
"راسخ" و"مشيرب العقارية" تتعاونان لدمج التراث والثقافة في التعليم
تهدف الاتفاقية إلى تطوير موارد تعليمية مستوحاة من متاحف مشيرب لدعم الطلاب والباحثين في قطر قصص ذات صلة قصة 4 دقائق للقراءة
برنامج توعوي اجتماعي من إعداد عمر فاروق يجسّد القيم الأصيلة المتجذّرة في المجتمع البحريني قصة 3 دقائق للقراءة
تستضيف مؤسسة قطر، بالتعاون مع الدوري الأميركي للمحترفين NBA والاتحاد القطري لكرة السلة، فعاليات الدوري والورش التدريبية بمشاركة أكثر من ألف رياضي قصة 5 دقائق للقراءة
شهد الحفل أيضًا إطلاق حملة "شكرًا" وتنظيم معرض تفاعلي لتعزيز القيم الأخلاقية في المجتمع
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
جبريل سيسيه.. من نجومية الملاعب إلى عالم الموسيقى
في مشهد لم تعهده جماهير كرة القدم، ظهر جبريل سيسيه، المهاجم الفرنسي السابق ذو الأصول الإيفوارية والغينية، على خشبة أحد أهم المهرجانات الموسيقية في أبيدجان. لم يكن سيسيه مرتديا قميصا رياضيا، بل حاملا معدّاته الموسيقية، ليؤدي عرضا صاخبا في مهرجان "صنداي" الشهير، حيث دمج إيقاعات الأفرو هاوس بأسلوب عالمي يعكس مسيرته المتنوعة. سيسيه، الذي ولد في أغسطس/آب 1981 بفرنسا، هو نجل مانغيه سيسيه، الدولي الإيفواري السابق الذي تألق مع منتخب "الفيلة" في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. ورغم انقضاء أكثر من عقد على آخر زيارة له إلى كوت ديفوار، حيث حضر جنازة والده عام 2009، فإن عودته الأخيرة كانت مختلفة تماما. وبابتسامة تحمل كثيرا من الدفء، قال سيسيه عن ذلك: "عدتُ إلى وطني اليوم في ظروف أفضل، ضمن احتفالية. لقد حان وقت عودتي إلى الوطن". اشتهر سيسيه خلال مسيرته الكروية بأسلوبه الجريء في اللعب ومظهره اللافت بشعره المصبوغ بألوان متعددة ووشومه الكثيرة، ولعب لأندية أوروبية كبرى، وهي ليفربول، ومرسيليا، وأوكسير، وباناثينايكوس، ولاتسيو، وساهم في فوز "الريدز" بدوري أبطال أوروبا عام 2005. كما ارتدى قميص المنتخب الفرنسي في أكثر من 40 مباراة دولية، وشارك في نهائيات كأس العالم 2002 و2010. بدأ شغف سيسيه بالموسيقى في سن الـ14، عندما تعرف على منسق موسيقى في نادٍ صغير بجنوب فرنسا. لكن هذا الشغف ظل هواية جانبية حتى أعلن اعتزاله كرة القدم رسميا عام 2015، ليبدأ بعدها مسيرته الثانية في عالم الموسيقى. ويمزج الأسلوب الموسيقي لسيسيه بين أفرو هاوس، بايلي فانك البرازيلية والكومبيا، ويخلو تماما من موسيقى "الكوبي ديكاليه" السائدة في كوت ديفوار، وهو ما أثار فضول الجمهور المحلي. وقد نال أداؤه في مهرجان "صنداي" إعجابا كبيرا، لا سيما أنه تعاون سابقا مع الفنانة النيجيرية نينيولا، وأثار اهتمام شركة "هاير غراوند" التابعة للدي جي العالمي "دبلو". ويرى سيسيه في أبيدجان فرصة لإطلاق مشروعه الموسيقي على مستوى القارة الأفريقية، إذ يعمل على توسيع نطاق علامته الخاصة في أزياء الشارع "مستر لينوار"، ويخطط للتعاون مع فنانين محليين لتقديم إنتاج موسيقي مشترك. كما عبّر عن رغبته في تنظيم حفلات داخل ملعب كرة القدم التابع للمعهد الوطني للشباب والرياضة في العاصمة الإيفوارية. ورغم انشغاله بالموسيقى والأزياء، فلم يغفل سيسيه جذوره الكروية، إذ أعرب عن استعداده لمشاركة خبراته مع اللاعبين المحليين. وعن ذلك يقول: "أود أن أرد لكرة القدم ما قدمته لي من خلال مشاركة نصائحي حول أسلوب لعبي ومهاراتي، ولكي يتحقق ذلك، يجب أن ترغب السلطات والأندية الإيفوارية في التعاون معي".


