
أحمد الطيبي: ترامب الوحيد القادر على إيقاف الحرب بغزة
قال رئيس الجبهة العربية للتغيير في الكنيست الإسرائيلي، أحمد الطيبي لقناة الجزيرة إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو الوحيد القادر على إنهاء الحرب في غزة، مشيرا إلى أن 70% من الإسرائيليين يؤيدون وقفها.
وتساءل الطيبي فيما إذا كان ترامب سيفعلها خلال الأسابيع القريبة ويستجيب لطلب عائلات الجنود والأسرى الإسرائيليين التي تستغيث به من أجل إيقاف الحرب، بعد أن فقدت ثقتها في رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ، الذي قال إنه لا يريد إنهاء الحرب، لأن ذلك يعني بدء أزمة ائتلافية مع شركائه وانتخابات مبكرة سيخسر فيها.
وأكد الطيبي أن نتنياهو يكذب عندما يزعم أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رفضت الصفقة، مشيرا إلى أن الحركة توافق على صفقة شاملة، الجميع مقابل الجميع، بحيث يتم فيها الإفراج عن الأسرى مع وقف الحرب.
ويرفض نتنياهو -حسب رئيس الحركة العربية للتغيير- إيقاف الحرب على غزة، لأنه يفكر بالبقاء السياسي، فإذا لم يصبح رئيسا للوزراء سينتهي به المطاف في السجن، بالنظر إلى التهم الكبيرة التي توجه له في المحكمة.
وشدد الطيبي على أن نتنياهو قام بتجديد الحرب والإخلال ب اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار من أجل الحفاظ على ائتلافه الحكومي، واعتبر أن "الدم الفلسطيني وقود في الحفاظ على ائتلاف نتنياهو بموافقة البيت الأبيض الذي جعل نتنياهو حاليا يفعل ما يشاء في غزة".
وكان نتنياهو قد زعم في خطاب له أمس السبت أن حماس رفضت مقترحا بالإفراج عن نصف المختطفين الأحياء والقتلى وطالبت بإنهاء الحرب، "ولو قبلنا بشروطها فهذا يعني أنه يمكن هزيمة إسرائيل".
وقال الطيبي إن نتنياهو لن يأبه بعد الآن بالمظاهرات التي يشهدها الداخل الإسرائيلي، فقد وسّع مؤخرا خلال التصويت على الميزانية ائتلافه الحكومي ليصبح 68 عضوا، وأعاد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى الائتلاف وقبلها غدعون ساعر(وزير الخارجية)، كما مرر الميزانية.
ووصف الطيبي ما يحدث في غزة بأنه جرائم حرب يومية، وقال إن بنك أهداف الاحتلال هي الجامعات والمستشفيات والعيادات الطبية والبنى التحتية، والخيام التي يأوي إليها الناس. واستشهد بتصريحات مسؤولة أمنية إسرائيلية قبل أيام لقناة 12 قالت فيها: "لا توجد حرب في غزة، نحن نقصف ونقتل المدنيين والأطفال والنساء".
رهانات نتنياهو
وعن رهانات نتنياهو، قال إن الأخير كان يأمل بأن تسمح له الإدارة الأميركية بقصف إيران لترتفع شعبيته، لكنه لم يأخذ الضوء الأخضر و"عندما استدعي من بودابيست إلى البيت الأبيض، أبلغه ترامب بأن يؤجل الموضوع وأن واشنطن غير موافقة، خاصة أنه طلب إسنادا أميركيا".
