
وثائق تكشف إطلاق مسمى «السعودية» في التأسيس الأول والمصادقة في الثالث
أكد باحث سعودي أن الدولة التي انطلقت من الدرعية منذ قرون، وتحديداً في مرحلتها الأولى، حملت مسميات: «السعودية» بألفاظٍ مختلفة، لافتاً إلى أن هذه المسميات تمت المصادقة عليها في عهد الملك عبد العزيز باسم: «المملكة العربية السعودية»، وقدم شواهد ونصوصاً تاريخية بهذا الخصوص تُكشَف لأول مرة، مشدداً على أن المسميات الأخرى للدولة، بخلاف هذا المسمى، لا تستند إلى واقع تاريخي أو جغرافي أو مجتمعي أو إقليمي.
وأوضح الدكتور راشد بن عساكر في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن هناك مفاهيم خاطئة بخصوص إطلاق مسميات غير «السعودية» على الدولة الأولى، والتي وجدت في بعض المصادر الأوروبية والعثمانية والعربية، وهذه يمكن تفنيدها من خلال نصوص متعددة، أقدمها يعود إلى عام 1817، بمسميات: «الدولة السعودية» و«دولة ابن سعود» و«السعوديين».
وتناول الباحث مسارات بعض المؤرخين في كتابة تاريخ الدولة السعودية المرتبط برمزية الأسرة الحاكمة وهوية المجتمع، مؤكداً أن الصراع بين الدرعية وخصومها كان محركه سياسياً، وأن مرتكز الأمن شكل منطلق تأسيس الدولة السعودية الأولى.
وجاء الحوار مع الدكتور بن عساكر وفق ما يلي:
كيف تشكلت الهوية السعودية في وسط الجزيرة العربية انطلاقاً من المفهوم العام للهوية، وما التحول الذي ترتب على ذلك؟
الهوية في مفهومها العام مجموعة خصائص وأنظمة وقيم وسمات تترجم روح الانتماء لدى الأفراد والمجتمع فيتميز بها، وهي مرتبطة ومستقاة من واقع التكوين الاجتماعي والديني والثقافي في المنطقة، لكن كيف تتم صياغتها حسب اللحمة الواحدة والمكان الواحد والمصير؟ وتعد السمة الثقافية من أهم السمات الحضارية المرتبطة بالمجتمع، فهي جوهرتها العتيقة وسلسلتها الفريدة التي تحمل خصوصيتها المتوارثة.
كتاب «الظل الممدود في الوقائع الحاصلة في عهد ملوك آل سعود» للعجيلي من أقدم المؤلفات التاريخية في جنوب السعودية
شكلت الهوية الجمعية في وسط المنطقة تحولاً كبيراً بقيادة المؤسس الأول للدولة السعودية الإمام محمد بن سعود، الذي سعى إلى إعادة الأمن للمجتمع، ثم واصل أبناؤه وأحفاده النجاحات المحققة لذلك، وأدركوا أن الجزيرة العربية لم ينقصها تمسك مجتمعها بالإسلام أو محافظتهم على العادات الاجتماعية، بل ينقصها الأمن والأمان، وهذا ما تثبته الوثائق التاريخية المتجردة.
في بلدان العارض يفتخر أهل كل بلدة منهم برمزية جغرافية، فأصبحت مفاخرهم ونخواتهم تطلق على بلدانهم مثل: «أهل العوجا» لأهل الدرعية، بسبب اعوجاج وادي حنيفة في الدرعية، والمطل على حي الطريف، ونجد أهل الرياض قديماً نخوتهم بأنهم أهل الظيرين تشبيهاً لجبلين متقابلين يقعان في الجهة الشرقية من أسوارها فوق أعلى قمة تحيط بالمدينة وبجوار موضع المرقب، ونجد أن أهل العيينة يفتخرون بأهل «برقة» لوجود جبل مرتفع عند مدخل البلدة، وبالمثل نجد بلدة منفوحة نخوتهم «أهل الخضيراء» نسبة إلى ما تنتجه أرضهم من أحد أنواع النخيل، وتمرها من النوع الخضري.
