
زياد الرحباني… فنان بحجم وطن
زياد لم يكن مجرد موسيقي أو كاتب مسرحي. زياد كان ثائرًا بالفن، متمرّدًا بالكلمة، ساخرًا من السياسة والسياسيين في وقت كان فيه الكلام مكلفًا. من مسرحياته التي أصبحت جزءًا من وجدان اللبنانيين مثل "بالنسبة لبكرا شو" و"فيلم أميركي طويل" و"نزل السرور" إلى ألحانه التي كسرت القوالب التقليدية مثل معزوفة "أبو علي"، كان زياد دائمًا يحكي بلسان الناس البسطاء.
موسيقاه كانت مزيجًا عبقريًا بين الشرق والغرب، بين الجاز والألحان الشرقية، بين الحداثة والتراث. زياد خلق لونًا موسيقيًا خاصًا به، لونًا يعبّر عن لبنان المختلف والمتنوع. موسيقاه تعيش معنا حتى اليوم، في المقاهي، في المسارح، وفي ذاكرة أجيال لم تعش زمن الحرب لكنها تعرّفت على الحرب من خلال ألحانه وكلماته.
أنا عمر حرفوش، كنت وما زلت متأثرًا بزياد الفنان، زياد المبدع، وليس زياد الذي يحاول كل طرف اليوم أن يلبسه الثوب الذي يناسب مصالحه. زياد لم يكن يومًا أداة بيد أي حزب أو طائفة، بل كان مرآة لكل اللبنانيين. في موسيقاه ومسرحه، تجد السني والشيعي والمسيحي والدرزي، تجد اللبناني بكل تناقضاته وجماله ووجعه.
فن زياد لم يكن هروبًا من الواقع، بل مواجهًا له. عبر موسيقاه ومسرحه، فضح الفساد، سخر من الطائفية، وصرخ بوجه الأنظمة الفاشلة. في زمن كان فيه الخوف سيّد الموقف، تجرأ زياد على قول ما لا يُقال.
في أعماله نرى لبنان الحقيقي، لبنان الذي يحب الحياة لكنه محاصر بالحروب والانقسامات. زياد وضع مرآة أمامنا، وأجبرنا أن نرى أنفسنا كما نحن، بكل ما نحمله من أمل ودمار في الوقت نفسه.
فلنتفق أن زياد أكبر بكثير من أن نضعه في خانة سياسية أو اجتماعية ضيقة. لكن نحن كلبنانيين، للأسف، نبحث دائمًا عما يفرّقنا. ننقسم على الفن، على الدين، على السياسة، وحتى على الموت. في وقتٍ بلدنا ينهار، الفساد يستشري، حكامنا ما زالوا أنفسهم، وأموالنا محجوزة، نحن نضيع وقتنا في جدالات فارغة بدل أن نتوحد على ما يمكن أن ينقذنا.
رحيل زياد يجب أن يكون مناسبة للالتقاء، لا للتفرقة. زياد كان وسيبقى أكبر من كل الخلافات. زياد هو لبنان الحقيقي، لبنان الفن، الحرية، والإبداع.
أليس الأوان أن نتعلم من زياد؟ أن نبحث عن ما يوحدنا بدل ما يفرقنا؟ أن نبني وطنًا بحجم أحلامنا وبحجم موسيقى زياد؟
إذا كان رحيل زياد لا يوحدنا على كلمة واحدة، فمتى سنتوحد؟ رحل زياد بالجسد، لكنه ترك لنا موسيقى وكلمات ستبقى تنبض فينا، وتذكرنا بأن لبنان يمكن أن يكون أجمل إذا أحببناه كما أحب زياد فنه وناسه.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


