logo
«فرصة» بين معبرين: «جابر» و «باب الهوى»

«فرصة» بين معبرين: «جابر» و «باب الهوى»

بقلم : عوني الداوود
اعتبارًا من يوم أمس الأربعاء، فتح معبر جابر الحدودي أبوابه أمام الشاحنات الأردنية إلى الأراضي السورية الشقيقة بعد الاطمئنان على أن الطرق آمنة.
150 شاحنة من الأردن دخلت إلى الأراضي السورية يوم أمس، عدد منها أكمل طريقه إلى لبنان الشقيق.
- «معبر جابر» عاد يوم أمس أفضل ممّا كان. فقد تم إصدار أوامر من مدير عام معبر نصيب السوري الحدودي بما يلي:
1 - إلغاء الرسوم السابقة التي كانت تُدفعها الشاحنات من الأردن إلى سوريا، والتي كانت تشمل (12 رسمًا) منها: رسم الطابع + رسم طابع الشهيد + رسم طابع مالي + مجهود حربي.. إلخ.
2 - ملحق بالقرار السابق يقضي بإلغاء رسوم «الضميمة» (بند جمركي استخدمته الحكومة السابقة في التخليص الجمركي للبضاعة المستوردة).
مثل هذه القرارات ستُساهم في زيادة حجم الصادرات الأردنية وتوسيع قاعدة المنتجات المُصدّرة، كما أنها تُمثّل مصلحة مشتركة للطرفين؛ سوريا التي تحتاج اليوم إلى جميع أنواع البضائع دون استثناء بعد سنوات من المعاناة (4 شاحنات أردنية دخلت بالأمس محمّلة بألواح شمسية)، ومصلحة أردنية حيث يُعدّ السوق السوري «رئة اقتصادية» لمختلف القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية والإنشائية الأردنية. وكذلك الحال بالنسبة للجانب السوري الذي يُعدّ الأردن أيضًا رئة اقتصادية هامة.
- فتح معبري (جابر - نصيب) بالأمس يُتوقع أن يواجه ازدحامات كبيرة خلال الأيام القليلة القادمة بعد طول انتظار وترقّب وتعطّش من القطاعات الاقتصادية في الجانبين لعودة التبادل التجاري إلى ما كان عليه قبل الحرب الأهلية السورية. لذلك فالحاجة تقتضي إجراءات وقرارات، منها:
1 - سرعة استثمار الفرصة من قبل القطاعات الاقتصادية الأردنية المتعددة، لحجز مكان لها و»حصة» في الأسواق السورية بحجم الطموحات، وحجم العلاقات التاريخية والقرب الجغرافي بين البلدين.
2 - توفير كل الإمكانات المطلوبة لمعبر جابر الحدودي ليكون الأردن نقطة انطلاق وجسر عبور إقليمي للمساعدات الإنسانية إلى سوريا الشقيقة.
3 - «معبر جابر».. كما هو بوابة دخول للشاحنات الأردنية، فهو كذلك بوابة دخول شاحنات الترانزيت القادمة من دول الخليج العربي وغيرها عبر الأردن إلى الأراضي السورية. هذه الشاحنات التي ارتفع عددها في العام 2021 إلى (141 ألف) شاحنة مقابل (82 ألف) شاحنة في العام 2020، كما ارتفع عدد الشاحنات الأجنبية إلى (123 ألف) شاحنة عام 2021 مقابل (75 ألف) شاحنة عام 2020، وارتفع كذلك بالنسبة لتبادل الحمولات back to back إلى (50 ألف) شاحنة عام 2021 مقابل (15 ألف) شاحنة عام 2020.
