
'على مُسلمي الهند أن يأخذوا زمام المبادرة في زمن التحديات'
EPA-EFE/REX/Shutterstock
"الإصلاح الذي يقوده الهنود المسلمون بأنفسهم يمكن أن يرسي أسس الهند القوية والموحّدة"
ألقت تداعيات الهجوم المسلّح الذي استهدف مجموعة من السياح المحليين في إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان، بظلالها على عناوين الصحف.
وأسفر الهجوم الذي وقع قرب بلدة باهالغام الخلابة في الجزء الخاضع لإدارة الهند في كشمير، عن مقتل 26 شخصاً، فيما نفت باكستان أي علاقة لها به.
نستعرض مقالين من صحيفة هندية وأخرى باكستانية، يناقشان زوايا متعددة بشأن إقليم كشمير والمسلمين في الهند.
ونستعرض مقالاً ثالثاً كتبه الرئيس السابق لجهاز "الشاباك" الإسرائيلي، يحذر فيه من "خطر وجودي" يتهدد إسرائيل بسبب السياسات الحكومية.
في صحيفة إكسبرس الهندية، نقرأ مقالاً مشتركاً للكاتب نجيب يونغ، نائب حاكم دلهي السابق، والكاتب عشرت عزيز، يناقش أهمية إحداث تحول اجتماعي داخل المجتمع الإسلامي في الهند.
يقول الكاتبان إن الهجوم "كشف مجدداً عن طبيعة العلاقة الهشة بين الهندوس والمسلمين في الهند"، فقد وردت تقارير عن أعمال عنف استهدفت المسلمين في مختلف أنحاء الهند عقب الهجوم، وهو ما "زاد من توتر الأجواء المتوترة أصلاً".
وهذه، بحسب الكاتبين، ليست ظاهرة جديدة، فقد "تصاعد مناخ الشك والعداء على مر السنين، وتصاعد خلال العقد الماضي"، لذلك، "يواجه المسلمون الهنود أحد أصعب الأوقات في تاريخهم".
في المقابل، يشير المقال إلى أنه ومنذ استقلال الهند، "لم يتخذ المسلمون الهنود خطوات نحو الإصلاح المجتمعي، لكنهم تأثروا بدعوات رجال الدين المحافظين، فيما قوبلت دعوات التحديث والإصلاح بمقاومة متكررة".
يرى الكاتبان أن الحاجة إلى التغيير داخل المجتمع الإسلامي في الهند ملحّة، ويؤكدان أهمية أن يكون الإصلاح بمبادرة من المسلمين الهنود أنفسهم، وليس بفرضه من الخارج، إذ ستكون لهذه الإصلاحات حينئذ "فرصة أكبر بكثير للقبول والنجاح".
يقول الكاتبان إن من الضروري للمسلمين الهنود تبني منظور علماني يتماشى مع المصلحة الوطنية الأوسع، لأن تدعيم العلمانية – برأيهما - لن يعزز مكانتهم الاجتماعية فقط، بل سيساهم كذلك في "وحدة الهند وتقدمها".
يطرح الكاتبان رؤيتهما بشأن "الإصلاح الذاتي" للمسلمين الهنود في عدة نقاط، وتشمل تلك الخطوات:
إصلاح قانون الأحوال الشخصية الإسلامي بحيث يضمن مساواة أكبر للمرأة في مسائل الزواج والطلاق والميراث، بما يتماشى مع مبادئ القرآن والدستور الهندي.
وتحديث قانون الأوقاف، إذ إن "تحرير أصول الأوقاف من شأنه أن يسخّر موارد كبيرة لرفاهية المجتمع الإسلامي والبلاد ككل".
وتبني قيم "العلمانية الحقيقية"، عبر الإصرار على الفصل التام بين الدين والدولة، ورفض أي تدخلات حكومية في الشؤون الدينية.
والنظر إلى الإصلاح كجزء متمم للإيمان، إذا لا ينبغي "اعتبار الإصلاح خيانة للإسلام".
ومساهمة المسلمين الهنود في التقدم الوطني من خلال التعليم والبحث والابتكار والرياضة والتنمية الاقتصادية.
والدعوة إلى الوحدة الوطنية، بحيث تكون مهمة المسلمين الهنود "العمل بلا كلل" من أجل السلام والوحدة وسلامة الأراضي الهندية.
يشدد الكاتبان على أن مثل هذا النوع من الإصلاح الذاتي لا يجب أن يكون حكراً على قلة مختارة، إذ يتطلب مشاورات واسعة النطاق تشمل رجال الدين والعلماء والاقتصاديين وقادة الأعمال والمنظمات غير الحكومية وغيرهم.
في المقابل، تقع على عاتق الحكومة الهندية كذلك – برأي الكاتبين – مسؤولية مماثلة في إحداث هذا الإصلاح الذاتي، إذ يجب ضمان تكافؤ الفرص، وإيقاف "التهديدات والعنف وتصرفات الشرطة المتحيزة وخطاب الكراهية" ضد المسلمين الهنود، إضافة إلى تجديد الالتزام بالعلمانية وبدء حوار حقيقي مع المجتمع المسلم.
وبدون هذه الخطوات من الحكومة الهندية، فإنه "من غير المعقول توقّع أن يستعيد مجتمع مغلوب على أمره ثقته بنفسه"، على حد تعبير الكاتبين.
يختم الكاتبان بالقول إن الإصلاح الذي يقوده المسلمون بأنفسهم، بدعم من "دولة عادلة ومنصفة"، يمكن أن يرسي أسس الهند القوية والموحّدة.
