logo
مكرم أحمد الطراونة يكتب: الملك حين يخاطب روح أوروبا

مكرم أحمد الطراونة يكتب: الملك حين يخاطب روح أوروبا

بقلم :
ما هو الأمن الحقيقي؟
إنه سؤال قد يبدو إشكاليا، وأكثر من ذلك أنه تم طرحه من على منبر الاتحاد الأوروبي.
خلال القرن الماضي، خاضت البلدان الأوروبية تجارب فاشلة في محاولات تثبيت السيطرة وتحقيق الأمن والتفوق. جميع تلك التجارب اعتمدت القوة معيارا وحيدا لتحقيق هذا الأمر، وفيما كانت الشعوب تلملم جراحاتها لم ينتبه كثيرون إلى أنه كان هناك أكثر من مائة وعشرين مليون إنسان قتلوا في حربين عالميتين عبثيتين، لم تفعلا شيئا سوى مزيد من الشقاء لبني البشر.
لكن هاتين الحربين لم تذهبا سدى، فقد منحتا أوروبا درسا عظيما، مفاده أن الحرب لا يمكن أن تجلب الأمن والسلام، وبدلا من ذلك فقد بدأت الدول بالبحث عن كل ما هو مشترك بينها، لتتولد فكرة الاتحاد الأوروبي الذي ظل أفكارا مبعثرة، إلى أن رأى النور في العام 1992.
في كلمته أمس من على منبر البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، أعاد جلالة الملك عبدالله الثاني، تذكير الأوروبيين بالمآسي التي جرت حين ركنوا إلى القوة، وتناسوا أن يفكروا بالقيم المشتركة التي تجمعهم. إنه درس لا يتوقف عند القارة الأوروبية، بل يمكن الاستفادة منه في كثير من بقاع العالم التي تشهد توترات ونزاعات دموية.
الملك قدم نقدا حادا للمجتمع الدولي الذي سمح، وما يزال يسمح، بأن تتواصل المأساة المريرة في قطاع غزة، من قتل وتدمير للبنى التحتية، ومنعٍ لدخول المساعدات الإنسانية، ما وضع القطاع المحاصر على شفير مجاعة واسعة.
القيم التي يتحدث عنها الملك هنا، ما يمكن أن يجمع العالم كله تحت لافتة الإنسانية، بعيدا عن نوازع الهيمنة والسيطرة وتفرد القوة، ومن دون العودة إليها سيظل العالم مكانا خطيرا لا يسمح لأحلام الشعوب بأن تنمو وتزدهر.
لذلك، فجلالته يؤكد أن موجات الاضطرابات المتتالية التي نشهدها بلا توقف، باتت تشعرنا بأن عالمنا ساده الانفلات، وأنه لا توجد له بوصلة أخلاقية تقود سياساته. ويبدو أن جلالته يشير بوضوح إلى أن مثل هذه الانقسامات والممارسات والانفلات، هي ما يقود إلى المواجهات الكونية الشاملة، والتي تجر الجميع إلى حلبة الصراع والنزاع، فتأكل الأخضر واليابس، تماما مثلما حدث مع أوروبا حين أشعلت حربين كبيرتين انجر لهما العالم كله.
إن الملك، وهو يخاطب الساسة والشعوب الأوروبية، يعلم تماما أنها قارة ما تزال تحافظ على الاعتدال والقيم العالمية، وهو يخاطب فيها روحها الإنسانية التي عانت، وعلى مدار قرون، من الابتلاء بساسة أعلوا من خطاب الكراهية ورفض الآخر، والإغراق بالخطاب الشوفيني وإعلاء الشعبوية والتطرف الأيديولوجي، ما أوقع الشعوب في براثن الحروب والموت والدمار، يعلم، كذلك، أن الشعوب التي اختبرت هذه المحن، وعملت على تفاديها خلال العقود الماضية، ستفهم تماما معنى أن تعمد الدول القوية إلى تنصيب نفسها جلادا للدول والشعوب الضعيفة، فتعلن الحروب بلا سبب، وتنصب الحصار، وتنشر الموت والدمار، دون التفات إلى أي معايير أخلاقية أو قانونية.
أوروبا ما تزال محافظة على بذرة الإنسانية الخيرية، وسياستها تنطلق من قيمها النبيلة، وما تزال تميز بين الحق والباطل، لذلك جاء خطاب الملك من على منبرها ليحذر من أن تسود الكراهية، ويغيب الاعتدال أمام "ازدهار" التطرف، وعندها سوف يكون الجميع خاسرا، لأنه لا يمكن لأحد أن يربح المعركة التي تدور ضد قيم الإنسان الخيرية.
الغد

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الصفدي يبحث مع نظيره العراقي إنهاء التصعيد الذي تشهده المنطقة
الصفدي يبحث مع نظيره العراقي إنهاء التصعيد الذي تشهده المنطقة

سرايا الإخبارية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سرايا الإخبارية

الصفدي يبحث مع نظيره العراقي إنهاء التصعيد الذي تشهده المنطقة

سرايا - حث نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، الأربعاء، مع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، التصعيد الذي تشهده المنطقة، وجهود إنهائه وأكّد الصفدي وحسين، خلال اتصال هاتفي، ضرورة تكاتف الجهود لوقف التصعيد الذي يهدد أمن واستقرار المنطقة برمتها، وأهمية العودة لمسار المفاوضات للبرنامج النووي الإيراني. وبحثا التحضيرات الجارية للمشاركة في اجتماع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، المُقرَّر عقده في مدينة إسطنبول مطلع الأسبوع المقبل.

