logo
مخيمات تندوف على صفيح ساخن.. تنظيم 'البوليساريو' يدخل مرحلة الانهيار الشامل

مخيمات تندوف على صفيح ساخن.. تنظيم 'البوليساريو' يدخل مرحلة الانهيار الشامل

العيون الآن٢٨-٠٤-٢٠٢٥

العيون الآن.
يوسف بوصولة
تشهد مخيمات تندوف اليوم واحدة من أخطر لحظات الانهيار الشامل لتنظيم 'البوليساريو'، حيث تتجلى ملامح الغرق النهائي للجبهة الانفصالية بشكل غير قابل للتمويه أو الإخفاء. فالأمر لم يعد مجرد هزة أمنية عابرة أو احتقانا ظرفيا، بل هو تحلل تدريجي للبنية التي قامت عليها أطروحة الانفصال التي صاغها تحالف بوخروبة والقذافي في سبعينيات القرن الماضي.
بينما تغرق سفينة 'البوليساريو' تتجه قيادة الرابوني إلى تأمين مصالحها الخاصة عبر استثمارات موزعة بين موريتانيا وإسبانيا ومدن الشمال الجزائري مدركة أن لحظة النهاية تقترب بسرعة، تاركة خلفها آلاف العائلات الصحراوية رهينة مصير بائس. وفي خضم هذا التحول، يجد النظام الجزائري نفسه اليوم أمام معضلة حقيقية: إما أن يتحمل تبعات استمرار المخيمات أو أن يبحث عن صيغة للتخلص منها.
تعكس هذه التطورات حجم التحولات الجذرية التي تعصف بالبنية الاجتماعية والسياسية للتنظيم الانفصالي في وقت يتزايد فيه الإحباط الجماعي داخل صفوف الشباب الصحراوي بالمخيمات. هؤلاء الشباب لم يعودوا يؤمنون بسرديات 'البوليساريو' المتآكلة إذ تتقلص خياراتهم أمام واقع مرير: البقاء رهينة لقيادة فقدت الشرعية والأفق أو محاولة الهروب الفردي، رغم المخاطر من قبضة القهر اليومي والاستهداف المباشر برصاص الجيش الجزائري.
في هذا السياق يبدو تلاشي الانتماء التنظيمي إلى 'البوليساريو' أمرا طبيعيا، حيث ينهار منطق الولاء المصطنع أمام نزعة النجاة الفردية، بينما تتبخر أوهام الهوية الانفصالية التي سعت الجزائر إلى ترسيخها طيلة عقود بالدعاية والعنف.
بالتوازي مع هذا التفكك الاجتماعي يشهد التنظيم تآكلا واضحا في سرديته السياسية والأخلاقية، إذ لم تعد العلاقة التي تربط قيادة الرابوني بسكان المخيمات تبدو سوى غطاء مهترئا لسلطة فاسدة وفاقدة للشرعية. ولم تعد عمليات تهريب الأموال والاستثمارات السرية التي يديرها قادة بارزون في موريتانيا وإسبانيا مجرد حوادث معزولة، بل تحولت إلى نمط بنيوي يحكم سلوك قيادة تدرك جيدا أن مشروعها السياسي يتداعى، وأن زمن المتاجرة بشعارات التحرير قد ولى.
تنعكس هذه الأزمة العميقة أيضا في المستوى المؤسساتي الداخلي للتنظيم. فمرور المؤتمر العاشر لاتحاد العمال الصحراويين مرورا باهتا دون أي صدى، سواء داخل المخيمات أو خارجها، يعكس حالة الشلل الشاملة التي أصابت آلية التعبئة التقليدية للجبهة. ففي السابق كانت مثل هذه المناسبات تستغل لحشد التأييد الإعلامي وتفعيل شبكات الدعم الخارجي، غير أن المشهد اليوم تغير جذريا، إذ لم تعد هناك طاقة ولا قاعدة اجتماعية تستجيب لدعوات التحشيد.
ويفسر امتناع إبراهيم غالي عن استغلال هذا المؤتمر لإطلاق خطابات شعبوية، إدراكا ضمنيا من قيادة الجبهة بأن شرعيتها أصبحت أثرا بعد عين، وأن آلة الدعاية لم تعد قادرة على إخفاء هشاشة البنية الداخلية للتنظيم، أو إيهام الرأي العام الداخلي والخارجي بزخم اجتماعي غير موجود.
إن المشهد الراهن داخل المخيمات يمثل في جوهره تصفية تاريخية لفكرة لم تكن قابلة للحياة منذ نشأتها. فـ'البوليساريو' لا تتهاوى فقط باعتبارها تنظيما سياسيا انفصاليا، بل تنهار معها سردية استثمرت في معاناة آلاف الصحراويين لعقود، وغذتها أوهام الثورة والانفصال المدعومة خارجيا.
مع مرور كل يوم تزداد قناعة الغالبية الساحقة من المحتجزين بأن كسر الطوق المضروب عليهم لن يتحقق عبر التشبث بسفينة تغرق، بل بالانخراط في مشروع وطني جامع، يضمن لهم الكرامة والمواطنة الكاملة، وهو ما يجدونه اليوم في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، التي توفر نموذجا حقيقيا للتنمية والاستقرار والمشاركة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إسطنبول :  في تحول لافت : الأممية الاشتراكية تسقط احتكار 'البوليساريو' للتمثيل الصحراوي وتفتح الباب أمام التعددية
إسطنبول :  في تحول لافت : الأممية الاشتراكية تسقط احتكار 'البوليساريو' للتمثيل الصحراوي وتفتح الباب أمام التعددية

