
تسجيل صوتي لعبد الناصر يثير جدلاً حول مواقفه من الصراع العربي الإسرائيلي
حالة من الجدل الكبير شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي، في مصر والعالم العربي، عقب تداول تسجيل صوتي منسوب للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، خلال جلسة مباحثات عقدها مع الرئيس الليبي السابق، معمر القذافي، وتذكُر أغلب المواقع والتغريدات التي أعادت نشر التسجيل الصوتي إنه ربما يعود إلى شهر أغسطس/آب من عام 1970، أي قبل أسابيع قليلة من وفاة عبد الناصر في 28 من سبتمبر/أيلول من نفس العام.
يعود سبب الصدمة من مضمون التسجيل الصوتي إلى أنه يعرض موقفاً يراه البعض "مُغايراً" للمواقف المعلنة لعبد الناصر حول ضرورة استمرار الحرب مع إسرائيل وطردها من الأراضي العربية و"تحرير فلسطين من النهر إلى البحر" كما كان يتردد في تلك الفترة.
غير أن التسجيل الصوتي أبدى انفتاح عبد الناصر على الحل السلمي مع إسرائيل، مُحذراً من أن دخول مواجهة عسكرية جديدة قد يؤدي إلى "نكبة جديدة" شبيهة بنكبة عام 1948. وخلال الحديث دعا عبد الناصر الدول العربية التي وصفها بأنها "تزايد على مصر" إلى حشد قواتها وتحارب إسرائيل، طالما تعتبر أن السياسات المصرية آنذاك كانت انهزامية، وقال إنه مستعد لتقديم دعم مالي إذا اتفقت الجزائر والعراق وليبيا وسوريا واليمن الجنوبي على حشد قواتهم والدخول في حرب ضد إسرائيل، قائلاً "إذا كان حد عايز – أي يرغب - يكافح ليكافح..إذا كان حد عايز يناضل ليناضل".
وطالب عبد الناصر خلال المقطع الصوتي بوضع أهداف محددة للمعركة مع إسرائيل، بدلاً من وضع شعارات رنانة وأهداف لا يُمكِن تحقيقها في ظل توازنات القوى والدعم الأمريكي لإسرائيل.
قناة Nasser TV
نُشِرَ التسجيل الصوتي أولاً على إحدى قنوات موقع يوتيوب تحمل اسم "تليفزيون ناصر" بتاريخ 26 إبريل/نيسان الجاري وحمل عنوان "جمال عبد الناصر: اللي عاوز يحارب يجي يحارب وحلو عننا بقى"، بمعنى من يريد أن يذهب للحرب مع إسرائيل فليذهب منفرداً وليس له أي علاقة مع مصر ولا يورطها!
تتجاوز مدة التسجيل 17 دقيقة، وتُظهر جلسة حوارية بين عبد الناصر والقذافي، الذي كان ينظر إليه في تلك الفترة باعتباره من أقرب أصدقاء وحلفاء عبد الناصر في المنطقة بعد أن دعم عبد الناصر ثورة الفاتح من سبتمبر/أيلول عام، التي قام بها عدد من ضباط الجيش الليبي بقيادة القذافي، أطاحوا خلالها بنظام الحكم الملكي لعائلة إدريس السنوسي، وأسسوا الجمهورية العربية الليبية.
وتقول قناة ناصر على موقع يوتيوب إنها القناة الرسمية للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وهي متخصصة في نشر تراث الزعيم الراحل من صور وخطب ومواقف ومناسبات، وتم تأسيسها كما يظهر الوصف الموجود على صفحتها في يناير/كانون الثاني 2018، ويشترك بها أكثر من 89 ألف متابع، ونشرت نحو 540 مقطع مصور تخص خطب وأنشطة عبد الناصر، وبعض المقاطع التي تخص أسرة الزعيم الراحل، واحتفالات وإحياء لذكراه.
ليس تسريباً
وفي تعليق لأسرة عبد الناصر، رفض عبد الحكيم نجل عبد الناصر تسمية التسجيل الأخير بـ"التسريب" مشيراً إلى أنه متاح في مكتبة الإسكندرية منذ إهداء أسرة عبد الناصر المكتبة العديد من أوراقه وتسجيلاته.
