
'أناشيد آدم' عندما تصبح الطفولة نشيدًا وسط الخراب
في فيلمه 'أناشيد آدم'، يقدّم المخرج العراقي عدي رشيد قراءة بصرية مؤثرة لطفولة معلقة بين الركام. لا يحاول الفيلم أن يسرد قصة مكتملة الأركان، بقدر ما يغوص في تجربة شعورية مكثفة، حيث يصبح الصوت واللون والفراغ أبطالًا حقيقيين.
آدم، الطفل الصغير، لا يتخذ موقع الضحية التقليدية. لا بكاءً ولا شكاوى. بل يكتفي بالإنشاد بصوت خافت، وكأنه يحاور ذاكرة مدينة منهكة تحاول الاحتفاظ بآخر ما تبقى من إنسانيتها.
تتبع الكاميرا خطوات آدم بتردد مدروس، تقترب حينًا وتنسحب حينًا آخر، محافظةً على إيقاع بصري يشبه تنفس مدينة شبه ميتة. الألوان الغالبة رمادية، مشبعة بالغبار، وكأن الفيلم كله مغطى بطبقة رقيقة من الحزن. الأصوات الطبيعية، من رياح وزخات رصاص وصرخات بعيدة، تحل محل الحوار، مما يعمق الإحساس بالفراغ والعزلة.
ما يميز 'أناشيد آدم' هو بساطته العميقة. و الفيلم لا يتناول الحرب بشكل مباشر، بل يركّز على الذاكرة الهشة التي يحاول الإنسان، حتى في أقسى الظروف، أن يحافظ عليها. وبين أنقاض المدن وأصوات الخراب، تظل أناشيد آدم بمثابة خيط رفيع من الأمل، يربط الحاضر بالماضي، وينذر بإمكانية حياة جديدة رغم كل شيء.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
٢٩-٠٤-٢٠٢٥
- موقع كتابات
'أناشيد آدم' عندما تصبح الطفولة نشيدًا وسط الخراب
في فيلمه 'أناشيد آدم'، يقدّم المخرج العراقي عدي رشيد قراءة بصرية مؤثرة لطفولة معلقة بين الركام. لا يحاول الفيلم أن يسرد قصة مكتملة الأركان، بقدر ما يغوص في تجربة شعورية مكثفة، حيث يصبح الصوت واللون والفراغ أبطالًا حقيقيين. آدم، الطفل الصغير، لا يتخذ موقع الضحية التقليدية. لا بكاءً ولا شكاوى. بل يكتفي بالإنشاد بصوت خافت، وكأنه يحاور ذاكرة مدينة منهكة تحاول الاحتفاظ بآخر ما تبقى من إنسانيتها. تتبع الكاميرا خطوات آدم بتردد مدروس، تقترب حينًا وتنسحب حينًا آخر، محافظةً على إيقاع بصري يشبه تنفس مدينة شبه ميتة. الألوان الغالبة رمادية، مشبعة بالغبار، وكأن الفيلم كله مغطى بطبقة رقيقة من الحزن. الأصوات الطبيعية، من رياح وزخات رصاص وصرخات بعيدة، تحل محل الحوار، مما يعمق الإحساس بالفراغ والعزلة. ما يميز 'أناشيد آدم' هو بساطته العميقة. و الفيلم لا يتناول الحرب بشكل مباشر، بل يركّز على الذاكرة الهشة التي يحاول الإنسان، حتى في أقسى الظروف، أن يحافظ عليها. وبين أنقاض المدن وأصوات الخراب، تظل أناشيد آدم بمثابة خيط رفيع من الأمل، يربط الحاضر بالماضي، وينذر بإمكانية حياة جديدة رغم كل شيء.


