
حمزة الصباغ : إعادة تفعيل خدمة العلم: مشروع وطني لبناء جيل المسؤولية والانتماء
أعلن أمير الشباب، سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني حفظهما الله عن إعادة تفعيل خدمة العلم. وهذه الخطوة تعتبر خطوة استراتيجية ذات أبعاد وطنية واجتماعية وتنموية. هذه الخطوة ليست مجرد استدعاء لآلية عسكرية أو تدريبية، وإنما تعكس رؤية عميقة لبناء جيل واعٍ يتحمل مسؤولياته تجاه وطنه، ويجمع بين الانضباط والمهارة والمعرفة. في ظل التحديات الإقليمية والدولية المتسارعة، وتبرز أهمية هذه المبادرة باعتبارها ركيزة من ركائز تعزيز الهوية الوطنية وترسيخ الانتماء، إلى جانب كونها منصة لتمكين الشباب وإكسابهم خبرات حياتية ومهنية تواكب متطلبات العصر.
وتقوم المبررات التي دفعت إلى إعادة تفعيل خدمة العلم على جملة من العوامل الوطنية والمجتمعية والاقتصادية. فالأردن، شأنه شأن باقي دول المنطقة، يواجه تحديات مرتبطة بارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، وضعف انخراط بعض الفئات في مسارات التنمية الاقتصادية. كما أن التحولات الاجتماعية التي يمر بها المجتمع الأردني تستدعي برامج قادرة على إعادة صياغة علاقة الشباب بالوطن من خلال منظومة قيمية عملية. خدمة العلم توفر إطاراً واقعياً لإعادة بث روح الانضباط، وإعلاء قيمة الالتزام والعمل الجماعي، وهي عناصر أساسية لبناء مجتمع متماسك قادر على مواجهة التحديات. كذلك، فإن ما يشهده العالم من تغيرات أمنية وسياسية يفرض على الدول تعزيز قدرات شبابها في مجالات الانضباط الوطني والوعي بالمسؤولية.
كما أن إعادة تفعيل خدمة العلم تسعى لتحقيق أهداف متعددة تتكامل فيما بينها؛ فالهدف الأول يتمثل في بناء شخصية شبابية متوازنة تجمع بين الانضباط العسكري والفكر المدني المسؤول. أما الهدف الثاني فيتمثل في تقليص الفجوة بين التعليم النظري والمهارات العملية من خلال برامج تدريبية متخصصة، بحيث لا تقتصر الخدمة على الطابع العسكري فقط، بل تشمل جوانب مهنية وحياتية تعزز جاهزية الشباب لسوق العمل. ومن ثم يأتي الهدف الثالث لترسيخ قيم الانتماء الوطني وتعزيز الروابط بين الشباب ومجتمعهم، عبر تجربة مشتركة تذيب الفوارق الاجتماعية وتؤكد على مبدأ المساواة. أما الهدف الرابع فهو خلق منصة وطنية موحدة يمكن أن تنطلق منها مبادرات لاحقة في مجالات التنمية والخدمة المجتمعية.
ومن أبرز الإيجابيات المتوقعة لخدمة العلم إعادة الاعتبار إلى قيمة الانضباط، وهو ما ينعكس على سلوكيات الشباب في حياتهم اليومية. كما أن الخدمة تتيح فرصاً عملية للشباب لاكتساب مهارات حياتية أساسية مثل إدارة الوقت، العمل ضمن الفريق، والتعامل مع الضغوط. ومن الإيجابيات أيضاً المساهمة في تخفيض نسب البطالة، من خلال إدماج الشباب في برامج تدريبية مهنية تؤهلهم لسوق العمل. أما الإيجابية الأهم، فتتمثل في تعزيز الوحدة الوطنية، حيث تجمع الخدمة بين أفراد من مختلف المحافظات والخلفيات الاجتماعية، ما يعزز من قيم التعايش والتكامل. على المستوى الوطني، فإن هذه التجربة تمثل استثماراً في رأس المال البشري الذي يُعد أهم ثروة يمتلكها الأردن.