بينما نجد أهل بلدة المصانع بأنهم أهل «الجُريف»؛ لوقوع متحدر جرفي بجوار أسوارها الشرقية على موضع الباطن والمتفرع من وادي حنيفة، وهكذا كثير من البلدات. هذه النخوات تثير الحماس وتتفاعل بوجود سلطة سياسية، والتي تحققت، وبوجود دولة مرتبطة بحياة الناس وأمنهم، ترأسها أسرة آل سعود، ثم بدأت هذه الدولة تنمو وتتشكل في منظور الفرد والأسرة والمجتمع، مع ارتباط وجداني بين البلدان والسكان، وتم التعبير عنها من قِبل بعض الكتّاب والمؤرخين بأسلوب يوضح مفهوم هذه الهوية؛ فبعض الكتابات المحلية الأولى أطلقت عليه تعابير مختلفة مثل المسلمين أو الموحدين، ويعنون بذلك اجتماع البلد الواحد تحت قيادة واحدة، وقد يعبر عنها عند بعض السكان بلفظ: الطاعة وسلامة الحاكم والإمام.
مشجرة للأسرة السعودية أُعدت في أواخر الدولة السعودية الأولى
ولعل أقدم من دوّن عن الدولة السعودية الأولى، وبتوسع، هو بوركهارت 1817، فنص في إشاراته العامة لابن سعود أنه من عائلة ابن سعود، المؤسس السياسي للدولة السعودية الأولى. أو قولهم (رعايا ابن سعود)، كما وردت في بعض الكتابات المحلية تدوينات بلفظ: (السعوديين) كانتماء الفرد لمسمى دولته تحت قيادة واحدة، وبدأ يسري ذلك في النطاق المحلي والإقليمي حتى وُجدت بعض الكتابات تسمي (السعوديون) أو (السعودية)، وكل هذا في الدولة السعودية الأولى والثانية، وقبل أن يتممها الملك عبد العزيز في الدولة الثالثة بالتسمية العامة (المملكة العربية السعودية) عام 1932.
ما مسارات بعض المؤرخين المحليين في كتابة تاريخ الدولة المرتبط برمزية الأسرة السعودية وهوية المجتمع؟
سار بعض المؤرخين مثل حسين بن غنام (ت 1811م) في تدوينه لعنوان كتابه أو نصوصه دون الإشارة للفظ التسمية آل سعود، بل اقتصر على أن يكون بعنوان «روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام»، وبالمثل المؤرخ عثمان بن بشر (ت 1871م) الذي حرص على أن يكون عنوان كتابه «عنوان المجد في تاريخ نجد»، بأن أدخل اسم الإقليم، وكلاهما أورد تعبيرات عدة برمزية قائد الدولة، واستخدام المسمى الديني والمعبر عنه بـ«الإمام».
مخطوطة تاريخية بقلم المؤرخ ابن لعبون في وسط السعودية وكتبت أواخر الدولة السعودية الأولى وتشير إلى لفظ «الدولة السعودية الحنفية»
أما إبراهيم بن صالح بن عيسى (ت 1924م) فقد ألّف كتابين مهمين، وهما: «تاريخ بعض الحوادث في نجد»، و«عقد الدرر فيما وقع في نجد في آخر القرن الثالث عشر»، جعل اختيار عنوان الكتابين خاصاً بما وقع في جغرافية المكان، وهي بلاد نجد، وهو يشير في نصوصه إلى لفظ «الإمام» بوصفه رمزية للأسرة السعودية الحاكمة، مثل سابقيه ابن غنام وابن بشر، وغيرهما.
أما عند بعض علماء إقليم عسير فقد فضلوا الإشارة في عناوين كتبهم ومؤلفاتهم إلى ارتباط مسمى الدولة بوقائع الأسرة الحاكمة السعودية؛ كونهم من رعاياهم، بالإضافة إلى وصفهم بالملوك كما في الكتاب المعنون بــ«الظل الممدود في الوقائع الحاصلة في عهد ملوك آل سعود الأولين» للشيخ محمد بن هادي بن بكري العجلي المتوفَّى عام 1220هـ/1805م، وهو مماثل للفظ «الشيوخ» السائد في المجتمع النجدي لأمير البلد.
