logo
قرار جديد لحظر التحدث باللهجة المحلية في الإعلام الرسمي لغير الإماراتيين

قرار جديد لحظر التحدث باللهجة المحلية في الإعلام الرسمي لغير الإماراتيين

الأيام٢٠-٠٤-٢٠٢٥

Getty Images
أصدرت السلطات الإماراتية مؤخرا قرارا يقضي بحصر استخدام اللهجة الإماراتية في الإعلام الرسمي على المواطنين فقط. واشترطت أن يكون المتحدث مرتديا الزي الوطني عند الحديث عن أي مشروع أو مضمون باللهجة المحلية. وأوضح عبد الله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام ورئيس مجلس الإمارات للإعلام، أن السياسة الإعلامية الجديدة طُبّقت فعليا منذ نحو ثلاثة أشهر. وأضاف أن السياسة الجديدة تشترط أن يكون المتحدث باللهجة الإماراتية إماراتيا، مرتديا الزي الرسمي، وذلك لضمان تقديم الصورة الصحيحة للمجتمع الإماراتي، وحماية خصوصيته الثقافية. ويأتي تبنّى المجلس الوطني الاتحادي في دولة الإمارات هذه السياسة الإعلامية الجديدة، التي تقضي بعدم السماح لغير المواطنين باستخدام اللهجة الإماراتية في وسائل الإعلام، في خطوة تهدف إلى حماية الهوية الوطنية ومنع تحريف الرموز الثقافية، وفق ما قالته الجهات المعنية. كما يأتي هذا القرار في إطار مواجهة ما وصفته السلطات بـ "تشويه اللهجة الإماراتية" في بعض وسائل الإعلام. وقد بدأت الجهات المعنية برصد مدى الالتزام بتنفيذ القرار منذ دخوله حيز التنفيذ. وشدّد المسؤول الإماراتي على أن هناك جهات حاولت تشويه سمعة الدولة من خلال تقديم محتوى مغلوط، وقد تم اتخاذ إجراءات صارمة بحقها، دون الكشف عن طبيعة العقوبات. وأكد آل حامد أن الإعلام الإماراتي بات يتفرع إلى مستويين: الإعلام الرسمي الذي تمثّله المؤسسات الوطنية الكبرى، والإعلام الشخصي الذي يتمثّل في الأفراد المؤثرين عبر منصاتهم الخاصة، ودعا إلى استهداف الجمهور المناسب وتوجيه الرسائل الإعلامية بما يتوافق مع طبيعة المتلقي.
وتعكس هذه الخطوة، بحسب معلقين عبر مواقع التواصل، توجهاً واضحاً لدى السلطات الإماراتية لتعزيز الأصالة في الرسائل الإعلامية والحد من محاولات تقليد أو تحريف المكونات الثقافية المحلية من قبل غير الإماراتيين، خصوصا مع تزايد استخدام اللهجة الإماراتية بشكل غير دقيق في برامج السوشيال ميديا والمنصات الرقمية، وفق تعبير العديد منهم.
وفيما رحّب الكثير من المواطنين بالقرار واعتبروه خطوة جريئة في سبيل حماية التراث والهوية الوطنية، أبدى البعض الآخر، خاصة العاملين في المجال الإعلامي من غير المواطنين، تساؤلات حول حدود القرار، وكيف يمكن تنفيذه دون أن يؤثر سلبًا على التنوع والتفاعل الثقافي. بالإضافة إلى ذلك، يخشى البعض من أن هذا قد يعيق الإبداع والتعبير في وسائل الإعلام، مما يحد من إمكانية استخدام اللهجة الإماراتية للوصول إلى جمهور أوسع. وأبدى معلقون استغرابهم من كيفية ضبط المخالفات التي من الممكن ارتكابها نتيجة تعايش جنسيات مختلفة في الدولة، أو اختلاف اللهجات من إمارة لأخرى.
وبعدما أبدى معلقون تخوفهم من أن يكون القرار يمس الجنسيات الوافدة في الإمارات، أو يميّز بينهم وبين المواطنين في البلاد، دافعت إحدى المعلقات عن القرار باعتباره ينحصر بهدف الحفاظ على العادات، معتبرة أن حصر التحدث باللهجة المحلية للمواطنين هو ما يحمي الهوية الوطنية التي هي من اختصاص "أهل البلد" فقط دون غيرهم، على حد تعبيرها.
وحول السبب الذي دفع السلطات الإماراتية لاتخاذ هذا القرار، قال معلقون إن أنماطاً لغوية "هجينة" بدأت تظهر في الإعلام، من قبل من قالوا إنهم من غير المواطنين، وتقدّم على أنها "إماراتية" لكنها غالبًا ما تفتقد إلى الدقة والعمق الثقافي الحقيقي. لذلك، رأت الجهات الرسمية أن هذا الاستخدام غير المنضبط قد يساهم في إضعاف الهوية اللفظية الإماراتية، وربما حتى في تشويه الصورة الثقافية للمجتمع. إلا أن عاملين في الحقل الاعلامي قالوا إن هناك العديد من العاملين في المجال من غير الإماراتيين، وممن يتقنون اللهجة الإماراتية ويستخدمونها في بعض الأحيان للاحتفاء باللهجة والدولة، مستهجنين إن كان ذلك سيؤدي بهم لخسارة وظائفهم في تلك القنوات لاحقاً. لكن الأيام القادمة ستبين عن كثب كيف سيتفاعل المجتمع الإعلامي مع هذا القرار، وهل سيفتح الباب لمبادرات مشابهة في مجالات أخرى لحماية الهوية الإماراتية؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل هناك 'انقلاب قضائي' ضد إدارة ترامب بالفعل؟
هل هناك 'انقلاب قضائي' ضد إدارة ترامب بالفعل؟

