logo
لو سمعوا من ديفيد هيل... ما الذي كان يمكن تجنّبه؟

لو سمعوا من ديفيد هيل... ما الذي كان يمكن تجنّبه؟

الجمهورية١٠-٠٤-٢٠٢٥

كانت المعارك العسكرية في ربيع العام الماضي قد بلغت أشدّها في قطاع غزة، وارتفع عدّاد الشهداء والجرحى والمعوقين بطريقة مذهلة، دفعت بكثير من التحرّكات الشعبية الرافضة في أكثر من عاصمة اوروبية وغربية ومعها الانتفاضة الطلابية في الجامعات الأميركية، ما شكّل توجّهاً دولياً لا يدين الحكومة الإسرائيلية فحسب، إنما طاول الإدارة الأميركية بكل أدواتها الديبلوماسية والعسكرية التي تزودها الأسلحة وتسترت على حصيلة المجازر الكبرى التي ارتُكبت عن سابق تصور وتصميم في أكثر من مدن قطاع غزة ومخيماته، وشمولها المؤسسات الطبية والتربوية والإنسانية ومراكز وكالة «الاونروا»، مترافقة مع حماوة ملحوظة على الساحة اللبنانية بعد فشل المحاولات الغربية عموماً، والأميركية خصوصاً، التي جرت للفصل النهائي بين الحربين، بحيث أنّ تراجع «حزب الله» عن «حرب الإسناد» ووضع حدّ لها، يمكن أن تجنّب لبنان ويلات لا يمكن تقديرها منذ تلك اللحظات.
يومها كانت الاقتراحات التي نقلها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى المسؤولين اللبنانيين، قد تطورت إلى حدّ بعيد، بحيث اعتبر انّ أي قرار من هذا النوع يشكّل انجازاً كبيراً، ليس للإدارة الأميركية فحسب إنما من أجل اللبنانيين في حياتهم اليومية واقتصادهم والخدمات التي تنقصهم على انواعها، كما بالنسبة إلى المقيمين على ارضه، وسيوفر أجواء لم يعرفها الوطن الصغير من قبل، عند الخروج من نفق الأزمات المتناسلة على انواعها. وكان هوكشتاين يصرّ في لقاءاته مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي حظي بلقب «الأخ الاكبر» لدى «حزب الله» على مجموعة الإغراءات الاقتصادية والمالية والأمنية والعسكرية لتجنّب الأسوأ، نظراً إلى ما كان يترقّبه من تفلّت إسرائيلي نهاية الصيف، متى دخلت بلاده مدار الانتخابات الرئاسية، بحيث انّ بنيامين نتنياهو قد خرج عن الضوابط التي رسمها الرئيس جو بايدن وإدارته، واقترب أوان رحيلها عن البيت الأبيض والكابيتول والبنتاغون.
ولمّا تردّدت يومها العبارة الشهيرة على لسان هوكشتاين في الأوساط السياسية والديبلوماسية اللبنانية، انّ «هناك مجنوناً في تل أبيب من آل نتنياهو ومعه مجموعة أخرى تعشق دمار الآلة العسكرية»، كان السفير الأميركي السابق في لبنان ديفيد هيل يوزع نصائحه على المسؤولين في الإدارة الاميركية، وخصوصاً في أوساط وزارة الخارجية التي يعرف مخارجها ومداخلها، ومعه في لجان الكونغرس، على أمل ان تصل نصائحه إلى تل ابيب، مركّزاً على ما معناه «انّ ما يجري في غزة ولبنان حرام، وانّ في الإمكان توفير كلفة تلك الترسانة العسكرية وما يمكن ان يؤدي إليه الإفراط في استخدامها من ضحايا أبرياء بين المدنيين، وقد اهتزت مشاعر الناس في كل أصقاع العالم». نافياً وجود من يحرّض طلاب الجامعات الأميركية وفي عواصم العالم «لأنّه وبمجرد مراقبة الأحداث ستتحرك المشاعر الإنسانية وطلابنا منهم».