ما الإشارات التاريخية الموثقة التي تؤكد إطلاق مسمى «السعودية» على الدولة الأولى؟
من الألفاظ المذكورة، الإشارة إلى لفظ «الدولة» الذي يعني أنها مجموعة من الأفراد يمارسون نشاطهم على إقليم جغرافي محدد ويخضعون لنظام سياسي معين متفق عليه فيما بينهم بتولي شؤون الدولة، واستخدم هذا اللفظ بعض المؤرخين ومنهم المؤرخ عثمان بن بشر، ومما قاله أن يكون الجزء الثاني من كتابة عنوان المجد لتتبع أخبار الأمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود، ثم ابنه الإمام فيصل، ومشيراً إلى لفظ الدولة بقوله: «... تلك السنة، ناسب أن نجعل مبتدأ هذا الجزء من الكتاب على أول دولته وولايته»... (عنوان المجد: 2/24)، كما نجد في بعض المخطوطات التي لم تنشر، استخدام لفظ الدولة؛ مما يعنى انتشاره على نطاق أوسع، ومن أمثلة ذلك ما خطه أحد النّساخ في منطقة نجد سعد بن نبهان في عام 1276هـ / 1860م)، وإشارته إلى انتقال ملكية المخطوط إلى الإمام عبد الله بن فيصل (أحد أئمة الدولة السعودية الثانية)، واستخدام لفظ الدولة المقرونة بالأسرة السعودية بقوله: «في مُلك الفقير إلى الله عبده عبد الله بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود أيّد الله دولتهم وأدام عزهم وغفر لهم ورحمهم. آمين والحمد لله رب العالمين»، (مخطوط من كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي، وعليه تملُّك للإمام عبد الله بن فيصل، احتفظ به).
ومن الألفاظ المتداولة والمبكرة التي وجدتها تُطلق على المستوى المحلي والإقليمي في الكتابات المحلية، لفظ «السعودية»، حيث جاء في بعض المصنفات التاريخية الأولى إطلاق اسم «الدولة السعودية» ثم أُتبع الاسم بـ«الحنيفة»، وهذا ما دوّنه المؤرخ العلامة حمد بن لعبون المتوفى عام 1842، ويعد من أبرز المؤرخين في الدولة السعودية الأولى والثانية، وقد عنى هذا اللفظ لدى ابن لعبون بنسبته إلى كيان دولة حديثة، ثم لأسرة حاكمة، ثم إلى قبيلة بني حنيفة، فإطلاق ثلاث كلمات لمسمى الدولة هو إطلاق مبكر، وذو مدلول حضاري؛ فالأول يعني أن المجتمع السعودي هو داخل الدولة، والثاني هويتهم ورمزيتهم بوجود الأسرة المالكة السعودية على رأس هذا الهرم، والثالث انتسابهم إلى قبيلة بني حنيفة التي حكمت وسط المنطقة في أزمنة مختلفة مثل سابقتيها الدولة الأموية والدولة العباسية، حتى إن مقدمة كتابه دوّنها بعد أن طلب منه أحد الأشخاص كتابة تاريخ للمنطقة فقال: «... أن أجمع له نبذة من التاريخ تُطلعه على ما حدث بعد الألف من الهجرة من الولايات والوقائع المشهورة من الحروب والملاحم والجدوب وملوك الأوطان، خصوصاً في الدولة السعودية الحنيفة»... وذكر أحد علماء نجد وهو الشيخ أحمد بن عيسى والمتوفى في عام 1329هـ / 1911م) بعض الأحداث التاريخية ضمن أوراقه المدونة عام 1302هــ/1885م بقوله: «إن مُلك هذه البلاد النجدية منذ القدم بيد بني حنيفة وزعمائها هوذة الحنفي، وثمامة الحنفي، وأن من سلالتهم الأسرة السعودية، التي أخلص لها الناس والشعب والرعايا». ويقول ابن عيسى: (ولديكم بحمد الله، رعايا مطيعة، وبلدان عزيزة منيعة، ولكن كيف يدعى لبناء القصور من هو من الموتى وسكان القبور؟ متى صار ملك البلاد النجدية في غير هذا الوادي؟ وهل انتقل أمرها ونهيها إلى غير هذا الوادي؟ ألم تعلموا مقر هوذة بن علي، وثمامة بن أثال، ومن بعدهم وقبلهم من فحول الرجال؟ ألم تسمعوا قوله:
اشرب هنيئاً عليك الكأس مرتفعاً بشاء ومهر ودع غمدان لليمن
فأنت أولى بتاج الملك تلبسه من هوذة بن علي وابن ذي يزن
ثم قوله:
وفى آية في الفتح قد جاء ذكركم وقد حرر التفسير فيها أكابر
وفتيان صدق من رجال حنيفة بأيـــــديهم سمر الـــــقنا والبواتر
نخلص إلى القول: إن ظهور مسمى الدولة بـ«السعودية» بدأت بواكيره ربما في النصف الثاني من الدولة السعودية الأولى، خلال عهد الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود 1803م - 1814م.
