
كواليس أول اتفاق أمريكي مع صنعاء وأنصار الله – تقدير موقف
بقلم/ عبدالله علي صبري
في 12 أبريل 2025 نشر الناشط الحقوقي الدولي والبرلماني الكويتي سابقا عبدالحميد دشتي، في تغريدة له على منصة إكس، معلومات كشفت لأول مرة عن توجه أمريكي للتفاوض مع ' أنصار الله '، بعد أقل من شهر على الجولة الثانية للعدوان الأمريكي الذي استؤنف في 15 مارس 2025. أفاد دشتي أن الإدارة الأمريكية طلبت من السفير الأمريكي الجديد في الكويت، فتح قنوات اتصال مع ' أنصار الله ' بهدف التفاوض حول أمن البحر الأحمر والملاحة الدولية وحركة السفن الأمريكية. وكان الرئيس الأمريكي قد عين أمير غالب- وهو عربي من أصول يمنية- سفيرا للولايات المتحدة لدى الكويت في 8 مارس 2025، ما يفسر لماذا تم اختيار الأخير كقناة اتصال مع الوفد الوطني في مسقط. صحيح أنه لم ترشح أية تصريحات رسمية تؤكد أو تنفي ما نشره دشتي في حينه، إلا إن اتفاق وقف إطلاق النار المعلن مؤخرا بين أمريكا وحكومة صنعاء بوساطة عمانية، يفتح الشهية للتساؤلات عن الأسباب والكواليس التي أدت إلى تفاهم كهذا كان يبدو مستحيلا قبل ساعات من إعلانه. وفي الأسباب، يمكن العودة إلى خطاب الرئيس مهدي المشاط بتاريخ 20 إبريل 2025، الذي قال فيه أن حاملة الطائرات 'ترومان' فقدت قيادتها وسيطرتها وأصبحت خارج الخدمة منذ الأيام الأولى للعدوان على اليمن، وهو ما نفته جهات رسمية أمريكية في حينه. وهنا نسأل، ما الذي يجعل الإدارة الأمريكية تبحث عن قناة تواصل مع صنعاء وما تزال في الشهر الأول من حملتها العسكرية، التي اتخذت مسمى ' الفارس الخشن '، لولا أن حدثا جللا كهذا قد وقع بالفعل. في الأثناء كان منسوب التصعيد الكلامي للرئيس ترامب وأركان إدارته، قد انخفض بعض الشيء، فبعد أن كان ترامب قد توعد بالقضاء على من يسميهم بالحوثيين، ونشر في 19 مارس 2025 على منصة تروث سوشيال أن الضربات الأمريكية ستصبح أسوأ تدريجيا وأنه سيتم القضاء على الحوثيين تماما، وأن مصيرهم الإبادة الكاملة، ظهر السفير الأمريكي لدى اليمن ستيفن فاجن، في تصريح لافت تداولته وسائل الإعلام في 11 ابريل 2025، أكد فيه التزام الولايات المتحدة الثابت بالعمل على إيجاد حل سياسي شامل يضمن استقرار اليمن، والعمل على استعادة أمن الملاحة البحرية في البحر الأحمر. وفي مقابل انخفاض التصعيد الكلامي مع اليمن، رفعت الإدارة الأمريكية من وتيرة التهديدات للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقبل يوم واحد من تصريح السفير الأمريكي، توعد وزير الدفاع بيت هيجيسث إيران بأنها ستدفع ثمن دعمها للحوثيين، حد قوله. بيد أن تصاعد حدة الخطاب بشأن إيران لم تكن منسجمة مع الواقع الميداني، فقد فاجأ الرئيس الأمريكي ضيفه نتنياهو بالحديث عن مفاوضات نووية مع إيران بعد أن كثر الحديث عن استعداد أمريكي إسرائيلي لشن هجمات تستهدف إيران ومنشآتها العسكرية. وقال ترامب في السابع من ابريل 2025، أن الولايات المتحدة وإيران بصدد البدء في محادثات مباشرة بشأن برنامج طهران النووي. كان الرئيس المشاط في خطابه آنف الذكر، قد بارك لإيران هذا النجاح الدبلوماسي، وقال: ندعم الدبلوماسية الإيرانية في السعي لحلحلة مشاكلها مع خصومها، كما دعمناها وشجعناها وباركنا نجاحها مع السعودية. ومن يقرأ بين السطور يلحظ أن حديث المشاط كان يوحي بأن لليمن دور ما في الخطوة الأمريكية، إذ كان الرئيس يتحدث بكل ثقة عن الفشل العسكري الأمريكي في خطاب معنوي من الدرجة الأولى. حديث الرئيس المشاط عن الفشل العسكري الأمريكي ليس اعتباطا، فقد كان مدعما بأدلة وشواهد ميدانية لا تخفى عن المراقبين والخبراء الدوليين، الذين نقلت عنهم الصحافة الغربية الكثير من التصريحات التي فضحت العجز الأمريكي في اليمن. وإلى جانب الفشل العسكري مُنيت الإدارة الأمريكية بانتكاسة غير مسبوقة في المجال الاستخباراتي، وإذ تبين أن أمريكا تعاني من ' عمى استخباراتي ' تجاه اليمن بقدراته وقياداته العسكرية، وأخفقت في استهداف قيادات دون الصف الثالث، كانت فضيحة مستشار الأمن القومي المعين حديثا، قد دلت على ' انكشاف استخباراتي' مبكر، ما أدى إلى إقالته ونائبه. جاءت الإقالة بعد أسابيع من الجدل الذي أثاره تسريب خطط عسكرية أميركية بشأن الضربات في اليمن، وذلك عقب انضمام رئيس تحرير مجلة ' ذي أتلانتك ' عن طريق الخطأ إلى مجموعة دردشة على تطبيق سيغنال، كان يشارك فيها مايك والتز ومسؤولون أمنيون كبار، تداولوا من خلالها تفاصيل حساسة عن توقيت ونوعية الضربات العسكرية. ومما فاقم من خطورة الخلل الاستخباراتي، أن صنعاء أعلنت أنها أفشلت العدوان الأمريكي في يومه الأول نتيجة معلومات استخباراتية. وفي مقابل المأزق الأمريكي، كانت القوات المسلحة اليمنية تواصل عملياتها العسكرية المتصاعدة كما ونوعا باتجاه حاملات الطائرات الأمريكية ' ترومان ' في البحر الأحمر، ثم باتجاه حاملات الطائرات ' فينسون ' التي باشرت عملياتها العدوانية على اليمن في 15 ابريل 2025. وقيل حينها أنها جاءت كرديف لمثيلتها ترومان، وتبين أنها جاءت كبديل بعد الإعلان الأمريكي عن موعد لعودة ترومان، ومغادرتها البحر الأحمر على خطي الحاملة ' أيزنهاور'. كما تمكنت القوات اليمنية من اسقاط سبع طائرات استطلاع أمريكية من نوع ام كيو ناين خلال أقل من شهرين. كل ذلك بالموازاة مع تصاعد الهجمات اليمنية في عمق الكيان الصهيوني بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، وتأكيد اليمن الاستمرار في معركة إسناد فلسطين حتى وقف العدوان ورفع الحصار الصهيوني عن غزة. في 28 ابريل 2025، كانت الأنباء الرسمية الواردة من البنتاغون، تحمل خبرا سيئا للولايات المتحدة، مفاده أن طائرة أمريكية من نوع إف 18 قد سقطت في البحر الأحمر من على متن ' ترومان '. وفيما بعد ذكرت الصحافة الأمريكية أن حاملة الطائرات نفذت مناورة حادة وانعطافا شديدا أدى إلى سقوط الطائرة، ( بعد ساعات من إعلان الاتفاق ذكرت صحف أمريكية أن البحرية الأمريكية خسرت طائرة ثانية من نوع إف 18 في البحر الأحمر ) . وفي صنعاء كانت الأخبار السارة تؤكد أن القوات المسلحة اليمنية هي التي اجترحت هذا النجاح غير المسبوق، ما عمق من أزمة أمريكا في حربها على اليمن. أعلن ترامب عن سياسة الضغوط القصوى في إدارة الشؤون الخارجية، وقال بأنه يستخدم القوة من أجل