لهم أكثر إذا ما عملوا على تشجيع رجال الأعمال من حزبيهم على الاستيراد، والمساهمة في تقديم خدمة تاريخية لإعادة تكوين القطيع المحلي.
حملة ممنهجة في مسار متواصل من حملات الاستهداف
في هذا السياق، لابد من التذكير على أن هذه الحملة تأتي في إطار سلسلة متواصلة من الاستهدافات الممنهجة التي انطلقت حتى قبيل استحقاقات 2021، حيث يلتقي المهاجمون، رغم اختلاف منطلقاتهم وتناقض مصالحهم، في نفس الأسلوب، المرتكز على تغليط الرأي العام بترويج أرقام مغلوطة ومعطيات غير دقيقة.
وهو ما جرى في موضوع الأرامل، حيث تم الادعاء كذبًا بأنه تم إقصاؤهم من الدعم، في حين أن الواقع يشير إلى أن دائرة المستفيدات قد توسعت بشكل كبير، إضافة إلى ارتفاع قيمة الدعم المخصص لهن. كما تم اختراع رقم '18 مليون مستفيد' في موضوع 'راميد'، من خلال احتساب العدد التراكمي بين سنتي 2012 و2022، للترويج كذبا لإقصاء ثمانية ملايين شخص من البرنامج. بالإضافة إلى احتساب فقدان فرص الشغل الموسمية في العالم القروي بسبب توالي سنوات الجفاف كجني الزيتون مثلا، على أساس أنها مناصب شغل قارة تم فقدانها بهدف تضخيم معدلات البطالة بأرقام مغلوطة.
وانطلاقًا من هذا السياق، ينبغي أن نتوقع تصاعد وتعاظم هذه الحملات خلال المرحلة المقبلة، كما وقع قبل الاستحقاقات التشريعية السابقة، حيث يُنتظر أن نعيش ما يمكن تسميته 'حرب الكل ضد الواحد'، على غرار مفهوم 'حرب الكل ضد الكل' الذي طرحه الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز، من خلال أسلوب التحامل الجماعي على الحزب الذي يُعتبر الأوفر حظًا لتصدر الانتخابات المقبلة.
لذلك، ينبغي على المواطن اليوم التحلي باليقظة والحذر أمام هذه الحملات التضليلية التي يصطنعها 'تجار الأزمات' و يستغلها 'فراقشية الانتخابات'، وأن لايستهلك هذه الاتهامات ويحولها إلى مسلمات وقناعات دون وعي نقدي وتمحيص المعلومات وقراءة السياقات والخلفيات، ليكون تقييمه مبنيا على حقائق ومعطيات، وليس على أوهام وافتراءات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عبّر
منذ 2 ساعات
- عبّر
مفتشو الشغل يصعّدون ضد وزارة السكوري: تعويضات هزيلة ونظام أساسي مجحف
تشهد وزارة الشغل المغربية حالة من التوتر المتصاعد، بسبب استياء لدى مفتشو الشغل من استمرار تجاهل مطالبهم المتعلقة بمراجعة النظام الأساسي المنظم للمهنة، ورفضهم لما وصفوه بـ'الهزالة المهينة' للتعويضات المرتبطة بالزيارات الميدانية وجولات المراقبة. مفتشو الشغل: تعويضات غير منصفة للمهام الميدانية يرى مفتشو الشغل أن التعويضات التي تحددها الوزارة للقيام بـ20 زيارة أو أكثر شهريًا، والتي تتراوح بين 1200 و2500 درهم فقط، غير كافية لتغطية مصاريفهم المتزايدة، خاصة في حال تنقلهم خارج المدن أو داخل الأقاليم، مع ما يرافق ذلك من تكاليف تنقل وتغذية ومبيت. تنسيق نقابي يدعو إلى خطوات احتجاجية تصعيدية ردًا على ما وصفوه بـ'المماطلة والتسويف الحكومي'، أعلن التنسيق النقابي الداعم لمفتشي الشغل عن الدخول في سلسلة من الخطوات الاحتجاجية خلال شهري ماي ويونيو 2025. وتشمل هذه الخطوات: تقليص عدد الزيارات الميدانية إلى ثلاث فقط خلال الشهر. تخصيص يومي الإثنين والثلاثاء فقط لمعالجة نزاعات الشغل داخل مصالح التفتيش. مقاطعة الاجتماعات الخارجية والأنشطة الموازية والتكوينات طيلة مدة الاحتجاج. رفض الاقتطاعات التي مست أجور المضربين رغم قانونية حركتهم. مطالب بتحسين النظام الأساسي وتعديل مرسوم التعويضات يطالب مفتشو الشغل بمراجعة شاملة للنظام الأساسي الذي ينظم مهامهم، إلى جانب تعديل مرسوم التعويض عن الجولات الميدانية ليعكس الواقع الميداني والتحديات التي تواجههم. كما يشددون على ضرورة الاعتراف بأدوارهم المحورية في مراقبة تطبيق قانون الشغل وحماية حقوق العمال داخل المقاولات. أزمة مفتشو الشغل مع وزارة السكوري في ظل غياب أي تفاعل رسمي من طرف وزارة يونس السكوري مع مطالب الهيئة، تتجه الأزمة نحو التصعيد، ما قد يؤثر على سير نزاعات الشغل داخل العديد من القطاعات، ويزيد من حدة التوتر داخل سوق الشغل المغربي، الذي يواجه أساسًا تحديات متعلقة بالتسريح الجماعي وضعف الحماية الاجتماعية.