ماذا عن الألفاظ والمصطلحات والمسميات بخصوص الانتساب للبلدان في غياب الدولة المركزية في الجزيرة العربية؟
كانت النظرة البلدانية أو المناطقية مصدر اعتزاز للمؤلفين وأصحاب التراجم في كتاباتهم المختلفة، كأن يطلق لفظ: النجدي أو الحجازي أو التهامي أو العسيري أو الأحسائي... إلخ، بخلاف الفخر بالبلدة الأم، ثم الإقليم العام؛ كالقول: الأشيقري النجدي... إلخ. ولهذا جاءت التسميات في غالبها وفق الإقليم، نتيجة عدم وجود دولة مركزية واحدة، وخلوها لمكون تستظل عليه لاستمرار الحياة لافتقاد الناحية الأمنية، وبالمثل تستظل كل قبيلة وزعيمها من داخل كيانها أو بمن حالفهم، بسبب انعدام الأمن وانتشار السلب والنهب، ولهذا زادت الأحلاف وقويت بينهم الصلة لسد جانب الخوف، وبالتالي فإنه في ظل وجود الدولة القوية تنصهر كل المكونات المجتمعية داخلها، وتظهر نتائجها الإيجابية بمرور السنوات والأعوام، وهذا ما حدث بالنسبة للبلاد السعودية.
مخطوطة تاريخية كتبت أواخر الدولة السعودية الأولى بربط المجتمع مع قادتهم بالقول (على أيدي الطائفة السعودية)
وفي الجانب الآخر، وجدت تسمية في بعض المشيخات الإقليمية التي لها نفوذ على مناطق أخرى بألقاب مختلفة مثل زعماء إقليم الأحساء ونفوذهم على نجد في بعض الفترات التاريخية.
فبعض المصادر التاريخية تشير لهم بالرمزية الشخصية كلفظ: الشيخ أو السلطان أو الأمير، وهذا اللقب الرمزي يعني النفوذ، فمثلاً ترجم السمهودي لأحد أمراء الأجوديين بأنه: «صاحب البحرين وعمان والحسا والقطيف وما إلى تلك البلاد من العراق»، أو كقوله: «وأخبرني بذلك رئيس أهل نجد ورأسها سلطان البحرين والقطيف»، وهذا تعبير عن النفوذ والقوة، ولكن من النادر وجود كتابات تاريخية تسمي أفراد المجتمع باسم قادتهم من عائلة حاكمة في زمانهم، فلم يذكر أن مجتمعاً كان يطلق عليه مسمى يعود إلى سلاطينهم وأمرائهم، عكس ما أثبتناه هنا بالاستثناء، وهو لفظ «السعوديين»، وقد نجد في بعض الكتابات البرتغالية إشارتهم في بعض رسائلهم إلى أمراء الأحساء بقولهم: «ملك الأحساء»، كما في رسالة مؤرخة في سنة 1544.
مخطوطة لأحد العلماء يصف دولة آل سعود بالقول (أيّد الله دولتهم وأدام عزهم)
إن هذا الإطلاق هنا جاء على الصفة الشخصية للحاكم، وليس على المجتمع، أو إطلاق لفظ سلطته خلال إمارته الزمنية، لا على المجتمع كافة، وقد يحدث الخلط بعد مضيّ قرون، ثم تطلق للدلالة التاريخية المجردة على زمن إمارة أي أسرة. على أن بعض العلماء والفقهاء الكبار في نجد منذ القرن العاشر الهجري كالشيخ أحمد بن عطوة، ذكر من خلال بعض مسائله إشارات لهذه الألقاب السياسية ذات النفوذ والإمارة، فقال: «سألت شيخنا عن شيوخ بلدنا بعد أن عرّفته حالهم، فأجاب: حكمهم كغيرهم من السلاطين في سائر الأوطان»، فهنا عبر ابن عطوة بلفظ السلاطين أو الشيوخ، على أنه من الألقاب المعبرة والمشتقة من القوة والسلطة؛ كونه على رأس بلدة تمثل له دولة في الزمن الفائت، بالتالي فإن الرمزية المجمع عليها كانت الولاء للأسرة السعودية، ولعل من أهم أسباب القبول من المجتمع للأسرة السعودية هو تحكيم العدل، وتطبيق الأمن بكل وسيلة، ولا تراخي في ذلك مع كائن من كان، ولا محاباة لمصلحة فردية على مصالح جماعية.
