
الأدب السعودي.. صناعة وهوية وتنمية
في إطار رؤية المملكة 2030، لم تعد ممارسة الأدب حكرًا على المثقفين والمهتمين، بل تحوّلت إلى حقل مهني واقتصادي تُبنى حوله فرص عمل ومشروعات ومداخيل مستدامة. تبنّت المملكة هذه الرؤية انطلاقًا من قناعة عميقة بأن المبدع لا يجب أن يكون هاويًا فقط، بل يمكن أن يكون محترفًا يعمل ويتكسب من أدبه ضمن منظومة متكاملة من الدعم والتشريعات والتمكين.
أطلقت وزارة الثقافة برنامج "التفرغ الثقافي"، الذي يمنح الأدباء والكتّاب منحًا مالية سنوية تتيح لهم التفرغ التام للكتابة والتأليف، كما يتم التعاقد مع بعضهم على أساس مشروعات ثقافية، مثل إعداد كتب، أو تطوير نصوص مسرحية أو قصصية أو حتى محتوى لمنصات وطنية. هذا البرنامج يعترف رسميًا بأن الكتابة وظيفة، ويمنح المبدع أجرًا مقابل عمله الإبداعي.
وأصبح الأدباء في السعودية يمتلكون فرصًا مباشرة لنشر أعمالهم وطبعها وتسويقها محليًا ودوليًا، من خلال شراكات مع دور نشر مدعومة، أو عبر منصات النشر الذاتي. وقد دعمت هيئة الأدب والنشر والترجمة إطلاق مشروعات تُحوّل الكاتب إلى رائد أعمال ثقافي، لديه منتج يُباع ويُسوّق، وتُدفع له عوائد مالية وحقوق نشر وتوزيع، وقامت المملكة بتعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية، مما مكّن الكتّاب من جني أرباح من إعادة نشر أعمالهم أو تحويلها لأشكال أخرى (مثل: تحويل الرواية لفيلم أو مسلسل). هذه النقلة جعلت الأدب أصلًا اقتصاديًا قابلًا للاستثمار، حيث يتم التعامل مع كل عمل أدبي كمنتج ذي قيمة اقتصادية.
كما ظهر أيضًا نمط جديد من الوظائف المرتبطة بالأدب، مثل: كتّاب محتوى ثقافي لمواقع وهيئات ومؤسسات، ومحررين أدبيين، ومترجمين محترفين، ومدربين على الكتابة الإبداعية في ورش معتمدة، ومستشاري محتوى في شركات الإعلام والنشر، وهذا ما يعكس دمج الأدب في سوق العمل مباشرة، وتحويل المهارات الأدبية إلى مهنة تُدر دخلًا وتُطلب في سوق العمل.
وفي هذا الإطار راح بعض الكتّاب يؤسسون مشروعاتهم الخاصة مثل: مكتبات مستقلة ونوادي قراءة مدفوعة ودور نشر رقمية وتطبيقات كتب صوتية ومواقع لبيع القصص الرقمية أو ورش الكتابة، كل هذا جعل من الأدب قطاعًا استثماريًا واعدًا، يمكن أن يُدر أرباحًا، ويخلق وظائف للمبدعين، بدل أن يظل مجرد هواية جانبية.
وأطلقت وزارة الثقافة متمثلة بـ"هيئة الأدب والنشر والترجمة" عام 2021، قراراً يمنح الأدباء والمبدعين فرصة التفرغ التام للإنتاج الإبداعي، من خلال عقود رسمية مدفوعة الأجر، كـ"ممارس محترف" أو "مبدع متفرغ "، تُمكّنهم من العمل على مشروعات أدبية محددة. بعضهم يعمل ضمن جهات حكومية أو ثقافية أو يتم تخصيص دعم فردي لهم، من بين المشاركين: محمد حسن علوان -كاتب روائي-، الذي أكد في أكثر من لقاء أهمية أن يتحوّل الأدب إلى مهنة لها مقابل مادي، وأن الكاتب يجب أن يجد بيئة احترافية. كما أصبحت هناك وظائف رسمية في مجالات: تحرير المحتوى الأدبي، التأليف، الترجمة، التوثيق الثقافي– وهي وظائف يتقدم لها أدباء متخصصون.
