logo
خبير اقتصادي للجزيرة نت: الصين شريك إستراتيجي لباكستان لا يبتز سياسيا

خبير اقتصادي للجزيرة نت: الصين شريك إستراتيجي لباكستان لا يبتز سياسيا

الجزيرة١٨-٠٥-٢٠٢٥

العلاقة بين باكستان والصين توصف بأنها فريدة من نوعها، ولا تشبهها أي علاقات بين دول أخرى، فما السر؟ فالصين العملاقة وصاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تربطها علاقات إستراتيجية بدول عديدة، لكن لا توجد دولة ترتبط بها بنفس العمق السياسي والاقتصادي المتداخل، كما هو الحال مع باكستان.
وبرزت إلى السطح أخيرا أهمية وفرادة العلاقة بين بكين وإسلام آباد عندما نشبت المواجهات بين الهند وباكستان، حيث دعمت الصين باكستان وأكدت وقوفها إلى جانبها لردع أي اعتداء وتثبيت موقفها، لا سيما في المجال الاقتصادي.
وهذا ما أكده ضيفنا في هذا اللقاء الأستاذ والخبير الاقتصادي الباكستاني شكيل أحمد رامي، الذي ألف عدة كتب عن الصين وعن علاقة بكين بباكستان، إلى جانب العديد من المقالات التي كتبها والمحاضرات التي ألقاها.
يرى رامي -في حديثه الخاص للجزيرة نت- أن الشراكة بين البلدين إستراتيجية وأنها علاقة "فريدة وشاملة"، مبنية على الاحترام المتبادل والرغبة المشتركة في التنمية. ويشير إلى أن الصين أظهرت استعدادا حقيقيا لدعم باكستان في مجالات عدة.
واستدل على متانة العلاقة بين البلدين بقول وزير الخارجية الصيني وانغ يي الذي قال -خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الباكستاني إسحاق دار بعد الهجوم الهندي على باكستان في السابع من الشهر الجاري- "بصفتها الصديق الموثوق لباكستان وشريكها الإستراتيجي في جميع الظروف فإن الصين تدرك تماما المخاوف الأمنية المشروعة لباكستان وتدعمها في حماية سيادتها ومصالحها الأمنية".
ويملك الخبير الاقتصادي والمحلل الإستراتيجي شكيل أحمد رامي رؤية عميقة عن مسار الشراكة الصينية الباكستانية، وتقييما واقعيا لمكاسبها وتحدياتها.
في هذا الحوار القصير، نسلّط الضوء على ملامح التعاون، والفروقات بين الدعم الصيني والغربي، وتوصيات الخبير "لمستقبل اقتصادي أكثر توازنا واستقلالا لباكستان".
وإليكم الحوار الذي جرى:
بماذا تتميز العلاقة الباكستانية الصينية؟
أكد شكيل على فرادة العلاقة بين البلدين وأنها بعيدة وتمتد لأكثر من 5 عقود، وأشار إلى أنها تتميز بما يلي:
الاستمرارية والثبات: رغم التغيرات السياسية، لم تتأثر العلاقة بتغير الحكومات أو الأنظمة، سواء كانت باكستان في حكم مدني أم عسكري، أو كانت الصين تمر بتحولات اقتصادية.
غياب المصالح المتضاربة: على عكس علاقات باكستان مع الغرب أو الهند ، لا توجد نزاعات تاريخية أو حدودية أو تنافس جيوسياسي مباشر مع الصين.
العلاقة قائمة على تكامل المصالح لا تصادمها.
التعاون الأمني والدفاعي العميق: تقدم الصين دعما عسكريا لباكستان، وبرز أخيرا في المواجهات التي وقعت بين الهند وباكستان. وتشير التقديرات الحديثة إلى أن الصين زودت باكستان بنحو 80% من أسلحتها خلال السنوات الخمس الأخيرة، بما فيها غواصات وطائرات مقاتلة، مما يعزز قدراتها العسكرية في مواجهة الهند.
التعاون شمل نقل التكنولوجيا، وتصنيع الأسلحة المشتركة مثل طائرات JF-17.
العلاقة بين البلدين قائمة على دعم متبادل في المحافل الدولية، فالصين دائمًا ما تدافع عن باكستان في مجلس الأمن ، خصوصا في القضايا المرتبطة بكشمير أو الإرهاب. وباكستان بدورها تدعم مواقف الصين الدولية، بما فيها موقفها من تايوان وشينغيانغ.
هل يمكنك أن تصف العلاقة الاقتصادية بين باكستان والصين؟
أوضح رامي أن هناك شراكة اقتصادية متنامية بين البلدين، ويعكس مشروع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان "سي بي إي سي" تحول الصين إلى شريك تنموي واستثماري جعل الصين أكبر مستثمر في باكستان.
كيف تقارن دعم الصين لباكستان بالدعم الغربي لها؟
يقول شكيل، بعد خيبات باكستان مع الولايات المتحدة ، تعتبر الصين شريكا لا يبتز سياسيا ولا يربط المساعدات بالإصلاحات السياسية أو شروط قاسية.
