
فقدوا ذويهم ودُمرت منازلهم.. من هم شهداء "الجزيرة" الخمسة في غزة؟
أنس الشريف، ومحمد قريقع، وإبراهيم ظاهر، ومؤمن عليوة، ومحمد نوفل، 5 وجوه كانت تعمل على نقل صوت غزة للعالم، وفضح جرائم الاحتلال، فصارت اليوم عناوين للفقد والألم، وأيقونات للتضحية في سبيل الكلمة الحرة.
لم يجمعهم فقط شعار قناة الجزيرة، بل رابط أعمق، وهو الإيمان بأن الصحافة في غزة ليست مهنة عادية، وإنما هي واجب إنساني ووطني، ورسالة قضية يدفع الصحفي ثمنها من دمه.
أنس.. صوت الشمال
حين أغلقت آلة الحرب الإسرائيلية أبواب شمال غزة أمام معظم وسائل الإعلام، كان اسم أنس الشريف يلمع، كاسرا سياسة التعتيم الإسرائيلية، فانطلق دون كلل، ينقل ما يجري، غير آبه بتهديدات الاحتلال له، ومظهرا شجاعة فائقة نالت إعجاب الملايين عبر العالم.
وُلد الشريف في مخيم جباليا في ديسمبر/كانون الأول 1996، وهو متزوج وأب لطفلين. تخرج في جامعة الأقصى بغزة، حصل على بكالوريوس في فن الإذاعة والتلفزيون، ليبدأ مسيرته في عالم الصحافة عام 2014 كمراسل حر، متنقلا بين مواقع الأحداث في غزة وشمالها.
عرفه الناس أول مرة خلال تغطيته لمسيرات العودة وكسر الحصار في عام 2018، ثم برز أكثر في معركة "سيف القدس" مايو/أيار 2021، حيث كان من المراسلين الذين نقلوا صورة الحرب لحظة بلحظة.
وفي الحرب المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، اختارت الجزيرة الشريف ليكون مراسلها في شمال القطاع، حيث تحمل عبء كشف المجازر والانتهاكات وسط مخاطر غير مسبوقة.
ومنذ بداية الحرب، لم يكن الاحتلال راضيا عن إصراره على مواصلة التغطية، فهدده عبر اتصال هاتفي مطالبا بمغادرة المنطقة إلى الجنوب، لكنه رفض.
إعلان
وفي 11 ديسمبر/كانون الأول 2023، قصف الاحتلال منزل الصحفي الشريف في جباليا، مما أدى إلى استشهاد والده، لكنه عاد في اليوم التالي إلى الميدان، وكأن الفقد لم يزده إلا تصميما على مواصلة الرسالة.
وبعد استشهاده، نشر أقارب الشريف وصية له جاء في مقدمتها "إن وصلتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي"، وأكد أنه بذل كل ما يملك من جهد وقوة ليكون سندا وصوتا لأبناء شعبه الفلسطينيين، وأنه لم يتوان يوما عن نقل الحقيقة كما هي.
محمد قريقع.. جرح شخصي وواجب مهني
في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، ولد محمد قريقع عام 1992، ونشأ يتيم الأب، ووحيدا برفقة أمه "نعمة"، التي رعته وكرست حياتها لتربيته.
اختار الشاب المحب للقراءة والثقافة، دراسة الإعلام في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث حصل على البكالوريوس عام 2014.
عمل في وسائل إعلام محلية عدة، منها فضائية الأقصى وإذاعة الرأي، قبل أن يبدأ عمله مع وكالات أنباء عالمية كمراسل حر، وفي أغسطس/آب 2024، انضم إلى قناة الجزيرة مراسلا من قلب مدينة غزة.
لم تكن حياته خلال الحرب مجرد عمل صحفي، بل كانت سلسلة من الفواجع؛ فقد طرده الاحتلال من منزله في الشجاعية، ودمر بيته، وراح يتنقل مع والدته المسنة بين أماكن النزوح.
