
القضاء البريطاني يلغي إدانة رجل قضى 38 عاما في السجن ظلما
في سابقة قضائية لافتة، أبطلت محكمة في لندن حكم إدانة صدر بحق رجل أمضى نحو 38 عاما في السجن بتهمة القتل، وذلك بعد أن أدت التطورات في تقنيات تحليل الحمض النووي إلى إثارة شكوك جدية حول مدى تورطه في الجريمة.
الرجل، بيتر سوليفان، الذي يُعتقد أنه ضحية لأطول قضية إدانة خاطئة في تاريخ القضاء البريطاني، كان قد حُكم عليه بالسجن المؤبد عام 1987 بتهمة قتل الشابة ديان سيندال، البالغة من العمر 21 عاما، والتي وُجدت جثتها عام 1986 بعد مغادرتها مكان عملها في بلدة بيبينغتون شمال غرب إنجلترا، قرب ليفربول.
القضية تُسلّط الضوء على الأثر الكبير الذي يمكن أن تُحدثه التكنولوجيا الحديثة في مراجعة الأحكام القديمة، وفتح الباب أمام تصحيح أخطاء قضائية وقعت قبل عقود.
سوليفان، الذي اعتُبر مذنبا في جريمة قتل هزت الرأي العام حينها، أصر على براءته منذ اللحظة الأولى، ومع ذلك، لم تلقَ أقواله الاهتمام الكافي، لا من جهات التحقيق ولا من القضاء في ذلك الوقت.
وبعد سنوات من الضغط والبحث، قادت تحقيقات صحفية مستقلة وتقنيات حديثة لتحليل الأدلة إلى اكتشاف ثغرات كبيرة في القضية، منها غياب أدلة مادية قاطعة، وتضارب في شهادات الشهود.
تفاصيل القضية
أُدين بيتر سوليفان ظلما عام 1987 بجريمة قتل وحشية راحت ضحيتها الشابة ديان سيندال، وهي بائعة زهور وعاملة بدوام جزئي في إحدى الحانات، تبلغ من العمر 21 عاما.
وكانت ديان في طريق عودتها إلى المنزل بعد انتهاء نوبتها مساء الجمعة في أغسطس/آب 1986، عندما تعطلت شاحنتها بسبب نفاد الوقود، حسب ما أفادت به الشرطة، وقد شُوهدت آخر مرة تسير على الطريق بعد منتصف الليل.
بعد نحو 12 ساعة، تم العثور على جثتها في أحد الأزقة، وقد تعرضت لاعتداء جنسي وضرب مبرح أفضى إلى موتها.
في ذلك الوقت، لم تكن التقنيات المتوفرة قادرة على تحليل السائل الجنسي الذي عُثر عليه في مسرح الجريمة. لكن في عام 2024، أُجري تحليل جديد لهذا الدليل باستخدام تقنيات حديثة، وكشف أن السائل لا يعود لسوليفان، حسب ما أكده محامي الدفاع جيسون بيتر، مما شكّل نقطة تحوّل حاسمة في القضية.
صرحت شرطة ميرسيسايد بأن أدلة الحمض النووي المهمة لم تكن متاحة خلال التحقيق الأصلي، وأن الضباط ملتزمون الآن "ببذل قصارى جهدهم"، للعثور على الشخص الذي تُرك حمضه النووي في مكان وفاة ديان سيندال.
صرّحت رئيسة المفتشين كارين جوندريل "بأنه تم فحص أكثر من 260 رجلا، واستبعادهم من التحقيق منذ إعادة فتحه عام 2023".
وقالت "إن قلوبنا مع عائلة ديان سيندال وأصدقائها الذين ما زالوا في حزن على فقدانها، وسيضطرون إلى تحمل تبعات هذا التطور الجديد بعد سنوات عديدة من مقتلها. نحن ملتزمون ببذل كل ما في وسعنا للعثور على هوية صاحب الحمض النووي الذي تُرك في مكان الحادث".
أول تصريح
في أول تصريح له عقب خروجه من السجن بعد نحو 38 عاما قضاها ظلما، قال بيتر سوليفان بتأثر بالغ "الله شاهد على ما أقول، يُقال إن الحقيقة تُحرركم. لكن المؤسف أنها لا تأتي وفق جدول زمني واضح. الآن، ونحن نُصحح الخطأ الذي وقع بحقي، لا أشعر بالغضب ولا بالمرارة، فقط أريد العودة إلى أحبّتي وعائلتي، واستثمار ما تبقى لي من الحياة كما ينبغي".