كما يراهن رئيس الحكومة الإسرائيلي أيضا على ما سماها الطيبي منظومة قيم العالم الغربي الساقطة، والتي تسمح له بأن يقتل أطفال فلسطين، داعيا إلى رفع الأصوات بأن قيمة الطفل الفلسطيني وحياته ليست أقل من قيمة الأطفال الآخرين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
هل حان وقت ضم إسرائيل للضفة؟ وإلى ماذا تستند في خططها؟
يواصل المستوطنون المدججون بالسلاح اعتداءاتهم الممنهجة في مختلف مناطق الضفة الغربية ، ضمن مخطط واضح لعزل التجمعات السكانية الفلسطينية، ومصادرة مزيد من الأراضي الفلسطينية لصالح التوسع الاستيطاني، كما يقول محللون. ووفق الباحث أول بمركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يحاول "تنفيذ مشروع صهيوني يتبناه يرتكز على قيام دولة إسرائيل على ضفتي الأردن"، مستندا إلى أفكار مرجعه زئيف جابوتنسكي. وأعرب مكي عن قناعته بأنه "حان وقت استيلاء إسرائيل على الضفة"، مشيرا إلى أنها تعد بالنسبة لإسرائيل "قضية لاهوتية توراتية، في حين غزة قضية أمنية وهي البداية فقط". لكن الباحث أول بمركز الجزيرة للدراسات شدد -في حديثه لبرنامج "مسار الأحداث"- على أن العقبات الديمغرافية تبقى التحدي الإسرائيلي الأكبر. ولفت إلى أن مدن جنين و طولكرم و طوباس في شمال الضفة تأتي في طليعة الأهداف الإسرائيلية، إذ تحاول تهجير سكان هذه المناطق إلى الجنوب أو الأردن. وبلغة الأرقام، أظهرت معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أن شهر أبريل/نيسان الماضي شهد نحو 1700 اعتداء على يد جيش الاحتلال والمستوطنين في مختلف مناطق الضفة الغربية. بدوره، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى إن التوسع الاستيطاني تعمق بشكل كبير في ظل الحكومة الحالية، وزادت الحرب على غزة من وتيرته، فضلا عن توقعات اليمين الإسرائيلي باعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بضم الضفة. واستدل مصطفى بأنه تمت المصادقة على 10 آلاف وحدة استيطانية خلال عام 2024، في حين تمت المصادقة على العدد ذاته خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري. ويعتقد المستوطنون أن ثمة فرصة تاريخية لتغيير معالم الضفة جغرافيا وديمغرافيا وسياسيا وقانونيا، وفق مصطفى، الذي وصف وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بالحاكم الفعلي والمدني للضفة. من جانبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق إن ما يجري بالضفة ليس صدفة بل منسق تماما مع حكومة الاحتلال، مشيرا إلى أن ترامب يريد توسيع إسرائيل. وأوضح القيق أن نتنياهو لديه أعمدة بالحكومة وهما وزيرا المالية والأمن القومي سموتريتش و إيتمار بن غفير ، مما يدفع بأن تكون "الضفة دولة المستوطنين". ويرتبط تسريع المستوطنين الإجراءات على الأرض بـ"توسيع دولة إسرائيل على حساب الفلسطينيين والدول المجاورة"، معربا عن قناعته بأنه "لا خيار لنتنياهو سوى البقاء مع بن غفير وسموتريتش". ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، صعّدت قوات الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم على المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية بالضفة الغربية، مما أدى إلى استشهاد نحو ألف فلسطيني، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، واعتقال ما يزيد على 17 ألفا، وفق معطيات فلسطينية. ما المتوقع؟ وبناء على ذلك، تعني زيادة عدد البؤر الاستيطانية -وفق القيق- تزايد وتيرة اعتداءات المستوطنين وزيادة الاقتحامات العسكرية والتضييق أكثر على القرى القريبة من جدار الفصل العنصري، فضلا عن توسيع إسرائيل عملياتها في المخيمات. لكن الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى يقول إن مشروع اليمين الإسرائيلي في الضفة يواجه عقبات خاصة على المستوى الديمغرافي، كما أنه ليس كل ما يريده اليمين يمكن تحقيقه. ولفت إلى أن اليمين يحاول تحويل الاستيطان إلى اقتصادي وليس أيديولوجيا، كما يحاول جذب شرائح استيطانية جديدة إلى الضفة، مما يحولها إلى متطرفة أكثر. ووفق مصطفى، فإن التوقعات الإسرائيلية من انتفاضة فلسطينية عارمة في الضفة لم تتحقق، وهو ما يشجع اليمين أكثر على المضي قدما في مشروعه. وأشار إلى أن حكومة نتنياهو ذهبت إلى "حسم الحالة النضالية في الضفة" عسكريا وأمنيا عبر نقل نموذج قطاع غزة إلى الضفة وخاصة مخيماتها وتدميرها، إلى جانب الحسم الاستيطاني من خلال زيادة عدد المستوطنات. موقف العرب والغرب وفي ظل هذا المشهد المعقد، أعرب مكي عن قناعته بأن الأردن مهدد وجوديا ويتعرض إلى خطر كبير، إذ سيكون "نجاح مشروع اليمين الإسرائيلي على حساب الأردن وأمنه". وشدد على أن المشكلة ليست فلسطينية فحسب بل أردنية، لكون الضفة تضم كثافة سكانية أكبر من قطاع غزة، في حين يمتلك الأردن امتدادا جغرافيا يصل إلى السعودية وسوريا والعراق. وخلص إلى ضرورة أن تمارس الدول العربية ضغطا على واشنطن، وتتخذ إجراءات خاصة التي أقامت علاقات مع إسرائيل، محذرا من مغبة عدم مواجهة ما يجري على الأرض. وبشأن الموقف الغربي، لفت مكي إلى أن تقطيع أوصال الضفة لم يتحول إلى رفض غربي يحد منه أو يوقفه رغم بعض العقوبات التي فرضت ضد المستوطنين المتطرفين. أما القيق فأشار إلى حالة التجاذب الأوروبية الأميركية، لافتا إلى أن الموقف الأوروبي في ورطة إذا لم يدعم حل الدولتين، في ظل خشية الأوروبيين من هجرة إلى القارة العجوز، في وقت لا تريد فيه واشنطن سيادة فلسطينية بالضفة. وخلص إلى أن "الأوراق ليست بيد الفلسطينيين بل بيد المصالح"، التي تتغير في ظل التجاذب الأميركي الأوروبي، إذ يحاول الاتحاد الأوروبي إهمال العلاقة مع إسرائيل إذا أهمل ترامب ملف أوكرانيا، مما يزيد الخطر على القضية الفلسطينية.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
هل تُوقِف هجمة أوروبا على إسرائيلِ الحربَ؟
"يسعدني أن هناك اليوم عددًا متزايدًا من الأميركيين الذين سيفهمون ما فعلت، وربما يرونه أكثر الأفعال عقلانية"، هكذا عقّب إلياس رودريغيز على عملية إطلاق النار التي نفذها ضد موظفي السفارة "الإسرائيلية" في الولايات المتحدة، والتي يرى الكثيرون أنها أتت في سياق رأي عام غربي يتصاعد في رفضه حرب الإبادة، ويترافق مع مواقف رسمية أوروبية ضاغطة على "إسرائيل" مؤخرًا. مواقف مستجدة شهدت الأسابيع الماضية تصعيدًا ملحوظًا في خطاب ومواقف أوروبية ضد "إسرائيل" على خلفية استمرار عدوانها على غزة وبشكل أكثر دقة بسبب منعها دخول المساعدات للقطاع على مدى ما يقرب من ثلاثة أشهر. فقد أصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني بيانًا مشتركًا هددوا فيه بعدم الوقوف "مكتوفي الأيدي" إزاء ما عدّوه "أفعالًا مشينة" ترتكبها حكومة نتنياهو، ملوّحين باتخاذ "إجراءات عقابية ملموسة" ضدها، إذ لم توقف العملية العسكرية وتسمح بإدخال المساعدات فورًا وبكميات كافية. كما طالبها وزراء خارجية 22 دولة، في مقدمتها ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وكندا، وأستراليا، "بالسماح بدخول المساعدات بشكل كامل وفوري" تحت إشراف الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، في رفض علني ومباشر الآليةَ التي اقترحتها بالتعاون مع واشنطن. كما وصف وزير خارجية بريطانيا الحصار المفروض