وفي مارس/آذار 2024 تعرّض قريقع لمحنة عصيبة حينما اجتاح الاحتلال مستشفى الشفاء حيث كان نازحا فيه مع والدته "نعمة"، وفرّق بينهما، فاعتقل الابن، وأمر الأم المسنة والمريضة بالتوجه لجنوب القطاع، أي أن تقطع وحدها قرابة 8 كيلومترات سيرا على الأقدام.
وبعد أيام، أفرج الاحتلال عن قريقع، فبدأ في البحث عن والدته، ليجدها بعد نحو أسبوعين، جثة هامدة قريبا من المستشفى، مصابة برصاصة قناص إسرائيلي في رأسها، لتظل حسرتها جرحا مفتوحا في قلبه حتى يوم استشهاده.
ورغم عمق الألم، بقي محمد في مدينته، يروي للعالم تفاصيل مآسيها، جامعا بين الألم الشخصي والواجب المهني.
مؤمن عليوة.. المهندس الذي أحب العدسة
مؤمن عليوة، شاب في مقتبل العمر، ولد عام 2002 في حي الشجاعية، وتميز منذ صغره في دراسته حتى التحق بكلية الهندسة في الجامعة الإسلامية تخصص هندسة الحاسوب.
كان مؤمن على وشك التخرج قبل أن تسرقه الحرب وتقتله صواريخ الاحتلال، عرفه أصدقاؤه كلاعب كرة قدم موهوب، لعب مع نادي غزة الرياضي ثم في نادي "خدمات الشجاعية"، إلى جانب مهاراته في برمجة وصيانة الأجهزة الإلكترونية.
قبل 4 أشهر فقط، التحق مؤمن بفريق الجزيرة كمصوّر ومونتير، وسرعان ما برز بمهارته الميدانية، موثقا بعدسته معاناة غزة اليومية في لقطات تحولت إلى شهادات بصرية مؤثرة.
هدم الاحتلال منزله في الشجاعية وجرفه بالكامل، لكن الكاميرا بقيت في يده حتى اللحظة الأخيرة.
إبراهيم ظاهر.. بين الميدان و"الإسعاف"
ينتمي إبراهيم لمخيم جباليا، وبدأ حياته المهنية في مجال التصميم الجرافيكي، قبل أن تدفعه أحداث مسيرات العودة وكسر الحصار عام 2018 للعمل كمصور صحفي مع منصات محلية مثل "الشمال أونلاين".
وفي الحرب الأخيرة، كان جزءا أساسيا من فريق الجزيرة في الشمال، يرافق أنس الشريف في معظم المهام.
إلى جانب عمله الإعلامي، كان إبراهيم متطوعا في خدمات الإسعاف، يزاوج بين نقل المصابين وتوثيق الجرائم.
إعلان
فقد إبراهيم نحو 170 فردا من عائلته في المجازر الإسرائيلية، ودُمرت منازلهم جميعا، عرفه زملاؤه كشخص دمث الخلق، نشيط ومبدع، وكان يحتفظ بصورة لأنس الشريف على خلفية هاتفه، كرمز للصداقة التي جمعتهما حتى لحظة الرحيل.
محمد نوفل.. من المِقود إلى خط النار
من مخيم جباليا، بدأ محمد عمله مع فريق الجزيرة كسائق، ثم أصبح مساعد مصور، يحمل المعدات، ويؤمن الوصول إلى مواقع التغطية في ظل القصف والحصار.
مع بداية الحرب، تعرض منزله للقصف، ونجا من تحت الركام مصابا بكسر في الحوض، بينما فقد العديد من أفراد أسرته.
حوصر محمد في المستشفى الإندونيسي، شمالي القطاع، ثم فقد والدته قبل شهرين بقصف إسرائيلي، وسبقها شقيقه الأكبر خلال حصار جباليا الأخير.