الأيام

timeمنذ 3 ساعات

  • الأيام

هل هناك 'انقلاب قضائي' ضد إدارة ترامب بالفعل؟

لجأ ترامب إلى قانون طوارئ لفرض التعريفة الجمركية على أغلب دول العالم نبدأ جولتنا في الصحف من واشنطن بوست الأمريكية، التي نشرت مقالا عن المعركة القضائية التي بدأت ضد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب وإدارته بشأن السياسات التجارية للإدارة الجديدة التي تقوم على أساس فرض المزيد من القيود على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. وقال كاتب المقال جيسون ويليك: "رغم الجلبة التي أثارها فريق الرئيس ترامب أثناء محاولة التهويل من شأن ما أطلقوا عليه "انقلابا قضائيا" على أجندة ترامب، لم تتحرك محكمة التجارة العالمية الأمريكية في اتجاه إبطال قرارات التعريفة الجمركية إلا منذ يومين فقط، وهو ما يُعد مجرد تقليص لهذه السياسات". وأضاف: "وكانت المرة الأولى الي اعترض فيها القضاء طريق سياسات ترامب في ولايته الثانية عندما نزعت محاكم أمريكية الشرعية عن استخدام ترامب قانون 'الأعداء الأجانب' كمبرر لترحيل مقيمين إلى بلادهم، لكن تلك المرة لم تؤثر إلا في فئة قليلة من المقيمين بصفة غير شرعية في البلاد". وقضت محكمة تجارية أمريكية ببطلان قرارات التعريفة الجمركية التي أعلنها ترامب في أوائل أبريل 2025، التي تضمنت فرض رسوم جمركية على شركاء تجاريين للولايات المتحدة. وقالت المحكمة إن الرئيس الأمريكي قد "تجاوز حدود سُلطته" عندما استخدم قانون طوارئ في فرض تعريفة جمركية على كل دول العالم تقريبا. واستندت المحكمة التجارية في قرارها بإلغاء التعريفة الجمركية إلى مبدأ "عدم التفويض" الذي يقضي بأنه لا يجوز للكونغرس الأمريكي أن يفوض السلطة التنفيذية ممثلة في ترامب باتخاذ قرارات تتعلق بالعلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها. واستشهد الكاتب بقرار المحكمة الذي قال: "يخول الدستور الكونغرس سلطات مطلقة في فرض وتحصيل الضرائب، والرسوم، والضرائب الجمركية، وغيرها من الرسوم. كما يمنحه سلطات تنظيم الشؤون التجارية مع الدول الأجنبية". وكان الرئيس الأمريكي قد زعم أن الكونغرس رحب بتدخله لفرض تعريفات ورسوم جمركية جديدة. كما استند ترامب إلى مادة من قانون "الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة" لسنة 1977، والتي تنص على أن للرئيس الأمريكي الحق في "وضع القواعد الحاكمة للتعاملات مع الدول الأخرى من أجل التعامل مع أي تهديد غير عادي أو استثنائي للبلاد". وضرب الكاتب مثالا من تاريخ الولايات المتحدة مع الرسوم الجمركية عندما أشار إلى أن الرئيس الأمريكي السابق، ريتشارد نيكسون، فرض تعريفة جمركية على واردات بلاده من الخارج بسبب أزمة اقتصادية عام 1971. وأشار الكاتب إلى أن محكمة استئناف الجمارك وبراءات الاختراع الأمريكية أكدت عام 1975 أن الرئيس الأمريكي آنذاك لم يتجاوز حدود سلطاته. لكن هذه المرة، يبدو أن قرار المحكمة التجارية كان أكثر جرأة لأنه تطرق إلى مبدأ "فصل السلطات"، إذ برر الحكم الصادر بوقف العمل بالتعريفات الجمركية التي فرضها ترامب لما فيه من نقل سلطات تشريعية إلى السلطة التنفيذية، وفقاً لواشنطن بوست. يُذكر أن محكمة استئناف فيدرالية أعادت العمل بالتعريفات الجمركية بصفة مؤقتة بعد يوم من حكم المحكمة التجارية الدولية بأن ترامب تجاوز حدود سلطاته في فرض الرسوم الجمركية. وقالت محكمة الاستئناف الأمريكية في واشنطن إنها أوقفت تنفيذ حكم المحكمة الأدنى للنظر في استئناف الحكومة، وأمرت المدعين في القضايا بالرد بحلول الخامس من يونيو/حزيران والإدارة الأمريكية بحلول التاسع من يونيو القادم. "الجولان: خطر الانفصال عن إسرائيل" Getty Images تلعب السعودية دور الوسيط من أجل التوصل إلى تسوية يمكن من خلالها رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا ننتقل إلى صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، التي تناولت المخاوف الإسرائيلية حيال رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا في ظل الظروف الحالية التي تعيشها المنطقة. ويرى كاتب المقال مايكل أورين، أن اعتراف واشنطن بالنظام السوري بقيادة أحمد الشرع، يمثل خطرا على إسرائيل على المدى القصير، إذ يُعد اعترافاً بنظام معادٍ للدروز، حلفاء إسرائيل في سوريا. وأشار إلى أن هناك خطراً على المدى الطويل في هذا الاعتراف يتمثل في إمكانية خسارة إسرائيل مرتفعات الجولان في حالة الاعتراف بالحكومة السورية الحالية من قبل البيت الأبيض. وأكد أورين أن "الجولان في أيدينا منذ حوالي 60 سنة. فقد ضمها مناحيم بيغن، عام 1981، واعترف الرئيس الأمريكي بسيادة إسرائيل عليها في 2019. كما أنها غنية بالمزارات اليهودية، بما في ذلك ثلث الكُنس اليهودية القديمة التي اكتشفت. وأشار إلى أن الحكومات المتعاقبة على السلطة في إسرائيل فشلت في تحويل الجولان إلى جزء لا يمكن فصله عن إسرائيل - إذ لا يتجاوز عدد السكان الإسرائيليين في هذه المرتفعات 25 ألف نسمة - وهو ما أدى إلى ظهور محاولات للاستغناء عن الجولان مقابل السلام مع سوريا. لكنه أنه أشار إلى هذا الخطر قد زال في 2011 عندما اندلعت الثورة السورية وتطورت إلى حرب أهلية، إذ أيقن الجميع أن وجود هذه المنطقة في أيدي إسرائيل هو الحل الأمثل وسط مخاوف حيال امتداد الصراع في سوريا إلى إسرائيل والأردن ودول الخليج. وقال الكاتب: "أسستُ 'تكتل تنمية الجولان' الذي يستهدف إسكان عشرة آلاف نسمة في المنطقة سنوياً لمدة عشر سنوات وتوفير البنى التحتية ووسائل النقل والوظائف لهم هناك". وأشار الكاتب إلى أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وفّرت دعماً لا يتجاوز التصريحات لهذه المبادرة. فرئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، اكتفى بإعلان ترامب اعتراف بلاده بسيادة إسرائيل على المنطقة بينما تعهد رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، "بإسكان المزيد من السكان الإسرائيليين في الجولان على مدار عقد من الزمن، لكن حكومته لم تبقَ في السلطة للوقت الكافي لتحقيق ذلك". "المساعدات لغزة مجرد دعاية" يقول عمال إغاثة إن غزة تقع تحت حصار شامل وصف إياد العماوي، ممثل لجنة الإغاثة في غزة ومنسق المنظمات غير الحكومية المحلية في القطاع، في مقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، أعمال ما يُعرف "بمؤسسة غزة الإنسانية" - جماعة لوجستية يُعتقد أنها مدعومة من إسرائيل أُسست في 2025 - بأنها حملة "علاقات عامة" دعائية ليس أكثر من ذلك. وأضاف أن: "مؤسسة غزة الإنسانية لا تفعل شيئا سوى إطلاق حملة دعائية وتروّج لوهم يتضمن أن المساعدات الإنسانية بدأت تدخل إلى القطاع. لكن الواقع أن ثماني شاحنات من مساعدات الغذاء فقط دخلت إلى القطاع الأربعاء الماضي". وأشار إلى أن مؤسسة "رحمة وورلد وايد" الخيرية الأمريكية، التي لديها أطنان مكدسة من المساعدات الغذائية لم تتمكن من إدخالها إلى غزة سمحت بأن تكون هذه المساعدات "تحت وصاية" المؤسسة المدعومة من إسرائيل لتكون مسؤولة عن توزيعها في القطاع. وأكد العماوي أن "مؤسسة رحمة اتهمت مؤسسة غزة الإنسانية باستخدام شعارها دون تصريح منها أثناء توزيع المساعدات وأنها تعتمد على عناصر مسلحة من شركات أمن خاصة". وأشار كاتب المقال إلى أنه رغم وجود مراكز إغاثة تابعة لهذه المؤسسة في رفح، إلا أن هناك "عشرات الآلاف في قطاع غزة لن يتمكنوا من الوصول إلى هذه المراكز التي أُسست مؤخراً. وحتى إذا تم تشغيلها، فلن تستطيع تلبية الاحتياجات اليومية المتزايدة للسكان هنا". وقال العماوي، المقيم في غزة: "كعامل إغاثة، سمعت هذه الأخبار بكل أسى هذا الأسبوع. إنه وضع لا يحتمل، ولا يمكن اعتبار ما يحدث حلاً للحصار الشامل المفروض علينا هنا. فدخول المساعدات دون قيد أو شرط تحت إشراف وكالات الأمم المتحدة هو الحل الوحيد". وأضاف أنه قبل 19 شهرا، "كانت الكارثة التي نعيشها لا تُصدق. كما يفوق حجم المعاناة والألم الوصف. فالناس هنا يجوبون الشوارع بلا طعام أو ماء صالح للشرب، ووصل مستوى المعيشة إلى أسوأ حالاته في التاريخ الحديث، مع تضخم خانق ورفوف فارغة". وأكد أنه وعمال الإغاثة في القطاع "يساعدون الناس منذ 600 يوم تحت وطأة الاحتلال والقصف الإسرائيلي الغاشم، مشيراً إلى أن "أعضاء الحكومة الإسرائيلية أعلنوا عزمهم على التطهير العرقي لقطاع غزة من جميع الفلسطينيين". يُذكر أن إسرائيل بدأت السماح بدخول مساعدات وصفت بالـ "محدودة" إلى غزة الأسبوع الماضي، بعد أن أدى منع إدخال المساعدات الذي استمر قرابة ثلاثة أشهر إلى توقف تسليم الإمدادات مثل الغذاء والدواء والوقود والمأوى.

