ماذا لو نجحت التعريفات الجمركية في فرض الإرادة الأمريكية ؟
تستحوذ التعريفات الجمركية على أكبر مساحة من الاهتمام والتغطية الإعلامية في العالم أجمع. ويبدو أنها ستبقى معنا طوال السنين الـ4 المقبلة، وهي الفترة الرئاسية الأخيرة حسب الدستور الأمريكي لدونالد ترمب، رغم أننا صرنا نقرأ ما يفيد بأنه يفكر في طريقة لتمديدها أو الالتفاف عليها.
من النادر أن تقرأ مقالا أو تحليلا أو تسمع مسؤولا يكيل المديح لترمب وولعه بالتعريفات الجمركية tariffs التي يراها أفضل مفردة في معجم اللغة الإنجليزية.
أغلب ما نقرأه أو نسمعه فيه إنذار وقلق من القادم، وأن العالم لم يعد كما هو، لا بل إن ترمب قد قلب دنيا الاقتصاد وعلى الخصوص الاقتصاد الرأسمالي على عقبيه، وأن مستقبل الاقتصاد العالمي والأمريكي منه على وجه الخصوص حالك.
شخصيا وبتواضع أقول هناك احتمال أن تحصد سياسة التعريفات الجمركية الأمريكية التي هزت العالم ثمارا، وقد تكون وفيرة للولايات المتحدة.
عند تقديم قراءة معمقة لحدث تاريخي – والتعريفات الجمركية الأمريكة حدث تاريخي بامتياز – أول شيء علينا القيام به هو العمل بجدية على التخلص بقدر الإمكان من العاطفة التي تقود حياتنا وسلوكنا. نحن كائنات عقلانية، لكن ننسى أن العقل قد يتدحرج أمام طوفان العاطفة!
وأرى أن هناك قدرا مؤثرا من العاطفة والشخصنة، والمباشرة والذاتية التي من خلالها نقيس ونخمن ونحكم أيضا على مسائل مصيرية، والتعريفات ومستقبلها شأن قد يحدد مصير العالم لعقود تالية.
ونقع في خطأ قد لا نفلح في تصحيحه إن شرعنا في عمل أو أطلقنا خطابا نستند فيه إلى عواطفنا على حساب إعمال العقل والفطنة والحكمة.
كان هناك مقدار لا يستهان به من خطاب عاطفي لتوصيف دونالد ترمب وسياساته وعلى الخصوص سياسة التعريفات الجمركية وصل حدّ الاستهجان والسخرية، لا بل الاستخفاف في الخطاب الذي رافق ويرافق القرارات السياسية والاقتصادية للإدارة الجديدة في البيت الأبيض.
في تحليل أولي جمعت عددا لا يستهان به من التوصيفات السلبية ومنها ما يخص شخص الرئيس الأمريكي في الإعلام الأمريكي ذاته، بيد أنني سأعزف عن إيرادها لأنها قد تكون مسيئة وغير مقبولة ضمن السياسة التحريرية لـ "الاقتصادية".
الاستهانة بظاهرة دونالد ترمب أو "الترمبية" لا تنم عن إشغال العقل، بل تجري وراء العاطفة. أكثر من 77 مليون ناخب أمريكي منحوا أصواتهم لترمب في الانتخابات الرئاسية لعام 2024 التي شارك فيها 155 مليون ناخب أمريكي.
هذا يمنحه الشرعية الدستورية الكاملة وحاضنة قوية داخل المجتمع الأمريكي، ومن ثم، وهذه النقطة هي الأهم، إنه وعكس ما يشاع براجماتيكي في سياسته؛ وانظر كيف يسايس لا بل يناور في التعريفات الجمركية للحصول على أقصى ما يمكن الحصول عليه اقتصاديا.
قبل بضعة أيام أدت سياسته إلى هبوط حاد في الأسواق المالية ما حدا ببعض الاقتصاديين إلى دق ناقوس الخطر من أزمة اقتصادية خانقة، وإذا بالأسواق تستعيد عافيتها وأكثر، بمجرد إعلان بسيط من ترمب أنه سيعدل بعضا من قراراته أو يجمدها لفترة محددة.
البورصة أهم مؤسسة اقتصادية في الولايات المتحدة، وأظهر ترمب حتى الآن أن مفتاح نجاحها بيده؛ نجاح البورصة هو نجاح أمريكا وانهيار البورصة وفشلها هو فشل وانهيار لأمريكا.
وأنا أحاول تفكيك ما يقوم به ترمب، تذكرت إشارة من التاريخ ليس البعيد للولايات المتحدة التي فيها تعامل واحد من أمهر الاقتصاديين الأمريكيين وهو بول فولكر في نهاية السبعينيات من القرن الماضي وأوائل الثمانينيات منه.
كان فولكر رئيس البنك الفيدرالي الأمريكي في حينه، وأحدثت سياساته في رفع معدلات الفائدة إلى نسب تقترب من 20 % ومن ثم خفضها بشدة ورفعها بشدة خضة هائلة في الاقتصاد الأمريكي.
لكن فولكر – مثل ترمب – كان يحاول الاستفادة القصوى من كل خضة للأسواق، وهذا ما حصل.
لا غرو أن تنسب مناهج علم الاقتصاد الرخاء الأمريكي وبروز أمريكا كقوة اقتصادية لا تقهر في الثمانينيات وبعدها إلى فولكر.