رغم كل ذلك، عاد إلى العمل مع الفريق، يرافقهم في تنقلاتهم، ويشاركهم تحدي خطر الميدان حتى لحظة استهدافهم الأخير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
خطه بالمعتقل.. أسير فلسطيني محرر يشهر "مصحف الحفاظ" بمعرض إسطنبول
بعد 23 عاما أمضاها في سجون إسرائيل، تحرر الأسير الفلسطيني رمضان عيد مشاهرة ضمن صفقة "طوفان الأحرار"، ليحمل معه "مصحف الحفاظ" الذي وُلد في قلب الزنازين وحط رحاله في معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي. ويستعد المشاهرة لإشهار "مصحف الحفاظ" في معرض إسطنبول الدولي السبت المقبل، بعدما تتلمذ على يدي الرئيس السابق لحركة حماس يحيى السنوار ، خلال اجتماعه معه في سجون إسرائيل. و"طوفان الأحرار" صفقة تبادل للأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، بدأت في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، قبل أن تستأنف تل أبيب الإبادة بقطاع غزة في مارس/آذار 2025، بإعلانها انهيار الهدنة. ووفق نادي الأسير الفلسطيني، "اعتقل مشاهرة في السادس من يوليو/تموز 2002، وواجه تحقيقا قاسيا في مركز تحقيق المسكوبية، ولاحقا حكم عليه الاحتلال بالسجن المؤبد 20 مرة، وتعرض للعزل الانفرادي عدة مرات، كما تعرض منزل عائلته للهدم" من جانب الجيش الإسرائيلي. و"يعتبر الأسير مشاهرة من الأسرى البارزين والفاعلين في سجون الاحتلال على مستويات عديدة ومنها المستوى المعرفي والثقافي"، وفق المصدر نفسه. مصحف الحفاظ وفي حديث للأناضول على هامش معرض إسطنبول الدولي، يقول مشاهرة عن "مصحف الحفاظ" إن "المشروع الذي استغرق 10 سنوات من العمل اليومي بمتوسط 10 ساعات، يعد مرجعا ضخما للحفاظ والمتدبرين للقرآن الكريم". ويوضح أن المصحف يعرض "الآيات المتشابهة لفظا، ويوضح أسباب التقديم والتأخير، ويكشف مئات اللفتات الإعجازية بالقرآن". وفيما يتعلق بفكرة التأليف، يقول: "بدأت الفكرة تخطر في مخيلتي عندما بدأت حفظ القرآن في الأسر، وواجهت معوقات وصعوبات في تثبيت مسألة الحفظ واللبس بين مفردات، مثل الكافرين والظالمين والفاسقين، وأيضا مفردات أخرى مثل عزيز حكيم، وعليم حكيم". ويضيف الأسير الفلسطيني السابق أن الفكرة تخمرت في رأسه بعد عام 2012، ثم شرع في البحث، وجمع عشرات المراجع، قبل أن يضع خطة لتأليف مرجع يسد هذه الحاجة. وخلال سنوات الأسر، تواصل مشاهرة مع عدد من العلماء، وعرَض العمل على 40 حافظا للقرآن، وشكّل لجان تدقيق متخصصة، مستخدما ضوابط بصرية وألوانا لشرح المعاني. ويكمل بالخصوص: "بدأت من داخل السجن بالتواصل مع العلماء وعرضته على مجموعة من 40 حافظا، وتم تشكيل لجنتين لاحقا أيضا لتدقيق الكتاب". وعن فترة ما بعد الأسر، يقول مشاهرة: "تحررت قبل 6 أشهر، وما زال العلماء يطّلعون على الإنجاز ويعبرون عن إعجابهم، ويقولون لي إن مؤسسة كبيرة لا تستطيع القيام بهذا الجهد". ويشير إلى حيازته ترخيصا من وزارة الأوقاف الفلسطينية، مضيفا: "نسعى للحصول على الترخيص أيضا من رئاسة الشؤون الدينية، وسيكون هذا العمل وقفا لله عز وجل، ولن يكون فيه أي ربح، وكذلك كانت النية منذ اليوم الأول لتأليفه". والسبت القادم سيشهد معرض الكتاب العربي بإسطنبول حفل إشهار