أكاديمية سوس-ماسة.. بعد مناقشتها بقبة البرلمان، إعداد استعمالات الزمن يفضح المستور، ويذكي نار الاحتقان بقطاع التعليم!
أكاديمية سوس-ماسة.. بعد مناقشتها بقبة البرلمان، إعداد استعمالات الزمن يفضح المستور، ويذكي نار الاحتقان بقطاع التعليم!

أكادير 24

timeمنذ 16 ساعات

  • أكادير 24

أكاديمية سوس-ماسة.. بعد مناقشتها بقبة البرلمان، إعداد استعمالات الزمن يفضح المستور، ويذكي نار الاحتقان بقطاع التعليم!

agadir24 – أكادير24 عمر أوزكان: إطار تربوي، وناشط أمازيغي. لقد فجر إعداد إستعمالات الزمن وجداول الحصص بالسلك الإبتدائي بمديرية التعليم بتيزنيت نقاشا ساخنا في الأوساط التعليمية، سرعان ماتحول لحرب إدارية ضارية، خلفت الكثير من ضحايا التعسف، والشطط في استعمال السلطة. وقد سُخرت فيها عناصر ضعيفة الكفاءة من هيئة التأطير والمراقبة التربوية كرأس حربة، في استغلال فج لموقعها الوظيفي، للنيل من هيئة التدريس. موظفة أساليب ملتوية، ولغة عدوانية، مليئة بالتهديد، والوعيد، لفرض وجهة نظر خاطئة قانونيا، مما خلف استياء، وتوثرا مزمنا، خيمت قتامته على المنظومة التربوية، ونالت منها طيلة المواسم الدراسية الثلاث الأخيرة. واستغل رؤساء المؤسسات التعليمية هذه المناسبة للتنصل من مسؤوليات يمارسون أغلبها بجهالة، فيما استغلت المديرية الإقليمية الحدث بسوء نية، لتصفية حساباتها الإيديولوجية المزمنة مع الكثير من أطر هيئة التدريس، وفي طليعتهم أساتذة اللغة الأمازيغية. ويرجع الأصل في إشعال فتيل هذه الحرب الضروس، التي تخوضها المديرية الإقليمية، إلى افتعال ممثل هيئة التفتيش بالسلك الإبتدائي بالمجلس الإقليمي لتنسيق التفتيش (م.ق) الأزمة، بتنسيق مع الكاتب الإقليمي لنقابة المفتشين بتيزنيت، الذي نظم في بداية هذا الموسم الجمع العام لهيئته بقاعة الإجتماعات بمقر المفتشية الإقليمية، في سابقة اهتزت لوقعها الساحة التعليمية بالمغرب، وفضحت حجم التواطؤ. وقد نجح هذا الأخير تحريض زملاءه المفتشين المتخصصين بالعربية بكل من المنطفة التربوية الأولى(مقاطعتي التفتيش 01 و03)، والمنطقة التربوية الثانية(مقاطعة التفتيش رقم1)، إسوة بزملاءه المتخصصين بالفرنسية بالمنطقتين التربويتين الأولى والثالثة، والمنطقة التربوية الثانية (مقاطعة التفتيش رقم 01)، وتوجيههم للإنخراط في حملة إجبار أطر هيئة التدريس تحت التهديد، والوعيد، على إعداد استعمالات الزمن وجداول الحصص. وما زالت تداعيات هذه الحرب مستمرة بالكثير من المنتديات بمواقع السوشيال ميديا، والتي وصفها المتتبعون بالخبيثة، والقذرة. واستنزفت أطوارها نفسية أطر هيئة التدريس بتيزنيت، ووصل صدى موجاتها لقبة البرلمان، بعدما التقط البرلماني حسن أومريبط عن حزب التقدم والإشتراكية الإشارات، في محاولة منه لنزع فتيل هذه الأزمة، وطرح بقوة، وجرأة، سؤالا على الوزير شكيب بن موسى، أكد فيه أنَّ كثرة المتدخلين في إعداد استعمالات الزمن، يجعل الإيقاع الزمني للتمدرس مرتبكاً وجد معقد، ومشوباً بنقائص تؤثر سلباً على التلاميذ في المقام الأول، منبها الوزير إلى الجدل العقيم والمُربِك الذي يصاحب إعداد، واعتماد نماذج استعمالات الزمن المدرسية عند كل دخول دراسي. ومن الناحية القانونية، تكتسي استعمالات الزمن أهمية كبرى، باعتبارها أهم وثيقة مرجعية تعاقدية، متجددة، تنظم العلاقة بين المؤسسات التعليمة والأسر، وبين الأستاذ ومختلف مستويات البنيات الإدارية لقطاع التعليم، من مدير المؤسسة، وهيئة التفتيش والتأطير والمراقبة التربوية، والمديرية الإقليمية…حتى الوزير. وتحدد فيها أوقات الدخول والخروج، وتبين برمجة المكونات المدرسة خلال الأسبوع ومددها، وحصصها. ويخضع إعدادها إلى التقيد بضوابط تربوية صارمة حددها المنهاج الدراسي للتعليم الإبتدائي. ومنها جعل مصلحة المتعلم فوق كل اعتبار، وتأمين زمن التعلم باعتباره من حقوقه… كما تخصع لمجموعة من المبادئ، كمراعاة الإيقاعات البيولوجية والعصبية الكفيلة بالنمو السليم للمتعلم، والتخطيط للتعلم وفق نسق دقيق في إرساء التعلمات وبناء الكفايات… ويتم اللجوء إليها، والاحتكام لها في حالات كثيرة، كالمراقبة التربوية، والحوادث، والنزاعات… وأمام هذه الحرب العقيمة والخبيثة أخلاقيا وإداريا حسب المتتبعين، انفضح المستوى المتدني مهنيا للمنخرطين فيها. بدءا بمن خطط لها بدناءة (الكاتب الإقليمي لنقابة المفتشين بتيزنيت)، ومن نسق تنفيذ أجندتها بخسة، واتخاذ ذلك سبيلا لنيل رضا مركز القرار الإقليمي، خصوصا رأس الحربة (المفتش التربوي (م.