logo
متلازمة القلب المكسور

متلازمة القلب المكسور

العربي الجديدمنذ 7 ساعات

عند سماعها الخبر الصادم، قرّرت المرأة المخذولة أن تنأى بنفسها عن كلّ شيء، كان هذا حين أخبرها الطبيب أنها مصابة بمتلازمة القلب المكسور، وهو مرضٌ عضوي قد يعطب القلب ويؤدّي إلى الموت، ومن أسبابه التعرّض لمواقفَ مثيرة للتوتّر، ولمشاعرَ شديدة الوطأة، إضافة إلى القلق والاكتئاب وحالات الغضب الشديد والتوتّر المُزمن. قال إنها قد تشعر بألم مفاجئ في الصدر وضيق في التنفّس تتشابه مع أعراض النوبة القلبية.
بعد أن كتب لها مجموعة من الأدوية، أكّد الطبيب ضرورة الاسترخاء والتخلّص من المشاعر السلبية، طمأنها بأن الوضع ليس خطيراً إذا ما واظبت على أدويتها، واستمعت إلى نصائحه عن ضرورة الاعتناء بصحّتها النفسية، وتغير نمط حياتها، وحذّرها كثيراً من مغبّة الإهمال.
في البداية، راقَها اسم المرض الأنيق الشاعري الراقي، الذي لم تسمع به من قبل، وأحسّت بشيء من التميّز والفخار، اللذين لا تتيحهما الإصابة بمرض البواسير مثلاً، إذ إنها تستطيع البوح باسم مرضها في المجالس من دون ارتباك أو خجل. فكّرت في أن ذلك المرض يليق بشخصيتها الهشّة الميّالة إلى الحزن من حيث المبدأ.
أقرّت أنها مختلفة عن الجميع، فزمرة دمها سلبية، ويعتبرها الطبّ نادرةً، وفي الدول المتحضّرة يُلزِم القانون أمثالها ارتداء سوار طبّي يفيد بزمرة الدم، تحسّباً لأيّ طارئ. كما أنها اكتشفت أنها لا تملك طواحين عقل مثل بقية خلق الله، أكّد لها طبيب الأسنان خلوّ فمها من أيّ منها، ما وفّر عليها كثيراً من العناء والألم، والحكمة ربّما، وفسّر رعونتها وطيشها في أيام الصبا، كما كانت تبرّر ذلك مازحةً في غياب طواحين العقل.
غير أن الخوف سرعان ما تمكّن منها حين تصفّحت "غوغل"، وقرأتْ مزيداً من تفاصيل متلازمة القلب المكسور، وأدركت أن الأمر ليس طرفةً، وأن عليها إحداث تغييرات كبرى حفاظاً على حياتها. لكنّ أسئلةً أكثر خطورةً كان عليها أن تطرحها على نفسها في تلك اللحظة المفصلية: هل حقّاً أريد الحفاظ على حياتي؟ هل أحبّها أصلاً؟ هل فيها ما يستحقّ العناء؟ وكيف لي بعد هذا العمر الطويل أن أتغيّر؟ وأن أكفّ عن الاكتراث بما يدور حولي من أهوال حروب وقتل ودمار؟ كيف أصمّ أذنَيَّ عن أنّات المعذّبين والجوعى والمتروكين لمصيرهم؟ كيف لي أن أنام ليلي الطويل وأنا متأكّدة أن جارتي تتعرّض للتعنيف والضرب المبرّح من زوجها، وتعمل كلّ صباح في إخفاء آثار الكدمات بمساحيق التجميل، قبل أن تذهب إلى عملها؟ كيف لي تجاهل نظرات يتيمة رحل عنها والدها، وتخلّت عنها أمها من أجل زوج جديد، وتركتها في كنف جدّة معدمة آيلة إلى الموت في أي لحظة؟ كيف لي تجاهل خبر قتل رجل شقيقته رمياً بالرصاص، قبل أن يسلّم نفسه للجهات الأمنية؟ كيف لي ألا أفكّر في الرجل الذي جار عليه الزمن، فلم يعد يملك قوت يومه، واضطر إلى ذلّ السؤال؟
اعترفت لنفسها بعد تفكير طويل أنها امرأة غير صالحة للحياة، وأنها عاجزة عن إتقان فنّ اللامبالاة، وأنها لن تنأى بنفسها، حتى لو أرادت ذلك، لأن تركيبتها النفسية قائمة أساساً على الاكتراث والإحساس بعذابات الآخرين. كتبت رسالةً إلى طبيبها المعالج عبر "واتساب" جاء فيها: "أعتذر يا طبيبي العزيز، لن يكون بإمكاني إحداث أيّ تغيير يذكر في نمط حياتي من أجل كسب بضع سنوات إضافية لن تُحدث فرقاً، يبدو أنني سأبقى كما أنا، حتى لو تكسّر قلبي إلى مليون قطعة متناهية الصغر، وتناثر بعيداً من هذا العماء".