شكّل مرسوم التأسيس في عهد المؤسس الثالث الملك عبد العزيز بتسمية البلاد باسم «المملكة العربية السعودية» عام 1932 مرحلة ـ مهمة في التاريخ السعودي، كيف يمكن قراءة ذلك بوصفك معتنياً ومهتماً بالتاريخ وإشكالياته؟
إن بناء الفكرة على ضوء مقتضيات الحاضر وآمال المستقبل تلزم فهم الروابط التي توقظ الأفراد والشعوب لإدراك ماضيهم وتأثرهم به، فالحاجة للوعي التاريخي من المتطلبات العامة عند الأمم، فهي تتضمن فهم الماضي والتطلع في استكشافه واستجلاء المعاني الموصلة لفهمه وإدراكه في الواقع الحاضر، والمراحل المقبلة لتاريخنا السعودي تتطلب من مؤرخينا الفهم الصحيح واستشعار المسؤولية، وتلمُّس الأسئلة المهمة التي تثيرها علاقتنا بماضينا، ولتاريخ الدولة السعودية بكافة مراحلها، ولا سيما المرحلة الأولى منها، ولا شك أن المجتمع السعودي الذي يعيش الحياة الحاضرة لا يمكنه أن يشيح بوجهه عن الماضي، ولهذا فإن المعالجة الصحيحة للقضايا التاريخية يجب أن تستند إلى معرفة تاريخية شاملة المدى، بعيدة الغور، وما هي عناصر القوة والجذور التي ارتبطت بها حتى الوصول إلى مرحلتها الحاضرة. وفي ظني أنه خلال العقود المقبلة ستتشكل آفاقاً جديدة لقراءة التاريخ السعودي مع فهم سرديته، وفتح أبواب جديدة فيه، مع تسليط الضوء على حقبه التاريخية المجهولة، وإعمال النقد التاريخي عليه، وسيؤتي ثماره بهمة الباحثين، في ظل الدعم من القيادة المعتنية بشؤون التاريخ.
وفي عهد الملك عبد العزيز لم يكن غائباً عنهم هذا المسمى؛ لوجود ما يؤيده من الشواهد التاريخية المحلية التي حملتها الوثائق أو المخطوطات، وربما أن أدبيات هذا الاسم كان متعارفاً عليها عند بعض المهتمين من أفراد المجتمع وأعيانهم وأدبائهم، إلا أن التأكيد تم بعد المصادقة عليه رسمياً في عام 1932.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أرقام
منذ 7 ساعات
- أرقام
تبعات زيارة ترمب
الواضح ان زيارة الرئيس الامريكي بصحبة عدد كبير من اهم رجال المال و الاعمال عنوان لاهمية العلاقة الاقتصادية بين البلدين و نجاح مؤثر لسياسة ولي العهد التنموية. محاولات و نجاحات المملكة في التنمية لم تبدأ هذا الاسبوع و لكن زيارة ترمب و كلمته في مؤتمر الاستثمار لافته من عدة جوانب. كالكثير من المشاهدين للكلمة فرحت كثيرا لان التنمية تحتاج ركائز جيوسياسية و مداخل للاستثمار و المعرفة، و هذه تتوفر بعلاقة متينه مع امريكا ممثلة بالتوقيع على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية، كما ان نجاح المملكة في مساعدة سوريا اظافة عملية للسلم الاقليمي و التنمية الواسعه. و لكن كاي موضوع مهم لابد من التروي و محاولة قراءة التبعات و المخاطر، و فرز العلاقات العامة من الجوهريات كما أراها بعيدا عن الانفعالات الأولية كالفرح و التمنيات بالنجاح المتوقعه. لا اريد إفساد الحفلة كما يقال و لكن اهمية الموضوع تستوجب التروي و حتى الحذر. في هذا الشأن ارى ثلاث جوانب مترابطة في زاوية التروي. الأولى، كتب الكثير من الامريكان و غيرهم في وصف ترمب بانه متقلب و بانه يعشق الصفقات التجارية، بل انه وصف نفسه بانه الشخص الوحيد القادر على اكمال الصفقات. عمليا يوظف عدم القدرة على التنبؤ بتحراكاته و كلماته ليجعل الخصوم و غيرهم في حالة من عدم التوازن و يعطي نفسه مساحه اكثر للتفاوض. الجانب الاخر انه بقدر ترديدنا ان امريكا بلد مؤسسات الا ان الفرد يصنع الفرق، و كما رأينا من عدة رؤساء