
الصيرفة الإسلامية في الجزائر.. من أبي اليقظان إلى قانون 23-09
بنوك عربية
شهدت الصيرفة الإسلامية في الجزائر تطورًا ملحوظًا خلال العشر أعوام الأخيرة (2015-2025)، حيث تشير تقارير بنك الجزائر المركزي إلى النمو السريع لحجم الأصول المالية المجمعة وعدد المؤسسات والنوافذ المستحدثة من قبل المؤسسات المالية الإسلامية في الخمسة أعوام الأخيرة.
فمنذ إطلاق هذه التعاملات، بلغ إجمالي الودائع المحصلة من طرف البنوك الناشطة في مجال الصيرفة الإسلامية حاليًا 794 مليار دينار جزائري، بينما تجاوزت قيمة التمويلات المقدمة للشركات 493 مليار دينار جزائري. كما بلغ عدد النوافذ والوكالات المخصصة للصيرفة الإسلامية في الجزائر 861 موزعة عبر 12 بنكًا، منها 6 بنوك عمومية و6 بنوك خاصة.
ترجع أصول البنوك الإسلامية في الجزائر إلى المشروع الذي قدمه العالم الجزائري أبي اليقظان عام 1928، والذي دعا إلى إنشاء بنك أهلي يعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية. لكن إرادة المستعمر حالت دون ذلك.
وبدأت تجربة الصيرفة الإسلامية في الجزائر المستقلة بشكل محدود في التسعينيات مع بنك البركة وبنك السلام مطلع عام 2006، ثم اكتسبت زخمًا أكبر بداية من عام 2020، بفضل الجهود التي بذلتها الحكومة من أجل تعزيز هذا القطاع كجزء من إستراتيجيتها لتنويع مصادر التمويل ودعم الاقتصاد الوطني.
وتفتقر البنوك الإسلامية في الجزائر إلى إطار تنظيمي كافٍ لممارسة نشاطها بأريحية، نظرًا لحداثة وجدية الإصلاحات التي عرفها الإطار القانوني للبنوك الإسلامية في الجزائر. وبالرجوع إلى المنظومة القانونية الجزائرية، نجد أن البنوك الإسلامية كانت تسير عقودها وفقًا لمقتضيات القانون المدني والقانون التجاري. فقانون النقد والقرض 10-90 الذي صدر عام 1990 وعدل عام 2003 بالأمر 11-03 لم يفرد البنوك الإسلامية بمعاملة خاصة، وفي نفس الوقت لم يعترف بها أو يمنعها.
وظهرت أولى بوادر الإصلاحات القانونية مع التأسيس القانوني للصيرفة التشاركية في الجزائر وفقًا لنظام بنك الجزائر رقم 18-02، وسرعان ما تم التخلي عن العمل به وإلغاؤه لعدم وضوحه وغموض المصطلحات التي اعتمد عليها في التأسيس لمنظومة قانونية تليق بالمنظومة المالية في الجزائر.
فمصطلح 'التشاركية' لا يعني 'الإسلامية' ويتشابه إلى حد كبير مع المالية التشاركية المتعارف عليها لدى البنوك التقليدية والتعاونيات. لهذه الأسباب وأخرى، تم استبداله بالنظام 20-02 المؤرخ في 15 مارس 2020، والذي نص صراحة ولأول مرة على مصطلح 'البنوك الإسلامية' وحدد العمليات البنكية المتعلقة بالصيرفة الإسلامية وقواعد ممارستها من طرف البنوك والمؤسسات المالية. كما صدرت التعليمة 20-03 المؤرخة في 02 أبريل 2020، والتي عرّفت المنتجات المتعلقة بالصيرفة الإسلامية.
هذه الإصلاحات التي عرفتها الجزائر لدعم البنوك الإسلامية كانت بحاجة إلى إصلاحات أكثر قوة قانونية تؤسس لمصرفية إسلامية أكثر وضوحًا. وفي هذا الإطار، يعد قانون رقم 23-09 الذي يتضمن القانون النقدي والمصرفي الصادر في 2023 بمثابة البنية التحتية لنشاط البنوك الإسلامية في الجزائر.
