
شركة إماراتية بقيمة 80 مليار دولار تغازل ترمب وتستقطب وول ستريت
تشهد أبوظبي تدفقاً غير مسبوق من كبار المصرفيين الاستثماريين. إذ يسعى عمالقة وول ستريت، من أمثال "غولدمان ساكس" و"مورغان ستانلي"، لاستمالة لاعب جديد بارز على الساحة، وهو كيان منبثق عن شركة النفط الوطنية تقدر قيمته بنحو 80 مليار دولار ويطمح لمضاعفة حجمه خلال العقد المقبل.
ومع استعداد الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزيارة العاصمة الإماراتية الأسبوع المقبل، بدأت تبرز هذه الشركة غير المعروفة على نطاق واسع كلاعب رئيسي في توطيد العلاقات بين أبوظبي وواشنطن. وتستعد الشركة المعروفة باسم "إكس أر جي" (XRG) لضخ استثمارات بمليارات الدولارات، مع تركيز واضح على السوق الأميركية، بما ينسجم مع دعوات ترمب لتشجيع تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى الولايات المتحدة.
وحتى قبل تولي ترمب منصبه، بدأت أبوظبي في تشكيل "إكس آر جي" كذراع استثماري يركز على صفقات في قطاع الطاقة، ووفقاً لأشخاص مطّلعين على الأمر، فإن قلة من الشركات على مستوى العالم ستتمكن من مجاراتها من حيث القوة المالية. وستُوجّه العديد من استثماراتها إلى الولايات المتحدة، حيث تستثمر دولة الإمارات في مختلف القطاعات، في إطار سعيها للحصول على تنازلات من إدارة ترمب.
كذلك، يُعد كسب دعم ترمب أولوية قصوى للإمارات التي تسابق الزمن لتصبح قوة تكنولوجية، وتحتاج إلى الحصول على رقائق "إنفيديا" (Nvidia) المتقدمة، التي خضعت لقيود صارمة خلال إدارة جو بايدن.
استثمارات إماراتية ضخمة في السوق الأميركية
تعهدت الإمارات بضخ استثمارات قدرها 1.4 تريليون دولار في الاقتصاد الأميركي خلال العقد المقبل، من خلال عدة كيانات من بينها "إم جي إكس" (MGX) التي تشارك في تمويل مشروع الذكاء الاصطناعي البالغ قيمته 100 مليار دولار والذي يدعمه ترمب. وتُعد الطاقة محوراً أساسياً ضمن الخطط الاستثمارية للدولة الخليجية داخل الولايات المتحدة، فيما بدأت "إكس أر جي" بالفعل في تشكيل فريق داخلي مختص بصفقات الدمج والاستحواذ، بحسب أشخاص مطلعين على الأمر.
وفي هذا السياق، قال جيم كراين، الزميل في دراسات الطاقة بجامعة رايس في هيوستن: "من الواضح تماماً أن توقيت انطلاق 'إكس آر جي' مذهل. لقد كانوا يطوّرون استراتيجية الشركة منذ فترة، لكن ما يحدث الآن يضع أبوظبي في المجال الصحيح لتكون على الجانب الصحيح من الإدارة". وأضاف: "لأغراض استراتيجية، فقد ساعد ذلك كثيراً".
وقال متحدث باسم "إكس آر جي" إن قطاع الطاقة كان لسنوات محور الشراكة المتنامية بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة، وإن وتيرة هذا النمو تتسارع حالياً. وأضاف أن الشركة "تتعاون بفعالية مع بنوك استثمارية رائدة بشأن فرص عالية الجودة، خصوصاً داخل السوق الأميركية".
استحواذات استراتيجية في الطاقة والتكنولوجيا
تُعد "إكس أر جي" أحدث الكيانات العملاقة المتخصصة في إبرام الصفقات في أبوظبي، التي تعتبر بالفعل موطناً لثلاثة صناديق ثروة سيادية تدير أصولاً تقارب 1.7 تريليون دولار.
وقد تأسست الشركة الجديدة بعد فصلها من شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك"، لتتولى مسؤولية إبرام صفقات استحواذ دولية في قطاعات متنوعة تشمل الغاز الطبيعي والطاقة منخفضة الكربون والكيماويات.
من المتوقع أن تتركز نسبة كبيرة من عمليات الاستحواذ هذه داخل الولايات المتحدة، حيث تخطط "إكس أر جي" لتوسيع عملياتها في شراء أصول الغاز الطبيعي والاستثمار في مشروعات البنية التحتية للطاقة، وهي استثمارات تتماشى مع توجهات ترمب الذي يدعو إلى زيادة الإنتاج المحلي للطاقة كوسيلة للحد من الأسعار.
كذلك، تسعى "إكس أر جي" إلى استكشاف فرص استثمارية واعدة في قطاعي الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للبيانات، وهما مجالان يحظيان باهتمام خاص من إدارة ترمب.
ومع ذلك، ثمة تحديات محتملة، إذ ستكون الشركة الجديدة بمثابة كيان يضم أصولاً متعددة. ولا تزال استراتيجيتها قيد الإعداد داخلياً، رغم أن الأسابيع المقبلة ستشه وضوحاً أكبر يمهد الطريق أمامها لبدء ضخ الاستثمارات، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
تسهيلات أميركية منتظرة
في ظل تباطؤ نمو الاقتصاد الأميركي، باتت صفقات الاستثمار الأجنبي ذات أهمية قصوى لترمب، الذي يحرص على تسويقها كإنجازات سياسية. وتبرز الإمارات كلاعب رئيسي في هذا المشهد، بوصفها من بين الدول القليلة القادرة على ضخ استثمارات بهذا الحجم والتي تتمتع باحتياطيات نقدية ضخمة.
لكن في مقابل تدفق هذه الاستثمارات، وخاصة من كيانات مثل "إكس أر جي"، تسعى الإمارات لتحقيق مجموعة من الأهداف السياسية الإضافية.
فبعد إعلان الإمارات عن تعهد استثماري ضخم، تسارعت وتيرة المحادثات الأميركية بشأن احتمال تخفيف القيود المفروضة على تصدير الرقائق الإلكترونية إلى أبوظبي، رغم عدم اتخاذ قرار رسمي بعد، بحسب ما أوردته "بلومبرغ نيوز" هذا الشهر. وفي تقرير آخر نُشر هذا الأسبوع، كشفت "بلومبرغ" أن ترمب يدرس إلغاء القيود العالمية المفروضة على صادرات أشباه الموصلات، وأن واشنطن قد تدخل في مفاوضات مباشرة مع دول مثل الإمارات بهذا الشأن.
إلى جانب ذلك، من المتوقع أن تطلب الإمارات إعفاءات من الرسوم الجمركية البالغة 25% المفروضة على صادراتها من الألمنيوم إلى الولايات المتحدة، وفقاً لبعض الأشخاص المطلعين. كما تسعى إلى تسريع وتيرة الموافقات على صفقاتها الاستحواذية داخل السوق الأميركية، بحسب الأشخاص نفسهم.
ولم يستجب مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض لطلب التعليق على الأمر.
سلطان الجابر يقود النفوذ الاستثماري
مع تصاعد الاستثمارات الإماراتية في السوق الأميركية، يبرز سلطان الجابر، الرئيس التنفيذي لشركة "أدنوك"، كأحد أكثر الشخصيات تأثيراً في صياغة هذا التوجه. فبفضل خبرته الطويلة في التعامل مع دوائر صنع القرار، يتولى الجابر عدة أدوار، حيث يشغل أيضاً منصب الرئيس التنفيذي لـ"إكس أر جي" ووزير التكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات.
وقد رافق الجابر مستشار الأمن الوطني الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان في زيارته الأخيرة إلى واشنطن، التي شهدت الإعلان عن خطة استثمارية إماراتية بقيمة 1.4 تريليون دولار.
خلال تواجده في الولايات المتحدة، ألقى الجابر كلمة في مؤتمر بارز بمدينة هيوستن، وزع خلاله أساور مطاطية تحمل شعار "إكس أر جي"، وأنهى كلمته بشعار "لنجعل الطاقة عظيمة مجدداً"، في إشارة رمزية واضحة لحملة ترمب الشهيرة "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً".
وقال الجابر حينها: "خلال الأشهر المقبلة وفي المستقبل القريب، سترون استثمارات كبيرة وجادة وبارزة من (إكس أر جي) في قطاع الطاقة هنا في الولايات المتحدة".
يتمتع سلطان الجابر بسجل حافل في إنجاز المهام. فخلال ترؤسه لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ لعام 2023 في دبي، جمع بين مهاراته الدبلوماسية وقدرته على الحديث بحزم، مما مكنه من دفع المعارضين نحو التوافق.
واليوم، يُبدي حماسة شديدة تجاه كيان "إكس آر جي"، مشيراً بسرعة إلى أن الاسم مشتق من كلمة "إكسرجي" (Exergy)، التي تعني الحد الأقصى من الأثر الناتج عن وحدة واحدة من الطاقة.
وفي الأثناء، ترى بنوك الاستثمار في "إكس آر جي" مصدراً جديداً للرسوم، مع انطلاق الكيان في موجة من الصفقات. ويُعد هذا الكيان بالغ الأهمية لوول ستريت، في وقت تشهد فيه صفقات الاستحواذ العالمية حالة من التباطؤ بسبب الاضطرابات في الأسواق.
قيادات عالمية تقود "إكس أر جي"
ولأهمية خطط "إكس آر جي" العالمية بالنسبة لأبوظبي، تم تعيين شخصيات دولية بارزة في قمة مجلس إدارته. ومن بين الأسماء الرئيسية: الرئيس التنفيذي السابق لشركة "بي بي" (BP) برنارد لوني، ورئيس شركة "بلاكستون" (Blackstone) جون غراي.
وبحسب أشخاص مطلعين، تدرس شركة "أدنوك" تعيين شخصية بارزة من خارج الشركة تتمتع بخبرة استثمارية لتولي منصب الرئيس التنفيذي لوحدة "إكس آر جي". وبصفته رئيساً تنفيذياً لمجلس الإدارة، يُنظر إلى سلطان الجابر على أنه يتمتع بنفوذ كبير أيضاً، وفقاً للمصادر نفسها. وقال المتحدث باسم الشركة: "'أدنوك' و'إكس آر جي' كيانان منفصلان"، مضيفاً أن "إكس آر جي" تعمل باستقلالية كاملة وتمتلك فريق قيادة خاصاً بها، بما يتيح لها نهجاً مرناً في اتخاذ القرارات.
الإمارات تنوع اقتصادها بعيداً عن النفط
يؤكد مسؤولون إماراتيون أن استثمارات بلادهم في قطاع الطاقة الأميركي، مثل تلك التي تقودها "إكس أر جي"، تُعد جوهرية لتحقيق النمو الاقتصادي، ولخطة البلاد لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط الخام. وتحقق الإمارات فوائض في الميزانية، على عكس السعودية، التي توقعت "غولدمان ساكس" أن يصل عجز موازنتها إلى 67 مليار دولار هذا العام، ما يجعل من أبوظبي عنصراً محورياً في أجندة الرئيس الأميركي الاقتصادية.
وتنخرط "أدنوك" بالفعل في أنشطة استثمارية داخل الولايات المتحدة، تشمل شراء أصول في الغاز الطبيعي ومجالات أخرى، ستندمج لاحقاً ضمن "إكس آر جي". ومن بين هذه الأصول شركة "كوفيسترو" (Covestro) الألمانية المتخصصة في الصناعات الكيماوية، والتي استحوذت عليها "أدنوك" مقابل 13 مليار دولار العام الماضي، وستكون أيضاً جزءاً من الكيان المنبثق الجديد.
مع ذلك، من المرجح أن تواجه الصفقات المقترحة على "إكس آر جي" تدقيقاً داخلياً صارماً من حيث السعر والتقييم، بحسب ما أفاد أشخاص مطّلعون على الأمر، وذلك رغم الضرورة الاستراتيجية المتمثلة في استمالة الرئيس ترمب عبر الاستثمارات في الولايات المتحدة.
وفي نهاية المطاف، تسعى أبوظبي إلى أن "يُنظر إليها كلاعب جاد، لا كجهة مستعدة لدفع أي سعر مقابل أي أصل"، بحسب ما قالته راشيل زيمبا، الزميلة البارزة غير المقيمة في "مركز الأمن الأميركي الجديد" (Center for a New American Security).
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مباشر
منذ 21 دقائق
- مباشر
"مورجان ستانلي": الأسهم الأمريكية قد لا تعود لما كانت عليه
مباشر: حذرت ليزا شاليت، كبيرة مسؤولي الاستثمار في وحدة "مورجان ستانلي" لإدارة الثروات، مستثمري الأسهم من تجاهل ثلاثة اختلالات رئيسية في السوق قد تؤثر عليهم سلبًا. وترى شاليت أن هناك "ثقةً راسخةً" بين المستثمرين بأن الخفض المؤقت للرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين، وضع حدًا دائمًا لحالة عدم اليقين بشأن الحرب التجارية، مما أعاد الأسهم إلى مستوياتها التي كانت عليها في الأول من يناير. وكتبت في مذكرة: "يأتي هذا الارتداد في ظل تقديرات أرباح متدهورة لا تزال تشير إلى مضاعفات تقييم مستقبلية أعلى من أي وقت مضى مقارنة ببداية العام.. أي إن المستثمرين مستعدون الآن لدفع مبالغ أكبر بكثير مقابل مضاعف أرباح السهم للعام المقبل".


مباشر
منذ 21 دقائق
- مباشر
انخفاض الأسهم الأمريكية مع متابعة تصريحات مسؤولي الفيدرالي
مباشر: تراجعت الأسهم الأمريكية عند افتتاح تعاملات الثلاثاء، مع متابعة المستثمرين تصريحات عدد من مسؤولي الفيدرالي بشأن مستقبل السياسة النقدية، مع مخاوف من تصاعد العجز المالي الفيدرالي في ظل ارتفاع الديون. وانخفض مؤشر "داو جونز" الصناعي بنسبة 0.1% أو 53 نقطة إلى 42738 نقطة. كما تراجع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.3% إلى 5946 نقطة، مع تراجع "ناسداك" المركب بنسبة 0.45% أو 88 نقطة إلى 19122 نقطة.


مباشر
منذ 21 دقائق
- مباشر
7.3% ارتفاعا في قيمة سهم "دي-ويف كوانتوم"
مباشر: ارتفع سهم "دي-ويف كوانتوم" بوتيرة حادة خلال تعاملات ما قبل افتتاح وول ستريت الثلاثاء، بعدما أطلقت الشركة أحدث أنظمتها للحوسبة الكمومية في السوق. وصعد السهم المدرج في نيويورك تحت الرمز (QBTS) بنسبة 20% إلى 15.78 دولار، بعدما أغلق تعاملات أمس على ارتفاع بنسبة 7.35%. وأعلنت الشركة عن الحاسوب الكمي "أدفانتج 2"، وهو الإصدار السادس وأكثر أنظمة الشركة تطورًا، وفق ما أوردت شبكة "سي إن بي سي".