
"غواصات التهريب"... معابر سرية تعيد تشكيل تجارة المخدرات
هذه الوسيلة التي ظلت مرتبطة بالسواحل الإسبانية والكاريبية تقترب اليوم من أن تصبح واقعاً يهدد المياه البريطانية، فالتقارير الأمنية تحذر من أن ما يُضبط في عرض البحر ليس سوى الجزء الظاهر من جبل جليد يخفي معظمه تحت الأمواج، وأن دخول هذه "الأشباح البحرية" إلى مسرح التهريب في المملكة المتحدة قد يفتح فصلاً جديداً من حرب المخدرات تُحسم معاركه في صمت الأعماق قبل أن تكشف اليابسة آثارها.
سلاح تهريب غير مألوف
في تحول نوعي لأساليب التهريب عبر الأطلسي حذر متخصص من "أن شبكات الجريمة المنظمة قد شرعت بالفعل في اختبار 'غواصات نركو' مسيرة ومحملة بالكوكايين لإيصال الشحنات إلى مشارف بريطانيا، في سيناريو ينقل المواجهة من سطح البحر إلى عمقه ويقلص أثر "عنصر البشر" في سلسلة الجريمة.
وعلى مدى أعوام اعتمدت عصابات أميركا الجنوبية نمطاً متكرراً لإخفاء المخدرات داخل سفن الحاويات ثم إسقاط الطرود في عرض البحر ليستعيدها شركاء محليون بقوارب صيد أو قوارب مطاطية صلبة الهيكل. ووفق الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة فتح عام 2024 60 تحقيقاً في حوادث من هذا النوع ضُبط كثير منها بواسطة سفن خفر الحدود غير "أن المخاوف تتمحور اليوم حول انتقال المهربين إلى مركبات غير مأهولة تحت الماء".
تلجأ عصابات التهريب إلى غواصات غير مأهولة لنقل المخدرات على بعد آلاف الأميال (رويترز)
من جهته، يقول المتخصص البريطاني بيتر والش مؤلف كتاب "حرب المخدرات التاريخ السري"، إن الفكرة ممكنة الوقوع وإن لم ترِد أدلة قاطعة بعد، موضحاً أن تهريباً بلا أطقم يوفر ميزة مضاعفة حماية البضاعة وتحييد نقطة الضعف البشرية في آنٍ واحد".
ونقلت عنه صحيفة "ديلي ميل" البريطانية قوله، "تاريخياً استخدمت العصابات غواصات شبه مغمورة يقودها أشخاص بل وغواصات كاملة لعبور الأطلسي، وسُجل أول ظهور لأداة تهريب كهذه في أوروبا قبالة إسبانيا عام 2006، ثم أوقِفت عام 2019 سفينة بطول 65 قدماً قرب سواحل غاليسيا وعلى متنها ثلاثة رجال ويُرجح أنها قطعت نحو 4778 ميلاً بحرياً من كولومبيا".
غواصات بلا بشر
تؤكد الصحيفة البريطانية "أن الشرطة الوطنية الإسبانية صادرت عام 2020 ثلاث مركبات مسيرة تحت الماء صُممت لتهريب المخدرات من المغرب عبر مضيق جبل طارق كانت مجهزة بأنظمة ملاحة قابلة للتشغيل عن بُعد عبر الإنترنت وتحمل حتى 200 كلغ من الشحنات".
أما الغواصات المأهولة فمعظمها يُصنع يدوياً على نحو بدائي، وفي عام 2024 أنقذت السلطات الإسبانية أربعة كولومبيين أغرقوا عمداً غواصة شبه مغمورة للتخلص من الحمولة عند اقتراب الدوريات، فيما تُقدر الأجهزة الأمنية "أن ثلاث غواصات فقط ضبطت قرب إسبانيا مقابل نحو 30 ربما أفلتت من الرصد، وخلال حادث آخر هذا العام أُوقفت غواصة شبه مغمورة في الأطلسي وعلى متنها 6.5 طن من الكوكايين تُقدر قيمتها بـ530 مليون جنيه إسترليني (720 مليون دولار) مع خمسة مشتبه فيهم (ثلاثة برازيليين وكولومبي وإسباني).
إشارات مقلقة
وفي هذا الصدد أعلنت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا أنها صادرت عام 2024 نحو خمسة أطنان من الكوكايين عبر أسلوب "الإسقاط في عرض البحر"، وجميعها كانت مرتبطة بالقوارب التقليدية حتى الآن، ولم تُسجل حالات استخدام "غواصات نركو" داخل المياه البريطانية ولا تُصنف كـ"تهديد كبير" راهناً، لكن ظهورها إن حدث سيعني تصعيداً مقلقاً لقدرات المهربين التقنية، بحسب المراقبين، ويفرض على أجهزة إنفاذ القانون سباقاً تكنولوجياً مضاداً في الأعماق.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى رغم أن مياه المملكة المتحدة لم تلتقط بعد ظل النركو تحمل الأمواج الآتية من تجارب دول أخرى إشارات مقلقة، ففي أقصى الغرب الأوروبي تحولت خلجان غاليسيا الإسبانية إلى مسرح متكرر لاعتراض هذه الوسائط من أول غواصة ضُبطت عام 2006 إلى شبه مغمور في 2019 شق من كولومبيا رحلة تجاوزت أربعة آلاف ميل بحري محملة بثلاثة أطنان من الكوكايين، وصولاً إلى مركبات مسيرة تحت السطح عام 2020 مجهزة بتقنيات ملاحة قادرة على عبور مضيق جبل طارق في صمت.