ق) الممثل الوحيد منذ مدة طويلة لهيئته بالمجلس الإقليمي لتنسيق التفتيش)، والذي استنزف أطر هيئة التدريس بالمنطقة التربوية الأولى -مقاطعة التفتيش رقم 01-، مما اضطرهم إلى الامتثال لعنترياته المخالفة للضوابط القانونية المؤطرة لإعداد استعمالات الزمن اتقاء لشره. وقد بلغ به التمادي حد التغريد خارج السرب، عندما طلب من الأطر المكلفة بتدريس الفرنسية بالمستوى السادس مده بنماذج امتحانات إقليمية، مخالفا بذلك المسطرة المعتمذة إقليميا في الصدد. وفي هذا السياق المتسم بالتشنج، والاحتقان، والإحباط، والضغينة، والانحراف، والشطط في استعمال السلطة، وجب تنبيه القائمين على الإدارة جهويا -بسوس-ماسة-، ووطنيا، والضمائر الحية بهيئة التفتيش والتأطير والمراقبة التربوية، جهويا، ووطنيا، إلى أن المادة 15 من المرسوم رقم: 854-02-2، الصادر في 8 ذي الحجة 1423 ( 10 فبراير 2003) بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية، حصرت مهام المدرس وأدواره في مهمتي 'التربية والتدريس والتقويم التربوي'، وهو ذات المقتضى الذي يؤكده تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008 بتنصيصه في الصفحة 17، على أن مهام المدرس تتمثل في: 'نقل المعارف، والمهارات، ومناهج التعلم، والقيم الوطنية والكونية، وكذا تطوير القدرات الشخصية، لأكبر عدد من التلاميذ في أحسن الظروف…' كما أن الدعامة الثامنة من الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الخاصة باستعمالات الزمن والإيقاعات المدرسية والبيداغوجية، قد فضحت ضعف، وعقم إدارة التعليم بتيزنيت وأذنابها، وأدواتها، خصوصا مفتعلي حرب استعمالات الزمن، حيث ورد في الفقرة (ه)ـ: 'يحدد التوقيت المدرسي اليومي والأسبوعي من لدن السلطة التربوية الجهوية وتبعا لمسطرة محددة وواضحة'، مما يعني أن إعداد استعمالات الزمن ليس مهمة موكولة للمدرس، وإنما هي من صميم مهام الإدارة التربوية، على أساس عرضها على المجلس التربوي قصد إبداء الرأي بشأنها، وهو المقتضى الذي نصت عليه المادة 23 من المرسوم رقم 2.02.367 الصادر في 6 جمادى الأولى 1423(17 يوليو 2002) بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي، والتي جاء في منطوقها أن المجلس التربوي تناط به المهام التالية: '… إبداء الرأي بشأن …واستعمالات الزمن. ولما كانت مهام المدرسين واحدة وموحدة بمختلف أسلاكهم، فإن المادة 13 من المرسوم السابق وضحت أن إعداد جداول الحصص واستعمالات الزمن مهمة ملقاة على عاتق الإدارة التربوية. وفي سياق متصل، فقد نصت الفقرة الرابعة من المذكرة الوزارية عدد 084/21 بتاريخ 30 شتنبر 2021، المتعلقة بـــ'ترتيبات إدراج أنشطة الحياة المدرسية ضمن الزمن المدرسي'، على'…وتدرج الساعات المخصصة لأنشطة الحياة المدرسية في جداول الأساتذة الذين تستجيب برامج عملهم للأولويات المسطرة في مشروع المؤسسة المصادق عليه من طرف الجهات المختصة. كما تخضع هذه الساعات بعد المصادقة عليها من طرف مجلس التدبير، للمواكبة والتتبع والتقييم، سواء من طرف هذا المجلس أو هيئة التأطير والمراقبة. وينبغي على الإدارة التربوية للمؤسسات التعليمية، عند وضعها لاستعمالات الزمن الخاصة بالتلاميذ وجداول حصص الأساتذة مراعاة ما يلي…'. كما أكد المشرع التربوي ذلك، ووضحه في المذكرة رقم 22/061 بتاريخ 19يوليوز في شأن الاستعداد للدخول المدرسي للموسم الدراسي 2022-2023، في الفقرة الثانية من المحور الثالث المتعلق بـــ'تدبير الموارد البشرية' التي ورد بها: 'ولضمان التنزيل الأمثل لخارطة الطريق برسم الموسم الدراسي المقبل (2022–2023)، الخاصة بــ'إعداد جداول الحصص': على ما يلي:…- إعداد جداول الحصص واستعمالات الزمن باعتماد منظومة مسار مع الحرص على إسناد حصة أسبوعية كاملة لجميع الأستاذات والأساتذة…' ويتضح من ذلك أن المشرع التربوي لم يسند هذه المهمة للمدرسين، وإنما أوكل هذا الاختصاص للإدارة، لا سيما حينما ربط إعداد استعمالات الزمن باعتماد منظومة مسار، والحال أن خيار إعدادها غير متاح للمدرسين في حساباتهم على ذات المنظومة، وإنما هو خيار حصره المشرع بيد الإدارة التربوية. ولم يغفل المشرع التربوي الدور المحوري للمفتشين التربويين، بل أفرد لهم اختصاصا نوعيا، يكمن في المصادقة على استعمالات الزمن وجداول الحصص، باعتبارهم أهل الاختصاص حصرا، لامتلاكهم الخبرة والدراية للبث في ذلك. إذ بدون ذلك، لا تكتسب استعمالات الزمن وجداول الحصص أي أثر قانوني. حيث نصت المذكرة الوزارية 2156×2 التي أصدرها الوزير الوفا بتاريخ 04 شتنبر 2012 