سينما مصر .. هل تستعيد السينما المصرية بريقها ؟
دراسة يكتبها :علي عبد الرحمنعلى مدار قرن من الزمان، مثلت السينما المصرية شهادة حية على تطور المجتمع المصري وتحولاته العميقة، وبدأت هذه الرحلة في عام 1896 مع أول عرض سينمائي في الإسكندرية، حيث كانت البداية البسيطة تتسم بفضولية وافتتان الأفراد بجديد هذا الفن الناشئ ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف السينما عن التفاعل مع التحولات الاجتماعية والثقافية في مصر، مقدمةً مرآة عاكسة لمجريات الأحداث وتطورات المجتمع.صعود وهبوط عبر العقود: سيرة الأرقام والأفلامتجسد السينما المصرية على مدار قرنٍ من الزمان مسيرةً غنيةً مليئةً بالتقلبات والصعودوالهبوط، من بداياتها المتعثرة في العشرينيات إلى الحقبة الرقمية الحالية، شهدت هذهالصناعة تحولات بارزة تعكس التغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي مرت بها البلاد. في هذا السياق، نستعرض مسيرة السينما المصرية عبر العقود، متناولين أبرز المحطات والنقاط الفارقة التي شكلت تطور هذه الصناعة.العقد الأول: البدايات المتعثرة (-1927 1929)في أواخر عشرينيات القرن الماضي، كانت السينما المصرية في مرحلة التجريب والتكوين، تم إنتاج 7 أفلام فقط خلال الفترة من 1927 إلى 1929، مما يعكس بدايات متعثرة تسعى لتأسيس صناعة فنية متكاملة. كانت هذه الأفلام تجريبية في طبيعتها، تحاول اكتشاف إمكانيات هذا الفن الجديد في مصر، وعلى الرغم من محدودية الإنتاج، فإن هذه الفترة كانت تمهيداً لظهور ما سيصبح لاحقاً صناعة سينمائية مزدهرة.العقد الثانى: الانطلاقة الحقيقية (-1927 1939)بحلول نهاية الثلاثينيات، بدأت السينما المصرية في إرساء أسس قوية لنموها، وارتفعت أعداد الأفلام المنتجة إلى 99 فيلمًا بين 1927 و1939، وتميزت هذه الفترة بظهور العديد من الرواد الذين ساهموا في تشكيل هوية السينما المصرية، مثل نجيب الريحاني وأمينة رزق. كانت هذه الأفلام تعكس تطلعات المجتمع المصري وتواكب التغيرات الاجتماعية والسياسية التي كانت تجري في ذلك الوقت، مما ساعد في وضع حجر الأساس لصناعة سينمائية متطورة.العقد الثالث: الحرب والازدهار (1949-1940)رغم التحديات التي فرضتها الحرب العالمية الثانية، شهدت الأربعينيات قفزة كبيرة في الإنتاج السينمائي، حيث تم إنتاج 322 فيلمًا خلال هذه الفترة، بدأت السينما تجد جمهورها الواسع وتصبح جزءًا أساسيًا من الثقافة المصرية، وقدمت الأفلام في هذه الحقبة مزيجًا من الأعمال التي تتناول القضايا الاجتماعية والوطنية، مما ساعد في تعزيز دور السينما كمؤثر ثقافي رئيسي في المجتمع.العقد الرابع: العصر الذهبي (1959-1950)تميزت الخمسينيات بأنها العصر الذهبي للسينما المصرية، مع إنتاج 529 فيلمًا، كانت هذه الأفلام تمثل ذروة الإبداع الفني، حيث قدمت أعمالًا تتنوع بين الدراما والرومانسية والكوميديا، واستطاعت أن تعكس طموحات المجتمع المصري في فترة ما بعد ثورة .1952 شهدت هذه الفترة بروز أسماء لامعة مثل فاتن حمامة، وعبد الحليم حافظ، وأحمد مظهر، الذين شكلوا جزءًا أساسيًا من هوية السينما المصرية وتركوا بصمة دائمة في تاريخها.