وتمثل هذه الخطوة نقلة نوعية في منح البنوك الإسلامية إطارًا قانونيًا واضحًا لعملياتها، حيث شملت تنظيم العقود الإسلامية مثل المرابحة والمشاركة والإجارة، وحددت الإطار التنظيمي لتسويق المنتجات المالية الإسلامية. كما ألزم البنوك بالحصول على اعتماد خاص من لجنة الفتوى على مستوى المجلس الإسلامي الأعلى قبل تقديم أي منتج إسلامي.
ورغم التطورات التشريعية والنمو السريع في حجم الأصول وعدد المؤسسات والنوافذ التي شهدها قطاع الصيرفة الإسلامية في الجزائر، إلا أن هناك تحديات تتعلق بمدى توافق هذه القوانين مع طبيعة التمويل الإسلامي. ومن أبرز هذه الجوانب:
*غياب قانون مستقل للبنوك الإسلامية: لا يزال القطاع يخضع لأحكام عامة للبنوك التقليدية، مما قد يحد من مرونة العمليات المالية الإسلامية.
*ضرورة توفير بيئة تنظيمية أكثر تحفيزًا: تحتاج التشريعات إلى مراسيم تنفيذية ولوائح تنظيمية لرسم خارطة طريق للتطبيق وتعديلات تستوعب متطلبات السوق الحديثة، مثل التحول الرقمي والتمويل الإسلامي المبتكر.
*عدم المساواة في المعاملة الضريبية: على الرغم من الإصلاحات الجبائية المتتالية التي أدرجت في قانون المالية بخصوص منتجات التمويل الإسلامي، فإن بعض المنتجات الإسلامية مثل المرابحة لا تزال تخضع لنظام ضريبي غير متناسب مقارنة بالتمويل التقليدي.
*الإطار القانوني المحدود للمنتجات المالية الإسلامية: رغم أن بنك الجزائر أصدر تعليمات لتنظيم بعض المنتجات الإسلامية، إلا أن اللوائح ما زالت غير شاملة لجميع الأدوات المالية الإسلامية.
*الرقابة الشرعية غير الموحدة: تختلف معايير الفتوى بين المؤسسات، مما قد يخلق تناقضات في تطبيق المعاملات الإسلامية.
*محدودية الوصول إلى سيولة البنك المركزي: البنوك الإسلامية لا تستفيد من نفس أدوات إعادة التمويل التي تعتمد عليها البنوك التقليدية، مما يضعها في موقف غير متكافئ من حيث إدارة السيولة.
*لمعالجة التحديات القائمة وتعزيز دور البنوك الإسلامية في الاقتصاد الجزائري، ينبغي تنفيذ مجموعة من الإصلاحات التشريعية، ومنها:

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بنوك عربية
منذ 2 أيام
- بنوك عربية
وربة الكويتي يصدر صكوكًا بقيمة 250 مليون دولار
بنوك عربية أعلن بنك وربة عن الانتهاء من إتمام جميع الإجراءات الخاصة بإصدار وتسوية صكوك ضمن الشريحة الأولى الإضافية لرأس المال، بقيمة 250 مليون دولار أمريكي (ما يعادل نحو 81.4 مليون دينار كويتي)، وإدراجها في كل من بورصة لندن للأوراق المالية الدولية (ICAP) و(ناسداك) دبي. وأعرب البنك عن توقعاته بأن لهذا الإصدار أثرًا إيجابيًا على مركزه المالي وعلى النسب الرقابية الخاصة به، مشيرًا إلى أن ذلك يأتي في إطار جهوده المستمرة لتعزيز السيولة وتنويع مصادر التمويل. جدير بالذكر أن بنك وربة تأسس في عام 2010، وأُدرج في بورصة الكويت في عام 2013. ويبلغ رأسماله المصرح به 449.8 مليون دينار كويتي (نحو 1.3 مليار دولار). ويقدم البنك خدمات مصرفية متنوعة بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، كما يقوم بإجراء الاستثمارات المالية باسمه أو باسم الغير.