"رابطة لا تنكسر"
EPA-EFE/REX/Shutterstock
في صحيفة باكستان اليوم، نقرأ مقالاً للكاتب عبد الباسط علوي، يستعرض فيه تاريخ العلاقات "العميقة" التي تربط باكستان بإقليم كشمير المتنازع عليه، ويتهم جماعات تخدم "أجندات خارجية معادية" بالعمل على إثارة الكراهية والاضطرابات والانقسام في الإقليم.
يستعرض الكاتب تصريحات لقادة باكستان السابقين والحاليين، تعبر عن "عاطفة عميقة والتزام تجاه كشمير"، بدءاً من مؤسس باكستان، محمد علي جناح، الذي قال إن كشمير هي "شريان الحياة لباكستان"، مؤكداً بذلك أن الإقليم "جزء لا يتجزأ من باكستان، نظراً لقربها الجغرافي، وسكانها الذين هم مسلمون في غالبيتهم"، بحسب ما يقول الكاتب.
يتابع علوي استعراض التصريحات ومواقف القادة في باكستان، من ذو الفقار علي بوتو، مروراً بابنته بينظير بوتو، وصولاً إلى نواز شريف، وبرويز مشرف، الذين أكدوا جميعاً على التزامهم تجاه قضية كشمير.
يعرّج الكاتب كذلك على تصريحات ومواقف لقائد الجيش الباكستاني الحالي عاصم منير، الذي دعا إلى "تسهيل إجراء استفتاء في كشمير بتفويض من الأمم المتحدة"، وصرّح خلال لقائه الأمين العام للأمم المتحدة، أن "السلام في جنوب آسيا سيظل بعيد المنال حتى يتم التوصل إلى حل سلمي لنزاع كشمير طويل الأمد".
يقتبس الكاتب كذلك من قائد الجيش تصريحاً يدلل على استعداد باكستان لخوض حروب أخرى من أجل الإقليم، إذ قال منير بداية عام 2025: "لقد خاضت باكستان ثلاث حروب قبل ذلك من أجل كشمير، وإذا تطلب الأمر عشر حروب أخرى، فستخوضها باكستان".
يقول علوي إن الرابطة بين الباكستانيين والكشميريين "رابطة راسخة لا تنكسر، وهي متجذرة في التاريخ والثقافة والدين المشتركين، ولا يمكن لأي قوة أن تفرقهم أو تغذي الكراهية بينهم"، على حدّ تعبيره.
لكن الكاتب يشير إلى وجود جماعات تدّعي أنها "تتمنى الخير لكشمير، لكنها في الواقع جماعات ضغط تخدم مصالحها الخاصة وأجندات أجنبية معادية"، ويتهمها بالعمل على "التحريض على الكراهية والاضطرابات والانقسام".
يقول علوي إن هذه الجماعات ارتبطت بـ "عناصر مناهضة للدولة، وبقومية فرعية، ومتطرفة. وهدفها هو زعزعة استقرار إقليم جامو وكشمير، والإضرار باقتصاده، وقطاع السياحة فيه. وتعمل بالوكالة عن قوى أجنبية معادية".
يزعم الكاتب أن هذه الجماعات تنخرط في "دعاية معادية لباكستان وجيشها، مع التزام الصمت تجاه الانتهاكات الهندية، بما يتوافق أكثر مع السردية التي تروجها الهند"، وتحظى نشاطاتهم بـ "تأييد واضح من شبكات التواصل الاجتماعي المرتبطة بالاستخبارات الهندية"، على حدّ قول الكاتب.
"أدقّ ناقوس الخطر بشأن حكومتنا المتطرفة"
Reuters
في صحيفة الغارديان، نقرأ لعامي أيالون، الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي "شاباك"، مقالاً تحت عنوان: "كنت فيما مضى أدير وكالة أمنية إسرائيلية، والآن أدقّ ناقوس الخطر بشأن حكومتنا المتطرفة".
يطلق أيالون تحذيراً من أن إسرائيل تواجه أزمة تهدد وجودها كدولة يهودية وديمقراطية، ويدعو حلفاء إسرائيل، من حكومات وجاليات يهودية، إلى "الاستماع إلى نداء الشعب الإسرائيلي الذي يطالب بإنهاء الحرب وبزوغ فجر جديد للبلاد".
يشير أيالون إلى إعلان نشره في الصحف رفقة 17 من الشخصيات العامّة في إسرائيل، أوضح فيه أن "نسيج دولة إسرائيل والقيم التي قامت عليها يتعرضان للتآكل".
يقول أيالون إن الرهائن الإسرائيليين في غزة "تُركوا من أجل أيديولوجيا حكومية، ومن قبل رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو المتمسك بالسلطة من أجل مصالحه الشخصية"، كما أن الحكومة الإسرائيلية "تقوّض الوظائف الديمقراطية للدولة في سبيل تعزيز وحماية سلطتها".
ويضيف أن الحكومة الإسرائيلية "تجبرنا على خوض حرب بلا نهاية دون أهداف عسكرية قابلة للتحقيق، ولن تسفر إلا عن المزيد من الخسائر في الأرواح والكراهية".
يرى أيالون أن هذا الإعلان الذي أطلقه لا يُعبّر عن صوت الأقلية في إسرائيل، فـ "الغالبية العظمى من الجمهور الإسرائيلي يتفقون معه، إذ يعتقد 70 في المئة من الإسرائيليين بضرورة إنهاء الحرب بشكل شامل في مقابل استعادة الرهائن، إضافة إلى إجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن لاستبدال الحكومة".
يزعم أيالون أن الآلاف من الطيارين وضباط البحرية وأفراد المخابرات والاحتياط، ضموا صوتهم إليهم منذ نشر إعلانهم، معبّرين في رسائلهم للحكومة عن "المشاعر ذاتها التي عبّر عنها الإعلان"، إضافة إلى شخصيات يهودية خارج إسرائيل.
يقول أيالون إن تأييد إسرائيل في هذه الأوقات يعني "الحديث بصوت عالٍ ضد الحكومة المتطرفة، وليس الجلوس في صمت على الهامش، أو الاجتماع مع المسؤولين الحكوميين وتقديم صورة بأن اليهود حول العالم متحدون خلف الحكومة الإسرائيلية".
يجدد أيالون الإشارة إلى "الأزمة الوجودية" التي تواجهها إسرائيل، ويحذّر من أنه إذا لم يتم "بناء زخم كافٍ لتصحيح المسار، فإن وجود إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية في خطر". كما أن الصمت في هذه الأوقات هو "إظهار للدعم للحكومة الإسرائيلية".
يختم أيالون مقاله بدعوة "حلفاء إسرائيل"، من حكومات وجاليات يهودية، إلى "الاستماع إلى نداء الشعب الإسرائيلي وخاصة عائلات الرهائن"، قائلاً إن "معنى أن تكون صديقاً حقيقياً لإسرائيل، هو أن تكون صديقاً للشعب الإسرائيلي، وليس لحكومته الكارثية"، على حدّ تعبيره.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأيام
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- الأيام
تحذيرٌ لحماس في لبنان: هل يكون الخطوة الأولى نحو طرح مسألة السلاح الفلسطيني في البلاد؟
REX/Shutterstock في الوقت الذي يسيطر فيه موضوع سلاح حزب الله على الخطاب السياسي والإعلامي في لبنان، يتحرك ملف آخر بشكل كبير وربما أيضاً بسرعة كبيرة، وهو ملف السلاح الفلسطيني في لبنان، وبشكل خاص خارج المخيمات. صحيح أنّ لكلٍّ من الملفين خصوصية وسياقاً مختلفين، لكنهما أيضاً مرتبطان بشكل كبير، ليس فقط من حيث الغاية المُعلنة لهذا السلاح، وهي محاربة إسرائيل، بل كذلك فيما يتعلق بتأثرّهما بمتغيرات الوضعَين المحلي والإقليمي. وفي هذا الإطار، برز تحذير المجلس الأعلى للدفاع اللبناني، يوم الجمعة، لحركة حماس الفلسطينية. وقد حذّر المجلس حماس من "استخدام الأراضي اللبنانية للقيام بأي أعمال تمسّ بالأمن القومي اللبناني، إذ ستُتخذ أقصى التدابير والإجراءات اللازمة لوضع حدّ نهائي لأي عمل ينتهك السيادة اللبنانية". وقد اعتُبر ذلك بمثابة إعلان عن تغيّر في المقاربة الرسمية لوضع الحركة في لبنان. وجاء هذا التحذير بعد معلومات صحفية عن أن تحقيقات أظهرت ضلوع عناصر في حماس بعمليتي إطلاق صواريخ من جنوبي لبنان باتجاه إسرائيل في 22 و 28 مارس/آذار 2025، وما سُرّب عن عدم تسليم الحركة لمطلوبين آخرين في الملف نفسه. وهو الأمر الذي أعقبه تسليم الحركة لمطلوب للجيش اللبناني يوم الأحد الماضي. ويُذكر أن حركة حماس كانت قد شاركت في ما سُمّي بـ "جبهة الإسناد" التي فتحها حزب الله من جنوبي لبنان ضد إسرائيل "دعماً لغزة"، وذلك بعد يوم واحد من الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. "ما يحدث هو من نتائج الحرب بين حزب الله وإسرائيل وما انتهت إليه"، هذا ما قاله الصحفي والكاتب الفلسطيني صقر أبو فخر. "من قبلُ، كان الحديث عن السلاح الفلسطيني في لبنان يُذكر بشكل عام، لكن المسألة اليوم تبدو جدية"، يضيف أبو فخر الذي لا يستبعد أن تكون حادِثة إطلاق الصواريخ وما ترتّب عليها، حدثاً فاصلاً في هذا الإطار. وتشدد السلطات اللبنانية على التزامها الكامل بتطبيق القرار الأممي رقم 1701، وبحصرية السلاح بيد الدولة. حماس في لبنان EPA-EFE/REX/Shutterstock وكان الجيش اللبناني قد تسلّم قبل أشهر، نتيجة لاتصالات، آخر المراكز العسكرية والأنفاق التابعة للتنظيم الفلسطيني "الجبهة الشعبية – القيادة العامة"، في منطقة الناعمة والدامور. وفي الوقت الذي يُعتبر فيه إبعاد إسرائيل لقياديين في حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى منطقة "مرج الزهور" الحدودية في لبنان في عام 1992، بمثابة بداية وجود حماس في البلاد، فإنه يصعب تحديد تاريخ معين لبدء تنظيم الحركة نفسها عسكرياً داخله. غير أنها تمكنت مع الوقت من تنظيم نفسها في لبنان مستفيدة من علاقات لها مع أطراف متعددة. وقد تكون أبرز تلك الأطراف هي الجماعة الإسلامية التي تربطها بحماس علاقات عضوية وعقائدية، على اعتبار أنهما مرتبطتان بحركة الإخوان المسلمين. وأقامت حركة حماس كذلك علاقات متينة مع حزب الله، بالرغم من تبدّل شكل العلاقة بين الطرفين بحسب المراحل السياسية الإقليمية. لكنها ظهرت بشكل واضح وقوي من خلال عمليات إطلاق الصواريخ التي قامت بها حماس من جنوبي لبنان أثناء الحرب الأخيرة. وكانت إسرائيل قد اغتالت في تلك الحرب وبعدها قادة وعناصر من حماس في لبنان، أبرزهم صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي قُتل بغارة على مكتبه في الضاحية الجنوبية لبيروت في يناير/كانون الثاني 2024. لكن السؤال الذي يُطرح في لبنان حالياً هو عما إذا كان هناك أي توجّه للبتّ بملف السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، وهي القضية الإشكالية في البلاد منذ عقود. المخيمات الفلسطينية Reuters في لبنان 12 مخيّماً فلسطينياً، معظمها يضم فصائل فلسطينية مسلحة تتوزع بين الفصائل التقليدية، مثل فتح وتلك المنضوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية، ومنها جماعات إسلامية كحماس والجهاد. كما أن هناك منظمات داخل المخيمات توصف بالمتطرفة دينياً، كعُصبة الأنصار، وجند الشام. وتتكرر في عدد من المخيمات، وبشكل أساسي مخيّم عين الحلوة في جنوبي البلاد، اشتباكات عنيفة بين مناصري فصائل متعددة. ولا تتمركز القوى الأمنية اللبنانية داخل المخيمات الفلسطينية، مع اقتصار دورها على إقامة حواجز أمنية على مداخلها فقط. ويُعتقد أن ملف سحب السلاح من المخيمات ودخول الجيش اللبناني إليها سيكون أساسياً في زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى لبنان في الـ 21 من شهر مايو/أيار الحالي. ويُتوقع أن يكرر عباس الموقف الذي صدر عن منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، فيما سُمّي بـ "إعلان فلسطين في لبنان" في يناير/كانون الثاني عام 2008. وقد نصّ أحد بنود الإعلان: "السلاح الفلسطيني في لبنان، ينبغي أن يخضع لسيادة الدولة اللبنانية وقوانينها، وفقاً لمقتضيات الأمن الوطني اللبناني، الذي تعرفه وترعاه السلطات الشرعية. وفي هذا السبيل نعلن استعدادنا الكامل والفوري للتفاهم مع الحكومة اللبنانية، على قاعدة أن أمن الانسان الفلسطيني في لبنان هو جزء من أمن المواطن اللبناني". من جانبها، أعلنت حركة حماس قبل أيام على لسان المتحدث باسمها في لبنان، جهاد طه، في تصريح لصحيفة النهار اللبنانية، أن "المسألة برمّتها ليست جديدة، والنقاش حولها قديم ومستفيض، وقد اتخذ أشكالاً شتى، وسبق لكل الجهات الفلسطينية المعنية من فصائل وقوى أن أكدت مراراً على أنها منفتحة على البحث والتحاور حول هذا الموضوع". وأضاف: "المسار الأفضل والأنجع لمناقشة كل القضايا التي تتصل بالوجود الفلسطيني في لبنان يتعيّن أن يكون في حوار لبناني- فلسطيني، شريطة ألّا يقتصر البحث فيه على الجوانب الأمنية والعسكرية، بل أن يتسع ليشمل الملفات السياسية والاجتماعية والقانونية للاجئين في لبنان". وفي الوقت الذي لا يُعرف بعدُ شكل الآلية التي قد تُعتمد لفتح أي حوار بشأن موضوع السلاح، فإن الإطار الذي يضم مختلف الفصائل الفلسطينية في البلاد هو "هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان" التي تأسست عام 2018، بمبادرة من رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، بهدف تحييد الساحة اللبنانية عن الخلافات الفلسطينية. لكن الهيئة لم تفلح في تحقيق الكثير، لا سيما على الصعيد الأمني، كما أن الانقسام الداخلي الفلسطيني قد يكون تعمّق أكثر في الفترة الأخيرة. ويُقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بنحو190 ألفاً، وهم محرومون من حقوق بدهية كحق العمل في مهن معينة والتملّك وغيرهما، ويعيشون في ظل ظروف معيشية واجتماعية قاسية جداً. وهي مسألة غالباً ما تُثار في الحوارات اللبنانية - الفلسطينية، دون أن تُترجم إلى تغيير حقيقي في ظروف عيش لاجئين يعود وجود بعضهم في لبنان إلى قيام دولة إسرائيل عام 1948، أو ما يُعرف بالنكبة، التي أسفرت عن تهجيرهم من فلسطين.


الأيام
٣٠-٠٤-٢٠٢٥
- الأيام
'على مُسلمي الهند أن يأخذوا زمام المبادرة في زمن التحديات'
EPA-EFE/REX/Shutterstock "الإصلاح الذي يقوده الهنود المسلمون بأنفسهم يمكن أن يرسي أسس الهند القوية والموحّدة" ألقت تداعيات الهجوم المسلّح الذي استهدف مجموعة من السياح المحليين في إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان، بظلالها على عناوين الصحف. وأسفر الهجوم الذي وقع قرب بلدة باهالغام الخلابة في الجزء الخاضع لإدارة الهند في كشمير، عن مقتل 26 شخصاً، فيما نفت باكستان أي علاقة لها به. نستعرض مقالين من صحيفة هندية وأخرى باكستانية، يناقشان زوايا متعددة بشأن إقليم كشمير والمسلمين في الهند. ونستعرض مقالاً ثالثاً كتبه الرئيس السابق لجهاز "الشاباك" الإسرائيلي، يحذر فيه من "خطر وجودي" يتهدد إسرائيل بسبب السياسات الحكومية. في صحيفة إكسبرس الهندية، نقرأ مقالاً مشتركاً للكاتب نجيب يونغ، نائب حاكم دلهي السابق، والكاتب عشرت عزيز، يناقش أهمية إحداث تحول اجتماعي داخل المجتمع الإسلامي في الهند. يقول الكاتبان إن الهجوم "كشف مجدداً عن طبيعة العلاقة الهشة بين الهندوس والمسلمين في الهند"، فقد وردت تقارير عن أعمال عنف استهدفت المسلمين في مختلف أنحاء الهند عقب الهجوم، وهو ما "زاد من توتر الأجواء المتوترة أصلاً". وهذه، بحسب الكاتبين، ليست ظاهرة جديدة، فقد "تصاعد مناخ الشك والعداء على مر السنين، وتصاعد خلال العقد الماضي"، لذلك، "يواجه المسلمون الهنود أحد أصعب الأوقات في تاريخهم". في المقابل، يشير المقال إلى أنه ومنذ استقلال الهند، "لم يتخذ المسلمون الهنود خطوات نحو الإصلاح المجتمعي، لكنهم تأثروا بدعوات رجال الدين المحافظين، فيما قوبلت دعوات التحديث والإصلاح بمقاومة متكررة". يرى الكاتبان أن الحاجة إلى التغيير داخل المجتمع الإسلامي في الهند ملحّة، ويؤكدان أهمية أن يكون الإصلاح بمبادرة من المسلمين الهنود أنفسهم، وليس بفرضه من الخارج، إذ ستكون لهذه الإصلاحات حينئذ "فرصة أكبر بكثير للقبول والنجاح". يقول الكاتبان إن من الضروري للمسلمين الهنود تبني منظور علماني يتماشى مع المصلحة الوطنية الأوسع، لأن تدعيم العلمانية – برأيهما - لن يعزز مكانتهم الاجتماعية فقط، بل سيساهم كذلك في "وحدة الهند وتقدمها". يطرح الكاتبان رؤيتهما بشأن "الإصلاح الذاتي" للمسلمين الهنود في عدة نقاط، وتشمل تلك الخطوات: إصلاح قانون الأحوال الشخصية الإسلامي بحيث يضمن مساواة أكبر للمرأة في مسائل الزواج والطلاق والميراث، بما يتماشى مع مبادئ القرآن والدستور الهندي. وتحديث قانون الأوقاف، إذ إن "تحرير أصول الأوقاف من شأنه أن يسخّر موارد كبيرة لرفاهية المجتمع الإسلامي والبلاد ككل". وتبني قيم "العلمانية الحقيقية"، عبر الإصرار على الفصل التام بين الدين والدولة، ورفض أي تدخلات حكومية في الشؤون الدينية. والنظر إلى الإصلاح كجزء متمم للإيمان، إذا لا ينبغي "اعتبار الإصلاح خيانة للإسلام". ومساهمة المسلمين الهنود في التقدم الوطني من خلال التعليم والبحث والابتكار والرياضة والتنمية الاقتصادية. والدعوة إلى الوحدة الوطنية، بحيث تكون مهمة المسلمين الهنود "العمل بلا كلل" من أجل السلام والوحدة وسلامة الأراضي الهندية. يشدد الكاتبان على أن مثل هذا النوع من الإصلاح الذاتي لا يجب أن يكون حكراً على قلة مختارة، إذ يتطلب مشاورات واسعة النطاق تشمل رجال الدين والعلماء والاقتصاديين وقادة الأعمال والمنظمات غير الحكومية وغيرهم. في المقابل، تقع على عاتق الحكومة الهندية كذلك – برأي الكاتبين – مسؤولية مماثلة في إحداث هذا الإصلاح الذاتي، إذ يجب ضمان تكافؤ الفرص، وإيقاف "التهديدات والعنف وتصرفات الشرطة المتحيزة وخطاب الكراهية" ضد المسلمين الهنود، إضافة إلى تجديد الالتزام بالعلمانية وبدء حوار حقيقي مع المجتمع المسلم. وبدون هذه الخطوات من الحكومة الهندية، فإنه "من غير المعقول توقّع أن يستعيد مجتمع مغلوب على أمره ثقته بنفسه"، على حد تعبير الكاتبين. يختم الكاتبان بالقول إن الإصلاح الذي يقوده المسلمون بأنفسهم، بدعم من "دولة عادلة ومنصفة"، يمكن أن يرسي أسس الهند القوية والموحّدة. "رابطة لا تنكسر" EPA-EFE/REX/Shutterstock في صحيفة باكستان اليوم، نقرأ مقالاً للكاتب عبد الباسط علوي، يستعرض فيه تاريخ العلاقات "العميقة" التي تربط باكستان بإقليم كشمير المتنازع عليه، ويتهم جماعات تخدم "أجندات خارجية معادية" بالعمل على إثارة الكراهية والاضطرابات والانقسام في الإقليم. يستعرض الكاتب تصريحات لقادة باكستان السابقين والحاليين، تعبر عن "عاطفة عميقة والتزام تجاه كشمير"، بدءاً من مؤسس باكستان، محمد علي جناح، الذي قال إن كشمير هي "شريان الحياة لباكستان"، مؤكداً بذلك أن الإقليم "جزء لا يتجزأ من