logo
بدرية طلبة تنفي اتهامات القتل وتجارة الأعضاء وتؤكد نيتها اللجوء إلى القضاء

بدرية طلبة تنفي اتهامات القتل وتجارة الأعضاء وتؤكد نيتها اللجوء إلى القضاء

الجزيرةمنذ يوم واحد
علّقت الممثلة المصرية بدرية طلبة على الاتهامات التي لاحقتها مؤخرا، من بينها مزاعم تورطها في قتل زوجها والانخراط في تجارة الأعضاء البشرية، معربة عن استيائها الشديد مما يتم تداوله بشأن توقيفها، ومؤكدة عزمها ملاحقة كل من يختلق أو ينشر هذه الأكاذيب قضائيا.
وخلال بث مباشر عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، أوضحت طلبة أنها تقدمت ببلاغات إلى النائب العام ضد كل من أساء إليها أو وجّه لها اتهامات باطلة، مؤكدة أنها رفعت دعوى قضائية بحق من روّج ادعاء قتل زوجها على حد قولها.
وتطرقت طلبة إلى الشائعات التي ادعت القبض عليها، وأضافت مستنكرة "يأتي أشخاص ويتهمونني بقتل زوجي أو العمل في تجارة الأعضاء أو حتى التسول، من أين يأتون بهذه الأكاذيب؟".
وكشفت أن هذه المزاعم بدأت منذ الحملة التي استهدفت زميلتها الفنانة وفاء عامر ، إذ لاحظت أن البعض "استغل الموقف ليوجه لها تعليقات مسيئة، بينها رسائل تحمل إيحاءات عن أسعار أعضاء بشرية"، وكأنها تتاجر بها، واصفة ذلك بأنه "افتراء غير مقبول ومسّ متعمد لسمعتها".
وفي البث نفسه، قالت إنها كانت هدفا لسلسلة من الشائعات التي وصفتها بـ"المغرضة"، من بينها اتهامها بالإساءة للشعب المصري، وأخرى تدّعي أنها عملت خادمة لدى الفنان الراحل حسين الإمام قبل دخولها المجال الفني، وهو ما نفته تماما، مشيرة إلى أنها تكن له كل الاحترام وأن علاقتها به لم تتعدَّ التقدير المهني والشخصي، مؤكدة أنها لو امتلكت فرصة لرد الجميل له ولأسرته لفعلت ذلك بكل فخر. كما أوضحت أنها قبل دخول الفن كانت تعمل في مجال التدريس.
وشددت طلبة على أن هذه الشائعات تمثل محاولة للنيل من سمعتها وتشويه صورتها أمام الجمهور، ووصفت مطلقيها بـ"المرضى" الذين يسعون لإثارة الجدل دون إدراك لما تسببه هذه الأكاذيب من أذى نفسي ومعنوي.
تشابه مع أزمة وفاء عامر
وتزامنت أزمة بدرية طلبة مع قضية مشابهة طالت مؤخرا الفنانة وفاء عامر، التي واجهت اتهامات بالاتجار في الأعضاء البشرية عقب وفاة لاعب كرة القدم الشاب إبراهيم شيكا بعد معاناة مع مرض السرطان.
وتعود هذه الاتهامات إلى مقاطع مصورة بثتها سيدة مجهولة الهوية، زعمت أنها ابنة للرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك وفنانة معتزلة، وادعت أن وفاء عامر لعبت دورا خفيا في "بيع أعضاء" اللاعب الراحل بعد وفاته. وأثارت هذه المزاعم موجة واسعة من الجدل والغضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا في ظل غياب أي أدلة قانونية أو تقارير طبية تثبت صحتها.
عامر نفت كل هذه الاتهامات بشكل قاطع، معتبرة أنها جزء من حملة ممنهجة للنيل من سمعتها. وأكدت عبر حساباتها الرسمية أنها لن تتهاون في الرد على هذه المزاعم، وأنها كلفت محاميها باتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من ساهم في ترويجها أو التحريض عليها.
وشددت عامر على أن علاقتها باللاعب الراحل كانت إنسانية بحتة، إذ حرصت على دعمه ومساندته طوال فترة مرضه، ووصفت ما يُثار حول تورطها في وفاته أو الاتجار بأعضائه بأنه "افتراء منافٍ للأخلاق والقيم".
موقف نقابة المهن التمثيلية
بدورها، أصدرت نقابة المهن التمثيلية بيانا أعلنت فيه تضامنها الكامل مع وفاء عامر، مشيدة بـ"تاريخها الفني وسمعتها الأخلاقية"، ومؤكدة أن "ما تتعرض له من اتهامات وحملات تشويه يمثل اعتداء مرفوضا على إحدى القامات البارزة في الفن المصري".
وأوضحت النقابة أنها شكّلت لجنة قانونية لمتابعة مستجدات القضية واتخاذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن أعضائها، مشددة على ضرورة التصدي لظاهرة التشهير التي تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي من دون حسيب أو رقيب.