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
في عرضه الأول بمهرجان "كان": الفيلم المغربي "المينة" يرفع علم فلسطين وخطاب المخرجة يندد بالإبادة في غزة
كان، فرنسا – شهدت فعاليات أسبوع النقد بمهرجان "كان" السينمائي الدولي في نسخته الـ78، مساء الثلاثاء، لحظة مؤثرة تمثلت في رفع علم فلسطين على المسرح من فريق الفيلم المغربي "المينة" الذي عُرض لأوّل مرة ضمن المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة لأسبوع النقد. عقب العرض، ألقت راندا معروفي، مخرجة الفيلم، خطاباً عبّرت فيه عن امتنانها لأهالي مدينة جرادة المغربية، الذين شكّلوا خلفية العمل ومصدر إلهامها، مؤكدة أنّ الفيلم "ثمرة جهد جماعي" شارك فيه سكان المدينة أنفسهم، والذين "تبنّوا المشروع واحتضنوه"، على حدّ تعبيرها. وفي تصريح للجزيرة نت، قالت معروفي: "كان لا بدّ من تسجيل موقف نعبّر به عن سخطنا ممّا يجري لأخواتنا وإخوتنا في فلسطين. إنّه تضامن رمزي ضروري مع من يتعرّضون كلّ يوم لشتى أشكال الظلم والقهر في صمت مشين لمن يختبئون خلف الخطابات الجمالية الرنانة والخاوية". كذلك، في ختام كلمتها أمام جمهور المهرجان، توجّهت معروفي برسالة تضامن مع الشعب الفلسطيني، قالت فيها: "أفكاري تذهب بقوة وبشكل عاجل إلى أخواتنا وإخواننا الفلسطينيين الذين يواجهون إبادة جماعيّة ترتكبها إسرائيل. فلسطين ستنتصر". وأضافت، معيدة صياغة مقولة منسوبة للشّاعر اليوناني دينوس كريستيانوبولوس: "لأنّ من يقتل طفلاً ينسى أنه يدفن بذرة، وتلك البذرة ستنبت سنابل، بل وسنابل كثيرة". واختتمت خطابها: "الحرية لفلسطين"، وسط تصفيق الجمهور الحاضر. "المينة" فيلم وثائقي وتجريبيّ قصير مدّته 26 دقيقة، من إنتاج مشترك بين المغرب وفرنسا وإيطاليا وقطر. يتناول واقع مدينة جرادة المنجميّة التي لا تزال، رغم الإغلاق الرسمي لمناجم الفحم سنة 2001، تشهد أنشطة استخراج غير رسميّة محفوفة بالمخاطر. يعتمد الفيلم على إعادة تمثيل مشاهد مستوحاة من الحياة اليومية لعمّال المناجم، بتعاون مباشر مع السكان الذين لعبوا أدوارهم بأنفسهم، داخل فضاء سينوغرافيّ صُمّم معهم خصيصاً. تضيف معروفي في خطابها أنّ العمل يسعى إلى "ردّ الاعتبار لمن أناروا تاريخ المنطقة قبل أن تطويهم صفحات النسيان الرسميّ". يُعد العمل أوّل مشاركة للمخرجة في مهرجان "كان"، وهو نتاج تعاون طويل الأمد مع فريق فني ضم منتجين من المغرب وإيطاليا، ومساهمات فنية متعدّدة منها التصوير على شريط "سوبر 8″، والمسح ثلاثي الأبعاد، واستخدام الصوت والصورة كأدوات توثيقية وشاعريّة في آن. يُذكر أنّ ليلى سليماني، الكاتبة الفرنسية من أصول مغربيّة، وعضوة لجنة تحكيم مهرجان "كان" لهذا العام، كانت قد أثارت سخطاً شعبياً واسعاً بعد جوابها عن سؤال بخصوص الإبادة الجماعيّة في غزة، أثناء الندوة الصحفية الرسمية، حيث صرّحت: "علينا أن نضحك رغم السواد الذي يحيط ببعض مناطق العالم"، ما اعتبره المتتبعون صمتاً متواطئاً، يريد التلحف بلحاف الأدب، مع الجرائم الصهيونية الجارية في كلّ من غزة والضفة الغربية.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