وإلى تلك التسريبات التي أُطلقت في حينه على مسامع المسؤولين الأميركيين واللبنانيين والموفدين الدوليين، كان لهيل محاضرة استثنائية في «مركز نيلسون» على خلفية كونه خبيراً في شؤون المنطقة. فهو الذي عمل في السفارة الأميركية في بيروت كمسؤول سياسي، ثمّ نائباً لرئيس البعثة، ثمّ كسفير للولايات المتحدة على مدى 27 عاماً، قال فيها: «إن النزاع المتصاعد حالياً بين إسرائيل و»حزب الله» يتبع نمطاً مألوفاً، وإمكانية تنبّؤ مرهقة، على الأقلّ بالنسبة إلى أولئك الذين يدرسون أنماط الماضي الوحشي»، مبشّراً بالوصول إلى «مأساة حقيقية» تشبه ما انتهت إليه «مأساة يونانية قديمة». مضيفاً في توصيفه لأطراف الحرب: «رأينا جميعاً المسرحية ونعرف الممثّلين ودوافعهم ونقاط قوّتهم وضعفهم. كما رأينا أيضاً كيف تنتهي هذه القصّة المؤلمة». وتوجّه إلى الاميركيين والاسرائيليين معاً بقوله «إنّ هناك طريقة لتجنّب حرب شاملة بين إسرائيل ولبنان»، لكن ذلك يتطلّب «فهماً لعمق الأزمة، وأنّ عليهما أن يغّلبا الواقعية والمثابرة والاعتراف بأنّ العدوّ الاستراتيجي موجود في طهران لا بيروت». وفي لمحة تاريخية للنزاع مع إسرائيل إنطلاقاً من الأراضي اللبنانية قال هيل: «منذ حرب حزيران 1967، استخدمت الجهات الفاعلة غير الحكومية، أوّلاً المقاتلين الفلسطينيين، ولاحقاً «حزب الله»، المنطقة شبه الخالية من الدولة في جنوب لبنان، لشنّ حملات دوريّة من الحرب غير المتكافئة والإرهاب على إسرائيل وبشكل منتظم مماثل، ردّت إسرائيل على هذا الوضع الذي لا يُطاق بقوّتها العسكرية، حتى بحملات كبرى في الأعوام 1978، و1982-1984، و2006. لكنّ كلّ هذه الحملات وحتى الاحتلال الإسرائيلي الذي دام جيلاً كاملاً 'للمنطقة الأمنيّة' في جنوب لبنان، ثمّ التخلّي عنها من جانب واحد في عام 2000، لم يتحقّق لها الأمن».
وبما يشبه تعليقاً لهيل على ما يجري اليوم من حوار أميركي ـ إيراني في سلطنة عمان بعد مسلسل حروب غزة ولبنان وسوريا واليمن والعراق، قال في محاضرته: «ما دامت إسرائيل وأميركا وغيرهما يركّزون على الوكلاء وليس على رعاة النزاع، فإنّ دورات العنف هذه لن تنتهي أبداً. فالعدوّ الاستراتيجي موجود في طهران، وليس في بيروت». وهو شجّع منذ تلك اللحظة إلى نوع من الحوار الأميركي - الإيراني المطلوب، كاشفاً عمّا سمّاه «التواصل الديبلوماسي المباشر بين المسؤولين الأميركيين والإيرانيين الجاري في الاتّجاه الصحيح، اعتماداً على ما يُقال». واستنتج في نهاية العرض ما يعكس أحداث اليوم بقوله: «عندما يشعر القادة الإيرانيون، وليس فقط وكلاؤهم العرب ووقود المدافع، بالألم، فمن المرجّح أن نشهد إعادة تقويم حقيقية في طهران تؤثّر على سلوك الحزب. إنّ تنفيذ العقوبات، وحظر تصدير الأسلحة، والضغط العسكري على الأصول الإيرانية المتمركزة خارج إيران هي نقاط البداية».
وعليه، هل هي البداية التي ستنطلق من السلطنة بعد غد لتنسحب ايجابياتها حيث ما انتشرت الأذرع الإيرانية؟ فهل يتعظون لتبدأ الجردة بما كان يمكن تجنّبه من نكبات وكوارث؟.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعد الإساءة إلى سلام... بيان توضيحيّ من حزب الله
بعد الإساءة إلى سلام... بيان توضيحيّ من حزب الله