بدرية طلبة هي ممثلة كوميدية مصرية اشتهرت بعد مشاركتها عام 2001 في برنامج المقالب "حسين على الهوا" مع الفنان حسين الإمام. ومنذ ذلك الحين، شاركت في أكثر من 190 عملا دراميا وسينمائيا، ما بين أدوار ثانوية وأخرى رئيسية. ومن أبرز أعمالها مسلسلات "وتقابل حبيب"، و"سيد الناس"، و"رمضان كريم"، و"لا تراجع ولا استسلام".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كاميرا وبندقية.. كيف حوّل صحفيون إسرائيليون عدساتهم إلى سلاح ضد الفلسطينيين؟
كاميرا وبندقية.. كيف حوّل صحفيون إسرائيليون عدساتهم إلى سلاح ضد الفلسطينيين؟

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

كاميرا وبندقية.. كيف حوّل صحفيون إسرائيليون عدساتهم إلى سلاح ضد الفلسطينيين؟

على خط النار، حيث يُفترض أن يكون الصحفي شاهدا لا شريكا، تكشف مشاهد متداولة عن وجوه ترتدي الدرع الصحفي، لكنها تحمل بين طياتها لغة الرصاص والدعاية الحربية. أمام الكاميرا، يظهرون كإعلاميين، وخلفها يتحولون إلى أدوات في ماكينة الاحتلال، يرافقون جنوده في الميدان، ويلتقطون الصور إلى جانب أسلحتهم، ويطلقون دعوات صريحة لسفك دماء الفلسطينيين. هذا التداخل الفاضح بين الكاميرا والبندقية لا يخرق فقط جوهر مهنة الصحافة، بل يهدم الأساس الذي وضعه القانون الدولي الإنساني، القائم على الحياد وحظر انخراط الصحفيين في أي عمل قتالي. في هذه المشاهد، لا يكون الصحفي مجرد ناقل للحقيقة، بل يصبح جزءا من رواية القتل نفسها، يمسح حدود الفاصل بين الميدان الإعلامي ومسرح العمليات العسكرية، ليعيد رسمها بمداد التحريض والتعبئة. وبينما تنص الاتفاقيات الدولية على حماية الصحفيين باعتبارهم مدنيين، نجد هنا من يتخلى عن هذا الحصن الأخلاقي والقانوني، ليقف في صف المقاتل لا المراقب، وفي صف الدعاية لا الحقيقة. ما سنعرضه في هذا الملف ليس لقطات عابرة، بل أدلة بصرية دامغة تضع هذه الازدواجية تحت المجهر، وتفتح الباب أمام أسئلة ملحة عن مصداقية الخطاب الإعلامي الإسرائيلي، والتبعات القانونية لمثل هذه الانتهاكات. رصد فريق "الجزيرة تحقق" في هذا التقرير نماذج فاضحة لصحفيين إسرائيليين تخلوا طواعية عن صفة الناقل المستقل للحدث، وتحولوا إلى فاعلين مباشرين في مسرح الجريمة، مشاركين في هدم المنازل وقتل المدنيين، أو حتى قيادة فرق قتالية في غزة والضفة الغربية ولبنان ، والتباهي علنا بهذه الأفعال، في تحد صارخ للقوانين الدولية ولقيم العمل الصحفي، بينما يرتدون خوذات الصحافة ودروعها أمام الكاميرا. داني كشمارو من بين هذه النماذج، ما بثته القناة الـ12 الإسرائيلية من توثيق لمراسلها داني كشمارو خلال مشاركته في "يوم قتالي" بلبنان رفقة قائد لواء غولاني العقيد عدي غانون، قرب بلدة عيتا الشعب، على بعد 500 متر من الحدود، في أكتوبر/تشرين الأول 2024. وظهر كشمارو مرتديا درعا يحمل شعار القناة وخوذة الصحافة، وهو يضغط على زر تفجير منزل عربي هناك، مبررا الفعل بقوله "فجرنا منزلا يطل على إسرائيل وكان يشكل تهديدا". روعي ينوفيسكي أما الصحفي روعي ينوفيسكي، فقد ذهب أبعد من ذلك، إذ قاد بنفسه فريق احتياط من المقاتلين بغزة، في مهمة أعلن أنها "قتل المخربين"، وبثت القناة الـ13 مشاهد ترويجية لبرنامجه "100 يوم في أكتوبر" بلباس عسكري في أرض الميدان، توثق تدمير منازل مدنية وعمليات قتالية في جباليا وحي التفاح. ألون بن دافيد كما عرضت القناة الـ13 الإسرائيلية تقريرا لمراسلها ألون بن دافيد، الذي دخل غزة مرتديا درعا وخوذة كتب عليهما "Press" وتعني "صحافة"، حاملا ميكروفون القناة، وأجرى مقابلات مع جنود إسرائيليين داخل منازل الفلسطينيين، وداخل الدبابات ومواقع القتال المختلفة. إيتاي بلومنتال وفي مشهد مشابه، نشرت هيئة البث الإسرائيلية تغطية للمراسل إيتاي بلومنتال من قلب حي الزيتون في غزة، برفقة قوات ناحال، موثقا عمليات تدمير البنية التحتية، وتصفيات ميدانية، واكتشاف أنفاق