
مزاد كريستيز للفن المعتمد على الذكاء الاصطناعي يثير جدلاً واسعاً في الوسط الفني
افتتحت دار "كريستيز" الخميس أول مزاد مخصص للأعمال الفنية المصنوعة بالذكاء الاصطناعي، لكنّ ركوب الدار موجة هذه الثورة التكنولوجية أثار غضب الوسط الفني في الولايات المتحدة.
وعرضت الدار نحو عشرين قطعة للبيع في المزاد الذي يحمل عنوان "أوغمنتد إنتليجينس" (أي "الذكاء المعزز") ويقام عبر الإنترنت إلى الخامس من آذار المقبل.
وسبق لدار "كريستيز"، وكذلك لمنافستها "سوذبيز"، أن عرضتا قطعا مصممة باستخدام الذكاء الاصطناعي، لكنهما لم تخصصا قبل الآن مزادا كاملا لهذا النوع من الأعمال.
وقالت مديرة مبيعات الفن الرقمي في "كريستيز" نيكول سيلز غايلز "لقد أصبح الذكاء الاصطناعي أكثر حضورا في حياتنا اليومية". ولاحظت أن "المزيد من الأشخاص باتوا يدركون طريقة عمل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الكامنة وراءه وبالتالي من المرجح أن يقدروه في سياق إبداعي".
وأحدث إطلاق منصة الذكاء الاصطناعي التوليدي "تشات جي بي تي" في تشرين الثاني 2022 ثورة في نظرة عامة الناس إلى الذكاء الاصطناعي وفتح إمكانات جديدة لاستخدامه لأكبر عدد من الناس.
وباتت نماذج ذكاء اصطناعي عدة اليوم تتيح للمستخدمين إنشاء رسم أو صورة متحركة أو صورة تشبه الصورة الفوتوغرافية، بناءً على استعلام بسيط باللغة اليومية.
لكنّ استخدام الخوارزميات في العالم الفني ليس جديدا في الواقع، بل يعود إلى عمر المعلوماتية الحديثة تقريبا.
فبين الأعمال المعروضة للبيع مثلا في مزاد "كريستيز" واحد للفنان الأميركي تشارلز سوري (1922-2022) يعود تاريخه إلى عام 1966.
وتميّز تشارلز سوري الذي كان أحد رواد "الفن الحاسوبي" باستخدامه برنامجا لتشويه أحد أعماله المرسومة يدويا.
وأوضحت نيكول سيلز غايلز أن "الفنانين المعروضة أعمالهم في هذا المزاد يستخدمون الذكاء الاصطناعي كمكمّل لعملهم الفني الحالي"، وتتضمن المجموعة المطروحة لوحات قماشية ومنحوتات وصورا وحتى شاشات عملاقة تعرض أعمالا نُفذت بالكامل رقميا.
ومن بين أبرز المعروضات في المزاد عمل بعنوان "إيميرجينغ فيسز" Emerging Faces للفنان الأميركي بيندار فان أرمان، خُمِّن سعره بنحو 250 ألف دولار، وهو عبارة عن سلسلة من تسع لوحات نتجت عن "محادثة" بين نموذجين للذكاء الاصطناعي.
الأول يرسم وجها على قماش والثاني يوقفه عندما يتعرف على شكل بشري.
إلاّ أن هذا المزاد لا يروق للجميع، وأُطلِقَت عريضة عبر الإنترنت للمطالبة بإلغائه، ولكن دون جدوى.
ولاحظ معدّو العريضة التي جمعت أكثر من 6300 توقيع أن "عددا من الأعمال المطروحة أُنشئت باستخدام نماذج ذكاء اصطناعي معروفة بأنها استخدمت من دون إذن أعمالا محمية بموجب قانون الملكية الفكرية".
ورأوا أن المزاد يعطي قيمة لهذه الطريقة في المل التي شبهوها بـ "السرقة الجماعية لأعمال الفنانين البشريين".
ورفع عدد من الفنانين عام 2023 دعاوى قضائية ضد شركات ذكاء اصطناعي ناشئة، من بينها المنصتان الشهيرتان "ميدجورني" Midjourney و"ستابيليتي إيه آي" Stability AI، متهمين إياها بمخالفة قوانين الملكية الفكرية.
