
كاميرا وبندقية.. كيف حوّل صحفيون إسرائيليون عدساتهم إلى سلاح ضد الفلسطينيين؟
أمام الكاميرا، يظهرون كإعلاميين، وخلفها يتحولون إلى أدوات في ماكينة الاحتلال، يرافقون جنوده في الميدان، ويلتقطون الصور إلى جانب أسلحتهم، ويطلقون دعوات صريحة لسفك دماء الفلسطينيين.
هذا التداخل الفاضح بين الكاميرا والبندقية لا يخرق فقط جوهر مهنة الصحافة، بل يهدم الأساس الذي وضعه القانون الدولي الإنساني، القائم على الحياد وحظر انخراط الصحفيين في أي عمل قتالي.
في هذه المشاهد، لا يكون الصحفي مجرد ناقل للحقيقة، بل يصبح جزءا من رواية القتل نفسها، يمسح حدود الفاصل بين الميدان الإعلامي ومسرح العمليات العسكرية، ليعيد رسمها بمداد التحريض والتعبئة.
وبينما تنص الاتفاقيات الدولية على حماية الصحفيين باعتبارهم مدنيين، نجد هنا من يتخلى عن هذا الحصن الأخلاقي والقانوني، ليقف في صف المقاتل لا المراقب، وفي صف الدعاية لا الحقيقة.
ما سنعرضه في هذا الملف ليس لقطات عابرة، بل أدلة بصرية دامغة تضع هذه الازدواجية تحت المجهر، وتفتح الباب أمام أسئلة ملحة عن مصداقية الخطاب الإعلامي الإسرائيلي، والتبعات القانونية لمثل هذه الانتهاكات.
رصد فريق "الجزيرة تحقق" في هذا التقرير نماذج فاضحة لصحفيين إسرائيليين تخلوا طواعية عن صفة الناقل المستقل للحدث، وتحولوا إلى فاعلين مباشرين في مسرح الجريمة، مشاركين في هدم المنازل وقتل المدنيين، أو حتى قيادة فرق قتالية في غزة والضفة الغربية ولبنان ، والتباهي علنا بهذه الأفعال، في تحد صارخ للقوانين الدولية ولقيم العمل الصحفي، بينما يرتدون خوذات الصحافة ودروعها أمام الكاميرا.
داني كشمارو
من بين هذه النماذج، ما بثته القناة الـ12 الإسرائيلية من توثيق لمراسلها داني كشمارو خلال مشاركته في "يوم قتالي" بلبنان رفقة قائد لواء غولاني العقيد عدي غانون، قرب بلدة عيتا الشعب، على بعد 500 متر من الحدود، في أكتوبر/تشرين الأول 2024.
وظهر كشمارو مرتديا درعا يحمل شعار القناة وخوذة الصحافة، وهو يضغط على زر تفجير منزل عربي هناك، مبررا الفعل بقوله "فجرنا منزلا يطل على إسرائيل وكان يشكل تهديدا".
روعي ينوفيسكي
أما الصحفي روعي ينوفيسكي، فقد ذهب أبعد من ذلك، إذ قاد بنفسه فريق احتياط من المقاتلين بغزة، في مهمة أعلن أنها "قتل المخربين"، وبثت القناة الـ13 مشاهد ترويجية لبرنامجه "100 يوم في أكتوبر" بلباس عسكري في أرض الميدان، توثق تدمير منازل مدنية وعمليات قتالية في جباليا وحي التفاح.
ألون بن دافيد
كما عرضت القناة الـ13 الإسرائيلية تقريرا لمراسلها ألون بن دافيد، الذي دخل غزة مرتديا درعا وخوذة كتب عليهما "Press" وتعني "صحافة"، حاملا ميكروفون القناة، وأجرى مقابلات مع جنود إسرائيليين داخل منازل الفلسطينيين، وداخل الدبابات ومواقع القتال المختلفة.
إيتاي بلومنتال
وفي مشهد مشابه، نشرت هيئة البث الإسرائيلية تغطية للمراسل إيتاي بلومنتال من قلب حي الزيتون في غزة، برفقة قوات ناحال، موثقا عمليات تدمير البنية التحتية، وتصفيات ميدانية، واكتشاف أنفاق جديدة، بينما يرتدي خوذة ودرع الصحافة ويحمل ميكروفون القناة.