لـ"مصحف الحفاظ" بحسب مشاهرة، بحضور مجموعة من العلماء، وسيتم خلاله عرض النسخ الأصلية والمسودات التي تم تهريبها من السجون الإسرائيلية. وفيما يتعلق بالتحفيزات التي تلقاها، يقول مشاهرة: "عندما كنت في السجن كانت زوجتي يدي وعيني ومترجمة لأفكاري، ولن أنسى فضلها ما حييت". ويلفت إلى أن السنوار الذي اغتالته إسرائيل في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2024، كان معلمه في مادة اللغة العربية في الأسر، وتتلمذ على يديه، وله أثر في هذا الكتاب. وأمضى السنوار 23 عاما في سجون إسرائيل، قبل أن تطلق تل أبيب سراحه عام 2011 ضمن صفقة "وفاء الأحرار"، أو ما تعرف باسم "صفقة شاليط" بين إسرائيل وحركة حماس. وكان السنوار حاملا لشهادة الماجستير من الجامعة الإسلامية بغزة، بتخصص أصول الدين، ويعرف بأنه كان ضليعا باللغة العربية. أما زوجة الأسير المحرر هند حسن عميرة التي تدير دارا لتحفيظ القرآن، فوصفت خلال حديث للأناضول، خروج "مصحف الحفاظ" من السجن بأنه كان "معجزة". وتقول عميرة: "ليرى هذا الكتاب النور كنت بحاجة إلى مئات المراجع، ولا يسمح للأسير إلا بكتابين، وكنت أقطع المسافات لأعطي أسرة كل أسير كتابين، من أجل إيصالهما لأسراهم، ومن ثم إلى زوجي". وتضيف: "رغم تعرض الزنزانة التي كان فيها زوجي لاقتحام إسرائيلي متكرر، فإن مشيئة الله أرادت أن يخرج هذا الكتاب إلى النور". وتنقل عميرة قول عدد من العلماء عن العمل: "لا يمكن لمؤسسة كاملة بجنودها كافة أن تقوم بما قام به أسير في سجنه". والسبت الماضي، انطلقت النسخة العاشرة من "معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي" تحت شعار "وتبقى العربية"، بمشاركة أكثر من 300 دار نشر من 20 دولة. كما يشارك في المعرض الذي يعقد في "صالة أوراسيا" بمركز يني قابي للمعارض، مجموعة واسعة من الجامعات، والمدارس، ومنظمات مدنية. وتشرف على تنظيم المعرض، الذي يستمر حتى 17 أغسطس/آب الجاري، "الجمعية الدولية لناشري الكتاب العربي"، بالتنسيق مع اتحاد الناشرين الأتراك، وجمعية الناشرين الأتراك، وبدعم من وزارة الثقافة التركية، وغرفة تجارة إسطنبول، وتعد وكالة الأناضول شريكا إعلاميا فيه.


الجزيرة
منذ 20 ساعات
- الجزيرة
بدرية طلبة تنفي اتهامات القتل وتجارة الأعضاء وتؤكد نيتها اللجوء إلى القضاء
علّقت الممثلة المصرية بدرية طلبة على الاتهامات التي لاحقتها مؤخرا، من بينها مزاعم تورطها في قتل زوجها والانخراط في تجارة الأعضاء البشرية، معربة عن استيائها الشديد مما يتم تداوله بشأن توقيفها، ومؤكدة عزمها ملاحقة كل من يختلق أو ينشر هذه الأكاذيب قضائيا. وخلال بث مباشر عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، أوضحت طلبة أنها تقدمت ببلاغات إلى النائب العام ضد كل من أساء إليها أو وجّه لها اتهامات باطلة، مؤكدة أنها رفعت دعوى قضائية بحق من روّج ادعاء قتل زوجها على حد قولها. وتطرقت طلبة إلى الشائعات التي ادعت القبض عليها، وأضافت مستنكرة "يأتي أشخاص ويتهمونني بقتل زوجي أو العمل في تجارة الأعضاء أو حتى التسول، من أين يأتون بهذه الأكاذيب؟". وكشفت أن هذه المزاعم بدأت منذ الحملة التي استهدفت زميلتها الفنانة وفاء عامر ، إذ لاحظت أن البعض "استغل الموقف ليوجه لها تعليقات مسيئة، بينها رسائل تحمل إيحاءات عن أسعار أعضاء بشرية"، وكأنها تتاجر بها، واصفة ذلك بأنه "افتراء غير مقبول ومسّ متعمد لسمعتها". وفي البث نفسه، قالت إنها كانت هدفا لسلسلة من الشائعات التي وصفتها بـ"المغرضة"، من بينها اتهامها بالإساءة للشعب المصري، وأخرى تدّعي أنها عملت خادمة لدى الفنان الراحل حسين الإمام قبل دخولها المجال الفني، وهو ما نفته تماما، مشيرة إلى أنها تكن له كل الاحترام وأن علاقتها به لم تتعدَّ التقدير المهني والشخصي، مؤكدة أنها لو امتلكت فرصة لرد الجميل له ولأسرته لفعلت ذلك بكل فخر. كما أوضحت أنها قبل دخول الفن كانت تعمل في مجال التدريس. وشددت طلبة على أن هذه الشائعات تمثل محاولة للنيل من سمعتها وتشويه صورتها أمام الجمهور، ووصفت مطلقيها بـ"المرضى" الذين يسعون لإثارة الجدل دون إدراك لما تسببه هذه الأكاذيب من أذى نفسي ومعنوي. تشابه مع أزمة وفاء عامر وتزامنت أزمة بدرية طلبة مع قضية مشابهة طالت مؤخرا الفنانة وفاء عامر، التي واجهت اتهامات بالاتجار في الأعضاء البشرية عقب وفاة لاعب كرة القدم الشاب إبراهيم شيكا بعد معاناة مع مرض السرطان. وتعود هذه الاتهامات إلى مقاطع مصورة بثتها سيدة مجهولة الهوية، زعمت أنها ابنة للرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك وفنانة معتزلة، وادعت أن وفاء عامر لعبت دورا خفيا في "بيع أعضاء" اللاعب الراحل بعد وفاته. وأثارت هذه المزاعم موجة واسعة من الجدل والغضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا في ظل غياب أي أدلة قانونية أو تقارير طبية تثبت صحتها. عامر نفت كل هذه الاتهامات بشكل قاطع، معتبرة أنها جزء من حملة ممنهجة للنيل من سمعتها. وأكدت عبر حساباتها الرسمية أنها لن تتهاون في الرد على هذه المزاعم، وأنها كلفت محاميها باتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من ساهم في ترويجها أو التحريض عليها. وشددت عامر على أن علاقتها باللاعب الراحل كانت إنسانية بحتة، إذ حرصت على دعمه ومساندته طوال فترة مرضه، ووصفت ما يُثار حول تورطها في وفاته أو الاتجار بأعضائه بأنه "افتراء منافٍ للأخلاق والقيم". موقف نقابة المهن التمثيلية بدورها، أصدرت نقابة المهن التمثيلية بيانا أعلنت فيه تضامنها الكامل مع وفاء عامر، مشيدة بـ"تاريخها الفني وسمعتها الأخلاقية"، ومؤكدة أن "ما تتعرض له من اتهامات وحملات تشويه يمثل اعتداء مرفوضا على إحدى القامات البارزة في الفن المصري". وأوضحت النقابة أنها شكّلت لجنة قانونية لمتابعة مستجدات القضية واتخاذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن أعضائها، مشددة على ضرورة التصدي لظاهرة التشهير التي تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي من دون حسيب أو رقيب. بدرية طلبة هي ممثلة كوميدية مصرية اشتهرت بعد مشاركتها عام 2001 في برنامج المقالب "حسين على الهوا" مع الفنان حسين الإمام. ومنذ ذلك الحين، شاركت في أكثر من 190 عملا دراميا وسينمائيا، ما بين أدوار ثانوية وأخرى رئيسية. ومن أبرز أعمالها مسلسلات "وتقابل حبيب"، و"سيد الناس"، و"رمضان كريم"، و"لا تراجع ولا استسلام".