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إصابة الرئيس السابق جو بايدن بالسرطان "الأكثر عدوانية"، ما هو بروتوكول العلاج؟
إصابة الرئيس السابق جو بايدن بالسرطان "الأكثر عدوانية"، ما هو بروتوكول العلاج؟

BBC عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • BBC عربية

إصابة الرئيس السابق جو بايدن بالسرطان "الأكثر عدوانية"، ما هو بروتوكول العلاج؟

أعلن مكتب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، البالغ من العمر 82 عاماً، إصابته بسرطان البروستاتا وانتشار الورم في عظامه. وقال المكتب في بيان يوم الأحد، إن الأطباء اكتشفوا حالة بايدن، يوم الجمعة، أثناء فحوصات بعد شكوى من ألم وأعراض أخرى أثناء التبول، وعثر الأطباء على كتلة صغيرة (عقيدة) في غدة البروستاتا. وأوضح البيان أن هذا النوع من السرطان هوأكثر عدوانية، وأن بايدن وعائلته يراجعون خيارات العلاج. وغادر بايدن منصبه في يناير/كانون الثاني الماضي، وكان أكبر رئيس ينا في الحكم في تاريخ الولايات المتحدة، وكان هناك الكثير من الشكوك والتساؤلات حول صحته خلال فترة ولايته، مما دفعه إلى سحب ترشحه من الانتخابات الرئاسية الماضية وتنازل لنائبته كامالا هاريس. وأضاف مكتب الرئيس السابق: "في الأسبوع الماضي، خضع الرئيس جو بايدن لفحص جديد لكتلة (عُقيدة) في البروستاتا بعد أن عانى من أعراض بولية متزايدة." وتم تشخيص سرطان البروستاتا، الذي يتميز بدرجة 9 على مقياس غليسون (الدرجة الخامسة) مع انتقاله إلى العظام. وعلى الرغم من أن هذا يمثل شكلاً أكثر عدوانية من المرض، إلا أن هذا النوع يبدو حساساً للهرمونات، مما يسمح بالعلاج الفعال." وبحسب مؤسسة أبحاث السرطان في بريطانيا، فإن درجة غليسون التي تبلغ تسعة تعني أن مرضه يُصنف بأنه "شديد الخطورة"، وأن الخلايا السرطانية قد تنتشر بسرعة. الرئيس الأمريكي جو بايدن "بصحة جيدة جدا" بعد تأكيد إصابته بكوفيد 19 في أول مقابلة منذ مغادرة البيت الأبيض، بايدن لبي بي سي: ترامب يُرضي بوتين بالضغط على أوكرانيا أسابيع بايدن الكارثية في 90 ثانية دعم ومواساة فور انتشار أنباء التشخيص بالمرض، تلقى بايدن دعماً كبيراً من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وكتب الرئيس دونالد ترامب، على منصته الاجتماعية "تروث سوشيال"، سالة لبايدن، قال فيها إنه والسيدة الأولى ميلانيا ترامب "يشعران بالحزن لسماعهما خبر التشخيص الطبي الأخير لجو بايدن". ووجه حديثه إلى السيدة الأولى السابقة جيل بايدن: "نتقدم بأحرّ وأطيب تمنياتنا لجيل وعائلتها. نتمنى لجو الشفاء العاجل والناجح". أما كامالا هاريس، نائبة بايدن السابقة والمرشحة السابقة في الانتخابات الرئاسية، فكتبت على منصة "إكس" أنها وزوجها دوغ إمهوف، "يدعوان لعائلة بايدن بالشفاء العاجل." وقالت هاريس: "جو مقاتل، وأعلم أنه سيواجه هذا التحدي بنفس القوة والمرونة والتفاؤل التي ميزت حياته وقيادته". بيما عبر الرئيس السابق باراك أوباما، الذي تولى الرئاسة من عام 2009 إلى عام 2017 وكان جو بايدن نائبه، عن دعمه هو وزوجته ميشيل، وقال في بيان على إكس إنهما "يفكران في عائلة بايدن بأكملها". وأضاف أوباما: "لم يبذل أحد جهداً أكبر لإيجاد علاجات مبتكرة