شفق نيوز
٢٩-٠٤-٢٠٢٥
- شفق نيوز
عزّام أحمد.. تجربة سينمائية أولى تفتح له أبواب العالمية: الجمال لا يأتي بلا تعب
شفق نيوز/ في أولى خطواته نحو عالم السينما، اختبر الفنان الشاب أحمد عزّام، رحلة استثنائية من قضاء هيت بمحافظة الأنبار إلى الشاشات الكبرى والمهرجانات العالمية، وفي حديث خاص لوكالة شفق نيوز، فتح لنا قلبه متحدثًا عن تجربته الأولى في بطولة فيلم "أناشيد آدم"، وما رافقها من تحديات ومشاعر وطموحات كبرى. تجربة أولى بنكهة التحدي والفرح في بداية الحوار، عبّر عزّام عن سعادته الكبيرة بهذه التجربة السينمائية قائلاً: "كانت تجربة جميلة، وأنا سعيد جداً بها". لكن خلف هذه السعادة كانت هناك تحديات قاسية، أبرزها ساعات التصوير الطويلة التي قال عنها: "كنا نصوّر لساعات طويلة جداً، ما كان يؤدي إلى تعب شديد". من المسرح إلى الشاشة الكبرى ورغم أن "أناشيد آدم" يمثل تجربته السينمائية الأولى، إلا أن عزّام لم يكن غريباً عن عالم التمثيل، فقد نشأ في بيئة مسرحية بحكم عمل والده، المخرج المسرحي أحمد عزّامي. وعن ذلك يقول: "لي تجارب سابقة في المسرح مع والدي الذي شاركني في الفيلم مع أخي أسامة عزّامي". فخر لا يُنسى في مهرجان البحر الأحمر وعن شعوره وهو يشاهد نفسه لأول مرة على الشاشة الكبيرة، استعاد عزّام لحظة العرض الأول قائلاً: "كانت أول مرة أشاهد نفسي في مهرجان البحر الأحمر بجدة، وشعرت بفخر شديد لا يوصف". شخصيات إنسانية و تأثيرات عميقة حول أدائه لشخصية ذات أبعاد إنسانية مؤثرة، أوضح أنه "استند إلى إحساسي الداخلي بالشخصية التي لامستني بعمق، إلى جانب الدعم الذي أتلقاه من المخرج". آمال وجوائز وأمنيات بالرغم من الجوائز والتكريمات التي حصدها الفيلم، إلا أن عزّام كان يتطلع إلى المزيد: "بصراحة، كنت أتوقع أن يحصل الفيلم على جوائز أكثر، بالنظر إلى التعب الكبير أثناء التصوير". الأنبار والهوية الثقافية ورؤية واقعية حين سألناه عما إذا كان الفيلم قد عكس هوية الأنبار الثقافية والاجتماعية، أجاب بصراحة: "لا أعتقد". أما عن الرسالة التي ربما نقلها عن مدينته ومجتمعه، ضحك قائلاً: "الموضوع أبسط من حمل رسالة، ربما تكون الرسائل في أعمال قادمة". الطريق إلى دعم المواهب في الأنبار يؤمن عزّام بأهمية إبراز قصص ومواهب الأنبار عبر السينما، مشدداً على ضرورة وجود إيمان حقيقي من صناع السينما والدراما بذلك، إلى جانب دعم ورعاية حكومية جادة. كما وجّه رسالة واضحة إلى شباب الأنبار الموهوبين قائلاً: "ثق بموهبتك وآمن بنفسك لكي تصل إلى أهدافك". تجارب المهرجانات.. حلم تحقق التجربة الدولية التي عاشها في مهرجاني جدة ومالمو كانت بالنسبة له حلماً جميلاً، خاصة حين التقى بألمع نجوم هوليوود وبوليوود والسينما العربية. نظرة جديدة للسينما بعد هذه التجربة، تغيّرت نظرته للفن السابع: "كنت أظن أن السينما مجرد جمال، لكن خوض التجربة جعلني أفهم أن الموضوع صعب جداً، وإن لم يخلُ من الجمال". طموح لا سقف له أما عن المستقبل، فقد أكد عزّام رغبته في الاستمرار في عالم التمثيل، قائلاً: "طموحي أن أصبح نجماً عربياً وربما أصل إلى العالمية". الفن كمرآة للمجتمع واختتم عزّام حديثه برسالة فنية نبيلة، متمنياً أن ينقل الفن هموم الناس وأفراحهم بصدق، قائلاً: "أتمنى أن يعبر الفن عن جراح الناس وأحزانهم، كما هي جراح شهداء فلسطين، بطرح صادق وحقيقي".


