logo
جيل Z في السودان.. شباب ينتفض من تحت رماد الحرب عبر منصات التواصل

جيل Z في السودان.. شباب ينتفض من تحت رماد الحرب عبر منصات التواصل

صوت لبنانمنذ 10 ساعات
العربية في ظل مشهد سوداني يتفاقم سياسياً واقتصادياً، وسط حرب مدمرة اندلعت في أبريل 2023، برز جيل جديد من الشباب، يتقدم الصفوف رقمياً وميدانياً، رافضاً الاستسلام رغم الواقع القاتم.
إنه جيل Z السوداني، المولود بين عامي 1997 و2012، والذي نشأ وسط صخب الثورات والانقلابات والاحتجاجات، ولا يزال يعيش أعنف مراحل التحولات السياسية والاجتماعية في تاريخ السودان الحديث.ورغم المآسي التي خلفتها الحرب، من نزوح بالملايين وانهيار للبنية التحتية، يُظهر هذا الجيل وجهاً مزدوجاً أحدهما يئن تحت وطأة الضياع النفسي وانعدام الأفق الأكاديمي والمهني، وآخر ينبض بالحياة من خلال الهواتف الذكية، حيث يواصل شبان وفتيات البث، والتوثيق، وصناعة المحتوى، معركة يومية لإثبات الوجود والتشبث بالأمل.
حضور رقمي وثوري لافتجيل Z السوداني اليوم حاضر بقوة على مختلف منصات التواصل الاجتماعي. فـ"تيك توك" يمثل نافذته الأوسع للتعبير، عبر مقاطع توثق المعاناة أو تسخر منها، تمزج بين الترندات العالمية والخصوصية الثقافية السودانية. أما "فيسبوك"، فلا يزال يحتفظ بمكانته كمنصة للنقاش السياسي، والتعليم عن بعد، والتجارة البسيطة، فيما يُستخدم "واتساب" كأداة تنظيمية لنقل الأخبار العاجلة وإدارة المبادرات الميدانية.في المقابل، يتجه كثير من الشباب نحو "إنستغرام" لعرض مشروعات ريادية ومواهب فنية، في حين يستخدم "تليغرام" لتبادل الملفات التعليمية، و"تويتر/X" لمتابعة النقاشات السياسية الدقيقة، بينما يبقى "يوتيوب" مصدراً للتعلم والترفيه في آنٍ واحد.
جيل يتعلم رغم غياب الدولةفي ظل توقف شبه كامل للمؤسسات التعليمية وتردي البنية التحتية، لجأ أبناء الجيل إلى تطوير الذات من خلال الإنترنت، وتعلّم اللغات، والبرمجة، والتصميم، والتسويق الرقمي. وبموازاة الانشغال السياسي، أولى شباب Z أهمية لإحياء التراث، من خلال محتوى يعكس الموروث الشعبي والموسيقي واللغوي، في محاولة للحفاظ على الهوية الثقافية وسط عالم رقمي سريع التبدل.
من منصات الحرب إلى ساحات الإغاثةمع بداية الحرب، انخرط العديد من شباب هذا الجيل في جهود الإغاثة الميدانية، من توزيع للغذاء والمياه إلى تنظيم مراكز إيواء، في ظل غياب واضح لمؤسسات الدولة. وعلى المستوى الرقمي، تحوّل هؤلاء الشباب إلى مراسلين مستقلين، يوثقون يوميات القصف والنزوح والدمار، بينما استمرت وسائل الإعلام الرسمية في الغياب أو التعتيم.
وكانت السخرية أداة دفاع نفسي رائجة، استخدمها كثيرون للتنفيس، إلى جانب تأسيس مشاريع رقمية صغيرة تدر دخلاً بسيطاً في مواجهة الانهيار الاقتصادي.
أحمد حيدر: محتوى رقمي يقاوم العتمةضمن هذا المشهد، يبرز صانع المحتوى، أحمد حيدر، أحد أبرز وجوه الجيل الرقمي في السودان، وهو شاب يبلغ من العمر 26 عاماً، يتابعه أكثر من مليوني شخص على مختلف المنصات. يرى أحمد أن جيله يتميّز بالوعي، والطموح، والقدرة على التكيّف، مشيراً إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دوراً محورياً في توسيع أفق الشباب السوداني، وربطهم بالعالم الخارجي، وكشف حجم الفجوة التنموية والثقافية بين السودان وبقية الدول.بدأ أحمد مشواره في عام 2021 بفيديو بسيط لم يكن يتوقع نجاحه، لكنه تحول لاحقا إلى صانع محتوى مؤثر، يقدّم فيديوهات عفوية بمشاركة شقيقه ووالدته، تُحاكي تفاصيل الحياة اليومية في الأسرة السودانية.
الفكاهة ليست عبثاويؤكد أحمد أن المحتوى الكوميدي الذي يقدمه ليس مجرد وسيلة للضحك، بل أداة للتخفيف عن الناس ومقاومة الواقع القاسي.