جديدة، بينما يرتدي خوذة ودرع الصحافة ويحمل ميكروفون القناة. إيلي أفيف وفي الضفة الغربية، أظهر مقطع متداول المراسل إيلي أفيف من القناة الـ14 الإسرائيلية، وهو يحمل سلاحا خلال اقتحام أحد المنازل في مخيم الجلزون، معلقا بسخرية على واقع المخيمات الفلسطينية، قبل أن يظهر في مشهد آخر متحدثا عن قصف تل أبيب ، حاملا السلاح وميكروفون القناة في آن واحد. ينون مغال كما لجأ بعض الصحفيين إلى التفاخر بخدمتهم القتالية، إذ نشر ينون مغال مقارنة بين الخدمة العسكرية لصحفيي القناة الـ14 وزملائهم في قنوات 11 و12 و13، متسائلا "من هم أبطال الشاشة ولوحة المفاتيح؟ ومن هم المقاتلون الحقيقيون؟". تسفيكا يحزكيلي ولم يقتصر الأمر على الميدان، بل امتد إلى التحريض العلني من داخل الأستوديوهات، مثل تصريح تسفيكا يحزكيلي على القناة الـ13 في ديسمبر/كانون الأول 2023، مطالبا بقتل 100 ألف فلسطيني وعدم التمييز بين مدني ومقاتل، وتشبيهه ذلك بضربة "الطيور الجارحة" في عملية " الرصاص المصبوب". شمعون ريكلين وكذلك شمعون ريكلين الذي صرح على القناة الـ14، الذي قال "لا أنام جيدا من دون أن أرى بيوتا تنهار في غزة.. المزيد من البيوت، المزيد من الأبراج، حتى لا يكون لهم مكان يعودون إليه". ملاحقة الحقيقة بينما يمنح الصحفيون الإسرائيليون حرية الظهور بالسلاح في ساحات القتال والتحريض على قتل الفلسطينيين، يلاحق الاحتلال الصحفيين الفلسطينيين العزل لمجرد قيامهم بعملهم المهني. ففي مايو/أيار الماضي، استشهد الصحفي حسن أصليح بقصف مجمع ناصر الطبي في غزة، حيث كان يتلقى العلاج من إصابة سابقة، بعد حملة تحريض رسمية زعمت انتماءه لحماس استنادا إلى صورة مع رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار ، رغم أن وجوده كان للتغطية الإخبارية فقط. واغتال جيش الاحتلال الإسرائيلي في وقت متأخر من مساء الأحد الماضي مراسلي الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع ، بعدما استهدف خيمة للصحفيين قرب مستشفى الشفاء في مدينة غزة. وبالإضافة إلى أنس الشريف ومحمد قريقع وإبراهيم ظاهر ومحمد نوفل، استشهد أيضا في الغارة الصحفي محمد الخالدي والمصور مؤمن عليوة، وفقا لمصادر فلسطينية. وفي بيان نشره بعد الغارة، أقر الجيش الإسرائيلي باستهداف الزميل أنس الشريف ووصفه بأنه "إرهابي تنكر بزي صحفي في قناة الجزيرة". وادعى جيش الاحتلال أن أنس الشريف كان قائد خلية في حركة حماس وروّج لإطلاق الصواريخ على إسرائيل. وكان الشهيد تعرّض في الآونة الأخيرة لحملة تحريض إسرائيلية واسعة بسبب تغطيته صور العدوان والتجويع في قطاع غزة. وخلال حربها على قطاع غزة، اغتالت إسرائيل أيضا عددا من صحفيي شبكة الجزيرة بينهم إسماعيل الغول وحسام شبات. ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ارتفع عدد الشهداء الصحفيين منذ بدء الحرب إلى 238، بينما تؤكد لجنة حماية الصحفيين أن الأشهر الأولى من حرب غزة شهدت العدد الأكبر من الصحفيين القتلى في أي نزاع خلال عام واحد، مطالبة بتحقيقات دولية مستقلة، ومذكرة بأن استهداف الصحفيين المدنيين جريمة حرب تستوجب المحاسبة. الضفة شاهدة لم يقتصر الاستهداف الممنهج على الصحفيين في غزة، بل امتد إلى الضفة الغربية، حيث يواجه الصحفيون هناك تهديدات مباشرة وأخطارا يومية خلال تغطياتهم الميدانية لعمليات الاقتحام والهدم والممارسات الإسرائيلية بحق المدنيين. هذه الانتهاكات، تنوعت بين القتل المباشر والتهديد بالقتل، والمنع من التغطية، والاعتداء الجسدي، والترهيب لدفع الصحفيين إلى التوقف عن عملهم، رغم أنهم لا يشكلون أي خطر على قوات الاحتلال. في 25 ديسمبر/كانون الأول 2024، وثقت الصحفية رغد سلامة محاولة دهس متعمدة من جيب عسكري إسرائيلي خلال تغطيتها الأحداث في مخيم طولكرم. View this post on Instagram A post shared by Raghad Salameh (@ وفي 18 مايو/أيار 2021، تعرضت الصحفية المقدسية لطيفة عبد اللطيف لاعتداء