4 - ضرورة رفع درجة الاستعداد لموانئ العقبة لاستقبال مزيد من البضائع القادمة من الصين ودول شرق آسيا وغيرها، والمتجهة إلى سوريا عبر ميناء العقبة إلى معبر «جابر - نصيب»، حيث يُتوقع أن تنشط حركة الاستيراد خلال الفترة المقبلة كلما استقرت الأوضاع في سوريا. ويساعد على ذلك أيضًا إلغاء الجهات السورية الحالية العديد من الضوابط والمحدّدات التي كانت تفرضها على المستوردات.
- إذا كان فتح معبر (جابر - نصيب) سيُعيد النشاط التجاري الكبير بين الأردن وسوريا من ناحية، وبين الأردن ولبنان من ناحية أخرى، حيث كان حجم التبادل التجاري قبل عام 2011 يُقدّر بنحو 450 مليون دينار بين الأردن وسوريا / ونحو 400 - 450 مليون دينار بين الأردن ولبنان، فإن الأنظار اليوم تتجه نحو معبر «باب الهوى» في شمال غرب الحدود السورية مع الجانب التركي، والذي يُشكّل أولوية - ليس لسوريا فقط - بل وكذلك الحال بالنسبة للأردن وباقي دول الخليج العربي.
- «معبر باب الهوى» كان طوال الحرب الأهلية في سوريا موضع خصام واقتتال بين الجماعات المتنازعة، نظرًا لموقعه الاستراتيجي الهامّ كنقطة حدودية إلى تركيا ومنها إلى أوروبا كلها. وكان لفترات معبرًا للمساعدات الإنسانية، التي لطالما تعطلت ومنعت من الدخول بسبب قرارات أممية وغيرها.
«معبر باب الهوى» بالنسبة للاقتصاد الأردني مهم للغاية، فهو بوابة عبور الشاحنات إلى تركيا وأوروبا الشرقية على وجه التحديد.
(500 مليون دولار)، أي نحو نصف مليار دولار، حجم الصادرات الأردنية (خضار وفواكه) التي كان الأردن يُصدّرها لدول أوروبا الشرقية قبل عام 2011، وتوقفت طوال السنوات الماضية. لننتظر اليوم على أمل عودة الهدوء والاستقرار لكل المحافظات والمناطق السورية، وأن يُعاد فتح معبر «باب الهوى» بما يسمح بمرور آمن للشاحنات الأردنية إلى الأسواق التركية ودول أوروبا الشرقية.
سوريا ولبنان، ونترقب قريبًا انسيابها إلى تركيا وأوروبا في حال جرى فتح آمن لمعبر «باب الهوى».. وكل هذه المستجدّات تُمثّل «فرصة» مهمة أمام الاقتصاد الأردني يجب سرعة استثمارها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تستحق «العقبة» أن تـكــون «مدينة عالمية»
تستحق «العقبة» أن تـكــون «مدينة عالمية»