وكشف في تصريحات صحفية، أنه صاحب القناة التي نشرت الفيديو، وأن هناك بعض الأشخاص الذين يقومون بإدارتها لصالحه وتحت إشرافه، مشيرا إلى أنه سوف يستمر في نشر مزيد من التسجيلات التي تخص والده عليها.
يقول الباحث عمرو صابح، في منشور عبر صفحته على موقع فيسبوك، إنه أحد المسؤولين عن القناة على يوتيوب، مُشيراً إلى أن "مدير مكتب عبد الناصر للمعلومات سامي شرف، هو المسؤول عن عملية التسجيل لكل لقاءات واجتماعات الرئيس .. وأمدنا بهذه التسجيلات المهندس عبد الحكيم جمال عبد الناصر لنشرها على القناة".
نفت مكتبة الإسكندرية على فيسبوك مسؤوليتها عن أي مواد مُتداولة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تخص عبد الناصر.
حرية تداول المعلومات
وتباينت ردود الفعل على التسجيل بين من أنكرها وقال إنها مفبركة، وبين من تحدث عن نظرية مؤامرة، خاصة مع انتشار التسجيلات ونشرها في هذا التوقيت، ومنهم من طالب بوضع أطر ونظام لنشر التسجيلات الرئاسية السرية، وربطها بسياق سياسي وزمني لفهمها بشكل أفضل، وهناك من طالب بضرورة الإفراج عن مشاريع القوانين المنظمة لحرية تداول المعلومات.
تقول مها عبد الناصر، عضوة مجلس النواب المصري -ليست ابنة الرئيس جمال عبدالناصر- في صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك "سوف أشدد على أهمية وجود قانون حرية تداول المعلومات، والذي يتيح الكشف عن أرشيف الحروب التي مرت بها مصر بعد مرور أكثر من 50 عاماً على آخر حرب، والذي سيتيح لكل الباحثين الملفات والتسجيلات الصوتية كاملة بدون أي اجتزاء مما سيسهم بدون أدنى شك في كتابة أكثر إنصافاً للتاريخ، وفهماً أكثر عُمقاً لمسار الأحداث".
وكتب إيهاب المرجاوي على صفحته عبر موقع فيسبوك مُستنكراً أن يكون تراث الأُمة في يد أفراد "بالذمة ده كلام .. مهما كان احترامنا للأسرة دي – يقصد أسرة الرئيس عبد الناصر - هل يُعْقل أن مستندات رسمية تخص الأمن القومي تكون في يد أشخاص".
وأثار مضمون التسجيل الصوتي ردود فعل كبيرة لدى أسرة عبد الناصر، التي رأت أن التسجيل الصوتي مجتزأًمن سياقه التاريخي والسياسي.
وتقول هدى ابنة عبد الناصر في تصريحات صحفية "إن البعض يحاول الإساءة للزعيم الراحل وموافقه من القضية الفلسطينية والقومية العربية من خلال اقتطاع بعض الأجزاء من تصريحات أو أقوال للرئيس عبد الناصر، مشيرة إلى أن الجميع يعلم أن الزعيم الراحل لم يتخل يوماً عن دعم القضية الفلسطينية، وأنها كانت حاضرة في كل الأوقات، وفي صدارة المشروع القومي العربي الذي ظل ينادي به طوال حياته"، على حد قولها.
وأضافت هدى "أن كان الزعيم الراحل قد صرح بأنه لن يحارب ضد إسرائيل في ذلك الحين.. فأعتقد أن الجيش كان غير مستعد للدخول في معركة وليس تقاعساً منه في دعم القضية الفلسطينية".
ويقول محللون إن التسجيل الصوتي تزامن مع مبادرة أمريكية لوقف إطلاق النار في الشرق الأوسط، عرفت وقتها بمبادرة روجرز، التي عرضها وزير الخارجية الأمريكي وقتها ويليام روجرز في يونيو/حزيران عام 1970، أي قبل أيام من وقت التسجيل الصوتي المُتدوال لعبد الناصر في أغسطس/آب من نفس العام.
وتباين أسلوب استقبال مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي للتسجيل الصوتي لجمال عبد الناصر.
أهداف مشبوهة
كتب الناشط الفلسطيني أدهم إبراهيم أبو سلمية على صفحته عبر موقع "إكس" عما وصفه بالأهداف "المشبوهة" وراء نشر هذا التسجيل الصوتي في هذه الفترة.