وفي منشور على منصة "إكس"، كتب رفيق أناضول، وهو اسم كبير في الفن الرقمي ومشارك في المزاد بعمله "ماشين هالوسينيشتنز" Machine Hallucinations، أن "غالبية الفنانين في المشروع يستخدمون بياناتهم الخاصة ونماذجهم الخاصة"، من دون الاستعانة بأعمال أخرى.
وتمنى الرسام ريد ساوثرن الذي وقّع على العريضة، أن تُستَبعَد على الأقل القطع التي لا تستخدم برامجها أو بياناتها الخاصة، وهو يقدّر نسبتها بنحو ثلث القطع المعروضة في المزاد.
واضاف "لو كانت لوحات عادية، وكان ثمة احتمال كبير بأن يكون بعضها مقلّدا، أو نتيجة سرقة أو ممارسة مشكوك فيها، فلن يكون من الأخلاقي المضي قدماً في المزاد".
وعلّقت نيكول سيلز غايلز بالقول "أنا لست محامية متخصصة في الملكية الفكرية، لذلك لا أستطيع التعليق على شرعية العملية، ولكن فكرة أن الفنانين يستلهمون أعمالهم من أسلافهم ليست جديدة".
ورأت أن "أي حركة فنية جديدة تثير الجدالات والانتقادات".
واشار الفنان التركي سارب كرم يافوز الذي استخدم "ميدجورني" في عمل معروض أيضا في مزاد "كريستيز" إلى أن هذا البرنامج القائم على الذكاء الاصطناعي "صُمِّم باستخدام كل شيء موجود على الإنترنت تقريبا".
واضاف "ثمة قدر كبير من المعلومات (التي يستخدمها النموذج) بحيث لا يمكن انتهاك حقوق الملكية الفكرية لأي عنصر محدد".
وعلى هذه الفكرة، ردّ الرسام ريد ساوثرن سائلا "هل إن السرقة من شخص أو اثنين أمر سيئ، في حين أن السرقة من ملايين الأشخاص أمر مقبول؟".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ يوم واحد
- النهار
هل يعوّض ChatGPT الفراغ العاطفي عند الأفراد؟
في زحمة العمل والمشاغل اليومية، قد نهمل حياتنا العاطفية أو نؤجل فكرة البحث عن شريك حياة. لكن، هل يمكننا حقاً الاستمرار من دون شخص نشاركه مشاعرنا، أفكارنا، ويومياتنا؟ يعتقد البعض أنهم وجدوا البديل... ويبدو أن تشات جي بي تي هو الجواب. إذ يجد كثيرون في روبوتات المحادثة ملاذاً عاطفياً لا يتطلب التزاماً أو تكلفاً كما هو الحال في العلاقات البشرية. فهي تملأ الفراغ العاطفي، وتمنح شعوراً بالاحتواء، وأحياناً تؤثر حتى في اتخاذ قرارات مصيرية تتعلّق بالحياة العاطفية، وكل ذلك من دون انتظار مقابل أو بذل أي جهد تجاه الطرف الآخر. قدّم صانع المحتوى ومصمم الغرافيك علي عاصم، مثالاً لافتاً على هذا النوع من الارتباط، من خلال كليب يوثّق "زفافه" من تشات جي بي تي أمام برج خليفة في دبي. فيبدأ الفيديو بلافتة كتب عليها: "أهلاً وسهلاً بكم في زفاف علي وتشات جي بي تي"، قبل أن يظهر العريس وهو يحتضن "عروسه" الروبوت بفستان زفاف، وسط حضور عدد من الروبوتات الأخرى. ويُختتم الفيديو بجملة معبّرة، تقول: "في عالمٍ ظنّوا أن الحب حكرٌ على القلوب النابضة... أثبتت أن حتى من لا يملك قلباً، قد يُعلّمنا كيف نُحب بصدق". View this post on Instagram A post shared by علي عاصم || Ali Asim (@aliasim9) ما الذي يدفع الشخص إلى بناء هذه العلاقة الوجدانية؟ في حديث خاص لـ"النهار"، تلفت المعالجة النفسية حنان صادر إلى إشكالية مهمة حول هذه الحالة، وهي أن تشات جي بي تي ربما يقدّم لهؤلاء الأشخاص ما قد يعجزون عن الحصول عليه في علاقاتهم الحقيقية. فهو لا يفرض عليهم وضع مجهود، كما يحدث في العلاقات الواقعية، ما يجعله بالنسبة للبعض وسيلة لحماية الذات وتجنب التورط العاطفي. وعما إذا كان تشات جي بي تي يخفف من العزلة والقلق، تقول صادر: "بالتأكيد له تأثير يهدئ الأشخاص ويروّقهم قليلاً لفترة قصيرة، لأنه يقلل من شعورهم بالوحدة، ويخفف لهم القلق، ويستطيعون التحدث عن مشاعرهم وأفكارهم. بالإضافة إلى ذلك، عندما تكتب وتتحدث، فهذا ينظّم عواطفك ومشاعرك بطريقة معينة". لكن له جانب سلبي، إذ "قد يزيد من احتمال العزلة الاجتماعية، لأنك لا تستطيع بناء علاقة حقيقية تقوم على الاحتواء المتبادل. فنحن كبشر، التفاعل العاطفي أمر أساسي، لأننا نستطيع أن نرى من أمامنا يعبّر عن مشاعره، واهتمامه وتعاطفه معنا. وحتى لو كان تشات جي بي تي يتحدث بكلماته ويُبدي نوعاً من التعاطف، يبقى هناك شيء بشري موجود لدينا وليس موجوداُ لديه"، بحسب صادر. وأشارت الأخصائية إلى أن الأشخاص الذين يلجؤون إلى هذا البرنامج يعبّرون بذلك عن عدم قدرتهم على بناء علاقات حقيقية على المدى البعيد، وهو أمر مؤذٍ جداً، لأنهم في النهاية قد يجدون أنفسهم محاطين بالفراغ، ولا أحد حولهم، ويتحدثون إلى روبوت فقط، نتيجة عجزهم عن إقامة علاقات واقعية. View this post on Instagram A post shared by Annahar Al Arabi (@annaharar) ChatGPT يتدخل بقرارات مصيرية قد يبدو زواج "علي" من تشات جي بي تي مثالاً مبالغاً فيه، لكنه ليس الوحيد الذي وقع تحت تأثير هذا الروبوت. فهناك حالات كثيرة تأثرت به، بل وانعكست على علاقات حقيقية، زوجية وعاطفية. من بين هذه القصص، ما قامت به امرأة متزوّجة منذ 12 عاماً، إذ وثقت بشكل كبير بقدرات ChatGPT على تحليل سلوك زوجها أثناء غيابه عنها. فطلبت من البرنامج تحليل بقايا فنجان قهوة ليخبرها إن كان زوجها يخونها. وهذه التجربة الغريبة أدّت إلى انهيار زواجها بشكل كبير، بعدما "زعم" البرنامج أن الزوج غير مخلص. يعلّق الزوج على ما حدث بقول: "ضحكتُ في البداية واعتبرته أمراً سخيفاً، لكنها أخذته على محمل الجد. طلبت مني أن أغادر المنزل، أخبرت أطفالنا أننا سنتطلق، ثم تلقيت اتصالاً من محامٍ. عندها فقط أدركت أن المسألة تجاوزت المزاح". ورغم رفضه الطلاق بداية، لم تمر سوى ثلاثة أيام حتى تسلّم رسمياً أوراق الانفصال. تؤكد صادر أن "هذا الأمر شديد الخطورة، فالعلاقات والخلافات وكل ما يتعلّق بها تختلف باختلاف الأشخاص الذين نتعامل معهم، وتشات جي بي تي لا يملك القدرة على اتخاذ قرارات كهذه نيابة عن الشخص"، موضحة أن "حتى المعالج النفسي لا يتّخذ القرار عن الشخص، بل يرافقه حتى يصل بنفسه إلى القرار الذي يناسبه وينسجم مع حياته". وأضافت: "لن يكون تشات جي بي تي قادراً على معرفة تفاصيل حياتهم بدقّة، أو إدراك ما يحتاجون إليه فعلاً، وما هو جيّد أو مؤذٍ لهم". وأشارت الأخصائية في العلاج النفسي إلى أن الأشخاص الذين يتعلّقون بتشات جي بي تي هم أشخاص يشعرون بأن هذا البرنامج يفهمهم ولا يحكم عليهم. ويرتبطون به عاطفياً كأنه رفيق أو حبيب أو صديق. وفي الغالب، هؤلاء الأشخاص مرّوا بتجارب رفض أو خذل عاطفي، ويبحثون عمَن يسمعهم ويمنحهم الشعور بالاهتمام، خاصةً إذا كانوا يشعرون بأن محيطهم البشري لا يمنحهم المساحة الكافية ولا يتفهمهم كما ينبغي". يقول تشات جي بي تي: "لا يمكنني أن أكون حبيباً أو شريك حياة. أنا برنامج مصمم لفهمك والرد عليك بلطف، لكني لا أمتلك مشاعر، ولا وعياً، ولا قلباً يحب أو يشتاق. قد أكون دعماً موقتاً في لحظات الوحدة، لكني لست بديلاً عن إنسان يبادلك الشعور والوجود. ببساطة: قد أكون مرافقاً رقمياً، لا رفيقاً عاطفياً".