المغربية المستقلة

timeمنذ 5 ساعات

  • المغربية المستقلة

إسطنبول :  في تحول لافت : الأممية الاشتراكية تسقط احتكار 'البوليساريو' للتمثيل الصحراوي وتفتح الباب أمام التعددية

المغربية المستقلة : شهد مؤتمر نساء الأممية الاشتراكية المنعقد بمدينة إسطنبول التركية محطة تاريخية غير مسبوقة في مسار التعاطي الدولي مع قضية الصحراء، حيث تميزت أشغاله بمشاركة متوازنة لكل من جبهة البوليساريو الانفصالية وحركة صحراويون من أجل السلام، دون منح أي منهما صفة 'التمثيل الحصري للشعب الصحراوي' المزعوم، في خطوة اعتبرها المراقبون إسقاطًا فعليًا لادعاء البوليساريو بأنها 'الممثل الوحيد والشرعي'. وقد جلس وفد البوليساريو، ولأول مرة، ضمن الهيئات العادية، بلا رموز 'الجمهورية المزعومة'، إلى جانب وفد حركة صحراويون من أجل السلام، تحت يافطة واحدة تحمل اسم 'Western Sahara' مرفقة باختصارات كلا الطرفين (FP وMSP)، في تأكيد ضمني من المنظمين على أن تمثيل الصحراويين لم يعد حكراً على جهة دون أخرى. الحدث حمل دلالات قوية، خاصة مع الحضور اللافت لنساء من الأقاليم الجنوبية ضمن وفد حركة صحراويون من أجل السلام، ما شكل صدمة وسط ممثلي البوليساريو ومناصريهم، وانعكس في تفاعلات غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي داخل المخيمات. وقد رأى متابعون أن اللحظة تمثل إعلاناً دولياً عن مرحلة جديدة تُكرس مبدأ التعددية وترفض الوصاية السياسية التي فرضتها البوليساريو لعقود. من جهتها، شاركت حركة صحراويون من أجل السلام بوفد نسوي أجرى سلسلة لقاءات مثمرة مع وفود من دول ناميبيا وكوسوفو وتونس، إلى جانب لقاءات مع رئيسة نساء الأممية الاشتراكية السيدة جانيت كميلو، ورئيسة اتحاد الشباب الاشتراكي الدولي السيدة هند مغيث. وقد ساهمت هذه اللقاءات في تعزيز قنوات التواصل والتعاون حول القيم المشتركة كالسلام والديمقراطية والتضامن. وتُعد هذه المشاركة أول ظهور رسمي للحركة في هذا المحفل الأممي منذ انضمامها كعضو كامل في يناير 2025، في خطوة تنسجم مع رؤية الحركة الهادفة إلى إيجاد حلول سلمية عادلة لقضية الصحراء، وتعزيز التعددية السياسية داخل المجتمع الصحراوي. هذا التحول النوعي، الذي يأتي من داخل آخر معاقل الدعم التاريخي للبوليساريو، أي اليسار العالمي، يمثل بداية لتفكيك سردية الانفراد والاحتكار، ويفتح المجال أمام قوى صحراوية بديلة لها امتداد فعلي داخل الأقاليم الجنوبية وفي مخيمات تندوف، للمساهمة في رسم مستقبل يعكس تطلعات كافة الصحراويين بعيدا عن الطروحات الانفصالية الراديكالية.

تصنيف الكونغرس الأمريكي للبوليساريو كتنظيم إرهابي على بعد خطوة بدعم قوي من حزب ترامب
تصنيف الكونغرس الأمريكي للبوليساريو كتنظيم إرهابي على بعد خطوة بدعم قوي من حزب ترامب

زنقة 20

timeمنذ 17 ساعات

  • زنقة 20

تصنيف الكونغرس الأمريكي للبوليساريو كتنظيم إرهابي على بعد خطوة بدعم قوي من حزب ترامب