العقد الخامس: التحديات السياسية (1969-1960)على الرغم من التوترات السياسية والاجتماعية التي مرت بها مصر في الستينيات، حافظت السينما على قوتها الإنتاجية، حيث تم إنتاج 455 فيلمًا، هذه الفترة شهدت استمرارية السينما كوسيلة للتعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية، وركزت الأفلام في هذه الحقبة على القضايا الوطنية والاجتماعية، مع التركيز على تعزيز الهوية القومية ومواجهة التحديات التي كانت تمر بها البلاد.العقد السادس: تغيير الأذواق(1979-1970)شهدت السبعينيات تراجعًا طفيفًا في عدد الأفلام، مع إنتاج 460 فيلمًا، ويمكن أن يُعزى هذا التراجع إلى التغيرات الاجتماعية والسياسية، وكذلك ظهور أنماط جديدة من الترفيه، وكانت الأفلام التي أُنتِجَت في هذه الفترة تعكس التغيرات التي شهدها المجتمع المصري، من حيث القضايا الاجتماعية والاقتصادية، وتميزت الأفلام بالاهتمام بالموضوعات التي تعكس التحديات والتطلعات الجديدة التي كانت تواجهها البلاد.العقد السابع: عودة قوية(1989-1980)كانت الثمانينيات فترة انتعاش بارز للسينما المصرية، مع إنتاج 574 فيلمًا، كان عام 1986 تحديدًا من أبرز السنوات، حيث شهد أعلى إنتاج في عام واحد عبر التاريخ السينمائي المصري، مع إنتاج 96 فيلمًا، وتميزت هذه الفترة بالتنوع في الموضوعات والألوان السينمائية، حيث عادت السينما المصرية إلى تحقيق النجاح والانتعاش بعد فترة من التراجع شهدت هذه الحقبة بروز جيل جديد من المخرجين والفنانين الذين ساهموا في تجديد صناعة السينما وتوسيع نطاقها.العقد الثامن: التراجع التدريجي (1999-1990)رغم النجاح الكبير في الثمانينيات، شهدت التسعينيات تراجعًا ملحوظًا في أعداد الأفلام، حيث بلغ عددها 392 فيلمًا. كانت سنة 1997 الأكثر تأثيرًا في هذا التراجع، حيث سجلت أقل عدد أفلام في سنة واحدة، وهو 16 فيلمًا، ويعكس هذا التراجع مجموعة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي واجهت صناعة السينما، مما أثر على الإنتاج والتنوع في الأفلام المقدمة، وبالرغم من هذه الصعوبات، فإن بعض الأفلام التي أُنتِجَت في هذه الفترة كانت تعكس الجهود المبذولة لإعادة إحياء الصناعة وتحقيق النجاح على مستوى الجمهور والنقاد.العقد التاسع: بداية الألفية(2009-2000)مع دخول الألفية الجديدة، استمر التراجع في الإنتاج، حيث بلغ عدد الأفلام 330 فيلمًا، ويعكس هذا التراجع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية وأشكال الترفيه الجديدة التي طرأت في ذلك الوقت، كما شهدت هذه الفترة ظهور جيل جديد من الفنانين والمخرجين الذين حاولوا التعامل مع التحديات الحديثة والتكيف مع متطلبات الجمهور المتغير، وكانت هذه الحقبة مرحلة انتقالية، حيث سعت صناعة السينما إلى التكيف مع التغيرات الرقمية والتكنولوجية التي بدأت تؤثر على الإنتاج وتوزيع الأفلام.العقد العاشر: العقد الرقمى (2019-2010)شهد العقد الثاني من الألفية استقرارًا نسبيًا، مع إنتاج 342 فيلمًا، أدخلت التقنيات الرقمية تغييرات كبيرة في أساليب الإنتاج، مما ساهم في تحديث الصناعة والتوسع في استخدام التكنولوجيا الحديثة ومع ذلك، كانت التحديات من المنصات الرقمية واضحة، حيث بدأت تتزايد المنافسة مع وسائل الترفيه الرقمية الأخرى، وتميزت هذه الفترة بالتنوع في الأنماط الفنية والتجريب، حيث قدمت السينما المصرية مجموعة متنوعة من الأفلام التي تراوحت بين الكوميديا والدراما والتشويق.