
في الذكرى الأولى لاستشهاده.. كلمات خالدة للقائد إسماعيل هنية في لقائه الأخير مع ممثلي أنصار الله
في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القائد الكبير إسماعيل هنية، تعود إلى الواجهة كلماته المؤثرة التي تحدث بها في آخر لقاء جمعه بممثلي أنصار الله، حيث عبّر عن رؤيته لدور اليمن في محور المقاومة، وأشاد بمواقف السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وبالزخم الشعبي اليمني في مواجهة العدو.
وتحدث الشهيد هنية خلال اللقاء بإسهاب عن أهمية اليمن في المعركة الكبرى ضد الاحتلال، قائلاً إن "أنصار الله هم أنصار الحق".. مشيرًا إلى أنه أبلغ الإمام الخامنئي بذلك عندما التقاه.
وأضاف" اسمكم انصار الله وهذا الاسم هو اسم على مسمى حقيقة انتم انصار الله وأنصار الحق والله اصطفاكم وادخركم لهذه المعركة، قال الله تعالى" وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ".
وأضاف" وحقيقة كنا نتمنى سابقا وأنتم على حدودنا ولكن تدبير الله جعلكم في موقع استراتيجي، وموقفكم لدى العدو لم يكن في الحسبان حتى أصبح الموقف اليمني هو الابرز والضاغط على المستوى الاستراتيجي".
وأشاد الشهيد هنية بالحضور الأسبوعي القوي للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، قائلاً" السيد عبد الملك حفظه الله يطل أسبوعيا بكلمات قوية ومؤثرة، وكذلك المسيرات المظاهرات في الساحات بذلك الحضور والزخم الذي لم يحدث مثله في التاريخ بمثل هذا الزمن دون كلل أو ملل وحتى دون أن تنقص تلك الجماهير وأنا اتابعها أسبوعيا"
وأكد أن الذي يقود الجهاد اليوم هو التيار الاسلامي وهو المتمثل في محور المقاومة، والذي يقود هذه المقاومة ضد العدو هم المستضعفون، قال الله تعالى: "وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ'.
وقال "هذا معناه إذا توفرت هذه الإرادة للمستضعفين فهم من سيغيرون التاريخ، وهناك مرتبة عظيمة يصل إليها المؤمن المجاهد، مرتبة الصبر وهي مرتبة عظيمة وهناك مرتبة أعلى منها وهي مرتبة الرضى، والآن هناك مرتبة أكبر وهي التي يمتلكها المجتمع اليوم وهي مرتبة الحمد والشكر أن اتخذ الله منهم شهداء، وحمد وشكر على كلما ابتلوا به، وهذه نعمة عظيمة وفضل من الله".
وأضاف "لا أريد أن أتحدث عن محور المقاومة فهو معروف من قبل، وإنما هناك المدد الجديد والإضافة النوعية، والهامة، التي لم يكن يتوقعها العدو أو يحسب لها أي حساب، هذه الإضافة هي ما جاء من اليمن للصراع مع العدو، وهذا مدد استراتيجي وليس محدود، اليمن يملك ممرًا في البحر ويحاصر العدو من خلاله اقتصاديا، وأصبح العدو مخنوق وأعلن الميناء إفلاسه".. مؤكدا أن الطائرة المسيرة التي استهدفت يافا بعدها الاستراتيجي أن قلب العدو أصبح مهدد من المقاومة في اليمن، وحسابات العدو اصبحت صعبة.
وعبّر الشهيد إسماعيل هنية خلال اللقاء عن امتنان الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة لأنصار الله، قائلاً" نحن نشكر أنصار الله على ما قاموا به، وأنصار الله هم أنصار الحق، أنتم لا تعرفوا المعنويات في العامة الفلسطينية عندما يأتي أي استهداف من أنصار الله للعدو، وعندما يتابعوا خطابات السيد عبد الملك وينظروا المظاهرات في الساحات بهذا الزخم والحماس ترتفع معنوياتهم كثيرا ويشعروا بالأمل".