الزمان
٢٢-٠٤-٢٠٢٥
- الزمان
السرد التقليدي بأناشيد آدم يتجاوز ملامسة تخوم الفلسفة
السرد التقليدي بأناشيد آدم يتجاوز ملامسة تخوم الفلسفة في فضاء السينما العراقية الجديدة، يبرز فيلم (أناشيد آدم) (2024) للمخرج عدي رشيد كعمل يستنطق أوجاع الذاكرة الجمعية، ويُزاوج بين السرد الواقعي والتخييل الرمزي، ليخلق عالماً بصرياً يستوعب تعقيدات الزمن العراقي وتقلباته العنيفة. بأسلوبٍ يميل إلى الواقعية السحرية، يُعيد رشيد تشكيل العلاقة بين الزمن والجسد، بين الحكاية والتاريخ، بين الخيال والواقع، في سردية سينمائية تُثير الأسئلة أكثر مما تقدّم الأجوبة. يكتب عدي رشيد نص فيلمه من موقع الراوي الذي يعرف أن الكارثة ليست في وقوعها، بل في تكرارها، وفي أثرها الذي لا يزول. من هنا، ينفتح النص على المجاز، ويحتفي باللامعقول، ليمنح الحكاية نَفَسًا سحريًا يُحرّرها من قيود الواقعية الصارمة، ويُتيح لها التحليق في فضاءات التخييل الرمزي. في هذا السياق، تتجلّى شخصية الصبي «آدم»، الذي يُقرّر، بإرادته، أن يُجمّد نموّه الجسدي، في معاندة صريحة للزمن الذي لا يحمل للعراقيين سوى الخيبات والمآسي. آدم ليس مجرد طفل، بل استعارة بصرية لإنسان عراقي قرّر الانسحاب من دورة الحياة القاسية، وتوقّف عند حدود الطفولة، كي لا يُجرَح بما ينتظر البالغين من ألمٍ وفقدٍ وتشوّهٍ نفسي. هذا القرار الفردي يتحوّل إلى فعل رمزي، يرصد من خلاله رشيد أثر الأزمنة العراقية المتتالية، التي تتوالى على الشاشة عبر سنوات مفصلية (1946، 1952، 1964، 1981، 2014)، لتُشكّل خلفية تراجيدية لزمن الشخصية، دون أن تنزلق في خطاب سياسي فج، بل تتغلغل في النفوس بهدوء، كما تفعل الموسيقى أو الحكايات القديمة. القرية الغربية التي تدور فيها أحداث الفيلم، تتحوّل إلى مرآة لعراقٍ مصغّر، حيث يبدو الزمن متوقفًا، أو كأنّه يدور في حلقة عبثية لا مخرج منها. سكان القرية يكبرون، ويتألمون، ويموتون، بينما يظل آدم كما هو، شاهدًا صامتًا على ما جرى وما لم يجرِ بعد. سجنه الانعزالي الذي فرضه عليه والده بعد قراره الغريب، لا يبدو عقوبة بقدر ما هو انعكاس لعزلة وطن بأكمله، يرزح تحت وطأة ماضيه. في لحظة رمزية فارقة، يرى آدم جثمان جده، فيُدرك فجأة وحشية المصير، فيختار أن يوقف الزمن داخله، ربما ليُصغي إلى «أناشيده» الخاصة، تلك التي لا يسمعها أحد سواه. هذه الأناشيد ليست سوى تأويل شعري للواقع، صوت داخلي يُحاول النجاة من دوامة التاريخ، ويُعيد ترتيب العلاقة بين الحياة والموت، بين الماضي والمستقبل، وفق منطق الحكاية، لا منطق الواقع. *بهذا الفيلم، يُقدّم عدي رشيد سينما تتجاوز السرد التقليدي إلى ملامسة تخوم الفلسفة، حيث يصبح الجسد معبراً عن مقاومة صامتة، والزمن ساحةً للصراع الداخلي أكثر منه ظرفاً تاريخياً. «أناشيد آدم» ليست مجرّد قصة عن صبي رفض أن يكبر، بل قصيدة بصرية حزينة عن بلد لم يُمنح فرصة للنمو الطبيعي، فاختار – كما آدم – أن يُجمّد لحظته، ويُحيل جراحه إلى نشيد داخلي لا يُسمع، لكن يُشعَر به عميقًا في وجدان المخرج.