
الدكتور بنطلحة الدكالي يكتب: في معنى السيادة
د. محمد بنطلحة الدكالي أستاذ علم السياسة والسياسات العامة بجامعة القاضي عياض بمراكش
في مشهد غرائبي يتسم بالتناقض، خرج رئيس أركان الجيش الجزائري سعيد شنقريحة ليحاضرنا بلغة خشبية عن معنى السيادة وعدم التدخل في شؤون الدول في إطار 'الرؤية الإستراتيجية الحكيمة' للرئيس عبد المجيد تبون،كما يدعون.
الخطبة العصماء ليست بريئة، حيث إنها أتت في وقت أعلن فيه تحالف دول الساحل (مالي، بوركينا فاصو والنيجر) قطع العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر بحجة دعم النظام العسكري الجزائري للجماعات المسلحة الإرهابية التي تهدد الأمن والاستقرار بالمنطقة، ناهيك عما تفعله الجزائر بكل دول الجوار، وهي في ذلك لاتراعي دما أو تاريخا أو جوارا.
هكذا وفي ظل عزلة دبلوماسية متفاقمة،حدثنا فقيه زمانه دون حياء أو خجل عن معنى 'الاستقرار' و'السيادة'…! لقد تماهى شنقريحة في خطابه،حتى خلنا أننا نحلم…!
لكن وأنت في أوج حماسك أيها القائد،حري بنا أن نذكرك أن مفهوم السيادة يمثل أحد المبادئ الرئيسية التي يقوم عليها النظام الدولي، وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بنشأة الدولة الحديثة. إنه يتجلى في حرية الدولة في تصريف شؤونها الداخلية وتنظيم حكومتها ومرافقها العامة فضلا عن حقها في فرض سلطانها على كل ما يوجد على إقليمها من أفراد أو أشياء، كما أن للدولة الحق في التعامل مع الدول الأخرى دونما خضوع في ذلك لأي سلطة دولية، مع ضرورة قيام العلاقات بين تلك الدول على أساس المساواة في السيادة، والتي هي غير قابلة للتجزئة داخل الدولة الواحدة، حيث لكل دولة شخصيتها الدولية.
إن صيرورة مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مبدأ قانوني عام، وقد تضمن ذلك في نصوص المادة الثانية من الفقرة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة، ومن ناحية أخرى حرصت الأمم المتحدة منذ إنشاءها عام 1945على تأكيد مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء.
إن السيادة تشكل أحد الأركان الأساسية لمفهوم الدولة الوطنية، حيث من خلالها يتجسد واقعيا الوجود القانوني والسياسي للدولة كعضو في المجتمع الدولي، كما يتجسد أيضا بموجبها الاستقلال الوطني، وهي تمثل ما للدولة من سلطان تواجه به الأفراد داخل إقليمها أي أن سلطة الدولة في الداخل والخارج لا تعلوها أي سلطة وهي لا تتجزأ ولا تقبل التصرف.
إنها كما عرفها بودان 'السلطة العليا على المواطنين والرعايا' كما أن تصريف محكمة العدل الدولية في قضية مضيق 'كورفو' سنة 1949 يسير في هذا الاتجاه، السيادة بحكم الضرورة هي ولاية الدولة في حدود إقليمها ولاية انفرادية ومطلقة وأن احترام السيادة الإقليمية في ما بين الدول المستقلة يعد أساسا جوهريا من أسس العلاقات الدولية.
لقد تعرض مفهوم السيادة لعدة تأويلات عبر التاريخ وصلت إلى حد الإساءة في استخدامها لتبرير الفوضى الدولية حيث تهدف بعض الدول إلى المساس بسلامة التراب الوطني لدولة مجاورة وضرب الوحدة الوطنية عبر كيانات انفصالية مدعية أن ذلك يدخل في إطار تثبيت دعائم سيادتها وأمنها القومي وتوازنها الاستراتيجي.
