
حين يمضي الحزن وتمضي الحياة
الحياة ماضية في طريقها، لا تتوقف لفقدٍ، ولا تنكسر لانكسار قلب، تمضي بقضاء الله وقدره، رضينا أم لم نرضَ، فكل ما كُتب لنا واقع لا محالة.
فقد الأحبّة وجع لا يُنكر، والحزن عليهم حق من حقوق الفؤاد، لكنه – كغيره من المشاعر – يجب أن يُعاش بوعي واتزان.
الحزن المطلوب هو ذاك الذي يُخفّف عن القلب، ويمنحه فرصة للتنفيس، لكن لا يجب أن يتحول إلى غرقٍ في دوامة الرفض والاعتراض على حكم الله.
وهنا، تتردّد في القلب تلك الآية التي تُسكّن الأعماق: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ – آل عمران: 185، فنُدرك أن ما حدث ليس استثناءً، بل هو سنةُ الله في خلقه. فالحزن العميق، إذا طال، قد يُفضي إلى ظلمات من الاكتئاب والقلق، ويجعل الإنسان سجينًا لألمه، غريبًا عن نفسه، وعن حياته.
أما الحزن الطبيعي، فهو عابر… يُخرج ما في النفس من طاقة سلبية تراكمت بفعل الفقد، ثم يتلاشى شيئًا فشيئًا، حتى يعود الإنسان إلى ضحكاته، إلى مشاريعه، إلى الحياة. لكن إن استقرّ الحزن، تغيّرت ملامح الحياة، وقد يحتاج الإنسان وقتًا طويلًا ليعود إلى ذاته، وربما لا يعود كما كان أبدًا… فبعض الفقد يترك فينا ندبة، تغيّرنا إلى الأبد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الرؤية
منذ 2 أيام
- جريدة الرؤية
"المسرَّة" تداوي المضرة
سعيد بن حميد الهطالي يقفُ مستشفى المسرة كواحة للسكينة وسط عواصف النفس البشرية وما يعتريها من متاعب، هناك حيث تهدأ الضوضاء الخارجية ليعلو صمت آخر أكثر صدقًا، وأكثر قسوة، وأكثر حاجة للإنصات، في المسرة لا يقاس وجع الإنسان بدرجة حرارته لكن بدرجة غربته عن ذاته، يعرف القائمون على ذلك المكان أن الداء لا يكمن دائمًا في الجسد، أحيانًا يسكن في فكرة خاطئة عششت في العقل طويلًا حتى ظنها صاحبها حقيقة، وأن الخوف لا يأتي من الظلام؛ بل مما نجهله عن أنفسنا حين نصبح غرباء عن دواخلنا، وكل عقل مكسور كان يومًا قلبًا لم يفهم. ليس الاختلال النفسي كسرًا في العظام يرى بالعين، لكنه شق خفي في النفس يحمل في صمت، فكما لا يختار أحد أن يصاب بكسور جسدية كذلك لا يختار أن ينهك قلبه أو عقله، لكننا نتعاطف مع الجراح الظاهرة بينما نغفل عن الكسور التي تستتر في القلب والعقل، ليس كل من جلس في زاوية وحده مهزومًا، بعضهم فقط جلس ليرمم ما أفسده الضجيج من الداخل، من يبكي بلا سبب غالبًا يحمل في داخله ألف سبب لم يمنح فرصة شرحه! العلاج النفسي لا يُعيد الإنسان إلى ما كان عليه إنما يساعده ليصير ما يفترض أن يكون قبل أن تكسره الحياة!، فالإنسان لم يخلق ليرضي العالم؛ بل لتحيا روحه حرة تتنفس دون قيود، كم منا يخاف أن يهمس بألمه فيختزنه في أعماقه كجرح لا دواء له سوى الاعتراف به بحرية! إنَّ المجنون في أعين الناس قد يكون الوحيد الذي تجرأ على أن يصرخ بما نخشى نحن حتى أن نهمس به؛ فهناك ألم لا دواء له إلا الاعتراف بوجوده! في أعماق كل واحد منا صمت طويل، سؤال ينتظر الاعتراف، هل أنا بخير؟ هل أنا على ما يرام؟ أحيانًا لا يحتاج الإنسان إلى نصيحة إنما إلى يد رحيمة أو كلمة حانية، أو حضن صادق يخبره أن ضعفه لا يقلل من قيمته، وإلى نفس عميق من الإيمان حتى ينهض، وأن القلب لا ينكسر لأنه ضعيف لكن لأنه تحمل أكثر مما يحتمل، الحياة لا تجرحنا بأحداثها تجرحنا بعجزنا عن قول " أنا أتألم" بصوت مسموع. في أعماق كل إنسان منا مستشفى صغير فيه غرف للنسيان، وأخرى للأمل، وثالثة للصفح، ورابعة للجرح! بعضنا يقفل أبوابها ظنًا منه أن التجاهل سيذيب الألم لكن الجرح الذي لا يداوى يظل يطرق على أبواب وعينا حتى نلتفت إليه. يا عزيزي! لا يجدي الدواء وحده ما لم يزك القلب بذكر الله، فهو القائل سبحانه " أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ " (الرعد: 28)، فنحن بحاجة إلى طمأنينة القلب التي لا تأتي من مسكنات الألم وحدها إنما من اتصالها بمصدر الحياة بذاته، من السجود الخاشع، ومن لحظة يقين أن الله أقرب إلينا من حبل الوريد، هو الشفاء الذي لا تمنحه المسكنات العابرة. ليست رحلة الشفاء طريقًا نسير فيه وحدنا، حتى لو بدا كذلك؛ فهناك يد غيبية تمتد إلينا، وتمسك بنا في اللحظة التي نظن أننا بلغنا القاع، وهناك دومًا بصيص أمل ينتظر انفتاح القلب فرصة للعودة مهما ابتعدنا، المهم أن نفتح قلوبنا للنور، ونكسر جدار الصمت، ونمنح أنفسنا الحق في أن تشفى. أتمنى أن أراكم دائمًا بخير...!


جريدة الرؤية
٢٨-٠٧-٢٠٢٥
- جريدة الرؤية
وكأنه اليوم الأخير
صاحب السمو السيد نمير بن سالم آل سعيد هل تذكرون "كوفيد" وجريمته الشنعاء التي ارتكبها بقتله 15 مليون إنسان، من بينهم عدد من أهلكم وأصدقائكم ومعارفكم قبل عدة سنوات قليلة؟ أما أنتم، فقد بقيتم على قيد الحياة، ضمن المحظوظين الناجين من هذا الوباء، الذين أفلَتوا منه بأعجوبة، وعبروا الكارثة بسلام. فقد كان بالإمكان أن تكونوا أنتم من توفّوا، لا أولئك الذين راحوا ضحية هذا المرض بين عشية وضحاها. ولا تنسوا أيها المحظوظون أنكم الناجون من السرطان لأنه لم يصبكم ولم يتغلغل في أحشائكم.. هذا المرض المسلّط على البشرية، الذي يقتل وحده في كل عام عشرة ملايين شخص، وأنتم طبعًا لا تفكرون به، وهو آخر همكم، غافلين عنه الآن. وأيضًا، لا تفكرون بالملايين الآخرين من البشر الذين ماتوا لأسباب أمراضٍ أخرى أصابتهم، وهم قبلها كانوا بيننا أصحاء وبخير. وماذا عن أولئك الذين ماتوا في حوادث السير؟ إنهم مليون شخص حول العالم العام الماضي فقط، دون التطرق إلى إحصائيات الحوادث الأخرى المتنوعة والتي تحدث وتجعل الحي ميتًا في لحظات، وبعضها يسبب الإعاقات الجسدية والإصابات المأساوية الجسيمة. ولم ينلكم منها شيء، أنقذكم الله منها لتعيشوا إلى هذا اليوم بخير. والحروب التي قتلت الملايين خلال السنوات العشر الماضية، أنتم لم تكونوا فيها... نجوتم منها أيضًا. فماذا لو كنتم في معمعتها، محاصرين بسوء الطالع، والنيران تنهال عليكم من كل حدب وصوب، وإذا بكم قتلى بين ليلة وضحاها، دون ذنب؟ هل سرى بخيالكم بأنه كان بالإمكان ألا تكونوا هنا؟ ألا تنهضوا في هذا اليوم المشرق؟ ألا تتنفسوا هواءه، ولا تأكلوا طعامه، ولا تمشوا دَربه، ولا تعيشوا عيشته؟ لا تُصبِحوا ولا تُمسُوا؟ فخذوا وقتا للاستيعاب والإدراك لتتمهلوا وتهدؤوا في حياتكم ... أغمضوا عيونكم أحيانًا، وتنفسوا بعمق، استشعروا نبض الحياة فيكم وحولكم، وقولوا: " الحمد لله على نعمة الحياة ." فلا يجب أن يُكدِّر حياتكم توافه الأمور، وأكثر الأمور توافه، إذا لم يتم تضخيمها في عقولكم. نقُّوا قلوبكم من الكراهية، والحقد والحسد والخبث والدسيسة والطمع. وانبذوا عنكم الغرور، والتنطّع والعدوان والخصام والسخط والزعل. وابتهجوا بوجودكم وطعامكم ومسكنكم وصحتكم وأمنكم وسلامتكم وأهلكم، وأصدقائكم وكل ما لديكم. مارسوا الشكر والامتنان، وعيشوا حياتكم وكأنه اليوم الأخير الذي تقضونه في الحياة... مودّعين .


جريدة الرؤية
١٩-٠٧-٢٠٢٥
- جريدة الرؤية
الذاكرة الإنسانية
د. صالح بن ناصر القاسمي الإنسان، ذلك الكائن البشري الذي خلقه الله في أحسن تقويم، وفي أحسن الصور، مركب عجيب بقدرته سبحانه وتعالى، يحمل العديد من الأجهزة التي تعمل منسجمة بطريقة لا يمكن لبشر أن يتصورها. ومهما اخترع الإنسان من آلات، فإنها تظل عاجزة أمام خلق الله الذي أبدع في الخلق، والإبداع بمعناه العام هو إيجاد الشيء من العدم، فسبحان الله الخالق. وإذا تأملت في الفارق الجوهري بين ذاكرة الإنسان وذاكرة الآلة، وجدت أن الأولى تختزن المشاعر والتجارب والأصوات والروائح، لا مجرد بيانات صماء. إنها ليست ذاكرة ميكانيكية، بل كيان حيّ يتفاعل مع كل لحظة ويُعيد بناءها بوجدانها لا بأرقامها. ومن الأجهزة التي تميز بها الإنسان ذلك الجهاز البديع الذي يعمل على تخزين البيانات والمعلومات والصور والأشكال، بمساحة تخزين مفتوحة إلى ما لا نهاية. ليس هذا فقط، بل القدرة على استرجاع تلك البيانات والمعلومات في أي لحظة يحتاج إليها الإنسان. يبدأ الإنسان التخزين في ذاكرته منذ أن يبدأ عملية الإدراك في الشهور الأولى من ولادته، فيبدأ بتخزين صور من حوله، ويتدرج بعد ذلك بحسب مراحل العمر. ويلعب الوالدان دورا محوريا في تشكيل ذاكرة الطفل، من خلال القصص التي تروى، والقيم التي تزرع، والمواقف التي تتكرر. فالطفل لا ينسى نبرة الصوت، ولا أول لحظات التعلم، وهذا ما يجعل للذاكرة الأسرية بعدا عاطفيا مؤثرا. ويظل هذا المخزون الوجداني والمعرفي يتشكل وفق البيئة، والتجارب، واللغة، والاحتكاك بالآخرين، مما يجعل لكل فرد بصمة معرفية خاصة به. ومن المؤلم أن فقدان هذه الذاكرة بفعل أمراض كالزهايمر أو التدهور العقلي، يعد من أشد ما يواجه الإنسان، لأنه يعني ضياع هويته وتاريخه الشخصي، فيصبح جسدا يعيش بلا ماض ولا هوية، وكأن الروح انسحبت تاركة الجسد يتيه. وعملية التخزين تلك تتم بواسطة أدوات مزود بها، مثل السمع والبصر والكتابة وغيرها، قال تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ) [البلد: 8]. تلك الذاكرة الإنسانية العجيبة عبارة عن مكتبة ربانية مستودعة في عقل ذلك المخلوق البشري العجيب، وحينما تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظ كتابه العزيز، القرآن الكريم، جعل أحد تلك الأدوات هو صدر الإنسان "ذاكرته"، قال تعالى: (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ) [العنكبوت: 49]. وقد يتميز الإنسان العربي -الذي تنزل القرآن الكريم بلغته- بقدرته على الحفظ، فأغلب العرب لم يكونوا ملمين بالكتابة، لذلك اعتمدوا على الحفظ والذاكرة في توثيق الأحداث، وبرعوا في إلقاء الشعر، وقدرتهم على حفظ مئات الأبيات الشعرية، فكان العقل العربي مهيأ لحفظ كتاب الله تعالى بكل يسر وسهولة. بل إن البيئة الشفهية ساعدت على صقل ملكة الحفظ لديهم، فجعلت من الأسواق الشعرية والأمثال الشعبية أدوات تواصل، وحفظن ثقافيا بامتياز. وحتى مع التطور الحاصل الآن، واختراع الطباعة وأجهزة تخزين البيانات، حافظ الإنسان المسلم على حفظ كتاب الله تعالى باعتباره عقيدة إيمانية، فسبحان من تكفل بحفظ كتابه، قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9]. وليس حفظ القرآن مجرد تمرين ذهني، بل هو تزكية للنفس، وتثبيت للقلوب، وامتثال لقوله تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)، فهو ذكر يحيا به القلب والعقل، لا يخزن فقط في الذاكرة، بل يتفاعل مع الحياة. إن الإنسان، باعتباره فردا ضمن مجموعة من الأفراد شكلوا مجتمعا معينا، فهو ذاكرته المستقلة تختلف بطبيعة الحال عن ذاكرة غيره، وإن اشتركوا في تخزين بيانات ومعلومات ومعارف متشابهة، إلا أن مسألة الاختلاف في النوعية والماهية والكمية تبقى فارقة. إن الأوطان والحضارات لها ذاكرة من نوع آخر، أشمل وأدق وأثمن من ذاكرة الأفراد، إنها ذاكرة زاخرة بكل ما أنتجته الأفكار والعقول والأيدي على مدار تعاقب السنوات، وهو تاريخها الثقافي الذي يشمل العادات والتقاليد والفنون والآداب وأنماط المعيشة، هذا بجانب ما ينتجه الإنسان من آثار وعمران تبقى شاهدة على عظمة ذلك الإنسان. ومن ذاكرة الشعوب ما يعرف بالذاكرة الشعبية، التي تتجلى في الأمثال والحكايات والمرويات الشفوية، والتي تنتقل جيلا بعد جيل، وتحمل في طياتها حكمة الجماعة وتجاربها ومعاييرها الأخلاقية، حتى وإن لم تدون في كتب. الذاكرة التاريخية هي مصدر الإلهام للأجيال القادمة، وهي ضمان استمرارية التواجد البشري النوعي، على اعتبار أن الناس أجناس، هكذا خلقهم الله ليتعارفوا فيما بينهم، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) [الحجرات: 13]. لذلك تهتم الدول بالأرشيف الوطني الذي يعد من أهم الثروات، لما يحتويه من كنوز معرفية، ويكون بمثابة الشريان للدول، فكلما كان هذا الأرشيف قديما دل على مكانة الدولة التاريخية. ولا تقتصر أهمية الأرشيف على التوثيق فحسب، بل يتعداها إلى كونه مصدرا للسياسات المستقبلية المستندة إلى التجارب السابقة، ودليلا على استمرارية الهوية الوطنية. ولهذا نشهد اليوم حرص الدول على رقمنة الأرشيف، وتأسيس مراكز للدراسات التاريخية، وتشجيع التوثيق الشفهي والمكتوب، لأن الأمم التي تعي ماضيها، وتفهم مسيرتها، أقدر على استشراف مستقبلها بثقة واتزان. وفي المقابل، تكون ذاكرة الأفراد، الممثلة لذاكرة الدول، مليئة بالأحداث التاريخية، وبالتقاليد والقيم والفنون، تشعرك بأن المجتمع يعيش حياة تنبض بعبق التاريخ، لكل الشخصيات التي أدت دورا ما خدمة لذلك الوطن. ونستطيع القول بأن الذاكرة التاريخية للدول هي البوصلة الحقيقية لمسار التطوير والتقدم، والملهمة لاتخاذ القرارات المصيرية متى ما تطلب الأمر ذلك. إذ تُعد الذاكرة التاريخية بمثابة المرجع الأعلى عند المنعطفات، حين تتداخل الأزمات وتتزاحم الخيارات، فتمنح صانع القرار بعدا تاريخيا لا غنى عنه. ومهما تعاقبت الأزمنة وتبدلت الوسائل، تبقى الذاكرة هي الحافظة التي لا تقدر بثمن، تحفظ حكاية الإنسان على هذه الأرض، وتسردها للأجيال القادمة بلغتها الخاصة، بلغات الصورة، والدمعة، والصوت، والكلمة، وحتى الصمت. وهكذا تبقى الذاكرة، بكل أبعادها ومستوياتها، هي الوعاء الذي تحفظ فيه هوية الإنسان وهوية الأوطان. فبقدر ما يحرص الإنسان على صيانة ذاكرته وتغذيتها بالمعرفة والإيمان والوعي، وبقدر ما تهتم الأمم بتوثيق تاريخها وتدوين منجزاتها، يكون البقاء الحقيقي لأثر الإنسان، والفخر المستمر لأجيال المستقبل. فالذاكرة ليست مجرد حافظة لما مضى، بل هي البوصلة التي تعين على حسن الفهم، ودقة القرار، وصناعة مستقبل لا ينسلخ عن جذوره. وكل أمة تنسى ذاكرتها، إنما تحكم على نفسها بالضياع، والبدء من الصفر في كل مرة. فليكن الحفظ وعاء الحكمة، والذاكرة مرآة الطريق.