جفرا نيوز

timeمنذ 5 أيام

  • جفرا نيوز

تستحق «العقبة» أن تـكــون «مدينة عالمية»

جفرا نيوز - عوني الداوود القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في جلسته أمس الأول من أجل (تعزيز جاذبية العقبة السياحية والسكنية) قرارات مهمة للغاية، وهي تأتي بالفعل متسقة مع رؤية التحديث الاقتصادي 2033، ومن أجل تحويل العقبة إلى واحدة من أفضل 100 مدينة في العالم. أهمية القرارات التي تم اتخاذها تتلخّص في النقاط التالية: 1 - المزايا والحوافز التي وافق عليها مجلس الوزراء هي قرارات لمجلس مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، وتهدف لتعزيز جاذبية العقبة السياحية والسكنية، وتشجيع الاستثمار العقاري، وجعلها مدينة (عالمية) جاذبة للإقامة للمستثمرين والمتقاعدين والعاملين من الداخل والخارج، خصوصًا من الدول العربية المجاورة.. وهنا (مربط الفرس - كما يقال).. فكثير من المستثمرين والمتقاعدين العرب عمومًا، والخليجيين تحديدًا، ممن لديهم رغبة بتملك عقارات في كثير من دول المنطقة، من المهم توفير حوافز «استثمارية» تجعل من العقبة جاذبة لهم، تضاف إلى «الحوافز الطبيعية» التي حبا الله بها مدينة العقبة.. وتمكن العقبة من المنافسة في ظل وجود بدائل متعددة في الإقليم. 2 - من أهم المزايا التي تضمنها القرار: أ) - حوافز وإعفاءات جمركية. ب) - التشجيع على إقامات طويلة الأمد للأجانب. ج) - يشمل - وللمرة الأولى - منح حوافز لشراء الأردنيين للوحدات السكنية ضمن (المجمعات السكنية المسوّرة).. وهنا تجدر الإشارة إلى وجود مخزون عقاري حاليًا داخل المجمعات السكنية المسوّرة بنحو 1100 وحدة سكنية متنوعة، بين شقق وشاليهات وفِلَل، إلى جانب 1200 وحدة جديدة سيبدأ العمل على إنشائها خلال الأشهر المقبلة.. لذلك، فإن مثل هذه القرارات والحوافز ستحرّك هذا «المخزون» وتنشّط حركة الاستثمار العقاري. 3 - من أجل تأمين راحة «المتقاعدين المستثمرين» شمل القرار: أ) - الموافقة على إدخال مؤقت لمركبة واحدة صغيرة قابلة للتجديد سنويًا لمن يقوم بشراء عقار سكني للمرة الأولى بشكل مباشر من المطوّر العقاري، على أن لا تقل قيمة العقارات السكنية عن 150 ألف دينار، وأن لا يتجاوز الإعفاء الجمركي ما نسبته 25 % من قيمة العقارات السكنية. ب) - في حال بلغت قيمة العقارات السكنية ما مقداره 300 ألف دينار أو أكثر، يحق لمالك العقارات السكنية إما الحصول على إدخال مؤقت لمركبة واحدة صغيرة، أو إدخال مؤقت لمركبتين صغيرتين قابلتين للتجديد سنويًا، على أن لا يتجاوز الإعفاء الجمركي للمركبتين مجتمعتين ما نسبته 25 % من قيمة العقارات السكنية. ج) - إعفاء الأشخاص من الرسوم الجمركية البالغة 5 %، وضريبة المبيعات البالغة 16 % عند إدخال القوارب الشخصية، بحيث يُسمح لكل شخص بإدخال قارب شخصي واحد فقط، ويُمنح هذا الإعفاء لمرة واحدة لكل شخص.. إلخ. 4 - معظم القرارات استهدفت (المتقاعدين غير الأردنيين ممن يرغبون بشراء عقار سكني في مناطق العقبة) ودخلت في تفاصيل متعددة من أجل جذبهم إلى العقبة، ووفّرت لهم الحوافز التالية: أ) - يُجيز القرار للمتقاعدين غير الأردنيين ممن يرغبون بشراء عقار سكني في مناطق العقبة، ويحملون إذن إقامة ولديهم الملاءة المالية، الحصول على موافقة إدخال مؤقت لمركبة واحدة عند تملك عقار سكني دون تحديد قيمة العقار. ب) - كما يمنح القرار غير الأردنيين امتيازات مثل: الموافقة على إدخال أثاث معفى من الجمارك والرسوم ولمرة واحدة للعقارات السكنية التي تم شراؤها، ومنح المالك للعقار أو العقارات البالغة قيمتها 150 ألف دينار كحد أدنى إذن إقامة ممتد له وللمعالين من قِبله. A) - من الواضح أن حكومة الدكتور جعفر حسان مستمرة باتخاذ قرارات جريئة لتحريك عجلة الاستثمار في مختلف محافظات المملكة ولمختلف القطاعات.. وما موافقة الحكومة على قرارات سلطة العقبة إلا تأكيد على هذا النهج الذي بدأته بإعفاءات وحوافز لقطاعات السيارات، والمساحات، والشقق السكنية، وغيرهما.. وجميعها تنتهج فلسفة التخفيض من أجل تحريك وتنشيط قطاعات سيعود مردودها عاجلًا وآجلًا لخزينة الدولة كما القطاع الخاص. B) - الترجمة الرقمية أو (الحسبة المالية) لتنشيط أكثر من 2300 وحدة سكنية من شقق وشاليهات وفِلَل من مخزون حالي أو جديد في العقبة، تُقدّر باستثمارات حجمها مئات الملايين من الدنانير (كاستثمار مباشر)، وعشرات الملايين من استثمارات غير مباشرة. C) - أخيرًا: العقبة «رؤية» جلالة الملك عبدالله الثاني، وموضع اهتمام ومتابعة حثيثة من لدن سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني.. وهي دائمًا تستحق الأفضل لتكون مدينة عالمية وواحدة من أفضل 100 مدينة في العالم.