وحيا باسم فصائل المقاومة الفلسطينية ونيابة عن كل محور المقاومة والشعب الفلسطيني، السيد عبدالملك الحوثي وأنصار الله، سائلًا الله تعالى التأييد والنصر لهم وأن يكتب أجرهم ويجزيهم خير الجزاء، مختتمًا حديثه بالقول "شكرًا لكم، وتحياتنا الحارة وسلامنا للسيد عبد الملك الحوثي، ولكل الأخوة في أنصار الله".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


26 سبتمبر نيت
منذ 17 دقائق
- 26 سبتمبر نيت
صنعاء : مسيرة حاشدة لطلّاب الأكاديمية العليا للقرآن الكريم تضامنًا مع غزة
26 سبتمبرنت:- نظّم طلابُ الأكاديمية العليا للقرآن الكريم في العاصمة صنعاء، اليوم الثلاثاء، مسيرةً جماهيريةً حاشدةً، تأكيدًا على موقفهم الثابت والمبدئي في مناصرة الشعب الفلسطيني وإسناد مقاومته الباسلة في قطاع غزة. وردد المشاركون في المسيرة هتافات منددة بجرائم العدو الصهيوني الغاشم، معبرة عن وقوف الشعب اليمني إلى جانب القضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة الإسلامية، ورفضهم القاطع لكل أشكال التطبيع مع كيان العدو الصهيوني. وجاء في الهُتافات: "لا إسلام بغير جهاد.. إما نصر أَو استشهاد"، "من يخذل غزة كي يسلم.. الدور سيأتيه ويندم"، "يا أمتنا الإسلامية.. للصمت عقوبة حتمية"، "يا أُمَّـة.. غزة تعنيكم.. عاقبة الصمت ستخزيكم"، "ما في غزة من تجويع.. وصمة عار على الجميع"، "أمريكا والصهيونية.. هم أعداء الإنسانية". وأضاف المشاركون في هتافاتهم: "يا عرب يا عرب.. أين الغيرة والغضب"، "يا عرب يا مسلمين.. أين النخوة أين الدين"، "في غزة لله رجال.. معجزة في الاستبسال"، "يا غزة يا جُند الله.. معكم حتى نلقى الله"، "مع غزة مِن أجلِ الله.. وجهادًا بسبيل الله"، "كل الساحات اليمنية.. غزاوية فلسطينية"، "الجهاد الجهاد.. حيَّ حيَّ على الجهاد"، "يا غزة واحنا معكم.. أنتم لستم وحدكم". ورفعوا الأعلام الفلسطينية واليمنية، ولافتات تؤكد وحدة الأمة في مواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي، مشددين على أن خيار المقاومة هو الخيار الوحيد لاستعادة الحقوق وتحرير الأرض والمقدسات. 🎥 جانب من المسيرة الحاشدة لطلاب الأكاديمية العليا للقرآن الكريم في العاصمة — قناة المسيرة (@TvAlmasirah) وفي بيان صادر عن المسيرة، أكد المشاركون أن العدوان على غزة لن يكسر إرادة الشعب الفلسطيني المقاوم، ولن ينجح في تحقيق أهدافه رغم وحشيته وصمت الأنظمة العميلة. وجدد البيان التأكيد على أن الشعب اليمني، برغم العدوان والحصار، سيظل حاضرًا في ميدان الموقف والدعم بكافة أشكاله. ودعا كل الأحرار في العالم إلى التحرك الجاد والفاعل لإيقاف المجازر التي يرتكبها كيان العدو بحق المدنيين في غزة، وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة. كما دعا جميع جامعات العالم وكل طلاب العالم في مختلف مجالاتهم، ولا سيما في العالم الإسلامي، إلى التحرك الجاد لنصرة إخواننا في غزة، فالتهديد الصهيوني هو تهديد للحضارة بشكل عام. وعبّر البيان عن رفضه لسياسة التجويع والتعطيش ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مؤكدًا أن هذا الخروج يأتي تأكيدًا على أن اليمن لن يترك غزة تموت جوعًا. ووجه البيان نداءً إلى علماء الأمة بأن يقولوا كلمة الحق، فالواجب اليوم هو التحريض على نصرة المظلومين وفضح المعتدين وعدم الخنوع، محذرًا من الخنوع والذل في مواجهة الباطل.