كازاوي
منذ 3 ساعات
- كازاوي
المغرب يرتقي في مؤشر التنمية البشرية وخنيفرة تقدم نموذجا محليا للتنمية المستدامة
حقق المغرب خلال سنة 2025 تقدما لافتا في مؤشر التنمية البشرية، مسجلا 0.710 نقطة، مامكنه لأول مرة من الالتحاق بفئة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة، حسب تصنيف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وإن دل هذا الإنجاز على شيء، فإنما يدل على المجهودات الجبارة التي بذلتها الأقسام الاجتماعية على مستوى أقاليم وعمالات المملكة، وعلى سبيل المثال، عمالة إقليم خنيفرة، التي راكمت على مدى عشرين سنة تجربة تنموية رائدة وميدانية. فمنذ انطلاقة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2005، شهد الإقليم دينامية متواصلة، ترجمت إلى مشاريع مهيكلة همت التعليم، والصحة، والماء، والتمكين الاقتصادي، والبنيات الأساسية، مع تركيز خاص على الفئات الهشة بالمناطق القروية والجبلية. وقد ساهم التنسيق المحكم بين المصالح الإدارية والمجتمع المدني في تحقيق نتائج ملموسة، جعلت من خنيفرة نموذجا محليا لمسار تنموي قائم على الاستدامة والشمول. وفي أجواء احتفالية تطبعها روح المسؤولية والاعتزاز، احتضنت قاعة الندوات بعمالة إقليم خنيفرة، اليوم الاثنين 19 ماي 2025، لقاء موسعا بمناسبة ذكرى هذا الورش الملكي الكبير، الذي اختير له هذه السنة شعار: 'المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، 20 سنة من خدمة التنمية البشرية.' وحضر هذا الإجتماع الموسع كل من الكاتب العام للعمالة، ورئيس قسم الشؤون الداخلية، والباشوات، والقياد، ورؤساء الجماعات الترابية بالإقليم، إلى جانب نخبة من المنتخبين، ورؤساء المصالح الخارجية، وفعاليات من المجتمع المدني. وفي مستهل هذا اللقاء، ألقى السيد عامل إقليم خنيفرة كلمة بالمناسبة أشاد من خلالها بحصيلة 20 سنة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مبرزا أن هذه الذكرى تشكل محطة سنوية لتجديد الالتزام الجماعي بمبادئ المبادرة الوطنية، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله سنة 2005، كورش ملكي طموح يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية والنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفئات الهشة والمعوزة. وأكد السيد العامل أن المبادرة الوطنية ليست مجرد برنامج تنموي، بل سياسة حكيمة تجسد رؤية استراتيجية عميقة تنبني على حكامة جيدة، وتدبير مندمج، وتخطيط قائم على النتائج والتقييم المستمر. كما استحضر مضامين الخطاب الملكي السامي ليوم 13 أكتوبر 2006، والذي أكد فيه جلالة الملك على الأهمية القصوى لاعتماد مبادئ الشفافية، والمساءلة، والمشاركة المواطنة، باعتبارها أسسا لنجاح هذا الورش الوطني الكبير. وفي عرض شامل للمراحل الثلاث للمبادرة، أبرز السيد العامل ما تحقق من مكتسبات على مستوى الإقليم: ▪︎ المرحلة الأولى (2005-2010): ركزت على تحسين البنيات التحتية والخدمات الأساسية، حيث تم إنجاز 273 مشروعا بغلاف مالي إجمالي بلغ 117.5 مليون درهم، ساهمت المبادرة فيه بـ83.2 مليون درهم. ▪︎ المرحلة الثانية (2011-2018): وضعت خلالها أسس التمكين الاقتصادي والاجتماعي للفئات الهشة، وتم تنفيذ 851 مشروعا بتكلفة إجمالية ناهزت 290.12 مليون درهم، منها 198.76 مليون درهم كمساهمة من المبادرة. ▪︎المرحلة الثالثة (2019-2025): شكلت تحولا نوعيا من خلال التركيز على تنمية الرأسمال البشري، خاصة في مجالات الطفولة المبكرة، والصحة، والتعليم، والإدماج الاقتصادي للشباب. وتم خلالها إنجاز 664 مشروعا بغلاف مالي قدره 350.60 مليون درهم، منها 284.06 مليون درهم كمساهمة مباشرة من المبادرة. وحرص السيد العامل على التأكيد أن هذه الحصيلة المشرفة، والتي بلغت ما يفوق 1788 مشروعا على أرض الواقع، بتكلفة إجمالية تقدر بـ 757.62 مليون درهم، منها 565 مليون درهم كمساهمة من المبادرة، تعكس المجهود الجماعي لكل الفاعلين من