
لماذا لا تزال نبوءات نوستراداموس تحظى بشعبية كبيرة؟
بعد وفاة البابا فرنسيس، شهدت عمليات البحث عبر الإنترنت عن المُنجم الفرنسي نوستراداموس، الذي عاش في القرن السادس عشر، ارتفاعا حادا. وهذه ليست المرة الأولى التي يبدي فيها الناس اهتماما بنبوءاته خلال أحداث عالمية كبرى. فلماذا لا يزال الاهتمام بهذا العرّاف قائمًا حتى اليوم؟
وكان ميشيل دي نوتردام، المعروف باسم نوستراداموس، طبيبا فرنسيا عالج ضحايا الطاعون، كما كان أيضًا منجمًا هاويًا ألّف كتاب "النبوءات" (Les Prophéties)، الذي نُشر في عام 1555، ويضم الكتاب 942 رُباعية غامضة (قصائد من 4 أسطر) زعم أنها تنبأت بالمستقبل، وغالبًا ما كانت تتناول أحداثًا كارثية.
وتشير إحدى هذه القصائد، التي تتسم في الغالب بالغموض والافتقار إلى السياق، إلى "وفاة بابا مُسنّ"، وهو ما ربطته بعض منشورات وسائل التواصل الاجتماعي والمقالات الإلكترونية بوفاة البابا فرنسيس.
ومع ذلك، فقد توفي العشرات من الباباوات منذ عام 1555، لذلك ليس من الواضح لماذا ترتبط هذه القصيدة بالبابا فرانسيس على نحو خاص.
ويزعم التنجيم، وهو ممارسةٌ لا تستند إلى أساس علمي، أن هناك تأثيرا للنجوم على الأحداث البشرية، وكانت هذه الممارسة قد ازدهرت شعبيتها بشكلٍ كبير في القرن السادس عشر.
ففي ذلك الوقت، انتشرت متاجر التنجيم في كل مكان، حيث كان الممارسون يقدمون النصائح في كل شيء، من الحياة المهنية إلى العلاقات الشخصية والصحة.
وكان من بينهم نوستراداموس، الذي أدار خدمة تنجيم شهيرة، يُفسّر فيها الأبراج للأثرياء ولأصحاب النفوذ.
ومع ذلك، لم يتلقَّ نوستراداموس تدريبًا رسميًا في علم التنجيم، الذي كان تخصصًا أكاديميًا آنذاك، واعتبره بعض معاصريه دجالًا، وعلى الرغم من ذلك، لاقت قصائده القصيرة الغامضة رواجًا كبيرًا بين الجمهور آنذاك، وأصبح كتابه من أكثر الكتب مبيعًا.
وكان القرن السادس عشر فترةً بائسةً بالنسبة لمعظم الأوروبيين، الذين واجهوا الحروب، وفشل زراعة المحاصيل، والمجاعات، بينما اجتاح الطاعون المدن.
ووسط هذه الفوضى، قدّمت نبوءات نوستراداموس تحذيرًا وشعورًا غريبًا بالراحة.
وتقول البروفيسور ميشيل فيفر، مؤرخة العلوم والدين في كلية ماغدالين بجامعة أكسفورد: "كان القلق الجماعي مرتفعًا".
ومضت قائلة: "في أوقات عدم اليقين الشديد كهذه، يبحث الناس عن إجابات، ويطلبون التوجيه، ويطمأنون لوجود خطة أسمى".
ومثل من قد يلجؤون اليوم إلى الأبراج، وجد أتباع نوستراداموس آنذاك في أعماله وسيلةً لفهم عالم مضطرب، وإحساسًا بقدوم تغيير.
صورة2
وبعد مئات السنين، يزعم مؤيدوه أنه تنبأ بالعديد من الأحداث التاريخية، بما في ذلك الحربان العالميتان، والقصف النووي لهيروشيما وناغازاكي في اليابان، وصعود الزعيم النازي أدولف هتلر، وتفشي جائحة كوفيد-19في أنحاء العالم، وذلك على الرغم من أنه لم يُسمِّ هذه الأحداث قط.
وتقول جويل رولو كوستر، أستاذة تاريخ العصور الوسطى بجامعة رود آيلاند، إن نبوءات نوستراداموس مكتوبة "بمصطلحات غامضة للغاية يمكن أن تتناسب مع أي ظروف"، وعندما يكون الأمر غامضًا ومبهمًا بما يكفي، يُمكن لأي شخص أن يجد فيه ما يُناسبه.