إن إعادة تفعيل خدمة العلم ليست مجرد قرار تنظيمي، بل هي رؤية ملكية استراتيجية تستهدف بناء مستقبل أكثر استقراراً وقوة. فهي مبادرة تستثمر في الشباب باعتبارهم عماد الحاضر وضمان المستقبل. ومع انطلاق هذا المشروع الوطني برؤية جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم، وبعزيمة سمو ولي العهد الأمين، يجد الأردنيون أنفسهم أمام فرصة لإعادة صياغة العلاقة بين الفرد والدولة على أسس جديدة من المسؤولية والالتزام والانتماء. إن نجاح هذه المبادرة يتوقف على تفاعل المجتمع بكافة مؤسساته مع أهدافها، وإيمان الشباب بدورهم المحوري في صنع مستقبل وطنهم. وفي المحصلة، فإن خدمة العلم تمثل أداة لتجديد العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن، وتؤكد أن الأردن ماضٍ بثقة نحو بناء جيل وطني مسؤول، يواجه التحديات بثبات ويصنع الأمل بغد أفضل. وسلام عليك يا أردن أينما كنت، فأنت يا وطني فكرة متجذرة في الوجدان. ــ الراي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الغد
منذ 3 ساعات
- الغد
الاحتلال يصادق على 3 مخططات كبيرة لتوسعة مستوطنة بالقدس المحتلة
اضافة اعلان رام الله - كشفت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عن مصادقة سلطات الاحتلال على ثلاثة مخططات كبيرة تخص مستوطنة "معاليه أدوميم" المقامة على أراضي الفلسطينيين شرق القدس المحتلة.وقال رئيس الهيئة، مؤيد شعبان، إن المخططات الكبيرة المصادق عليها مؤخراً تهدف إلى إحداث تواصل جغرافي بين المستوطنة والمنطقة الصناعية "ميشور أدوميم"، مما يعزل المزيد من المساحات الجغرافية بين الموقعين الاستعماريين.وأوضح شعبان، أن هذه المخططات جرت عملية إيداعها لصالح المصادقة أواخر عام 2024، ليتم المصادقة عليها هذه الأيام في نية باتت واضحة في إطار سباق الزمن من أجل فرض الوقائع على الأرض لا سيما في محيط القدس الشريف، مما يضاعف من عملية عزلها وحصارها من خلال العديد من الإجراءات الاستعمارية التي تستهدفها.وبيّن أنه عند مراجعة الخرائط والوثائق المرفقة مع هذه المخططات تبين أن المخططات الثلاثة المحددة باللون الأحمر في الخريطة المرفقة تتحد بشكل تكاملي لتحدث تواصلا جغرافيا بين مستعمرة معاليه أدوميم والمنطقة الصناعية "ميشور أدوميم" إلى الشرق من المستعمرة والمشار إليها باللون الأصفر في الخريطة.وأضاف أن المخططات الثلاث جاءت كالتالي، أولاً: "المخطط الهيكلي الاول لصالح مستعمرة "معاليه أدوميم"، ويهدف لبناء ما مجموعه 1113 وحدة استيطانية جديدة على مساحة تقدر بـ1307 دونمات من أراضي المواطنين، في حين جاء المخطط الثاني والذي يهدف لبناء 944 وحدة استيطانية على مساحة تقدر بـ680 دونما، وتتحد مع المخطط الأول".