وقد أثارت القضية ردود فعل واسعة، إذ طالبت منظمات حقوق الإنسان بفتح تحقيق شامل في ملابسات هذا الخطأ القضائي، ومحاسبة المتسببين فيه، إضافة إلى تقديم تعويض مادي ومعنوي لسوليفان عن سنوات عمره التي ضاعت ظلما خلف القضبان.
وخلال جلسة المحكمة التي أُعلن فيها قرار الإفراج، ظهر سوليفان عبر رابط فيديو من سجن ويكفيلد، وقد غلبته الدموع ووضع يده على فمه، غير مصدق لحظة إعلان حريته بعد عقود من المعاناة.
حالات مشابهة
في عام 2015، أفرجت محكمة بولاية ألاباما جنوبي الولايات المتحدة عن رجل قضى نحو 30 عاما في انتظار تنفيذ حكم الإعدام بحقه، بعد أن تمت تبرئته من جريمة قتل شخصين.
وغادر أنتوني راي هينتون، البالغ من العمر 58 عاما، محكمة مقاطعة جيفرسون وسط ترحيب من مؤيديه، قبل أن يُعانقه أفراد عائلته بحرارة. جاء ذلك بعد أن قررت القاضية لورا بتر إسقاط جميع التهم الموجهة إليه، منهيةً بذلك عقودا من المعاناة قضاها هينتون خلف القضبان في واحدة من أبرز قضايا الإدانة الخاطئة في الولايات المتحدة.
في 2019، أُطلق سراح ريتشارد فيليبس، البالغ من العمر 72 عاما، من السجن في مارس/آذار، بعد إدانته عام 1972، مما جعله أطول سجين مدان ظلما في تاريخ الولايات المتحدة، وفقا لمركز "إينوسنس كلينيك" بجامعة ميشيغان.
إعلان
ألغت ولاية ميسوري عقوبة رجل بعد قضائه 28 عاما في السجن، إثر إدانته بارتكاب جريمة قتل من الدرجة الأولى، وأطلق سراح كريستوفر دان، 52 عاما، الذي تم اتهامه بإطلاق نار عام 1990 على ريكو رجرز، البالغ آنذاك 15 عاما من عمره، وتسبب إلغاء حكم الإدانة بحق دان في انتقادات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
اخترق الـ"سي آي إيه".. "كراكا" الهاكر المراهق الذي هزّ أميركا دفاعا عن فلسطين
في عام 2018، أصدرت السلطة القضائية في إنجلترا وويلز حكما بالسجن لمدة عامين على كين جامبل البالغ من العمر 18 ربيعا، والتهمة هي تنظيم مجموعة من الهجمات السيبرانية التي أدت إلى اختراق حسابات مجموعة من الشخصيات الحساسة والبارزة في الحكومة الأميركية، ومن بينهم، جون برينان رئيس المخابرات الأميركية آنذاك وزوجته، فضلا عن مارك جوليانو نائب مدير مكتب التحقيقات الفدرالي وأعضاء أسرته بالكامل. ولكن، الاختراق الذي قام به جامبل لم يكن اختراقا عاديا يعتمد على الملفات الخبيثة فقط، بل كان هجمة سيبرانية منظمة ومكونة من عدة قطع متحركة، انتهت باختراق حسابات مجموعة متنوعة من كبار الموظفين في الولايات المتحدة، فضلا عن الوصول إلى منازلهم واختراق شبكاتها وأجهزة التلفاز الخاصة بها لعرض رسائل استفزازية. يصف كين جامبل ما قام به بأنه أكبر اختراق على الإطلاق، ويؤكد في سجلات المحكمة الرسمية بأنه كان سعيدا بسبب نشوة التحدي والمغامرة التي كان يخوضها، فكيف تمكن من القيام بذلك؟ أكثر من مجرد اختراق هجمات جامبل السيبرانية لم تكن هجمات معتادة تعتمد على الملفات الخبيثة فقط، بل كانت هجمات منظمة ترتقي إلى مستوى المنظمات العالمية، إذ استطاع تقليد وخداع موظفي خدمة العملاء في كبرى الشركات الأميركية مثل "كومكاست" (Comcast) و"فيريزون" (Verizon) ثم إقناعهم بتسريب بيانات سرية ومهمة عن ضحاياه. ورغم أن جامبل كان هو الوجه الإعلامي للاختراق والمجرم الرئيسي الذي تم الحكم عليه، إلا أنه لم يكن وحيدا، إذ أسس في بداية فترة نشاطه عبر الإنترنت مجموعة من المخترقين أطلق عليها "كراكا وذ آتيتود" (Cracka with Attitude) واختصارا "سي دبليو إيه" (CWA)، ومن ضمن النشطاء في هذه المجموعة كان "ديفولت" (Default)، وهو قرصان مراهق آخر تأثر كثيرا برحلة سنودن واستغل قدراته لتوصيل رسائل سياسية في المقام الأول. هجمات جامبل و"ديفولت" لم تكن مجرد هجمات سيبرانية من أجل الاختراق فقط أو الابتزاز، بل امتدت إلى استفزاز الضحايا خاصة من الأجهزة الاستخباراتية الأميركية، إذ نشر جامبل عبر حسابه في "تويتر" آنذاك متحديا وكالة الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه" (CIA) قائلا إنه وصل إلى كل شيء تملكه الوكالة وطالبا منهم رفع درجة التحدي، كما اختراق أجهزة التلفاز الخاصة بكل ضحاياه تاركا رسالة استفزازية عليها. كما ترك رسائل صوتية عديدة لزوجة وزير الأمن الداخلي، جيه جونسون مستفزا إياها، فضلا عن تغيير كلمات المرور لحسابات أسرة مارك جوليانو وإزعاجهم بمئات المكالمات المستمرة حتى تم وضعهم تحت حماية الشرطة. وتجدر الإشارة إلى أن جامبل سرب بعض المعلومات التي وصل إليها عبر مواقع التسريبات الشهيرة والمعروفة مثل "ويكي ليكس" (Wikileaks) وغيرها، وهو الأمر الذي دفع القضاء لرفع حدة التهم الموجهة إليه لتصبح اختراق الحياة الخصوصية وترويع المواطنين. الحكم النهائي ارتكب جامبل هذه الجرائم عندما كان يبلغ من العمر 15 و16 عاما، ورغم صغر سنه، إلا أن هجماته كانت مدفوعة بنوايا سياسية، إذ ذكر في كافة هجماته تعليقات تطلب تحرير فلسطين وإيقاف العمليات الإرهابية فيها، إلى جانب التعرض لقضايا أخرى مختلفة ومتنوعة. ولكن بسبب صغر سن جامبل، تمكن المحامي الخاص به وليام هارباغ من إقناع المحكمة بأنه لم يكن يدرك عواقب ما يقوم به، فبالنسبة له، كان الأمر كله عبارة عن لعبة ماتعة يخوض غمارها مع أصدقائه في محاولة منهم لجذب الانتباه. لذا حصل على حكم مخفف بقضاء عامين في سجن الأطفال، وهو الحكم الذي انتهى في أغسطس/آب 2020، ثم عاود كين جامبل مجددا الاتصال بالإنترنت، في محاولة منه للحاق بما فاته، ولكن هذه المرة، دخل عالم الأمن السيبراني وأصبح أحد مدافعيه بدلا من أن يكون قرصانا يتربص بالضحايا.