ومع ذلك، فقد رسخت نبوءاته واسمه في أذهان العامة.
وبالإضافة إلى الطابع الخالد للعديد من تنبؤاته، لأن القليل منها فقط يحتوي على تواريخ محددة، فقد بيعت كتبٌ تُفسر كتابات نوستراداموس بكميات هائلة، فهناك أكثر من 100 عنوان مختلف باللغة الإنجليزية وحدها.
وساعدت المنشورات الجديدة التي فسرت نبوءاته على أنها تُطابق أحداثًا إخبارية عالمية على ترسيخ مكانته في وعي الجمهور في القرن العشرين.
وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر، تصدرت كتب نوستراداموس قوائم الكتب الأكثر مبيعًا، حيث ربط أتباعه نبوءاته بالهجمات.
وأفادت صحيفة نيويورك تايمز أن رسالة بريد إلكتروني انتشرت على نطاق واسع بعد الهجمات جمعت أجزاءً من مقاطع مختلفة من نوستراداموس وكلمات لم تكن حتى من تأليفه، لتكوين نصٍّ استفزازي يُوحي بأنه تنبأ بما سيحدث، وتضمن النص الكلمات التالية: "نار تقترب من المدينة الجديدة العظيمة في مدينة يورك، سيكون هناك انهيار هائل".
ومن الأحداث الأخرى التي زعم مؤيدوه أنه تنبأ بها هبوط أبولو على سطح القمر، وكارثة مكوك الفضاء تشالنجر، وحتى وفاة الملكة إليزابيث الثانية.
ومن المرجح أن معظم الناس اليوم لا يتعمقون في النصوص الأصلية، بل يصادفونه في مقالات على الإنترنت أو ميمز على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد عادت نبوءات أخرى حول البابوية للظهور على الإنترنت.
وقد فسر البعض نبوءة الباباوات، المنسوبة إلى القديس ملاخي، على أنها توحي بأن البابا فرانسيس قد يكون آخر بابا على الإطلاق، وشكك الباحثون في الأصول الحقيقية لهذا النص، قائلين إنه وُضع لأسباب سياسية.
ويقول جوزيف أوسينسكي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ميامي: "إن النبوءة مثيرة للاهتمام وشائقة، ويميل بعض الناس إلى هذا النوع من الأفكار الخارجة عن التيار السائد، إنها جزء من هويتنا".
ويضيف قائلا: "أحيانًا يدفع الترفيه الناس إلى معتقدات معينة، وأحيانًا أخرى يتبنون أفكارًا مريحة أو مُطمئنة".
و يقول الخبراء إنه في عصر يسوده عدم اليقين، ليس من المستغرب أن يظل نوستراداموس ونبوءات أخرى أمورا شائعة.
وتقول البروفيسور فيفر: "في الأوقات العصيبة، يتمتع التنجيم والعِرافة، وهي السعي إلى التنبؤ بالأحداث المستقبلية أو اكتشاف المعرفة الخفية، بجاذبية هائلة".