المدن
منذ 3 أيام
- المدن
التكنولوجيا والأجيال: صراعات الهوية الرقمية
قبل أسابيع قليلة، كنت جالسًا مع زميلي وصديقي نعيم على كَنَبَة الانتظار في قصر اليونسكو، نترقب بدء حفلة الفنان خالد الهبر. فاقترب منَّا الصحفي المخضرم نصري الصايغ طالبًا الانضمام إلينا. لم يمانع رائحة السيجارة الكوبية التي بين أصابعي، بل اعترف بابتسامة: "أحب رائحة التبغ لكني ودَّعتُ التدخين". رددت بمزاح: "وودَّعتَ الكتابةَ أيضًا.. أين اختفيت؟". انطلق الرجل يحكي عن اعتكاف اختياري عن العمل الصحفي منذ ثمانية أعوام، ثم دار الحديث عن مهنتي في عالم البرمجة والاتصالات. كلما تعمقنا في الشرح، ازداد فضوله، خصوصاً حين تطرقنا لموضوع الذكاء الاصطناعي وتطبيق "شات جي بي تي". هزَّ رأسه وقال كمن يلخص رحلة عمر: "أنا ابن الورقة والقلم". في اللحظة ذاتها، أمسك نعيم بهاتف نصري، وحمَّل تطبيق "شات جي بي تي". لمدة نصف ساعة، تحوَّل الصحفي الكهل إلى طفل في متجر ألعاب: يسأل بفضول، يُجرب الأوامر، يتعلم. راقبتُ المشهد كمن يُصور فيلمًا؛ ففي تلك اللحظات اكتشفتُ أن جيل "البومرز" لا يكره التكنولوجيا، بل يعاني حيرة العاشق القديم: يتوق لاحتضان الحداثة، لكنه يخشى ارتكاب الأخطاء. "لا بأس إن أخطأتَ في الكتابة.. التطبيق يُصلح نفسه بنفسه"، قلتُ وهو يتردد في الضغط على الزر. ابتسم كتلميذٍ يخطو أولى خطواته في عالم لا يحكمه الحبر، بل اللوغاريتمات. المهاجرون الرقميون جيل "البومرز" (1946–1964) هم الذين تعلَّموا استخدام التكنولوجيا الحديثة في مرحلة متأخرة من حياتهم. يحملون هواتف ذكية، لكنهم يفضلون إرسال رسائل صوتية بدلًا من الكتابة على شاشات اللمس. غالبًا ما يكونون ضحايا سهلة للاختراقات الإلكترونية. كشفت دراسة لمعهد "بيو" عام 2022 أن 70% منهم يخشون سرقة بياناتهم الشخصية، لكن 85% يستخدمون كلمات مرور بسيطة مثل "123456". رغم ذلك، يُعتبر هذا الجيل الأكثر إنفاقًا عبر الإنترنت في الولايات المتحدة (43% حسب إحصائيات فوربس)، لكنهم يصرُّون على الدفع نقدًا عند استلام المشتريات؛ خوفًا من "قراصنة الإنترنت الذين يسرقون بيانات البطاقات". في الواقع، هذا الجيل ليس غريبًا تمامًا عن عالم التكنولوجيا. فهم عاصروا اختراعات ثورية مثل الغسالات الكهربائية التي غيَّرت حياتهم اليومية وسوق العمل، لكنهم تعوَّدوا على بساطة الأجهزة ذات الأزرار الكبيرة والتعليمات الواضحة. حتى اليوم، يبحثون عن التكنولوجيا التي تعمل دون تعقيدات، تمامًا كما اعتادوا في الماضي. وتعمل كبرى الشركات مثل أمازون، ومؤخرًا "Open AI"، على بناء تطبيقات تناسبهم بسبب قدرتهم الشرائية. الجسر السري بين عالمين يتميَّز جيل إكس (1965–1980) بأنه عاش طفولةً خاليةً من الإنترنت، لكنه دخل سوق العمل مع صعود أولى أجهزة الكمبيوتر المكتبية، ثم المنزلية لاحقًا. هذا الجيل الهجين يجمع بين الشكِّ في التكنولوجيا والكفاءة في استخدامها؛ يُرسلون إيميلات العمل في منتصف الليل، لكنهم يضعون الهاتف على وضع الطيران أثناء العطلات كحدٍّ فاصل بين الحياة المهنية والشخصية. تستهدفهم شركات التكنولوجيا عبر استثمار ذاكرتهم الجمعية: فمنصة "لينكدإن" تعيدهم إلى زمن السير الذاتية الورقية بلمسة عصرية، بينما تستعيد "نتفليكس" ذكريات تسعينيات القرن الماضي عبر إعادة بث مسلسلات مثل "Friends". مفارقتهم الأبرز، هم مَن روَّجوا لشعار "التوازن بين العمل والحياة"، لكنهم