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
جنوب أفريقيا تعيد فتح ملفات جرائم الفصل العنصري
في خطوة وُصفت بأنها "تاريخية رغم تأخرها"، أعلن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا تشكيل لجنة قضائية خاصة للتحقيق في الجرائم التي ارتُكبت خلال حقبة الفصل العنصري، والتي لم يُحاسب المسؤولون عنها رغم مرور أكثر من 3 عقود على انتهاء النظام العنصري رسميا. جاء هذا القرار استجابة لضغوط متزايدة من منظمات حقوقية وناجين من تلك الحقبة، إضافة إلى دعوى مدنية رفعتها عائلات الضحايا، تطالب الدولة بالوفاء بالتزاماتها تجاه العدالة الانتقالية. عدالة مؤجلة رغم أن لجنة الحقيقة والمصالحة التي أُسست في تسعينيات القرن الماضي كانت خطوة جريئة نحو المصالحة الوطنية، فإنها منحت عفوا مشروطا لمن اعترفوا بجرائمهم، وأوصت بمحاكمة من لم يفعلوا. لكن تلك التوصيات لم تُنفذ، مما أبقى جراحا مفتوحة في ذاكرة الضحايا. وبعد سنوات من الصمت الرسمي، تعود الدولة اليوم لفتح هذا الملف الشائك، في محاولة لإعادة الاعتبار للضحايا، واستعادة ثقة المواطنين بمؤسسات العدالة. شهدت فترة الفصل العنصري (1948–1994) انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، من بينها القتل خارج نطاق القانون، والتعذيب، والاختفاء القسري. ومن أبرز هذه الجرائم مذبحة شاربفيل عام 1960، وانتفاضة سويتو عام 1976، حيث قُتل مئات المتظاهرين السلميين برصاص قوات الأمن. ويهدف التحقيق الجديد إلى مساءلة المسؤولين الذين لم يُحاسبوا، سواء من أفراد الأجهزة الأمنية أو من السياسيين الذين أصدروا الأوامر أو تستروا على تلك الجرائم. بين العدالة والمصالحة ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تعيد التوازن بين مفهومي "العدالة" و"المصالحة"، اللذين لطالما كانا في حالة توتر في التجربة الجنوب أفريقية. فبينما ساعدت المصالحة على تجنب حرب أهلية، فإن غياب العدالة الكاملة أبقى شعورا بالخذلان لدى كثير من الضحايا. ويأمل الحقوقيون أن تمثل هذه اللجنة بداية فعلية لمحاسبة المتورطين، لا أن تكون مجرد خطوة رمزية لاحتواء الغضب الشعبي.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
وارسي تحذر البريطانيين من "سرديات خطيرة" تذكي الإسلاموفوبيا
حذرت البارونة والوزيرة البريطانية السابقة المسلمة سعيدة وارسي مما سمتها "سرديات خطيرة" يغذيها أصحاب السلطة وتؤدي إلى تصاعد الإسلاموفوبيا في بريطانيا. واعتبرت وارسي في حوار مع صحيفة إندبندنت البريطانية خلال حضورها في مهرجان هاي للأدب والفنون أن معاملة المسلمين في بريطانيا تشبه المعاملة التي تلقاها اليهود في أوروبا خلال ثلاثينيات القرن الماضي. وقالت الوزيرة السابقة إن قلبها محطم تجاه الطريقة التي يصوَّر بها المسلمون بشكل متزايد في الخطاب العام، مضيفة "لا يهم كم مرة تخدم وطنك وكم مرة تفعل ما هو مطلوب منك من أجل هذا البلد، لا يزال لا يمكن الوثوق بك". وأكدت وارسي -وهي عضوة في مجلس اللوردات ومن أصول باكستانية- أنها ناقشت مع زوجها بشأن ما إذا كان من الواجب عليهما البدء في إعداد خطط للخروج من بريطانيا. وقالت "سألته: هل يجب أن نفعل كما يفعل الجميع من حولنا الآن، وهو إعداد خطط بديلة ومسارات للخروج؟". وأشارت وارسي إلى أن الخطاب السلبي عن المسلمين لا ينبع من عامة الناس، بل يحركه الساسة ووسائل الإعلام، معتبرة أن الخبر الجيد هو أن "هذا ليس من القاعدة الشعبية وليس الناس العاديون". وأوضحت أن "من يقول ذلك الأشخاص في مواقع السلطة ومن يملكون المنصات الكبرى، والذين يكررون القول إن المسلمين لا يمكن الوثوق بهم لأنهم جميعا خطيرون وعنيفون، والرجال منهم متحرشون جنسيا، والنساء خاضعات تقليديا". وحذرت وارسي من أن الصور النمطية عن المسلمين والتي تكرر مرارا "هي ما يفسد الخطاب العام ويجعل المجتمع ينظر إلى المسلمين بأبشع صورة ممكنة"، ودعت إلى التضامن الشعبي، وطالبت البريطانيين برفض خطابات "الانقسام".