ومضت تقول:"إن البشر ليسوا جيدين دائمًا في التعامل مع عدم اليقين، وقد تم تقدير المنجمين والأنبياء عبر التاريخ لأنهم قادرون على مساعدة الناس في اتخاذ قرارات صعبة، وهم قادرون أيضًا على مواساة الناس من خلال الإشارة إلى وجود خطة أكبر قيد التنفيذ".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مصراوي
٢٨-٠٤-٢٠٢٥
- مصراوي
لماذا لا تزال نبوءات نوستراداموس تحظى بشعبية كبيرة؟
بعد وفاة البابا فرنسيس، شهدت عمليات البحث عبر الإنترنت عن المُنجم الفرنسي نوستراداموس، الذي عاش في القرن السادس عشر، ارتفاعا حادا. وهذه ليست المرة الأولى التي يبدي فيها الناس اهتماما بنبوءاته خلال أحداث عالمية كبرى. فلماذا لا يزال الاهتمام بهذا العرّاف قائمًا حتى اليوم؟ وكان ميشيل دي نوتردام، المعروف باسم نوستراداموس، طبيبا فرنسيا عالج ضحايا الطاعون، كما كان أيضًا منجمًا هاويًا ألّف كتاب "النبوءات" (Les Prophéties)، الذي نُشر في عام 1555، ويضم الكتاب 942 رُباعية غامضة (قصائد من 4 أسطر) زعم أنها تنبأت بالمستقبل، وغالبًا ما كانت تتناول أحداثًا كارثية. وتشير إحدى هذه القصائد، التي تتسم في الغالب بالغموض والافتقار إلى السياق، إلى "وفاة بابا مُسنّ"، وهو ما ربطته بعض منشورات وسائل التواصل الاجتماعي والمقالات الإلكترونية بوفاة البابا فرنسيس. ومع ذلك، فقد توفي العشرات من الباباوات منذ عام 1555، لذلك ليس من الواضح لماذا ترتبط هذه القصيدة بالبابا فرانسيس على نحو خاص. ويزعم التنجيم، وهو ممارسةٌ لا تستند إلى أساس علمي، أن هناك تأثيرا للنجوم على الأحداث البشرية، وكانت هذه الممارسة قد ازدهرت شعبيتها بشكلٍ كبير في القرن السادس عشر. ففي ذلك الوقت، انتشرت متاجر التنجيم في كل مكان، حيث كان الممارسون يقدمون النصائح في كل شيء، من الحياة المهنية إلى العلاقات الشخصية والصحة. وكان من بينهم نوستراداموس، الذي أدار خدمة تنجيم شهيرة، يُفسّر فيها الأبراج للأثرياء ولأصحاب النفوذ. ومع ذلك، لم يتلقَّ نوستراداموس تدريبًا رسميًا في علم التنجيم، الذي كان تخصصًا أكاديميًا آنذاك، واعتبره بعض معاصريه دجالًا، وعلى الرغم من ذلك، لاقت قصائده القصيرة الغامضة رواجًا كبيرًا بين الجمهور آنذاك، وأصبح كتابه من أكثر الكتب مبيعًا. وكان القرن السادس عشر فترةً بائسةً بالنسبة لمعظم الأوروبيين، الذين واجهوا الحروب، وفشل زراعة المحاصيل، والمجاعات، بينما اجتاح الطاعون المدن. ووسط هذه الفوضى، قدّمت نبوءات نوستراداموس تحذيرًا وشعورًا غريبًا بالراحة. وتقول البروفيسور ميشيل فيفر، مؤرخة العلوم والدين في كلية ماغدالين بجامعة أكسفورد: "كان القلق الجماعي مرتفعًا". ومضت قائلة: "في أوقات عدم اليقين الشديد كهذه، يبحث الناس عن إجابات، ويطلبون التوجيه، ويطمأنون لوجود خطة أسمى". ومثل من قد يلجؤون اليوم إلى الأبراج، وجد أتباع نوستراداموس آنذاك في أعماله وسيلةً لفهم عالم مضطرب، وإحساسًا بقدوم تغيير. صورة2 وبعد مئات السنين، يزعم مؤيدوه أنه تنبأ بالعديد من الأحداث التاريخية، بما في ذلك الحربان العالميتان، والقصف النووي لهيروشيما وناغازاكي في اليابان، وصعود الزعيم النازي أدولف هتلر، وتفشي جائحة كوفيد-19في أنحاء العالم، وذلك على الرغم من أنه لم يُسمِّ هذه الأحداث قط. وتقول جويل رولو كوستر، أستاذة تاريخ العصور الوسطى بجامعة رود آيلاند، إن نبوءات نوستراداموس مكتوبة "بمصطلحات غامضة للغاية يمكن