مدى الاختلاف و الانحياز المفهوم و غير المفهوم احيانا. في نفس الجانب هناك تطابق مصلحي في العادة التجارية ، من منظار ترمب كممارسة خاصة فيه بين الرؤساء الامريكان و بين العادة العربية في الادارة التي تاخذ من المتجارة طابع لادارة اغلب الامور. الوجه الاخر للنزعة التجارية المنظار المالي للاقتصاد على حساب الاقتصادي للمال. هذا التطابق تجاري بطبعه و ينفع الكل وقتيا و لكنه تعبير للتكيف و ليس سياسة عامه لتحديات التنمية التي في جوهرها عمل مضني ياخذ من الاهتمام بعوامل الانتاج الوطنية فقط بوصلة للاعمال الاقتصادية. اجد التكيف مهم، بل قيل ان التكيف احد علامات الذكاء و اشكالية التكيف انه تعبير لممارسات قصيرة الاجل بينما التطوير العميق بعيد المدى. محاولة تعظيم المصلحة من العلاقات الدولية ضرورة نظريا و عمليا و لكن يجب أن لا تكون المحور الاساس في رفع الانتاجية. فرز هذه الاختلافات و التطابقات مزعج للبيروقراطي و احيانا في تضارب مع منفعته الحدية، و لكنه ضرورة لصانع السياسة. الثانية، وصول الرئيس الامريكي للحكم مختلف عن التجربة الغربية عامة حيث الاحزاب اكثر انضباط و تصفي النخبة بينما امريكا تسمح بفضاء شعبي يقلل من اهمية ماكنة الحزب و بالتالي هناك دائما مفجاءات و شخصيات تختلف عن بعض بوضوح و بالتالي هناك فرص لتغير مؤثر قد يخدمك او لا يخدمك. في الاخير امريكا دولة مؤسسات في قلبها مؤسسة الاعمال و خيارتها و مصالحها. البعد الجيوسياسي ينادي بتعظيم المصلحة من اي رئيس تجد فيه التوافق و التقارب، بينما المصلحة الاقتصادية و الفنية تنادي للترابط مع الشركات و المؤسسات العلمية و التعليمية. لذلك ليس هناك تناقض و لكن الاختلاف في مدى التركيز و الدقة في السياسات. الدعوة ليست لانفتاح او انغلاق و لكن قياس و ترشيد العلاقة بما يخدم عوامل الانتاج. لابد من منظم للعملية لكي لا تتحول لمصالح خاصة فردية تعوق التكوين الاقتصادي. اهم معيار في هذا الشان مدى الترابط مع سلاسل الامداد التصنيعية. مؤتمر الاستثمار نقل صور من فرص العلاقات بين الشركات في البلدين و لكن لابد لتنفيذ يتبع بسرعة مذكرات التفاهم. الثالثة، الاقتصاد في الاخير علم الخيارات، لذلك لابد من فرز ذكي بين الاولويات و التسلسل من ناحية و تقليل الاهتمام بالتوسع لصالح النمو العضوي من ناحية اخرى. لن يختلف الكثير حول الاولويات و لكن التسلسل اصعب، الاوليات تعبير عن خيار مجتمعي بينما التسلسل عملية منطقية لا تتماشى بسهولة مع النزعة التجارية. الفرز بينهما اثناء عملية التغير يجعلها اكثر صعوبة لان توجيه الموارد المالية و البشرية يصبح اصعب خاصة مع استمرار العجز و تنامي الدين. دون تحديد الاولويات و رسم شجرة التسلسل لا يمكن تعظيم و رفع عوامل الانتاج. فبدون فرز واضح سيكون هناك تضارب منطقي في السياسات و ضياع للطاقات و الموارد. بعد هذا المؤتمر الناجح و التأكيد على مركزية المملكة في الخارطة العالمية و الإقليمية جيوسياسيا، حيث نجحت قيادة سمو ولي العهد بدعم الاستقرار في المنطقة و بالتالي اعاد تاسيس القاعدة السياسية للتنمية. اتوقع من وزارة الاقتصاد ورقة قصيرة لا تتعدى عده صفحات تفرز الاولويات و التسلسل و تعيد التركيز على بوصلة عوامل الانتاج بمراحل عملية و بجدول زمني مقبول. لابد للورقة من فرز اقتصادي بين السلع القابلة للمتاجرة و بين الاوصول الغير قابلة للمتاجرة دوليا بما ما تم مؤخرا في ادارة مرفق الاراضي و الدور البشري الحاسم.