قد يكون ترمب فولكر آخر للاقتصاد الأمريكي، والله يعلم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 36 دقائق
- Independent عربية
نجل ترمب: ربما أسعى للترشح للرئاسة يوما ما
قال دونالد ترمب الابن، وهو الابن الأكبر للرئيس الأميركي، أمس الأربعاء، إنه ربما يسعى للترشح لانتخابات الرئاسة يوماً ما. وتلقى ترمب البالغ (47 سنة) سؤالاً في منتدى قطر الاقتصادي بالدوحة عما إذا كان سيترشح "ويتسلم زمام الأمور" بعد أن يغادر والده المنصب. وقال "الإجابة هي لا أعرف، ربما في يوم من الأيام، سأكون دائماً من أشد المدافعين عن تلك الأشياء"، في إشارة إلى مبادئ تيار "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً" الذي أسسه والده. وبرزت قوة دونالد ترمب الابن في مجال السياسة، إذ ذكرت "رويترز" في نوفمبر (تشرين الثاني) أنه كان أكثر أفراد العائلة نفوذاً في الفترة الانتقالية حينما كان والده يشكل الحكومة ويستعد للعودة إلى البيت الأبيض. ويعتمد الرئيس الأميركي، الذي يثمن غالياً صفة الولاء، على أفراد عائلته في المشورة السياسية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وذكرت مصادر أن دونالد ترمب الابن ساهم في تعزيز أو تقليل فرص المرشحين للانضمام إلى الحكومة، بما في ذلك دعمه لنائب الرئيس الحالي جي دي فانس كمرشح للمنصب خلال الحملة الانتخابية ومنع وزير الخارجية السابق مايك بومبيو من الانضمام إلى الحكومة. وقال ترمب الابن "أرى أن والدي غير الحزب الجمهوري حقاً، أعتقد أنه أصبح حزب أميركا أولا، و(يتبنى بشدة مبادئ) لنجعل أميركا عظيمة مجدداً"، وأضاف "لأول مرة على الإطلاق، أصبح لدى الحزب الجمهوري بالفعل مجموعة من أشد المؤيدين لسياسة أميركا أولا". وعلى صعيد منفصل قال ترمب الابن أمس الأربعاء خلال الفعالية نفسها إن مؤسسة ترمب، التي يشغل منصب نائب رئيسها التنفيذي، لا تعمل مع كيانات حكومية. وأبرمت عائلة ترمب اتفاقيات تجارية بمليارات الدولارات في دول الخليج، وهي خطوات يقول الديمقراطيون وغيرهم من المنتقدين إنها قد تفتح الباب أمام التأثير على قرارات الرئيس. وركزت زيارة الرئيس الأميركي إلى السعودية وقطر والإمارات الأسبوع الماضي على إبرام اتفاقيات تجارية كبرى.


رواتب السعودية
منذ ساعة واحدة
- رواتب السعودية
قبل قليل حركة غبية من ترامب ضد رئيس جنوب أفريقيا في البيت الأبيض! ترامب، يتهم
نشر في: 22 مايو، 2025 - بواسطة: خالد العلي 🔴 قبل قليل حركة غبية من ترامب ضد رئيس جنوب أفريقيا في البيت الأبيض! ترامب، يتهم حكومو جنوب أفريقيا بعمل إبادة ضد المزارعين البيض، و الرئيس الجنوب افريقي ينفي. فيقوم ترامب بإطفاء الانوار و تشغيل فديو يبث عمليات الابادة. يرد رئيس جنوب أفريقيا: أول مرة أرى هذه المشاهد! المصدر :عبد الله الخميس | منصة x

سعورس
منذ 2 ساعات
- سعورس
«قبة ذهبية» لحماية أميركا بكلفة 175 مليار دولار
كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن خطط بناء درع صاروخية تحت مسمى «القبة الذهبية» بهدف حماية الولايات المتحدة من هجمات خارجية، مؤكداً أنها ستصبح قيد الخدمة في غضون ثلاث سنوات. وأعلن ترمب تخصيص 25 مليار دولار كتمويل أولي للمشروع، مضيفاً أن كلفته الإجمالية قد تصل إلى حوالي 175 ملياراً. وقال ترمب في البيت الأبيض: «خلال الحملة الانتخابية وعدت الشعب الأميركي بأني سأبني درعاً صاروخية متطورة جداً»، وأضاف: «يسرني اليوم أن أعلن أننا اخترنا رسمياً هيكلية هذه المنظومة المتطورة». وأوضح: «ستكون القبة الذهبية قادرة على اعتراض الصواريخ حتى لو أُطلقت من جوانب أخرى من العالم، وحتى لو أُطلقت من الفضاء. إنها مهمة جداً لنجاح بلدنا ولبقائه أيضاً». وأشار الرئيس الأميركي إلى إن الجنرال مايكل غيتلاين من قوة الفضاء الأميركية سيترأس المشروع، مضيفاً أن كندا أعربت عن اهتمامها بالمشاركة فيه لأنها «تريد الحصول على الحماية أيضاً». لكن فيما قال ترمب إن الكلفة الإجمالية للمشروع هي 175 مليار دولار، قدّر مكتب الميزانية في الكونغرس كلفة الصواريخ الاعتراضية للتصدي لعدد محدود من الصواريخ البالستية العابرة للقارات بين 161 مليار دولار و542 ملياراً على مدى عشرين عاماً. وللقبة الذهبية أهداف أوسع إذ قال ترمب: إنها «ستنشر تقنيات الجيل المقبل براً وبحراً وعبر الفضاء، بما في ذلك أجهزة الاستشعار الفضائية والصواريخ الاعتراضية».