للسرطان بجميع أشكاله أكثر مما فعله جو، وأنا على يقين من أنه سيواجه هذا التحدي بعزيمته وصبره المعهود. ندعو الله له بالشفاء العاجل والكامل". وأثناء حكم أوباما، كلف بايدن فيعام 2016، بقيادة برنامج بحثي حكومي على نطاق واسع لمكافحة السرطان. ومن بريطانيا قال رئيس الوزراء كير ستارمر: "أشعر بحزن شديد لسماع أن الرئيس بايدن أُصيب بسرطان البروستاتا. أتمنى كل التوفيق لجو وزوجته جيل وعائلتهما، وأتمنى له علاجاً سريعاً وناجحاً". تأتي هذه الأخبار بعد قرابة عام من انسحاب الرئيس السابق من الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 بسبب مخاوف بشأن صحته وتقدمه في العمر. واجه بايدن، المرشح الديمقراطي آنذاك الذي كان يتنافس على إعادة انتخابه، انتقادات متزايدة لأدائه الضعيف في مناظرة تلفزيونية ضد منافسه الجهوري في ذلك الوقت الرئيس الحالي دونالد ترامب، في يونيو/حزيران 2024. ليتم في النهاية استبداله كمرشح ديمقراطي بنائبته، كامالا هاريس. وأصبح ترامب، البالغ من العمر 78 عاماً، ليكون أكبر شخص سناً يؤدي اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة عندما تولى منصبه خلفاً لبايدن. بروتوكول العلاج يُعد سرطان البروستاتا ثاني أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين الرجال، بعد سرطان الجلد، بحسب بيانات عيادة كليفلاند. وتشير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، إلى أن 13 من كل 100 رجل سيصابون بسرطان البروستاتا في مرحلة ما من حياتهم. ويُعتبر التقدم في العمر العامل الأخطر والأكثر شيوعاً للإصابة بالمرض، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. ويرى الدكتور ويليام داهوت، كبير المسؤولين العلميين في الجمعية الأمريكية للسرطان وطبيب متخصص في سرطان البروستاتا، أن هذا السرطان "أكثر عدوانية بطبيعته"، وفقاً للمعلومات المُعلن عنها حول تشخيص بايدن. وقال الدكتور داهوت لبي بي سي: "بشكل عام، إذا انتشر السرطان إلى العظام، فلا نعتقد أنه يمكن أن يكون سرطاناً قابلاً للشفاء". ومع ذلك، أوضح أن معظم المرضى يستجيبون جيداً للعلاج الأولي، "ويمكن للناس أن يعيشوا سنوات عديدة بعد تشخيصهم بالمرض". وعن البروتوكول العلاجي، أضاف الدكتور داهوت، "من المرجح تقديم علاجات هرمونية لمريض بنفس سرطان بايدن، لتخفيف الأعراض وإبطاء نمو الخلايا السرطانية." وتوارى بايدن عن الأنظار بصورة كبيرة منذ مغادرته البيت الأبيض، ولم يظهر علناً إلا نادراً. وكان أول ظهور إعلامي له منذ فوز ترامب، مع بي بي سي في مايو/آيار، وأقر خلاها بأن قرار التنحي عن انتخابات 2024 كان "صعباً". وواجه بايدن أسئلة حول حالته الصحية في الأشهر الأخيرة. لكنه نفى في لقاء مع برنامج "ذا فيو" الأمريكي في مايو/آيار الماضي أيضا، مزاعم معاناته من "تدهور إدراكي" خلال أخر سنة في حكمه، وقال: "لا يوجد ما يدعم ذلك". وكان بايدن من أبرز المدافعين عن أبحاث السرطان، خلال سنوات طويلة. في عام ٢٠٢٢، أعاد هو والسيدة جيل بايدن إطلاق مبادرة "الانطلاقة الكبرى للسرطان" بهدف حشد الجهود البحثية لمنع أكثر من أربعة ملايين حالة وفاة بالسرطان بحلول عام ٢٠٤٧. فقد بايدن نفسه ابنه الأكبر، بو، بسبب سرطان الدماغ عام ٢٠١٥.