عندما يختلط الحابل بالنابل ،،،،نحو استراتيجية عربية شاملة لاسترداد الوعي وتصحيح المسار
عندما يختلط الحابل بالنابل ،،،،نحو استراتيجية عربية شاملة لاسترداد الوعي وتصحيح المسار

الشاهين

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشاهين

عندما يختلط الحابل بالنابل ،،،،نحو استراتيجية عربية شاملة لاسترداد الوعي وتصحيح المسار

د ناصر ابورمان لم تعد الفوضى التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية مجرّد خلل عابر في التوازنات الإقليمية، بل تحوّلت إلى حالة من التشويش التاريخي والسياسي، حيث اختلط الحابل بالنابل، وتداخلت المفاهيم، وتبدّلت الأولويات، حتى غدا العدو صديقًا، والصديق عدوًا، وذهبت البوصلة إلى غير اتجاهها. في ظل التوتر القائم بين إيران وإسرائيل، نجد الواقع العربي ممزقًا، يقف غالبًا في موقع المتفرّج أو المفعول به، بلا مشروع، بلا وحدة، وبلا وضوح في الرؤية. بين مطرقة الهيمنة الصهيونية التي تسعى إلى تفكيك المنطقة تحت شعار 'إسرائيل الكبرى'، وسندان المشروع الفارسي الطائفي الذي لم يتوقف تاريخه الدموي منذ اغتيال الخليفة عمر بن الخطاب إلى يومنا هذا، وجدت الشعوب العربية نفسها محاصرة بين نارين: نار الاحتلال ونار الطائفية، وسط صمت عربي رسمي، وتشرذم شعبي متسارع. من هنا تبرز الحاجة الماسة إلى استراتيجية عربية شاملة وواعية، تعيد ترتيب الأولويات، وتُطلق عملية مراجعة حقيقية لقرون من الاضطراب والتبعية والانقسام. استراتيجية تنطلق من فهم دقيق لجذور الأزمة، وتعتمد على خمسة مرتكزات رئيسية، تُشكّل خريطة طريق للخروج من هذا النفق المظلم. أول هذه المرتكزات هي المراجعة الفكرية والثقافية الجذرية، التي تُطهّر العقل الجمعي من السموم الطائفية، وتعيد الاعتبار للهوية الإسلامية الجامعة، التي تُعلي من قيمة الأمة على حساب الانتماءات الضيقة. هذه المراجعة لا بد أن تشمل إصلاح المناهج التعليمية والإعلام الرسمي والخاص، حتى يتم بناء وعي حقيقي يميز بين المقاومة الصادقة وبين من يستغلها لتوسيع نفوذه الطائفي أو السياسي. ثانيًا، لا بد من تأسيس محور عربي مستقل، غير تابع لأي من الأجندات الدولية أو الإقليمية. تحالف يتجاوز الخلافات الهامشية، ويُعيد بناء الثقة بين الدول العربية على أساس الأمن القومي المشترك، والتهديدات الوجودية الحقيقية التي تمثلها إسرائيل وإيران، كلٌّ بطريقته. فالتطبيع مع إسرائيل من دون رؤية استراتيجية هو تنازل خطير، تمامًا كما أن الارتهان للمشروع الإيراني هو انتحار بطيء للهوية والمصالح العربية. أما المرتكز الثالث، فيتمثل في إعادة تعريف 'المقاومة'. لقد تحولت المقاومة إلى شعار يُستخدم لتبرير التدخلات، لا لتحرير الشعوب. لذلك، من الضروري استرداد هذا المفهوم من براثن التسييس الطائفي، وإعادة صياغته ضمن إطار وطني وقومي وإسلامي جامع، يربط تحرير فلسطين بحماية العواصم العربية من العبث الإيراني والتفكك الداخلي. الرابع هو الإصلاح الداخلي الحقيقي داخل الأنظمة العربية. فالوحدة تبدأ من الداخل، ومن دون عدالة اجتماعية، ومصالحة سياسية، ومؤسسات قوية، لن يكون ممكنًا مجابهة الأخطار الخارجية. إن الشعوب المغلوبة على أمرها لا تستطيع أن ترفع راية التحرير، ما لم تُرفع عنها يد الاستبداد والفساد والهيمنة الطائفية. وأخيرًا، لا يمكن تحقيق هذه الأهداف من دون مشروع إعلامي وثقافي عربي حر وواعٍ، يكشف المخططات الصهيونية والإيرانية بلغة الحقائق، لا بلغة الشتائم والانفعال. إعلام يُعيد تشكيل الرأي العام العربي على أسس من الوعي والتحليل والتوثيق، ويُقدّم الرواية الحقيقية للأحداث بعيدًا عن التشويه والتضليل. في الختام، إن الأمة لا تعاني فقط من عدو خارجي، بل من فراغ استراتيجي داخلي، ومن تراجع في الإدراك التاريخي والسياسي لمكانتها وقدرتها على النهوض. ومع ذلك، فإن الأمل لم يمت، فكل أزمة تُخفي في طياتها فرصة، وكل مرحلة ظلام تُمهّد لطلوع فجر جديد، إذا وُجدت الإرادة، واتحدت الكلمة، وصحّ القرار.

الصفدي يؤكد ضرورة تكاتف الجهود لإنهاء التصعيد وحماية المنطقة وأمنها من تبعاته
الصفدي يؤكد ضرورة تكاتف الجهود لإنهاء التصعيد وحماية المنطقة وأمنها من تبعاته

الشاهين

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشاهين

الصفدي يؤكد ضرورة تكاتف الجهود لإنهاء التصعيد وحماية المنطقة وأمنها من تبعاته

الشاهين الإخباري بحث نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج في المملكة المغربية ناصر بوريطة، الأربعاء، التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة وتداعياته. وأكّد الوزيران، في اتصال هاتفي، ضرورة تكاتف الجهود لإنهاء التصعيد وحماية المنطقة وأمنها من تبعاته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store