أن تتناسب مع أي ظروف"، وعندما يكون الأمر غامضًا ومبهمًا بما يكفي، يُمكن لأي شخص أن يجد فيه ما يُناسبه. ومع ذلك، فقد رسخت نبوءاته واسمه في أذهان العامة. وبالإضافة إلى الطابع الخالد للعديد من تنبؤاته، لأن القليل منها فقط يحتوي على تواريخ محددة، فقد بيعت كتبٌ تُفسر كتابات نوستراداموس بكميات هائلة، فهناك أكثر من 100 عنوان مختلف باللغة الإنجليزية وحدها. وساعدت المنشورات الجديدة التي فسرت نبوءاته على أنها تُطابق أحداثًا إخبارية عالمية على ترسيخ مكانته في وعي الجمهور في القرن العشرين. وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر، تصدرت كتب نوستراداموس قوائم الكتب الأكثر مبيعًا، حيث ربط أتباعه نبوءاته بالهجمات. وأفادت صحيفة نيويورك تايمز أن رسالة بريد إلكتروني انتشرت على نطاق واسع بعد الهجمات جمعت أجزاءً من مقاطع مختلفة من نوستراداموس وكلمات لم تكن حتى من تأليفه، لتكوين نصٍّ استفزازي يُوحي بأنه تنبأ بما سيحدث، وتضمن النص الكلمات التالية: "نار تقترب من المدينة الجديدة العظيمة في مدينة يورك، سيكون هناك انهيار هائل". ومن الأحداث الأخرى التي زعم مؤيدوه أنه تنبأ بها هبوط أبولو على سطح القمر، وكارثة مكوك الفضاء تشالنجر، وحتى وفاة الملكة إليزابيث الثانية. ومن المرجح أن معظم الناس اليوم لا يتعمقون في النصوص الأصلية، بل يصادفونه في مقالات على الإنترنت أو ميمز على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد عادت نبوءات أخرى حول البابوية للظهور على الإنترنت. وقد فسر البعض نبوءة الباباوات، المنسوبة إلى القديس ملاخي، على أنها توحي بأن البابا فرانسيس قد يكون آخر بابا على الإطلاق، وشكك الباحثون في الأصول الحقيقية لهذا النص، قائلين إنه وُضع لأسباب سياسية. ويقول جوزيف أوسينسكي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ميامي: "إن النبوءة مثيرة للاهتمام وشائقة، ويميل بعض الناس إلى هذا النوع من الأفكار الخارجة عن التيار السائد، إنها جزء من هويتنا". ويضيف قائلا: "أحيانًا يدفع الترفيه الناس إلى معتقدات معينة، وأحيانًا أخرى يتبنون أفكارًا مريحة أو مُطمئنة". و يقول الخبراء إنه في عصر يسوده عدم اليقين، ليس من المستغرب أن يظل نوستراداموس ونبوءات أخرى أمورا شائعة. وتقول البروفيسور فيفر: "في الأوقات العصيبة، يتمتع التنجيم والعِرافة، وهي السعي إلى التنبؤ بالأحداث المستقبلية أو اكتشاف المعرفة الخفية، بجاذبية هائلة". ومضت تقول:"إن البشر ليسوا جيدين دائمًا في التعامل مع عدم اليقين، وقد تم تقدير المنجمين والأنبياء عبر التاريخ لأنهم قادرون على مساعدة الناس في اتخاذ قرارات صعبة، وهم قادرون أيضًا على مواساة الناس من خلال الإشارة إلى وجود خطة أكبر قيد التنفيذ".


أخبار مصر
٢٠-٠٣-٢٠٢٥
- أخبار مصر
جولة داخل عالم 'إلهة' هندية مثيرة للجدل
تدّعي أنها تصنع المعجزات، ويؤمن مريدوها بأنها 'إلهة'، فما هي حكاية رادهي ما؟تُعدّ رادهي ما من بين نساء قليلات دخلن عالم 'المعبودات البشرية' في الهند، تلك الظاهرة المثيرة للجدل والمتنامية، التي تستقطب جموعاً غفيرة من المريدين، وقد سنحت لبي بي سي فرصة نادرة للولوج إلى عالم هذه المرأة التي يعتبروها 'إلهة'، سعياً لكشف أسرار هذا المزيج الغامض بين الإيمان والرهبة. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video تحرص نساء، وهنّ يحملن حقائب من لوي فيتون وغوتشي، ويرتدين أزياء تقليدية أنيقة تزينها مجوهرات من الذهب والألماس، على التجمع لحضور اللقاء المسائي مع رادهي ما.