بايدن مصاب بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا.. وترامب حزين
بايدن مصاب بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا.. وترامب حزين

العربي الجديد

timeمنذ 6 ساعات

  • العربي الجديد

بايدن مصاب بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا.. وترامب حزين

قال مكتب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن في بيان، أمس الأحد، إنه تم تشخيص إصابته "بشكل عدواني" بسرطان البروستاتا مع انتشاره إلى العظام. وجاء في البيان أن تشخيص بايدن (82 عاماً) تأكد يوم الجمعة بعد أن عانى من مشكلات في المسالك البولية وأنه وأسرته يستكشفون الخيارات العلاجية مع الأطباء. وتابع مكتبه: "في حين أن هذا يمثل شكلاً أكثر عدوانية من المرض، يبدو أن السرطان حساس للهرمونات، ما يسمح بالتعامل معه بفعالية". وأضاف المكتب أن تقييم درجة خطورة الخلايا السرطانية جاء عبر مقياس "غليسون" الذي يتدرج من 1 إلى 10، وقد سجّل الرئيس الأميركي السابق نتيجة "9"، ما يشير إلى درجة مرتفعة من العدوانية في الورم. سيرة سياسية التحديثات الحية جو بايدن... الرئيس الـ46 للولايات المتحدة الأميركية ترامب حزين إزاء إصابة بايدن بالسرطان من جهته، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأحد إنه "حزين" إزاء الأنباء عن تشخيص إصابة بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا. وجاء في منشور لترامب على منصته تروث سوشال: "ميلانيا وأنا حزينان لسماع نبأ التشخيص الطبي الأخير لجو بايدن. نتقدم بأحر وأفضل التمنيات لجيل والعائلة، ونتمنى لجو تعافياً سريعاً وناجحاً"، علماً بأنه سبق أن سخر مراراً من قدرات بايدن الإدراكية. وكان بايدن، الذي شغل منصب الرئيس في الفترة من 2021 إلى 2025، قد أنهى فجأة مسعاه لإعادة انتخابه في يوليو/ تموز الماضي بعد أسابيع من أدائه المتعثر خلال مناظرة ضد المرشح الجمهوري آنذاك ترامب، ما أثار الذعر بين زملائه الديمقراطيين. وترشحت كامالا هاريس، نائبة بايدن، في ذلك الوقت للرئاسة عن الحزب الديمقراطي، لكنها خسرت في نوفمبر/ تشرين الثاني أمام ترامب. واجتذبت صحة الرئيس الأميركي السابق البدنية والذهنية تدقيقاً إعلامياً مكثفاً حتى قبل المناظرة. وفي وقت انتخابه في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، كان أكبر شخص سناً يفوز بالرئاسة. وحطم ترامب (78 عاماً) هذا الرقم القياسي عندما هزم هاريس العام الماضي. وأصبح بايدن الرئيس الـ46 للولايات المتحدة الأميركية عقب فوزه على حساب منافسه ترامب، بعد محاولتين فاشلتين للترشح باسم الحزب الديمقراطي في عامي 1988 و2008. (رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)