إيلي أفيف
وفي الضفة الغربية، أظهر مقطع متداول المراسل إيلي أفيف من القناة الـ14 الإسرائيلية، وهو يحمل سلاحا خلال اقتحام أحد المنازل في مخيم الجلزون، معلقا بسخرية على واقع المخيمات الفلسطينية، قبل أن يظهر في مشهد آخر متحدثا عن قصف تل أبيب ، حاملا السلاح وميكروفون القناة في آن واحد.
ينون مغال
كما لجأ بعض الصحفيين إلى التفاخر بخدمتهم القتالية، إذ نشر ينون مغال مقارنة بين الخدمة العسكرية لصحفيي القناة الـ14 وزملائهم في قنوات 11 و12 و13، متسائلا "من هم أبطال الشاشة ولوحة المفاتيح؟ ومن هم المقاتلون الحقيقيون؟".
تسفيكا يحزكيلي
ولم يقتصر الأمر على الميدان، بل امتد إلى التحريض العلني من داخل الأستوديوهات، مثل تصريح تسفيكا يحزكيلي على القناة الـ13 في ديسمبر/كانون الأول 2023، مطالبا بقتل 100 ألف فلسطيني وعدم التمييز بين مدني ومقاتل، وتشبيهه ذلك بضربة "الطيور الجارحة" في عملية " الرصاص المصبوب".
شمعون ريكلين
وكذلك شمعون ريكلين الذي صرح على القناة الـ14، الذي قال "لا أنام جيدا من دون أن أرى بيوتا تنهار في غزة.. المزيد من البيوت، المزيد من الأبراج، حتى لا يكون لهم مكان يعودون إليه".
ملاحقة الحقيقة
بينما يمنح الصحفيون الإسرائيليون حرية الظهور بالسلاح في ساحات القتال والتحريض على قتل الفلسطينيين، يلاحق الاحتلال الصحفيين الفلسطينيين العزل لمجرد قيامهم بعملهم المهني.
ففي مايو/أيار الماضي، استشهد الصحفي حسن أصليح بقصف مجمع ناصر الطبي في غزة، حيث كان يتلقى العلاج من إصابة سابقة، بعد حملة تحريض رسمية زعمت انتماءه لحماس استنادا إلى صورة مع رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار ، رغم أن وجوده كان للتغطية الإخبارية فقط.
واغتال جيش الاحتلال الإسرائيلي في وقت متأخر من مساء الأحد الماضي مراسلي الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع ، بعدما استهدف خيمة للصحفيين قرب مستشفى الشفاء في مدينة غزة.
وبالإضافة إلى أنس الشريف ومحمد قريقع وإبراهيم ظاهر ومحمد نوفل، استشهد أيضا في الغارة الصحفي محمد الخالدي والمصور مؤمن عليوة، وفقا لمصادر فلسطينية.
وفي بيان نشره بعد الغارة، أقر الجيش الإسرائيلي باستهداف الزميل أنس الشريف ووصفه بأنه "إرهابي تنكر بزي صحفي في قناة الجزيرة".
وادعى جيش الاحتلال أن أنس الشريف كان قائد خلية في حركة حماس وروّج لإطلاق الصواريخ على إسرائيل.
وكان الشهيد تعرّض في الآونة الأخيرة لحملة تحريض إسرائيلية واسعة بسبب تغطيته صور العدوان والتجويع في قطاع غزة.
وخلال حربها على قطاع غزة، اغتالت إسرائيل أيضا عددا من صحفيي شبكة الجزيرة بينهم إسماعيل الغول وحسام شبات.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ارتفع عدد الشهداء الصحفيين منذ بدء الحرب إلى 238، بينما تؤكد لجنة حماية الصحفيين أن الأشهر الأولى من حرب غزة شهدت العدد الأكبر من الصحفيين القتلى في أي نزاع خلال عام واحد، مطالبة بتحقيقات دولية مستقلة، ومذكرة بأن استهداف الصحفيين المدنيين جريمة حرب تستوجب المحاسبة.