النهار
منذ 3 أيام
- النهار
الانفاق التشغيلي يُرهق اقتصاد العراق
تحاول الحكومة العراقية التي لم يتبق من عمرها سوى خمسة اشهر، ان تستعيد قدرتها على الإنفاق المالي بطريقة مريحة، لكنها قد تكون أسوأ 150 يوماً تمر بها كابينة السوداني، اذا ما جنحت روسيا واوكرانيا نحو السلام، وتوصلت أميركا وإيران إلى اتفاق جديد على الملف النووي. يقول مراقبون إن تسوية هذين الملفين تقود إلى انخفاض حاد في أسعار النفط، وهذا ما لا تنتظره الحكومة العراقية التي لجأت، أخيراً، إلى سحب أموال الأمانات الضريبية، والى طرح سندات مالية داخلية، والتوجّه لأول مرة نحو بيع أراضٍ في المنطقة الخضراء، من أجل تغطية "الموازنة التشغيلية التي تشمل الرواتب والأجور والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية والدعم، الى جانب تمويل أكثر من 8 آلاف مشروع استثماري وخدمي حكومي متوقفة"، بحسب المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح. وعد صالح في تصريح لـ"النهار، هذه التدابير "حقاً للموازنة". وربط المستشار المالي لرئيس الوزراء، الأزمة المالية التي تضيق بعمل الحكومة بـ"مرحلة ما قبل الانكماش التي يعيشها العالم"، مشيراً الى ان هناك حالة مراقبة لمستويات النمو والبطالة في الاقتصاد العالمي. وقال صالح ان مجموعة (أوبك+) ذهبت باتجاه اعتماد "سياسة حذرة لمساعدة اعضائها من الدول في حماية موازناتها المالية لعام 2025". ومن المقرر أن يصدر العراق 3.2 ملايين برميل يوميًا من النفط الخام خلال أيار وحزيران، في خطوة تمثل انخفاضًا ملحوظًا عن مستويات الصادرات السابقة، التي بلغت 3.42 ملايين برميل يوميًا وفق بيانات وزارة النفط العراقية. يقول رئيس اللجنة المالية البرلمانية النائب عطوان العطواني، في تعليق لـ"النهار"، أن "التقلبات المستمرة في أسعار النفط تؤثر في الموازنة العامة للدولة، وتحتم على الحكومة أن تبحث عن مصادر بديلة ومستدامة للإيرادات"، طالما ظل الوضع المالي للبلاد هشاً نتيجة اعتماد الاقتصاد الوطني، لعقود خلت، على إيرادات النفط. ويشير الخبير الاقتصادي والاكاديمي نبيل المرسومي، الى ارتفاع كبير في مستوى الإنفاق الحكومي، بينما هناك حالة عسر مالي يمر بها العراق. ويقول لـ"النهار" إن الإنفاق الفعلي في عام 2024 وصل الى 156 تريليون دينار (قرابة 120 مليار دولار)، بعجز حقيقي بلغ 19 تريليون دينار. ويحتاج العراق شهريا إلى قرابة 13 تريليون دينار، لتغطية النفقات التشغيلية، بينما ايراداته المالية من النفط لا تزيد 10 ىتريليونات دينار شهريا. ولتغطية تلك النفقات طرحت الحكومة سندات خزينة مالية ولجأت الى الاقتراض الخارجي والداخلي والاستفادة من خصوم الحوالات لدى البنك المركزي العراقي. لكن المرسومي يتوقع وضعاً أكثر ارهاقاً للحكومة. في النصف الثاني من العام الحالي، اضطرت الحكومة إلى سحب أموال الأمانات الضريبية والاقتراض من مصرفي الرافدين والرشيد، وارتفع الدين الداخلي من 70 إلى 83 تريليون دينار، كما طرحت الحكومة سندات مالية بقيمة تزيد عن 7 تريليونات دينار، بينما انخفض سعر برميل النفط إلى الستينات. وهذا يعني انخفاض العائد النفطي إلى 7 تريليونات دينار، بينما هي تحتاج إلى 7 تريليونات ونصف تريليون دينار لسداد رواتب الموظفين والرعاية الاجتماعية والمتقاعدين. يشار إلى أن هناك سبعة ملايين و350 ألف موظف ومتقاعد، ومليونان و125 ألفاً يتسلمون إعانات اجتماعية من الحكومة العراقية، وهذا ما يشكل عبئا ثقيلا على الموازنة العامة. وينبه الخبير الاقتصادي إلى أن مأزقاً كبيراً ينتظر الحكومة العراقية، في ظل تراجع أسعار النفط، واحتمال توقف الحرب بين روسيا واوكرانيا، وإذا ما توصلت ايران وأميركا إلى اتفاق على الملف النووي، إلى جانب تعطيل عملية تصدير النفط العراقي عبر خط جيهان التركي، فإن كل ذلك يضع العراقيين أمام خيارات صعبة، ربما تضطرهم الى التعايش معها.