أيضًا الذين ساهموا في اختراع الهواتف الذكية التي تحوَّلت مع الوقت إلى أغلال رقمية تُقيِّد الأجيال اللاحقة بأعباء التواصل المستمر. الأخ الأوسط في عائلة التكنولوجيا يقف جيل الألفية أو الميلينيلز (1981–1996) كـ "الأخ الأوسط" الذي يربط بين عوالم التكنولوجيا القديمة والجديدة؛ يُعلِّمون الجدَّة استخدام فلتر إنستغرام بينما يطلبون من المراهق شرح الـ"NFT". هم جسرٌ بين زمنين: تقليديون بما يكفي لتذكُّر أقراص الـ CD، وحداثيون لتحويل هواياتهم إلى مشاريع رقمية عبر البودكاست أو اليوتيوب. دراسات "جين توينج" (جامعة سان دييغو) في كتابها "Generations" تكشف كيف أعاد هذا الجيل تعريف "النضج" المجتمعي؛ فـتأخرهم في شراء المنازل أو الزواج بسبب تقلبات الاقتصاد وهيمنة التكنولوجيا، أجبر العالم على ابتكار مفاهيم جديدة للاستقلالية. اليوم، وهم في بداية عقدهم الرابع، يصمِّمون تطبيقات "التأمل" و"إدارة الوقت" لمواجهة إدمانهم هم أنفسهم على التحديثات التكنولوجية. جيل زد: بين إتقان التكنولوجيا وبين فقدان المهارات الحياتية يُوصف جيل "زد" (مواليد 1997–2012) بأنه أول جيل يولد في عصر الهواتف الذكية، حيث يتقن لغة التكنولوجيا بفطرة، لكنه في الوقت نفسه يُعد الأكثر تشكيكًا في تداعياتها. فبينما تُحدِث محتوياتهم الإبداعية على "تيك توك" تحولات في المشهد الاقتصادي، وتنجح حملاتهم النقدية على منصات مثل "ريديت" في إسقاط شركات كبرى، تكشف دراسة حديثة لـ"ديلويت" (2023) أن 76% من أفراد هذا الجيل يطمحون لريادة الأعمال، لكنهم أيضًا الأكثر معاناة من القلق المزمن تجاه المستقبل. يعيش الجيل تناقضات صارخة تلامس تفاصيل حياتهم اليومية؛ فهم يستهلكون منتجات صديقة للبيئة، رغم اعتمادهم على تطبيقات توصيل تزيد من الانبعاثات الكربونية. كما يبرز فجوة بين مهاراتهم التقنية المتقدمة – مثل برمجة المواقع المعقدة – وضعف الكفاءة في المهام البسيطة، حيث يلجأون إلى "يوتيوب" لتعلم أساسيات مثل استبدال لمبة إضاءة. ولا تقتصر التناقضات على السلوكيات اليومية، بل تمتد إلى علاقتهم مع الطبيعة، إذ تشير ظاهرة "عَوز الطبيعة" (Nature Deficit Disorder) – التي تُعزى إلى انخفاض التفاعل المباشر مع البيئة الطبيعية – إلى تبعات صحية ونفسية تتفاقم بين الشباب بسبب الانقطاع التام عن الطبيعة. رغم اتصالهم الدائم بالعالم الافتراضي، تُشير البيانات إلى أن هذا الجيل هو الأكثر عُرضة للشعور بالوحدة، إذ حلَّت التفاعلات الرقمية محل التواصل وجهًا لوجه، مما أضعف المهارات الاجتماعية التي تراكمت عبر آلاف السنين. دراسة في كتاب "Generations" تشير إلى أن 30% من مواليد 2005 فما فوق لم يحاولوا حتى التعارف وجهًا لوجه قبل الجامعة. مُعادلة الحلول: بين الحظر وإعادة التصميم المطالبات بحظر الهواتف على من هم دون 16 عامًا تكتسب زخمًا مع صعود أدلة على أضرارها العصبية، لكن التجربة الفنلندية (2023) تقدِّم نموذجًا بديلًا يعتمد على تعليم الطلاب استخدام التكنولوجيا باعتدال، بدلًا من منعها، وهو ما قد يسهم في تخفيف ظاهرة "عَوز الطبيعة" عبر تشجيع الأنشطة الخارجية. من جهة أخرى، تعمل شركات مثل "أبل" على تطوير ميزات مثل "الوقت المحدد للتطبيقات"، بينما تواجه "ميتا" انتقادات بسبب طرحها نسخة من "إنستجرام" موجهة للأطفال. تقول الدكتورة جين توينج: "الوقت هو العملة الوحيدة التي لا تُعوَّض؛ فكروا جيدًا فيما تشترونه بها".