وتابع: "فيما جاء المخطط الثالث ويهدف لبناء 1108 وحدة استيطانية جديدة على مساحة تقدر بـ486 دونما، يتحد مع المخططين السابقين بهدف إحداث عملية تواصل جغرافي بين مستوطنتي "معاليه أدوميم" و"ميشور أدوميم"، المقامتين على أراضي المواطنين بين محافظتي القدس وأريحا والأغوار".وأشار إلى أن المخططات المشار إليها تحتوي على بناء حي استعماري جديد، إضافة إلى شبكة طرق جديدة تعزز القبضة على الشارع الرئيس مما يعزل تجمعات بير المسكوب وسنيسل والتجمعات الأخرى عن التجمعات المتواجدة إلى الغرب من المستعمرة وعن الشارع تماماً، كما هو موضح في الخريطة.وأضاف شعبان أن الاحتلال قدم في مجمل عام 2024 21 مخططاً هيكلياً تخص مستوطنات خارج حدود بلدية القدس، في حين قدم في النصف الأول من عام 2025 ما مجموعه 28 مخططا هيكليا للمنطقة الجغرافية ذاتها، في إطار الاستهداف الكبير والمكثف وغير المسبوق لهذه المنطقة.في سياق متصل، اعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية ردود الفعل الصهيونية التي صدرت عن أكثر من مسؤول بُعيد القرار الفرنسي بالاعتراف بدولة فلسطين "معادية للسلام"، ورافضة للحلول السياسية والتفاوضية للصراع.وأوضحت الوزارة في بيان، صدر امس، أن ردود الفعل هذه تُبقي الباب مفتوحاً على استمرار دوامة العنف، والحروب، والتوترات في المنطقة، وتعكس في الوقت ذاته إصراراً صهيونيا على التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية العادلة والمشروعة، كما جاءت في قرارات الأمم المتحدة، وتحظى بإجماع دولي.وأردفت: ما يجري يعد ترجمة لمخططات استعمارية توسعية تتزامن مع سياسة إسرائيلية رسمية تهدف إلى تعميق جرائم الإبادة، والتجويع، والتهجير، والضم التي ترتكبها حكومة الاحتلال بشكل يومي، كما تظهر بوضوح في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وجميع إجراءات الاحتلال أحادية الجانب غير القانونية الرامية إلى تقويض فرصة تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، وفي مقدمتها مسلسل القرارات الإسرائيلية بشأن تعميق جريمة التطهير العرقي والضم.وشددت الوزارة مجدداً على أن اعترافات الدول بدولة فلسطين هي استحقاق وواجب سياسي وقانوني ينسجم مع القانون الدولي والشرعية الدولية ومبدأ حل الدولتين، وانتصار لصمود الشعب الفلسطيني في أرض آبائه وأجداده، وتمسكه بحقه في تقرير المصير وتطلعه الدائم إلى الحرية والاستقلال.وشددت على أن تلك الاعترافات والجهد الإقليمي والدولي المبذول لإنجاح المؤتمر الأممي في نيويورك وتجسيد دولة فلسطين على الأرض يجلبان السلم والاستقرار والازدهار لشعوب ودول المنطقة والعالم.وأشارت إلى أنها تواصل بذل المزيد من الجهود مع الدول التي ما تزال مترددة أو تدرس الإقدام على خطوة الاعتراف، وتطالب جميع الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين بالانحياز إلى القانون الدولي بعيداً عن أية حسابات سياسية ضيقة.-(وكالات)


أخبارنا
منذ 4 ساعات
- أخبارنا
بشار جرار : «أنت مطلوب».. للعم سام!