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
الموت خبزنا اليومي.. السينما الفلسطينية شاهدة على المجازر المتكررة
لطالما ارتُكبت المجازر أمام عدسات الكاميرات لتُنسى سريعًا مع تقلب الأخبار، لكن صانعي السينما اختاروا أن يقفوا بأعمالهم لا كأدوات توثيق فحسب، بل كشهود أخلاقيين وفنيين على مأساة متواصلة. وفي قلب هذه الصورة، تقف فلسطين بجراحها المفتوحة، حاضرة في أفلام وثائقية ودرامية تجسد الألم كجزء يومي من الحياة الفلسطينية. من غزة المحاصرة إلى القرى المدمرة منذ النكبة، مرورًا بمجازر "الرصاص المصبوب" ومسيرات العودة، لا تكتفي الكاميرا برصد القتل، بل تلتقط إحساس الفقدان، وتحفر في ذاكرة جمعية تُروى من الداخل بعيون الناجين، لا بخطاب المؤسسات. يستعرض هذا التقرير مجموعة من الأفلام الفلسطينية التي لا تكتفي بالبكاء على الضحايا، بل تضعهم في قلب السرد كأصحاب رواية لا شهودا صامتين، أعمال لا تستجدي التعاطف، بل تدين الصمت وتفضح التجاهل وتصر على أن الحقيقة تملك وجها وصوتا وذاكرة. الجنازات بوصفها روتينا يوميا الفيلم الوثائقي "غزة" إخراج غاري كين وأندرو ماكونيل، عرض العمل للمرة الأولى في مهرجان صندانس السينمائي الدولي، وهو نتاج تعاون بين صانعين أيرلنديين وفلسطينيين، إذ مَثّل أيرلندا رسميا في سباق الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي عام 2020. يشير العمل بالبنان إلى تفاصيل الحياة اليومية تحت الحصار حيث يعيش أهل غزة بين الأمل والموت بأسلوب بصري يعتمد على اللقطات الهادئة من مسافة بعيدة، لتسليط الضوء على الرتابة المرعبة للمأساة، مؤكدا أن المجزرة الحقيقية ليست فقط في لحظة القتل، بل في الحياة المعلقة والكرامة المنتهكة. وهو ما يقدم من خلال تصوير إنساني يبرز التناقض الصارخ بين من يسعون للعيش وأولئك الذين يلفظون أنفاسهم الأخيرة دون تجميل أو مبالغة أو لغة احتجاجية مشحونة. يجري ذلك عبر استعراض بورتريهات إنسانية لأشخاص عاديين تتشابك حكاياتهم بشكل عاطفي متقاطع، يكشف لنا غزة كجغرافيا يومية مفعمة بالأسى في حين يتخلل السرد لقطات أرشيفية لحروب سابقة تؤكد تكرار الكارثة عبر الزمن. "غزة تقاتل من أجل الحرية" (Gaza Fights for Freedom) فيلم وثائقي آخر يؤكد أن المجازر ليست استثناء. صدر العمل في 2019، وتعاونت خلاله الصحافية الأميركية آبي مارتن مع فريق فلسطيني لتقديمه رغم منعها من دخول القطاع، حيث أصبحت الكاميرا أداة مواجهة لا تقل جرأة عن أصوات المتظاهرين. يركز العمل على مسيرات العودة الكبرى التي انطلقت في مارس/آذار 2018، حين خرج آلاف الفلسطينيين بشكل سلمي إلى حدود غزة مطالبين بكسر الحصار وحق العودة، قبل أن يرصد مواجهة قوات الاحتلال تلك المسيرات بالقنص المباشر واستهداف فئات محمية بموجب القانون الدولي، مما أسفر عن مئات الشهداء وآلاف الجرحى. كذلك يعرض الفيلم شهادات الناجين وأهالي الضحايا، ويلتقط لحظات مرعبة وحصرية من أرض الميدان، بما في ذلك صور حقيقية لعمليات قنص عن بعد، واستهداف مباشر للمدنيين غير المسلحين تم تصويرها من زوايا قريبة. ورغم أن المخرجة ناشطة أميركية، فإن العمل يظهر الفلسطينيين بوصفهم أصحاب حق ورواية، وليسوا مجرد ضحايا، متخليا عن نمط