يقول أبو سلمية في تدوينته "الظهور المفاجئ لهذا التسجيل النادر والخطير الذي جمع بين الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر ومعمر القذافي، في هذا التوقيت الدقيق بالذات، ليس بريئاً أبداً".
الناشط السياسي المصري تامر شيرين شوقي شكك في تدوينة له عبر صفحته الموثقة على فيسبوك في صحة التسجيل الصوتي قائلاً "اعتقادي حتى الآن أنه ذكاء اصطناعي خصوصا أن القذافي مش ممكن يفضل ساكت 3 دقائق من غير ما يقاطع الكلام الصادم..
وصوت القذافي نفسه مش مضبوط، و درجة نقاء صوت جمال عبد الناصر في تسجيل عمره 55 سنة مش منطقية!!!"
وخاضت مصر العديد من الصراعات العسكرية والحروب بسبب القضية الفلسطينية منذ حرب 1948 التي تُعْرَف في الأدبيات السياسية بـ"نكبة فلسطين"، ومرورا بحروب 1956 و1967 وحرب الاستنزاف وحرب أكتوبر/تشرين الثاني 1973 مروراً باتفاقية السلام الموقعة في واشنطن في العام 1979، وصولًا إلى جولات الصراع الحالية بين الفلسطينيين والإسرائيليين وحروب غزة المتعاقبة والدور المصري في مبادرات التهدئة والوساطة وجهود إعادة الإعمار.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
اتهام المشتبه به في هجوم كولورادو بارتكاب جريمة كراهية فيدرالية
وجهت السلطات الأميركية للمواطن مصري الجنسية محمد صبري سليمان، تهمة ارتكاب جريمة كراهية فيدرالية بعد إلقائه زجاجات حارقة ، أمس الأحد، على مسيرة خرجت في كولورادو تضامناً مع المحتجزين الإسرائيليين في غزة . وقال المحققون الفيدراليون في جلسة المحكمة، الاثنين، إن محمد صبري سليمان كان يخطط للهجوم لمدة عام وأخبرهم بعد اعتقاله أنه بحث على يوتيوب عن كيفية صناعة "المولوتوف"، وأنه "كان يريد قتل جميع الصهاينة ويتمنى أنه لو نجح في قتلهم". وأصيب عدة أشخاص بحروق في الهجوم الذي وقع في مدينة بولدر بولاية كولورادو، وأعلنت شرطة المدينة لاحقاً عن إلقاء القبض على المنفذ، مشيرة إلى أنه يبلغ من العمر 45 عاماً، وتقدم سابقاً بطلب للجوء إلى الولايات المتحدة. وقال مكتب التحقيق الفيدرالي أمس إنه يحقق فيما إذا كان الحادث "هجوماً إرهابياً". ووفقاً لوثائق المحكمة، انتظر سليمان حتى تخرّج ابنته من الجامعة لتنفيذ الهجوم، وكان يخطط له منذ عام، وقاد سيارته لنحو 100 ميل، واشترى الغاز من محطة وقود قريبة من مكان الهجوم. وأظهر مقطع فيديو لمحمد سليمان بالأمس وهو يحمل زجاجات حارقة بعد الهجوم الذي أدى لإصابة 8 أشخاص تتراوح أعمارهم بين 52 و88 عاماً، ووجهت السلطات إلى سليمان تهمة القتل من الدرجة الأولى. أخبار التحديثات الحية ترامب: المشتبه به في هجوم كولورادو سيتلقى أقصى عقوبة ويجب أن يرحّل من جانبه، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في منشور له على منصة التواصل الاجتماعي تروث سوشال، أنه "لن يجري التسامح مع الهجوم المروّع في بودلر كولورادوا"، مضيفاً أن الشخص مرتكب الحادث وصل إلى البلاد "نتيجة سياسة (الرئيس السابق جو) بايدن السخيفة التي أضرت البلاد بقوة"، واعتبر ترامب أن الحادث "مثال آخر على ضرورة الحفاظ على أمن الحدود وترحيل المتطرفين والمعادين لأميركا". ووفقاً للأمين المساعد للشؤون العامة بوزارة الأمن الداخلي الأميركية تريشا ماكلولين، دخل سليمان الولايات المتحدة في أغسطس/آب 2022 بتأشيرة B1B2، وقدم طلباً للجوء في سبتمبر/أيلول من نفس العام، وانتهى تصريح العمل الخاص به داخل الولايات المتحدة.