أخبارنا : عهدي الأول مع الشعار أعلاه كان في احتفال شعبي مسائي بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة المجيدة قبل عقدين ونيّف في إحدى ضواحي العاصمة الأمريكية واشنطن. لم يتناسب مُجسِّد الشعار والذي ارتدى زيا تقمّص فيه شخصية «العم سام» بألوانه الحمراء والزرقاء والبيضاء -ألوان العلم الأمريكي- لم يتناسب مع أجواء العيد، عيد المحبة والسلام. كنا -أسرتي وجيراني، زملائي وأصدقائي- كنّا في أجواء «المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المَسرّة»، مرتدين أزياء ومن حولنا أضواء وزينات «كرسمسيّة»! وإذ بشعار «وُنْتِدْ» أي مطلوب مع أصبع موجه من «العم سام» إلى الكبار والصغار معا. «أنت مطلوبٌ» هنا ليست كما المطلوب للعدالة بنبرة «الشِّرِف» المأخوذة من كلمة شريف، المسؤول عن الأمن وعملياً الإدارة، كمن هو في رتبة محافِظ وعمدة، في آن واحد. المطلوب هنا بمعنى: أمريكا بحاجتك، والمراد هنا التطوع للخدمة العسكرية. الخدمة -وهي كما أحرص على الإشارة مرارا في مقالات ذات صلة على أنها- صنو المحبة وثمرها وجوهرها، الخدمة العسكرية في بلاد العم سام تطوعية، لكن عند حاجة الوطن، في حال تعرض البلاد لاعتداء لا قدّر الله، من الواجب على كل مواطن أمريكي حمل السلاح والدفاع بما في ذلك الانخراط في الخدمة العسكرية. ليس سرا أن هذا الأمر «العقد الاجتماعي القانوني السياسي» من ضمن الأسئلة والشروط التي يُسأل عنها المتقدم للحصول على الجنسية الأمريكية. ليس الجيش وحده، بل حتى الدفاع المدني والإسعاف والطوارئ ومن يسمون «المستجيبون الأوائل»، عملهم وخدمتهم تطوعية، تقوم على تبرعات الأهالي وتراهم في مواسم التجنيد وجمع التبرعات يقفون على الإشارات الضوئية حاملين رمزين: حذاءً مطاطيا ذا ساق طويلة، يستخدمه عادة رجال الإطفاء، وسطلا أو جردلا الذي صار أيضا مرتبطا بتحدي سكب الماء المثلج على الرأس، وما يعرف بأماني الكبار، قدرا وسنا، حيث تكون مثلا زيارة البترا، على لائحة ما يحلم سائح بزيارته في شبابه أو بعد التقاعد، كون المدينة الوردية المنحوتة بالصخر، من ضمن عجائب الدنيا، فتصير على ما يسمى «بَكِتْ لِسْتْ» خاصته، أي لائحة أمنيات العمر! سألني من يهمهم أمر الأردن والأردنيين كثيرا، عما وراء الخبر، خبر إعادة تفعيل «خدمة العلم» جزئيا في مملكتنا الحبيبة. حدّثتهم عن «سلمان عويس» شاعر الأردن الكبير رحمة الله عليه، بكلماته وإلقائه الذي لا ولن يُنسى: «لبّسني شعار الجيش ولو مرة -سيّدي- وخذ عمري». حتى لا يذهب الكلام إلى دروب أخرى، اكتفيت بمطلع القصيدة، ومناسبتها في السبعينيات، توكيدا لطبيعة الخدمة إلزامية أم تطوعية بين نشامى وفرسان الجيش العربي، القوات المسلحة الأردنية الملكية، هي قبل كل شيء، شرف عظيم وأمانة أعظم.. لعل من التجارب المعاصرة أمريكيا ذات الصلة لتقريب فهم بعض المعنيين في الجوار، فهم سر إقبال الأمريكيين منقطع النظير على الخدمة العسكرية التطوعية في جميع صنوف القوات المسلحة والأجهزة الأمنية تفاعلا مع ثلاث أولويات: ارتفاع الإحساس بالحاجة إلى الدفاع عن الهوية الأمريكية، ازدياد الشعور بضرورة التصدي للمتربصين بالحدود الأمريكية واختراقها من قبل تجار الموت والظلام، عصابات إجرامية وتنظيمات إرهابية عصابية، على حد سواء. وأخيرا، إيمان الناس بقيادتهم، بأنها عاقدة العزم على استنهاض الهمم وشحذها للدفاع عن الوطن. وللحديث تتمة الأسبوع المقبل بعون الله، عن صور أمريكية لافتة في التعبئة والتجنيد، منها أجهزة فدرالية حساسة كوكالة المخابرات المركزية «سي آي إيه» و»إف بي آي» مكتب التحقيقات الفدرالي، و»آيس» الوكالة المكلفة ضبط وحماية الحدود والجمارك.. من الصور غير الرسمية، الأندية الكشفية، وأخرى اجتماعية تطوعية ميدانية -من شروطها عدم السماح بأي كلام أو شعار سياسي أو ديني- ترفع عناوين تستحق التوقف منها: «نحن نخدم..» وتتمته «نخدم بمجد..»