الوصول إلى السلام، غير أنه تجرع هزيمة مذلة في اليمن، جعلت من الأمن القومي الأمريكي منكشفا على نحو خطير أمام الدول التي شجعها الرئيس المشاط، بقوله: فلتمدد الصين ولا تبالي، ولتمدد روسيا ولا تبالي. وهو ما فرض على ترامب في الأخير القيام باستدارة سياسية سريعة وحادة، أدت إلى إعلان وقف إطلاق النار في أول اتفاق أمريكي من نوعه مع صنعاء وأنصار الله. اضطر ترامب أن يعلن عن الاتفاق بنفسه، وإن بمضامين مخادعة، زعم أن ' الحوثيين ' قد استسلموا وأنهم قد طلبوا وقف إطلاق النار، وهذا ما نفاه رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام في تصريح متلفز لقناة المسيرة، كشف فيه أن الأمريكي هو الذي تقدم بالطلبات والرسائل عبر الأشقاء في سلطنة عمان خلال الأسابيع الماضية. من جهتها كشفت الخارجية العمانية مساء الثلاثاء 7 مايو2025 عن تفاصيل الاتفاق في بيان رسمي. دحض البيان السردية الأمريكية، لكنه أكد على أن الطرفين اتفقا بأن لا يستهدف أي منهما الآخر، بما في ذلك السفن الأمريكية في البحر الأحمر وباب المندب. لم يتطرق البيان إلى إسرائيل أو فلسطين، ما جعل الكثير من قيادات أنصار الله تؤكد بأن معركة اسناد غزة مستمرة، وهذا ما أوضحه عبد السلام ايضاً. بيد أن بيان الخارجية العمانية قد أثار بعض التساؤلات لناحية المضامين والمصطلحات الواردة فيه، إذ نص على أن التواصل كان بين طرفي الولايات المتحدة الأمريكية من جهة و' السلطات المعنية في صنعاء بالجمهورية اليمنية ' من جهة أخرى. وهذا يعني أن البيان تجنب ذكر ' أنصار الله ' ربما لأن الأمريكي قد صنف الجماعة كمنظمة إرهابية، وربما لأن صنعاء أرادت أن يكون الاتفاق مع جهة رسمية، بغض النظر عن الخلاف بشأن شرعيتها لدى المجتمع الدولي. ( والملاحظ أن عدد من الدول العربية التي رحبت بالاتفاق قد استخدمت المصطلح الوارد في تصريح الخارجية العمانية ). ويطرح السؤال نفسه، لماذا يتفاوض الأمريكان مع جهة يصنفونها بالإرهاب؟، أليس في ذلك تنازلا أمريكيا، ومكسبا لـ ' أنصار الله '؟ البيان أشار كذلك إلى أن التفاوض قد يتواصل بهدف مناقشة أمور مستقبلية، فما الذي يمكن أن تتوافق عليه أمريكا مع ' أنصار الله ' مستقبلا؟ من وجهة نظري أن أي تفاوض مستقبلي، يتطلب في البدء رفع العقوبات الأمريكية تجاه اليمن، والتراجع عن تصنيف أنصار الله منظمة إرهابية، ثم إن على الولايات المتحدة أن تدفع باتجاه الحل السياسي في اليمن، بعد أن عطلت ' خارطة الطريق ' من خلال الضغط على الطرف السعودي. بقي القول إن الكيان الصهيوني، تفاجأ بالاتفاق المعلن. وقالت وسائل إعلام عبرية أن ترامب قد ترك إسرائيل وحيدة في مواجهة اليمن وأنصار الله، وهو نفس الشعور الذي عبر عنه المرتزقة اليمنيون، وربما بذات المضامين. وختاما ثمة من يتطلع إلى زيارة ترمب المرتقبة للرياض والمنطقة، وما تحمله من فرصة مواتية لإعلان تهدئة شاملة لا تستثني غزة، قد يكون في الإعلان عنها تخفيفا من وطأة حال السعودية ودول الخليج، التي يأتيها ترامب لجلب واستنزاف الأموال رغما عنها. أما اليمن فقد فرض نفسه بقوة الذراع وثبات المبدأ رقما إقليميا لا يمكن تجاوزه بعد اليوم.