العقد الحالى: التحولات الجديدة(2023-2020)مع انتشار المنصات الرقمية وتأثير جائحة كورونا، تراجعت أعداد الأفلام إلى 107 أفلام فقط بين 2020 و2023، ويعكس هذا التراجع التغيرات الكبيرة في صناعة السينما على مستوى العالم، حيث أصبح من الضروري التكيف مع التغيرات الرقمية وتأثير الجائحة على الإنتاج والتوزيع. شهدت هذه الفترة تحولًا كبيراً في كيفية استهلاك الأفلام، مع التركيز على المنصات الرقمية كوسيلة رئيسية لعرض الأفلام والتفاعل مع الجمهور، كما برزت تحديات جديدة في مواجهة المنافسة مع المحتوى الرقمي وسرعة التغير في تفضيلات الجمهور.الخلاصة من خلال هذه الرحلة عبر العقود، يظهر بوضوح كيف أن السينما المصرية كانت مرآة تعكس التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي مرت بها البلاد، من البدايات المتعثرة إلى الازدهار الكبير، ومن التحديات السياسية إلى التحولات الرقمية، كانت السينما المصرية شاهدةً على تطورات كبيرة وساهمت في تشكيل الثقافة والفن في مصر، وعلىالرغم من التحديات المستمرة، فإن السينما المصرية تظل رمزًا للإبداع والتنوع، حيث تسعى دائمًا للتكيف مع المتغيرات وتحقيق النجاح في عالم يتغير بسرعة.هل ستستعيد السينما المصرية بريقها؟في عصر تتسارع فيه التغيرات التكنولوجية وتفور فيه الابتكارات الرقمية، تبرز تساؤلات جوهرية حول مستقبل السينما المصرية، وخاصةً في ظل المنافسة الشديدة التي تفرضها المنصات الرقمية. تأتي هذه التساؤلات في سياق مشهد ديموغرافي متغير، يشمل تغييرات كبيرة في التركيبة السكانية وتطورات اجتماعية واقتصادية لذا، يبقى السؤال المحوري: هل ستتمكن السينما المصرية التقليدية من استعادة بريقها في ظل هذه التحولات، أم ستظل المنصات الرقمية هي القوة المهيمنة؟النمو الديموغرافى وتأثيره على المشهد السينمائىعبر تاريخها، تواصلت السينما المصرية مع النسيج الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، وتأثرت بشكل عميق بالتحولات الديموغرافية التي مرت بها، ومن بداية القرن العشرين حتى العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، شهدت مصر تغييرات سكانية ملحوظة، وكان لهذه التغيرات تأثيرات ملموسة على صناعة السينما في البلاد.في ثلاثينيات القرن الماضي، كان تعداد السكان في مصر 15.8 مليون نسمة، وهي فترة تميزت بتزايد الاهتمام بالسينما كوسيلة ترفيهية واجتماعية جديدة.جاء هذا التزايد في عدد السكان في وقت كان فيه المجتمع المصري يشهد تحولات اجتماعية واقتصادية جذرية. كانت السينما في هذا العقد لا تزال في مراحلها التكوينية، وجاءت كوسيلة لتوثيق الحياة اليومية وتعبير عن تطلعات المجتمع المصري المتغير.مع دخول الأربعينيات، ارتفع عدد السكان إلى 18.4 مليون نسمة، مما أسهم في توسع صناعة السينما. كانت هذه الفترة صعبة على مستوى الحرب العالمية الثانية، حيث تأثرت الصناعة بصعوبة الحصول على المواد الخام وازدياد الانقسامات السياسية والاجتماعية.