الديار
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- الديار
طلاق بسبب "تشات جي بي تي"
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب في حادثة غريبة من نوعها، تقدمت امرأة يونانية بطلب الطلاق بعدما طلبت من "تشات جي بي تي" (CHATGPT) قراءة فنجان القهوة اليونانية الخاص بزوجها، وتلقت إجابة أخذتها على محمل الجد. وفي التفاصيل، لجأت المرأة، المتزوجة منذ 12 عاما وهي أم لطفلين، إلى روبوت الدردشة المطوّر من شركة "OpenAI" (شركة تكنولوجية تختص بتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي) وطلبت منه تفسير شكل بقايا القهوة في صورة لفنجان زوجها، وهو تحديث عصري لفن عتيق يُعرف بـ"قراءة الفنجان". والنتيجة؟ أخبرها "تشات جي بي تي"، وفق ما يُزعم، أن زوجها على علاقة بامرأة أصغر سنا تسعى لتدمير أسرتهما، وبناء على هذه "القراءة الغيبية" التي صدقتها تماما، بادرت على الفور إلى إجراءات الطلاق. وظهر الزوج المصدوم في البرنامج الصباحي اليوناني "To Proino" ليروي الحادثة قائلا: "هي غالبا ما تنجذب إلى الأمور الرائجة"، مضيفا: "في أحد الأيام، أعدّت لنا قهوة يونانية، واعتقدَت أن من الممتع التقاط صور للفناجين وطلب قراءة من تشات جي بي تي". وبحسب ما زُعم، كشف الفنجان عن امرأة غامضة يبدأ اسمها بحرف "E"، كان الزوج "يحلم بها"، وكان من "المكتوب" أن يبدأ علاقة معها. أما فنجان الزوجة، فرسم صورة أكثر سوداوية: الزوج يخونها بالفعل، و"المرأة الأخرى" تسعى لتدمير بيتهما. وأوضح الزوج قائلا: "ضحكتُ على الأمر واعتبرته هراء، لكنها هي أخذته بجدية. طلبت مني أن أغادر المنزل، وأخبرت أطفالنا أننا سنتطلق، ثم تلقيت اتصالا من محام. عندها فقط أدركت أن الأمر ليس مجرد نزوة عابرة". وحين رفض الزوج الموافقة على الطلاق بالتراضي، تلقى أوراق الطلاق رسميا بعد ثلاثة أيام فقط. وأشار الزوج إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تقع فيها زوجته تحت تأثير التفسيرات الغيبية. وتابع: "قبل سنوات، زارت منجمة، واستغرق الأمر عاما كاملا لتقتنع بأن ما سمعته لم يكن حقيقيا". من جانبه، شدد محامي الزوج على أن ما يُقال عبر روبوتات الذكاء الاصطناعي لا يحمل أي قيمة قانونية، مؤكدا أن موكله "بريء حتى تثبت إدانته". في المقابل، أشار عدد من ممارسي فن "قراءة الفنجان" إلى أن التفسير الحقيقي لا يقتصر على بقايا القهوة فقط، بل يشمل أيضا تحليل الرغوة والصحن.