العربي الجديد
منذ 4 أيام
- العربي الجديد
قمع نشطاء البيئة... تكميم أفواه المدافعين عن الطبيعة في مصر
قوّضت الحكومة المصرية عمل جماعات البيئة المستقلة، رغم سلمية أهدافها وابتعادها عن كل ما يثير قلق الأجهزة الأمنية، التي تتذرع بالخوف على الأمن القومي من الاختراق، ما أسفر عن ثني الناشطين ووقف المبادرات وغلق المنظمات. - يواصل الناشط المصري ، مهاب شريف، رحلته في النضال البيئي ، والتي بدأت مبكرا عام 2019 قبل مغادرته إلى كندا، بعد انضمامه إلى حركة "Fridays for Future" (مبادرة عالمية للحفاظ على المناخ)، مدفوعا بحماسه لتغيير الواقع في بلاده، التي تواجه مثل سائر دول العالم تهديدات بفعل التغير المناخي ، ومع سلمية الهدف وابتعاده عن كل ما يثير قلق الأجهزة الأمنية، إلا أن طريقه لم يكن معبّدا في وطنه، إذ واجه مضايقات من الأجهزة الأمنية أثناء محاولته وزملائه الحصول على موافقات قبل تنظيم حملات توعوية ووقفات احتجاجية على تداعيات تآكل السواحل وارتفاع منسوب البحر في مدينة الإسكندرية. أنهكت العرقلة المستمرة فريق شريف، ودفعت العديدين منهم إلى الانسحاب، خوفا ويأسا، ومع الوقت، وجد نفسه يعمل وحيدا، فنقل معركته إلى الفضاء الرقمي وحوّل صفحته على "فيسبوك" إلى منبر يبث من خلاله مقاطع مصورة وينشر المقالات المحذرة من خطر تغير المناخ على مصر، لكن كل ذلك بدا باهتا واصطدم بجدار من الصمت الرسمي وانعدام التفاعل الشعبي، وغياب المعلومات البيئية من مصادرها الأساسية، ما ثناه عن الاستمرار، ورغم انتقاله لاحقا إلى كندا، حيث يواصل نشاطه، بقيت في قلبه غصّة لأنه لم ينجح في إحداث التغيير الذي حلم به. تعكس تجربة شريف صورة عن واقع العمل البيئي في مصر، والذي يتسم بالقمع والتضييق كما وصفته منظمة "هيومان رايتس ووتش" في تقريرها بعنوان "مصر: الحكومة تقوّض المجموعات البيئية" ، وصدر في 12 سبتمبر/أيلول 2022، ليرصد تراجعا حادا في مساحة العمل المعني بالحفاظ على البيئة والمناخ منذ تولي حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في عام 2014، وتعرُّض الناشطين في هذا المجال لأساليب ترهيب تشمل الاعتقالات وقيودا على السفر، ما خلق جوا عاما من الخوف. موقف ثمن التغيّر المناخي [6/7]... هل تغرق الإسكندرية؟ البداية من مكاتب الأجهزة الأمنية "في مصر، يبدأ العمل البيئي من مكاتب الجهات الأمنية ووزارة الداخلية التي تتحكم فعليا في مصير أي نوع من العمل الأهلي، وقبل أن تنطلق أي جهة في مسارها، عليها أن تمر عبر حلقة طويلة من الموافقات الرسمية، يصل عددها إلى 13 جهة، هي بمعظمها أمنية، تعرض عليها كل وثائق ترخيص الجمعية قبل إعطائها صك العمل، ولا بد أن توافق على التمويل، كما أن الترتيب لإعداد أي بحث بيئي يبدأ بتحصيل الموافقات ذاتها، ثم تُطلب موافقات جديدة للسماح بنشره"، هكذا يصف مناخ العمل، الناشط أحمد عبد الكريم (اسم مستعار حفاظا على أمنه الشخصي)، بعد أعوام من التفاعل الميداني بدأت في 2010 مع جمعية محلية شارك من خلالها في تطوير خطط للحفاظ على الشعاب المرجانية، كما أسهم في تأسيس حركة مناهضة لقرار حكومي باستخدام الفحم مصدرا للطاقة في الصناعات كثيفة الاستهلاك، لكن هذه المسيرة توقفت بسبب الجدار البيروقراطي الأمني الذي يفرض شروطا خانقة جعلت العمل البيئي المستقل مسألة شاقة، وفق روايته لـ"العربي الجديد". 