نتنياهو لا يعبد إلا نتنياهو.. هكذا يقامر رئيس الوزراء بمستقبل الاحتلال
في الفيلم الأميركي الشهير "ذيل الكلب" (Wag the Dog-1997) يتعاون خبير تعديل الحقائق السياسية كونراد بريان (يجسد دوره الممثل روبرت دي نيرو) مع المنتج الهوليودي ستانلي موتس (داستن هوفمان) لابتكار حرب وهمية في ألبانيا بهدف صرف انتباه الجمهور عن فضيحة أخلاقية تتعلق بالرئيس الأميركي قبل أيام قليلة من إجراء الانتخابات. يمثّل الفيلم محاولة معدلة لتجسيد رواية الكاتب الأميركي لاري بينهارت بعنوان "البطل الأميركي" الصادرة عام 1993 التي افترضت أن عملية عاصفة الصحراء (التي دشنتها أميركا في أعقاب غزو صدام حسين للكويت) عام 1991 كانت مصممة في جوهرها لتأمين عملية إعادة انتخاب الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش الأب. ويجسد الفيلم والرواية معا مفهوما في العلوم السياسية يدعى "المقامرة من أجل البقاء" (Gambling for resurrection) الذي يصف لجوء القادة السياسيين إلى تصرفات "غير تقليدية" لضمان بقائهم في أوقات الأزمات، بما يشمل إشعال الحروب أو إطالة زمان بقائها. تخيّل معنا مشهدا سياسيا مأزوما: قائد يتراجع حضوره الشعبي، تتوالى فضائحه، وتتراكم أزماته دون أفق واضح للحل، في حين يزداد الخناق السياسي عليه من خصومه الذين يستعدون لاقتناص الفرصة للإجهاز عليه. تَعِدُ الأرقام والمؤشرات بنهاية وشيكة لحياته السياسية، وتبدو الأدوات السياسية التقليدية للتهدئة أو محاولاته لكسب الوقت غير مجدية. ساعتها، وحين يشعر القائد أن خسارته الشخصية مؤكدة في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه، فإنه يُغري نفسه بالذهاب نحو تصعيد غير محسوب، عبر فتح جبهة صراع جديدة أو توسيع نطاق صراع قائم بشكل يتجاوز المعقول سياسيا أو إستراتيجيا. تظهر هذه السمات جلية في حالة بعينها على أرض الواقع حاليا، وهي قرار بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بالاستمرار في حرب الإبادة ضد قطاع غزة لمدة ناهزت 20 شهرا. وبينما فشلت الحرب في تحقيق أهدافها السياسة باعتراف الإسرائيليين أنفسهم، يستمر نتنياهو في تغذية حلقة الدم لتفادي الخسارة الشخصية، ويقوم بتوسيع الصراع بصورة لا تتلاءم مع الأهداف العسكرية والإستراتيجية التي يمكن تحقيقها. المقامرة من أجل البقاء ظهر مصطلح "المقامرة من أجل البقاء"، أو "المقامرة من أجل البعث" كما تقول الترجمة الحرفية التي ترمز إلى عملية إحياء سياسي بعد الموت، رسميا لأول مرة في تسعينيات القرن الماضي على يد عالمي السياسة جورج دبليو داونز وديفيد م. روك، اللذين لاحظا كيف يسعى القادة الذين يواجهون خسارة وشيكة لمناصبهم إلى اتخاذ تدابير صادمة ويائسة على أمل تحقيق نجاح باهر ينقذ مسيرتهم المهنية، وقدما هذه الرؤية في كتابهما "النقص الأمثل؟.. عدم اليقين الداخلي والمؤسسات في العلاقات الدولية" (Optimal Imperfection? Domestic Uncertainty and Institutions in International Relations) الصادر عام 1995. بحسب رؤية داونز وروك، يمكن لشن مغامرة عسكرية أن يحشد الناس