على غزة بأنه "غير أخلاقي ولا يمكن تبريره"، معلنًا تعليق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرّة مع "إسرائيل"، وفرض عقوبات على منظّمات ومستوطنين متورّطين بالعنف في الضفة الغربية. وفي تصعيد أوروبي غير مسبوق، بدأ وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي مناقشة دعوات قدّمتها عدة دول لتعليق اتّفاقية الشراكة بين الاتحاد و"إسرائيل"، في ظلّ أحاديث عن دعم أغلبية الأعضاء. كما أكّد ماكرون أن "كل الخيارات مطروحة" للضغط على "إسرائيل" لوقف الحرب وإدخال المساعدات، مع التلويح بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. ووصف رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز "إسرائيل" بـ "دولة الإبادة"، رافضًا التعامل التجاري معها. قبل ذلك، كانت ست دول أوروبية، هي أيرلندا، وإسبانيا، وسلوفينيا، ولوكسمبورغ، والنرويج، وآيسلندا، قد أصدرت بيانًا مشتركًا عدّت فيه مساعي "إسرائيل" لتهجير سكان غزة "ترحيلًا قسريًا، وجريمة بموجب القانون الدولي"، منتقدة تعمّد منع دخول المساعدات. على الجانب الآخر من الأطلسي، تواترت تصريحات أميركية بأن ترامب "يريد وقف الحرب"، في خلاف شبه علني مع نتنياهو، كما أجّل وزير الدفاع الأميركي زيارة كانت مقررة لـ "إسرائيل"، وأكد أكثر من مصدر أميركي أن إدارة ترامب مستمرة في تواصلها المباشر مع حركة حماس، رغم اعتراض نتنياهو، فضلًا عن خلافات علنية بين الجانبين بخصوص المفاوضات الأميركية – الإيرانية وطريقة التعامل مع الحوثيين. يضاف كل ذلك إلى الحركة الطلابية في الجامعات الأميركية التي ما زالت عالية السقف ضد الحرب، وضد ترهيب الطلاب المتضامنين مع الفلسطينيين. ويرى الكثيرون أن العملية التي نفذها رودريغيز تأتي في سياق الرأي العام الغاضب من استمرار الإبادة والتجويع، لا سيما أنها أتت من شخص غير عربي أو مسلم، فضلًا عن تعليمه وثقافته واطّلاعه على القضية الفلسطينية وحرب الإبادة بكامل تفاصيلها، وحديثه الملموس عن "المسؤولية الإنسانية"، و"تواطؤ الحكومة الأميركية"، واستمرار دعمها حكومة الاحتلال. الدوافع لا يمكن النظر للمواقف الأوروبية على أنها مواقف مبدئية مع الفلسطينيين وقضيتهم، فقد تبنّت معظم هذه الدول سردية الاحتلال بخصوص هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وأيدت ما أسمته "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها". بيد أن أكثرَ من سنة ونصفٍ من حرب الإبادة المستمرة، قد راكمَ عدة دوافع وأسباب ساهمت في بلورة الموقف الأوروبي – الغربي المستجد. في المقام الأول، ليست حرب الإبادة مما يمكن تأييده، تحديدًا بشكل علني ورسمي، لا سيما بعد أن تحوّلت منذ أشهرها الأولى إلى إبادة وحصار وتجويع للمدنيين، ثم تواترت التصريحات الرسمية، ولا سيما من وزير المالية سموتريتش، بضرورة إعادة احتلال القطاع وتفريغه من سكانه. هنا، تتبدّى رغبة أوروبية بالتنصّل من حرب الإبادة وتبعاتها، ولا سيما في البعد الإنساني، وبشكل أكثر دقة بخصوص قتل الأطفال واستهداف المدنيين بشكل مكثف ومتكرر ومقصود. حيث أكدت وزارة الصحة العالمية أن غزة تواجه "إحدى أسوأ أزمات الجوع عالميًا"، مما يتسبب بوفاة عشرات الأطفال بسبب "الحرمان المتعمّد من الغذاء". ينطلق ذلك من رغبة أوروبية في تأكيد "المنطلق الأخلاقي" في النظر للقضايا، وكذلك استشعار المسؤولية الأوروبية عن أفعال "إسرائيل" التي نُظر لها لعقود على أنها ممثلة الغرب المتحضر في قلب الشرق الأوسط، فضلًا عن الحقائق التاريخية بخصوص دور أوروبا في إنشائها بالأساس. إضافة إلى ذلك، يتابع القادة الأوروبيون التغير الكبير