الحدث
منذ 13 ساعات
- الحدث
"الأمن والأمان في المملكة: ثمرة وحدة القائد والشعب"
قبل أن تُشرق شمس الوحدة على هذه البلاد الطيبة، كانت الأرض ترزح تحت وطأة الضعف والشتات. سادت الفوضى، حيث اغتصب القوي حق الضعيف، وامتدت يد الظالم لتسلب ما في أيدي الأقل حيلة. لم يكن الحكم لمن يمتلك، بل لمن يستطيع أن يغلب ويستولي. عاشت القرى والمدن والهجر في قلق دائم، تُغلق أسوارها ليلاً خوفًا من اللصوص وقطاع الطرق. لقد كانت تلك حقبة مزقت النسيج الاجتماعي، وانعدم فيها الأمان. عاشت كل منطقة في عزلة، تحمي نفسها بجهد ذاتي، بينما كانت هذه الأرض الواسعة تنتظر يدًا قوية تجمع أطرافها. سيطرت روح الفرقة، وعمقت الهوة بين أبناء الوطن الواحد، مما جعل البلاد فريسة سهلة لكل طامع. ثم جاءت إرادة الله، وتجسدت في رجل عظيم، الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، طيَّب الله ثراه. كان صاحب رؤية ثاقبة، وقلب يملؤه الإيمان والعزيمة. لم يكن هدفه مجرد فرض السيطرة، بل بناء وطن يقوم على أسس راسخة من العدل والوحدة والإيمان. حمل على عاتقه مسؤولية تحويل حلم الوحدة إلى واقع ملموس، في مهمة بدت مستحيلة. وبهمة لا تعرف الكلل، وعزيمة لا تلين، بدأ الملك المؤسس بجمع شتات هذه البلاد المترامية الأطراف. تحت راية واحدة، راية التوحيد الخالدة "لا إله إلا الله محمدًا رسول الله"، وتحت حكم واحد، تحولت القرى والمدن والهجر إلى جسد واحد، ينبض بقلب رجلٍ واحد. زالت الأسوار التي كانت تُبنى خوفًا، وتلاشت المخاوف، ليحلّ مكانها الأمن والأمان والطمأنينة. لقد أصبح الملك ملكًا للجميع، والراية راية للجميع، والوطن وطنًا لكل أبنائه، موحدًا قويًا كالبنيان المرصوص، شامخًا بفضل الله ، ثم بفضل تلك الوحدة المباركة. لقد وحّد الملك عبد العزيز هذه البلاد تحت راية واحدة، وبحكم رجل واحد، وألّف بين قلوب الناس، فأصبح الجميع سواسية. رأى الناس الفرق الشاسع بين الخوف والأمن، بين الجوع والغنى، بين المرض والصحة. فقرروا أن يكونوا يدًا واحدة خلف هذه القيادة المباركة، لأنها انتشلتهم من وضعهم المأساوي إلى وضع آخر يفوق الوصف، وضعٍ من الرخاء والاستقرار والتقدم. هذا التقارب بين الحاكم والمحكوم ترّسخ حينما رأى المحكوم أن الحاكم يحكم بالعدل وبشريعة الإسلام، ولا فرق لديه بين كبير وصغير. يأخذ الحق للمظلوم من الظالم، مهما كانت قوة الظالم أو قدره أو مكانته، فإنه لن ينجو بفعلته، والشواهد على ذلك كثيرة لا تعد ولا تحصى. لأجل ذلك، كل من سكن هذه المملكة، ومن عاش بأرضها وولد فيها أصلاً ومنشأ، وفيها آباؤه وأجداده الذين تربوا وربوا على هذه النعمة الكبيرة، ذكّروا بالماضي. نحن لا نعرف زمن الجوع أو الخوف، ولكن آباءنا وأجدادنا علمونا وأخبرونا عن القصص التي واجهتهم. إن أهل هذه البلاد الطاهرة لا يمكن أن يخرجوا على ولاة أمرهم، ولا يمكن أن يتنكروا لمن رعى أمنهم وكرامتهم. فهم مع ولاة أمرهم قلبًا وقالبًا، يدهم بيدهم، يريدون لهذه الحياة أن تستمر في أمنها وأمانها واستقرارها، وأن يبقى هذا التجمع القوي بعيدًا عن الفرقة والشتات. ويدل