عن طريق توحيدهم ضد عدو خارجي وتشتيت انتباههم عن إخفاقات القائد في الداخل. وفي حالة حرب قائمة بالفعل، قد يرفض القائد تقليل الخسائر أو صنع السلام لأن ذلك يعني سقوطه الشخصي، وبدلا من ذلك، يُواصل القتال بهدف حشد الناس حول قضية ما، آملا في تغير الموازين. يدعى ذلك الاحتشاد الجماهيري بـ"تأثير الالتفاف حول الراية" (Rally 'round the flag)، وهو يعني زيادة (عادة ما تكون قصيرة الأمد) في الدعم الشعبي لقادة أو حكومة بلدٍ ما خلال أوقات الأزمات الوطنية أو الحروب، ويتجلى هذا التأثير بشكل خاص خلال التهديدات الخارجية، مثل الصراعات العسكرية، والهجمات الإرهابية والكوارث الطبيعية واسعة النطاق. في أوقات الأزمات، يشعر المواطنون بشعورٍ أقوى بالهوية والوحدة، مما يؤدي -في الغالب- إلى دعم القيادة الحالية بغض النظر عن كفاءتها ونزاهتها. وفي هذا السياق، يُنظر إلى انتقاد القيادة في هذه الأوقات تحديدا على أنه عمل غير وطني، مما يعزز في المُحصلة من كتم الأصوات المناوئة والمعارضة. كما أن وسائل الإعلام تُكثر من التركيز على تصرفات الحكومة الإيجابية وبطولاتها، مما يمنح القادة إطارا جذابا يصرف الأنظار عن الإخفاقات والأزمات الداخلية. واليوم يعد "تأثير الالتفاف حول الراية" من المسلمات في علم الاجتماع السياسي التي أثبتتها التجارب والاستطلاعات في بيئات ومجتمعات وسياقات مختلفة. فمثلا بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول، ارتفعت نسبة تأييد جورج بوش الابن من 51% إلى قرابة 90% خلال أيام فقط على الهجمات، وظلت تتأرجح فوق نسبة الـ80% خلال الأشهر التالية، وفقا لدراسة بعنوان "11 سبتمبر وتأثير الراية" صدرت عام 2002. وقبل ذلك خلال أزمة الصواريخ الكوبية ، ارتفعت نسبة تأييد الرئيس جون كينيدي إلى 74%، وبلغت ذروتها في ديسمبر 1962 عند 76%، قبل أن تنخفض تدريجيا وصولا إلى مستوى ما قبل الأزمة وهو 61% في يونيو/ حزيران 1963. وبالمثل حقق الرئيس فرانكلين روزفلت زيادة قدرها 12 نقطة مئوية في نسبة التأييد من 72% إلى 84% بعد الهجوم على بيرل هاربر في ديسمبر/ كانون الأول عام 1941. دعونا ننوّه هنا، أن كل ما سبق قد حصل مع قادة لم يواجهوا تحديات شخصية غير تقليدية لمستقبلهم السياسي، لكنهم استفادوا وفق ما استجد من أحداث من الأزمات لتعزيز حظوظهم، فكيف الحال بقائد يواجه أصلا مشكلات سياسية ليس أقلها الفساد وسهام المحاكمات مسلّطة عليه من كل جانب؟ هنا يصبح التصعيد أكثر جاذبية من السلام، ذلك أن القائد يتعاظم لديه الشعور بأنه ليس ثمّة ما يخسره، أما إذا انسحب الآن، فقد انتهى أمره بالضرورة، في حين إذا واصل مسيرته وانتصر بطريقة ما، فلربما ينجو سياسيا. يشبه الأمر حال لاعب بوكر يُراهن بكل شيء بعد خسارته لجولات عدة، لأن الانسحاب يعني هزيمة مؤكدة. وبالمثل، وبمجرد أن يُدرك القائد أن رحيله أو عزله شبه مؤكد، لا يبقى هناك أي خطر شخصي في المقامرة على نصر أخير. تصف ورقة بحثية بعنوان "صراعات الإلهاء: شيطنة الأعداء أم إظهار الكفاءة؟" نُشرت في مجلة "إدارة الصراعات وعلوم السلام" (Conflict Management and Peace