وعلى بعد 500 ميل جنوب جزر الأزور، دوت في صيف 2025 عملية "نوتيلوس" البرتغالية التي كشفت غواصة محملة بستة أطنان ونصف الطن من السموم البيضاء في مداهمة نسجت خيوطها بين جيوش وبحريات من قارات مختلفة. وفي الكاريبي أطبقت البحرية البريطانية عام 2024 على غواصة جنوب الدومينيكان تحمل طنين من الكوكايين ضمن حصيلة قياسية بلغت ثلاثة أرباع مليار جنيه إسترليني (مليار و16 مليون دولار) في سبعة أشهر فقط.
أما كولومبيا مهد هذه الحرفة المظلمة فما زالت ورشها السرية تدفع إلى البحر بوسائط بدائية المظهر بعيدة المدى كمن يبعث برسائل تحد إلى العالم بأن سباق الأعماق لم يبلغ نهايته وأن فصوله المقبلة قد تُكتب في أي مياه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى الالكترونية
منذ 2 ساعات
- صدى الالكترونية
عصابات منظمة تثير قلق شركات الطيران مع تزايد سرقات الركاب .. فيديو
أصبحت حوادث السرقة داخل الطائرات واحدة من أبرز الهواجس التي تؤرق شركات الطيران حول العالم، بعدما سجلت ارتفاعًا ملحوظًا خلال العامين الأخيرين، خصوصًا في محطات العبور الكبرى مثل هونغ كونغ وإسطنبول وسنغافورة. ففي هونغ كونغ وحدها، رُصدت 169 حالة سرقة خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، بقيمة تجاوزت نصف مليون دولار أمريكي، أي بزيادة بلغت 75% مقارنة بالعام الذي سبقه. وتبين أن معظم هذه الحوادث تقف وراءها عصابات منظمة تستغل ازدحام المسافرين في رحلات الترانزيت، وتتحرك بخفة في لحظات انشغال الركاب أو نومهم. الأمر لا يقتصر على هونغ كونغ؛ ففي سنغافورة مثلًا، أحيل عدد من المتورطين إلى القضاء، حيث صدرت أحكام بالسجن على بعضهم بعد ضبطهم متلبسين بسرقة مبالغ نقدية من حقائب الركاب أثناء الرحلة. وتشير التحقيقات إلى أن الجناة يفضلون الاستيلاء على مبالغ صغيرة أو بطاقات مالية، لتفادي إثارة الشكوك. الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA)، الذي يضم نحو 300 شركة طيران حول العالم، أكد أن هذه الظاهرة باتت تمثل مصدر قلق حقيقي، وطرحها رسميًا ضمن جدول أعماله في الاجتماع السنوي الأخير الذي استضافته الهند في يونيو 2025.


صدى الالكترونية
منذ 4 ساعات
- صدى الالكترونية
سعيد الزهراني يبكي بعد تعرضه لحادثة سرقة في مصر … فيديو
انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للمشهور سعيد الزهراني، ظهر فيه وهو يبكي متأثرًا بعد تعرضه للسرقة أثناء إقامته في أحد الفنادق بمصر. وقال الزهراني في المقطع: 'تواصلت مع الحارس وقلت له بتصل على الشرطة والسفارة السعودية، لكنه رد علي بأن الموضوع لازم أحله مع موقع الحجز، وأنا وضحت له إن مشكلتي مش مع البوكينج، لأني دفعت 1950 دولار وتم تأكيد الحجز وأرسلوا لي كلمة المرور، لكن فوجئت بطلب 600 دولار إضافية ما كانت مذكورة في البرنامج، رفضت الدفع واضطريت أنام في السيارة لأن كل الفنادق كانت ممتلئة' . وأضاف: 'ترا اشتقت للسعودية، بس ما عليكم'، مشيرًا إلى شعور بالأمان في بلده بالإضافة إلى السهولة في التعامل والخدمات. وأثار الفيديو تفاعلًا واسعًا بين المتابعين، حيث أبدى الحميع تعاطفهم مع الزهراني وطالبوا بضرورة متابعة ما حدث معه من قبل السلطات المصرية لضمان عدم تكرار المشكلة مرة أخرى.


حضرموت نت
منذ 4 ساعات
- حضرموت نت
محكمة بريطانية تسجن هاكر يمني خطير متورط في هجمات إلكترونية دولية
أصدرت محكمة بريطانية حكماً بسجن المدعو الطاهري المشرقي (26 عاماً) لمدة 20 شهراً، بعد اعترافه بتسع تهم خطيرة بموجب قانون إساءة استخدام الحاسوب، في قضية هزت الأوساط الأمنية وكشفت حجم التهديد المتنامي للهجمات الإلكترونية العابرة للحدود. التحقيقات التي قادتها الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة (NCA) أظهرت تورط المشرقي في أنشطة اختراق واسعة، حيث ارتبط بجماعات هاكرز متطرفة مثل 'Spider Team' و 'الجيش الإلكتروني'، وامتلك بيانات شخصية لمستخدمي فيسبوك، إلى جانب كلمات مرور لخدمات حساسة مثل Netflix و PayPal. كما كشفت التحقيقات مسؤوليته عن اختراق مواقع حكومية يمنية وأخرى في دول متعددة، لنشر رسائل سياسية وأيديولوجية مرتبطة بما يُعرف بـ'جيش اليمن الإلكتروني'. وأكدت السلطات البريطانية أن هجمات المشرقي تسببت في خسائر واضطرابات واسعة، محذّرة من أن الجرائم الإلكترونية لم تعد مجرد نشاط خفي على الإنترنت، بل باتت أداة تهديد للأمن القومي. وشددت على أن هذه القضية تمثل دليلاً حاسماً على أن منفذي مثل هذه الجرائم مهما حاولوا التخفي، فإن العدالة قادرة على ملاحقتهم وكشف مخططاتهم.