وكالة الصحافة اليمنية
منذ 33 دقائق
- وكالة الصحافة اليمنية
مسيرة طلابية حاشدة في صنعاء تضامناً مع أطفال غزة
صنعاء / وكالة الصحافة اليمنية // شهدت العاصمة صنعاء اليوم، مسيرة طلابية حاشدة نصرة لأطفال غزة تحت شعار 'من طلاب اليمن إلى أطفال غزة: عهد لا ينكسر ووفاء حتى النصر .' وفي المسيرة ردد الآلاف من طلاب المدارس شعارات مناصرة للأقصى الشريف والشعب الفلسطيني في قطاع غزة .. ونددوا بالصمت العالمي والتخاذل العربي والإسلامي إزاء ما يتعرض له الأشقاء في غزة من مجازر يومية وجرائم إبادة وتجويع ممنهج . وأكد بيان صادر عن المسيرة الطلابية تلاه طالبان باللغتين العربية والإنجليزية، أن العنوان الأول لمظلومية ومأساة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة هو الأطفال حيث يواجه مائة ألف طفل في القطاع خطر الموت جوعاً، ما يكشف عن حجم المعاناة والمظلومية والمأساة ومستوى الإجرام والتَّوحش الصهيوني وطبيعة عدوانه . ولفت إلى أن شهداء التجويع يرتقون يومياً في غزة فيما يستمر العدو الصهيوني في الإبادة الجماعية بالغارات الجوية والقصف المدفعي والقناصة وكل وسائل القتل . واستنكر البيان بأشد العبارات استمرار كيان العدو الصهيوني في جرائمه، والسكوت والخذلان العربي والدولي والأممي إزاء الإبادة الجماعية وسياسة التجويع الممنهج لأبناء وأطفال ونساء قطاع غزة والشعب الفلسطيني المظلوم . ودعا كافة طلاب المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية في دول العالم العربي والإسلامي للخروج عن حالة الصمت والخذلان والسكوت عن جرائم العدو الأمريكي الصهيوني . وبارك البيان إعلان القوات المسلحة اليمنية عن تفعيل المرحلة الرابعة من التصعيد باعتباره قراراً يعبر عن جزء مما يعتصر قلوب الجميع من ألم وقهر . وأكد بيان المسيرة الطلابية أهمية المشاركة الفاعلة في إحياء فعاليات وأنشطة ذكرى المولد النبوي الشريف وغيرها، والاقتداء والتأسي بالرسول الكريم كأعظم نعمة أنعم الله بها على البشرية .