Science) هذا الأمر بأنه اقتراح منخفض المخاطر وعالي المكافأة من وجهة نظر القائد، فعندما تكون على وشك فقدان السلطة على أي حال، فإن "الجانب السلبي" لمغامرة فاشلة يكون ضئيلا، لكن الجانب الإيجابي للنجاح قد يكون الاحتفاظ بالمنصب رغم كل الصعاب. باختصار، اليأس يُولّد الجرأة، وضعف موقف القائد نفسه يجعله أكثر استعدادا لتبني حلول متطرفة قد يتجنبها قائد واثق راسخ الحال. علم نفس المخاطرة تحت الضغط تؤكد الأبحاث النفسية أن البشر يتصرفون بشكل مختلف عندما تكون المخاطر عالية والنتائج المنتظرة تبدو قاتمة. والسبب في ذلك أن التوتر والأزمات يضعفان القدرة على الحكم السليم ويشجعان على خوض مخاطرة أكبر. بعبارة أخرى، عندما نشعر بالضيق أو التهديد، قد تميل أدمغتنا نحو اتخاذ إجراءات جريئة وغير محسوبة بدلا من التراجع الحذر. ولا شك أن القائد الذي يقف على حافة الفشل يتعرض لضغط شديد، مما يُضيّق تركيزه حول فكرة البقاء على الأمد القصير ويجعل خيار "النجاة الشخصية" يبدو جذابا فطريا. تُساعد فكرة رئيسية من علم الاقتصاد السلوكي، تُعرف بـ" نظرية التوقعات" (Prospect theory)، على توضيح هذا الأمر، وتعد من أهم النظريات التي فسّرت الكيفية التي يتخذ الناس من خلالها قراراتهم في مواقف تتضمن المخاطرة أو عدم اليقين في حياتهم اليومية. وتتلخص الفكرة الأساسية للنظرية في أن الناس لا يتخذون قراراتهم بشكل منطقي تماما، بل يتأثرون بأشياء كثيرة منها مشاعر الخسارة والربح. فمثلا، توضح النظرية أن الناس يكرهون الخسارة أكثر من حبهم للربح، بمعنى أن خسارة مبلغ معين من المال "توجع" أكثر بكثير (ربما 3 أضعاف) من فرحة ربح المبلغ نفسه، وهذا يسمى "النفور من الخسارة". عندما يشعر الشخص أنه يخسر (أو خسر بالفعل شيئا مهما)، فإنه لا يتصرف بمنطق وعقلانية، بل يدخل فيما يُسمى "منطقة الخسارة" بحسب النظرية، حيث يصبح الخوف من الخسارة أكبر من الرغبة في المكسب، ومن ثم يكون مستعدا للمخاطرة أكثر بكثير من أي وقت مضى لتجنب الخسارة فقط، وذلك بغض النظر عن أي مكسب يمكن تحقيقه. في الواقع، هذا التأثير واسع النطاق، ولا ينحصر في السياسة فقط، حيث إن فكرة "المقامرة من أجل البقاء" لا تقتصر على الحرب أو حتى السياسة، لكنها تجري على كل شيء. لأنها تقوم بالأساس على أمرين، الأول هو طبيعتنا النفسية والثاني هو نظرية الألعاب، التي يمكنها تفسير الكيفية التي ندير بها قرارات الربح والخسارة. تخيل مثلا مدرب كرة قدم يعلم أنه سيُطرد إذا خسر الفريق المباراة التالية (احتمال خسارة 100%)، هنا ستجد أنه بدلا من اللعب بأمان، قد يلجأ إلى تكتيك مجنون، حتى لو كان من غير المرجح أن ينجح. مثلا، إن كانت فرص نجاح هذا التكتيك 0.001%، فإنها تظل أفضل من احتمالية خسارة موقعه بنسبة 100% استخدم الاقتصاديون مفهوما مشابها لوصف سلوك الأفراد وحتى الكيانات خلال الأزمات المالية. على سبيل المثال، خلال حالات فشل البنوك أو شركات التأمين في الأزمات الاقتصادية الكبرى قد تُقدم البنوك أو الشركات المتعثرة على أخطار مالية متهورة أملا في تحسين أوضاعها. خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008 