باكستان، نظراً لقربها الجغرافي، وسكانها الذين هم مسلمون في غالبيتهم"، بحسب ما يقول الكاتب. يتابع علوي استعراض التصريحات ومواقف القادة في باكستان، من ذو الفقار علي بوتو، مروراً بابنته بينظير بوتو، وصولاً إلى نواز شريف، وبرويز مشرف، الذين أكدوا جميعاً على التزامهم تجاه قضية كشمير. يعرّج الكاتب كذلك على تصريحات ومواقف لقائد الجيش الباكستاني الحالي عاصم منير، الذي دعا إلى "تسهيل إجراء استفتاء في كشمير بتفويض من الأمم المتحدة"، وصرّح خلال لقائه الأمين العام للأمم المتحدة، أن "السلام في جنوب آسيا سيظل بعيد المنال حتى يتم التوصل إلى حل سلمي لنزاع كشمير طويل الأمد". يقتبس الكاتب كذلك من قائد الجيش تصريحاً يدلل على استعداد باكستان لخوض حروب أخرى من أجل الإقليم، إذ قال منير بداية عام 2025: "لقد خاضت باكستان ثلاث حروب قبل ذلك من أجل كشمير، وإذا تطلب الأمر عشر حروب أخرى، فستخوضها باكستان". يقول علوي إن الرابطة بين الباكستانيين والكشميريين "رابطة راسخة لا تنكسر، وهي متجذرة في التاريخ والثقافة والدين المشتركين، ولا يمكن لأي قوة أن تفرقهم أو تغذي الكراهية بينهم"، على حدّ تعبيره. لكن الكاتب يشير إلى وجود جماعات تدّعي أنها "تتمنى الخير لكشمير، لكنها في الواقع جماعات ضغط تخدم مصالحها الخاصة وأجندات أجنبية معادية"، ويتهمها بالعمل على "التحريض على الكراهية والاضطرابات والانقسام". يقول علوي إن هذه الجماعات ارتبطت بـ "عناصر مناهضة للدولة، وبقومية فرعية، ومتطرفة. وهدفها هو زعزعة استقرار إقليم جامو وكشمير، والإضرار باقتصاده، وقطاع السياحة فيه. وتعمل بالوكالة عن قوى أجنبية معادية". يزعم الكاتب أن هذه الجماعات تنخرط في "دعاية معادية لباكستان وجيشها، مع التزام الصمت تجاه الانتهاكات الهندية، بما يتوافق أكثر مع السردية التي تروجها الهند"، وتحظى نشاطاتهم بـ "تأييد واضح من شبكات التواصل الاجتماعي المرتبطة بالاستخبارات الهندية"، على حدّ قول الكاتب. "أدقّ ناقوس الخطر بشأن حكومتنا المتطرفة" Reuters في صحيفة الغارديان، نقرأ لعامي أيالون، الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي "شاباك"، مقالاً تحت عنوان: "كنت فيما مضى أدير وكالة أمنية إسرائيلية، والآن أدقّ ناقوس الخطر بشأن حكومتنا المتطرفة". يطلق أيالون تحذيراً من أن إسرائيل تواجه أزمة تهدد وجودها كدولة يهودية وديمقراطية، ويدعو حلفاء إسرائيل، من حكومات وجاليات يهودية، إلى "الاستماع إلى نداء الشعب الإسرائيلي الذي يطالب بإنهاء الحرب وبزوغ فجر جديد للبلاد". يشير أيالون إلى إعلان نشره في الصحف رفقة 17 من الشخصيات العامّة في إسرائيل، أوضح فيه أن "نسيج دولة إسرائيل والقيم التي قامت عليها يتعرضان للتآكل". يقول أيالون إن الرهائن الإسرائيليين في غزة "تُركوا من أجل أيديولوجيا حكومية، ومن قبل رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو المتمسك بالسلطة من أجل مصالحه الشخصية"، كما أن الحكومة الإسرائيلية "تقوّض الوظائف الديمقراطية للدولة في سبيل تعزيز وحماية سلطتها". ويضيف أن الحكومة الإسرائيلية "تجبرنا على خوض حرب بلا نهاية دون أهداف عسكرية قابلة للتحقيق، ولن تسفر إلا عن المزيد من الخسائر في الأرواح والكراهية". يرى أيالون أن هذا الإعلان الذي أطلقه لا يُعبّر عن صوت الأقلية في إسرائيل، فـ "الغالبية العظمى من الجمهور الإسرائيلي يتفقون معه، إذ يعتقد 70 في المئة من الإسرائيليين بضرورة إنهاء الحرب بشكل شامل في مقابل استعادة الرهائن، إضافة إلى إجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن لاستبدال الحكومة". يزعم أيالون أن الآلاف من الطيارين وضباط البحرية وأفراد المخابرات والاحتياط، ضموا صوتهم إليهم منذ نشر إعلانهم، معبّرين في رسائلهم للحكومة عن "المشاعر ذاتها التي عبّر عنها الإعلان"، إضافة إلى شخصيات يهودية خارج إسرائيل. يقول أيالون إن تأييد إسرائيل في هذه الأوقات يعني "الحديث بصوت عالٍ ضد الحكومة المتطرفة، وليس الجلوس في صمت على الهامش، أو الاجتماع مع المسؤولين الحكوميين وتقديم صورة بأن اليهود حول العالم متحدون خلف الحكومة الإسرائيلية". يجدد أيالون الإشارة إلى "الأزمة الوجودية" التي تواجهها إسرائيل، ويحذّر من أنه إذا لم يتم "بناء زخم كافٍ لتصحيح المسار، فإن وجود إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية في خطر". كما أن الصمت في هذه الأوقات هو "إظهار للدعم للحكومة الإسرائيلية". يختم أيالون مقاله بدعوة "حلفاء إسرائيل"، من حكومات وجاليات يهودية، إلى "الاستماع إلى نداء الشعب الإسرائيلي وخاصة عائلات الرهائن"، قائلاً إن "معنى أن تكون صديقاً حقيقياً لإسرائيل، هو أن تكون صديقاً للشعب الإسرائيلي، وليس لحكومته الكارثية"، على حدّ تعبيره.