في شأن إعداد استعمال الزمن وفق التوقيت اليومي، والتي ألغت المذكرة الوزارية 122 على :'… وتتم بلورة الصيغة الأنسب، والأنجع من طرف السيد مدير المؤسسة، ومناقشتها داخل مجلس التدبير، والمصادقة عليها من قبل المفتشين التربويين…' وهي بذلك تزيل كل لبس عن دور كل طرف، من الإعداد حتى المصادقة عليها. وأمام تسارع الزمن الإداري والتربوي، دون تحقيق نتائج مشرفة في المواسم الدراسية الثلاثة الأخيرة بتيزنيت، نتيجة الإنغماس في مسرحيات إدارية سيئة الإخراج، تبادلت فيها أطراف ضعيفة الكفاءة والتكوين من هيأة التأطير والمراقبة التربوية، الأدوار مع أطرف إدارية شاردة، منتهية الصلاحية، ماتسبب في تآكل المنظومة داخليا، ومراكمة منزلقات تدبيرية خطيرة، ضاعت بسببها الكثير من الفرص، وتحولت على إثرها المنظومة التربوية لحلبة للمصارعة الإدارية الحرة، لتصفية الحسابات الإيديولوجية المزمنة. وزع خلالها المدير الإقليمي بشكل عشوائي عشرات رسائل إثارة الإنتباه غير القانونية…، نال منها أساتذة اللغة الأمازيغية حصة الأسد، في غياب تام للحكامة التربوية، وفي تناقض صارخ مع الأدوار الحقيقة للمنظومة التعليمية، باعتبارها أداة أساسية للتنمية الشاملة، وإعداد الأجيال القادمة، وتعزيز قيم المواطنة والعدالة الاجتماعية، وتعزيز التكوين المستمر لتحسين جودة التعليم، وتطوير المجتمع… إن ما يقرره وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة ومن سبقه والكوادر المساعدة في الرباط، لا يجد له آذانا صاغية في مديرية التعليم بتيزنيت، بدليل أن الكثير من جداول الحصص غير مصادق عليها (أزيد من 30 بالسلك الثانوي التأهيلي، 35% بالسلك الثانوي الإعدادي، و21% بالسلك الإبتدائي) فيما لم يصادق المفتش التربوي م.ق الممثل لهيئته بالمجلس الإقليمي لتنسيق التفتيش عليها إلا عند متم شهر أبرايل، على الرغم مما تتضمنه من منزلقات بيداغوجية، تفضح درجة التخلف، والتأخر، وعدم مواكبة المستجدات، مما ينذر، ويهدد بشكل جدي بما سيطال مؤسسات الريادة التي سيشرف عليها الموسم المقبل، من ارتجالية، وعشوائية وعبث بالأنشطة الاعتيادية كإدراجها باستعمالات الزمن وعدم تكييفها مع مستجدات الريادة. ويؤكد هذا العبث أن ما تقدمه مديرية تيزنيت من أرقام ومعطيات فاقد للمصداقية، وهو مايعيش على إيقاعه ورش التربية الدامجة بالإقليم، ومحور تنفيذ التكوين المستمر، إذ مازالت مديرية تيزنيت متأخرة في تكوين الدفعة الجديدة من الأساتذة المزدوجين الراغبين في تدريس الامازيغية، وغيرها من تكوينات برامج خارطة الطريق 2022-2026، خصوصا بعد إحداث منصب المكلف اقليميا بالتكوين المستمر تحت المقاس، وإسناده بمنطق المحسوبية للهارب من ملفات مصلحة الشؤون القانونية (ع.ص). وقد طغت سياسة التضليل واعتمدت للتأثير على الرأي العام، والسلطة الترابية -عامل إقليم تيزنيت-، والشركاء، وأكاديمية سوس-ماسة، والوزارة، وذلك بخلق وتسويق إنطباع أن المنظومة التعليمية بتيزنيت تنعم بالحكامة، والنجاعة، والجودة، والفعالية، وتحقق المؤشرات بشكل باهر، وحقيقة حالها عكس ذلك، بسبب انشغال من يتوجب عليه الحرص على تطبيق توجيهات الوزارة في تنزيل مشاريع خارطة الطريق 2022-2026 بسلاسة ونجاح، بأمور تافهة، والاجتهاد في التكثيف من أساليب التضليل، ومكيجة واجهة التدبير، وذلك من خلال إمطار الصفحة الفايسبوكية للمديرية الإقليمية بعشرات المنشورات التواصلية الهزيلة المعنى، والضعيفة المبنى، مرفقة بوابل من الصور المنمقة، لإخفاء المشاكل الحقيقية المؤرقة، لتبقى المنظومة التعليمية بالإقليم تحت وطئة الاحتقان، وتعثر تنزيل البرامج التحويلية لخارطة الطريقة 2022-2026. إن ما بلغته مديرية التعليم بتيزنيت من عجز، وإهمال للمشاكل الحقيقية للمنظومة التعليمية، هز ثقة الفاعلين، والشركاء، وحول قطاع التعليم بتيزنيت لبؤرة ميؤوس من تعافيها. استأسد فيها الفشل في التخطيط، وسيطر على بنيتها نزيف ريع التكليفات، التي تدار خارج الضوابط القانونية، فضحته موجات تكليفات مشبوهة انتصرت للمحسوبية والزبونية، مما أحدث شرخا ضرب في العمق استقرار الأطر التربوية، ونال من الاستمرارية البيداغوجية، والمردودية، وسبب ضياع الأولويات، وتدنت نتيجة لذلك الكثير من المؤشرات، فيما تعلم آلة التضليل بكامل طاقتها على تضخيم الأرقام المقدمة للسلطات الترابية، والأكاديمية، والوزارة ، مما يؤجل انكشاف ضعف باقي المؤشرات إلى حين، وينذر باقتراب، ودنو موعد طفو كوارث جسيمة ستلحق لا محالة المنظومة التعليمية بتيزنيت بركب فضائح جامعة ابن زهر.