د. عدلي فندح : سوريا بعد العقوبات
د. عدلي فندح : سوريا بعد العقوبات

أخبارنا

time١٨-٠٥-٢٠٢٥

  • أخبارنا

د. عدلي فندح : سوريا بعد العقوبات

أخبارنا : كان الاقتصاد السوري قبل عام 2011 يُعدّ من أكثر الاقتصادات تنوعًا في المنطقة، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي نحو 60 مليار دولار بأسعار القوة الشرائية، وتميز بتوازن نسبي بين القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية، إضافة إلى وجود احتياطي نقدي مريح وقطاع عام مستقر نسبيًا. لكن مع اندلاع الأزمة، دخل الاقتصاد في حالة من التدهور الحاد، حيث فقد أكثر من 70% من حجمه الحقيقي، وانكمش الناتج المحلي إلى ما يُقدّر بنحو 18 مليار دولار فقط، مع انهيار الليرة السورية، وتدمير البنية التحتية، وهجرة رؤوس الأموال والكفاءات، وتوقف شبه تام لحركة الإنتاج والاستثمار. في ظل العقوبات الغربية والعربية التي فرضت عزلة شديدة على النظام المالي والتجاري السوري، بات الاقتصاد يعتمد على أنشطة غير رسمية، وتحويلات المغتربين، والدعم الخارجي من حلفائه السياسيين. ومع تصاعد الحديث عن إمكانية رفع أو تخفيف العقوبات في الفترة المقبلة، فإن التقديرات الأولية تشير إلى أن الاقتصاد السوري قد يتمكن من تحقيق نمو سنوي يتراوح بين 5% إلى 7% في حال توافر الاستقرار السياسي والتمويل الكافي، وقد يستعيد مستويات ما قبل الأزمة خلال عقد من الزمان، خاصة إذا ما تم دمجه مجددًا في المنظومة الاقتصادية الإقليمية والدولية. تشكل العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا منذ عام 2011 أحد أبرز المعوقات التي أثّرت سلبًا على الاقتصاد السوري، وأثّرت بتبعاتها المباشرة وغير المباشرة على الاقتصادات المجاورة، وخاصة الاقتصاد الأردني، إضافة إلى آثار إقليمية على مستوى العلاقات الاقتصادية العربية. ومع ازدياد الحديث عن إمكانية تخفيف هذه العقوبات أو إزالتها، فإن المشهد الاقتصادي في المنطقة قد يشهد تغيرات جوهرية، حيث إن رفع العقوبات عن سوريا سيكون بمثابة نقطة تحول، تفتح الباب أمام مجموعة من الفرص التي من شأنها أن تدفع باتجاه التعافي الاقتصادي، ليس فقط داخل سوريا، بل في المنطقة بأسرها. من أبرز الانعكاسات المتوقعة لإزالة العقوبات على الاقتصاد السوري، استعادة النشاط في قطاعات الإنتاج المحلي التي كانت شبه معطلة خلال سنوات الأزمة، إذ إن عودة استيراد المواد الأولية، والمعدات اللازمة، وفتح قنوات الشحن، ستمكن المصانع والمزارع من استئناف عملها بكفاءة أعلى. كما سيساهم هذا الانفتاح الاقتصادي في تحسين بيئة الاستثمار، مما يدفع العديد من المستثمرين السوريين في الخارج إلى العودة وضخ أموالهم داخل البلاد، إلى جانب فتح المجال أمام تدفقات استثمارية من الدول العربية والأجنبية، خصوصًا في قطاع إعادة الإعمار الذي يتطلب تمويلًا ضخمًا وخبرات متقدمة. كذلك فإن تحرير التعاملات البنكية والمالية سيمنح الاقتصاد السوري فرصة للتنفس، من خلال تيسير استقبال التحويلات المالية من المغتربين، وتسهيل حركة الاستيراد والتصدير، مما قد يُسهم في دعم الميزان التجاري وتقوية سعر صرف الليرة السورية تدريجيًا، نتيجة زيادة الثقة وضخ النقد الأجنبي. أما على صعيد الاقتصاد الأردني، فإن إزالة العقوبات عن سوريا تحمل أهمية استراتيجية كبيرة. فعودة العمل الكامل لمعبر نصيب – جابر تعني استئناف النشاط التجاري الحيوي بين البلدين، وهو