الأيام
٣٠-٠٤-٢٠٢٥
- الأيام
ما سر العلاقة الخاصة بين ترامب والأمريكيين العرب؟
Reuters كانت شريحة الأمريكيين من أصل عربي واحدة من الشرائح التي حقق فيها الرئيس دونالد ترامب اختراقاً انتخابياً ساهم بفوزه في الانتخابات وعودته إلى البيت الأبيض. وكانت غالبيتهم قبل ذلك تميل إلى التصويت لخصوم ترامب السياسيين في الحزب الديمقراطي. يعود ذلك إلى أسباب كثيرة، أهمّها أن الحزب الديمقراطي هو في العادة حزب المهاجرين الجدد، إذ كان يُعتَقَد أنه أكثر انفتاحاً على الهجرة والمهاجرين. كما يركز الحزب الديمقراطي على برامج الدعم الحكومي والرعاية الاجتماعية لمحدودي الدخل، وكثير منهم من المهاجرين. إضافة إلى أن حزب ترامب الجمهوري خسر الكثير من التأييد في صفوف الأمريكيين العرب بسبب سياسات إدارة الرئيس السابق، جورج دبليو بوش الجمهورية بعد هجمات11 سبتمبر/أيلول، وبسبب حرب العراق. لكن ترامب توجه إلى العرب الأمريكيين في حملته الانتخابية العام الماضي، بطريقة غيرت كثيراً من الموازين لصالحه. ورغم أن الأمريكيين العرب والمسلمين لا يشكلون سوى أقلية صغيرة في الولايات المتحدة، لكنهم يعيشون في بعض الولايات المهمة التي تتقارب فيها نسب التأييد بين الحزبين. أبرز تلك الولايات هي ولاية ميشيغان التي تضم أكبر نسبة سكانية للعرب الأمريكيين من بين كل الولايات الأمريكية. تقع ميشيغان في قلب منطقة الغرب الأوسط في الولايات المتحدة، وهي المنطقة التي فاز ترامب بمعظم ولاياتها عام 2016، لكنه عاد ليخسرها بعد أربعة أعوام أمام جو بايدن. لذلك كانت ميشيغان وولايتي ويسكونسن وبنسلفانيا القريبتين منها، من أبرز الولايات التنافسية الحاسمة التي ارتكزت استراتيجية ترامب الانتخابية على الفوز بها عام 2024، وهذا ما حصل. EPA-EFE/REX/Shutterstock زرت ميشيغان أثناء الحملة الانتخابية وتابعت ما كان يجري فيها، خصوصاً في أوساط الأمريكيين العرب. تصدرت جهود ترامب الانتخابية شخصيات مثل والد صهره مسعد بولص، الذي كان يتحدث مباشرة مع كثير من الشخصيات المؤثرة في ميشيغان. وأتى ترامب بنفسه إلى الولاية أكثر من مرة. ومن ضمن الأماكن التي زارها كانت مدينة ديربورن التي تمثل قلب الوجود العربي في الولايات المتحدة. أدى كل ذلك الى ارتفاع التأييد لترامب في أساط الأمريكيين العرب. وكانت هناك طبعاً أسباب موضوعية، بالإضافة إلى التواصل المباشر لترامب وحملته، إذ كان العرب غاضبين من سياسات الرئيس السابق بايدن ونائبته كامالا هاريس التي أصبحت المرشحة الرئاسية المنافسة لترامب. ورغم تشديد ترامب دائماً على موقفه الثابت في دعم إسرائيل، إلا أن كثيراً من الأمريكيين العرب انجذبوا أيضاً إلى تعهده بإيقاف الحروب وتحديداً حرب غزة. BBC غيّرت سمراء لقمان من توجهاتها الانتخابية وقررت انتخاب ترامب كانت سمراء لقمان، وهي أمريكية من أصل يمني ومن سكان ميشيغان، واحدة من الذين غيروا خياراتهم الانتخابية وذهبوا إلى انتخاب ترامب. كانت في الأصل مؤيدة للحزب الديمقراطي، لكنها شرحت لي عندما التقيت بها الخريف الماضي عن تأثرها بدعوة ترامب لإيقاف حرب غزة، والأهم أنها سمعت ذلك منه شخصياً، إذ اتصلت بها حملته الانتخابية وأمنت لها لقاءً معه، وقبل أن تطالبه، بادرها هو بالتعهد بالعمل على إيقاف الحرب. جاء وقف إطلاق النار فعلاً، لكن الحرب في غزة عادت. طرحت هذا الأمر على سمراء عندما التقيت بها مرة أخرى مع مرور مئة يوم على رئاسة ترامب. أكدت لي أن من انتخبوا ترامب ما زالوا متمسكين بخيارهم وليسوا نادمين على انتخابه. وأشارت إلى أن البديل الذي يمثله الحزب الديمقراطي كان ليكون أسوأ دائماً، إذ امتدت الحرب وطالت في عهد الديمقراطيين. ذكرتني سمراء بقضية أخرى تحتل مكانة مهمة عند الأمريكيين العرب والمسلمين، وقد لعبت دوراً كبيراً في انتخابهم لترامب، وهي قضية السياسات الاجتماعية التقدمية لخصومه. تقول سمراء إن سياسات التركيز على قضايا المجموعات ذات الهوية الجنسية المختلفة والاتهامات للحكومة ولإدارات المدارس بالتأثير على الطلاب الصغار أدت إلى حالة استياء وفزع في أوساط المحافظين اجتماعياً في الولايات المتحدة، ومعظم العرب الأمريكيين محافظون اجتماعياً بالمعايير الأمريكية. أدى ذلك الأمر إلى صعود نسبة تأييد ترامب عند العرب من مسلمين ومسيحيين. BBC يرى الأب غريغوري أن العرب ينجذبون للأجندة المحافظة لترامب وقد حدثني الأب غريغوري، وهو من أصل لبناني، عن انجذاب العرب إلى الأجندة والهوية المحافظة لترامب بمواجهة تلك السياسات التقدمية اجتماعياً التي شجعها خصومه. لكن