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
كتابات فكرية: لماذا اعتبر الإمام مالك 'الكثرة أصل شرعية الإمرة' ولو حكم الحاكم بغير ما أنزل الله؟
الدكتور/ مجيب الحميدي في الوقت الذي أكد فيه ابن تيمية والغزالي أن شرعية الإمرة في مذهب أهل السنة والجماعة مستمدة من الأغلبية الجماهيرية، فإن الإمام مالك بن أنس، في تقديري، كان أكثر ديمقراطيةً حين ذهب إلى أبعد من ذلك، معتبرًا أن الكثرة هي أصل الشرعية السياسية، حتى لو حكم الحاكم بغير ما أنزل الله. فقد رُوي أن عبدَ الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب سأل الإمام مالكًا: 'يا أبا عبد الله، أيسعُنا التخلفُ عن قتال من خرج عن أحكام الله عز وجل وحكم بغيرها؟'، فقال مالك: 'الأمر في ذلك إلى الكثرة والقلة.' وقاعدة الكثرة والقلة هي القاعدة المطردة عند الإمام مالك في مصدرية الشرعية السياسية، ولذلك اشتهرت فتوى مالك أنه إذا بويع لاثنين يُنظر إلى الكثرة والقلة. وفتوى مالك الأكثر شهرة هي فتوى الدفاع عن الحرية عند أداء البيعة، وإسقاط شرعية بيعة الإكراه وما يرتبط بها من أحكام يمين المكره، والتي تعرض بسببها للتعذيب والتنكيل الشديد. ولا يعني ذلك أن الفقه المالكي أغفل أهمية المشروعية في ممارسة السلطة كما يمكن أن نبين ذلك في مقال مستقل. ولا يمكن فهم هذه المقولات إلا في سياق فهم عميق لفكرة الإمرة وشرعيتها في الفقه السياسي الإسلامي، حيث لا تُبنى – عند مالك – على الالتزام المثالي بالنصوص وحدها، بل على واقع الاجتماع البشري، ومدى قبول الناس بالحاكم. فالكثرة هنا ليست مجرد عدد إحصائي، بل تعبير عن الرضا العام والاستقرار الاجتماعي والسياسي، وعن إدراك واعٍ أن تسلط القلة باسم الشريعة لا يصنع حكمًا راشدًا ولا تدينًا راسخًا، بل يتحول إلى وسيلة صدّ عن سبيل الله، وتنفيرٍ من الشريعة، ودفعٍ للناس إلى الخروج من الدين أفواجًا. الكثرة المعتبرة والكثرة المُضِلة من المهم هنا التفريق بين نوعين من الكثرة في الخطاب الديني: الكثرة في قضايا الرأي والاختيار الشخصي: وهي التي تُذم في القرآن، كما في قوله تعالى: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ}، وهذه تتعلق بالاتباع غير الواعي للهوى والضلال في مسائل الإيمان الفردي. الكثرة في قضايا التنظيم العام وشؤون الإمرة: وهي الأساس في الشرعية السياسية، لأنها تعبّر عن إرادة الجماعة وتوافقها، ويُقاس بها الاستقرار واستمرار النظام العام. ففي الشأن العام، الأصل في الأمر العام هو الشورى، كما في قوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}، ويدخل في أمرهم من ليس منهم في حالة وجودهم، فلا بد أن يراعي النظام السياسي تنوّع مكوناته الدينية والاجتماعية، ويحفظ حقوق المخالفين. فمثلًا، يجوز في دولة الغالبية المسلمة أن تسمح لغير المسلمين بشرب الخمر أو أكل لحم الخنزير، كما فعل ذلك الخلفاء الراشدون و كما أقرّ عمر بن عبد العزيز زواج غير المسلمين من محارمهم، ضمن خصوصيات دياناتهم. وقد تتغلب الأهواء على الأغلبية المسلمة في اختياراتها، وهنا يجد المسلم نفسه مطالبا بالانحياز لما يراه حقًا ولو كان وحده، ملتزمًا بالدليل والحجة، ولو خالفه الجميع. غير أن الشرعية السياسية تظل حقًّا حصريًا لمن يمثل أغلبية الجماعة السياسية. والإقرار بشرعية الأغلبية لا يعني الإقرار الشخصي بشرعية الخطأ الذي اختارته الأغلبية، ومن حقك الذي تكفله لك الشريعة كما تكفله لك الأنظمة الديمقراطية ان تتخذ موقف المعارضة لخطأ الأغلبية، وتُمارس فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والكلمة الطيبة والعمل المجتمعي، في محاولة لتوسيع قاعدة التأييد لما تراه حقًا، واكتساب الشرعية عبر جولات انتخابية في نظام تعددي ديمقراطي يقبل بالتداول السلمي للسلطة. إن هذا التصور يفتح أمام الدعوة الإسلامية أفقًا رحبًا للإقناع والتربية بدلًا من الفرض والإكراه، ويجعل بناء 'المجتمع المسلم' مُقدّمًا على إقامة 'الدولة الإسلامية'، لأن الأخيرة بلا قاعدة اجتماعية راسخة ستنهار، ولو رفعت أعلى الشعارات. الفرق بين سياق شرعية الجماعة وسياق معرفة الحق: ولا يصح هنا الخلط بين الحديث عن الجماعة بوصفها مرجعية سياسية، وبين دعوة الفرد للثبات على الحق ولو كان وحده. فالسنة النبوية فرّقت بين السياقين: في الشأن العام: 'يد الله مع الجماعة'، وهو حديث في شرعية السلطة ووحدة الصف. وفي الشأن الفردي: 'طوبى للغرباء' أي لمن يتمسكون بالحق في زمن الغربة والفساد، وهذا في الإيمان الشخصي والسلوك الفردي لا في تأسيس أنظمة الحكم. فالسنة النبوية فرّقت بين السياقين: سياق الكثرة الذي هو أصل شرعية الإمرة، وسياق الحرص على اتباع الهدى، ولو كنت وحدك والتمسك بالدليل والحجة الواضحة ولو أفتوك وأفتوك، فالأحاديث النبوية الشريفة تضع أهمية قصوى على اجتماع كلمة الجماعة في الشأن العام، وجميع أحاديث الطاعة يجب فهمها في هذا السياق سياق احترام اختيار الجماعة وعدم شق العصا مع عدم إسقاط فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وفي المقابل نجد أحاديث أخرى تخص من يتمسك بالحق في قضايا العقيدة والسلوك، حتى لو خالفه الناس، وهذا في التدين الشخصي والإيمان الفردي، لا في تأسيس الحكم وشؤون الدولة. هذه الأحاديث لا يصرب بعضها بعضا كما يتوهم البعض، فلكل حديث سياقه ومجاله. كتابات فكرية: تفكيك الخلط بين الشرعية والمشروعية في الفقه السياسي الحديث تأويل منحرف لعبارة مالك للأسف، بعض الجماعات المتطرفة تروّج لتأويل منحرف لكلام الإمام مالك، فتفهم 'الكثرة والقلة' على أنها معيار قوة وغلبة وسلاح، لا معيار قبول اجتماعي واستقرار مدني. وهذا تشويهٌ صارخ لمقاصد الإمام مالك، الذي نشأ في بيئة فقهية تقدّر حدًا أدنى من النظام وتحذّر من الفوضى، ولو كانت مرفوعة على رايات دينية. نعم، يمكن أن يُفهم من كلام الإمام مالك أنه يجوز خروج الكثرة على الحاكم إذا فقد شرعيته الشعبية، لكن لم يُجز قط أن تدّعي أقلية مسلحة تمثيل الكثرة، أو أن تنصّب نفسها وصية على الأمة. شرعية الكثرة ومصلحة الدعوة الإسلامية: في ضوء الحريات الحديثة، فإن القول بأن الكثرة هي أصل شرعية الإمرة هو الأنفع لخطاب الدعوة الإسلامية، لأنه يحفّزها على الاشتغال بالمجتمع، لا على المجتمع، ويدفعها إلى تعزيز التثقيف الديني والتربية الإيمانية لا السعي إلى فرض الشريعة بالقهر. وهذا المنهج، لو فقهه الدعاة وأخلص له المربون، لكان أكثر نفعًا للدين والدنيا معًا. لقد أثبت التاريخ أن تسلّط القلة على الأغلبية لا يخدم حتى الأقليات نفسها، فحتى لو تمكنت من الحكم بالقوة أو المناورة، فإن المجتمع يلفظها في النهاية، لأنها لم تنبع من وجدان الناس، ولا مثلت إرادتهم الجمعية. هكذا يقدم لنا الإمام مالك فقهًا سياسيًا متوازنًا، يجعل الشرعية مرتبطة بالكثرة الاجتماعية، لا بالشعارات الثورية ولا بالمثالية المجردة. وهي رؤية ناضجة وواقعية، تصلح لبناء دول مستقرة ومجتمعات راشدة، في كل زمان ومكان. مرتبط مجيب الحميدي الامام مالك الحرية الديمقراطية السنة والجماعة الشورى شرعية الامرة