الضفة شاهدة
لم يقتصر الاستهداف الممنهج على الصحفيين في غزة، بل امتد إلى الضفة الغربية، حيث يواجه الصحفيون هناك تهديدات مباشرة وأخطارا يومية خلال تغطياتهم الميدانية لعمليات الاقتحام والهدم والممارسات الإسرائيلية بحق المدنيين.
هذه الانتهاكات، تنوعت بين القتل المباشر والتهديد بالقتل، والمنع من التغطية، والاعتداء الجسدي، والترهيب لدفع الصحفيين إلى التوقف عن عملهم، رغم أنهم لا يشكلون أي خطر على قوات الاحتلال.
في 25 ديسمبر/كانون الأول 2024، وثقت الصحفية رغد سلامة محاولة دهس متعمدة من جيب عسكري إسرائيلي خلال تغطيتها الأحداث في مخيم طولكرم.
View this post on Instagram
A post shared by Raghad Salameh (@raghd.salama)
وفي 18 مايو/أيار 2021، تعرضت الصحفية المقدسية لطيفة عبد اللطيف لاعتداء وحشي من قوات الاحتلال التي نزعت حجابها بالقوة، أثناء تغطية اقتحام المستوطنين لمنطقة باب العامود في القدس المحتلة.
كما وثقت الصحفية راية عروق تعرضها وزميل لها لاستهداف مباشر برصاص قناص إسرائيلي وإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع في مخيم جنين ، رغم ارتدائهما الزي الصحفي. وتعرضت عروق لاحقا لمحاولة دهس ثانية وتشويش متعمد على تغطيتها من قِبل جيب عسكري إسرائيلي.
View this post on Instagram
A post shared by translating_palestinee48 (@translating_palestinee48)
View this post on Instagram
A post shared by راية عروق (@raya.orouq)
View this post on Instagram
A post shared by راية عروق (@raya.orouq)
ولا تقتصر هذه الانتهاكات على حوادث فردية، بل تتكرر بشكل واسع في طولكرم، ورام الله، وقلقيلية، والخليل ، حيث توثق المشاهد طرد الصحفيين بالقوة، وضربهم، واعتقالهم أمام الكاميرات وفي بث مباشر، دون اكتراث بالقوانين أو العواقب.
اغتيالات موثقة
لم تتوقف الاعتداءات عند الترهيب، بل وصلت إلى القتل المباشر لصحفيين بارزين، ففي 11 مايو/أيار 2022، اغتالت قوات الاحتلال الصحفية في شبكة الجزيرة شيرين أبو عاقلة أثناء تغطيتها اقتحام مخيم جنين، حيث أُصيبت برصاصة قاتلة رغم وضوح هويتها الصحفية.
وبعد أقل من شهر، قتلت قوات الاحتلال الصحفية غفران وراسنة في الخليل أثناء توجهها إلى عملها، برصاصة اخترقت صدرها من الجهة اليسرى وخرجت من اليمنى، ما أدى إلى استشهادها في 1 يونيو/حزيران 2022.
وعقب اغتيالها، قمعت قوات الاحتلال موكب جنازتها ومنعت دخوله إلى مخيم العروب، وهاجمته بعنف، في مشهد أعاد للأذهان الهجوم على جنازة شيرين أبو عاقلة.
قانون ينتهك علنا
وتنص اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 على أن الصحفيين يعاملون كمدنيين، ما داموا لا يشاركون في الأعمال القتالية، وتوجب حمايتهم وضمان تمكينهم من أداء مهامهم دون تعريضهم للخطر.
كما تؤكد القاعدة رقم 34 من الدراسة العرفية للجنة الدولية للصليب الأحمر أنه "يجب احترام وحماية الصحفيين المدنيين العاملين في مهام مهنية أثناء النزاعات المسلحة، ما داموا لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية".