13 جهة، أكثرها أمني، تتحكم بعمل الجمعيات البيئية بمصر العوائق لم تقف عند حد البيروقراطية، بل امتدت إلى الملاحقات الشخصية، يقول عبد الكريم: "عانيت كثيرا من التضييقات، مثل التفتيش في المطار أثناء العودة من السفر وزيادة أوقات الاحتجاز بدعوى فحص الأوراق ومراجعتها". في النهاية دفعته هذه التدخلات الأمنية المتكررة إلى العزوف عن أي نشاط ميداني داخل البلاد منذ عام 2016، رغم إيمانه العميق بضرورة العمل المحلي، ولكن الضغوط أقوى كما يقول: "نفسي أشتغل في مصر، لكن مع الظروف الحالية، هذا شبه مستحيل". حالة عبد الكريم ليست استثناء، بل تعكس اتجاها أوسع لقمع العمل الحقوقي ومن ضمنه البيئي، لذلك ما زال حسام بهجت، المدير التنفيذي ومؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (غير حكومية)، يدفع ثمن نشاطه في الدفاع عن الحريات المدنية والعدالة الجنائية وحق الناس في بيئة نظيفة، وبدأت القصة في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، حين اعتُقل لمدة ثلاثة أيام بتهم تتعلق بنشر أخبار كاذبة تضر بالمصالح الوطنية، وفي عام 2016، تم منعه من السفر وتجميد أصوله لأن المبادرة أدرجت ضمن "القضية 173" المتعلقة بتمويل منظمات المجتمع المدني، والتي استخدمتها السلطات لتقييد عمل المنظمات الحقوقية. تحقيق شركات التوظيف الوهمية [2/2]... مصريون ضحايا وعود بالعمل في السعودية الخوف على الأمن القومي عمل الدكتور حسام محرم، في اختصاص التفتيش بوزارة البيئة لأعوام عديدة، قبل أن يتولى منصب مستشار وزاري سابقا، ومن خلال رحلته الحكومية، يرى أن تفعيل المجتمع المدني لا غنى عنه لمصر، إذ يعد الجناح الثالث للتنمية بعد القطاعين الحكومي والخاص، فلا بد من تشجيعه بدلا من تقييده، منتقدا الرقابة على العمل الأهلي التي تظهر بوضوح عند محاولة إجراء بحوث أو استقصاءات ميدانية، حول مواضيع تُعتبر "حساسة" من وجهة نظر الدولة، كما تزداد القيود لدى ارتباط بعض الجمعيات بجهات أجنبية، لتكون الذريعة "القلق من جمعها معلومات قد تُستخدم ضد الأمن القومي"، والمشكلة الأعمق، يقول محرم مستدركا، أن غياب الكفاءة الإدارية يصعب الموازنة بين تقييم العمل المسموح وما قد يشكل خطرا، ليتنامى الخوف من أن جهات أجنبية قد تجمع بيانات لمصلحتها، وما يفاقم الأمر كون مفهوم "الأمن القومي" في مصر غير واضح المعالم، بينما تسمح دول أوروبية بإجراء بحوث بحرية دون قيود، لأنها تمتلك الثقة في مؤسساتها وقدرتها على الاستفادة من المعرفة وحماية أمنها في آنٍ واحد. في المقابل، تُنتج الجامعات ومراكز البحوث المصرية كمّا هائلًا من الدراسات، لكن لا يلتفت إليها أحد ولا تستفيد منها الدولة، لذلك "ما نحتاجه هو توازن واقعي بين حماية الأمن القومي وتشجيع العمل الأهلي حلا لمشاكل البلاد". يتفق بهجت مع ما سبق، لكنه صار على قناعة كما يقول في حديثه لـ"العربي الجديد"، بـ"أن المضايقات التي نعاني منها تدخل ضمن "سياسة عقابية" تستهدف الحركة الحقوقية