على سبيل المثال، لاحظ الباحثون أن بعض البنوك التي تواجه الانهيار تخلصت من شبكات الأمان (التحوطات) الخاصة بها لتعزيز أرباحها قصيرة الأجل، مُتحملة بذلك مخاطر أكبر. إذا نجحت هذه المقامرة، سيستفيد المساهمون، وإذا فشلت ستتحمل الحكومة أو الدائنون الخسائر، أما الانهيار فكان آتيا لا محالة في كل السيناريوهات. لكن المشكلة الرئيسية في مبدأ "المقامرة من أجل البقاء" أنه كثيرا ما يأتي بنتائج مأساوية تتجاوز تأثيراتها القائد المأزوم نفسه. من الأمثلة الكلاسيكية التي يستشهد بها الباحثون على ذلك غزو الأرجنتين لجزر فوكلاند عام 1982. في ذلك الوقت، كان المجلس العسكري الأرجنتيني، بقيادة الجنرال ليوبولدو غاليتييري، يواجه استياء داخليا شديدا، إذ كان الاقتصاد في حالة يرثى لها، وشعبية النظام متدنية. وفي أبريل/ نيسان 1982، شن غاليتييري غزوا لجزر فوكلاند الخاضعة للسيطرة البريطانية، بزعم تأكيد مطالبة الأرجنتين الإقليمية القديمة بالجزر. نجحت الخطة لفترة وجيزة، إذ احتشد الأرجنتينيون في البداية لدعم الحرب، إلا أن هذه المغامرة باءت بالفشل، إذ شنت رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر هجوما مضادا وانتصرت في الحرب، وهُزمت القوات الأرجنتينية، وأُزيح غاليتييري من السلطة على الفور. تُبيّن حرب فوكلاند كيف يُمكن للمقامرة من أجل البقاء أن تأتي بنتائج عكسية، مُسرّعة بذلك من تحقيق النتيجة التي كان يخشاها القائد (فقدان السلطة) ومُسببة تكاليف إضافية على طول الطريق. وعلى غرار حرب فوكلاند، هناك العديد من الأمثلة التاريخية التي يصنفها الباحثون ضمن إطار "المقامرة من أجل البقاء"، واحد منها هو الضربات العسكرية الثلاثة التي وجهتها إدارة بيل كلينتون الأميركية ضد العراق (العملية ثعلب الصحراء في يناير/ كانون الثاني عام 1998) وضد أهداف في السودان وأفغانستان (العملية إنفينيت ريتش في أغسطس/ آب 1998) وأخيرا عملية بلغراد التي قادها الناتو ضد يوغوسلافيا عام 1999، والتي رآها معارضو كلينتون وخبراء مستقلون أنها محاولة للقفز إلى الأمام وتجاوز تداعيات الفضيحة الجنسية الشهيرة للرئيس الأميركي، والمعروفة إعلاميا باسم "مونيكا غيت". مقامرة نتنياهو بحرب غزة 2023 لمعرفة كيف تتجلى المقامرة لأجل البقاء في السياسة المعاصرة، لننظر إلى حالة بنيامين نتنياهو خلال حرب غزة 2023، فقبل اندلاع الحرب، كان نتنياهو (أطول رؤساء الوزراء الإسرائيليين خدمة) يمر بأعمق أزمة في حياته السياسية، ففي عام 2023، تراجعت مكانته المحلية بشكل حاد إثر تورطه في عدد من قضايا الفساد المنظورة أمام المحاكم، في وقت أثارت فيه محاولة حكومته إضعاف القضاء احتجاجات جماهيرية غير مسبوقة، وأشارت استطلاعات الرأي إلى أن حزبه الحاكم، الليكود، يواجه مأزقا خطيرا. بحلول أواخر صيف 2023، كان عشرات الآلاف من الإسرائيليين ينزلون إلى الشوارع بانتظام احتجاجا على قيادة نتنياهو؛ وبدت سلطته أكثر هشاشة مما كانت عليه منذ سنوات. ثم في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، شنت حماس هجوما مباغتا، مثل صدمة وفشلا