الراوي الغربي الذي عادة ما يغفل السياق أو يجرم الضحية. دموع غزة والواقعية الصارخة العمل الوثائقي الأخير ضمن القائمة هو الفيلم النرويجي الفلسطيني "دموع غزة" (Tears of Gaza)، وهو شهادة صادمة ومباشرة على المجزرة الواسعة التي تعرض لها المدنيون في قطاع غزة خلال حرب 2008-2009 المعروفة باسم "عملية الرصاص المصبوب". تم تصوير الفيلم بكاميرات محلية ولقطات واقعية أعيد تركيبها بالاستخدام الذكي للمونتاج والموسيقى وضمها إلى شهادات مؤثرة لثلاث نساء ناجيات، مما جعل الفيلم يبدو كعمل فني رفيع، لا مجرد مادة أرشيفية. اختار صانعو الفيلم تقديم لقطات ميدانية صادمة، وألقوا الضوء على أحداث مأساوية من بينها استخدام القنابل المحرمة دوليا ومجزرة حي الزيتون، وقصف المدارس التابعة للأونروا. لكن ما جعل العمل مختلفا هو عدم تضمنه أي تعليقات صوتية سياسية، تاركا المساحة الكاملة للمتفرج ليكوّن حكمه الإنساني بنفسه، في إطار من الواقعية الصارخة التي جعلت العمل أقرب إلى شهادة بصرية ضد الحرب. الجنة الآن وتناقض النفس الفلسطينية بالانتقال للأفلام الدرامية، نأتي على ذكر فيلم "الجنة الآن" (Paradise Now) للكاتب والمخرج هاني أبو أسعد، وهو العمل الذي لاقى استحسانا عالميا حتى إنه ترشح للأوسكار وفاز بجائزة غولدن غلوب وجائزة النقاد في مهرجان برلين. وبالمقارنة مع الأعمال السابقة بالقائمة، قد لا يكون الفيلم يعرض موتا جماعيا أمام الكاميرا، إلا أن المجزرة حاضرة في الحوار والمكان وكحالة اجتماعية مزمنة تدفع الشباب نحو قرارات مأساوية. يقدم فيلم "الجنة الآن" معالجة معقدة للصراع النفسي الذي يعيشه الفلسطيني تحت الاحتلال، حيث تتقاطع السياسة مع الوجود الشخصي، إذ يستعرض رحلة شابين نحو قرار شائك ومصيري يتعلق بالقيام بإحدى العمليات الفدائية، متتبعا حالة الشك التي تنتابهما والتأمل في معاني مثل الحياة والموت والأمل واليأس، الأمر الذي يطرحه المخرج بوصفه فعلا أخلاقيا أكثر من كونه سياسيا. فرحة بين الحلم والنكبة فيلم "فرحة"، وهو دراما تاريخية تستند إلى قصة حقيقية جرت خلال نكبة 1984، تروي الحكاية فتاة فلسطينية مراهقة تطمح إلى إكمال تعليمها وسط عالم على وشك أن يمحى بالكامل، لكن حياتها تتحول إلى كابوس بين عشية وضحاها حين تشهد مجزرة وحشية إثر اقتحام القوات الصهيونية القرية الفلسطينية التي تسكنها. اعتمدت المخرجة دارين سلام في فيلم "فرحة" على سرد شخصي لمراهقة تواجه عنف النكبة من زاوية معزولة وصامتة عبر استخدام الضوء الشاحب والفراغ الصوتي والكادرات الضيقة لنقل شعور بالحصار النفسي والذعر، مما يجعل التجربة أكثر قربا من مأساة فردية ذات صدى جمعي، ورغم أن صوت الضحية يكاد يكون مكتوما، فإن الكاميرا تمنحه حضورا هادرا. يذكر أن الفيلم تعرض إلى هجوم واسع من الإعلام الإسرائيلي حين عرض على منصة نتفليكس، قبل أن تعقب المخرجة مؤكدة أن الفيلم مبني على شهادة حقيقية وأنه ليس أكثر فظاعة من المجازر التي أرختها الوقائع، مثل دير ياسين وصفورية والطنطورة. تجمع الأفلام السابقة بين الوثيقة والشهادة، وبين الجماليات السينمائية والصرخة الإنسانية، معيدة تعريف معنى أن تكون الضحية لكنك في الوقت نفسه مرئيا ومسموعا وممثلا بكامل إنسانيتك.