ما سينعكس إيجابًا على الشركات الأردنية التي تعتمد على السوق السوري لتصدير بضائعها، أو استيراد بعض المنتجات. كما أن تحسن الأوضاع داخل سوريا، وعودة الاستقرار التدريجي، سيعيد تفعيل دور الأردن كممر إقليمي للنقل واللوجستيات، خاصة فيما يتعلق بمرور البضائع بين الخليج وأوروبا عبر الأراضي السورية. هذا الواقع سيعزز من موقع الأردن الاستراتيجي، ويعيد النشاط إلى قطاع الشحن والنقل البري، الذي تضرر بشكل كبير بسبب إغلاق الطرق البرية خلال الأزمة السورية. كما ستتاح أمام الشركات الأردنية فرص واعدة للمساهمة في مشاريع إعادة إعمار سوريا، سواء من خلال الدخول المباشر أو عبر شراكات مع شركات سورية وعربية. ولا تقف الآثار الاقتصادية لإزالة العقوبات عند حدود سوريا والأردن، بل تمتد لتشمل الأفق العربي الأوسع. فالانفتاح السوري من شأنه أن يفعّل مشاريع الربط الإقليمي، وخاصة تلك المتعلقة بالطاقة والكهرباء، حيث من المتوقع أن يتم إحياء مشاريع الربط الكهربائي بين سوريا والعراق ولبنان والأردن، إضافة إلى تحسين انسياب السلع والبضائع القادمة من الخليج العربي إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط. كما أن البيئة الجديدة ستخلق فرصًا مهمة أمام الشركات العربية، خاصة في القطاعات العقارية والإنشائية، إذ ستسعى دول مثل الإمارات ومصر ولبنان إلى دخول السوق السوري بقوة، مستفيدة من الحاجة الكبيرة إلى البنية التحتية والخدمات. وإلى جانب ذلك، فإن القطاع المصرفي العربي قد يعيد التفكير في التوسع نحو سوريا، في حال توفرت الضمانات القانونية والبيئية للاستثمار الآمن. كما أن السياحة، سواء الدينية أو العلاجية أو الثقافية، قد تعود لتكون قطاعًا حيويًا يسهم في توفير فرص عمل وتحقيق دخل نقدي. وتُعتبر عدة قطاعات المستفيد الأكبر من عملية الانفتاح بعد إزالة العقوبات، حيث سيشهد القطاع الإنشائي والعقاري انتعاشًا كبيرًا نتيجة مشاريع إعادة الإعمار، في حين سيستعيد القطاع الصناعي والزراعي دوره كمحرك رئيسي للنمو نتيجة تسهيل عمليات التموين والتسويق. كما سيزدهر قطاع النقل والخدمات اللوجستية مع تحسن البنية التحتية الإقليمية، فيما سيلعب القطاع المصرفي دورًا محوريًا في تمويل مشاريع التنمية وتسهيل التجارة. ولا يمكن إغفال أهمية قطاع السياحة، الذي قد يستعيد مكانته في ظل تحسن الأمن وتدفق الزوار من الداخل والخارج. ومع كل هذه الفرص، تبرز الحاجة الماسة لوضع استراتيجية واضحة للمرحلة التي تلي رفع العقوبات، وذلك على المستويين المحلي والإقليمي. ففي الداخل السوري، يجب الشروع فورًا ببرنامج إصلاح اقتصادي شامل، يشمل تحديث البنية القانونية وتحسين مناخ الأعمال، ومكافحة الفساد، وتحقيق الحوكمة الرشيدة. كما أن إصدار تشريعات جديدة تشجع الاستثمار وتحمي حقوق المستثمرين سيكون ضروريًا لجذب رؤوس الأموال. إلى جانب ذلك، فإن إعادة هيكلة المؤسسات المصرفية والمالية لتتماشى مع المعايير الدولية ستُعد خطوة محورية لاستعادة الثقة الداخلية والخارجية بالاقتصاد السوري. على المستوى العربي، يجب تفعيل التعاون المنظم عبر المؤسسات الإقليمية، خاصة الجامعة العربية وصناديق التمويل العربي، من أجل وضع أطر تنفيذية واضحة للمساهمة في عملية إعادة الإعمار، وضمان توزيع عادل ومجدي للمشاريع. كما ينبغي إشراك القطاع الخاص العربي بشكل فعّال، بوصفه شريكًا أساسيًا في التنمية وخلق الوظائف وتحقيق النمو المستدام.