وعلى عكس العديد من الشخصيات التي تُحاط بقداسة، فهي لا تفضل الاستيقاظ مبكراً، ولا ترتدي الملابس البسيطة، ولا تستسيغ الأحاديث المطوّلة، وتطلق على نفسها لقب 'الأم المعجزة'.والحقيقة أن المعجزات، التي يتحدث عنها مريدوها، هي ما يُعطى لها القدر الأكبر من الأهمية، وهي الدافع الذي يجعلهم يقدمون تبرعات مالية.قالت لي رادهي ما: 'المعجزات تتحقق من أجلهم، فتُلبّى مطالبهم، لذا يقدمون التبرعات'.ويروى الناس هنا العديد من القصص التي تحكي عن كيف باركت رادهي ما الأزواج المحرومين من الإنجاب، وكيف ساعدت نساء لم يلدن سوى الإناث على إنجاب الذكور أخيراً، كما شفت مرضى، وساهمت في إنقاذ أعمال تجارية كانت على وشك الانهيار.ولا تعد ادعاءات امتلاك القوى الإلهية حكراً على رادهي ما فحسب، إذ تمتليء الهند بمن يُطلق عليهم 'معبودات بشرية'، وعلى الرغم من عدم وجود إحصاء رسمي دقيق، إلا أن أعدادهم تبدو في تزايد مستمر عاماً بعد عام.ولم يسلم بعضهم من اتهامات بالفساد، والتجاوزات الأخلاقية، بل وحتى الاعتداءات الجنسية، أما رادهي ما، فقد أحاطتها مزاعم بأنها تمارس السحر الأسود، وتورطت في تسهيل دفع المهور، رغم أن القانون الهندي يحظر ذلك، بيد أن تحقيقات الشرطة انتهت بإسقاط جميع التهم الموجهة إليها.وعلى الرغم من ذلك، لا يزال آلاف المريدين يتوافدون لرؤية هؤلاء الرجال والنساء الذين يُنظر إليهم على أنهم كيانات مقدسة، وفي العام الماضي، تسبّب تدافع في أحد هذه التجمعات في وفاة ما يزيد على 120 شخصاً.ويقول شيام ماناف، رئيس المنظمة الهندية لمكافحة الخرافات: 'ينشأ معظم الهنود في عائلات تعتقد أن القوى الإلهية يمكن اكتسابها بالعبادة أو التأمل أو الصلاة، وأن من يصل إليها يصبح قادراً على اجتراح المعجزات'.ويضيف: 'يُعتبر مثل هذا الشخص كائناً شبه إله، أو يُلقب بمعبود أو معبودة مقدسة'.ورغم التصور الشائع بأن من يتأثرون بهذه الأفكار هم الفقراء وغير المتعلمين ومن يسهل التأثير عليهم، إلا أن رادهي ما تحظى بتقديس من قبل العديد من الأشخاص المتعلمين تعليماً عالياً، والمنتمين إلى عائلات ثرية.التقيتُ بوشبيندر باتيا، خريج كلية سعيد لإدارة الأعمال بجامعة أكسفورد ومدير إحدى شركات الاستشارات التعليمية، أثناء وقوفه في طابور النساء المنتظرات لمقابلة رادهي ما، وأخبرني أنه لم يكن يتصور قط أنه سيجد نفسه مريدا لـ 'كيان سامٍ متجسد في هيئة بشرية'.وقال لي: 'في البداية، راودتني أسئلة كثيرة: هل يمكن أن يتجسد إله فعلاً في هيئة إنسان؟ هل هذا أمر حقيقي؟ هل يمكنها حقاً أن تمنح بركات تغيّر حياة الإنسان؟ وما سرّ هذه المعجزات التي يدّعون حدوثها؟'بيد أن باتيا تعرّف على رادهي ما عقب مأساة ألمّت بعائلته.وعلى الرغم من أن البعض قد يرى أنه كان في أضعف حالاته النفسية آنذاك، إلا أنه أحس بصدق رعايتها واهتمامها به.ويقول: 'أعتقد أنني في أول لقاء روحي معها، شعرت بانجذاب قوي إلى الهالة التي تحيط بها. وأرى أنه عندما تتجاوز المظهر البشري الذي تبدو عليه، ستشعر باتصال فوري بها'.'مريدون في غرفة ذهبية' يُعد 'الدارشان (اللقاء الروحي)' مع رادهي ما لحظة منشودة لدى الكثيرين، وقد كنت شاهدة على أحد هذه اللقاءات، الذي أُقيم عند منتصف الليل في منزل خاص في دلهي.