وحشي من قوات الاحتلال التي نزعت حجابها بالقوة، أثناء تغطية اقتحام المستوطنين لمنطقة باب العامود في القدس المحتلة. كما وثقت الصحفية راية عروق تعرضها وزميل لها لاستهداف مباشر برصاص قناص إسرائيلي وإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع في مخيم جنين ، رغم ارتدائهما الزي الصحفي. وتعرضت عروق لاحقا لمحاولة دهس ثانية وتشويش متعمد على تغطيتها من قِبل جيب عسكري إسرائيلي. View this post on Instagram A post shared by translating_palestinee48 (@translating_palestinee48) View this post on Instagram A post shared by راية عروق (@ View this post on Instagram A post shared by راية عروق (@ ولا تقتصر هذه الانتهاكات على حوادث فردية، بل تتكرر بشكل واسع في طولكرم، ورام الله، وقلقيلية، والخليل ، حيث توثق المشاهد طرد الصحفيين بالقوة، وضربهم، واعتقالهم أمام الكاميرات وفي بث مباشر، دون اكتراث بالقوانين أو العواقب. اغتيالات موثقة لم تتوقف الاعتداءات عند الترهيب، بل وصلت إلى القتل المباشر لصحفيين بارزين، ففي 11 مايو/أيار 2022، اغتالت قوات الاحتلال الصحفية في شبكة الجزيرة شيرين أبو عاقلة أثناء تغطيتها اقتحام مخيم جنين، حيث أُصيبت برصاصة قاتلة رغم وضوح هويتها الصحفية. وبعد أقل من شهر، قتلت قوات الاحتلال الصحفية غفران وراسنة في الخليل أثناء توجهها إلى عملها، برصاصة اخترقت صدرها من الجهة اليسرى وخرجت من اليمنى، ما أدى إلى استشهادها في 1 يونيو/حزيران 2022. وعقب اغتيالها، قمعت قوات الاحتلال موكب جنازتها ومنعت دخوله إلى مخيم العروب، وهاجمته بعنف، في مشهد أعاد للأذهان الهجوم على جنازة شيرين أبو عاقلة. قانون ينتهك علنا وتنص اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 على أن الصحفيين يعاملون كمدنيين، ما داموا لا يشاركون في الأعمال القتالية، وتوجب حمايتهم وضمان تمكينهم من أداء مهامهم دون تعريضهم للخطر. كما تؤكد القاعدة رقم 34 من الدراسة العرفية للجنة الدولية للصليب الأحمر أنه "يجب احترام وحماية الصحفيين المدنيين العاملين في مهام مهنية أثناء النزاعات المسلحة، ما داموا لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية". لكن الاحتلال يخرق هذه المواثيق بشكل منهجي، فهو يسمح لصحفييه بممارسة أدوار عسكرية وتحريضية تسقط عنهم الحماية القانونية، فيما يستهدف الصحفيين الفلسطينيين الملتزمين تماما بمهامهم المهنية، في واحدة من أوضح صور التناقض والاستخفاف بالقانون الدولي الإنساني.

ظهور ميسي في فيديو ترويجي قبيل افتتاح المتحف المصري الكبير يثير الجدل
ظهور ميسي في فيديو ترويجي قبيل افتتاح المتحف المصري الكبير يثير الجدل

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

ظهور ميسي في فيديو ترويجي قبيل افتتاح المتحف المصري الكبير يثير الجدل

أثار الإعلان الترويجي قبيل افتتاح المتحف المصري الكبير مؤخرا جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة مع ظهور نجوم عالميين أبرزهم لاعب كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي، في حدث تاريخي مصري. وفي السياق، وقبل أيام من افتتاحه المرتقب، يشهد المتحف المصري الكبير استعدادات مكثفة لاستقبال زواره في حدث عالمي استثنائي. الوزارة توضح وزارة السياحة والآثار المصرية كشفت عبر بيان لها عن حقيقة الإعلان الترويجي على مواقع التواصل الاجتماعي ويظهر مشاركة النجم المصري محمد صلاح والأرجنتيني ليونيل ميسي، للترويج للمتحف المصري الكبير. وجاء في البيان "في إطار الحرص على توضيح الحقائق للرأي العام، تؤكد وزارة السياحة والآثار أن مقطع الفيديو القصير الذي تم تداوله مؤخرا عبر منصات التواصل الاجتماعي، ويظهر به عدد من الشخصيات البارزة في مجالي الفن وكرة القدم على المستوى المصري والعالمي، لا يمثل الإعلان الرسمي الخاص باحتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير المقرر افتتاحه يوم الأول من نوفمبر المقبل". كما أوضحت أن هذا الفيديو لم يتم إنتاجه أو إخراجه من قِبل الوزارة أو من قِبل الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، الشريك الرسمي والمسؤول عن أعمال الترويج للحفل، وأن ما تم تداوله يعد محتوى مزيفا يشكل انتهاكا واضحا لحقوق الملكية الفكرية وحقوق الأداء العلني. كما سيتم إبلاغ الجهات المعنية لاتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة ضد هذه الانتهاكات. وشددت وزارة السياحة والآثار على أنه لم يتم حتى الآن إصدار أي أفلام دعائية جديدة تتعلق بافتتاح المتحف المصري الكبير، وأن أي مواد أو أفلام دعائية رسمية سيتم نشرها حصرا عبر القنوات الرسمية والمعتمدة. كما دعت جمهور الشعب المصري ومرتادي مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام إلى تحري الدقة وعدم الانسياق وراء المواد غير الموثوقة أو تداولها، مؤكدة أن أي أخبار أو مواد رسمية سيتم الإعلان عنها من خلال الجهات المختصة في التوقيت المناسب. وسبّب ظهور ميسي جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وانقسمت آراء المصريين بين مؤيد ومعارض، لظهور لاعب أجنبي في إعلان يعبر عن حدث مهم في تاريخ مصر وحضارتها. وكان رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أعلن أن افتتاح المتحف سيكون في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. ويعد المتحف المصري الكبير أحد أكبر المتاحف العالمية مساحة، ويضم أكثر من 50 ألف قطعة أثرية متنوعة الحجم والشكل متصلة بالحضارة المصرية القديمة وحدها، يشمل عرض مقتنيات الملك توت عنخ آمون بشكل كامل لأول مرة منذ اكتشافها قبل 100 عام. وتبلغ مساحة المتحف حوالي 500 ألف متر مربع، ويتضمن عددا من قاعات العرض، تعدّ الواحدة منها أكبر من العديد من المتاحف الحالية في مصر، ويتطلع القائمون عليه لاجتذاب ما لا يقل عن 6 ملايين سائح سنويا.

أنس الشريف ضد نيويورك تايمز.. القاتل فقط هو من يملك الحقيقة
أنس الشريف ضد نيويورك تايمز.. القاتل فقط هو من يملك الحقيقة

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

أنس الشريف ضد نيويورك تايمز.. القاتل فقط هو من يملك الحقيقة

في مساء الأحد العاشر من أغسطس/آب الجاري، قصف الطيران الإسرائيلي خيمة للصحفيين في باحة مستشفى الشفاء في مدينة غزة. استهدف الصاروخ أنس الشريف ، الصحفي الفلسطيني الذي لم يتم عامه التاسع والعشرين بعد، ومعه زملاؤه صحفيو الجزيرة ومصوروها الشباب محمد قريقع ومحمد نوفل ومؤمن عليوة وإبراهيم ظاهر فقتلهم جميعا في جريمة حرب مركّبة. لم تحاول إسرائيل إخفاء جريمتها ولم تموّه كما فعلت في أول الحرب مع قصف المستشفيات والصحفيين، ففي خلال أقل من ساعة كانت حسابات الجيش بالعبرية والإنجليزية تنشر متفاخرة نجاح عملية اغتيال أنس الشريف. كانت العملية جريمة اغتيال مع سبق الإصرار والترصد، وتمت بعد حملة تحريضية ضد الشريف، استمرت أشهرا قادتها حسابات إسرائيل ومؤيديها على مواقع التواصل الاجتماعي. كانت الساعة قد تجاوزت التاسعة مساء في لندن، ولم تزل بعد حوالي الرابعة عصرا في الساحل الشرقي الأميركي. ومع ذلك، توالت الأخبار العاجلة والإدانات من مؤسسات الدفاع عن الصحفيين، وبعض الجهات الأممية، وبعض وكالات الأنباء العالمية في كل العالم. فأنس ورفاقه لم يكونوا أول الصحفيين الشهداء، والطريقة التي أعلنت بها إسرائيل جريمتها ترجح أنه مع استمرار حرب الإبادة لن يكونوا آخرهم. كانت معظم التغطيات الغربية متساهلة مع ادعاءات إسرائيل، لكنها مع ذلك نقلت الخبر بشيء من الدقة وبسرعة معقولة. فمؤسسات مثل رويترز، وأسوشيتد برس، وفرانس 24، ويورو نيوز والغارديان قدمت الخبر على حقيقته: إسرائيل قتلت صحفيين عاملين، في مقر إعلامي معروف لإسرائيل، وداخل مستشفى! يمكن القول إن معظم هذه المنصات الإعلامية بدأت تغطياتها بفقرات تجيب على أسئلة الصحافة الأساسية: ما الجريمة؟ ومن الجاني؟ ومن الضحية؟ وأين تمت؟ ولماذا يهمّ الأمر؟ تحدثت بعض المنصات الأخرى، مثل صحيفة الغارديان، عن القانون الدولي، وحق الصحفيين في الحماية، ووصفت الغضب العالمي، وفي افتتاحيتها لاحقا حذرت من أن "إسرائيل تبيد الشهود". كصحفي أعتمد في عملي على متابعة المصادر الأجنبية، أستخدم اشتراكا مدفوعا لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، ومن ضمن الخدمات التي أستخدمها باستمرار هي خدمة الأخبار العاجلة والتي تصل إلى هاتفي بمجرد نشر خبر جديد مهم في القضايا التي أهتم بها. خدمة مفيدة، لكنها مع نيويورك تايمز كانت دليل إدانة، واستثناء للمثل السائر: أن تاتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا. فبعد 24 ساعة تقريبا، وفي مساء الاثنين، أرسل تطبيق نيويورك تايمز إشعارا بعنوان "مقتل خمسة من صحفيي الجزيرة في غارة إسرائيلية، حسب الشبكة". دعنا من التأخر المقصود في إرسال "الخبر العاجل"، لكن الطريقة التي كُتب بها الخبر وغيره من المتابعات التي غطت بها نيويورك تايمز جريمة مقتل أنس الشريف ورفاقه تجعلنا نشير بأصابع الاتهام إلى سياسات الجريدة الأميركية الأوسع انتشارا، لا التساؤل بشأن نواياها كما فعل الكثيرون لسنوات طويلة، وخصوصا منذ بدء الحرب الإسرائيلية الحالية في غزة والإقليم. خلاف هذا الخبر، تحدثت نيويورك تايمز عن الجريمة بالفعل، لكن في إطار أبعد ما يكون عن المهنية، أو عن حق الصحفيين في العمل الآمن والحصانة في الحروب. في البداية، قدمت نيويورك تايمز الخبر لا باعتباره جريمة قتل لصحفي، بل كأزمة دبلوماسية محتملة بين الدوحة وتل أبيب! ففي أحد العناوين، قالت التايمز "تصاعد التوتر بين إسرائيل وقطر بعد مقتل صحفيين من الجزيرة على يد إسرائيل"، لتضع التداعيات السياسية في صدارة العنوان، لتجعل فعل القتل، قتل الصحفيين في المستشفى(!)، كجملة استطرادية ثانوية. يتسق هذا الاختيار التحريري المتعمد مع مذكرة داخلية مسربة نشرها موقع ذي إنترسبت تأمر فيها المؤسسة صحفييها ومحرريها بتجنب استخدام أي مصطلحات واضحة، مثل "إبادة جماعية"، أو "تطهير عرقي"، أو "الأراضي المحتلة"، بل وحتى الحذر من استخدام كلمات مثل "مخيمات اللاجئين"، وأخيرا، وليس آخرا: "فلسطين". فإذا كانت غرفة الأخبار تقوض بشكل منهجي استخدام المصطلحات الوصفية الصحيحة، فمن الطبيعي أن تأتي تغطية مقتل صحفيين فلسطينيين مركزة على الروايات الرسمية والاعتبارات الجيوسياسية، بدلا من إدانة سياق الاحتلال أو الارتكاز على قوانين حرية الصحافة وحقوق الإنسان. لكن العنوان لم يكن الدليل الوحيد على الانحياز الصارخ للاحتلال، حتى ضد أبناء المهنة؛ فبنية الخبر تظهر ما يمكن تسميته بإزاحة السردية، فمن المرجح أن تدّعي إدارة تحرير نيويورك تايمز أنها قدمت مساحة لعرض موقف الجزيرة، أو عمل أنس الشريف ورفاقه، أو الرواية الفلسطينية بشكل ما، لكن الأمر أعمق من ذلك. ففي السطور الأولى من الخبر، تذكر الصحيفة مزاعم الجيش الإسرائيلي بأن أنس الشريف "إرهابي يتبع الجناح المسلح لحركة حماس"، قبل أن تعرض أي خلفية قانونية حول حماية الصحفيين، أو ذكر أي إدانة دولية من التي نُشرت قبل ساعات طويلة من نشر التقرير. بهذا الترتيب، تمنح نيويورك تايمز الرواية الإسرائيلية موقع الانطلاق، وتهمش رواية الضحايا، لتبدو -حتى مع ذكرها- كدفاع لاحق لا باعتبارها الإطار الأصلي للجريمة والحدث. وفي غالب تغطيتها، تغيب المصادر الرقابية المستقلة مثل تعليقات لجنة حماية الصحفيين، أو "مراسلون بلا حدود"، وهو ما يخرج الحدث من سياقه الحقوقي ويترك المجال مفتوحا أمام القارئ لاعتبار الجريمة جزءا من نزاع سياسي أو أمني بين دولتين، أو قوتين على قدم المساواة، لا باعتباره انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني. فضلا عن ذلك، ابتعدت معظم صياغات الأفعال عن ذكر الفاعل، فلا يُقال "قتلت إسرائيل"، بل تستخدم تراكيب مبنية