وفي الخلاصة نستطيع القول إن المفاوضات غير المباشرة بين اليمن وأمريكا، قد تحركت في منتصف إبريل 2025، عبر السفير الأمريكي في الكويت ابتداء، ثم من خلال الوسيط العماني، وإن إصابة حاملة الطائرات الأمريكية ' ترومان ' في الهجمات اليمنية كانت مربط الفرس ونقطة التحول الأساسية، كما أدى الإعلان عن سقوط طائرتين من نوع إف 18 في البحر الأحمر إلى تعميق أزمة الولايات المتحدة في عدوانها على اليمن دون إغفال الأسباب الأخرى، التي أجبرت الرئيس ترامب على التراجع المهين، ومنها الفشل العسكري في استهداف القدرات والقيادات العسكرية اليمنية، والإخفاق الاستخباراتي المزدوج للإدارة الأمريكية، وانكشاف الأمن القومي الأمريكي، وتراجع هيبة واشنطن أمام الدول الكبرى. مقالات ذات صلة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المشهد اليمني الأول
منذ 2 ساعات
- المشهد اليمني الأول
مخاوف عبرية من حصار ميناء حيفا.. غلوبس العبرية: الحوثيون مستعدون لضرب إسرائيل بطائرة مسيرة ولو بآخر ألف دولار
نشرت صحيفة غلوبس العبرية تقريرًا مطولًا كشفت فيه أن التهديد الجديد الذي أطلقه أنصار الله تجاه ميناء حيفا شمال الأراضي المحتلة تسبب في إرباك واسع داخل المنظومة الملاحية الإسرائيلية، وترك أثرًا نفسيًا واقتصاديًا يذكّر بشلل ميناء إيلات ومطار بن غوريون. وذكرت الصحيفة أن تصريحات المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، التي حذّر فيها الشركات المتجهة إلى ميناء حيفا واعتبارها 'أهدافًا مشروعة'، دفعت مسؤولي الموانئ إلى التواصل مع شركات الشحن الدولية لطمأنتها، في اعتراف ضمني بتأثير التحذير اليمني. ووفق التقرير، فإن ميناء حيفا يُعد من أهم موانئ الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما خلال فترة الحرب، ما يجعل إدخاله ضمن بنك الأهداف تطورًا نوعيًا في مسار المواجهة. ورغم محاولة سلطات الاحتلال التخفيف من حدة القلق، إلا أن بياناتها تشير إلى انخفاض بنسبة 40% في حركة الشحن بميناء الخليج الذي تديره الصين، وانخفاض آخر بنسبة 25% في أحواض بناء السفن، وهي مؤشرات على تصدع حقيقي في المنظومة اللوجستية بفعل التهديد اليمني. وأوضحت الصحيفة أن ما يُقلق الاحتلال أكثر هو أن انصار الله، الذين تسببوا مسبقًا بشلل ميناء إيلات وإغلاق المجال الجوي الإسرائيلي أمام عدة شركات طيران كبرى، يتجهون الآن لتوسيع نطاق الحصار ليشمل البحر المتوسط، ما يعني أن اليمن قد انتقل إلى مرحلة جديدة من فرض المعادلة في عمق الكيان. وتضيف الصحيفة أن الموانئ المستهدفة لا تملكها إسرائيل بشكل مباشر، بل تديرها شركات صينية وهندية، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى شمولية الضربات اليمنية وما إذا كانت ستراعي هذه المصالح، في ظل ما وصفته الصحيفة بـ'ترابط المصالح' بين إيران – والصين متناسية ان اليمن ليس بتابع لأي جهة وعندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية لايضع اي حسابات مهما كانت. وأكدت غلوبس أن صنعاء سبق وأن أبلغت الصين وروسيا بشكل غير مباشر أن سفنهما آمنة في البحر الأحمر، ما يعكس وعيًا سياسيًا متقدمًا في إدارة الاشتباك البحري. كما لفتت إلى أن شركة كوسكو الصينية العملاقة أوقفت بالفعل رحلاتها إلى إسرائيل منذ مطلع العام، وهو ما اعتُبر نتيجة مباشرة للتهديدات اليمنية المتصاعدة. التقرير اختتم بإشادة غير مباشرة بالقدرة اليمنية على إعادة تأهيل المرافق المدنية رغم القصف، حيث أشار إلى أن ميناء الحديدة بدأ أعمال الترميم بعد القصف الإسرائيلي، وأن مطار صنعاء بات جاهزًا للعمل من جديد، في رسالة تلخص صمود الشعب اليمني ومثابرته، وقدرته على ضرب العدو من جهة، وبناء الداخل من جهة أخرى. ووصف كاتب التقرير المشهد بعبارة دالة قال فيها: 'الحوثيون سيستخدمون آخر ألف دولار لديهم لإرسال طائرة مسيرة إلى إسرائيل'، ما يعكس الإيمان الكامل في أوساط العدو بأن المواجهة مع اليمنيين لن تنتهي قريبًا، وأنهم يملكون الإرادة والتقنيات اللازمة للاستمرار في كسر شوكة الاحتلال، بحرًا وجوًا.


وكالة 2 ديسمبر
منذ 3 ساعات
- وكالة 2 ديسمبر
بن شبيبة: جنازة تشيع الشيخ جمعان رسالة للحوثيين بكراهية الشعب لهم
بن شبيبة: جنازة تشيع الشيخ جمعان رسالة للحوثيين بكراهية الشعب لهم أكد وزير الأوقاف والإرشاد الدكتور محمد بن عيضة شبيبة، بأن التشييع المهيب للشيخ المناضل الكبير ناجي جمعان، اليوم، في العاصمة المختطفة صنعاء، يُعد رسالة لمليشيا الحوثي "بأن الشعب مع أي يمني قاومكم وواجه إرهابكم". وقال بن شبيبة في تغريدة على منصة إكس: "إنها رسالة وليست مجرد تشييع جنازة، رسالة لمليشيات الحوثي بأن الشعب يكرهكم ومع أي يمني قاومكم وواجه إرهابكم وعنصريتكم، ورسالة للشرعية لقد تأخرتم والناس تنتظركم". وأشار إلى أن الحوثي قد وصلته الرسالة ورسائل مماثلة وفهمها، وهو في قرارة نفسه- وإن كابر- ينتظر يوم مصرعه، وهذا آتٍ لا محالة. وشهدت العاصمة المختطفة صنعاء، اليوم الأحد، موكبًا جنائزيًا مهيبًا لجثمان الشيخ ناجي جمعان الجدري، عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام، شيخ مشايخ بني الحارث وأحد أبرز رموز ثورة الثاني من ديسمبر المستمرة، والذي وافاه الأجل في العاصمة المصرية القاهرة، بعد مسيرة وطنية حافلة بالعطاء. وانطلقت مراسم التشييع من المستشفى السعودي الألماني، حيث تجمّع آلاف المشيّعين وبحضور قيادات وشخصيات اجتماعية وحزبية من مختلف المحافظات، الذين رافقوا جثمان الفقيد في موكب كبير جاب عددًا من شوارع العاصمة، وصولًا إلى مقبرة كولة جدر في مسقط رأسه بمنطقة جدر في مديرية بني الحارث شمال صنعاء، حيث وُوري الثرى بعد الصلاة عليه. ويُعد الشيخ ناجي جمعان من الشخصيات القبلية البارزة التي وقفت في وجه مليشيا الحوثي خلال ثورة الثاني من ديسمبر 2017، وفقد خلالها اثنين من أبنائه، ما أكسبه احترامًا واسعًا بين الأوساط الشعبية والوطنية.


26 سبتمبر نيت
منذ 4 ساعات
- 26 سبتمبر نيت
كم انت عظيمة يا غزة !!
ان يدعو النائب الجمهوري في الكونغرس الأمريكي راندي فاين الى قصف قطاع غزة بقنابل نووية، أسوة بما فعلته بلاده في هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في نهاية الحرب العالمية الثانية، ويجد من يصفق له في إدارة الرئيس دونالد ترامب، فهذا هو قمة الإرهاب، واللاإنسانية، والتعطش لسفك الدماء في دولة تدعي انها زعيمة العالم الحر والأكثر حرصا على حقوق الانسان وقيم العدالة. اللافت ان هذه الدعوة صدرت عن نائب جمهوري دعم الرئيس ترامب حملته الانتخابية، وأيده أيضا بعض المصوتين العرب للأسف في ولاية 'ميشيغان'، وتزامنت هذه الدعوة النووية مع عودة ترامب، من جولته في ثلاث دول عربية، استطاع خلالها ابتزاز خمسة تريليونات دولار، وفوقها طائرة جامبو رئاسية كهدية يصل ثمنها، وبعد تجهيزها، ما يقرب من نصف مليار دولار. *** هذا النائب العنصري الدموي الصهيوني لا يعرف ان اعداد ضحايا حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها بنيامين نتنياهو، قدوته في النازية الجديدة تبلغ اضعاف اعداد ضحايا القنبلتين النوويتين اللتين القيتا على المدينتين اليابانيتين، بالمقارنة بين عدد سكان قطاع غزة الذي لا يزيد عن المليونين، وسكان اليابان الذي يقدر بحوالي 124 مليون نسمة. هناك فارق آخر يؤكد جهل وغباء هذا النائب الى جانب دمويته، وهو ان اليابان كانت في حالة حرب مع الولايات المتحدة اثناء الحرب العالمية الثانية، وجاء قصفها النووي، وغير الإنساني، والاجرامي، كرد على هجوم الطيارين اليابانيين الانتحاريين على ميناء بيرل هاربور والقاعدة الجوية البحرية فيه، فهل شن قطاع غزة هجوما بالطائرات الانتحارية على الولايات المتحدة، وهل اهل غزة العزل الأبرياء في حالة حرب مع الولايات المتحدة الامريكية الدولة العظمى؟ فحتى الأسير الأمريكي الإسرائيلي الكسندر عيدان جرى اطلاق سراحه مجانا اكراما لترامب. سقط حتى الآن اكثر من 60 الف شهيد فلسطيني من أبناء القطاع 30 الفا منهم اطفال، وأصيب اكثر من مأتي الف، حسب احصاءات مجلة 'لانست' الطبية البريطانية التي تحظى بسمعة ممتازة لموضوعية ابحاثها عالميا، سقطوا بالقنابل الامريكية العملاقة التي يبلغ وزنها 2000 رطل ويستخدمها الجيش الإسرائيلي في حرب إبادته واغتيالاته، وبدعم مباشر من ترامب صديق العرب الحميم، فما الحاجة الى القنابل النووية في قطاع غزة التي لا تزيد مساحته عن 150 ميلا مربعا، غير الحقد العنصري، ونزعات دموية، وتعطش للدماء. والأخطر من ذلك ان عمليات الإبادة الإسرائيلية مستمرة، واليوم بدأ الجيش استعداداته لإقتحام القطاع، واحتلاله بالكامل، حاشدا اكثر من 200 الف جندي مدعومين بالدبابات، وحاملات الجنود والصواريخ، والطائرات الحربية والمسيرّة، علاوة على اكثر من 50 الف جندي من الاحتياط، حتى لكأن غزة هي الاتحاد السوفيتي في اقوى حالاته، او المانيا النازية في ذروة عنفوانها، التي حرقت اليهود في افرانها، ومن المؤكد ان هذا الاجتياح سيؤدي الى قتل عشرات الآلاف، ان لم يكن اكثر، من أبناء القطاع الذين ما زالوا على قيد الحياة، وتدمير ما تبقى من منازل ما زالت واقفة بكبرياء، ولم تدمر وهي لا يزيد تعدادها عن واحد في المئة فقط، اما الرئيس ترامب رجل السلام ما زال مشغولا في عدّ تريليوناته العربية التي إبتزها من أصدقائه العرب، ويدر وجهه على الناحية الاخرى، ولا يريد ان يعرف، فقنابله وطائراته الشبح تقوم بالواجب واكثر. اليوم فقد نقلت الينا وكالات الانباء خبرا عن سرقة الجيش الإسرائيلي 23 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية، وبعض الطعام، كانت في طريقها الى الجوعى في قطاع غزة، ومن ومنّ؟ دولة الامارات العربية الدولة الأكثر تطبيعا في العالم العربي، وجاءت المكافأة الإسرائيلية على شكل سرقة هذه المساعدات في وضح النهار، ولمنع وصولها الى الجوعى من الأطفال الذين استشهدوا جوعا من انعدام التغذية وبلغ تعدادهم 242 طفلا ومسنا حتى الآن والارقام تتصاعد. *** نختم بقصة الدكتورة آلاء النجار التي تعمل في مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الجرحى والمصابين، فالدكتورة آلاء، فوجئت وهي تقوم بواجبها الإنساني ان من بين الشهداء تسعة من اطفالها 'تفحموا' من جراء قصفهم بصاروخ إسرائيلي وبشكل متعمد، وبعد التأكد من وجودهم ووالدهم مع شقيقهم العاشر (في غرفة الإنعاش) في البيت، وتتراوح أعمارهم بين ستة اشهر و12 عاما. لن نستنجد بالعرب، ولا بالمسلمين، كبرت جيشوهم او صغرت، ولن نطلب أي مقابل أخلاقي او انساني من ترامب للتريليونات التي ابتزها، ولن نذكّر ما يسمى بالمجتمع الدولي ومنظماته بهذه المجازر المأساوية، مثلما فعلنا طوال الـ19 شهرا منذ بدء حرب الإبادة، فلا فائدة ترجى، ولا حياة لمن تنادي، وعزاؤنا الوحيد ان هناك عربا يملكون الكرامة وعزة النفس، والرجولة والاخلاق ويقصفون مطار اللد ومدينة يافا المحتلة، وموانئ حيفا واسدود وام الرشراش (ايلات) يوميا، ويؤكدون انهم لن يتخلون عن قطاع غزة مهما تضاعفت اعداد شهدائهم وجرحاهم الذين يسقطون يوميا بقصف الاسرائيليين وحلفائهم.. عن أهلنا في اليمن نتحدث. *رأي اليوم