النهار
منذ 4 أيام
- النهار
الأردن يتحرّك نحو سوريا: فرص جديدة في التجارة والإعمار بعد رفع العقوبات
استقبل الأردن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات كاملة عن سوريا بكثير الأمل في أن تمضي العلاقات الاقتصادية بين عمّان ودمشق إلى أعلى مستوياتها، خصوصاً في ما يتعلق بملف إعادة الإعمار. والأحد، وافق مجلس الوزراء الأردني على الإطار العام لإنشاء مجلس للتنسيق الأعلى بين المملكة وسوريا، الذي سبق أن اتفق على إنشائه برئاسة وزيريّ خارجية البلدين، سعياً لتعزيز التعاون في العديد من المجالات، ولاسيما الأساسية منها كالتجارة والنقل والطاقة والصحة، والتوسع لاحقاً إلى بقية المجالات. ومن المقرر أن يجتمع مجلس التنسيق بالتناوب في كل من البلدين، على أن يكون الاجتماع الأول في الأردن، ويعقد دوراته مرة كل ستة شهور، ويجوز له عقد دورة استثنائيَّة في أي وقت يتَّفق عليه الطرفان إذا دعت الحاجة. وتشير بيانات غرفة تجارة عمّان إلى أن العلاقات التجارية بين الأردن وسوريا شهدت تقلبات ملحوظة ما بين عام 2018 ومطلع عام 2025، نتيجة التحديات السياسية والعقوبات المفروضة على سوريا، والتي انعكست بشكل مباشر على الميزان التجاري بين البلدين. وبلغت الصادرات الأردنية إلى سوريا خلال كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير من بداية العام الحالي، قرابة 35.4 مليون دينار أردني (نحو 50 مليون دولار). اتفاقات ومذكرات تفاهم جديدة بشأن ذلك، يقول رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق إن "قرار رفع العقوبات من شأنه أن يفتح آفاقاً واسعة أمام الدول المجاورة، وعلى رأسها الأردن، نظراً الى طبيعة العلاقة الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية بين البلدين". ويضيف الحاج توفيق لـ"النهار" أن هذا القرار "سيُحدث فارقاً كبيراً على مستوى القطاع الخاص الأردني، إذ إن عودة النظام المصرفي السوري إلى المنظومة المالية الدولية ستمكننا من تبادل الحوالات المالية بحرية، وتسهيل انتقال الأموال، وهو ما كان يشكّل عائقاً رئيسياً أمامنا في السابق". ويتابع: "كانت العقوبات خصوصاً بعد تطبيق قانون قيصر عام 2020، تحظر علينا التعامل مع الحكومة السورية في ما خص العطاءات والمشاريع المرتبطة بالبنية التحتية. أما اليوم، فلدينا فرصة لإعادة النظر في هذه العلاقة عبر توقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم جديدة تفيد القطاعين الخاصين في البلدين". ويؤكد أن "الحكومة الأردنية والبنك المركزي سيكون لهما دور فاعل في توثيق هذه العلاقات من خلال اتفاقات رسمية مع الجانب السوري، خصوصاً في ظل وجود رغبة مشتركة لتهيئة بيئة اقتصادية مرنة وأكثر انفتاحاً". ويشير إلى أن "قطاعي النقل والترانزيت سيستفيدان بشكل مباشر من هذا الانفتاح، كما أن العملة السورية شهدت تحسناً بنسبة 15% منذ إعلان ترامب رفع العقوبات، وهذا يُعد مؤشراً إيجابياً على الاستقرار، ودافعاً رئيسياً لإعادة بناء الاقتصاد السوري". وعن دور الأردن في إعادة الإعمار، يقول: "نتوقع أن يكون للأردن دور محوري في مرحلة إعادة الإعمار، خصوصاً في مشاريع البنية التحتية، وإعادة تأهيل النظام المصرفي السوري، إذ يتمتع الجهاز المصرفي الأردني بخبرة عميقة، ويمتلك البنك