إن ذلك يتمثل كما يشير Harry Gelber في توخي بعض الدول تدبير أمورها في إطار علاقتها بالدول الأخرى على النحو الذي يكفل لها Capacity to manage حماية مصالحها، وهي بذلك تخضع مفهوم السيادة لازدواجية الرؤى والمعايير وفقا لرغباتها ومصالحها.
التطبيق الأبرز على ذلك في الواقع العربي والإفريقي يتجسد في دولة الجزائر التي تحلم بالهيمنة إقليميا على منطقة شمال إفريقيا حيث تحرك أجندتها وفق شعارها المزعوم «تقرير المصير»، وهي بذلك تتجاوز المرجعيات والضوابط التي يسنها القانون الدولي في احترام سيادة الدول وحسن الجوار.
ترى إلى أي مدى تستطيعون الالتزام باحترام القوانين والأعراف الدولية،أم أن كلام الليل يمحوه النهار….

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أريفينو.نت
منذ 7 ساعات
- أريفينو.نت
الجزائر تستعين بثعلب امريكي عجوز لمهاجمة المغرب؟
أريفينو.نت/خاص عاد جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق في إدارة دونالد ترامب، لإثارة الجدل حول قضية الصحراء المغربية، معبراً عن دعم واضح لجبهة البوليساريو في وقت تواجه فيه الأخيرة تراجعاً دبلوماسياً ملحوظاً. ففي مقال رأي ذي توجه واضح، دعا بولتون إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية، منتقداً بشدة الانحياز الأمريكي للمواقف المغربية، ومحذراً من خطر تغلغل روسي-صيني في إفريقيا. ويأتي هذا الموقف متناغماً مع الطروحات الجزائرية، في الوقت الذي يسعى فيه بعض النواب الأمريكيين لإدراج البوليساريو على القائمة السوداء للإرهاب. ورقة 'النفوذ الصيني والروسي': كيف يحاول بولتون تسويق دعم البوليساريو لإدارة ترامب؟ في محاولة لافتة لتبرير دعوته إدارة ترامب (في حال فوزه بالرئاسة) لدعم مطالب البوليساريو، لوّح بولتون بخطر 'النفوذ المتزايد للصين وروسيا' في غرب إفريقيا، محذراً من أن هذا النفوذ قد يتعاظم إذا استمرت الولايات المتحدة في دعم المواقف المغربية. وفي دفاعه، يتمسك جون بولتون بالماضي، مذكراً بقرار مجلس الأمن رقم 690، الذي أنشأ بعثة المينورسو عام 1991 بدعم من الولايات المتحدة. ولا يختلف هذا النهج كثيراً عن مواقف الجزائر والبوليساريو، اللتين تطالبان باستفتاء تقرير المصير في الصحراء وتطبيق خطة التسوية الإفريقية. ذاكرة بولتون 'الانتقائية': تجاهل متعمد لواقع تاريخي حسمته الأمم المتحدة! ومع ذلك، فإن خيار الاستفتاء قد استبعدته الأمم المتحدة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، خلال ولاية الأمين العام السابق كوفي عنان، الذي أنهى مهام اللجنة المكلفة بتحديد الأشخاص المؤهلين للمشاركة في مشروع الاستفتاء. وفي مقاله، أغفل جون بولتون ذكر هذه الحقيقة التاريخية، على الرغم من أنه كان الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة من عام 2005 إلى 2006، في عهد الرئيس جورج دبليو بوش. بولتون 'محامي البوليساريو': نفي لعلاقة إيران بالانفصاليين وتجاهل لإرهاب 'الصحراوي'! بعد انتقاده لما وصفه بـ 'العقبات المغربية' أمام تنظيم الاستفتاء، نصب بولتون نفسه مدافعاً عن شرف البوليساريو. وقال: 'يروج معارضو البوليساريو لدعاية جديدة، زاعمين دون دليل أن البوليساريو تحت نفوذ إيران. قد