لكن الاحتلال يخرق هذه المواثيق بشكل منهجي، فهو يسمح لصحفييه بممارسة أدوار عسكرية وتحريضية تسقط عنهم الحماية القانونية، فيما يستهدف الصحفيين الفلسطينيين الملتزمين تماما بمهامهم المهنية، في واحدة من أوضح صور التناقض والاستخفاف بالقانون الدولي الإنساني.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 29 دقائق
- الجزيرة
مؤسسة غزة الإنسانية تكشف تلقيها تمويلا من دول أوروبية
كشف متحدث باسم مؤسسة غزة الإنسانية الخاضعة لسيطرة أميركية وإسرائيلية أن المؤسسة تتلقى جزءا من تمويلها من عدد من الدول في أوروبا الغربية. جاء ذلك في تصريح للمتحدث باسم المؤسسة تشابين فاي ضمن مقابلة مع القناة الرابعة البريطانية، تحدث فيها عن المؤسسة وعملها، لكنه رفض التصريح بأسماء الدول الأوروبية المشاركة في التمويل. واعتبر أن رفضه الكشف عن أسماء هذه الدول يأتي استجابة لتعهد من المؤسسة لتلك البلدان، قائلا "لقد طلبوا منا أن نحتفظ بذلك بسرية، ونحن نفي بذلك الوعد". وقال إن مؤسسته تلقت 30 مليون دولار من الإدارة الأميركية، وإنها تتلقى تمويلاً من دول مانحة أخرى طلبت عدم الكشف عن هوياتها لأسباب سياسية، مشيرا إلى أن هذه البلدان موجودة في غربي أوروبا، لكنه رفض الكشف عن هوياتها احتراما لطلبها. ويأتي هذا التصريح بالتزامن مع بدء بعض الموظفين السابقين في الظهور لنقل شهاداتهم بشأن عمل المؤسسة المثير للجدل. ومن بين هؤلاء الضابط الأميركي المتقاعد من القوات الخاصة أنتوني أغيلار، الذي كشف -في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)- عن سبب استقالته من عمله في فرق تأمين نقاط التوزيع التابعة لما تسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" في القطاع الفلسطيني المحاصر، مؤكدا أنه شاهد القوات الإسرائيلية وهي ترتكب جرائم حرب. وقال الضابط المتقاعد أنتوني أغيلار "شاهدت القوات الإسرائيلية وهي تطلق النار على حشود الفلسطينيين" في نقاط توزيع المساعدات. وأضاف أنه شاهد قوات تطلق قذائف المدفعية على العزّل. وأكد أغيلار أنه لم ير قط طوال سنين خدمته هذا المستوى من "الوحشية واستخدام القوة من دون تمييز، ومن دون ضرورة، ضد سكان مدنيين عزل يتضورون جوعا". وتقود "مؤسسة غزة الإنسانية" منذ أواخر مايو/أيار الماضي مشروعا أميركيا إسرائيليا للسيطرة على توزيع الغذاء في القطاع تزامنا مع حرب الإبادة الإسرائيلية. وقد رفضت الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية وحقوقية عالمية هذا المشروع، ووصفته بأنه أداة لقتل الفلسطينيين وتهجيرهم وإذلالهم. وأقامت المؤسسة 4 نقاط توزيع رئيسية، 3 منها في منطقة تل السلطان في رفح جنوبي القطاع، وواحدة على محور نتساريم الذي يفصل شمالي القطاع عن وسطه وجنوبه. ويتولى متعاقدون أمنيون أميركيون وشركات خاصة مهمة تنظيم الحشود وتوزيع الأغذية. غموض في مصادر التمويل وما تسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" شركة أميركية يقع مقرها الرئيسي في جنيف بسويسرا، وتأسست في فبراير/شباط 2025 قائلة إنها تهدف إلى "تخفيف الجوع في قطاع غزة" عبر إيصال المساعدات للغزيين مع "ضمان عدم وقوعها بأيدي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)"، وبدأت تنشط أواخر مايو/أيار الماضي، لكن مصادر تمويلها