بذلك يمكن القول: إن المملكة نجحت في تحويل الأدب من نشاط فردي محدود إلى صناعة ثقافية واعدة، عبر رؤية استراتيجية تحتضن المواهب وتستثمر في المحتوى المحلي. ويُعد هذا التحول نموذجًا ملهمًا لكيفية تفعيل اقتصاد الإبداع وتوظيف الأدب في بناء مجتمع حيوي وثقافة وطنية مزدهرة. ومع استمرار المبادرات والبرامج الداعمة، من المتوقع أن يشهد الأدب السعودي قفزات نوعية تُكرّسه كأحد أعمدة التنمية الثقافية والاقتصادية في المملكة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 29 دقائق
- صحيفة سبق
مجسم المنطقة التجارية بحائل التاريخية.. فن إبداعي يثري زوار مهرجان "بيت حائل 2025" في نسخته الـ4
بين التصميم والإبداع تخلق الموهبة والفن، وتتشكل في أعمال احترافية مميزة تحاكي عمقًا تاريخيًا أثريًا خالدًا، ليأخذ أفكار زواره عبر رحلة زمنية إلى حقبة ماضية استعرضت تفاصيل العيش فيها وجمال أروقتها وبساطتها في صورة مصغرة من المدن السعودية في الماضي. وفي هذا الجانب كان للفنان والمدرب الحرفي عبدالله الخزام المشارك في فعاليات مهرجان "بيت حائل 2025" (البيت بيتكم.. يا بعد حيي) في نسخته الرابعة، نموذج للفن والإبداع في تنفيذ مجسم طيني لخريطة المنطقة التجارية بمدينة حائل الأثرية قبل عشرات السنين الذي يعد أحد أبنائها، ليستقطب بذلك آلاف الزوار والسياح القادمين للمهرجان، ويعكس لهم عمق وأصالة الهوية التراثية والعمرانية للمنطقة، ومشاهدة الطرق والأساليب والمعدات المستخدمة في صناعة ونقش تلك الجماليات التي أضفت على المهرجان مزيدًا من الطابع التراثي الأصيل للمملكة. وأوضح الخزام الذي شارك في العديد من المعارض والملتقيات والمهرجانات المحلية والدولية، أنه اعتمد في تنفيذ مجسم المنطقة التجارية بمدينة حائل القديمة، على المصادر التاريخية لهذا الموقع ووضع مقاسات هندسية للمشروع، إضافة إلى الزيارات الميدانية للموقع المقصود في التصميم، والرجوع إلى المصادر والمخططات القديمة الموثقة من كتب المؤرخين والباحثين والمستشرقين الذين زاروا المنطقة، والالتقاء بكبار السن من أهالي المنطقة لأخذ المعلومات وتوثيقها. واستعرض الخزام للزوار عناصر المجسم للمعالم الرئيسية القديمة في وسط المدينة، التي تضمنت مسجد وقصر برزان، والساحة التجارية وباب الصفقات، وسوق المسحب، وباب غطاط، وباب مفرح، وشارع مدرهم، وبعض الدوائر الحكومية، مشيرًا إلى أنه اعتمد في البناء على المواد التقليدية، مثل الطين واللبن وجذوع وسعف النخيل بطريقة العروق، وكذلك الزخارف المستخدمة في ذلك الوقت، حيث وظف المواد التقليدية والنقوش التراثية القديمة في المجسم لمحاكاة الصورة التاريخية لوسط المدينة.


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
فعاليات صيفية
اتجهت الجهات المنظمة لفعاليات الصيف بالمنطقة الشرقية إلى الخيار الثقافي والتدريبي والحواري وورش العمل، لرفع درجات التمكن من بعض البرامج الجديدة على الأجهزة الذكية وتطور الذكاء الاصطناعي، إلى جانب تنمية المواهب وإرضاء شغفهم في هوايتهم من قراءة وكتابة وتمثيل ورسم وتصوير وموسيقى وغيرها الكثير. وأطلق مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء»، مهرجان الصغار لأول مرة، تحت شعار «ماذا لو؟»، وهو الحدث الأبرز الموجه للأطفال من مختلف الأعمار، الذي يجمع بين الإبداع، التعلّم، اللعب، واستكشاف العالم بعيون فضولية، في بيئة تفاعلية تنمّي قدراتهم وتغذي مخيلتهم، وذلك على مدى ثلاثة أسابيع في الفترة من 7-26 يوليو الجاري، في مقر المركز بالظهران.


صحيفة سبق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة سبق
عائلتا "العلبي" و"لطوف" يحتفلون بزواج أبنائهما في ليلة بهية بالرياض
احتفل الأستاذ محمد معتز العلبي بزواج نجلته على الشاب أيمن محمد رضوان لطوف، وذلك في ليلة بهية شهدت حضورًا غفيرًا من الأهل والأصدقاء، الذين شاركوا العروسين فرحتهما وقدموا لهما التهاني والتبريكات بهذه المناسبة السعيدة. صحيفة "سبق" الإلكترونية تتقدم بخالص التهنئة للعروسين، متمنية لهما حياة زوجية سعيدة مليئة بالمودة والفرح.