أخبارنا
منذ 4 ساعات
- أخبارنا
نايف استيتية : قرار ولي العهد .. الرؤية والمقتضيات والضرورات
أخبارنا : لأسباب عديدة ولدواعي ومبررات وطنية جاء قرار سمو ولي العهد يوم أول من أمس بإعادة تفعيل برنامج خدمة العلم ولاقى أصداءً وردود فعل إيجابية وترحاب كبيرين من مختلف الأوساط السياسية والاجتماعية وفئة الشباب أنفسهم على امتداد مساحات الوطن والذين يرون في العَلمِ وفي خدمة راية الوطن ترانيم العشق الأبدي للأرض، والهوى، والحداء الرَّاسخ في الرُّوح والوجدان، إذ لا نبل يعلو على مضامين التضحية من أجل الوطن، ولا طهر يتسامى على الدَّم المُراق قربانًا له؛ روحًا وجرحًا وفداء، وبالقطع لا شرف يعلو على شرف الجندية الممزوجة بحياء الرجال يوم ينادي الواجب الوطني؛ أن يا خيل الله أركبي، وأي وسام أرفع من ذاك الذي يختلط فيه الدَّم بالأرض، وأية وطنية تلك التي تتقدم على الجندية بمختلف صنوفها وتشكيلاتها وأجهزتها. المتتبع لسلسلة الحوارات واللقاءات التي يجريها ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني تستوقفه جُملة من الحقائق التي شكّلت نهجًا حكيمًا وسياسة ملفتة رسّخها سموّه الذي كوّن رؤاه في مدرسه والده المعلم والقدوة جلالة الملك، تلك السياسة التي أراد لها أن تلبي طموحات الشباب الأردني وتستجيب لتطلعاتهم بالقدر الذي يمتلكونه من مهارات وخبرات من شأنها أن تمكّنهم من التقدم للمشاركة في الحياة العامة تنفيذًا لنداءات جلالة الملك الذي يريد شبابًا أردنيًا قادرًا على لعب دور حيوي في صياغة مستقبل الوطن خاصة في ظل تنامي ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. لما تقدم فإن بادرة سموه في هذه الآونة تكتسب أهمية مضاعفة بالنظر إلى عُمق دلالاتها التي أراد الأمير إيصالها للشباب في المملكة، لا سيما بالتزامن مع التحديات الضاغطة التي يواجهها بلدنا من كل حدب وصوب والجميع يعلم تمامًا أن كل التحريض على الوطن إنما هو نتاج مواقفه المُشرّفة التي يتبناها في الدفاع عن الأمتين العربية والإسلامية، وتحت هذا الفهم تعتبر خدمة العلم واجب وطني وإنساني وأخلاقي تؤكد مضامينها صدق الانتماء للأردن قيادة وتاريخًا ورسالة ودورًا، مما يعني قرار سموه تأكيد على أن خدمة العلم من أهم الركائز التي تسهم في بناء شخصية الفرد وتطوير المجتمع كما أنها واجب وطني مقدس يعزز روح الانتماء والمسؤولية لدى الشباب الذين كانوا محط اهتمام ودعم ورعاية سموه الذي رأى فيهم قوة مجتمعية قادرة على إحداث التغيير المنشود نحو الأفضل، لأن في انتماء الشباب للوطن مِعولَ بناء يشكل أساسًا قويًا لتعزيز الروح الوطنية وتكريس فكرة العطاء وقيمة التضحية من أجل الوطن فضلًا عن تنمية المهارات والقدرات الشخصية لدى الشباب بالإضافة لكونه فرصة لاكتساب مهارات جديدة في مجالات عديدة كالقيادة والانضباط والعمل الجماعي بروح الفريق الواحد الأمر الذي سيلعب دورًا بارزًا في مقدرة الشباب ودورهم في مواجهة التحديات التي أشرنا إليها. تفعيل