هل ستصبح الجزائر 'محجاً' للمسيحيين الكاثوليك في العالم؟
هل ستصبح الجزائر 'محجاً' للمسيحيين الكاثوليك في العالم؟

الأيام

timeمنذ 21 ساعات

  • الأيام

هل ستصبح الجزائر 'محجاً' للمسيحيين الكاثوليك في العالم؟

Getty Images البابا لاون الرابع عشر يرغب في زيارة مسقط رأس القديس أوغسطين في الجزائر وجه البابا لاون الرابع عشر، مباشرة بعد توليه منصب الحبر الأعظم في الفاتيكان، رسالة "خاصة" إلى الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عبر له فيها عن "رغبته الصادقة" في زيارة الجزائر. ونقل الرسالةوفق بيان لوزارة الخارجية الجزائرية، سفير الجزائر لدى الكرسي الرسولي، رشيد بلادهان، الذي حضر القداس لتهنئة البابا الجديد، بمناسبة انتخابه لمنصب "بابا الكنيسة الكاثوليكية، ورئيس دولة الفاتيكان". فما السر وراء هذه الرغبة البابوية، وما العلاقة "الخاصة" بين رأس الكنيسة الكاثوليكية والجزائر؟ الواقع أن رسالة البابا أشارت بوضوح إلى دوافع رغبته في زيارة الجزائر، وإلى علاقته الشخصية بها. وذكر في حديثه مع السفير الجزائري أنه يرغب في رؤية مسقط رأس القديس أوغسطين، أبرز أعلام الفكر المسيحي، وأعظم الآباء اللاتين في الكنيسة الكاثوليكية، بعد بولس الرسول. وعرّف الحبر الأعظم نفسه، في خطاب تنصيبه، بأنه "ابن القديس أوغسطين"، قائلاً إنه يفتخر باتباع فكره ومنهجه في الدين والحياة. ولا شك في أن هذه الرابطة الروحية، دفعته إلى التعبير عن رغبته في زيارة الأرض التي أنجبت معلمه في الفكر وقدوته في العقيدة. وأدى البابا لاون الرابع عشر، بعد انتخابه، زيارة مفاجئة لرهبنة القديس أوغسطينوس في روما. وهي جماعة في الكنيسة الكاثوليكة، لها فروع عبر العالم. كان الكاردينال، روبرت فرنسيس بريفوست، رئيسا لها، في الفترة من 2001 إلى 2013. ودخل الكاردينال بريفوست دير الرهبنة الأوغسطينية في عام 1977. والتزم طريقتها في التعبد وأسلوبها في العمل، طوال حياته. ونال شهادة الدكتوراه في القانون الكنسي، في روما، عام 1987 بأطروحة عنوانها: "دور الرئيس المحلي لرهبانية القديس أوغسطينوس". وأصبح لاون الرابع عشر أول بابا ينتمي إلى الرهبنة الأوغسطينية. ويظهر تأثره بالقديس أوغسطين في شعار الدرع الذي اختاره لنفسه وهو على رأس الكنيسة الكاثوليكية. ففي نصف الدرع السفلي نرى كتابا مغلقا، فوقه قلب يخترقه سهم. وهذا شعار مستوحى من مقولات القديس أوغسطينوس. ويرمز الشعار إلى أعتناق القديس أوغسطينوس للمسيحية بعد رحلة طويلة وبحث عميق. ووصف حينها لقاءه "بكلمة الله" في هذه الصورة، بقوله "لقد جرحت قلبي بكلمتك". ويحمل درع البابوية أيضاً عبارة أوغسطينية باللاتينية، تقول: "في الواحد نصير واحداً". ويشرح البابا معناها، في مقابلة مع "أخبار الفاتيكان"، بقوله: "إن الوحدة والتشارك من صميم الهبة الخاصة التي تميز رهبنة القديس أوغسطينوس، وهما أيضاً محور تفكيري وأسلوب عملي. ثم إنني كأوغسطيني، أعتبر تعزيز الوحدة والتشارك أمراً جوهرياً". ومن الواضح أن فلسفة القديس أوغسطينوس وأفكاره في الدين والحياة، سيكون لها تأثير وبصمة في منهج الكنيسة الكاثوليكية وتوجهها، بقيادة البابا لاون الرابع عشر. ولا شك في أن زيارة مسقط رأس أحد أعظم مفكري المسيحية في العالم ستكون مصدر إلهام لتوجه الفاتيكان الجديد. من هو القديس أوغسطين (354 م -430 م)؟ Getty Images كنيسة القديس أوغسطين في عنابة شرقي الجزائر، وأسفلها آثار كنيسة السلام التي ترأسها في حياته يوصف القديس أوغسطينوس بأنه أعظم المفكرين والفلاسفة في التراث المسيحي كله، وواحد من أعمدة الثقافة والأدب في القرون الوسطى الغربية، وهو دون شك أغزر معاصريه تأليفاً، وأعمقهم تفكيراً، وأوسعهم علماً، وأقواهم تأثيراً. ويحتار مؤلفو سير الأعلام والدارسون للتراث المسيحي الغربي إلى اليوم في الكم الهائل من الكتب والرسائل التي ألفها القديس أوغسطينوس، إذ تجاوز المعروف منها 230 كتابا. الكثير منها ترجم إلى مختلف اللغات العصرية، ولكن بعضها لا يزال في المكتبات في نسخته اللاتينية الأصلية. كان القديس أوغسطين عالماً متمكناً في مختلف العلوم والفنون، ومجادلاً قوياً حاداً في رأيه. وقد خصص عدداً كبيراً من كتاباته للمناظرة والرد على الأفكار والعقائد التي يختلف معها. وألف أيضاً في البلاغة والأدب والموسيقى والأخلاق والفلسفة والقانون والحقوق. ومن أشهر أعماله وأوسعها انتشارا كتاب "اعترافات". ويقع الكتاب في 13 جزءا، يروي فيه تجاربه في الحياة، ورحلته الطويلة بحثا عن الحقيقة والإيمان، انتهاء باعتناقه المسيحية. ويعد عمله هذا أول سيرة ذاتية كتبت في تاريخ الثقافة الغربية. ويصفه هنري تشادويك، أستاذ علم اللاهوت بجامعة