ظلت غامضة. وتتزايد في إسرائيل تساؤلات عن مصدر تمويل مؤسسة غزة الإنسانية المشبوهة والمدعومة أميركيا وإسرائيليا، والتي تولّت إقصاء مؤسسات الأمم المتحدة من عمليات الإغاثة التي تستهدف الفلسطينيين ب قطاع غزة المحاصر. وفي حين يستبعد بعض قادة المعارضة الإسرائيلية أن تقوم إسرائيل أو الولايات المتحدة بتمويل المساعدات في غزة وكذلك تكاليف توزيعها، ترى صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن الحكومة قد توزع تلك المساعدات حاليا على نفقتها أو تسدد قيمتها لأجل لاحق ريثما يتم جمع تمويل لها. وقبل أيام، نقلت وكالة رويترز أن المصرفين العالميين "يو بي إس" وغولدمان ساكس رفضا فتح حسابات للمؤسسة المدعومة إسرائيليا وأميركيا والتي ارتبط اسمها بقتل مئات الفلسطينيين وإصابة الآلاف قرب النقاط التابعة لها في القطاع الفلسطيني المحاصر. ووفقا لما نقلته الوكالة عن مصدرين مطلعين، فقد رفض المصرفان فتح حسابات للمؤسسة في سويسرا. وأوضح أحد المصدرين أن إحدى العقبات التي واجهت المؤسسة في محادثاتها مع المصرفَين كانت "انعدام الشفافية بشأن مصادر تمويلها". ونقلت رويترز أن المؤسسة كانت تسعى لفتح فرع لها في جنيف بسويسرا، لكنها واجهت عدة عقبات مثل "قلة التبرعات واستقالة أعضاء مؤسسين، من بينهم مديرها التنفيذي جيك وود في مايو/أيار الماضي، وكذلك صعوبات في فتح حساب مصرفي بسويسرا". وتمثل "مؤسسة غزة الإنسانية" مشروعا أميركيا إسرائيليا للسيطرة على توزيع المساعدات في قطاع غزة بعيدا عن القنوات المعتادة، وقد دانته الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية وحقوقية لكونه أداة لعسكرة المساعدات وتهجير الغزيين وإذلالهم. وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن مناطق التوزيع التابعة لهذه المؤسسة تعد "مصايد موت".


الجزيرة
منذ 31 دقائق
- الجزيرة
موانئ ومطارات أوروبية تعطل شحنات السلاح إلى إسرائيل
القدس المحتلة – تشهد القارة الأوروبية اتساعا غير مسبوق في أنشطة النقابات العمالية الرافضة لنقل الأسلحة والعتاد العسكري إلى إسرائيل، بسبب استخدامها المباشر في الحرب على قطاع غزة ، التي تصفها النقابات بأنها " إبادة جماعية". ولم تعد هذه التحركات محلية أو معزولة، بل تحولت إلى شبكة تضامن عابرة للحدود، طالت الموانئ والمطارات في إيطاليا و فرنسا و بلجيكا و اليونان و السويد و بريطانيا ، ما أدى لتعطيل سلسلة الإمداد البحري والجوي لإسرائيل بشكل متزايد، إلى جانب تعطيل جماعة أنصار الله (الحوثيين) الملاحة في البحر الأحمر. ومع اتساع رقعة هذه الأنشطة وتزايد تأثيرها على سلاسل التوريد العسكرية لإسرائيل، ترسم النقابات العمالية الأوروبية ملامح جبهة ضغط جديدة على إسرائيل، رافضة أن تكون الموانئ والمطارات الأوروبية جسورا لنقل السلاح إلى حرب توصف بالإبادة. عصيان العمال وجاءت هذه التطورات المتلاحقة بعد خطوة مفصلية تمثَّلت في قرار المستشار الألماني فريدريش ميرتس حظر توريد الأسلحة لإسرائيل، ما أضاف زخما كبيرا للحراك النقابي الأوروبي. وفي تحقيق استقصائي بعنوان "حظر اللجان.. كيف منعت النقابات العمالية في الموانئ الأوروبية شحنات معدات عسكرية إلى إسرائيل"، أعدّه الصحفي ميلان تشيرني لصالح موقع "شومريم" والقناة الـ12 الإسرائيلية، تتكشف