سوريا بعد العقوبات*د.عدلي قندح
سوريا بعد العقوبات*د.عدلي قندح

Amman Xchange

time١٨-٠٥-٢٠٢٥

  • Amman Xchange

سوريا بعد العقوبات*د.عدلي قندح

الدستور كان الاقتصاد السوري قبل عام 2011 يُعدّ من أكثر الاقتصادات تنوعًا في المنطقة، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي نحو 60 مليار دولار بأسعار القوة الشرائية، وتميز بتوازن نسبي بين القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية، إضافة إلى وجود احتياطي نقدي مريح وقطاع عام مستقر نسبيًا. لكن مع اندلاع الأزمة، دخل الاقتصاد في حالة من التدهور الحاد، حيث فقد أكثر من 70% من حجمه الحقيقي، وانكمش الناتج المحلي إلى ما يُقدّر بنحو 18 مليار دولار فقط، مع انهيار الليرة السورية، وتدمير البنية التحتية، وهجرة رؤوس الأموال والكفاءات، وتوقف شبه تام لحركة الإنتاج والاستثمار. في ظل العقوبات الغربية والعربية التي فرضت عزلة شديدة على النظام المالي والتجاري السوري، بات الاقتصاد يعتمد على أنشطة غير رسمية، وتحويلات المغتربين، والدعم الخارجي من حلفائه السياسيين. ومع تصاعد الحديث عن إمكانية رفع أو تخفيف العقوبات في الفترة المقبلة، فإن التقديرات الأولية تشير إلى أن الاقتصاد السوري قد يتمكن من تحقيق نمو سنوي يتراوح بين 5% إلى 7% في حال توافر الاستقرار السياسي والتمويل الكافي، وقد يستعيد مستويات ما قبل الأزمة خلال عقد من الزمان، خاصة إذا ما تم دمجه مجددًا في المنظومة الاقتصادية الإقليمية والدولية. تشكل العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا منذ عام 2011 أحد أبرز المعوقات التي أثّرت سلبًا على الاقتصاد السوري، وأثّرت بتبعاتها المباشرة وغير المباشرة على الاقتصادات المجاورة، وخاصة الاقتصاد الأردني، إضافة إلى آثار إقليمية على مستوى العلاقات الاقتصادية العربية. ومع ازدياد الحديث عن إمكانية تخفيف هذه العقوبات أو إزالتها، فإن المشهد الاقتصادي في المنطقة قد يشهد تغيرات جوهرية، حيث إن رفع العقوبات عن سوريا سيكون بمثابة نقطة تحول، تفتح الباب أمام مجموعة من الفرص التي من شأنها أن تدفع باتجاه التعافي الاقتصادي، ليس فقط داخل سوريا، بل في المنطقة بأسرها. من أبرز الانعكاسات المتوقعة لإزالة العقوبات على الاقتصاد السوري، استعادة النشاط في قطاعات الإنتاج المحلي التي كانت شبه معطلة خلال سنوات الأزمة، إذ إن عودة استيراد المواد الأولية، والمعدات اللازمة، وفتح قنوات الشحن، ستمكن المصانع والمزارع من استئناف عملها بكفاءة أعلى. كما سيساهم هذا الانفتاح الاقتصادي في تحسين بيئة الاستثمار، مما يدفع العديد من المستثمرين السوريين في الخارج إلى العودة وضخ أموالهم داخل البلاد، إلى جانب فتح المجال أمام تدفقات استثمارية من الدول العربية والأجنبية، خصوصًا في قطاع إعادة الإعمار الذي يتطلب تمويلًا ضخمًا وخبرات متقدمة. كذلك فإن تحرير التعاملات البنكية والمالية سيمنح الاقتصاد السوري فرصة للتنفس، من خلال تيسير استقبال التحويلات المالية من المغتربين، وتسهيل حركة الاستيراد والتصدير، مما قد يُسهم في دعم الميزان التجاري وتقوية سعر صرف الليرة السورية تدريجيًا، نتيجة زيادة الثقة وضخ النقد الأجنبي. أما على صعيد الاقتصاد الأردني، فإن إزالة العقوبات عن سوريا تحمل أهمية استراتيجية كبيرة. فعودة العمل الكامل لمعبر نصيب – جابر تعني استئناف النشاط التجاري الحيوي بين البلدين، وهو ما سينعكس إيجابًا على