المركزي الأردني كفاءات مشهود لها، فضلاً عن وجود بنوك أردنية كانت تعمل في سوريا وتوقفت بسبب العقوبات، واليوم يمكن أن تستأنف نشاطها وتدعم الاقتصاد السوري". وبشأن التبادل التجاري، يؤكد الحاج توفيق أن "الحركة لم تتوقف يوماً رغم التحديات، لكنها كانت مكلفة، إذ كنا نعتمد على البحر في التصدير، وهو ما استنزف الوقت والأكلاف، كما أن قرابة ألفي سلعة كانت محظورة من التصدير إلى سوريا، في مقابل قيود سورية على الاستيراد من الأردن، بسبب شُح العملة الصعبة والأولويات التي فرضتها الحرب". والسوق السورية، بحسب الحاج توفيق، لا تزال "جاذبة للتاجر الأردني، لكن ليس في جميع القطاعات، إذ من المتوقع أن تحقق سوريا اكتفاءً ذاتياً ببعض السلع بعد التعافي"، قائلاً: "نحن ذاهبون إلى دمشق الأسبوع المقبل للاطلاع على الاحتياجات الفعلية. فمجالات مثل الطاقة المتجددة، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، تشكّل فرصة كبيرة أمام الشركات الأردنية للاستثمار والتعاون المشترك. وأتوقع أن أولى اجتماعات اللجان الحكومية ستشهد توقيع اتفاقات إيجابية تُعزز التبادل التجاري وتكرّس دور الأردن كوسيط اقتصادي فاعل في المنطقة". فرصة استراتيجية لإعادة تموضع الأردن من جهته، يرى الخبير الاقتصادي المهندس موسى الساكت أن "رفع العقوبات يشكّل فرصة استراتيجية لإعادة تموضع الأردن كمحور تجاري ولوجستي في المنطقة، فضلاً عن أنه يمثّل فرصة كبيرة أمام المنتجات الوطنية للتصدير إلى سوريا". ويضيف الساكت لـ"النهار" إن "عودة سوريا إلى المشهد الاقتصادي الإقليمي تعني فتح خطوط النقل البري بين الأردن وتركيا وأوروبا، وأيضاً دول الخليج عبر الأراضي السورية، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على أكلاف الشحن والوقت من جهة، ويعزز من تنافسية المنتجات الأردنية في الأسواق المجاورة من جهة أخرى". ويشير إلى أن "تجارة الترانزيت فقط تجاوزت حاجز 700 مليون دولار قبل عام 2011"، مؤكداً أن "استئناف هذا النوع من التجارة يعزز من نشاط قطاع الشحن ويتيح الاستفادة القصوى من إعادة فتح المعابر، لا سيما منطقة جابر الحدودية التي لطالما شكلت نقطة عبور حيوية للبضائع والمسافرين". ويتابع: "هذا الانفتاح سينعكس على تحريك عجلة الاقتصاد المحلي، خصوصاً في محافظات الشمال، كما سيساهم في تنويع مصادر المواد الخام والأسواق الموردة إلى الأردن، مما يقلل من الاعتماد على المنافذ المحدودة ويحسن من قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة التقلبات العالمية". ويلفت إلى أن "انفتاح السوق السورية تدريجياً سيتيح للصناعات الأردنية فرصاً تصديرية جديدة إلى سوق متعطشة، خصوصاً في قطاعات مهمة مثل الصناعات الدوائية، والمنتجات الغذائية، ومواد البناء". ويؤكد أنه "رغم غياب تقديرات رسمية دقيقة، إلا أن استئناف العلاقات التجارية بين الأردن وسوريا يُعد فرصة حقيقية لتحقيق مكاسب اقتصادية مباشرة وغير مباشرة تقدر بمئات ملايين الدولارات سنوياً على المدى القصير، وأكثر من ذلك على المدى المتوسط والطويل. فقبل عام 2011، تجاوز حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين 600 مليون دولار، وكان الأردن رابع شريك اقتصادي لسوريا. ويمكن استعادة هذا المستوى تدريجاً، بل والبناء عليه".