ترامب فرض بعد صعوده إلى الرئاسة إجراءات صارمة في مجال الهجرة استهدفت بعض من عبّروا عن آراء احتجاجية ضد السياسات الإسرائيلية. مع ذلك يرى أنصار ترامب أن تلك الإجراءات مفهومة ومبررة، إذ يقول الأب غريغوري إن معظم التغطيات الإعلامية تأتي من وسائل إعلام ليبرالية مؤيدة لخصوم ترامب، وتبالغ في الحديث عن السياسات الصارمة وحجم تأثر العرب بها. ويقول إنه يتفهم أن أي دولة تحتاج إلى حماية أمنها ويجب على المهاجرين تفهم ذلك والالتزام بالقوانين. كان من المفارقات أن لقائي مع الأب غريغوري تم داخل مركز إسلامي شيعي في ديربورن، يشرف عليه صديقه الشيخ هاشم الحسيني. وللحسيني قصة درامية مع ترامب، إذ أيد ترامب في الانتخابات وكان مرشحاً لأداء الصلاة مع ممثلين من أديان أخرى في حفل التنصيب. لكن الحسيني تعرض لاتهامات بالطائفية، كما ولم يدن حزب الله اللبناني الذي تصنفه الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب. أُبعد الحسيني عن حفل التنصيب، لكنه ما يزال متمسكاً بترامب وآرائه التي أثارت الجدل والاتهامات ضده. قال لي هاشم الحسيني إن تلك الاتهامات تصدر عن أشخاص لهم أجندة لا تتفهم موقعه الديني، فموضوع التصنيف الإرهابي للجماعات يتغير أحياناً بتغير الأزمان والإدارات. وذكر كذلك حجم الخطاب الذي يدين طهران في واشنطن وإلى اتهامات الولايات المتحدة لإيران بدعم الإرهاب، ومع ذلك أشار الحسيني إلى حوار إدارة ترامب مع إيران بهدف الوصول إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي. مقدرة ترامب على جمع أناس من مختلف التوجهات والأساليب كانت السبب الرئيسي لفوزه في الانتخابات في ميشيغان وفي عموم الولايات المتحدة. هذا ما كان يدور في بالي عندما أنهيت لقائي مع الشيخ الحسيني، الذي بدا مستمراً في توجيه الاتهامات لإسرائيل والسعودية وغيرهما من حلفاء ترامب، لكن الحسيني يبقى مؤيداً لترامب ويعبر عن استمرار إعجابه به على المستوى الشخصي والسياسي. BBC عبّر واصل يوسف عن قلقه من احتمال خسارة الحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية للكونغرس لكن بعض مؤيدي ترامب من العرب وغيرهم، يعربون اليوم عن القلق من تأثير سياساته الاقتصادية ومن تأخر الوصول إلى حل للوضع في الشرق الأوسط على الحزب الجمهوري في الانتخابات المقبلة. حدثني عن ذلك واصل يوسف، وهو من أصل سوري، وعضو في منظمة "أمريكيون من أجل ترامب"، التي غيرت اسمها الآن إلى "أمريكيون من أجل السلام". يقول يوسف إن التغييرات والإصلاحات التي قدمها ترامب في المجال الاقتصادي هي إجراءات قوية من زعيم قوي صاحب إرادة، لكنها قد تسبب بعض الآلام، وهناك من بين أنصار ترامب من لا يؤيدها. وعبر لي يوسف عن قلقه من احتمال خسارة حزب ترامب الجمهوري في الانتخابات النصفية للكونغرس التي ستجري العام المقبل. مع ذلك يستمر يوسف وهو يعمل في شركة ستلانتس الكبرى لصناعة السيارات بتأييد ترامب والعمل على حشد الدعم له ولسياساته. BBC عبّرت فَيْ نمر عن ثقتها بأن الأمريكيين العرب سيحاسبون الحزب الجمهوري إذا لم يفِ الرئيس بوعوده ميشيغان هي بالتأكيد عاصمة صناعة السيارات في الولايات المتحدة، والعاملون في ذلك القطاع يمثلون أيضاً شريحة مهمة عند ترامب. استطاع ترامب أن يخترق التأييد التقليدي الذي يحظى به الحزب الديمقراطي في أوساط نقابات العمال ليحشد تأييد جزء مهم من أعضاء تلك النقابات، وكان ذلك أمراً حاسماً في فوزه. التقيت أيضاً بالمديرة التنفيذية لغرفة التجارة الأمريكية للشرق أوسطيين، فَيْ نمر، وهي من أصل لبناني. حدثتني عن ثقتها بأن العرب الأمريكيين سيحاسبون حزب ترامب الجمهوري إذا لم يفِ الرئيس بوعوده، وأن ذلك سيحصل في جولات انتخابية قادمة للكونغرس وغيره من المجالس والمناصب على مستوى الولايات أو على المستوى الوطني الاتحادي. لكنها عبرت عن اعتقادها بأن ترامب هو الرئيس القادر على إيجاد حل للقضية الفلسطينية وعلى إيقاف الحروب في الشرق الأوسط والعالم. كان واضحاً من خلال أحاديثي مع معظم الأمريكيين العرب الذين أيدوا ترامب أن هناك علاقة ثقة وحب قد نُسجت بينهم وبين ترامب، رغم أنهم لا يتفقون أحياناً مع بعض أساليبه أو حتى سياساته. لكن أسلوبه الشخصي المباشر، والأهم من ذلك إحساسهم بأن الاتصال مفتوح ودائم مع فريقه والمقربين منه، وبأن الحوار دائم وعن طريقه يمكن التأثير على ترامب. كل ذلك يؤدي إلى استمرارهم بالاقتناع بأن بإمكانهم التأثير وتغيير السياسات التي لا يتفقون معها، وبأنهم يتعاملون مع رئيس مختلف في علاقته معهم وقربه منهم.