إعلان
وذكّر للتمثيل على تنكر الغرب لباكستان وعدم دعمها كما ينبغي، بأن القوات الأميركية وقوات الناتو استخدمت -خلال حربها في أفغانستان التي استمرت 20 عاما منذ 2001- طرق باكستان لنقل آلياتها وشاحناتها، لكنها تركت هذذه الطرق تتهالك ولم تقم بإصلاحها أو إعادة تأهيلها.
وواصل حديثه، "أما الصين التي تقيم مشروعات في باكستان في عدة مناطق عمدت إلى شق الطرق الحديثة والبنى التحتية المتطورة لخدمة مشاريعها ولدعم باكستان".
هل يمكن أن تلخص في نقاط لماذا تميل باكستان إلى الصين بدلا من الغرب في تعاونها الاقتصادي؟
الغرب يشترط لتقديم الدعم لباكستان إصلاحات سياسية واقتصادية صعبة، في حين أن الصين تقدم التمويل بشروط أخف ومن دون تدخل سياسي مباشر.
الصين لا تطلب تنازلات سياسية من باكستان لقاء الدعم الذي تقدمه، فلا تشترط تطبيق الديمقراطية الغربية، ولا تتذرع بقضايا حقوق الإنسان، وإنما تتعامل مع الأمور بواقعية وبما فيه المصلحة.
الصين تقدم تمويلًا لمشاريع ضخمة دون الدخول في الشؤون الداخلية.
ما الدور الباكستاني المطلوب لدعم التعاون الاقتصادي مع الصين؟
يوضح الخبير الاقتصادي أن الصين أظهرت استعدادًا حقيقيًا لدعم باكستان في مجالات الدفاع والصناعة والبنية التحتية، بل قامت بذلك فعلا في عدة مشاريع.
غير أن ذلك يتطلب من الجانب الباكستاني إصلاح الشركات المملوكة للدولة لتسهيل التعاون وعمليات التنمية.
وانتقد رامي توصيات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بخصوص خصخصة الشركات الباكستانية المملوكة للدولة، واقترح بدلاً من ذلك التعاون مع الصين لإصلاح هذه الشركات عبر شراكات إستراتيجية، مستفيدا من تجربة الصين الناجحة في هذا المجال.
ما أبرز التحديات والفرص للعلاقة المتميزة بين باكستان والصين؟
يرى رامي أن الصين تقدم فرصًا كبيرة لباكستان، ويحذر من أن نجاح هذه الشراكة يعتمد على قدرة باكستان على إدارة المشاريع بفعالية، وضمان الشفافية، وتوفير بيئة آمنة للمستثمرين.
ويشير إلى أن هناك تحديات أمنية وسياسية يمكن أن تؤثر على تنفيذ المشاريع، مثل تلك التي تواجهها مشاريع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان CPEC وتحديدا في منطقة غوادر حيث تتعرض المشاريع الصينية هناك لهجمات جماعات مسلحة مدعومة من الخارج.
ويذكر الخبير الاقتصادي أن هذا المشروع الواعد يهدف إلى إنشاء طريق بري يربط بين مدينة كاشغر (غربي الصين) وميناء غوادر الباكستاني، وهو جزء من مبادرة الحزام والطريق الصينية العالمية.
أبرز كتب رامي عن الصين
"فهم الصين من أجل تعاون مستقبلي" Understanding China for Future Cooperation، صدر هذا الكتاب عام 2020 عن معهد السياسات للتنمية المستدامة (SDPI)، ويُعد من أبرز مؤلفاته.
يتناول الكتاب النموذج التنموي الصيني، ويشرح كيف يمكن لباكستان والدول النامية الاستفادة من التجربة الصينية في مجالات الحوكمة، الاقتصاد، والتعاون الإقليمي.
"الصين في العصر الجديد.. مجتمع ذو مستقبل مشترك" China in New Era: Community with Shared Future، وصدر هذا الكتاب عام 2021 عن معهد الحضارة البيئية (AIERD).
يناقش الكتاب رؤية الرئيس شي جين بينغ في "العصر الجديد" و"المجتمع ذو المستقبل المشترك"، ويحلل السياسات الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية للصين في هذا الإطار.
"الصين في 75: من الثورة إلى التجدد" China at 75: From Revolution to Rejuvenation، وأُطلق هذا الكتاب في عام 2023 بمناسبة مرور 75 عاما على تأسيس جمهورية الصين الشعبية.
يستعرض الكتاب رحلة الصين من النهوض إلى الازدهار، مع التركيز على التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها البلاد.
يشار إلى أنه عادة ما تُستخدم مؤلفات رامي مراجع في العديد من الجامعات والمراكز البحثية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نيجيريا تبدأ في تصدير البنزين نحو أسواق آسيا
نيجيريا تبدأ في تصدير البنزين نحو أسواق آسيا