أمنيا ألقى الكثيرون باللوم فيه على حكومة نتنياهو، ولكنه خلق أيضا لحظة احتشاد حول الرجل، تتناغم مع "تأثير الالتفاف حول الراية". شكّل نتنياهو على الفور حكومة وحدة وطنية طارئة، وشرع في حرب ضد غزة، لفترة من الوقت، هدأت الانتقادات الموجهة إلى أخطاء الحكومة السابقة، حيث ركز الإسرائيليون على القتال القائم بالفعل. توقفت الاحتجاجات الضخمة المناهضة لنتنياهو؛ وانضم إليه قادة المعارضة في حكومة حرب. في البداية، حظي نتنياهو بتأييد شخصي، حيث توحد الإسرائيليون ضد عدو مشترك ولكن مع استمرار الحرب وتزايد الخسائر ازداد الرأي العام الإسرائيلي انقساما. وبحلول عام 2024، عاد العديد من الإسرائيليين للاحتجاج، مطالبين هذه المرة بوقف إطلاق النار لإنقاذ الأرواح وإعادة الأسرى المحتجزين في غزة. عادت الضغوط المحلية على نتنياهو إلى الظهور: بحلول سبتمبر/أيلول 2024، اعتقد حوالي 70% من الإسرائيليين أن نتنياهو يجب أن يستقيل بسبب تعامله مع الحرب. مع ذلك، رفض نتنياهو التفكير في التنحي أو حتى وقف القتال لفترة طويلة. بدلا من ذلك، صعّد مطالبه مُصرا، على سبيل المثال، على شروط لوقف إطلاق النار كان يعلم أن حماس سترفضها، مما أدى فعليا إلى إطالة أمد الحرب، جاء ذلك في سياق دعم أميركي كامل للعملية العسكرية على غزة. ويجادل المحللون بأن تعنت نتنياهو خلال حرب غزة مثال ساطع على "مقامرة البقاء" من خلال رفع الرهانات. وفي مواجهة انتقادات داخلية شديدة واحتمال انتهاء مسيرته السياسية إذا ظهر ضعيفا أو إذا انتهت الحرب بشكل سيئ، استمر نتنياهو في رفع الرهانات. وفي هذا السياق كتب غوتام موكوندا ، وهو زميل باحث في مركز القيادة العامة بكلية كينيدي بجامعة هارفارد أن "السبب الوحيد لعدم وجود نتنياهو في السجن هو أنه رئيس وزراء حاليا والبلاد في حالة حرب"، مشيرا صراحة إلى أن الحرب أصبحت درعا لنتنياهو ضد المساءلة الشخصية. في الواقع، طالما بقيت إسرائيل في حالة حرب، يمكن لنتنياهو أن يدعو إلى الوحدة الوطنية ويؤخر "يوم الحساب" حول إخفاقاته السابقة. بصفته رئيس وزراء إسرائيل الحالي، تمكن نتنياهو من تعطيل أو إبطاء الإجراءات القانونية المتعلقة بتهم الفساد الموجهة إليه. ولكن إذا ترك منصبه، فإن تلك المحاكمات (والإدانة المحتملة) ستلوح في الأفق. وبهذا المعنى، فإن البقاء في السلطة، كما وصفها موكوندا هو "أقرب ما يكون إلى بطاقة خروج من السجن" لنتنياهو. طبيعة الحرب يفسر قرار نتنياهو باستمرار الحرب أيضا من خلال كتاب "الحرب والعقاب: أسباب انتهاء الحروب والحرب العالمية الأولى" (War and Punishment: The Causes of War Termination and the First World War) وهو عمل أكاديمي من تأليف هاين غومانز، عالم السياسة المعروف بتطبيقه نظرية الألعاب على الصراعات الدولية. يوضح الكاتب أن قرارات القادة بمواصلة الحروب أو إنهائها لا تتشكل بالنتائج العسكرية فحسب، بل بالعواقب السياسية للخسارة أيضا، وخاصة الخوف من مغادرة السلطة أو العقاب أو حتى القتل. بعبارة أخرى، لا تنتهي الحروب بالضرورة عند "خسارتها" عسكريا، بل تنتهي عندما يرى القادة نتائج سياسية