لبنان اليوم
منذ 22 دقائق
- لبنان اليوم
وداعًا زياد الرحباني… تصفيق ودموع تودّع فنانًا لا يُنسى (فيديو)
في مشهد طغت عليه المشاعر الجيّاشة، وصل بعد ظهر اليوم الإثنين جثمان الفنان والمسرحي الكبير زياد الرحباني إلى كنيسة رقاد السيدة في المحيدثة – بكفيا، حيث أُقيم قدّاس وجناز لراحة نفسه، بحضور واسع من العائلة والأصدقاء والمحبين، إلى جانب وجوه سياسية وفنية وثقافية حضرت لتودّع علَمًا من أعلام الفن اللبناني والعربي. وكان جثمان الراحل قد نُقل صباحًا من مستشفى خوري في الحمرا، وسط حشد شعبي كبير احتشد منذ ساعات الصباح الأولى أمام المستشفى، ليواكب الموكب الجنائزي المهيب إلى بلدته ومسقط رأسه، وسط تصفيق متواصل وعيون دامعة من محبّين جاؤوا من مختلف المناطق اللبنانية. ولدى وصول النعش إلى باحة الكنيسة، دوّى التصفيق مجددًا، وارتفعت كلمات الوداع في لحظة مؤثرة اختزلت محبة الناس للرجل الذي ترك بصمة لا تمحى في ذاكرة اللبنانيين، من خلال موسيقاه المتمردة، ومسرحه النقدي، ومواقفه الجريئة التي جعلت منه ظاهرة فنية وثقافية لا تشبه أحدًا. التعازي تُقبل في صالون الكنيسة اليوم الإثنين، قبل الدفن وبعده، من الساعة الحادية عشرة صباحًا حتى السادسة مساءً، وتُستكمل مراسم التعزية يوم غد الثلاثاء في التوقيت نفسه.


صدى البلد
منذ 22 دقائق
- صدى البلد
عمر كمال يقلق متابعيه برسالة: مش دايما في بكرة
أثار مطرب المهرجانات عمر كمال قلق متابعيه بمنشور عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الإجتماعي انستجرام. و كتب عمر كمال:حنوا علي بعض مش دايما في بكرة. وقرر الفنان تامر عبدالمنعم وكيل وزارة الثقافة ورئيس البيت الفني للفنون الشعبية والإستعراضية بإلغاء حفل النجم عمر كمال والذي كان من المقرر إقامته الخميس المقبل على مسرح محمد عبدالوهاب بالأسكندرية. وجاء قرار الغاء حفل كمال بناءا على طلب منه نظرا لسفره خارج البلاد في هذا التوقيت. ومن جانبه قال الفنان تامر عبدالمنعم رئيس البيت الفني للفنون الشعبية والإستعراضية : قرار الغاء حفل النجم عمر كمال جاء بناءا على طلبه ورغبته وكنا نتمنى إقامة الحفل ولكن شاءت الظروف بذلك. وأضاف "عبدالمنعم" التعامل بيننا وبين الفنانين يسوده الود والاحترام المتبادل ولذلك قررنا الغاء الحفل وسنوافيكم بالموعد الجديد لاحقا. إلغاء حفل عمر كمال وأوضح الفنان تامر عبدالمنعم أن ماحدث مع عمر كمال نفس الأسلوب الذي اتبعناه مع النجم لؤي مع اختلاف الموقف. ويتواجد الفنان تامر عبدالمنعم رئيس البيت الفني للفنون الشعبية والإستعراضية حاليا باليابان كرئيس للوفد الموافق لفرقة رضا للفنون الشعبية لتمثيل وزارة الثقافة في العيد القومي المصري باليابان.


MTV
منذ 22 دقائق
- MTV
28 Jul 2025 12:01 PM لحظة ثقيلة على الزمن: السيدة فيروز تصل إلى الكنيسة لوداع ابنها زياد الرحباني
وصلت السيدة فيروز، أيقونة لبنان ووجدان العرب، إلى كنيسة رقاد السيدة في المحيدثة – بكفيا، في لحظة ساد فيها الصمت كأن الزمن توقف إجلالاً للحزن. خطواتها كانت بطيئة وثابتة، يلفّها السواد، وتختزن في ملامحها وجعًا لا يشبه أي وجع، إنها لا تودّع فنانًا فحسب... بل تودّع ابنها. الجموع المحتشدة أمام الكنيسة، التي لطالما ردّدت أغنياتها وذرفت دموعها على موسيقى زياد، صفقت لها بحرارة، حرارة شوق وحبّ. إنها فيروز التي غنّت الوجع، وها هي تعيشه بكل أبعاده. لم تتكلّم، لكن الحزن على وجهها كان أبلغ من الكلمات. فيروز التي عاشت رحيل الشريك، عاصي، ثم الابنة، ليال، ها هي اليوم تقف في أكثر اللحظات وجعًا: وداع زياد، الابن والصديق والملحن والرفيق. ذاك الذي كتب لها أجمل تجاربها الفنية وأكثرها جرأة، والذي كان صوته الموسيقي امتدادًا لصمتها المقدّس. View this post on Instagram A post shared by MTV Lebanon News (@