تفاصيل مثيرة عن اتساع نطاق العصيان العمالي ضد شحن السلاح إلى تل أبيب. ويبرز ميناء "فوس سور مير"، قرب مرسيليا جنوب فرنسا، كمسرح لواحدة من أبرز هذه المحطات. ففي الشهر الماضي، يقول تشيرني "عكف عمال الميناء على البحث بين آلاف الحاويات عن شحنة محددة يشتبه بأنها تحتوي على مكونات أسلحة موجهة إلى إسرائيل، وكان من المقرر تحميلها على متن السفينة "كونتشيب إيرا". وبسبب صعوبة تحديد مكانها، تواصلت لجنة عمال الميناء الفرنسي مع زملائهم بميناء جنوة الإيطالي، حيث كان من المقرر أن ترسو السفينة لاحقا، وطلبوا منهم الاستعداد للتدخل في حال فشلوا هم في منع مرور الشحنة، وقد تجاوب الإيطاليون بسرعة، معلنين استعدادهم لتعطيل المسار. وتطورت القصة حين دخلت على الخط منظمة قانونية فرنسية تدعى "جوردي"، وقدمت استئنافا أمام محكمة محلية، ما أدى لاحتجاز السفينة لعدة أيام قبل أن تبحر في النهاية دون حمولتها المشبوهة. ويقول المحامي وعضو المنظمة الفرنسية ألفونسو دورادو "رفض عمال الميناء تحميل الحاويات، هذا نصرنا الصغير". لكن فرنسا لم تكن الاستثناء، فقد بادرت نقابات عمالية في إيطاليا، واليونان، وبلجيكا، و المغرب ، والسويد إلى تحركات مشابهة، بعضها اتخذ شكل إجراءات مباشرة وفعالة حالت بالفعل دون وصول شحنات عسكرية إلى إسرائيل. آثار التعطيل وهذه الجهود، مع القيود الرسمية التي تفرضها دول أوروبية على بيع أو نقل الأسلحة، إضافة لتهديدات الحوثيين المستمرة في البحر الأحمر التي تعرقل الشحن من آسيا، شكلت مجتمعة ضغطا متزايدا على سلسلة التوريد العسكرية الإسرائيلية، حسب ما ورد في التحقيق الاستقصائي. ووفق مصادر مطلعة، تحدثت إليها القناة الـ12 الإسرائيلية، يعتمد الإنتاج الدفاعي في إسرائيل على شبكة معقدة من الموردين الدوليين، وأي تعطل في وصول مكوّن صغير قد يؤدي إلى تأخيرات ممتدة ويترك انعكاسات إستراتيجية مباشرة على القدرات العسكرية. وبدأت قصة تعطيل الشحنات العسكرية المتجهة إلى إسرائيل من ميناء "فوس سور مير" في أبريل/نيسان الماضي، عندما قام عمال الميناء بتفتيش إحدى الشحنات المشتبه باحتوائها على مكونات لطائرات مقاتلة، ولم يعرف مصير تلك الشحنة حتى الآن، غير أن الحادثة سرعان ما انعكست على حركة الملاحة. وفي منتصف يوليو/تموز، أعلنت نقابة عمال ميناء "بيريوس" في اليونان أن عمالها رفضوا تفريغ شحنة من الفولاذ مخصصة للاستخدام العسكري والمتجهة لإسرائيل، وكانت معدة للنقل من سفينة إلى أخرى. وفي بلجيكا، دعت 4 منظمات عمالية لوقف شحنات من قطع غيار يزعم أنها كانت متجهة إلى مصنع ينتج مكونات دبابة ميركافا ، وكان من المفترض أن تمر عبر ميناء أنتويرب، ثاني أكبر ميناء بأوروبا. أما في السويد، فقد صوت 68% من أعضاء نقابة عمال الموانئ في يناير/كانون الثاني لصالح مقاطعة جميع الشحنات العسكرية من وإلى إسرائيل، وتبرز أمثلة أخرى من موانئ في إيطاليا والمغرب. قيود وتداعيات ولم تقتصر الضغوط على النقابات العمالية، إذ انضمت دول بدورها إلى فرض قيود مباشرة على مرور الأسلحة، ففي خطوة جماعية، أعلن أعضاء مجموعة لاهاي ، التي تضم بلدانا مثل بوليفيا وتشيلي وكوبا وكولومبيا وماليزيا وجنوب أفريقيا وغيرها، حظرا شاملا لتوريد الأسلحة إلى إسرائيل، ومنع السفن المحملة بالأسلحة من الرسو في