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

نيجيريا تبدأ في تصدير البنزين نحو أسواق آسيا

نقلت وكالة رويترز عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن الحكومة في نيجيريا قرّرت تصدير شحنة من البنزين تصل إلى 90 ألف طن نحو آسيا، وهي أول مرة، يتم فيها بيع النفط المكرّر من مصفاة دانغوتي إلى الخارج. ومنذ أن بدأت مصفاة دانغوتي -التي تبلغ طاقة إنتاجها 650 ألف برميل يوميا- تصدير البنزين في بداية العام الماضي، ظلّت الشحنات محصورة داخل منطقة غرب أفريقيا التي تتزايد احتياجاتها من المحروقات بشكل لافت للانتباه. ومن المقرر أن يتم تصدير الشحنة في 22 يونيو/حزيران الجاري عبر شركة "ميركوريا"، بحسب المصادر القريبة من الصفقة، والتي تحدّثت إلى وكالة رويترز. وقال المتحدّث باسم مصفاة دانغوتي إن الدولة تبيع منتجاتها لمن يدفع سعرا أكثر، ومن حقّ المشتري نقل بضاعته للجهة التي يريد، دون تدخل أو إملاء من أي طرف. ويرى محلّلون اقتصاديون أن هذه الخطوة تعتبر مسارا تجاريا جديدا، يعبّر عن استعداد المصفاة لتصدير وقود السيارات إلى جميع أنحاء العالم. وقال بعض الخبراء من شركة الاستشارات في المخاطر السياسية، إن هذا التّطور يظهر الأهمية المتزايدة لمصفاة دانغوتي، كما يعكس ثقة الشركة في أن الإنتاج أصبح مستقرا، ويكفي لتلبية حاجيات السوق المحلّية في نيجيريا. وتعتبر مصفاة دانغوتي من المصافي الضخمة في نيجيريا، حيث بلغت تكلفة إنتاجها 19 مليار دولار أميركي، وتمّ افتتاحها سنة 2023. وقبلها، كانت نيجيريا تصدّر النفط في شكل خام، وتستورده بعد التصفية بأسعار باهظة الثمن، الأمر الذي يستنزف الاقتصاد الوطني، وفقا للمحلّلين الاقتصاديين.

ترامب يستضيف قائد الجيش الباكستاني في اجتماع غير مسبوق بالبيت الأبيض
ترامب يستضيف قائد الجيش الباكستاني في اجتماع غير مسبوق بالبيت الأبيض