المدن

timeمنذ 17 دقائق

  • المدن

بعد الإساءة إلى سلام... بيان توضيحيّ من حزب الله

شهد ملعب مدينة كميل شمعون الرياضيّة في بيروت، عصر اليوم الجمعة، حضورًا سياسيًّا بارزًا خلال مباراة كرة القدم بين فريقي الأنصار والنجمة، والّتي تُعدّ من أكثر المباريات شعبيةً في الدوري اللّبنانيّ. وتقدّم الحضور الرسميّ رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، ترافقه وزيرة الشباب والرياضة نوار بيرقداريان، إلى جانب رئيس الاتحاد اللّبنانيّ لكرة القدم هاشم حيدر، في إشارة واضحة إلى حرص الحكومة الجديدة على الانخراط في الحياة الرياضيّة ودعم الرياضة اللبنانيّة. إلّا أنّ الأجواء الرياضيّة لم تخلُ من التوتر السّياسيّ، حيث رُفعت في مدرجات الملعب أعلام "حزب الله"، كما هتف بعض المشجعين بعبارات لافتة موجّهة لرئيس الحكومة، من بينها: "يا نواف اسمعنا منيح، يا الله باسم الله حسن نصر الله". وفي هذا السّياق، أصدرت العلاقات الإعلاميّة في حزب الله بيانًا أعربت فيه عن رفضها واستنكارها الشديدين للهتافات الّتي وُجّهت ضدّ رئيس الحكومة نواف سلام. واعتبر البيان أنّ "مثل هذه التصرفات تتنافى مع القيم الوطنيّة والأخلاق الرياضيّة، ولا تخدم الاستقرار والوحدة الوطنيّة الّتي يحتاجها لبنان في ظلّ الظروف الراهنة". وأضاف البيان: "ندعو جميع اللبنانيين إلى التحلي بأعلى درجات المسؤولية الوطنيّة وعدم الانجرار خلف شعاراتٍ مستفزة ومسيئة، لا تؤدي إلّا إلى مزيدٍ من التوتر والانقسام، لا سيّما في هذه المرحلة الدقيقة الّتي تستمر فيها الاعتداءات الإسرائيليّة على بلدنا لبنان".

عشية الانتخابات البلدية: بلدة جنوبية خارج توافق "الثنائي"
عشية الانتخابات البلدية: بلدة جنوبية خارج توافق "الثنائي"

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 27 دقائق

  • القناة الثالثة والعشرون

عشية الانتخابات البلدية: بلدة جنوبية خارج توافق "الثنائي"

شب خلاف سياسي بين قيادتي حركة أمل وحزب الله في بلدة كفرا الجنوبية – قضاء بنت جبيل، على خلفية انتخابات المجلس البلدي، على الرغم من تحالفهما في القرى الأخرى والتي معظمها انتهت فيها الانتخابات البلدية بالتزكية. وبحسب المعلومات ، فإن التفاهم المسبق بين الجانبين في بلدة كفرا نصّ على مبدأ المداورة في رئاسة البلدية خلال السنوات الست المقبلة، بحيث يتناوب ممثل عن كل من الحزبين على رئاسة المجلس البلدي، غير أن مسؤول "حزب الله" في البلدة، أخلّ بهذا الاتفاق، من خلال تشكيل لائحة تضم غالبية المرشحين المحسوبين على الحزب، ورفض مبدأ المداورة بشكل قاطع. وردًّا على هذا الخرق، قررت حركة "أمل" سحب مرشّحيها من المعركة الانتخابية، ما يعني عمليًا انسحابها من السباق البلدي في البلدة وترك الميدان لمرشحي "حزب الله". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

معركة صيدا: الاختبار الأخير للشارع السنّي قبل الانتخابات النيابيّة 2026 بعد بيروت وصيدا اليوم... المخزومي يفشل في فرض نفسه مرجعيّة سنيّة بديلة
معركة صيدا: الاختبار الأخير للشارع السنّي قبل الانتخابات النيابيّة 2026 بعد بيروت وصيدا اليوم... المخزومي يفشل في فرض نفسه مرجعيّة سنيّة بديلة