على ذلك أن من يخرج ليتكلم باسم المواطن السعودي، فهو ليس سعوديًا لا أصلاً ولا منشأ. ربما يتحدث بلهجة سعودية، ويضع صورة سعودية، ويلبس لباسًا سعوديًا، لكنه ليس سعوديًا ولا يمت لهذه البلاد بأي صلة. فلا يغرنّكم هذا الكلام، ولا تغتروا بمن يخرج ليتكلم ويريد أن يشق الصف ، ويسعى لهذه البلاد أن تتفرق. فبإذن الله وبحول الله وقوته، لن تتفرق، لأنها يد واحدة، والعقلاء فيها لا حصر لهم. هؤلاء المرجفون ما هم إلا متسودون يغرّدون من خارج الحدود ، أو يتكلمون بعيدًا عن أرض الوطن، لا يستطيعون حتى أن يبينوا أنفسهم ، أو يتحدثوا بصورهم العادية، ليس لأنهم خائفون، بل لأنه ليس لديهم أي قضية سوى محاولة الإرجاف، وهذا لن يتم بإذن الله تعالى بهذه الدولة المباركة، لأن شعب المملكة العربية السعودية يعلم المفسدة من المصلحة، ويعلم أن بقاء هذه الدولة المباركة هو بقاء له ولعائلته ولأسرته ولأمنه وأمانه. المملكة، بحراسة الله، تخدم الحرمين والمسلمين عالميًا، سباقة في نصرة العرب. المرجفون قلة لا يضرون إلا أنفسهم، وكلامهم مردود عليهم. المنصفون يشهدون بعدل وأمن البلاد، أما الحاقدون فلا يريدون لها الخير. اللهم احفظ قادتنا وبلادنا، واجعل كيد الأعداء في نحورهم.


العربية
منذ 15 ساعات
- العربية
الأونروا: خطة إسرائيل المقترحة لمساعدات غزة لن تنجح
مع بدء دخول عدد قليل من شاحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، أكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني أن مخطط الإمداد الإسرائيلي المقترح لن ينجح. وقال في منشور أوردته الأونروا على صفحتها بموقع فيسبوك، اليوم السبت: "ليس من الممكن لمنظمة إنسانية تحترم حقا المبادئ الإنسانية الأساسية أن تلتزم بمثل هذا المخطط". كما رأى أن مثل هذا النموذج لن ينجح، معتبرا أنه "وضع لدعم هدف عسكري أكثر منه قلق إنساني حقيقي". "الأكثر وحشية" وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش شدد أمس الجمعة على أن "الفلسطينيين في غزة يعانون ما قد تكون الفترة الأكثر وحشية في هذا النزاع القاسي"، بينما تم نهب 15 شاحنة مساعدات في القطاع بعد سماح إسرائيل بدخولها. كما أضاف "يتصاعد الهجوم العسكري الإسرائيلي مع مستويات مروعة من الموت والتدمير". وأشار الى أنه من بين نحو 400 شاحنة سمح لها بالدخول إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم، لم يتم جمع إمدادات سوى من 115 شاحنة فقط. وبدأت المساعدات الإنسانية بدخول القطاع الاثنين الماضي للمرة الأولى منذ أكثر من شهرين. مراكز تخضع للجيش فيما تسعى إسرائيل إلى فرض آلية بديلة لتوزيع المساعدات عبر مراكز تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي من شأنه إقصاء فئات واسعة من السكان، لا سيما ذوي الإعاقة وكبار السن، عن تلقي المساعدات الضرورية. ما أثار انتقادات من قبل الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الإغاثية. بينما حذر برنامج الأغذية العالمي، من أن نحو مليوني شخص معرضون لخطر الجوع الشديد والمجاعة في حال عدم اتخاذ إجراءات فورية.