موانئها. وقبل ذلك، كانت كل من إسبانيا و تركيا قد اتخذتا إجراءات مشابهة لتقييد تصدير ونقل الأسلحة إلى إسرائيل. ولم تقتصر الاعتراضات على الموانئ البحرية، بل امتدت للمطارات أيضا، ففي مطار شارل ديغول بباريس، اكتشف العمال أن شحنة من العربات المدرعة المخصصة لشركة إلبيت الإسرائيلية كان من المفترض أن تمر عبر المطار. وقد تأخرت هذه الشحنة في أوروبا لنحو شهر كامل، عقب إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي ردا على الهجوم الإيراني، لتصبح في متناول معلومات عدة نقابات عمالية، من سائقي الشاحنات إلى عمال المراكز اللوجيستية، الذين نسقوا جهودهم لإيقافها. ويرى مدير مركز الأمن القومي والديمقراطية في معهد الديمقراطية الإسرائيلي الدكتور عيران شامير بورير أن حملات الحظر على الشحنات العسكرية ليست جديدة، لكنها تشتد وتتوسع بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة. ويضيف "سابقا، كانت مشاكل سلسلة التوريد أصغر حجما وأقل انتظاما، وتركزت بالأساس على الضغط العام والإجراءات القانونية، أما اليوم فنحن أمام تعبئة نقابية دولية غير مسبوقة، وهذا يجب أن يقلق إسرائيل". وحذر شامير بورير من أن تداعيات هذه التعبئة قد تكون بعيدة المدى، موضحا أنه بينما تحاول إسرائيل التقليل من شأن الاحتجاجات، "فإن عدم قدرة الأجهزة الأمنية على الحصول على مكون صغير وضروري من بلد آخر قد يعني ببساطة غيابه عند الحاجة"، ما يفرض -برأيه- "تداعيات اقتصادية وتشغيلية خطيرة، وتحول الموانئ والمطارات الأوروبية إلى ساحة مواجهة جديدة".


الجزيرة
منذ 31 دقائق
- الجزيرة
خبير: تقليص دور الجيش وتعزيز البنية المدنية الإسرائيلية بالضفة
قال خبير فلسطيني إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تسرع وتيرة ضم الضفة الغربية بسحب صلاحيات الجيش مقابل تعزيز البنية المدنية الإسرائيلية، وهو ما يفسر تسارع مشاريع الاستيطان. ومنذ 1967 تخضع الضفة الغربية للحكم العسكري، بما فيها مشاريع الاستيطان التي تتطلب في جميع مراحلها موافقة الحاكم العسكري للضفة ثم المستوى السياسي في إسرائيل، لكن في ظل الحكومة الحالية وتولي بتسلئيل سموتريتش، وزارة في وزارة الدفاع، إضافة إلى كونه وزيرا للمالية، بدأ تدريجيا سحب صلاحيات الجيش. ووفق منظمة حقوقية إسرائيلية فإن إجراءات المصادقة على البناء الاستيطاني ستتم أسرع من أي وقت مضى. يقول خبير الاستيطان المقدسي خليل التفكجي للجزيرة نت، إن القرارات في مشاريع الاستيطان كانت تتخذ بعد عقد اجتماعات على مدار 6 أشهر أو أكثر، ولا يرى أي مشروع النور سوى بعد موافقة المستوى السياسي. أما اليوم، فقال إن المجلس الأعلى للتنظيم يعقد اجتماعا كل أسبوع، ويطرح مشاريع لبحثها ويتخذ قرارات بشأنها سريعا، كما حدث في المصادقة على توسعة عدد من المستوطنات والطرق "وهذا يدل على أن مشروع الضم يسير في تسارع". وأشار إلى "إقامة بنية مدنية إسرائيلية داخل الضفة الغربية تزامنا مع سحب الامتيازات من الحكم العسكري" معتبرا أن "الإدارة المدنية (تابعة للجيش) انتهت وأصبح هناك إدارة جديدة تابعة لسموتريتش، ولديها كل الأموال اللازمة للتخطيط وتسريع الاستيطان وإقامة البنية التحتية". ومع توليه منصبه في وزارة الدفاع، عين سموتريتش شخصية مدنية مقربة منه في منصب "نائب