في الرأي العام في بلادهم من "إسرائيل" والقضية الفلسطينية، ولا سيما بين الأجيال الجديدة، وهو ما يخشون ارتداده عليهم بشكل سلبي، وخصوصًا في الاستحقاقات الانتخابية، وقد كانت الانتخابات البريطانية العام الفائت مثالًا حيًا على ذلك. وكمثال يمكن تعميمه بدرجة أو أخرى، فقد أوضح استطلاع للرأي أُجري في يونيو/ حزيران من العام الفائت، أن 54% من الشباب البريطاني (18-24 عامًا) يرون أن "إسرائيل لا ينبغي أن توجد"، بينما رأى نصفهم أنها هي المسؤولة عن الحرب وليس الفلسطينيين. إعلان كما أن الاعتداءات "الإسرائيلية" في مجمل المنطقة، في لبنان رغم وقف اتفاق إطلاق النار، وضد سوريا دون أي خطر منها، والتهديد المتكرر لإيران واليمن، تعمّق عدم الاستقرار في المنطقة، وبالتالي تسير عكس اتجاه السياسات الأوروبية وعلى النقيض من مصالحها. ولعل حادثة إطلاق النار على دبلوماسيين أوروبيين وعرب في جنين يظهر إلى أي مدى فقدت "إسرائيل" عقلها. وأخيرًا، قد تكون المواقف الأوروبية في جزء منها مناكفة أو ردًا ضمنيًا على سياسات الرئيس الأميركي غير المرضية بالنسبة لها، ولا سيما ما يتعلق بالحرب الروسية – الأوكرانية والعقوبات الاقتصادية. أي تأثير؟ السؤال الأكثر إلحاحًا الآن هو إلى أي مدى يمكن أن تؤثر المواقف الأوروبية والغربية الأخيرة على استمرار الحرب. بالنظر إلى توجهات حكومة الاحتلال، والدعم الأميركي المستمر، والمواقف الإقليمية الرسمية، والوضع الميداني في غزة، لا يمكن انتظار تأثير أوروبي مباشر يؤدي لوقف الحرب. لكن ذلك لا يعني أن الخطوات الأوروبية بلا أثر بالمطلق. فقي المقام الأول، ثمة موقف عابر للدول يكاد يشمل معظم أعضاء الاتحاد الأوروبي ومعهم بريطانيا، برفض استمرار الحرب وضرورة إدخال المساعدات، وهي الدول الأكثر دعمًا لـ"إسرائيل" تقليديًا. يعني ذلك أن الأخيرة تفقد بشكل ملحوظ رصيدها الداعم لها في الغرب ليس فقط على صعيد النخب والشعوب، ولكن أيضًا على الصعيد الرسمي. كما أنّ الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأكبر لدولة الاحتلال، وبالتّالي فإن مضيّه في مسار تعليق اتفاقية الشراكة وغيرها من العقوبات الاقتصادية المحتملة، قد تكون له آثار سلبية وربما كارثية على اقتصاد الحرب في "إسرائيل" المتراجع أصلًا. من جهة ثالثة، فإن تواتر المواقف الدولية الضاغطة على نتنياهو وحكومته يشكل دعمًا كبيرًا وتحفيزًا للمعارضة الداخلية ضد نتنياهو على الصعيدين؛ الشعبي والسياسي، وهو ما لاحت بعض إشاراته في الأيام القليلة الأخيرة. إعلان فقد حذر رئيس الحزب الديمقراطي "الإسرائيلي" يائير غولان من تحول "إسرائيل" إلى دولة منبوذة دوليًا لأنها "تقاتل المدنيين، وتقتل الأطفال كهواية، وتعمل على ترحيل السكان". وقال رئيس الوزراء السابق إيهود باراك إن الهدف الحقيقي لما أسماه "حرب الأشرار" هو "ضمان بقاء نتنياهو، لا أمن إسرائيل"، داعيًا إلى الإطاحة به. كما دعا رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت إلى سحب الجيش من غزة وإنهاء الحرب، طالبًا "مساندة المجتمع الدولي للتخلص من بن غفير وسموتريتش ونتنياهو". في المحصلة، فإن المواقف الأوروبية والغربية الأخيرة تشكّل ضغطًا كبيرًا على نتنياهو وحكومته، خارجيًا وداخليًا، وهو ما يمكن أن يساهم مع عوامل أخرى إضافية في وقف الحرب مستقبلًا. بينما قد يكون تأثيرها المباشر والسريع المتوقع هو السماح بإدخال المزيد من المساعدات للقطاع استجابة للضغوط كما حصل مؤخرًا. وتبقى الحرب الحالية الخالية من أي أهداف عسكرية وبرنامج سياسي لما بعدها عبئًا على الأطراف الداعمة للاحتلال، ويبقى ملف الأسرى عامل ضغط إضافي في المدى المنظور، ما يعزز إمكانية وقف الحرب لاحقًا إذا ما توفرت عوامل ضغط إضافية. وهنا تتبدى مسؤولية منظومة العمل العربي والإسلامي الرسمي، بشكل مباشر، وكذلك من خلال العلاقات مع الإدارة الأميركية التي أثبتت مرارًا أن ترامب قابل لتغيير المواقف وحسم القرارات إذا توفّرَ ما يقنعه و/ أو يغريه.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