متلازمة القلب المكسور
متلازمة القلب المكسور

العربي الجديد

timeمنذ 7 ساعات

  • العربي الجديد

متلازمة القلب المكسور

عند سماعها الخبر الصادم، قرّرت المرأة المخذولة أن تنأى بنفسها عن كلّ شيء، كان هذا حين أخبرها الطبيب أنها مصابة بمتلازمة القلب المكسور، وهو مرضٌ عضوي قد يعطب القلب ويؤدّي إلى الموت، ومن أسبابه التعرّض لمواقفَ مثيرة للتوتّر، ولمشاعرَ شديدة الوطأة، إضافة إلى القلق والاكتئاب وحالات الغضب الشديد والتوتّر المُزمن. قال إنها قد تشعر بألم مفاجئ في الصدر وضيق في التنفّس تتشابه مع أعراض النوبة القلبية. بعد أن كتب لها مجموعة من الأدوية، أكّد الطبيب ضرورة الاسترخاء والتخلّص من المشاعر السلبية، طمأنها بأن الوضع ليس خطيراً إذا ما واظبت على أدويتها، واستمعت إلى نصائحه عن ضرورة الاعتناء بصحّتها النفسية، وتغير نمط حياتها، وحذّرها كثيراً من مغبّة الإهمال. في البداية، راقَها اسم المرض الأنيق الشاعري الراقي، الذي لم تسمع به من قبل، وأحسّت بشيء من التميّز والفخار، اللذين لا تتيحهما الإصابة بمرض البواسير مثلاً، إذ إنها تستطيع البوح باسم مرضها في المجالس من دون ارتباك أو خجل. فكّرت في أن ذلك المرض يليق بشخصيتها الهشّة الميّالة إلى الحزن من حيث المبدأ. أقرّت أنها مختلفة عن الجميع، فزمرة دمها سلبية، ويعتبرها الطبّ نادرةً، وفي الدول المتحضّرة يُلزِم القانون أمثالها ارتداء سوار طبّي يفيد بزمرة الدم، تحسّباً لأيّ طارئ. كما أنها اكتشفت أنها لا تملك طواحين عقل مثل بقية خلق الله، أكّد لها طبيب الأسنان خلوّ فمها من أيّ منها، ما وفّر عليها كثيراً من العناء والألم، والحكمة ربّما، وفسّر رعونتها وطيشها في أيام الصبا، كما كانت تبرّر ذلك مازحةً في غياب طواحين العقل. غير أن الخوف سرعان ما تمكّن منها حين تصفّحت "غوغل"، وقرأتْ مزيداً من تفاصيل متلازمة القلب المكسور، وأدركت أن الأمر ليس طرفةً، وأن عليها إحداث تغييرات كبرى حفاظاً على حياتها. لكنّ أسئلةً أكثر خطورةً كان عليها أن تطرحها على نفسها في تلك اللحظة المفصلية: هل حقّاً أريد الحفاظ على حياتي؟ هل أحبّها أصلاً؟ هل فيها ما يستحقّ العناء؟ وكيف لي بعد هذا العمر الطويل أن أتغيّر؟ وأن أكفّ عن الاكتراث بما يدور حولي من أهوال حروب وقتل ودمار؟ كيف أصمّ أذنَيَّ عن أنّات المعذّبين والجوعى والمتروكين لمصيرهم؟ كيف لي أن أنام ليلي الطويل وأنا متأكّدة أن جارتي تتعرّض للتعنيف والضرب المبرّح من زوجها، وتعمل كلّ صباح في إخفاء آثار الكدمات بمساحيق التجميل، قبل أن تذهب إلى عملها؟ كيف لي تجاهل نظرات يتيمة رحل عنها والدها، وتخلّت عنها أمها من أجل زوج جديد، وتركتها في كنف جدّة معدمة آيلة إلى الموت في أي لحظة؟ كيف لي تجاهل خبر قتل رجل شقيقته رمياً بالرصاص، قبل أن يسلّم نفسه للجهات الأمنية؟ كيف لي ألا أفكّر في الرجل الذي جار عليه الزمن، فلم يعد يملك قوت يومه، واضطر إلى ذلّ السؤال؟ اعترفت لنفسها بعد تفكير طويل أنها امرأة غير صالحة للحياة، وأنها عاجزة عن إتقان فنّ اللامبالاة، وأنها لن تنأى بنفسها، حتى لو أرادت ذلك، لأن تركيبتها النفسية قائمة أساساً على الاكتراث والإحساس بعذابات الآخرين. كتبت رسالةً إلى طبيبها المعالج عبر "واتساب" جاء فيها: "أعتذر يا طبيبي العزيز، لن يكون بإمكاني إحداث أيّ تغيير يذكر في نمط حياتي من أجل كسب بضع سنوات إضافية لن تُحدث فرقاً، يبدو أنني سأبقى كما أنا، حتى لو تكسّر قلبي إلى مليون قطعة متناهية الصغر، وتناثر بعيداً من هذا العماء".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store