للمجهول وعبارات مخففة مثل "قُتلوا في غارة"، أو "استهداف". ورغم ما في هذا الأسلوب اللغوي من إيحاء بالحياد، يتحول -مع اعتراف الجيش الإسرائيلي بنفسه عن مسؤوليته- إلى إغماض عن الحقيقة، ومع اختلال القوة فهو يؤدي إلى طمس المسؤولية المباشرة لإسرائيل عن جريمة بهذا الحجم. وقد وثقت العديد من دراسات تحليل الخطاب كيف تستخدم مؤسسات صحفية كبرى، مثل "بي بي سي"، و"واشنطن بوست"، و"وول ستريت جورنال"، وبالطبع نيويورك تايمز هذه الألفاظ كنمط لضمان عدم إغضاب إسرائيل وحلفائها وداعميها، حتى لو كان ذلك على حساب الحقيقة. ليصبح التقرير الصحفي تواطؤًا مع القاتل أو ما يشبه التواطؤ. وبالنظر إلى سياق الإبادة، فإن هذه الصياغة لا يقتصر أثرها على خبر جريمة مقتل الصحفيين فحسب، بل ترسخ تصورا عاما لدى الجمهور الواسع لنيويورك تايمز وغيرها أن جرائم مثل قتل الصحفيين الفلسطينيين يمكن النظر إليها باعتبارها حدثا قابلا للنقاش، أو محل شك، لا انتهاكا صريحا للقوانين الدولية وحقوق الإنسان. "ما يجب أن تعرفه عن الجزيرة" لم تنته التغطية المريبة لنيويورك تايمز عند حد نقل رواية الاحتلال بشأن الشهيد الصحفي أنس الشريف والاعتماد عليها، بل ذهبت لما هو أبعد من ذلك. ففي أحد أبرز التقارير التي قُرئت في نيويورك تايمز في إطار تغطية جريمة الاغتيال كان العنوان: "ما الذي يجب معرفته عن قناة الجزيرة، المؤسسة الإعلامية التي استهدفتها إسرائيل"، والذي يقدم مثالا محرجا على كيف يمكن للإطار الخبري أن يحرف المسؤولية بعيدا عن الجاني ليزرع الشك في رواية الضحية، بل وتجريده من شرعيته وإنسانيته! يمثل هذا البناء السردي نموذجا مثاليا لمعرفة الطريقة التي تعمل بها صحيفة نيويورك تايمز في تغطية الإبادة في إسرائيل، فمن ضمن النقاط التي يمكن ملاحظتها بوضوح: إعادة توجيه القصة بعيدا عن الحدث نفسه نعم، ظهر خبر اغتيال أنس الشريف والزملاء الصحفيين في المقدمة، لكن محرر الصحيفة سرعان ما يدفنه تحت ركام من الجدليات المرتبطة بشبكة الجزيرة، لينتقل تركيز القارئ بشكل مباشر من جريمة القتل -واضحة المعالم- إلى الاتهامات الموجهة للشبكة، والتي تمتلئ بالإثارة وانعدام اليقين الذي يحفز القراءة كما نرى في تغطيات الصحف الصفراء ومجلات الأرصفة. إعطاء الأولوية لمزاعم إسرائيل لا تفكر الصحيفة في عرض بروفايل لقصة شاب من جيل زد، وُلد في مخيم للاجئين، وعاش في مساحة تناهز مساحة حي من أحياء نيويورك، وعاصر انتفاضة وحروبا عدة، وفقد من رفاقه أكثر ممن بقي منهم، لينتهي به المطاف صحفيا شديد النباهة والشجاعة والحضور ولتقتله إسرائيل قبل أن يتم عقده الثالث. بدلا من ذلك، تتحدث الصحيفة عن الوثائق التي قدمتها إسرائيل وتدّعي فيها انتماءه إلى كتائب القسام أو اعتباره إرهابيا. ولا تنسى الصحيفة التذكير بحيادها من خلال القول إنها "لم تتحقق بشكل مستقل" من صحة الوثائق المقدمة. مذنب لأنه يعمل في شبكة مشاغبة، أو تأكيد الذنب بالارتباط! في تقريرها، تسرد نيويورك تايمز بشكل مطول محاولات حظر قناة الجزيرة أو انتقادها من قبل حكومات أخرى، وهو ما يهيئ القارئ للنظر إلى الشبكة، وبالتالي لكل المتعاونين معها، من خلال عدسة أمنية بدلا من الحقيقة المباشرة في أنهم مدنيون، صحفيون مهنيون، يحميهم القانون الدولي، وتتحمل مسؤولية قتلهم إسرائيل بلا مواربة. يجسد هذا التسلسل التحريري ما يصفه إدوارد سعيد في مقاله المنشور عام 1984 "الإذن بالسرد"، فقبل أن يُسمح للأصوات الفلسطينية بالكلام، وقبل أن تقص حكاياتها، يجب أن تمر من خلال روايات خصومها. عمليا، وصحفيا، يعكس هذا الشكل من التحرير عبء الإثبات، إذ يدعو القارئ للتساؤل عما إذا كان الضحايا يستحقون مصيرهم، بدلا من التساؤل عما إذا كان الاغتيال انتهاكا للقانون. ففي التقرير، تقول نيويورك تايمز "أثارت قناة الجزيرة، التي قالت إن خمسة من صحفييها قُتلوا في غارة إسرائيلية، غضب حكومات … تتهمها بأنها تعطي منبرا للإرهابيين". في