مقبولة لأنفسهم، هذا يتحدى الافتراض العقلاني القائل إن الدول تتوقف عن القتال عندما تفوق تكاليف الحرب فوائدها. تماشيا مع ذلك، وضع غومانز 3 شروط لإنهاء أي حرب، الأول هو تقارب التوقعات (يجب أن يتفق الطرفان على نتيجة استمرار القتال، إذا توقع كل طرف نتائج مختلفة، فسيواصلان القتال)، والثاني هو وجود شروط سلام مقبولة (يجب أن تكون هناك تسوية تفاوضية مُمكنة يُفضّلها الطرفان على استمرار الحرب)، والثالث هو استعداد القادة أنفسهم لقبول شروط السلام، بغض النظر عن أي أمر آخر، ويوضح جومانز أنه حتى في حال استيفاء الشرطين الأول والثاني، قد يرفض القادة السلام إذا خشوا العقاب المحلي بعد انتهاء الحرب. طبق غومانز نظريته على ألمانيا خلال الحرب العالمية الأولى، التي واجهت معارضة داخلية وانهيارا اقتصاديا، وفي النهاية ثورة عارمة. خشيَت النخب الألمانية الانتفاضات الثورية وفقدان النظام الملكي أكثر من خوفها من الهزيمة نفسها، وأجّلت الاستسلام عام 1918 حتى عندما كان الوضع العسكري ميؤوسا منه، ومن ثم شكّل الخوف من العقاب السياسي بعد الحرب قرارات القادة الألمان. وإلى جانب ذلك يشرح غومانز موقف الإمبراطورية النمساوية المجرية، وكانت إمبراطورية متعددة الأعراق تعاني أصلا من ضغوط، وبالتالي خشي القادة من أن يؤدي إنهاء الحرب مبكرا إلى تسريع الانهيار الداخلي والانتفاضات القومية، وبالتالي استمر القتال رغم الإرهاق العسكري. على الجانب الآخر فإن القيصر نيكولاس الثاني أجّل السلام حتى مع انهيار الجبهة الروسية، وأُطيح به في نهاية المطاف في ثورة فبراير/شباط 1917. بيد أنه من المهم ملاحظة أنه ليس كل قائد محاصر سيبدأ حربا أو يُسبب أزمة، فالكثير من السياسيين يقبلون الهزيمة أو يجدون حلولا أخرى. تشير الدراسات إلى أن صراعات "الإلهاء" أو رهانات "البقاء" و"البعث" قليلة نسبيا، رغم حدوثها في ظروف محددة. لكن ما هذه الظروف المحددة؟ لا توجد إجابة واضحة لهذا السؤال لكن يعتقد فريق من الباحثين أن الأمر لا يقف فقط عند حدود نظرية اللعبة ونسبة الاحتمالات، بل له جذور شخصية ونفسية بحتة، فالحاكم الذي يمتلك شعورا مبالغا فيه بأهمية الذات، وحاجة مستمرة للإعجاب، يرى الحرب فرصة لإظهار قوته وهيمنته، وإثبات أنه "القائد الذي لا يُقهر"، مما يعوض شعوره بالنقص أو الفشل الداخلي. بعبارة أخرى، يركز الحاكم النرجسي على تحقيق "انتصارات" تخدم صورته الذاتية المنتفخة، حتى لو كانت هذه الانتصارات وهمية أو مكلفة جدا، خاصة أن القادة النرجسيين غالبا ما يكونون شديدو الدفاعية، وأي نقد قد يدفعهم إلى "المعركة" لإثبات تفوقهم وتفاهة منتقديهم. من ناحية نفسية بحتة، تتفق هذه السمات مع بنيامين نتنياهو، حيث أفادت دراسة من جامعة تل أبيب بأنه يمتلك درجة مرتفعة من التمحور حول الذات، بل لا يتردد في استغلال الآخرين، بمن في ذلك زملاؤه، من أجل تحقيق النجاح الشخصي، ويرى رأيه فقط الصواب، ومن لا يتفقون معه جهلة بالعمليات التاريخية أو السياسية، كما أنه منكب على عالمه الخاص، ومن الصعب عليه التمييز بين الأبعاد الشخصية أو السياسية في حياته، وفق الدراسة.