بأكملها، وهو نهج متصاعد منذ عام 2014"، في محاولات منظمة للقضاء على العمل الحقوقي ضمن استراتيجية تهدف إلى تفكيك الفضاء المدني وإسكات الأصوات المستقلة، عبر الملاحقات القضائية الجائرة والمضايقات. وكنتيجة حتمية لهذه الممارسات، تقلّص عدد المنظمات الحقوقية المستقلة من 30 إلى خمس، بعدما أجبر معظمها على الإغلاق أو العمل من الخارج، بحسب تقديرات بهجت. كما أن هذه الحال أجبرت مؤسسات المجتمع المدني على أن تصرف نظرها عن المشاكل البيئية الحقيقية، مثل قضايا التلوث الناتج عن المصانع التي تمتلكها جهات سيادية وارتفاع نسب تلوث الهواء أو تلوث مياه النيل أو الصادر عن المصانع غير المرخصة والتركيز على قضايا صغيرة مثل إعادة تدوير القمامة والمخلفات الصلبة، بحسب الناشط عبد الكريم. الأرشيف القُصَّر في سجون مصر.. النظام يخالف قوانينه حجب المعلومات البيئية لا تتعامل الجهات الحكومية مع المعلومات البيئية بشفافية رغم أنها بحكم طبيعتها ينبغي أن تكون متاحة للعامة، باعتبار أن المواطنين معنيون مباشرة بالمشاركة في القرارات التي تؤثر على حياتهم ومحيطهم، إلا أن الواقع، كما يرصده المحامي أحمد الصعيدي المتخصص في القانون البيئي وعضو برنامج الحقوق البيئية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، يكشف عن تغييب متعمد لها، ما يكرّس فجوة متزايدة بين المجتمع وصنّاع القرار في هذا الشأن، ومن أبرز الأمثلة على ذلك التغاضي عن دراسات تقييم الأثر البيئي للمشاريع الحكومية، إذ تصنف الأعمال من حيث تأثيرها على البيئة إلى ثلاث فئات هي (أ، ب، ج)، والأولى تشمل صناعات ليس لها أي أثر بيئي، أما الثانية هي مشروعات ذات أثر بيئي متوسط مثل مصانع الأسلاك، والثالثة أخطرها على المنظومة البيئية مثل مصانع الأسمنت والسماد وكذلك مشاريع التوسع في شبكة الطرق دون أي تقييم للأثر البيئي، ومن المفترض، بحسب الصعيدي، أن يعقد جهاز شؤون البيئة (يتبع وزارة البيئة) جلستي استماع مجتمعيتين لكل مشروع وتضم كل الأطراف المعنية التي يحتمل تأثرها من الأضرار البيئية قبل أن يصدر القرار بشأن المشروع، "وهذا للأسف يتم بشكل صوري"، ولا توجد منظمات أو مؤسسات بيئية تشارك في التقييم بل ويستثنى المتضررون والمعنيون، ولا يتم نشر الملخص التنفيذي لجلستي الاستماع، ما يقلص العمل الحقيقي. أدت البيروقراطية إلى هروب المنظمات البيئية من البلاد ما سبق يظهر جليّا في تهميش دور المنظمات البيئية وأصحاب المصلحة بالمناطق التي تشهد تطويرا للبنية التحتية بالعاصمة، لذا تمت إزالة 90 فدانا (353 ألف متر مربع) من المساحات الخضراء، تشمل 2500 شجرة مئوية عتيقة في مناطق متعددة، كما يقول المحامي الصعيدي، الذي خاض ورفاقه في مارس/آذار 2022 معركة قضائية دفاعا عن الأشجار والحدائق العامة التي تمحى دون دراسة تأثير هذه الإزالات على البيئة أو الصحة العامة، وفق ما جاء في أوراق الدعوى رقم 33167 المقامة ضد سبع جهات منها رئيس الجمهورية ووزير الدولة لشؤون البيئة. الصورة قرار المحكمة في الدعوى رقم 33167 ضد إزالة المساحات الخضراء من مناطق بمصر الجديدة (العربي الجديد) ورغم خطورة القضية التي قادتها المحامية هدى