من بين مئات المريدين، حضر رجال أعمال بارزون وعائلة ضابط شرطة بارز، جاءوا جميعا من أماكن بعيدة خصيصاً لرؤيتها.حضرت هناك بصفتي صحفية، أراقب وأسجّل ما يحدث، لكن قيل لي قبل كل شيء لابد أن أتلقى بركاتها، وسرعان ما وجدت نفسي مندفعة إلى مقدمة طابور طويل، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تلقيت توجيهات دقيقة حول كيفية أداء الصلاة، وتحذيرات من أن أي خطأ فيها قد يجلب الضرر لعائلتي.في تلك الغرفة التي تزينت بالأحمر والذهبي، وهما اللونان المفضلان لدى رادهي ما، كانت نظراتها تفرض هيمنتها على كل شيء.رأيتها في لحظة تغمرها السعادة، وفي اللحظة أخرى اجتاحها الغضب، إنه غضب بدا وكأنه انتقل بطريقة غامضة إلى مريدتها، التي سرعان ما بدت كأنها أصيبت بحالة غياب عن الوعي، ثم خيّم الصمت على الغرفة بينما بدأت تلك المريدة تتلوى على الأرض.وبعد دقائق معدودة، وعقب تضرّع مريديها بأن تمنح لها الغفران، انطلقت نغمات أغنية هندية شهيرة، وبدأت ترقص، في إشارة إلى عودة النظام والهدوء، ثم بدأ طابور المريدين يتحرك من جديد.بلوغ مقام 'المعبودة' تنحدر أصول رادهي ما إلى ولاية البنجاب الواقعة في شمال الهند.وُلدت باسم سوخوايندر كور في أسرة متوسطة الحال داخل قرية متواضعة، وتزعم أنها حصلت على قوى إلهية بعد تلقيها تعويذة من أحد المعلمين الروحيين.وتقول شقيقتها راجيندر كور: 'في الوقت الذي كان يحلم الأطفال بأن يصبحوا طيارين أو أطباء، كانت رادهي ما تطرح دائماً سؤالاً: 'من أنا؟' لذلك، اصطحبها والدنا إلى معلم روحي معروف، فأعلن أنها إلهة متجسدة في هيئة إنسان'.وتُشرف شقيقتها على معبد صغير مكوّن من غرفة واحدة يحمل اسم رادهي ما، وهو معبد شيّده زوجها، موهان سينغ، من مدخراته التي جمعها خلال عمله في الخارج.وتضيف كور: 'نحن نناديه بـ 'بابا'، فبما أنها أمنا، فهو أبونا'.وحين بلغت رادهي ما العشرين من عمرها، وأثناء وجود زوجها في الخارج، أوكلت رعاية ابنيها إلى شقيقتها، وبدأت تمضي حياتها في بيوت مريديها، الذين كان أغلبهم من رجال الأعمال.جابت المدن واحدة تلو الأخرى، حتى انتهى بها المطاف في مومباي، القلب النابض للاقتصاد الهندي، وهناك أمضت ما يزيد على عشر سنوات تحظى برعاية أحد رجال الأعمال، قبل أن تعود أخيراً إلى عائلتها.ويعد المريديون الذين حظيت منازلهم…..لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر 'إقرأ على الموقع الرسمي' أدناه


البشاير
٢٠-٠١-٢٠٢٥
- البشاير
الدكتورة خديجة حمودة : ولنجوم السماء حديث
ما إن بزغ أول فجر من أيام العام الجديد حتى توالت الأحداث القاسية والعنيفة علينا وأدخلتنا في دوامة من الفزع والخوف واستمرت شاشات التلفاز تنقسم إلى أكثر من جزء في وقت واحد وكأنها تطارد الأخبار وعواجلها، وأصوات المراسلين تتنافس وتعلو في محاولات للتغطية على هدير الطائرات وصافرات الإنذار وأصوات عربات الإطفاء والإسعاف. وتمتلئ الشاشات بعواجل ساخرة تضحك وتبكي بعد أن تقرر السلطات الأمريكية إخراج 1000 سجين ليتعاونوا مع رجال الإنقاذ في محاولات مضنية وفاشلة للسيطرة على تلك الحرائق التي التهمت مدينة الأغنياء والفن والمال في أمريكا، والتي ستصنّف دون أدنى شك بـ«حريق القرن». وفي الجانب الآخر من العالم ووسط مدينة الصلاة وإحدى القِبلتين، تستمر المطاردات والتهجير والقتل والبحث عن أماكن لإقامة مدافن جديدة واستمرار التمني لهدنة ولو لساعات والسلام لأيام وتوقيع الاتفاق الذي أصبح من الأحلام والذي سيعيد الغائبين