الديار

timeمنذ 34 دقائق

  • الديار

معركة صيدا: الاختبار الأخير للشارع السنّي قبل الانتخابات النيابيّة 2026 بعد بيروت وصيدا اليوم... المخزومي يفشل في فرض نفسه مرجعيّة سنيّة بديلة

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب رغم الإعلان الواضح والصريح للرئيس سعد الحريري بأنه وتيار المستقبل والحزبيين في حزبه انهم لم يخوضوا الانتخابات البلدية والاختيارية ترشيحًا واقتراعًا مع ترك حرية القرار للناخبين المقربين، فان المعطيات والوقائع أكدت على الارض ان ماكينات المستقبل في بيروت وصيدا، خاضت "معركة شرسة"، لإسقاط واضعاف خصوم الرئيس سعد الحريري ومحاولة وراثته على بعد سنة وبضعة اشهر عن انتخابات ربيع 2026 النيابية. وتؤكد اوساط سنية متابعة لما جرى في بيروت لـ "الديار"، ان القوى السنية ذات توجه المشاريع الخيرية الاسلامية (الاحباش)، حصلت على 6 مخاتير ومقعدين في البلدية. والجماعة الاسلامية حافظت على وجودها السني البيروتي عبر 4 مقاعد اختيارية. اما النائب فؤاد مخزومي، فتقول الاوساط نفسها ان مخزومي فشل مرة جديدة كما في العام 2018 والعام 2022 في تقديم نفسه كمرجعية سنية بيروتية تقرر وتشكل اللوائح وتربح الاستحقاقات الانتخابية، اكان في النيابة في العام 2022 ، حيث كان يمني مخزومي نفسه بحاصل نيابي ثان، اتت النتائج ليفوز وحيداً وبشق النفس. اما في انتخابات بيروت الاخيرة، فإنه "اقنع" الجميع بأنه سيشكل الثقل السني للائحة، فأتت النتائج مخيبة للامال بعدما تبين انه "اقتنص" رئاسة البلدية بالفي صوت جيرها للائحة مقابل 10 الاف كان وعد بها حلفاؤه السنة على لائحة " بيروت تجمعنا". اما في صيدا والتي تخاض فيها اليوم معركة شرسة بين 4 لوائح مكتملة واخرى غير مكتملة، يتردد في صيدا ووفق معلومات لـ "الديار"، ان مخزومي يدعم "تحت الطاولة" لائحة "صيدا بدا ونحنا قدا" برئاسة الصيدلي عمر محمد مرجان، والمدعومة من عائلات والمجتمع المدني ويدعمها النائب عبد الرحمن البزري. في المقابل، تنفي اوساط بيروتية سنية ان يكون لمخزومي القدرة على دعم لائحة البزري- مرجان وان ليس لديه اصواتا سنية في صيدا. وبين التأكيد والنفي، تلفت الاوساط السنية والمعنية بالبيت السني الى ان على خصوم الحريري والمحاولين "وراثته"، ان يراجعوا حساباتهم وان يعيدوا ترتيب اوراقهم. فلا يعني ضعف "المستقبل" وتراجعه شعبيا بابتعاده عن السلطة والحكومة والبرلمان وبالتالي انعدام قدرته على تقديم خدمات ومنافع لجمهوره من "كيس مؤسسات الدولة" بعد خروجه من "جنة السلطة"، انتهاءه وانعدام وجوده في الشارع السني في صيدا وبيروت، ولا سيما انه لا يزال ممسكًا بمفاتيح شعبية واختيارية ومناطقية، وهذا طبيعي في ظل وجوده في السلطة عبر الحريري الاب منذ العام 1992. وترى الاوساط ان احد الطامحين الكبار لوراثة الحريري، هو المخزومي نفسه الذي لم يستطع تسويق نفسه كمرجع سني بيروتي، لا شعبيا ولا عند السعودية، ولا حتى عند الاميركيين. كما لم ينجح في تسويق نفسه كمرشح "للممانعة" حيث كان يرى حزب الله في سعد الحريري المرشح السني الطبيعي والوسطي الذي يمكن التفاهم معه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store