ومع ذلك، فإن الانتعاش الاقتصادي النسبي الذي تلى الحرب ساعد على تعزيز إنتاج الأفلام،وتوسيع جمهورها ليشمل شريحة أكبر من المجتمع المصري، مما أتاح للسينما أن تصبح جزءًا أساسيًا من الحياة الثقافية.في الخمسينيات، سجلت مصر زيادة سكانية ملحوظة، حيث ارتفع عدد السكان إلى 20 مليون نسمة، وجاءت هذه الزيادة في وقت شهدت فيه البلاد تحولات سياسية كبيرة بعد ثورة 1952 وتأسيس الجمهورية، وتأثرت السينما بهذه التغيرات، حيث انتقلت من تقديم أفلام ذات طابع ترفيهي بسيط إلى معالجة قضايا اجتماعية وسياسية تعكس التطلعات الجديدة للمجتمع المصري، وكان هذا العقد بمثابة فترة تكوين لأساليب سينمائية جديدة تعكس الهموم والمشاغل اليومية للمصريين في ظل التغيرات الكبرى التي شهدتها البلاد.في الستينيات، زاد عدد السكان إلى 26.1 مليون نسمة، متزامنًا مع طموحات سياسية كبيرة، هذه الفترة كانت مليئة بالتحديات والتغيرات، مما أثر بشكل كبير على السينما، وساهم المخرجون في تقديم أعمال تعكس الطموحات الوطنية والأزمات الاجتماعية، مثل الأفلام التي تناولت الثورات والنضال ضد الاستعمار.كانت السينما في هذه الحقبة مرآة للتغيرات الكبرى التي طرأت على المجتمع، حيث شهدت بروز جيل جديد من المبدعين الذين ساهموا في توسيع حدود الفن السابع.في السبعينيات، ارتفع تعداد السكان إلى 35 مليون نسمة، مما أدى إلى مزيد من التوسع في صناعة السينما، وكانت هذه الفترة فترة تأمل وتجديد، حيث أصبحت الأفلام تعكس التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي واجهتها البلاد، بالإضافة إلى محاولة تقديم صورة جديدة للمجتمع المصري في ظل التغيرات السياسية والاجتماعية التي أعقبت حرب أكتوبر .1973تسارع النمو السكاني في الثمانينيات إلى 42 مليون نسمة، وأدى هذا التزايد إلى تغييرات ملحوظة في كيفية تناول السينما للمجتمع، وظهرت أنواع جديدة من الأفلام تعكس الواقع الاجتماعي المتغير، بما في ذلك أفلام تناولت قضايا الهجرة الداخلية والتفاوت الاقتصادي، كما شهدت هذه الحقبة دخول عناصر جديدة إلى صناعة السينما، مما أسهم في توسيع نطاق الإنتاج وتنوعه.في التسعينيات، تخطى عدد السكان 48 مليون نسمة، ومع هذا النمو، أصبحت السينما المصرية تواجه تحديات جديدة، بما في ذلك الحاجة إلى تلبية متطلبات جمهور متزايد ومتغير. كما واجهت الصناعة صعوبات في التكيف مع التغيرات الاقتصادية والسياسية، مما انعكس في نوعية الأفلام التي تم إنتاجها.بحلول عام 2020، سجلت الأرقام عدد سكان يصل إلى 101.4 مليون نسمة، ويعكس هذا الرقم الزيادة السكانية الكبيرة التي شهدتها البلاد، ويشكل تحديات وفرصًا جديدة لصناعة السينما، ومع هذا العدد الكبير من السكان، أصبح من الضروري أن تتطور السينما لتلبية احتياجات جمهور متنوع ومتشعب، واحتضان التغيرات الثقافية والاجتماعية التي ترافق هذه الزيادة. كما تبرز أهمية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة في الوصول إلى الجمهور وتحقيق النجاح في السوق المتغير.إجمالًا، فإن النمو الديموغرافي في مصر كان له تأثيرات عميقة ومتعددة الأوجه على السينما. من مرحلة النشوء والتكوين في الثلاثينيات إلى مرحلة التحديات الجديدة في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، كانت السينما المصرية مرآة تعكس التغيرات الكبيرة التي مرت بها البلاد، مع تقديم أعمال تعكس تطلعات وآمال وتحديات المجتمع المصري عبر الزمن.اقرأ أيضا: سينما مصر .. مرآة التحولات الاجتماعية و الفكرية عبر قرن من الزمان