إلى أحضان الأمهات والزوجات والأبناء، ربما تغير تلك العودة المستقبل وتبدل الواقع الذي يعيشه من بقي منهم على قيد الحياة. ووسط هذه الفوضى العالمية التي لم ولن تجد من يعيد ترتيبها وتنسيقها ظهرت أحاديث نجوم السماء، تلك التنبؤات التي يعيش معها فئة من الرومانسيين الحالمين الذين يهربون أحيانا من ألم وقسوة الأيام إليها، حيث يبحثون عن عودة الغائب ونجاح المتعثر وإيجاد عمل لمن فشل في ذلك، وسعادة زوجية وقصة حب تنعش القلب وتدغدغ المشاعر، فتتحول الحياة إلى جنة صغيرة حتى لو كانت في الأحلام. ولهؤلاء انتشرت صور المنجمين من جميع دول العالم ومن جنسيات مختلفة وطبقات متفاوتة، وطرق تنجيم تتباين وتتنوع ما بين قراءة وتحليل الأحداث وأخرى حسابات رقمية وثالثة تعود بنا إلى عصر البلورة المسحورة في مشاهد كوميدية، إلا أنها ترضي رغبات المتلهفين على النجاح والسعادة. ووسط هذا المشهد يظهر من جديد تحت الأضواء الطبيب والعراف الفرنسي الشهير ميشيل دى نوستراداموس الذى ولد في 14 ديسمبر 1503 بمدينة سان ريمي بفرنسا وبدأ حياته بصفته طبيبا متخصصا في مكافحة الطاعون إذ اكتسب شهرة لعلاجاته الطبية المبتكرة في أثناء تفشي الطاعون في أيكس وليون بين عامي 1546 و1547. لكنه تحول لاحقا إلى دراسة النجوم والكواكب وتأثيراتها، ما قاده إلى صياغة نبوءاته الشهيرة التي طرحها في كتاب النبوءات وهي مجموعة من التنبؤات التي زعم وقتها أنّها تمتد لقرون مقبلة. وقد شكك البعض في كتاباته بسبب أسلوبه الغامض المملوء بالرموز، حيث لم ينجح في التوصل إلى نوع من التقويم الدقيق للأحداث القادمة بل إنّ التنبؤات المنسوبة إليه هي مجرد تفسيرات لنصوص مجموعة من القصائد التي كتبها في كتابه الصادر عام 1555 بعنوان قرون (centuries). وبينما يوحي المنطق بأنّ مزاعم نوستراداموس يمكن أن تنطبق على أي شيء تقريبا إلا أن الكثيرين يصدقون أنّ هناك ارتباطات بين تنبؤاته والأحداث التاريخية الكبرى، فقد حددها وقال «بعد مشقة كبيرة للبشرية سيواجه العالم مشكلة أخرى أخطر، المطر والدم والحليب والمجاعة»، كما كتب عن الشباب «الزومبي» وأضاف «سيموت الآباء والأمهات من أحزان لا حصر لها، نساء في حداد ووحش موبوء» وحذر أيضا «سنرى الماء يتصاعد والأرض تسقط من تحته»، وقد فسر البعض ذلك بأنه يعني تغير المناخ الذى سيصبح أمرا غير محتمل، حيث سترتفع مستويات سطح البحر في مواجهة ارتفاع درجة حرارة الكوكب الذى يتسبب في ذوبان القمم الجليدية القطبية. وعلى جانب آخر فإنّ هذا الكتاب الذي انتهى منه المؤلف قبل أكثر من 450 عاما ينتشر على رفوف المكتبات في جميع دول العالم الغربي والعربي حيث ترجم لعدة لغات، ويتهافت محبو التنجيم والتنبؤات على شرائه، كما يشارك في معارض الكتاب العالمية لما له من قبول لدى الجماهير. ويقول المعجبون بهذا العراف الفرنسي إنه برغم اللغط الكبير حول توقعاته ومدى صحتها وإلى أي شيء تستند، فإنه قد تنبأ بأحداث محورية في العالم تحقق بعضها بالفعل، بما في ذلك صعود أدولف هتلر للحكم السياسي في ألمانيا ومأساة القنبلة الذرية على هيروشيما وناجازاكى. وكذلك اغتيال الرئيس الأمريكي چون كينيدي وظهور جائحة كورونا، وهو ما يضع تركيزا قويا على توقعات النجوم للعام الجديد ربما خوفا وقلقا وتشاؤما أو تفاؤلا وتمنيا. والآن لا نملك إلا أن ندعو أن يكون حديث النجوم لنا حول هذا العام هادئا سعيدا يحمل بين حروفه رائحة ولون الورد والياسمين.