كيف أشعلت "طوفان الأقصى" الحرب بين نتنياهو وقيادة الشاباك؟
تشهد إسرائيل أزمة استخبارية ودستورية حادة إثر قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار ، في تحدٍ صريح لقرار المحكمة العليا التي رفضت الإقالة ووصفتها بـ"تضارب المصالح". ويعد جهاز الأمن العام المعروف عبريا بـ"الشاباك" جزءا أساسيا من منظومة الاستخبارات الإسرائيلية المسؤولة عن حماية الكيان من التهديدات الداخلية. وتشمل مهامه الحيوية تأمين الأشخاص وأسرار الدولة، ومنع "الإرهاب الداخلي" والتحقيق في قضاياه، بالإضافة إلى شمول الأراضي الفلسطينية ضمن صلاحياته. كما يتولى الجهاز مسؤوليات إستراتيجية حساسة تشمل الإشراف على أمن الأصول الإستراتيجية للدولة ومرافقها المدنية والحكومية، بما فيها السرية منها، إلى جانب تقديم التصنيف الأمني للمناصب والوظائف، ولا سيما ذات الطابع السري. وتعود جذور الأزمة الحالية إلى ليلة 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حين وصلت إلى الجهاز مؤشرات على هجوم وشيك من غزة. لكن هذه المعطيات لم تكن مقنعة لرئيس الشاباك رونين بار الذي رأى أنها لا تستحق رفع مستوى التأهب، وهو الذي اعتُبر فشلا استخباريا كلف إسرائيل ثمنا باهظا. وعلى إثر "طوفان الأقصى" التي هزت أركان إسرائيل جرى تشكيل غرفة عمليات خاصة في الشاباك أُوكلت إليها مهمة قتل كل فلسطيني شارك في الهجوم، في تطور يعكس مدى الصدمة التي أحدثها داخل المؤسسة الأمنية. إعلان ومنذ ذلك اليوم عاب نتنياهو على رئيس الشاباك أنه أخفق في توقع الهجوم ومنعه، لتنشب بعدها خلافات حادة وتبادل للاتهامات بين الرجلين. ووصلت هذه التوترات إلى ذروتها عندما رفض رونين بار تقديم توصية أمنية تتيح لنتنياهو عدم المثول أمام القضاء في قضاياه الجنائية. واشتدت هذه الخلافات أكثر بعدما فتح الشاباك تحقيقين مع مقربين من نتنياهو، أحدهما يتعلق بقضية الأموال القطرية الحساسة، مما فاقم حدة التوتر بين الطرفين وحوّل العلاقة من خلاف مهني إلى صراع شخصي ومؤسسي. وفي خطوة جريئة، قرر نتنياهو إقالة بار من منصبه بإجماع من ائتلافه الحكومي، في محاولة لحسم الصراع لصالحه، ولكن بار لم يستسلم، ورغم إعلانه الاستقالة اعتبارا من يونيو/حزيران المقبل فإنه التمس للمحكمة العليا للطعن في قرار الإقالة. وجاءت المفاجأة عندما رفضت المحكمة العليا قرار الإقالة ورأت فيه تضاربا في المصالح، مما شكّل ضربة قوية لنتنياهو وسلطته التنفيذية. وهو الأمر ذاته الذي وجدته المستشارة القانونية للحكومة في تعيين نتنياهو خلفا لبار، وهو ديفيد زيني. لكن نتنياهو -وفي تحدٍ صارخ للسلطة القضائية والاستشارة القانونية- ضرب هذه الآراء بعرض الحائط واستمر في قراره، مما يطرح تساؤلات جدية بشأن احترام سيادة القانون وفصل السلطات في إسرائيل. وتأتي هذه الأزمة في سياق أوسع من التوترات المتزايدة بين نتنياهو والمؤسسات القضائية والأمنية، مما يهدد بزعزعة الاستقرار الداخلي في إسرائيل التي تواجه تحديات أمنية جسيمة على جبهات متعددة. يذكر أن هذه الأزمة تعد من أخطر الأزمات التي تشهدها المؤسسة الاستخبارية الإسرائيلية، حيث تتداخل فيها الاعتبارات الأمنية مع الصراعات السياسية والقانونية.