وحول التحديات، يوضح أحمد أن الحرب الأخيرة شكّلت أكبر اختبار لصنّاع المحتوى في السودان، خاصة مع التعتيم الإعلامي الدولي حول الأزمة السودانية.
ويقول لـ"العربية.نت": "نحن عانينا كثيراً من تجاهل العالم لما يحدث في السودان، ووسائل التواصل الاجتماعي كانت الوسيلة الوحيدة لإيصال صوتنا".
ورغم تعرضه أحياناً لتعليقات سلبية، يؤكد أنه تعلّم التعامل معها، معتبراً النقد جزءاً طبيعياً من مسيرة أي صانع محتوى.
ويضيف أحمد أن الجيل الحالي مظلوم وغير مفهوم من قبل الجيل السابق، الذي يرفض إفساح المجال للشباب. ويقول لـ"العربية.نت": "لا يمكن أن نحقق أي تقدم ما لم نمنح الشباب الفرصة للمشاركة الفعلية في بناء السودان، كما يحدث في دول العالم المتقدمة. الشباب يمتلكون الكفاءة والطاقة، لكنهم بحاجة إلى ثقة ودعم حقيقي".
سعاد... صوت من تحت الركامالطالبة السودانية سعاد، البالغة من العمر 22 عاما، سردت عبر منصة "تيك توك" محطات من رحلتها التعليمية، التي تعثرت منذ تخرجها في المرحلة الثانوية عام 2019، في ظل الاحتجاجات الشعبية وجائحة كورونا، وصولاً إلى الحرب الأخيرة التي أغلقت – على حد تعبيرها – ما تبقى من نوافذ الأمل. وسعاد، التي يتابعها أكثر من 100 ألف شخص، تعتبر أن جيلها يواجه "ظروفاً غير طبيعية"، لكنه لا يزال متمسكاً بالحلم.أصوات من الداخل والخارجأحمد خالد، أحد أفراد الجيل، والمولود عام 2009، تحدث عن واقع الحرب بمرارة. يقول لـ"العربية.نت": "كنا نحلم ونخطط، ثم جاءت الحرب فحوّلت كل شيء إلى رماد. صارت المدارس ملاجئ أو أنقاضاً، وفرص التعليم والعمل تلاشت". ويضيف: "باتت المنصات وسيلتنا للتوثيق. حتى الضحك لم يعد كما كان... كل شيء أصبح معنونًا بالحرب".
أحمد الذي نزح من أم درمان إلى الولاية الشمالية، ثم غادر إلى مصر عبر رحلة شاقة، عبّر عن تمسكه بالهوية: "نغني الراب السوداني، نرتدي ملابسنا التقليدية، نتحدث بلهجتنا في الغربة... لم ننتهِ، انكسرنا، لكننا ما زلنا واقفين".
قراءة اجتماعية.. مقاومة رقمية في زمن الانهيارمن جانبها، ترى الدكتورة أسماء جمعة، الباحثة في علم الاجتماع بالسودان، أن جيل Z في السودان يمثل "ظاهرة استثنائية" في التعبير والتكيّف، وقالت لـ"العربية.نت": "هذا الجيل أعاد تعريف المقاومة، ليس فقط عبر التوثيق، بل بتحويل الحرب إلى محتوى رقمي يعكس الواقع ويمنح صوتاً للمهمشين".
وتشير جمعة إلى أن هذا الجيل، الذي لم يختر الحرب، رفض أن يكون ضحيتها الصامتة، مضيفة: "الحكومة تخشى هذا الجيل، وتعمل على إقصائه واستغلاله في آن. لكن وعيه السياسي والاجتماعي المبكر، وجرأته في التعبير، جعله فئة فاعلة رغم محاولات التهميش".
وحذرت جمعة من خسارة هذا المورد البشري، قائلة: "استمرار الحرب يعني خسارة السودان لطاقات شبابية اختبرت الثورة والانقلاب والصراع، ونضجت قبل أوانها. وقف الحرب هو الفرصة الوحيدة لإنقاذ جيل قادر على البناء متى ما سنحت له الظروف".
أمل معلق على استقرار مفقودرغم كل شيء، لا يزال جيل Z في السودان يحتفظ بإرادة الحياة، ويواصل كفاحه عبر شاشات الهواتف، وفي الميدان، وبين ركام المدارس والمنازل. هو جيل تتقاذفه الأزمات، لكنه لم يفقد صوته، ولا توقه إلى التغيير.
"لم ننتهِ"، كما قال أحمد... و"لن نصمت"، كما أكدت سعاد... وبين السطرين، يُعاد رسم مستقبل السودان، على يد جيلٍ وُلد من رحم النار، ولا يزال واقفاً.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أحمد ومحمد ملص في اللاذقية و "كل عار وأنتم بخير" تبصر النور وإبداع يفوق الوصف
أحمد ومحمد ملص في اللاذقية و "كل عار وأنتم بخير" تبصر النور وإبداع يفوق الوصف