يهدف هذا التضليل الإعلامي إلى صرف انتباه الولايات المتحدة عن العرقلة المغربية لإجراء الاستفتاء، وذلك منذ عقود'. وأضاف: 'لقد ذهب معارضو الصحراويين إلى حد الادعاء بأن مقاتلين من البوليساريو كانوا جزءاً من الميليشيات الأجنبية التي شكلتها إيران في سوريا تحت نظام الأسد، الذي سقط الآن'. وتابع بولتون في دفاعه: 'تفيد صحيفة واشنطن بوست ومنشورات أخرى بأن الحكومة السورية الجديدة والبوليساريو نفتا بشكل قاطع هذه الادعاءات، لكن حلفاء المغرب الغربيين يواصلون نشرها. وربما بتأثير من هذه الدعاية المعادية للصحراويين، تم تقديم مشروع قانون في مجلس النواب لتصنيف البوليساريو كجماعة إرهابية'، من قبل النائب الجمهوري جو ويلسون. وادعى بولتون أن 'الصحراويين لم يستسلموا قط للتطرف الذي اجتاح الشرق الأوسط بعد الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979. والتأكيدات بأن الصحراويين عرضة للدعاية الشيعية التي تتخذ من طهران مقراً لها تتناقض مع الوجود الطويل الأمد في المخيمات لمنظمات دينية وغير حكومية أمريكية تقدم خدمات تعليمية'. وجدير بالذكر أن الولايات المتحدة كانت قد أعلنت، في أكتوبر 2019، عن مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تسمح بالتعرف على عدنان أبو وليد الصحراوي أو تحديد مكانه، وهو عضو سابق في البوليساريو تحول إلى الإرهاب في منطقة الساحل تحت راية تنظيم داعش. كما ذكّر روبرت غرينواي، مدير مركز أليسون للأمن القومي في مؤسسة هيريتيج، وهي مؤسسة مؤثرة داخل الحزب الجمهوري، الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي بأن البوليساريو قتلت خمسة مواطنين أمريكيين عام 1988. وكان جون بولتون قد انتقد، في مقال رأي سابق، اعتراف الرئيس ترامب في 10 ديسمبر 2020 بمغربية الصحراء. إقرأ ايضاً


المغرب اليوم
منذ 9 ساعات
- المغرب اليوم
ماكرون يصف الاعتراف بدولة فلسطين بالمطلب السياسي ويدعو أوروبا لتشديد الضغط على إسرائيل وتحذير من عقوبات إذا لم تتحسن الأوضاع في غزة
اعتبر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون ، الجمعة، أن الاعتراف ب دولة فلسطينية ليس "مجرد واجب أخلاقي، بل مطلب سياسي" معددا بعض الشروط من أجل القيام بذلك.كما أكد ماكرون، خلال مؤتمر صحافي في سنغافورة، أن على الأوروبيين "تشديد الموقف الجماعي" حيال إسرائيل "في حال لم تقدم ردا بمستوى الوضع الإنساني خلال الساعات والأيام المقبلة" في قطاع غزة. وفي هذه الحال، رأى أن على الاتحاد الأوروبي "تطبيق تنظيماته" أي "وضع حد لآليات تفترض احترام حقوق الإنسان، وهي ليست الحال اليوم، وفرض عقوبات"، في إشارة إلى اتفاق الشراكة بين الدول الـ27 وإسرائيل والذي يعتزم التكتل مراجعته. وتابع: "إذاً نعم، علينا تشديد موقفنا لأن هذه ضرورة اليوم، لكن ما زال لدي أمل في أن حكومة إسرائيل ستلين موقفها وسيكون هناك أخيرا استجابة إنسانية". وتترأس فرنسا مع السعودية بين 17 و30 يونيو (حزيران) مؤتمرا دوليا حول حل الدولتين يعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. ورأى ماكرون أن "قيام دولة فلسطينية" بشروط ليس "مجرد واجب أخلاقي، بل مطلب سياسي"، من دون أن يوضح ما إذا كان سيعترف بدولة فلسطينية. وعدّد الشروط لذلك، فذكر "إطلاق سراح الرهائن" المحتجزين في قطاع غزة منذ هجوم حماس على جنوب إسرائيل ما أشعل الحرب في قطاع غزة، و"نزع سلاح" حركة حماس و"عدم مشاركتها" في حكم الدولة الفلسطينية المزمعة، واعتراف الدولة الفلسطينية بإسرائيل وبـ"حقها في العيش بأمان" و"إقامة بناء أمني في المنطقة برمتها". وأضاف في إشارة إلى المؤتمر "هذا ما سنحاول تكريسه من خلال لحظة مهمة في 18 يونيو معا". "حوار شانغريلا" ويتواجد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث بين قادة العالم والدبلوماسيين وكبار مسؤولي الدفاع في سنغافورة نهاية هذا الأسبوع للمشاركة في منتدى أمني سيركز على تزايد نفوذ الصين، والتأثير العالمي للحرب الروسية على أوكرانيا، واشتعال الصراعات في آسيا. ويفتتح ماكرون منتدى "حوار شانغريلا" الأمني بكلمة رئيسية، مساء اليوم الجمعة، حيث من المتوقع أن يجري تناول كل هذه القضايا، بالإضافة إلى الضغط الذي تفرضه الرسوم الجمركية الباهظة التي أعلنتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الحلفاء الآسيويين. يشار إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها هيغسيث في "حوار شانغريلا"، الذي يستضيفه المعهد الدولي للدراسات الأمنية، والذي يقام على خلفية تصاعد حدة الخطاب بين بكين وواشنطن بسبب تهديد إدارة ترامب بفرض رسوم جمركية ثلاثية الأرقام على الصين، وبعض عدم اليقين في المنطقة بشأن مدى التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن تايوان، التي تواجه أيضا رسوما جمركية أميركية محتملة بنسبة 32%. إيمانويل ماكرون يؤكد أن التعاون الفرنسي المغربي يحرز تقدمًا سريعا


الأيام
منذ 11 ساعات
- الأيام
الفوضى تتفشى في غزة بينما ينتظر 'السكان اليائسون' وصول الطعام
EPA تسببت كمية الغذاء المحدودة التي وصلت إلى غزة بعد رفع الحصار الإسرائيلي جزئياً، في انتشار الفوضى، مع استمرار انتشار الجوع بين سكان القطاع. فقد اكتظت المخابز التي توزع الطعام بالحشود وأُجبرت على الإغلاق يوم الخميس، وفي الليل هاجم لصوص مسلحون قافلة مساعدات، ما أدى إلى تبادل إطلاق النار مع مسؤولي أمن حماس، الذين استهدفتهم غارة لطائرة إسرائيلية مُسيرة، بحسب شهود عيان. وتؤكد الحادثة التي وقعت في وسط غزة، ورواها شهود عيان وصحفيون محليون ومسؤولون من حماس لبي بي سي، على تدهور الوضع الأمني في غزة، حيث انهارت حكومة حماس وعمّت الفوضى. ووقعت الحادثة أثناء توجه قافلة مكونة من 20 شاحنة تحمل الدقيق من معبر كرم أبو سالم إلى مستودع تابع لبرنامج الغذاء العالمي في مدينة دير البلح، ودخلت القطاع بتنسيق من برنامج الغذاء العالمي. ورافق القافلة ستة عناصر من أمن حماس عندما تعرضت لكمين نصبه خمسة مسلحين مجهولين، أطلقوا النار على إطارات الشاحنة وحاولوا الاستيلاء على حمولتها. وقال شهود عيان لبي بي سي نيوز إن فريق التأمين التابع لحماس اشتبك مع المهاجمين في تبادل إطلاق نار قصير. وبعد وقت قصير من بدء الاشتباك، استهدفت طائرات إسرائيلية مُسيرة فريق حماس بأربعة صواريخ، ما أدى إلى مقتل ستة ضباط وإصابة آخرين. EPA وأصدرت حماس بياناً أدانت فيه الهجوم ووصفته بأنه "مجزرة مروعة"، متهمة إسرائيل باستهداف الأفراد المكلفين بحماية المساعدات الإنسانية عمداً. بينما رد الجيش الإسرائيلي ببيان قال فيه إن إحدى طائراته حددت هوية "عدد من المسلحين، من بينهم إرهابيون من حماس"، بالقرب من شاحنات مساعدات إنسانية في وسط غزة "وضربت المسلحين بعد التعرف عليهم". وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه سيبذل "كل الجهود الممكنة لضمان عدم وصول المساعدات الإنسانية إلى أيدي المنظمات الإرهابية". وسمحت إسرائيل بمرور كمية صغيرة من الغذاء إلى غزة هذا الأسبوع؛ حيث عبرت حوالي 130 شاحنة محملة بالمساعدات إلى داخل القطاع في الأيام الثلاثة الماضية، بعد أن رفع الجيش الإسرائيلي جزئياً الحصار المستمر منذ 11 أسبوعاً. وتقول الأمم المتحدة إن غزة تحتاج إلى ما بين 500 إلى 600 شاحنة من الإمدادات يومياً. وحذرت وكالات دولية، منها الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي، مرارا وتكرارا من أن انعدام الأمن المتزايد يعوق توصيل الإمدادات الغذائية والطبية التي يحتاجها السكان بشدة، ومعظمهم من النازحين داخل غزة. وتقول إسرائيل إن الحصار يهدف إلى الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة، كما اتهمت حماس أيضاً بسرقة الإمدادات، وهو ما نفته الحركة. وأكد برنامج الأغذية العالمي نهب 15 شاحنة مساعدات تابعة له مساء الخميس، قائلاً إن "الجوع واليأس والقلق حول إمكان وصول المساعدات الغذائية يساهم في تفاقم انعدام الأمن". ودعت المنظمة الدولية إسرائيل إلى المساعدة في ضمان المرور الآمن للإمدادات. وكتب فيليب لازاريني، رئيس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، على منصة إكس، أنه لا ينبغي أن "يتفاجأ" أحد "أو يشعر بالصدمة" من نهب المساعدات؛ لأن "أهل غزة يعانون الجوع والحرمان من الأساسيات مثل المياه والأدوية لأكثر من 11 أسبوعاً". وقبل دخول قافلة المساعدات يوم الخميس، تجمع فلسطينيون غاضبون وجائعون خارج المخابز في غزة، في محاولة يائسة للحصول على الخبز، لكن سرعان ما تحول الوضع إلى حالة من الفوضى، ما اضطر السلطات إلى وقف التوزيع. كما اضطرت معظم المخابز لتعليق عملياتها، مشيرة إلى انعدام الأمن. وأعرب العديد من السكان في مختلف أنحاء غزة عن شعورهم بالإحباط المتزايد، بسبب طريقة توزيع المساعدات، وانتقدوا برنامج الأغذية العالمي الذي يشرف على تسليم الأغذية. وطالب البعض بتوزيع الدقيق مباشرة على السكان بمعدل كيس واحد لكل أسرة، بدلاً من توزيعه على المخابز لإنتاج الخبز وتوزيعه على السكان. ويقول السكان المحليون إن توزيع الدقيق سوف يسمح للأسر بالخبز في المنازل أو في الخيام، ما سيكون "أكثر أماناً من الانتظار في مراكز المساعدات المزدحمة." EPA إمدادات محملة على منصات خشبية أثناء تحمليها على شاحنات انتظارات لإدخالها إلى القطاع كما تحدث فلسطينيون على الأرض عن انهيار الخدمات الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية، التي يواجهها من يعيشون وسط القتال أو أجبروا على ترك منازلهم، في ظل استمرار الجيش الإسرائيلي في تصعيد عملياته العسكرية ضد حماس. ومن داخل أحد مخيمات النازحين في المواصي جنوبي قطاع غزة، قال عبد الفتاح حسين لبي بي سي، عبر تطبيق واتساب، إن الوضع "يزداد سوءاً" بسبب عدد الموجودين في المنطقة. وأضاف، وهو أب لطفلين، أنه "لا توجد مساحة" في المواصي، كما أن الجيش الإسرائيلي أمر سكان المنطقة بمغادرة منازلهم التوجه إلى مكان آمن. وأكد أنه "لا يوجد كهرباء ولا طعام ولا مياه شرب كافية ولا أدوية متاحة"، والغارات الجوية المتكررة، خاصة أثناء الليل، تفاقم المعاناة". ووصف حسين شاحنات المساعدات القادمة بأنها "قطرة في بحر احتياجات سكان غزة." وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد أعلن في وقت سابق من هذا الأسبوع أنه سيُسمح أخيراً بدخول بعض الإمدادات "الأساسية" فقط من الاحتياجات إلى القطاع. وحذرت المنظمات الإنسانية من أن كمية الغذاء التي دخلت غزة في الأيام الأخيرة لا تقترب حتى من الكمية المطلوبة لإطعام نحومليوني فلسطيني يعيشون هناك، في حين قالت الأمم المتحدة إن نحو 500 شاحنة كانت تدخل القطاع في المتوسط يومياً قبل الحرب. وحذرت منظمات إنسانية من مجاعة "تهدد قطاع غزة على نطاق واسع." وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن 400 شاحنة حصلت على الموافقة لدخول غزة هذا الأسبوع، لكن الإمدادات التي دخلت جُمِعت من 115 شاحنة فقط، مضيفا أنه لم يصل شيء "إلى الشمال المحاصر" حتى الآن. ورغم وصول بعض الطحين/الدقيق وأغذية الأطفال والإمدادات الطبية إلى غزة، وبدء بعض المخابز في الجنوب العمل مرة أخرى، قال غوتيريش إن ذلك يعادل "ملعقة صغيرة من المساعدات بينما هناك حاجة إلى طوفان من المساعدات". وأضاف أن "هناك إمدادات محملة على 160 ألف منصة متنقلة، تكفي لملء نحو 9 آلاف شاحنة، مازالت في الانتظار". وقالت رضا، وهي قابلة تعمل على توليد الحوامل من خلال جمعية مشروع الأمل الخيرية في دير البلح، إن النساء يأتين إليها في حالة إغماء، ويلجأن إلى طلب مساعدتها بسبب عدم تناول أي طعام حتى وجبة الإفطار. وأضافت أن الكثير من النساء يحصلن على وجبة واحدة فقط في اليوم، ويعيشن على البسكويت عالي الطاقة الذي تقدمه لهم الجمعية الخيرية. وتضيف القابلة: "بسبب سوء التغذية، دائماً ما تشكو النساء من عدم حصول أطفالهن على ما يكفي من المكملات الغذائية من الرضاعة، ولا يتوقفوا عن البكاء. إنهم يحتاجون دائماً إلى الرضاعة الطبيعية، لكن الصدور خالية من اللبن". أما صبا ناهض النجار، فهي مراهقة تعيش في خان يونس، حيث أمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء جماعي للمنطقة في وقت سابق من هذا الأسبوع، تمهيداً لعملية عسكرية "غير مسبوقة" هناك، بحسبه. وقالت صبا إن عائلتها بقيت في منزلها المدمر جزئياً، مضيفة "صدر أمر إخلاء لمنطقتنا، لكننا لم نغادر لأننا لا نجد مكاناً آخر نذهب إليه". وتابعت: "لا يوجد عدد كبير من المواطنين في المنطقة. النازحون ينامون في الشارع ولا يوجد طعام. الظروف متدهورة وصعبة للغاية". وقالت المراهقة الفلسطينية في رسالة عبر تطبيق واتساب، وهي تكاد تكون الطريقة الوحيدة للتحدث إلى الناس في غزة لأن الجيش الإسرائيلي يمنع الصحفيين من دخولها، إن "القصف مستمر بطريقة وحشية". وأكدت أنه لم يتبق لها ولأسرتها سوى القليل، مضيفة: "ليس لدينا طعام، ولا دقيق، ولا أي ضروريات أساسية للحياة".