سلطات محلية، ومجالس منتخبة، ومصالح خارجية، ومجتمع مدني، وشركاء تنمويين. وأشار السيد العامل في ختام كلمته إلى أن الاحتفال بالذكرى العشرين يشكل مناسبة لتقييم المسار، وتثمين المكتسبات، واستشراف آفاق جديدة، حيث سيتم خلال الفترة من 19 إلى 24 ماي تنظيم منتديات وندوات موضوعاتية لإبراز التجارب الناجحة وتسليط الضوء على مشاريع متميزة بالإقليم. واعتبر أن تاريخ 18 ماي من كل سنة يظل موعدا متجددا لتعميق النقاش حول سبل تعزيز التنمية البشرية، وتجديد الانخراط في هذا الورش الملكي، الذي لا يزال يشكل أحد الروافد الأساسية لتكريس الكرامة، وتقليص الفوارق، وبناء مغرب الإنصاف والمساواة. بعد كلمة السيد العامل، تم تقديم عرض قيم حول حصيلة القسم الاجتماعي، خاصة فيما يتعلق بإنجازات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على مستوى الإقليم خلال العشرين سنة الماضية. وفي الختام، تم في اليوم الأول من هذا الإحتفال الذي سيمتد نحو اسبوع كامل، توزيع عدد من سيارات الإسعاف المجهزة بكامل التجهيزات الطبية على مجموعة من الجماعات الترابية.


المغربية المستقلة
منذ 4 ساعات
- المغربية المستقلة
وزان تحتفي بـ20 سنة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية: مشاريع بمئات الملايين وأثر ملموس في القرى والمراكز
المغربية المستقلة : بمرور عقدين على انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، اختارت عمالة إقليم وزان أن تجعل من هذه الذكرى محطة تقييم وتأمل في منجزات ورش ملكي غيّر وجه التنمية المحلية، خاصة في المناطق الهشة والنائية. في هذا السياق، احتضن مقر عمالة الإقليم، يوم الإثنين 19 ماي 2025، لقاءً رسميًا ترأسه عامل الإقليم، بحضور رئيس المجلس الإقليمي، ورؤساء الجماعات، وممثلي المصالح اللاممركزة، وأعضاء اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية، ومختلف الفاعلين الترابيين، وذلك تحت شعار: '20 سنة في خدمة التنمية البشرية'. وفي كلمته بالمناسبة، ذكّر عامل الإقليم بالأهمية المحورية التي تحتلها المبادرة الوطنية، منذ إطلاقها من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله يوم 18 ماي 2005، باعتبارها أداة استراتيجية لتحسين مؤشرات التنمية ومحاربة الفوارق الاجتماعية والمجالية. وبلغة الأرقام، استعرض المسؤول الترابي حصيلة ثلاث مراحل متتالية من العمل التنموي. ففي المرحلتين الأولى والثانية، تم إنجاز 663 مشروعًا بغلاف مالي إجمالي بلغ 305 مليون درهم، ساهمت فيه المبادرة بـ153 مليون درهم، مكنت من تحسين ظروف عيش حوالي 298.570 مستفيدًا. أما المرحلة الثالثة التي انطلقت سنة 2019 والممتدة إلى غاية 2025، فقد شهدت دينامية غير مسبوقة، تُرجمت إلى 860 مشروعًا باستثمار إجمالي بلغ 265 مليون درهم، من بينها 252 مليون درهم ممولة من طرف المبادرة، وهو ما مكن من الوصول إلى أزيد من 388 ألف مستفيد، موزعين على جميع الجماعات الترابية بالإقليم. المشاريع شملت مجالات متعددة وذات طابع اجتماعي مباشر، أبرزها البنيات التحتية الأساسية، خدمات الصحة والتعليم الأولي، دعم الأنشطة المدرة للدخل، خلق فرص الشغل للشباب، والاهتمام بصحة الأم والطفل. كما أشاد السيد العامل بالانخراط الجماعي لكافة المتدخلين، داعيًا إلى الحفاظ على نفس وتيرة التنسيق والتعبئة لضمان استمرارية هذا الورش، واستثمار مكتسباته في أفق تحقيق تنمية محلية أكثر إنصافًا واستدامة. الاحتفال بذكرى المبادرة لن يقتصر على اللقاء الرسمي، إذ تمت برمجة سلسلة من الورشات والزيارات الميدانية والعروض التقييمية من 19 إلى 30 ماي الجاري، بمشاركة جمعيات المجتمع المدني والمصالح التقنية، لإبراز وقع المشاريع ومشاركة التجارب الميدانية الناجحة. هكذا، يواصل إقليم وزان مساره التنموي بخطى ثابتة، مستفيدًا من روح وفلسفة المبادرة الوطنية، التي ما تزال تؤكد بعد عشرين سنة أنها أكثر من مجرد برامج تمويل، بل رؤية متكاملة لتنمية الإنسان والمجال.