الشركات الأردنية التي تعتمد على السوق السوري لتصدير بضائعها، أو استيراد بعض المنتجات. كما أن تحسن الأوضاع داخل سوريا، وعودة الاستقرار التدريجي، سيعيد تفعيل دور الأردن كممر إقليمي للنقل واللوجستيات، خاصة فيما يتعلق بمرور البضائع بين الخليج وأوروبا عبر الأراضي السورية. هذا الواقع سيعزز من موقع الأردن الاستراتيجي، ويعيد النشاط إلى قطاع الشحن والنقل البري، الذي تضرر بشكل كبير بسبب إغلاق الطرق البرية خلال الأزمة السورية. كما ستتاح أمام الشركات الأردنية فرص واعدة للمساهمة في مشاريع إعادة إعمار سوريا، سواء من خلال الدخول المباشر أو عبر شراكات مع شركات سورية وعربية. ولا تقف الآثار الاقتصادية لإزالة العقوبات عند حدود سوريا والأردن، بل تمتد لتشمل الأفق العربي الأوسع. فالانفتاح السوري من شأنه أن يفعّل مشاريع الربط الإقليمي، وخاصة تلك المتعلقة بالطاقة والكهرباء، حيث من المتوقع أن يتم إحياء مشاريع الربط الكهربائي بين سوريا والعراق ولبنان والأردن، إضافة إلى تحسين انسياب السلع والبضائع القادمة من الخليج العربي إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط. كما أن البيئة الجديدة ستخلق فرصًا مهمة أمام الشركات العربية، خاصة في القطاعات العقارية والإنشائية، إذ ستسعى دول مثل الإمارات ومصر ولبنان إلى دخول السوق السوري بقوة، مستفيدة من الحاجة الكبيرة إلى البنية التحتية والخدمات. وإلى جانب ذلك، فإن القطاع المصرفي العربي قد يعيد التفكير في التوسع نحو سوريا، في حال توفرت الضمانات القانونية والبيئية للاستثمار الآمن. كما أن السياحة، سواء الدينية أو العلاجية أو الثقافية، قد تعود لتكون قطاعًا حيويًا يسهم في توفير فرص عمل وتحقيق دخل نقدي. وتُعتبر عدة قطاعات المستفيد الأكبر من عملية الانفتاح بعد إزالة العقوبات، حيث سيشهد القطاع الإنشائي والعقاري انتعاشًا كبيرًا نتيجة مشاريع إعادة الإعمار، في حين سيستعيد القطاع الصناعي والزراعي دوره كمحرك رئيسي للنمو نتيجة تسهيل عمليات التموين والتسويق. كما سيزدهر قطاع النقل والخدمات اللوجستية مع تحسن البنية التحتية الإقليمية، فيما سيلعب القطاع المصرفي دورًا محوريًا في تمويل مشاريع التنمية وتسهيل التجارة. ولا يمكن إغفال أهمية قطاع السياحة، الذي قد يستعيد مكانته في ظل تحسن الأمن وتدفق الزوار من الداخل والخارج. ومع كل هذه الفرص، تبرز الحاجة الماسة لوضع استراتيجية واضحة للمرحلة التي تلي رفع العقوبات، وذلك على المستويين المحلي والإقليمي. ففي الداخل السوري، يجب الشروع فورًا ببرنامج إصلاح اقتصادي شامل، يشمل تحديث البنية القانونية وتحسين مناخ الأعمال، ومكافحة الفساد، وتحقيق الحوكمة الرشيدة. كما أن إصدار تشريعات جديدة تشجع الاستثمار وتحمي حقوق المستثمرين سيكون ضروريًا لجذب رؤوس الأموال. إلى جانب ذلك، فإن إعادة هيكلة المؤسسات المصرفية والمالية لتتماشى مع المعايير الدولية ستُعد خطوة محورية لاستعادة الثقة الداخلية والخارجية بالاقتصاد السوري. على المستوى العربي، يجب تفعيل التعاون المنظم عبر المؤسسات الإقليمية، خاصة الجامعة العربية وصناديق التمويل العربي، من أجل وضع أطر تنفيذية واضحة للمساهمة في عملية إعادة الإعمار، وضمان توزيع عادل ومجدي للمشاريع. كما ينبغي إشراك القطاع الخاص العربي بشكل فعّال، بوصفه شريكًا أساسيًا في التنمية وخلق الوظائف وتحقيق النمو المستدام.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store