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الأهرام
منذ 5 ساعات
- بوابة الأهرام
«المرأة المقهورة» من ألمانيا لإفريقيا
تميز مهرجان كان السينمائى الدولى بفيلمين ناقشا قهر المرأة فى الماضى والحاضر. أولهما الفيلم الالمانى «صوت السقوط» وهو اول عمل للمخرجة ماشا شيلينسكى. أنها قصيدة نثرية غامضة وغريبة عن الشعور بالذنب والعار والشوق فى ألمانيا القرن العشرين، والقرن الحادى والعشرين؛ دراما عن الصدمات المتوارثة بين الأجيال والذكريات الوراثية، والرؤى والتجارب المكبوتة والموروثة للأحفاد الذين قد تعود إليهم كأعراض عصابية للمكبوتين. تتضمن قوافى بصرية وأصداء كونية غامضة، ويتحدث الفيلم عن الاستياء، والشعور بالذنب والرعب، مع لمحات قاتمة من الإساءة والتعقيم، وعبودية النساء فى الخدمة المنزلية، وعالم ألمانيا الريفية الرعوى الذى لا تُرى فيه التيارات السياسية للمدينة إلا بشكل خافت. كما يُشير الفيلم إلى المأساة المروعة لجمهورية ألمانيا الديمقراطية القديمة، التى كدّت وبذلت التضحيات لمدة 40 عامًا بعد الحرب العالمية الثانية فى ظل التبعية السوفيتية لتكتشف أخيرًا أنها ذهبت أدراج الرياح. تدور أحداث الفيلم فى الموقع نفسه فى أربعة أطر زمنية مختلفة: مزرعة فى ساكسونيا شمال شرق ألمانيا، وأربعة مبانٍ تُحيط بفناء. فى سنوات الحرب العالمية الأولى وما بعدها مباشرة، تُبتر ساق شاب يُدعى فريتز ؛ فيُجبر على الاستحمام والعناية به من قِبل الخادمة ترودى التى تتحمل هى نفسها عبء قسوة لا تُوصف. محور هذا الفصل هو ألما، وهى فتاة صغيرة تُبدى تقبّلًا فاترًا وغير مُستوعب لتقاليد العائلة الغريبة، وصور موت أفرادها المتوفين المُرعبة. بعد سنوات، وفى المنزل نفسه، تولَد لدى إريكا شغفٌ كئيبٌ بـ»العم فريتز» الأكبر سنًّا، وبصورتها الخيالية عن نفسها كمبتورة. لاحقًا، فى ألمانيا الشرقية القديمة، أنجيليكا مراهقةٌ تعمل فى المزرعة، يُسيء معاملتها عمها البغيض أوى وتُدرك فى حلمٍ أن ابن أوى - أى ابن عمها راينر يُحبها باستياء. عندما تنضم أنجيليكا إلى مجموعة العائلة لالتقاط صورة جماعية بكاميرا بولارويد، تواجه مصيرًا غريبًا مثل ألما. وفى وقتٍ لاحق، فى ألمانيا الموحدة الحديثة، تُصادق لينكا فتاةً غريبةً وجريئةً تُدعى كايا توفت والدتها. تتكشف الروابط بين الشخصيات تدريجيًا، ويلمح الفيلم إلى المزيد من الشخصيات والأحداث الغامضة والمتوقعة. تنبض الموسيقى التصويرية وتئن بقلق محيط. إنه فيلم مليء بالخوف والحزن. الفيلم الآخر هو الفيلم التونسى سماء بلاسقف وهو الفيلم الروائى الثالث للمخرجة الفرنسية التونسية إيريج صحيري، الذى عرض فى مسابقة «نظرة ما». فيلمٌ رائع الصنع وقضية اجتماعية نادرة العرض: قضية المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى العالقين فى تونس بين الأمل والعنف. ماري، قسيسة إيفوارية، تعيش فى تونس. تستضيف ناني، عاملة بلا جواز سفر، وجولي، طالبة عازمة تحمل آمال عائلتها فى الوطن. فى أحد الأيام، تستقبلان كنزة، مهاجرة مثلهما فى الرابعة من عمرها. تنجو الطفلة من حادث غرق قارب. فى الوقت نفسه، يزداد المناخ الاجتماعى توترًا فى البلاد، ويصبح المهاجرون كبش فداء سهل، مما يضطر كل منهما إلى اتخاذ خيارات حاسمة. تلعب المخرجة بلحظات التداخل، تلك اللحظات التى تتأرجح بين النور والظلام، كشخصياتها المحاصرة بين عوالم متعددة. الفيلم يستكشف التوترات الاجتماعية والعرقية فى بلد المخرجة، وربما يكون قبل كل شيء فيلمًا عن الأخوة. نسير خلفهن، نراقبهن، نكاد نلاحقهن، كرجال الشرطة التونسيين الذين نلمحهم خارج الشاشة فى ضبابية المشهد، ثم يزداد حضورهم حتى اعتقال جولى الصادم، رغم امتلاكها بطاقة طالب سارية. مع ذلك، تختلف هؤلاء النساء الثلاث اختلافًا كبيرًا: ماري، التى تؤمن إيمانًا عميقًا بالأمل والحياة الطيبة المجزية (تُسمى كنيستها «كنيسة المثابرة») لدرجة أنها لا تتخيل أن السلطات ستلاحقهن. ناني، التى تحيك المكائد مع صديقتها المقربة، وتتورط فى جميع أنواع الاتجار التافه، على أمل أن تستعيد ابنتها، التى لم ترها منذ ثلاث سنوات، إلى صفها قريبًا. فى دراماها الاجتماعية، لا تختار إيريج صحيرى الحياد البصرى للأفلام الوثائقية، بل جمالية فنية دقيقة، حيث ينعكس كل ضوء ببراعة. تدور العديد من المشاهد عند شروق الشمس أو غروبها، بين الغسق والظلام. كشخصيات الفيلم العالقة بين عوالم متعددة. أيهما تختار؟ البقاء ومواصلة رعاية المجتمع، بما فى ذلك هذه الطفلة التى لا هوية لها؟ محاولة خوض الرحلة التى لم يتمكن والداها من إكمالها؟ العودة؟ لا نهاية سعيدة ولا شعور زائف بالرضا، بل يقدم لنا الفيلم ثلاثة خيارات، ثلاثة مسارات فى الحياة، دون أحكام. ثم يعود الأمر للمشاهد ليكشف عن غموضه.


نافذة على العالم
منذ 11 ساعات
- نافذة على العالم
ثقافة : رواية "خباز الذكريات الضائعة" الأكثر مبيعا على أمازون.. عن ماذا تدور؟
الأربعاء 21 مايو 2025 04:30 مساءً نافذة على العالم - احتلت رواية "خباز الذكريات الضائعة" للمؤلفة شيرلى روساك واتشيل، من سلسلة روايات الحرب العالمية الثانية التاريخية، قائمة الكتب الأكثر مبيعا على موقع "أمازون". تدور أحداث الرواية حول الروابط المكسورة بين أفراد الأسرة، وذكريات الحرب، والخلاص والأمل فى مواجهة الخسارة المؤلمة، ونشأت لينا فى بروكلين فى ستينيات القرن الماضى، وتتمنى أن تصبح خبازة، تمامًا كما كانت والدتها فى بولندا قبل الحرب العالمية الثانية، لكن الأسئلة المتعلقة بتلك الأيام، وعن أختها التى لم تعرفها، تتجاهل بصمتٍ مُهيب، وكأن كل ما تركه والداها وراءهما كان موضوعًا لا يُناقش أبدًا. الشخص الوحيد الذى تستطيع لينا البوح له هو صديقتها المقربة، بيرل، عندما تختفى فجأة من حياة لينا، تواصل لينا مسيرتها الجامعة، والحب، والزواج، وحلم امتلاك مخبز يتحقق، والأمل فى أن تعود بيرل يومًا ما لتشاركها سعادتها، وأن تكون بجانبها فى خساراتها غير المتوقعة. فقط عندما تكتشف لينا عمق معاناة والديها، والحقيقة المذهلة عن ماضيها، يمكنهما إعادة