نصر الله، مديرة الوحدة القانونية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إلا أن محكمة القضاء الإداري رفضتها، معتبرة أن "قبول الدعوى رهين بتوافر شرط المصلحة الشخصية المباشرة وقيام شرط المصلحة بتوافر صفة المدعي بحسبان أن المصلحة والصفة متلازمتان، فلا تُقبل الدعوى إلا ممن له مصلحة شخصية مباشرة فيها". وتعلق نصر الله بقولها: "نحن لا ندافع فقط عن الأشجار، بل عن الحق في بيئة نظيفة، عن حق الناس في التنفس". والأمرّ، أن عملية التطوير ترافقت مع استغلال تجاري للمساحات تحت الجسور (الكباري) في مصر الجديدة، مثل إنشاء استراحات صغيرة "كافتيريات" أو مطاعم وكافيهات، فوق المساحات الخضراء عن طريق تأجير أجزاء من الحدائق، مثل ميدان قصر عابدين الواقع في قلب القاهرة، وهو ما وثقه الصعيدي في ورقة بعنوان "حتى لا يزول الأخضر"، وشارك في إعدادها لصالح المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في نوفمبر/تشرين الثاني 2022. تضيف المحامية نصر الله أن القضايا البيئية لها أبعاد اقتصادية لذلك تقابل بالتضييقات وتستغرق سنوات طويلة، مثل إجراءات التقاضي ضد مصنع تيتان (مصنع إسمنت بورتلاند) في منطقة وادي القمر في الإسكندرية، حيث استخدم المصنع الفحم كوقود من دون الالتزام بالمعايير البيئية، مما أدى إلى تلوث الهواء وتضرر صحة السكان الذين تقدموا بشكوى في أغسطس/آب 2015 بحسب ما جاء في خطاب حصل عليه "العربي الجديد" موجه من جهاز شؤون البيئة بالإسكندرية إلى المستشار رئيس نيابة الدخيلة غربي المحافظة، مؤكدا أنه بعد التفتيش على المنشأة تبين أنها تخالف أحكام المادة 43 من قانون رقم 4 لعام 1994 والمعدل بالقانون رقم 6 لعام 2009 وتنص على أن "يلتزم صاحب المنشأة باتخاذ الاحتياطات والتدابير لعدم التسرب أو انبعاث ملوثات الهواء داخل مكان العمل إلا في الحدود المسموح بها"، ومثلت المبادرة المصرية المتضررين أمام القضاء بصفة الوكيل عنهم في القضية رقم 8815 لسنة 70، وبعد أعوام صدرت أحكام قضائية بتعويض المتضررين كان أولها في 7 نوفمبر 2023. الصورة استخدام الفحم كوقود يخالف المعايير البيئية (العربي الجديد) لكن خلال سنوات التقاضي الطويلة، واجهت القضية منعطفات كبيرة حتى أن أعمار الشاكين تغيرت، فمثلا تحول من كانوا أطفالا عند رفع الدعوى ويعانون الأمراض الناجمة عن التلوث إلى أفراد تتجاوز أعمارهم السن القانوني، ما غير مسار إجراءات التقاضي، ليصار إلى الاستناد لقانون البيئة بدلا من قانون الطفل الذي يأخذ بعين الاعتبار مصلحة الطفل كأولوية قصوى، في حين أن قانون البيئة تختلف منطلقاته وآليات علاجه للمشكلة، وفي الوقت ذاته يأخذ القانون بعين الاعتبار حماية الاستثمار، "لذا للأسف تم حفظ الشكاوى وغض الطرف عن معاناة الأهالي في مقابل استمرار الوضع كما هو"، تقول نصر الله، التي لا تتفق مع ما انتهى إلى المسار القانوني :"فاللجوء إلى القضاء لم يكن بغرض حصول المتضررين على تعويضات بل إجبار الشركة على الالتزام بتطبيق الاشتراطات البيئية، خاصة أن أي تعويضات للمتضررين لن ترمم خسائرهم الصحية كما أن تلك المبالغ لا تمثل سوى "ملاليم" بالنسبة لأرباح الشركة".