جملة شديدة الرداءة، تجعل الموضوع هو المؤسسة لا جريمة الاغتيال، وتحول التركيز من الضحايا إلى منتقدي الشبكة من الحكومات الشريكة للولايات المتحدة والتي تُكثر الصحيفة من نشر التقارير الإيجابية حولها. مرة أخرى، لم تشر الصحيفة إلى القانون الدولي الذي يحمي الصحفيين، ولا إلى تصريحات المنظمات الحقوقية والإدانات الدولية، ولم تذكر أن الحادثة تمثل حلقة في سلسلة بدأتها إسرائيل في غزة لتجعل من العام الجاري أكثر الأعوام دموية بالنسبة للصحفيين على الإطلاق. بهذا يصبح حدث مقتل الصحفيين خيطا واحدا ضمن نسيج متداخل من الاتهامات إيابا وذهابا، ليخرج القارئ بانطباعات تبتعد عن الحقيقة المباشرة. وللمقارنة السريعة، يكفي النظر إلى صياغة جريدة بريطانية عريقة مثل الغارديان، والتي عنونت خبرها الأول "صحفي بارز في الجزيرة تقتله غارة إسرائيلية في غزة"، وفي مقدمة الخبر تقول: "أنس الشريف قُتل في غارة إسرائيلية قتلت أيضا أربعة من زملائه". في تغطية الغارديان يبدو واضحا استخدام المبني للمعلوم، ووضع الضحايا في المركز، وذكر الجاني، والتركيز على مهنة الضحية ما يقدم الجريمة على حقيقتها كانتهاك مباشر لحرية الصحافة والتعبير والحق في الحياة. أما في اليوم التالي، فقد نشرت الصحيفة تقريرا بعنوان "الصحفيون الفلسطينيون يُقتلون، والأجانب يُمنعون، في حرب إسرائيل على السردية في غزة". وفي البداية تقول الصحيفة بشكل مباشر "تقتل إسرائيل الصحفيين الفلسطينيين في غزة بينما ترفض السماح للمراسلين الأجانب بدخول القطاع"، وتستمر على هذا المنوال في فضح الإستراتيجية الإسرائيلية في التعتيم على الإبادة المستمرة منذ 22 شهرا. الحق في السرد لا يوهب، بل يُنتزع عودة إلى إدوارد سعيد، الذي كتب مطولا عن تعامل الإعلام الغربي مع قضية فلسطين ومع المسلمين. في كتابيه، الاستشراق، والذي نُشر لأول مرة عام 1978، و "تغطية الإسلام"، الذي نُشر بعده بسنوات قليلة، يتحدث سعيد عن أن الإعلام الغربي في مجمله لا يكتفي بعرض ما يراه واقعا عندما يتعلق الأمر بالمسلمين، بل يشارك فعليا في صنعه. ويكون المنتج النهائي متسقا تماما مع السرديات الإمبريالية، وهو ما يراه أداة هيمنة شديدة القوة. هذه الطريقة في السرد والهيمنة تحذف بشكل متعمد كل سياق يرتبط بالتاريخ الاستعماري والاعتداءات الخارجية، وبالتالي يظهر رد الفعل الذي تقدمه حركات المقاومة، سواء دينية أو غيرها، باعتباره تعديا غير مبرر، وإرهابا بلا سبب. بالنسبة للإعلام الغربي في مجمله، بحسب سعيد، يقدَّم المسلمون والعرب في صورة تهديد، أو مشكلة تحتاج للتعامل معها. والأمر نفسه أكده في مقالته "الإذن بالسرد" التي وصف فيها كيف يُحرم الفلسطينيون من الحق في حكاية قصتهم إلا ضمن الإطار الذي يجيزه أصحاب الهيمنة والنفوذ. وهذا بالضبط ما نراه الآن في تغطية نيويورك تايمز، عندما تقدم السردية الحكومية، بغض النظر عن كونها سردية احتلال مدان دوليا، على حساب القضايا الأخلاقية شديدة الوضوح والحدية. لم يكن اغتيال أنس الشريف وصحفيي الجزيرة في غزة سوى اختبار صارخ لقدرة الإعلام الغربي على الالتزام بمعاييره. وقد فشلت النيويورك تايمز في الالتزام بتلك المعايير، فلم تفعل أكثر من إعادة إنتاج سردية الاحتلال عبر منصة أقوى. إن ما حذّر منه إدوارد سعيد قبل عقود يتجسد اليوم بوضوح: الفلسطينيون لا يُسمح لهم بالسرد إلا عبر قوالب أعدّها المتنفذون والاحتلال. إن من شأن هذا الانحراف عن المهمة الصحفية ألا يشوه واقع ما يحدث في غزة فحسب، بل تقويض سلامة وحماية الصحفيين في كل مكان. لأن صاحب القوة عندما لا يمنح "الإذن بالسرد"، فهو يعني أن كل ناقل لسردية أخرى سيكون هدفا مستباحا للقتل. ما كان يقوله أنس الشريف عن غزة كانت ضد ما تقوله نيويورك تايمز عن غزة. كان أنس الشريف يقف ضد نيويورك تايمز حين حكى قصة شعبه بلا إذن بالسرد، وهذه بالتحديد كانت جريمته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store