خدمة العلم بقرار شجاع ونظرة حكيمة ومدروسة من قبل سمو ولي العهد وفي هذا التوقيت على وجه التحديد أعتقد جازمًا أنه يصب في خانة العمل الجاد على تنفيذ الأولويات التي شكلت مرتكزات رئيسية في تفكير ورؤى سمو ولي العهد لاسيما تلك المتعلقة بتأكيداته على التوجه نحو التدريب المهني والتقني ووضع برامج عملية جادة تهدف إلى "التدريب من أجل التشغيل'، ولطالما لفت سموّه وفي أكثر من مناسبة إلى أهمية إقبال الأفراد على المشاريع الصغيرة والمتوسطة وبرامج التشغيل الذاتي، ونشر ثقافة المبادرة والريادة في المجتمع، وإذا كنا نتحدث عن هذا الجانب تحديدًا فإننا لنرى أن مضامين برنامج خدمة العلم سوف يشتمل على ما يأخذ بأيدي الشباب نحو التمكين من خلال وتطوير بيئة مواتية في التدريب المهني والتعليم التقني وتزويد الشباب بمهارات يحتاجها سوق العمل، تسهم بخفض نسبة البطالة وتوفر فرص عمل جديدة وتحقق طموحاتهم ضمن أولويات ومجالات ريادة الأعمال والتكنولوجيا والابتكار. ولا يفوتني الإشارة الى ان واحدة من ثمار قرار ولي العهد وهي المرتبطة بالمخرجات الناجمة عنه والمتعلقة مباشرة بالمساهمة في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي بجميع المسارات التي حددها جلالة الملك سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وخلق المزيد من فرص العمل وديمومتها للمستقبل مما يمكننا من القول ان القرار يخدم المصالح العليا للدولة الأردنية عبر إيجاد شباب ملتزم بهويته الوطنية حتى إذا ما انخرط بالحياة السياسية والحزبية كان له دور فاعل ومؤثر في خلق وتعزيز مفاهيم وقيم المواطنة الصالحه فيعرف ما له وما عليه. أن محبة الوطن والانتماء إليه وتمثل قيمه ومن يعشق الوطن دون أن يخالطه أي عشق آخر هو بالضرورة وطني شريف، ورائد حر من رواد الهوية الوطنية، وبقرار ولي العهد الشجاع فإن شبابنا اليوم هم فرسان التغيير وقطب الرحى في رهان جلالة الملك وولي عهده وانتمائهم وإعادة تفعيل خدمة العلم من شأنه رفع سوية أدائهم وصقل شخصياتهم وتنويع وتجويد مهاراتهم، وتهيئتهم لمواجهة الظروف الصعبة وجعلهم يتحلون بالصبر والشجاعة وشدة البأس وكل ذلك يدفعهم للقيام بواجبهم المقدس في الدفاع عن وطنهم الأمر الذي يعتبر مسؤولية وطنية تعزز من بناء مجتمع قوي وآمن ومستقر، أختم باقتباس من رسالة جلالة الملك الى شباب الوطن في الثاني عشر من آب لعام 2007 حيث قال(أنتم أيها الشباب مسؤولون عن دوركم بوصفكم قوة مجتمعية حاضرة وفاعلة، تترك بصمتها في حركة المجتمع وتوجهاته. فلا نريد للشباب أن يكون مسلوب الرأي -لا سمح ﷲ-، أو عديم الاكتراث بالتطورات المختلفة من حوله، أو عديم الوعي بخطورة التحديات الإقليمية التي تحيط بنا، كما لا نريد للشباب أن يكون محصور الأفق الاقتصادي، أو متمنعا عن المبادرة والبذل والعطاء والعمل). حفظ الله قائدنا المفدى قائدا مكللا بالغار والانجاز وولي عهده الأمين والاردن الحبيب حرا عزيزا مهابا كريما آمنا مطمئنا ترعاهم عناية الرحمن.