العربي الجديد
منذ 6 أيام
- العربي الجديد
بوتين يتوعد بحظر شركات التكنولوجيا الغربية
أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الاثنين رجال الأعمال الروس بنيّته حظر خدمات شركات تكنولوجيا المعلومات الغربية التي انسحبت من روسيا. وخلال اجتماعٍ مع رجال أعمال، أفاد بوتين (72 عاماً)، وفقاً لبيان نشره الكرملين: "يجب تقييدها"، مشيراً إلى أن الغرب يسعى لخنق روسيا، ما يستوجب رداً مماثلًا. وتعهّد باتخاذ إجراءات لحماية صناعات أخرى. وتأتي تصريحاته بعد أن أعرب أحد مديري قطاع تكنولوجيا المعلومات في روسيا عن استيائه من خسائر بمليارات الدولارات تكبّدتها الشركات المحلية، مشيراً إلى أن القطاع لا يزال يعاني بسبب اعتماد الروس الكبير على منصات مثل " زوم " و" مايكروسوفت ". ووعد بوتين بـ"تحرير المواطنين من عاداتهم السيئة"، ووجّه انتقادات لمنصات التجارة الافتراضية الأجنبية، واصفاً إياها بأنها "ثقب" تتسرّب من خلاله جميع أنواع البضائع إلى البلاد. وسبق أن قلّصت روسيا سرعة الإنترنت لعدد من الخدمات الأجنبية العاملة عبر الشبكة. فعلى سبيل المثال، بالكاد يتمكّن الروس من استخدام " يوتيوب " دون الاعتماد على شبكة افتراضية خاصة (VPN)، بسبب بطء تحميل الفيديوهات. في المقابل، تعمل روسيا على تطوير منصتها الخاصة للفيديو تحت اسم "روتيوب". وصنّفت السلطات الروسية منصّتي " فيسبوك " و" إنستغرام "، التابعتين لشركة ميتا التي يملكها مارك زوكربيرغ، منصّتين متطرّفتين منذ اندلاع الحرب، وحُظرَتا رسميًا. كذلك فُرضت قيود على العديد من مزوّدي خدمات الشبكات الافتراضية الخاصة لمنع المستخدمين من الالتفاف على الرقابة وتصفّح الإنترنت بحرية. نجوم وفن التحديثات الحية بوتين يعلن مسابقة غنائية جديدة لمنافسة "يوروفيجن" وغادرت شركات غربية عدّة السوق الروسية، أو خفّضت أنشطتها كثيرًا، عقب إطلاق موسكو هجومها العسكري على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، وفرض حلفاء كييف حزمًا من العقوبات الاقتصادية عليها. وأوضح بوتين خلال الاجتماع: "لم نطرد أحدًا... لقد وفّرنا لهم أفضل الظروف للعمل داخل سوقنا، وهم الآن يحاولون خنقنا"، دون أن يوضّح بالتفصيل كيف تتسبب تلك الشركات في الإضرار بروسيا. وشدّد على أنه "يجب علينا الردّ بالمثل، وتبنّي سياسات مشابهة لما يقومون به". وفرضت السلطات الروسية شروطًا صارمة على الشركات التي تسعى لمغادرة السوق، ما دفع العديد منها إلى بيع أصولها بخصومات كبيرة. رغم ذلك، كشف كيريل دميترييف، رئيس صندوق الثروة السيادية الروسي والمبعوث الخاص لبوتين لشؤون التعاون الاقتصادي، في إبريل/نيسان، أن الصندوق تلقّى طلبات عدّة من شركات أميركية ترغب في العودة إلى السوق الروسية. لكن حتى الآن، لم تعلن أي شركة غربية كبرى رسميًا خططها للعودة. في المقابل، تمكّنت بعض الشركات من تأمين خيار إعادة شراء أصولها بعد بيعها لإداراتها المحلية، ما يترك الباب مفتوحاً أمام احتمالات عودتها مستقبلاً. ووجّه بوتين تحذيراً للشركات التي غادرت بشكل كامل، مثل سلسلة مطاعم الوجبات السريعة الأميركية " ماكدونالدز "، مؤكداً أنها لن تُستقبل بحفاوة إن قررت العودة. وانتقدها قائلًا: "لقد وضعت الجميع في موقف صعب. غادروا، والآن إذا أرادوا العودة، فهل يُفترض بنا أن نفرش لهم السجادة الحمراء؟ كلا، بالطبع لا". (أسوشييتد برس، فرانس برس)