الجزيرة

timeمنذ 8 ساعات

  • الجزيرة

ترامب يستضيف قائد الجيش الباكستاني في اجتماع غير مسبوق بالبيت الأبيض

استضاف الرئيس الأميركي دونالد ترامب قائد الجيش الباكستاني ، الأربعاء، على مأدبة غداء في اجتماع غير مسبوق بالبيت الأبيض، إذ كانت هذه هي المرة الأولى التي يستضيف فيها رئيس أميركي قائدا للجيش الباكستاني في البيت الأبيض دون أن يرافقه مسؤولون مدنيون باكستانيون كبار. ويمثّل اجتماع ترامب مع المشير عاصم منير دفعة قوية للعلاقات الأميركية الباكستانية التي عانت من ركود كبير في عهد ترامب وسلفه جو بايدن، مع سعيهما إلى توطيد العلاقات مع الهند في إطار الجهود الرامية للتصدي للصين. وقال مسؤولون وخبراء باكستانيون إنه من المتوقع أن يضغط منير على ترامب لعدم دخول الحرب إلى جانب إسرائيل ضد إيران والسعي إلى وقف إطلاق النار، علما أن السفارة الباكستانية في واشنطن تمثل مصالح إيران لدى الولايات المتحدة. وقال ترامب الشهر الماضي إن الجارتين النوويتين في جنوب آسيا اتفقتا على وقف إطلاق النار بعد محادثات بوساطة الولايات المتحدة، وإن الأعمال القتالية انتهت بعد أن حث البلدين على التركيز على التجارة بدلا من الحرب. لكن وزير الخارجية الهندي فيكرام ميسري قال إن مودي أبلغ ترامب مساء الثلاثاء أن وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان بعد صراع استمر 4 أيام في مايو/أيار الماضي تحقق من خلال محادثات بين الجيشين وليس بوساطة أميركية. ورغم شكر باكستان واشنطن على وساطتها نفت الهند أي وساطة من طرف ثالث. واندلع أعنف قتال منذ عقود بين الهند وباكستان بسبب هجوم وقع في 22 أبريل/نيسان في الجزء الذي تسيطر عليه الهند من منطقة كشمير وأسفر عن مقتل 26 شخصا، معظمهم من السياح، واتهمت نيودلهي "إرهابيين" مدعومين من باكستان بتنفيذ الهجوم، وهو ما نفته إسلام آباد.

باكستان تنفي إغلاق معابرها الحدودية مع إيران
باكستان تنفي إغلاق معابرها الحدودية مع إيران

الجزيرة

timeمنذ 10 ساعات

  • الجزيرة

باكستان تنفي إغلاق معابرها الحدودية مع إيران

إسلام آباد – نفت وزارة الخارجية الباكستانية، اليوم الأربعاء، ما يتم تداوله من إغلاق المعابر الحدودية بين البلدين، وذلك بعد انتشار تقارير إعلامية خلال الأسبوع الجاري مفادها إغلاق الحدود المشتركة مع إيران. وقالت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان إنه "خلافا لبعض التقارير الإعلامية، لا تزال جميع المعابر الحدودية على طول الحدود الباكستانية الإيرانية تعمل بكامل طاقتها". وقد نشرت عدة قنوات باكستانية يوم الأحد الماضي تقارير نقلا عن مسؤولين في إقليم بلوشستان المحاذي لإيران، بأن المعابر قد تم إغلاقها بسبب الوضع المتوتر في إيران، في ظل استمرار القصف المتبادل بين إيران وإسرائيل. وكان المتحدث باسم حكومة إقليم بلوشستان، شاهد رند، قد قال لوكالة الأناضول إن باكستان اتخذت هذه الإجراءات بعد إجراءات مماثلة من الجانب الإيراني. ويأتي ذلك وسط استمرار الجهود الباكستانية لإجلاء رعاياها المقيمين في إيران، حيث قررت باكستان إجلاء الدبلوماسيين وعائلاتهم وعدد من العاملين في السفارة الباكستانية والقنصليات الباكستانية في إيران. كما عملت باكستان منذ أيام على إجلاء عدد من المواطنين الباكستانيين، حيث نقلت قناة "جيو نيوز" الباكستانية عن مسؤولين في دائرة الهجرة أن عدد المواطنين الذين تم إجلاءهم من إيران حتى يوم الإثنين – بما في ذلك الطلاب – قد وصل إلى ما يقرب من 714 مواطنا عبر معبر تفتان الحدودي مع إيران. كذلك، ترأس وزير الخارجية الباكستاني، محمد إسحاق دار، اجتماعا اليوم الأربعاء لمراجعة التقدم المحرز في عمليات إجلاء المواطنين الباكستانيين من إيران. وحث الوزير الخطوط الجوية الباكستانية الدولية بالتنسيق مع وزارة الخارجية لضمان التنفيذ السلس والفعال لخطط الإجلاء. وتحاذي باكستان إيران عبر إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان بحدود يبلغ طولها حوالي 905 كيلومترا، وتنتشر فيه عدة معابر مشتركة بين الطرفين. وتستخدم هذه المعابر في تنقل الأفراد وتبادل البضائع، كما تنتشر عمليات تهريب البترول من إيران إلى باكستان عبر تلك الحدود.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store