رئيس الإدارة المدنية"، وهو منصب كان يتولاه موظفون ذوو رتب عسكرية، ما يعني تحويل طابع الإدارة المدنية من طابع عسكري إلى مدني وتسهيل السيطرة على أراضي الضفة الغربية. رفض الاعتراضات وفق خبير الخرائط والاستيطان فإن المشاريع التي صودق عليها منذ 25 يوليو/تموز حتى الآن، تصب في صالح إقامة مشروع " القدس الكبرى" وفق الرؤية الإسرائيلية. وأوضح أن هذا المشروع الضخم بات يتحقق بعدد من المشاريع، بدءا من بناء وحدات سكنية استيطانية جديدة، مرورا بالبؤر الاستيطانية الرعوية، وشق الطرق وتجهيز البنية التحتية، ومحميات طبيعية وليس انتهاء بمزارع للطاقة الشمسية. وأشار التفكجي إلى رفض كافة الاعتراضات التي قدمت ضد المشروع الاستيطاني "إي1″، أول أمس الأربعاء، والذي من المقرر أن يقام على مساحة 12 كيلومترا مربعا ويفصل وسط وشمالي الضفة الغربية عن جنوبها، معتبرا أن الجانب الإسرائيلي "مدعوم بشكل غير محدود من الأميركيين، وهذا سيؤدي في نهاية المطاف إلى عدم إقامة دولة فلسطينية مستقبلا". والأربعاء الماضي، قررت اللجنة الفرعية للاعتراضات التابعة للمجلس الأعلى الإسرائيلي للتخطيط، رفض جميع الاعتراضات التي قُدمت أمامها ضد مشروع إي1 الاستيطاني، وأوصت المجلس بالموافقة على الخطط المطروحة مع بعض التعديلات الفنية الطفيفة. وفق حركة " السلام الآن" الإسرائيلية فإن "الخطوة التالية والأخيرة في عملية الموافقة هي جلسة استماع المجلس الأعلى للتخطيط لمنح الخطط الموافقة القانونية (التصديق)" مضيفة، أنه "في خطوة غير مألوفة، حُددت جلسة استماع للموافقة النهائية بسرعة قياسية – الأربعاء المقبل (20 أغسطس)". ومن ضمن الاعتراضات المرفوضة اعتراض منظمتي "السلام الآن" و"عير عميم" الإسرائيليتين وغيرهما، والتي فحواها أن التخطيط في قلب الضفة الغربية للإسرائيليين حصريا يُشكل تمييزا صارخا ضد السكان الفلسطينيين، خاصة أن الأراضي التي سيقام عليها الحي الاستيطاني الجديد هي أرض حيوية للتوسع الفلسطيني، ومن واجب المجلس الأعلى للتخطيط تلبية احتياجات الفلسطينيين. وفق المنظمة اليسارية الإسرائيلية فإنه "وفي خطوة غير مألوفة تم تحديد جلسة الموافقة النهائية على المشروع بسرعة قياسية، والذي يضم 3412 وحدة سكنية ستقسم الضفة الغربية إلى قسمين، مضيفة أنه إذا سارت العملية بسرعة، فقد تبدأ أعمال البنية التحتية في منطقة إي1 خلال بضعة أشهر، وبناء المساكن خلال عام تقريبا". وبسبب ضغوط خارجية لم يرَ مخطط إي1 النور رغم بدء الترويج له في تسعينيات القرن الماضي، واليوم مع وجود الوزير المتطرف سموتريتش فإن هذا المشروع الاستيطاني وغيره يرون النور بخطوات متسارعة. وأمس الخميس، أعلن سموتريتش، الموافقة على خطة إي1 في مستوطنة معاليه أدوميم، وبعث -في مؤتمر صحفي- رسالة مباشرة للمجتمع الدولي إن "من يحاول هذه الأيام الاعتراف بدولة فلسطينية، يتلقى إجابتنا من الأرض لا بالوثائق ولا بالقرارات أو التصريحات، وإنما بالوقائع. الوقائع بالبيوت، بالحارات، بالشوارع وبعائلات يهودية تبني الحياة". وأضاف "هم سيتحدثون عن الحلم الفلسطيني، ونحن سنواصل بناء واقع يهودي.. الواقع الذي يدفن فكرة الدولة الفلسطينية نهائيا، لأنه لا يوجد شيء يُعترف به ولا من يُعترف فيه". الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل.