logo
ما خلفيات حملة التوقيفات في بلدية إزمير التركية؟

ما خلفيات حملة التوقيفات في بلدية إزمير التركية؟

الجزيرةمنذ 12 ساعات
أنقرة- في فجر الأول من تموز/يوليو الجاري، شهدت مدينة إزمير حملة مداهمات واعتقالات واسعة استهدفت بلدية إزمير الكبرى ومسؤولين حاليين وسابقين فيها، بناء على تحقيق قضائي في قضايا فساد مالي، حيث أصدرت النيابة العامة في المدينة مذكرات توقيف لـ157 شخصا على خلفية اتهامات بالتلاعب في مناقصات مشاريع والإخلال بتنفيذ العقود والاحتيال المشدد.
وتأكد توقيف ما لا يقل عن 120 موظفا حاليا وسابقا مع نهاية اليوم الأول، ليرتفع العدد لاحقا إلى 137 مع استمرار عمليات البحث عن باقي المطلوبين، وكان من أبرز المعتقلين تونج سويار الرئيس السابق لبلدية إزمير الكبرى، وشينول أصلان أوغلو رئيس فرع حزب الشعب الجمهوري في المدينة، إلى جانب عدد كبير من كبار الموظفين ومديري الشركات التابعة للبلدية ورجال الأعمال المتعاملين معها.
ووفقا لبيان صادر عن النيابة العامة في إزمير، فقد انطلقت هذه الإجراءات بناءً على تقرير ديوان المحاسبة التركي وتقارير أخرى، أعدها مفتشو وزارة الداخلية وخبراء مستقلون، جميعها أشارت إلى مخالفات جسيمة طالت عقودا ومشاريع كبرى في البلدية.
لائحة الاتهامات
وتتمحور أبرز الاتهامات حول التلاعب بعطاءات 17 مناقصة تتعلق باستئجار آليات ومعدات ومشاريع رصف الطرق، وسط شبهات بتواطؤ أدى إلى إهدار المال العام على نطاق واسع، ووجود تجاوزات مالية في مصاريف البلدية وشركات تابعة لها في الفترة بين 2021 و2024.
وتشير التحقيقات كذلك إلى أن إحدى جمعيات الإسكان التعاونية التابعة للبلدية سددت نفقات ضيافة لكبار المسؤولين دون أي مستندات رسمية، واستئجار مركبات دون إدراجها أصوليا ضمن السجلات المالية.
وقدرت السلطات قيمة المخالفات المالية المكتشفة في ثلاثة ملفات تحقيق منفصلة بنحو 1.5 مليار ليرة (نحو 55 مليون دولار)، وتشمل مشاريع تعاونيات الإسكان، وتأجير المركبات، والمناقصات المرتبطة بأعمال البنية التحتية.
بدأت العملية الأمنية في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء الماضي، حيث نفذت قوات الشرطة مداهمات متزامنة استهدفت منازل ومكاتب المشتبه بهم، بإشراف مباشر من نائب المدعي العام في إزمير المسؤول عن قضايا الإرهاب والجريمة المنظمة. وتمكنت السلطات من توقيف عشرات الأشخاص الذين نقلوا إلى مركز مكافحة الجرائم المالية التابع لمديرية أمن إزمير لاستجوابهم.
كما بدأت تتكشف تفاصيل إضافية على نطاق المخالفات المزعومة. وأفادت مصادر التحقيق بأن شركة إزبيتون، التابعة للبلدية، أجرت أعدادا كبيرة من الآليات والمعدات دون إدراج تلك العمليات في السجلات الرسمية.
كما أظهرت التحقيقات، أن نفقات الضيافة والترفيه لبعض كبار مسؤولي البلدية جرى تحميلها على الشركة عبر التعاونيات، من دون فواتير نظامية، إضافة إلى مزاعم بتحقيق مكاسب غير مشروعة من خلال تمرير مناقصات مقاولين من الباطن تحت مظلة مشاريع التحول الحضري.
موجة غضب
وكشفت وسائل إعلام محلية، أن النيابة العامة وسّعت نطاق التدقيق ليطال ملفات تعود إلى فترة تولي تونج سويار رئاسة بلدية سفري حصار قبل انتقاله إلى منصبه في إزمير. ومن أبرز ما أثير في هذا الإطار ادعاء بنقل ملكية قطعة أرض تابعة للبلدية إلى تعاونية إسكان أنشأتها وترأستها زوجته.
كما ظهرت شبهات عن صفقات أخرى مرتبطة بأفراد من عائلته، منها شراء بلدية إزمير في عام 2021 مواد غذائية -منها معلبات لحوم بقيمة 424 ألف ليرة (نحو 10600 دولار)- من اتحاد تعاونيات ترأسه زوجته، فضلا عن إسناد عقد توريد الحليب لطلاب المدارس إلى تعاونية تديرها هي أيضا، بدلا من المزود السابق.
أشعلت حملة التوقيفات موجة غضب واسعة في الأوساط السياسية، لا سيما داخل حزب الشعب الجمهوري، الذي يسيطر على إدارة المدينة منذ عقود.
وتوجه زعيم الحزب أوزغور أوزال إلى إزمير للتعبير عن تضامنه مع مسؤولي البلدية الموقوفين، وعقد اجتماعا طارئا بقيادة الحزب المحلية. وفي تصريح أدلى به أمام مقر الحزب بالمدينة، اعتبر أوزال أن التحقيق "مسيس بامتياز"، مؤكدا أن الشعب الجمهوري "لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذا الاستهداف السياسي الممنهج لرموزه على المستوى المحلي".
من جانبه، اعتبر مراد جان إيشيلداق، نائب رئيس لجنة الانضباط في الحزب، أن الحملات التي طالت بلدية إزمير وكبار مسؤوليها السابقين تمثل "خطوة سياسية متزامنة مع الأجندة الانتخابية"، مؤكدا أنها تهدف إلى إسكات المعارضة وتقويض مبدأ استقلالية الإدارة المحلية.
وشدد -في حديث للجزيرة نت- على ضرورة احترام سيادة القانون وضمان كافة حقوق الدفاع بشكل كامل، داعيا إلى أن تدار التحقيقات ضمن إطار مبادئ الديمقراطية الاجتماعية، وعلى أساس الشفافية والمساءلة والمشاركة. كما طالب بأن يتم إجراء المحاكمات دون توقيف احتياطي، وتفعيل آليات الرقابة المستقلة، وإبعاد الملفات القضائية عن أي تأثيرات سياسية لضمان معالجتها بعدالة ونزاهة.
أسس قانونية
في المقابل، دافعت الحكومة عن شرعية الإجراءات المتخذة بحق بلدية إزمير، مؤكدة أن التحقيقات الجارية تستند إلى أسس قانونية بحتة وليست ذات دوافع سياسية كما تزعم المعارضة. وقال فخر الدين ألطون، رئيس إدارة الاتصالات في الرئاسة التركية، إن وصف العملية بأنها "خطة انقلاب" أو "مؤامرة" يمثل تهديدا صريحا لاستقلال القضاء ومحاولة تشويه سمعته.
ونفى أمره جميل أيوالي، عضو اللجنة المركزية ل حزب العدالة والتنمية ، أي تدخل حكومي في التحقيقات، مشيرا إلى أن الشكوى التي فجرت القضية قدمها "أصلا" رئيس البلدية الحالي المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري.
وتواصلت الجزيرة نت، بعدد من قيادات العدالة والتنمية للحصول على تعليق في الموضوع، لكنها لم تتلق أي رد حتى لحظة نشر هذا التقرير.
من جهته، يرى المحلل السياسي علي أسمر، أن التحقيقات والتوقيفات تمثل حلقة جديدة في سلسلة الإجراءات القضائية التي طالت بلديات رئيسية يديرها الشعب الجمهوري، معتبرا أن مكافحة الفساد تظل التزاما قانونيا على أي سلطة، لكن توقيت وطبيعة هذه الخطوة يفتحان الباب لتفسيرات سياسية متعددة.
ويوضح للجزيرة نت، أن الأزمة الداخلية التي يعيشها الحزب، بعد الإطاحة ب كمال كليجدار أوغلو وصعود جناح أكرم إمام أوغلو وأوزال، ساهمت في تسريب ملفات حساسة استغلتها الحكومة للتحرك قضائيا، خاصة في إزمير التي تمثل "قلعة المعارضة".
وفي رأيه، من الصعب الجزم بأن الأمر قانوني بحت أو سياسي خالص، إذ يبدو أقرب إلى مزيج من الاثنين في ظل تعقيدات المشهد التركي.
كما لفت إلى أن غياب التضامن من باقي أحزاب المعارضة مع الشعب الجمهوري ساعد على إبقاء الأزمة ضمن نطاق حزبي ضيق، بدلا من تحولها إلى معركة كبرى بين الحكومة والمعارضة مجتمعة. لكنه حذر من أن أي سوء تقدير في التعامل مع هذا الملف قد يفجر غضبا شعبيا واسعا، داعيا إلى مقاربة متوازنة تجمع بين مكافحة الفساد وتفادي الانطباع باستهداف المعارضة لمجرد كونها معارضة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سيناريو الحرب الثانية على إيران
سيناريو الحرب الثانية على إيران

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

سيناريو الحرب الثانية على إيران

توقّفت الحرب على إيران في 24 يونيو/ حزيران الماضي، بعد أن قامت واشنطن بقصف أهم منشآت المشروع النووي الإيراني: نطنز، وأصفهان، وفوردو. وعقب تلك الخاتمة للمعركة التي استمرّت 12 يومًا، وقَعَ جدل واسع في الولايات المتحدة وإسرائيل على حد سواء، بشأن مدى تحقيق المعركة أهدافها؛ فالرئيس ترامب، وبشكل لافت، أكّد في أكثر من مناسبة تدمير المشروع النووي الإيراني، ردًا على تقارير أمنية وإعلامية شكّكت في جدوى الضربة الأميركية. إذا كانت الحرب تُقاس بأهدافها، فبنيامين نتنياهو حدّدها بالقضاء على المشروع النووي، وبتقويض القدرات الصاروخية لإيران، وبتغيير النظام كنتيجة للحرب، وإعادة رسم الشرق الأوسط. هذه الأهداف بكلّيّتها لم تتحقّق بعد، حتى المشروع النووي الإيراني من الصعوبة بمكان الحسم بأنه تم تدميره، وإخراجه عن الخدمة نهائيًا، ناهيك عن مصير 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصّب. في هذا السياق، أشار رافائيل غروسي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى صعوبة تحديد حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية إلا بعد زيارتها. إيران بدورها قطعت الطريق على الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتعليق التعاون معها، بعد اتهامها الوكالة ومديرها رافائيل غروسي بالتواطؤ مع إسرائيل، وتمهيد العدوان على إيران. هذا الواقع عقّد القدرة على التقدير الحقيقي لمستوى الأضرار التي أصابت المشروع النووي، في وقت تؤكّد فيه طهران أنها أمّنت مخزونها من اليورانيوم المخصّب، وبأنها "لن تتخلى عن التكنولوجيا النووية"، وأن بإمكانها استئناف تخصيب اليورانيوم خلال وقت قصير إذا رغبت، كما جاء على لسان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. الدعاية لا تُلغي واقعًا يمكن لإسرائيل إعلان النصر والتباهي به، ولكن ذلك أمر يمحوه الواقع إذا كان مخالفًا لادعائهم وزعمهم. بنيامين نتنياهو، وفي كلمة له أمام أعضاء حكومته، في 1 يوليو/ تموز، أشار إلى أن إيران سعت لبناء ثلاث إستراتيجيات في مواجهة إسرائيل حسب قوله، وهي: بناء مشروع نووي إيراني، ومنظومة صاروخية، ومحور من الحلفاء المناهضين لإسرائيل. إعلان هذا يشير إلى أن إسرائيل، وفقًا لهذا المنظور، ما زالت تعيش في قلب المعركة وليس نهايتها، فهي لم تستطع القضاء على المشروع النووي، ولا هي قوّضت المنظومة الصاروخية لإيران، ولا هي قضت على حلفاء إيران أو أصدقائها في المنطقة. صحيح أن إسرائيل أضعفت حزب الله اللبناني، لكنه ما زال قائمًا ويمكن له أن يرمّم ذاته بنيويًا وعسكريًا، كما أن حماس ما زالت تقاتل قتالًا استثنائيًا رغم الكارثة الإنسانية التي صنعها الاحتلال في غزة على مدار 21 شهرًا. كما أن الحشد الشعبي في العراق لم يصب بأذى، واليمن وأنصار الله، رغم الضربات الأميركية والإسرائيلية، يظهرون قدرة على التحكم والتأثير في مسارات التجارة الدولية عبر باب المندب، وإيذاء إسرائيل والضغط عليها دعمًا لغزة. واقع الحال يقول إن إسرائيل حققت إنجازات مهمّة في مواجهة إيران، لكن الأخيرة لم ترفع الراية البيضاء ولم تستسلم، ومن المتوقّع أنها ستحاول النهوض بقوّة بعد العدوان الإسرائيلي عليها، وبروز حجم المخاطر المهدّدة لها ولمصالحها القومية. مسيرة التعافي الضربة الإسرائيلية التي لم تنجح في هزيمة إيران، ستدفعها لإعادة حساباتها على قاعدة الحصانة الداخلية، وامتلاك معالم القوّة الإستراتيجية الرادعة لإسرائيل، على عدّة مسارات متوقّعة، ومنها: أولًا: تحصين الجبهة الداخلية في مواجهة التهديدات الخارجية، استنادًا لتضامن الشعب الإيراني ووحدته (معارضة وموالاة)، أثناء المعركة الأخيرة، ناهيك عن تنظيف بيتها من شبكة العملاء، وآليات الاختراق الإلكتروني لجسدها السياسي والمؤسسي. ثانيًا: التشبّث بمشروعها النووي، وتطوير منظومتها الصاروخية التي أثبتت قدرتها وجدواها في المواجهة الأخيرة، علاوة على ترميم أنظمة دفاعها الجوي أمام الطيران الإسرائيلي، وهو هدف يمثل تحديًا حقيقيًا لطهران في ظل الحسابات المركّبة لحليفتها روسيا، غير الراغبة في إغضاب الرئيس ترامب، وإسرائيل التي تربطها بها علاقات جيدة، ما يدفع إيران للبحث عن مصادر أخرى. ثالثًا: النهوض بشبكة علاقاتها المناهضة لإسرائيل، كحزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق، وأنصار الله في اليمن. فالمعركة الأخيرة أثبتت أهمية قوّة حزب الله اللبناني؛ فإسرائيل لم تكن لتتجرّأ على ضرب طهران لو كان حزب الله بعافيته كما كان سابقًا. يعزّز هذا التوجّه لدى إيران، اقتراب إسرائيل من شواطئها عبر سياسة التطبيع، ومساعي واشنطن لإعادة تموضع إسرائيل في المنطقة العربية، عبر توسيع دائرة التطبيع بينها وبين دول عربية إضافية. رابعًا: توطيد علاقاتها مع دول الجوار، ولا سيّما باكستان وتركيا، اللتان دعمتا موقف إيران وحقها في الدفاع عن نفسها، في استشعار منهما لخطورة ما تقوم به إسرائيل من مسعى لتغيير خارطة القوى والجغرافيا السياسية في المنطقة. حديث الرئيس رجب طيب أردوغان عن سعي أنقرة لامتلاك قدرات دفاعية رادعة لأي طرف يمكن أن يفكّر في استفزاز تركيا، مؤشّر على قلق تركيا من تداعيات الحرب على إيران، ومن فرضية استهداف مصالحها لاحقًا في ظل تراجع الثقة بينها وبين إسرائيل، واضطراب العلاقة السياسية بينهما بسبب دعم تركيا للموقف الفلسطيني، ونفوذها المتعاظم في سوريا. التحضير للمعركة ضد إيران إذا كانت إسرائيل شنّت عدوانها على إيران لأسباب ما زالت قائمة، ولتحقيق أهداف سياسية وعسكرية لم تتحقّق بعد، وإذا كان الهجوم أتى بمفاعيل عكسية في السلوك الإيراني، فهذا يعني أن فرضية شن إسرائيل هجومًا ثانيًا على إيران أمر وارد ومتوقّع. ادعاء نتنياهو تحقيق النصر على إيران، لا يعكس بالضرورة حقيقة الموقف الإسرائيلي وتقديراته الأمنية بشأن تحقيق الأهداف. إسرائيل، في عقيدتها السياسية، لا تقبل امتلاك إيران أو أي دولة عربية أو إسلامية مشروعًا نوويًا، أو امتلاك قوّة عسكرية منافسة لها في عموم المنطقة والشرق الأوسط. وهذا يذكّرنا بما حدث مع العراق، الذي تعرّض لغزو وتدمير بذريعة امتلاكه أسلحة دمار شامل، وكان الهدف هو التخلّص من قوّة العراق كدولة عربية مناهضة لإسرائيل. إسرائيل ربما تجد في الظرف الحالي فرصة مواتية لتوجيه ضربة أخرى لإيران، قبل أن تتمكّن الأخيرة من ترميم نفسها واستعادة إمكاناتها وجهوزيتها لأي معركة قادمة، وهذا مشروط بأمرين: الأول: جهوزية إسرائيل داخليًا وعسكريًا وقف الحرب على إيران يشكّل فرصة لإسرائيل لسد الثغرات التي ظهرت أثناء المعركة السابقة، وللتزوّد بالأسلحة المناسبة وملء مستودعاتها من الذخيرة. وفي هذا الصدد كان لافتًا موافقة واشنطن، قبل أيام، على تزويد إسرائيل بذخائر بقيمة 510 ملايين دولار. ناهيك عن أن نتنياهو قد يستغل مستوى التأييد الشعبي له في إسرائيل، بسبب هجومه الأخير على إيران، كي يقوم بهجوم آخر. ثانيًا: موافقة الرئيس ترامب حسب استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينيبياك، بعد الحرب على إيران، فإن أغلبية ساحقة من الجمهوريين أيّدوا انضمام الولايات المتحدة لإسرائيل في ضربات عسكرية على المواقع النووية لإيران، حيث أيّد ذلك 68% ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عامًا، في حين أيده 87% ممن تبلغ أعمارهم 50 عامًا فأكثر. هذا التوجّه للأغلبية يريح الرئيس ترامب، الذي كان يخشى من ردة فعل جمهوره، الذي أوصله للبيت الأبيض تحت عنوان: "لنجعل أميركا عظيمة مجددًا"، عبر الاهتمام بالاقتصاد والبعد عن الحروب المستنزفة. يبقى هنا قدرة نتنياهو وفريقه على إقناع الرئيس ترامب بأن أي عملية أخرى ضد إيران لن تهدّد مصادر الطاقة في الخليج العربي، والتي تُقدّر بـ20% عالميًا، وبأن العملية ستكون خاطفة وحاسمة، ما سيأتي بإيران مستسلمة إلى طاولة المفاوضات، دون أن يكون لهذه العملية الجراحية تداعيات كبيرة على المنطقة أو على الاقتصاد الأميركي والدولي. ليس مستبعدًا أن إحياء مسار المفاوضات مع حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في غزة، والسعي للوصول لهدنة لمدة 60 يومًا على أمل التوصّل لوقف دائم لإطلاق النار، أن يكون المقصود منه تخفيف الضغوط على إسرائيل دوليًا بسبب جرائمها في غزة، ولمنحها الفرصة لتركيز عملياتها العسكرية ضد إيران. تقديم نتنياهو لزيارته إلى واشنطن، من نهاية يوليو/ تموز الجاري إلى بداية الأسبوع الثاني منه، يدل على أن هناك ما يستدعي اللقاء العاجل وعلى مستوى رفيع. هذه الزيارة المستعجلة لواشنطن، ليست بالضرورة للتباحث بشأن غزة، بقدر ما هي مرتبطة بالنقاش حول إيران ومشروعها النووي والصاروخي، وماهية الخيارات للتعامل معها، إضافة إلى علاقات إسرائيل السياسية في الإقليم، وإمكانية توسيع دائرة التطبيع بينها وبين دول عربية أخرى. زيارة نتنياهو ستأخذ أبعادًا إقليمية تتعلّق باستكمال المهام لإعادة رسم الشرق الأوسط، وذلك في سياق تبادل الأدوار بين واشنطن الداعية للسلام، وبين إسرائيل صاحبة اليد الغليظة، المدعومة من أميركا العظمى، ورئيسها الذي يرى أنه معنيّ بتحقيق إرادة الرب ونبوءة السماء بدعم "إسرائيل الكبرى".

دعم تركي مائي للعراق ومساعٍ لمواجهة خطر الجفاف
دعم تركي مائي للعراق ومساعٍ لمواجهة خطر الجفاف

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

دعم تركي مائي للعراق ومساعٍ لمواجهة خطر الجفاف

بغداد – يسعى العراق جاهدا لتعزيز إمداداته المائية لتجاوز الأزمة الخانقة التي ضربت أغلب المحافظات العراقية، خصوصا محافظة البصرة. ويُعدّ التعاون مع تركيا في هذا الإطار خطوة محورية تجلت مؤخرا في موافقة الرئيس رجب طيب أردوغان على زيادة حصة العراق المائية بمقدار 420 مترا مكعبا في الثانية. ورغم وصف بعض المراقبين هذه الخطوة بأنها إيجابية ومهمة في معالجة شح المياه الذي يواجهه العراق، فإن آخرين قللوا من أهميتها، مشيرين إلى أن الزيادة تمثل حلا مؤقتا لا يعالج جذور المشكلة المائية المزمنة. من دول الجوار أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال عن تفاصيل آلية التعامل مع الزيادة في الحصص المائية التي تلقاها العراق من تركيا ، مؤكدا أن هذه الزيادة ستُستخدم لتعويض النقص في التخزين المائي وتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين والقطاعات الحيوية. وقال شمال، للجزيرة نت، إن العراق يتلقى أكثر من 70% من وارداته المائية من دول الجوار، حيث تأتي 50% من تركيا، و15% من إيران، و5% من سوريا. مشيرا إلى أن البلاد عانت مؤخرا من انخفاض كبير في الإيرادات المائية بسبب قلة الأمطار في المنطقة، بالإضافة إلى تأثير مشاريع السدود الكبرى التي نفذتها دول الجوار، خاصة تركيا، مما أضر بشكل كبير بحصة العراق من المياه. ولفت إلى أن مستوى المياه في نهر دجلة كان متدنيا قبل هذه الزيادة، حيث وصل إلى أقل من 100 متر مكعب في الثانية، وفي بعض الأحيان إلى 60 مترا مكعبا في الثانية، بينما وصل نهر الفرات إلى أقل من 150 مترا مكعبا في الثانية، وإلى 100 متر مكعب في الثانية في أوقات أخرى. وبيّن المتحدث، في حديثه للجزيرة نت، أن الوزارة ستعمل على تخزين ما يمكن تخزينه من هذه المياه ضمن الإطلاقات الإضافية لتعويض النقص في الإيرادات المائية وفي التخزين الذي استُنزف، موضحا أن هذه الزيادة من تركيا مؤقتة لمدة شهرين خلال فترة الصيف. وشدد شمال على أن الوزارة "لا تسعى للاستفادة من الزيادة بطريقة عشوائية، بل تتبع خطة إستراتيجية لإدارة الموارد المائية، والتي تتضمن تأمين 4 أولويات رئيسية وهي: مياه الشرب. الاستخدامات المنزلية والصحية والبيئية والصناعية. الخطة الزراعية والحفاظ على المساحات المثمرة. بيئة شط العرب وبيئة الأهوار. وأشار المتحدث إلى أن المحافظات الجنوبية مثل البصرة وذي قار وميسان والمكثنى والسماوة تعاني من شح المياه بسبب قلة التصاريف (أي الكميات التي يتم إطلاقها كحصص من سدود التخزين في العراق). "وستعمل الوزارة على دفع تصاريف مناسبة لاستعادة المناسيب وتحسين نوعية المياه". وأضاف أن "جزءا من هذه المياه سيتم تخزينه في سد الموصل لتعويض العجز والنقص في الخزين (المخزون) الحالي، والذي يقل عن نصف التخزين الذي كان موجودا في اليوم نفسه من العام الماضي، كما أن التصريف الحالي لا يزيد عن 20% من نسبة التصاريف التي كانت في العام الماضي". وكشف شمال عن اتخاذ وزارة الموارد المائية "عدة إجراءات فاعلة وحازمة ورادعة"، أبرزها حملة كبرى لإزالة التجاوزات على المنظومة والحصص المائية والأنهار، بالتنسيق مع مجلس القضاء والقوات الأمنية العراقية، بالإضافة لتطبيق نظام توزيع مياه صارم وعادل وشامل لتأمين وصول المياه على جانبي نهري دجلة والفرات والروافد والقنوات المرتبطة بهما. تداعيات كارثية من ناحيته، حذر الخبير في الشأن المائي تحسين الموسوي من تدهور الوضع المائي في العراق، ووصفه بـ"الكارثة الإنسانية"، وقال للجزيرة نت إن الإطلاقات المائية التي أعلن عنها الرئيس التركي، والتي تجاوزت 400 متر مكعب بالثانية على حوضي دجلة والفرات، قد دخلت حيز التنفيذ منذ يوم الأربعاء الماضي، وستستمر لمدة شهرين. ولكنه قال إنه يضع "علامة استفهام كبيرة" حول هذه الإطلاقات، مؤكدا ضرورة وجود حصص مائية ثابتة للعراق، وإطلاقات متفق عليها يتم تحديد موعدها، وليست "منة أو منحة طوارئ"، حسب وصفه. وشدد على أن العراق يمتلك حقوقا مائية راسخة مع دول الجوار، لا سيما تركيا وإيران، لكن الدبلوماسية العراقية "فشلت فشلا كبيرا" في تأمين هذه الحقوق. وأوضح الموسوي أن الجميع يدرك أن وضع المياه في العراق قد وصل إلى مرحلة "سيئة جدا"، خاصة في محافظة البصرة حيث بدأ إيصال مياه الشرب للمواطنين بواسطة الحوضيات (الخزّانات المتنقلة). وأفاد الموسوي، الجزيرة نت، بأن المخزون المائي العراقي هبط إلى ما دون 9 مليارات متر مكعب مع بداية ارتفاع درجات الحرارة التي يشهدها العراق، حيث يتم فقدان ما بين 6 إلى 7 مليارات متر مكعب سنويا نتيجة التبخر، مؤكدا أن العراق يواجه الآن "فقرا مائيا وإجهادا مائيا شديدا". وأشار إلى أن طاقات سد الموصل قد وصلت إلى أسوأ مستوياتها تاريخيا، حيث تبلغ إطلاقاته حوالي 90 مترا مكعبا فقط، في حين يحتاج العراق إلى إطلاق ما بين 400 إلى 500 متر مكعب في هذه الظروف. وأضاف أن أحواض النهر والخزانات وصلت إلى مرحلة الصفر، وتوقفت معظم المحطات الكهرومائية عند معالم الجفاف الواضحة. لافتا إلى أن الحكومة العراقية اضطرت إلى إيقاف عمليات الزراعة الصيفية، واقتصرت على توفير المياه للبساتين بطريقة "المراشنة" فقط (نظام لتوزيع المياه بالتناوب وبجداول زمنية محددة). وأعرب الموسوي عن اعتقاده بأن الحكومة العراقية الحالية في وضع "حرج جدا"، وحتى لو تم عبور الأزمة الراهنة، فإن الأيام والأشهر المقبلة، لهذه الحكومة وللحكومات التي تليها، ستكون "في وضع صعب، وربما حتى الموسم الشتوي القادم، ما لم يتم إعادة التوازن المائي إلى سدود العراق بعد هذا الفقدان الكبير". كما حذر من وجود خلل في الجانب البيئي يؤثر على جودة المياه، مشيرا إلى وجود "نسبة تلوث عالية" حتى في المياه المتوفرة حاليا، مما يجعلها "لا تصلح للاستخدام حتى للزراعة في بعض الأحيان"، فضلا عن الجفاف التام الذي حدث للبحيرات والأهوار. وأكد الموسوي، في حديثه للجزيرة نت، أن ملف المياه أصبح "ضرورة ملحة" كي يتخذ العراق موقفا حازما، مطالبا بضرورة اطلاع المنظمات العالمية وحتى الأمم المتحدة على الوضع المأساوي الذي وصل إليه العراق من جفاف أثر على أراضيه ومجتمعه ووضعه العام. وذكر أن العراق يحتاج لتأمين حصصه المائية بما لا يقل عن 30 إلى 40 مليار متر مكعب سنويا لكافة الاستخدامات، بما فيها الزراعة وتأمين النظم البيئية والتنوع البيولوجي، موضحا أن ما تحقق خلال مواسم الجفاف الخمسة الأخيرة لم يتجاوز 20 مليار متر مكعب في الموسم الماضي، وهي "إيرادات ضعيفة". وانتقد السياسة المائية العراقية السابقة التي وصفها بـ"الخاطئة"، مشيرا إلى التوجه نحو الزراعة الصيفية للأرز ثم التوسع في زراعة المحاصيل الإستراتيجية الشتوية "بخطة كاملة" من الحكومة، والتي تم تجاهلها مما أدى إلى الوضع الحالي. وقال إن "ملف المياه بدأ يسير بخُطا أو بسرعة جنونية نحو منحدر خطر، وستكون له تداعيات كبيرة جدا على المستقبل القريب".

ماذا بعد سماح بن غفير للمستوطنين بالغناء والرقص في الأقصى؟
ماذا بعد سماح بن غفير للمستوطنين بالغناء والرقص في الأقصى؟

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

ماذا بعد سماح بن غفير للمستوطنين بالغناء والرقص في الأقصى؟

على الموقع الإلكتروني لصحيفة "يسرائيل هيوم" نُشر خبر في 30 يونيو/حزيران المنصرم جاء في مقدمته أن الشرطة الإسرائيلية تسمح للمرة الأولى لليهود بالرقص والغناء داخل المسجد الأقصى. وجاءت هذه الخطوة عقب تصريح وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير حول تغيير آخر في الوضع الراهن بالمسجد، وهو ما أدى إلى اقتحام عدد من "العرسان" الساحات ورافقهم المقتحمون بالرقص والغناء. ووصفت الصحيفة ذلك "بالتغيير الآخر المهم"، إذ كان المقبلون على الزواج يحاولون في السنوات الأخيرة الوصول إلى المسجد لعقد أو إشهار زواجهم وللصلاة فيه، ويمُنعون من ذلك، فيما تؤكد مصادر مقدسية أن الاقتحام لغرض "مباركة الزواج" تكرر في السنوات الأخيرة. وتطرقت إلى أن الرئيس التنفيذي لمنظمة "بيدينو" المتطرفة توم نيساني أحدث ضجّة عندما أشهر زواجه وباركه في المسجد سرّا قبل أعوام عدة. وأبلغ وزير الأمن القومي "وحدة جبل الهيكل" التابعة للشرطة قبل أسابيع قليلة أن الرقص والغناء مسموح به في جبل الهيكل (التسمية التوراتية للمسجد الأقصى)، لكن الشرطة حظرتهما عمليا في الأيام التالية، إلا أنه طرأ تغيير جذري على هذا الأمر منذ الانتصار على إيران وفقا لوصف الصحيفة. اقتحام هادئ وآمن وأفاد المقتحمون للمسجد أنهم لمسوا مرونة إضافية في إجراءات الزيارة، وأنه "لم يُطرد اليهود الذين يغنون ويرقصون ولم يُعتقلوا"، كما في السابق، وهنأ العديد منهم قادة الشرطة على التقدم المحرَز في اقتحام المسجد "بهدوء وفرح وأمان تام". ويوم الاثنين المنصرم صرحت منظمة "إدارة جبل الهيكل" بأنه كان من بين الذين توافدوا في ذلك اليوم، "العديد من العرسان الذين حظوا، لأول مرة منذ ألفي عام، بشرف إنشاد مراثي إرميا (أحد أسفار كتاب التناخ الذي يضم نصوص حداد وحزن على خراب الهيكل) بصوت عريس وعروس في جبل الهيكل نفسه". وفي تعقيبه على ذلك، قال الأكاديمي ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة السابق بالمسجد الأقصى عبد الله معروف إن مشاهد واضحة نُشرت مؤخرا للمستوطنين أثناء رقصهم وغنائهم بشكل مستفز ومرتفع داخل الأقصى، مما يبين أن هناك قرارا إستراتيجيا اتخذته حكومة بنيامين نتنياهو وخاصة وزارة الأمن القومي بزعامة بن غفير بالتعامل مع المسجد باعتباره كنيسا يهوديا. وهذا الأمر يشير بالضرورة -وفقا لمعروف- إلى أن هذه الحكومة ستسمح للمستوطنين في الفترة القادمة بإدخال أدوات العبادة للأقصى، بعد أن سمحت لهم بفرض الطقوس وحتى الرقصات العلنية داخله والتي كانت تعتبر بالعادة ممنوعة خوفا من استفزاز المصلين في أولى القبلتين. السيطرة الكاملة على الأقصى وأضاف معروف -في حديثه للجزيرة نت- أنه بات واضحا أن الحكومة الإسرائيلية تقرأ في الوضع المقدسي الحالي استمرارا لصدمة الترويع التي فرضها الاحتلال بسبب حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني في غزة ، وبالتالي ترى أن هذا هو الوقت المناسب، بل لعله الوقت الوحيد الذي يمكن أن تستغله لإعلان فرض سيادتها بالكامل على الأقصى. "أخشى أن نشهد في الفترة القادمة تحولا إستراتيجيا في الوضع القائم بالأقصى وليس مجرد تحولات شكلية، وهذا الأمر سيكون واضحا لنا في الشهور القادمة، خاصة أننا ننتظر بعد شهر من الآن موسما من أعتى مواسم الاعتداءات على المسجد، إذ توافق يوم الثالث من شهر أغسطس/آب المقبل ما تسمى ذكرى خراب الهيكل". ويتوقع معروف أن الحكومة الإسرائيلية تخطط الآن لإجراء تغييرات جذرية إستراتيجية خطيرة في الأقصى من خلال تغيير الوضع القائم وفرض نفسها كإدارة وحيدة، وتحديد عمل دائرة الأوقاف بإدارة شؤون المسلمين فقط في الأوقات والأماكن التي يسمح لهم فيها بأداء الصلوات في هذا المقدس. اقتحامات بقيادة الحاخامات وفي تطور خطير لافت أيضا، نشر بعض ناشطي جماعات الهيكل على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي تصميما يحتوي على برنامج متكامل يضم أسماء وصورا لـ12 حاخاما ورئيسا لمعاهد دينية يهودية سيقتحمون المسجد على مدار شهر يوليو/تموز الجاري بهدف "شكر الرب على معجزات الحرب"، في إشارة إلى الحرب الإسرائيلية الأخيرة على إيران. وعن الدعوات لاقتحام المسجد برفقة هؤلاء الحاخامات، قال معروف إن هذا دليل آخر على عملية التغيير التي تحدث داخل الأقصى على مرأى ومسمع العالمين العربي والإسلامي. "وهذه الانتهاكات ستليها محاولات لتغيير شكل الوجود الاستيطاني في الأقصى إلى وجود تعبدي طبيعي، وعملية تطبيع الوجود الاستيطاني داخل الأقصى إن نجحت سيتبعها بالتأكيد تغيير أوضاع المساحات داخل الأقصى، إما من خلال اقتطاع مساحة منه أو إقامة كنيس داخله إن لم تتحرك الشعوب داخل القدس وخارجها ضد هذه التصرفات الرعناء لهذه الحكومة الإسرائيلية"، كما أردف الأكاديمي معروف.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store