
لقاء الوزير والمعتقد في الإعلام الرياضي
نحن، على مستوى المنطقة وربما القارة، نمثل عالماً واسعاً ومختلفاً وجاذباً ومؤثراً، بل أصبحنا مقياساً ونموذجاً تحتذي به الشعوب الأخرى في قيمة القفزة السعودية من حيث الرؤية والطموح والإنجاز. وقد لفت انتباهي، بصفتي ابن المهنة والمتمرس فيها، الاجتماع الذي عقده معالي وزير الإعلام سلمان الدوسري مع الجهة التي نالت حقوق نقل الدوري السعودي. لم أشهد اجتماعاً مماثلاً إلا في حقبة صاحب السمو الملكي الراحل تركي بن سلطان الذي كان يستلهم توجيهاته من الرئيس الأعلى للإعلام.
كنت دائماً أحاول إقناع الزملاء أن الإعلام ليس هو الرياضة، وأن الرياضة لا تعني الإعلام، وأن «الإعلام الرياضي» كيان مركب ذو كيمياء خاصة، قادر على التمثيل والغناء والرقص والتطبيل أيضاً عند اللزوم، وكل ذلك ضمن حدود المعقول وسيناريو محسوب. وعلى الرغم من الثقل الكبير الذي تمثله الرياضة السعودية وأنديتها وجماهيرها في المنطقة، لجأ البعض إلى اعتماد برامج «التوك شو» كأسلوب دائم، معتبرين إياه النموذج الأمثل للإعلام الرياضي. وهكذا اختُزلت الرسالة في زوايا الإثارة، والحوارات المتشنجة، والمناكفات الجماهيرية التي تثير التفاعل الرقمي وتجذب الجمهور من أجل الأرباح، وتعتمدها قنوات تفتقر للإمكانات المادية، حتى لو جاء ذلك على حساب جودة المضمون.
وحين تناقشهم، يحتجون بالقنوات العالمية، مع أن معظمها تملكها شركات عابرة للحدود أو تستند إلى قيم مجتمعاتهم. هذا النوع من الإعلام مغرٍ بالأرقام، لكنه يفتقر للعمق ويقصي القضايا الكبرى ويشوه الإنجازات.
فقد تحولت بعض البرامج إلى ساحات لتصفية الحسابات، تسيّرها شعبويات آنية وتدار بمنطق «الصوت الأعلى» بدلاً من الطرح المنهجي والإحساس بالمسؤولية. لقد ابتعدت البوصلة عن دور الإعلام في التنوير والتثقيف، وأصبحت تقتصر على تمثيل الفرق وتكريس الانتماءات، وكأن الرياضة باتت محصورة في مباراة أو رأي جمهور، لا في منظومة متكاملة تصنع اقتصاداً وترتقي بوعي المجتمع.
أعتقد أن هذا الاجتماع يؤكد أن الإعلام الرياضي هو امتداد للإعلام الوطني، ومرآة حضارية لمشروع كبير تشهده المملكة في مختلف القطاعات، وفي القلب منها القطاع الرياضي، الذي لم يعد شأناً محلياً، بل أصبح جزءاً من الحضور السعودي على خريطة التأثير العالمي، بفضل الرؤية الطموحة 2030، والدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة.
هنا تبرز الحاجة إلى إعادة تعريف الإعلام الرياضي بوصفه مشروعاً إعلامياً له «ثقافته وأسلوبه وأدواته» موازياً للمشروع الرياضي ذاته، لا تابعاً له، ولا مُشوِّهاً لمسيرته.
الإعلام الذي نحتاجه هو ذلك الذي يتقاطع مع قيم الرياضة، النزاهة، الشغف، العمل الجماعي، والتطور المستمر. إعلام لا يختصر المشهد في لقطة جدلية أو تغريدة مثيرة، بل يتسع ليحمل الرواية الكاملة لما يحدث خلف الإنجاز، وما يسبق اللقطة.
وقد كان الاجتماع الذي عقده معالي وزير الإعلام مع المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام خطوة نوعية، تعكس رؤية المملكة في اعتبار الإعلام الرياضي عنصراً أساسياً في المشروع الوطني، وليس مجرد تابع له. وأظهر تصريح الوزير بأن «وزارة الإعلام تسخّر جميع إمكاناتها لدعم تغطية جميع المسابقات الرياضية السعودية، بما يعزز حضور المشروع الرياضي السعودي محلياً وعالمياً»، مدى وعي الحكومة بدور الإعلام كشريك في الإنجاز، لا كناقل للنتائج فقط. وفي المقابل تظهر شركة «ثمانية» بمقاربتها السردية وابتكارها، كمرشح مثالي لإعادة تقديم الإعلام الرياضي بصورة أكثر مصداقية وعمقاً، عبر إدخال القصص الرياضية الأصيلة إلى كل بيت وإعلاء صوت الرياضة السعودية بما يناسب حجم التطورات.
إن هذا التحول في المشهد الرياضي السعودي يتطلب محتوى يواكب حجمه ويكشف للجمهور ما وراء الإنجازات، ويوثق النجاحات ليشكّل ذاكرة وطنية للأجيال. لم تعد التغطية الإعلامية تقتصر على نقل المباريات والأهداف، بل أصبحت تشمل السياسات، والاقتصاد، والتخطيط، والتدريب، وتمكين المرأة، ودمج أصحاب الهمم، وتعزيز الأثر المجتمعي للرياضة.