بناء الأسرة والتغلب على الذكريات المؤلمة. يشار إلى أن شيرلي روساك واتشل هي مؤلفة كتاب "قلعة في بروكلين"، وهي قصة مؤثرة لأحد الناجين من الهولوكوست الذي يتعرض حلمه ببناء منزله الخاص وتربية أسرة في بروكلين للتهديد عندما تحدث مأساة غير متوقعة. تعكس هذه الرواية الأولى التي حظيت بثناء كبير تطلعات أي شخص يحلم بحياة أفضل، تشمل كتبها الأخرى "ثلاثة مقابل دولار"، وهي مختارات من قصصها القصيرة، و"قصة بليما"، وهي رحلة والدة المؤلفة في الهولوكوست، و"في ضوء هادئ"، وهو كتاب شعر، والعديد من كتب الأطفال، ظهرت قصصها القصيرة وقصائدها في العديد من المجلات الأدبية. ولدت واتشل ونشأت في بروكلين، وهي الآن أستاذة جامعية في نيو جيرسي حيث تعيش مع زوجها آرثر، حصلت على درجة الدكتوراه في الآداب من جامعة درو، وفي عام 2017 حصلت على جائزة باحث العام من كلية مقاطعة ميدلسكس.


صوت الأمة
منذ يوم واحد
- صوت الأمة
الوثائقية تعرض "العلمين مدينة كل الشهور" بعد اختيارها عاصمة المصايف العربية
بمناسبة اختيار المنظمة العربية للسياحة مدينة العلمين الجديدة "عاصمة المصايف العربية" لعام 2025، عرضت قناة الوثائقية الفيلم الوثائقي "العلمين.. مدينة كل الشهور". ويوثق الفيلم قصة تحول مدينة العلمين الجديدة من مدينة صغيرة على ساحل البحر الأبيض المتوسط كانت شاهدة على الحرب العالمية الثانية، إلى واحدة من أحدث مدن الجيل الرابع في مصر والشرق الأوسط، صالحة للعيش طوال العام، ولكل المصريين، بعد أن امتازت بتجمعات سكنية متكاملة الخدمات، بالإضافة إلى كونها ركيزة أساسية للتنمية، والسياحة، والاستثمار. وخلال الفيلم الوثائقي، يقول الدكتور سعيد حسانين، استشاري التخطيط العمراني، إن ما يميز مدينة العلمين الجديدة مجموعة الأبراج الحديثة والتي يمكن أن ترى من العديد من الجهات المختلفة سواء من داخل مصر أو من خلال البحر، بالتالي تلك الأبراج أصبحت علامة بصرية قوية جدا لمدينة العلمين الجديدة. ويضيف الدكتور وجيه عتيق، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، أن مدينة العلمين الجديدة جمعت بين كل الأشياء الجميلة، منها ما هو قديم ومتمثل في المسلة، والمعاصر في الأبراج السكنية الرائعة، لربط الماضي بالحاضر، لكي نظهر للعالم أن تاريخنا القديم الرائع موجود في عصرنا المعاصر. وكانت قد أعلنت المنظمة العربية للسياحة عن اختيار مدينة العلمين الجديدة عاصمة للمصايف العربية لعام 2025، وذلك بعد استيفائها للمعايير التي أعدتها المنظمة والتي تتمثل في الإدارة والعمل التنظيمي بالمصيف، والبنية التحتية له، وأنماط وموارد الاستجمام والترفيه، والحفاظ على البيئة وحمايتها، والأمن والسلامة والصحة، والاستجابة للمستجدات السياحية، ونتائج قياس وتحليل الأداء. ومن الجدير بالذكر أن المنظمة العربية للسياحة تمنح هذا اللقب سنويًا لإحدى المدن العربية التي تحقق تميزًا في مجال السياحة الشاطئية والمصايف، بما يعزز من التنافسية بين المدن العربية ويشجع على تبادل الخبرات والتجارب الناجحة في قطاع السياحة خاصة وأن المدن التي حصلت على هذا اللقب سابقاً حققت زيادة في أعداد السائحين إليها مقارنة بالمواسم السابقة.