كامبريدج، في كتابه أوغسطينوس، بأنه "أول رجل حديث" في التاريخ. وتتميز كتاباته وأفكاره "بعمق غير مسبوق"، وكان له تأثير كبير في الطريقة التي ينظر بها الغرب إلى "طبيعة الإنسان" وإلى معنى كلمة "الرب". وفي كتابه "مدينة الله"، ينافح القديس أوغسطين عن عقيدته بإيمان راسخ، ويتألف الكتاب من 22 جزءاً ينفي فيها مزاعم الوثنيين بأن المسيحية كانت سبباً في خراب روما. ويتحدث بتحليل عميق عن ثنائيات "الخير والشر"، و"حرية الاختيار والقدر الرباني"، و"الحياة الدنيا والآخرة". ولد القديس أوغسطين في يوم 13 نوفمبر تشرين الثاني 354 م في تاغاست (سوق أهراس)، في بلاد الجزائر اليوم. والده باتريكوس كان وثنيا، يروى أنه اعتنق المسيحية قبل وفاته بفترة قصيرة. أما والدته مونيكا فكانت مسيحية ورعة، يطلق عليها لقب القديسة أيضا. حرصت والدته على تلقينه تعاليم المسيحية ومبادئها منذ صغره، لكنه نفر من الأساطير "الساذجة" التي كانت تُروى على لسان المبشرين والبطاركة، عن الدين وتعاليمه. وانجذب إلى علم الفلك والأدب و المسرح، ثم مال إلى المانوية واتبعها، قبل أن يهاجمها ويعود إلى المسيحية. ويروى عن مونيكا أنها حزنت حزنا شديدا لما رأت من ابنها في شبابه من "انحراف" عن تعاليم الدين، وانغماس في حياة "اللهو والمجون". فكانت تبكي باستمرار لمدة عشرين سنة، إلى أن عاد ابنها إلى المسيحية. ولذلك أطلق على القديس أوغسطين لقب "ابن الدموع". تلقى القديس أوغسطين تعليمه الأول في مسقط رأسه تاغاست (سوق أهراس) شرقي الجزائر، التي كانت عبر التاريخ ملتقى للحضارات الرومانية والنوميدية والبيزنطية والإسلامية. ثم التحق بأكاديمية ماداوروس (مداوروش) على بعد 50 كيلومتر، من بلدته. ومدينة مداوروش اليوم دائرة إدارية، تابعة لولاية سوق أهرس، التي تبعد عن الجزائر العاصمة بنحو 590 كيلومتر، شرقاً. وتعد أكاديمية مداوروش أول جامعة في تاريخ أفريقيا، فيها تعلم القديس أوغسطين على يد أستاذه ماكسيميليان المداوروشي، وهو عالم لغوي من مؤسسي قواعد اللغة اللاتينية، أخذ عنه فن البلاغة والخطابة، وأصبح فيما بعد صديقاً له، على الرغم من اختلافهما في العقيدة. ويذكر القديس أوغسطين في كتاباته أعلام بلاده ونوابغها، من بينهم الفيلسوف والعالم اللغوي أبوليوس المداوروشي (124 م-170 م)، الذي كان أستاذاً للبلاغة اللاتينية واليونانية في روما؛ لكنه يُعرف خاصة بروايته ذائعة الصيت "التحولات" أو "الحمار الذهبي". وتعد رواية أبوليوس "الحمار الذهبي" أول رواية معروفة في التاريخ، تحدث فيها عن مغامرات شاب تحول، بمفعول السحر، إلى حمار. ويرى فيها الدارسون للآداب القديمة بعض الجوانب من حياة الكاتب الشخصية؛ لأن الاهتمام بالسحر والاشتغال به كان رائجا في عصره. زيتونة القديس أوغسطين James Patterson Terrae Transmarinae زيتونة القديس أوغسطين في سوق أهراس، شرقي الجزائر، عمرها 2900 سنة في مدينة سوق أهراس اليوم، تقف زيتونة شهيرة على إحدى تلال البلدة القديمة، شاهدة على عراقة المنطقة الضاربة في أعماق التاريخ، وعلى حياة أحد نوابغها الذين أضاءوا بفكرهم طريق الحضارة الإنسانية، فسارت على أنوارهم أجيال وأمم قروناً وقروناً من بعدهم. وغير بعيد عن الزيتونة يقع ضريح سيدي مسعود، الولي الصالح، المتوفى في عام 1770م. وأنشأت السلطات الفرنسية، بعد احتلالها للجزائر في 1830، خلفهما بيتا كانت تستخدمه جيوشها الغازية لتخزين البارود. وتحول البناء اليوم إلى متحف للقديس أوغسطين. ساد الاعتقاد طويلا أن هذه الزيتونة غرسها القديس أوغسطين نفسه. فقد ذكرها في العديد من كتاباته. وربما كان بيته قريبا منها، فكان يجلس تحت ظلها ليستريح أو يتأمل، أو يكتب رسائله. ولكن الدراسات والاختبارات العلمية الحديثة أثبتت أنها أقدم من ذلك بكثير. فعمرها قد يصل إلى 3 آلاف سنة، وفق ما جاء في دراسة أمريكية نشرت عام 1953. فقد أثبت مختبر علم تسنين الشجر للبروفيسور دوغلاس في توسكان، أريزونا أن زيتونة القديس أوغسطين، عمرها في الواقع 2900 سنة على الأقل. وتذهب الأساطير الشعبية أبعد من ذلك في التاريخ، إذ يعتقد رواتها أن ورقة الزيتون، التي حملتها الحمامة إلى النبي نوح، لتخبره بانحسار المياه عن الأرض في حادثة الطوفان، كما يقصها الإنجيل، جاءت من هذه الزيتونة. جاء في سفر التكوين: "فأرسل الحمامة من الفلك، فأتت إليه الحمامة عند المساء. وإذا ورقة زيتون خضراء في فمها. فعلم نوح أن المياه قد قلت عن الأرض". ولذلك أصبحت الحمامة وغضن الزيتون رمزا للسلام والمحبة في كل العالم. ولا يذكر القرآن هذه القصة كما جاءت في الإنجيل، ولكنه جعل "البركة" في الشجرة وزيتونها وزيتها في العديد من الآيات. جاء في سورة النور: "يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية. يكاد زيتها يضيء، ولو لم تمسسه نار. نور على نور. يهدي الله لنوره من يشاء". أسقف هيبون (عنابة) Getty Images أبوليوس المداوروشي (124م-170م) صاحب "الحمار الذهبي"، أول رواية معروفة في التاريخ سافر أوغسطين إلى روما مدرساً للبيان، ثم انتقل إلى ميلان، والتحقت به والدته. وهناك تغيرت أراؤه من المانوية، فعارضها واعتنق المسيحية. وبعد وفاة والدته ثم ابنه، عاد إلى بلاده. وفي تاغاست (سوق أهراس) اختار الاعتكاف والخلوة، من أجل التفكير والتأمل. وكان عمره 36 عاما عندما عين كاهنا، دون رغبته، ثم أسقفا لمدينة هيبون (عنابة) الساحلية، شرقي الجزائر، في عام 395 م. وبقي في منصبه حتى وفاته في عام 430 م، أثناء حصار الوندال للمدينة. ولا تزال آثار كنيسة السلام، التي كان يرأسها ماثلة للعيان. وفي عام 2013، أعادت السلطات الجزائرية ترميم كنيسة القديس أوغسطين التي بنيت في عام 1900، قريباً من آثار كنيسته الأصلية تكريماً له، وإحياءً لذكراه ومآثره، وفيها تمثاله الممدد في خزانة زجاجية، تحتوي أيضاً على عظام من أطرفه. ودافع أسقف هيبون (عنابة) عن المسيحية والكنيسة الرسمية التي تتبناها الدولة. ولذلك اصطدم مع الطوائف المنشقة عنها مثل الدوناتية، التي انتشرت وقتها في شمال أفريقيا. ودخل مع دعاتها ومع الوثيين والمانويين وغيرهم، في سجالات لا تنتهي ومناظرات حادة في هيبون (عنابة) وقرطاج (في تونس اليوم). وكان القديس أوغسطين يتميز عن خصومه ويتفوق عليهم بثقافته الواسعة، وأدلته القوية، وقدراته البلاغية الاستثنائية. واستطاع بفكره المستنير، وكتاباته الغزيرة أن يتبوأ مكانة القديسين في الكنيسة الكاثوليكية، ومرتبة العباقرة في الحضارة الغربية. الجسر الحضاري عاش القديس أوغسطين، من حيث الزمان، في نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس الميلاديين. فمكنته تجربته من استيعاب خلاصة ما أنتجه العلماء والمفكرون في القرن المنتهي، وساهم بدوره في صناعة وتطوير المفاهيم والفكر في القرن الجديد. وكان يمثل أيضاً رابطة مكانية بين الشمال والجنوب. فهو أفريقي في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، وينتمي في الوقت نفسه إلى الحضارة الرومانية في الشمال من البحر. لكن عبقريته الأصيلة جعلت هذه الرابطة مبنية على المساواة والتكافؤ. موسم الحج إلى القديس أوغسطين الزيارة التي يرغب البابا لاون الرابع عشر في أدائها إلى الجزائر تحمل كل المعاني، التي عاش من أجلها في حياته الخاصة أو في رهبانية الأوغسطينيين، التي كان يرأسها. وعبر أيضا عن اتباع منهج القديس أوغسطين في الفكر والعقيدة. وسيجد في سوق أهراس (تاغاست) شجرة زيتونة عمرها أكثر من 3 آلاف سنة. كان يستظل تحتها القديس أوغسطين وأمه القديسة مونيكا. الزيتونة التي رافقته في تأملاته وصلواته، فذكرها في كتبه ورسائله. إنه الحج إلى منابع المسيحية الأولى بالنسبة لكل المؤمنين. وفي عنابة (هيبون) آثار كنيسة السلام، التي قادها الأسقف أوغسطين. ومنها خاض سجالاته الفكرية ومعاركه الفقهية. وبين أسوارها ألقى مواعظه على المؤمنين والأتباع. وفي جوفها اختلى بنفسه للتأمل والمناجاة، أو للكتابة والتأليف. Getty Images أثار مدينة ماداوروس، شرقي الجزائر، التي تعلم القديس أوغسطين في أكاديميتها الشهيرة إنها رحلة الفكر أيضاً إلى ملتقى الحضارات الرومانية والنوميدية والبيزنطية والإسلامية على أرض أفريقيا، في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. وفيها يقتفي الباحث آثار العبقري الذين أرسى قواعد الفكر المسيحي الحديث، فهو شمس الجنوب التي أشرقت على الشمال. ويقول الأستاذ تشادويك في كتابه "فجر الكنيسة" إن "القديس أوغسطين تفوّق على معاصريه بعمق فكره وسعة عقله، لكنه كان أيضاً متقدماً في الفكر على من جاءوا بعده بقرون عديدة. وكان تأثيره واضحاً في الكاثوليكية والأرثوذوكسية على حد سواء". ولا يمكن الحديث عن أي حقوق أو مكانة للمرأة في القرنين الرابع والخامس الميلاديين. ولكن القديس أوغسطين يقول في شرحه لسفر التكوين، إن "خلق الإنسان ذكراً وأنثى كان على أساس اختلاف الجسد فقط. فالتمايز بين الذكر والأنثى ليس تمايزاً في الطبيعة أو الروح أو العقل أو القيمة". وإنما هو اختلاف في النوع لا غير. وهذا مفهوم سبق إليه القديس أوغسطين قروناً من المفكرين والفلاسفة، وصاغه في عصر اتفقت فيه العقول البشرية على أن المرأة مجرد تابع للرجل ومتاع له. ولا تزال الكثير من العقول والمجتمعات إلى اليوم عاجزة عن استيعاب هذا المفهوم الأوغسطيني والإقرار به في حياتها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store