زنقة 20. الرباط يواصل النائب الجمهوري في الكونغرس الأمريكي، جو ويلسون، جهوده لتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة. وفي تغريدة نشرها مؤخراً، أكد النائب المقرب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جو ويلسون عزمه تقديم مشروع قانون في هذا الاتجاه، مشيراً إلى تعهد سابق للرئيس دونالد ترامب بشأن هذا الملف. وتأتي هذه الخطوة في أعقاب تقرير جديد صادر عن مؤسسة Heritage Foundation يكشف تفاصيل العلاقات التي تربط البوليساريو بكل من إيران وحزب الله والنظام السوري ، وبدعم مباشر من النظام الجزائري. تقرير يكشف تهديد البوليساريو للأمن الإقليمي التقرير الذي أعدّه روبرت غرينواي، مدير مركز 'أليسون' للأمن القومي، وأمين غوليدي، الباحث في معهد 'شيلبي كولوم ديفيس'، خلص إلى أن جبهة البوليساريو تحوّلت إلى وكيل إرهابي على أبواب أوروبا. ونُشر التقرير في موقع The Daily Signal، حيث أبرز استخدام البوليساريو لطائرات بدون طيار إيرانية الصنع، وانتشار عناصره في ممرات صحراوية بالتوازي مع قوافل لوجستية لجماعات مرتبطة بروسيا، إضافة إلى تورطه في جباية الضرائب من طرق التهريب التي تموّل الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل. وأكد التقرير أن القرب الجغرافي لهذه الأنشطة من مضيق جبل طارق يزيد من خطورة التهديد. أدلة متزايدة على ارتباط البوليساريو بالإرهاب هذه ليست المرة الأولى التي يتناول فيها ويلسون هذا الموضوع؛ فقد أعلن في 11 أبريل عن نيته تقديم قانون مماثل، وجدد دعوته يوم 19 أبريل لتصنيف البوليساريو كـ'منظمة إرهابية أجنبية'، معرباً عن ثقته في أن إدارة ترامب ستتولى الأمر بجدية. وتضاف نتائج تقرير Heritage Foundation إلى سلسلة متنامية من الأدلة التي تربط البوليساريو بجهات إرهابية. وكان معهد هدسون قد أشار في وقت سابق إلى دور البوليساريوكـ'وكيل إيراني'. مقاتلون مدربون من إيران يقاتلون في سوريا في السياق نفسه، كشف تقرير حديث لصحيفة واشنطن بوستعن وجود مئات المقاتلين من البوليساريو تلقوا تدريبات إيرانية ويشاركون في القتال إلى جانب النظام السوري. وأشار التقرير إلى أن هؤلاء العناصر باتوا الآن رهن الاعتقال من قبل أجهزة الأمن السورية الجديدة. وتعزز هذه المعطيات التأكيدات التي سبق أن قدمها المغرب حول العلاقة الثلاثية بين إيران وحزب الله والبوليساريو، برعاية وتواطؤ من الجزائر. ضغط أمريكي متزايد ودعم واضح للمغرب الاهتمام المتزايد من قبل مراكز التفكير الأمريكية ذات التأثير السياسي، مثل Heritage وHudson, يضاعف الضغط على إدارة ترامب، التي جددت مؤخراً تأكيد دعمها لسيادة المغرب على الصحراء المغربية، واعتبار مبادرة الحكم الذاتي المغربية أساساً جدياً وواقعياً لحل النزاع.

دعوات أمريكية متجددة لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية
دعوات أمريكية متجددة لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية

يا بلادي

timeمنذ 18 ساعات

  • يا بلادي

دعوات أمريكية متجددة لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية

تتواصل الجهود في الولايات المتحدة، لإقناع إدارة ترامب بإدراج جبهة البوليساريو ضمن قائمة المنظمات الإرهابية. وقد سلط مقال حديث الضوء على معطيات جديدة لدعم هذه الخطوة. وكتب روبرت غرينواي، مدير مركز أليسون للأمن الوطني في مؤسسة هيريتاج، قائلاً: "في عام 1988، أسقطت صواريخ جبهة البوليساريو طائرتين تابعتين للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، مما أدى إلى مقتل خمسة أمريكيين، ولم ترد الولايات المتحدة بفرض عقوبات". منذ حادثة 1988، شهد السياق الاستراتيجي تغيرات كبيرة. ففي نونبر 2020، انسحبت جبهة البوليساريو بشكل أحادي من وقف إطلاق النار لعام 1991 الذي تم التفاوض عليه تحت رعاية الأمم المتحدة في الصحراء الغربية. وأعلن قادتها المنطقة "منطقة حرب"، واستأنفوا إطلاق الصواريخ على طول الجدار الرملي المغربي البالغ طوله 1700 كيلومتر، محذرين من أن القنصليات وشركات الطيران والشركات الأجنبية أصبحت "أهدافًا مشروعة"، وفقا لما أكده مستشار سابق للأمن القومي الأمريكي لأفريقيا والشرق الأوسط. وقد أثار نشر هذا المقال رد فعل قوي من البوليساريو، حيث نددت إحدى وسائل إعلامها، يوم الخميس 22 مايو، بحملة تضليل تشن "ضد جبهة البوليساريو والشعب الصحراوي". وعلى الرغم من مقتل خمسة أمريكيين على يد البوليساريو، فإن عدد الضحايا الإسبان من أعمالها الإرهابية يتجاوز 300 شخص. وكما هو الحال في الولايات المتحدة، تستمر السلطات الإسبانية في تجاهل هذه الصفحة المظلمة في تاريخ البوليساريو.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store