حان الوقت لإعادة الاعتبار لمهنة الإعلام الرياضي وربطها بجذورها، لتكون عيناً ناقدة مسؤولة ولساناً واعياً، وأداة للمعرفة وليست للترفيه السطحي. الأمر لا يتعلق بكبت النقد أو الحد من الرأي، بل بأن يكون النقد موضوعياً مسؤولاً يدفع الجميع نحو الأفضل.
الإعلام الرياضي اليوم ليس في أزمة إمكانات، بل أزمة اختيارات. ومع إطلاق الأستوديوهات الرقمية، والمنصات الإعلامية الجديدة، والتكامل بين المؤسسات الرياضية والإعلامية، أصبح المطلوب تحولاً جذرياً في فكر الإعلامي قبل أدواته. الأدوات والدعم متوفرة، لكن الرسالة تحتاج من يحملها بإيمان وقناعة لا بحثاً عن شهرة عابرة.
فإعادة الاعتبار للإعلام الرياضي تبدأ من الإيمان بأن الرياضة قضية وطنية حقيقية، وأن كل تغطية إعلامية جادة تساهم في بناء الوعي المجتمعي وتعزز الحضور السعودي على الساحة الدولية.
ولهذا ينبغي إدراك أن الإعلام الرياضي لا يُختزل في ما يعرف بالتوك شو والرقص على انفعالات الناس، قد تهم شريحة لكنها ليست كل شيء فمن الممكن أن نخلق برامج حوارية هادفة لها رؤساء تحرير يملكون الرسالة والهدف، فالعمل الناقد الهادف هو الشريك كما يمكن الكثير عمله طالما أننا لا نفتقد الإمكانات التي باستطاعتها تحويل ما نراه مكمن المشكلة إلى أُولى بدايات الحل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
رومانو: مدافع برشلونة لاعباً لنادي النصر في صفقة انتقال حر
كشف فابريزيو رومانو، الصحفي الإيطالي الموثوق والمختص بأخبار انتقالات اللاعبين والمدربين، بأن المدافع الإسباني إينيغو مارتينيز سينهي عقده مع برشلونة بأثر فوري للانضمام لصفوف نادي النصر السعودي بصفقة انتقال حر . حيث قال فابريزيو رومانو في منشور عبر حسابه الرسمي بمنصة "إكس" اليوم الخميس "النصر يوافق على صفقة للتوقيع مع إينيغو مارتينيز، here we go!". وأضاف رومانو "سينهي إنيغو عقده في برشلونة بأثر فوري وينضم إلى النصر في صفقة انتقال حر" . وتابع "عقد إنيغو مع النصر سيكون حتى يونيو 2026 بالإضافة إلى خيار لموسم آخر حتى يونيو 2027 ".


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
«النصر» يمدّد عقد الفرنسية نسرين بهلولي
أعلن نادي النصر، المنافس في الدوري السعودي للسيدات لكرة القدم، تجديد عقد المحترفة الفرنسية نسرين بهلولي، لتمثيل الفريق خلال الموسم المقبل. وجَرَت مراسم توقيع العقد بحضور عبد العزيز العلوني المدير الفني للفريق، وذلك في المعسكر المُقام حالياً في مدينة ماربيا الإسبانية، استعداداً للموسم الجديد. يُذكر أن «النصر» يخوض معسكره التحضيري للموسم المقبل في ماربيا الإسبانية، الذي انطلق 30 يوليو (تموز) الماضي، على أن يختتم المعسكر في 19 أغسطس (آب) الحالي. ويستعدّ الفريق لخوض منافسات الدور التمهيدي من دوري أبطال آسيا للسيدات 2025-2026، وذلك خلال الفترة من 25 إلى 31 من شهر أغسطس، في أوزبكستان. وتُمثل هذه المشاركة الظهور الثاني القارّي لـ«النصر»، الذي يواصل تمثيل كرة القدم النسائية السعودية في المحافل الآسيوية، تأكيداً للتقدم الكبير، والدعم المتواصل الذي تحظى به اللعبة في السعودية.


الشرق الأوسط
منذ 3 ساعات
- الشرق الأوسط
«الشباب» يقترب من همامي «الاتحاد»
كشفت مصادر، لـ«الشرق الأوسط»، أن نادي الشباب، المنافس في الدوري السعودي للمحترفين لكرة القدم، اقترب من حسم صفقة التعاقد مع همام الهمامي، جناح فريق الاتحاد، خلال فترة الانتقالات الصيفية الجارية. يأتي التوقيع مع الهمامي (21 عاماً) في إطار سعي «الشباب» لتعزيز خياراته الهجومية بلاعبين محليين مميزين، ولا سيما بعد المستوى اللافت الذي قدمه خلال الموسم الماضي مع نادي الخلود، الذي لعب له على سبيل الإعارة. وشارك همام الهمامي في 32 مباراة بالدوري السعودي للمحترفين، الموسم الماضي، سجل خلالها 4 أهداف، وصنع 3، مما جعله محط أنظار عدد من الأندية؛ وفي مقدمتها الشباب.