الديار

timeمنذ 41 دقائق

  • الديار

أحمد ومحمد ملص في اللاذقية و "كل عار وأنتم بخير" تبصر النور وإبداع يفوق الوصف

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب بعد سلسلة من الورشات المسرحية والهادفة بعدد من المحافظات السورية للأخوين ملص وأخرها في محافظة اللاذقية توّجت الورشة بعرض مسرحي لهما وحمل عنوان"كل عار وأنتم بخير" يستوقفك الاسم وتسرح بخيالك وسرعان ماتتمالك نفسك لتعود من حيث بدأت، لم يتسنّى لي حضورها ولكن تابعت أخبارها والشلي كان من نوع آخر شلي ثقافي ومعرفي، وأشاد جميع من حضرها بفخامة التمثيل وبراعة الأداء والتناقضات التي وجدت في المسرحية والجرأة التي تحاكي واقعنا السوري. وليس بالغريب ولا العجيب عن الفنانان أحمد و محمد ملص فهما خير من يجيد اللعب على المسرح وكرأي شخصي هما روح الشباب المسرحي الذي يربط الماضي بالحاضر لمستقبل مشرق بطعم الحرية منكهًا بالفن من دون قيود وخوف.

حسناء سيف الدين تطرح أغنية «دا هو يوم» وتشارك في مسلسلين جديدين
حسناء سيف الدين تطرح أغنية «دا هو يوم» وتشارك في مسلسلين جديدين

صدى البلد

timeمنذ 41 دقائق

  • صدى البلد

حسناء سيف الدين تطرح أغنية «دا هو يوم» وتشارك في مسلسلين جديدين

طرحت الفنانة حسناء سيف الدين، أحدث أعمالها الغنائية، من خلال أغنية "دا هو يوم" عبر موقع الفيديوهات الشهير يوتيوب وعدد من المنصات الرقمية، وتعد الأغنية خامس أغانى حسناء سيف الدين، وهى من كلمات أسامة محرز ، وألحان إسلام عاطف، وتوزيع الكشكى، تسجيل ميكس وماستر مودى منير ، جيتار : محمد مغربي ، كيبورد : محمود شاهي، إشراف غنائي : د. أمل إبراهيم. أعمال حسناء سيف الدين وانضمت حسناء سيف الدين، مؤخرًا لمسلسل "اتنين قهوة" بطولة أحمد فهمى ومرام على، من تأليف عمرو محمود ياسين، وإخراج عصام نصار وإنتاج أحمد عبد العاطى. كما تشارك حسناء في مسلسل "مشتهى" تأليف وإخراج باهر رشاد وإنتاج عصام عبد العزيز، وبطولة الفنانة درة ومحمد لطفى ةخالد زكى وتامر هجرس وفتوح أحمد، وآخرين.

هيفا وهبي تردّ بغضب على شائعة طالتها: "هيدا كذب وتشهير"
هيفا وهبي تردّ بغضب على شائعة طالتها: "هيدا كذب وتشهير"

الديار

timeمنذ 41 دقائق

  • الديار

هيفا وهبي تردّ بغضب على شائعة طالتها: "هيدا كذب وتشهير"

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب بعدما ضجّت مواقع التواصل الإجتماعيّ بشائعات عن زواج الفنانة هيفا وهبي، برجل أجنبيّ يُدعى روبرت، على اثر إنتشار صورة لها وهي تضع يدها على يده خلال حفل زفاف، خرجت الفنانة عن صمتها وقالت بغضب "هيدا اسموا كذب وتشهير بحياة الناس".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store