
موريتانيا تبدأ عصر الغاز.. تدشين حقل «السلحفاة» وانطلاقة نحو المستقبل صحراء ميديا
أ حمد فال محمدن – مستشار وزير الطاقة والنط
نجحت موريتانيا والسنغال، بالتعاون مع شركة bp، في تصدير أولى شحنات الغاز الطبيعي المسال بأمان، إيذانًا ببدء التشغيل التجاري لحقل السلحفاة آحميم الكبير GTA لفترة لا تقل عن عشرين سنة قادمة أو تزيد.
وشهد التدشين، الذي أشرف عليه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني رفقة نظيره السنغالي، اهتمامًا إعلاميًا واسعًا عكس الطابع الاستراتيجي لهذا المشروع الحيوي.
إن مشروع السلحفاة آحميم الكبير يشكل موردًا طبيعيًا، ليس فقط من خلال العائدات المالية، بل من خلال بناء القدرات الوطنية، وتدريب وتأهيل اليد العاملة الوطنية، وإدماج القطاع الخاص لقيادة هذه الصناعة الواعدة.
وهكذا تكون جهود تطوير المشروع قد توجت بالنجاح، معلنة الانضمام الفعلي لموريتانيا لنادي الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال.
وبهذا تكون بلادنا قد قطعت شوطًا إضافيًا في مسارها التنموي نحو تطوير الصناعة الوطنية، وتعزيز السيادة الطاقوية، والرفع من مكانتها كمصدِّر موثوق للطاقة، في ظل ما تتمتع به من مناخ استثماري وطني محفِّز، واستقرار سياسي ومؤسسي.
ودلّ إشراف فخامة رئيس الجمهورية على هذا التخليد، الذي تم في عرض المحيط، وتفقده للمنشآت العائمة، على الأهمية التي يوليها لهذا المشروع الحيوي، مؤكدًا التزام بلادنا بإدارة مواردها الطاقوية بحكمة ومسؤولية، بما يخدم الأجيال الحالية والمستقبلية.
وفي سياق تثمين حصة موريتانيا الموجهة للسوق المحلي، تعمل وزارة الطاقة والنفط على بناء محطات لإنتاج الكهرباء بالغاز، حيث سيتم بناء محطة كهربائية بقدرة 230 ميغاوات قرب اندياكو تعمل بغاز حقل السلحفاة آحميم الكبير. كما تم وضع الحجر الأساس مؤخرًا لمحطة كهربائية مزدوجة إضافية بقدرة 60 ميغاوات، سترفع من قدرة إنتاج المحطة المزدوجة لتصل 240 ميغاوات.
يعود اكتشاف تراكمات الغاز في منطقة المشروع لعام 2015، عندما كشفت شركة Kosmos Energy عن مؤشرات قوية لاحتياطيات هائلة مشتركة بين موريتانيا والسنغال، وهو ما أدى في ديسمبر 2018 إلى اتخاذ القرار النهائي للاستثمار (FID) الذي أطلق فورًا مرحلة التصميم الهندسي والأعمال البحرية. لكن جائحة كوفيد-19 أعاقت جدولة تسليم بعض المكونات الرئيسة لمنشآت المعالجة العائمة، مما استدعى إعادة ضبط جداول البناء وتأجيل بداية الإنتاج الفعلي إلى النصف الثاني من عام 2024.
وبالرغم من تلك التحديات، تمكّنت فرق العمل المشتركة من التغلب على الأثر السلبي للجائحة بفضل التزام مستمر، وسلاسل توريد مرِنة، وتنسيق محكم مع مختلف الأطراف الفاعلة في الحقل.
وأدت الاستجابة السريعة لهذه التحديات، والتنسيق الوثيق لشركة BP مع الفرق الفنية الوزارية، إلى تخطي الكثير من العقبات، وشكل هذا التنسيق عاملًا مهمًا في تراكم الخبرات لدى موريتانيا، معززةً تجربتها التي بدأت تخطو بثبات نحو النضج في عالم النفط والغاز.
إن بدء الإنتاج التجاري من حقل السلحفاة آحميم الكبير لا يكتسي أهمية من الناحية التقنية فحسب، بل من حيث الأثر الاقتصادي الهام الذي سيحققه للدولة الموريتانية؛ إذ سيوفّر إيرادات مباشرة لخزينة الدولة، وسيُعزّز فرص تطوير وتعزيز المحتوى المحلي عبر توظيف الفنيين والمهندسين، كما سيدعم الشركات الوطنية المتخصصة في الخدمات البحرية واللوجستية.
ونجحت بلادنا في تحديث إطارها التشريعي في ظل نظام تفضيلي لصالح الكوادر الوطنية، يضمن تعزيز العائدات المحلية، ويفتح المجال لتوسيع نطاق مشاركة المقاولين الموريتانيين في المراحل المقبلة، بهدف اكتساب بلادنا خبرة وتجربة معترف بها في مجال النفط والغاز.
أما آفاق المستقبل فواعدة، حيث يجري التخطيط للمرحلة الثانية من المشروع لرفع طاقته الإنتاجية إلى نحو خمسة ملايين طن سنويًا، على أن تصل عشرة ملايين طن من الغاز المسال سنويًا مع بداية المرحلة اللاحقة، ما يعزز قدرة موريتانيا والسنغال على تلبية الطلب العالمي المتزايد على مادة الغاز الاستراتيجية.
وموازاة مع ذلك، تتابع الحكومة تنفيذ مشاريع أخرى مثل حقل 'باندا' المخصص لتوليد الكهرباء باستخدام الغاز، كما تسعى لتثمين الاحتياطات الضخمة لحقل 'بيراللّ'.
إن الإنجاز الذي احتفلنا به يوم الخميس 22 مايو يمثل انتصارًا لإرادة دولتين، إفريقيتين جارتين، في استثمار ثرواتهما الطبيعية المشتركة، ويجسد نموذجًا ناجحًا للشراكة الإقليمية يُحتذى به في استغلال الموارد الطبيعية خدمة للتنمية.
والآن يحق لموريتانيا، أكثر من أي وقت مضى، أن ترنو نحو غدٍ اقتصادي مزدهر، ستكون له نتائج معتبرة في تغيير اللعبة التنموية برمتها، بما يحقق تطوير البنية الاقتصادية والصناعية، ويضمن بناء الكادر البشري، ويهيئ الظروف المواتية لبروز صناعات تحويلية محلية خدمة للوطن والإنسان الموريتاني.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحراء ميديا
منذ 12 ساعات
- صحراء ميديا
موريتانيا تبدأ عصر الغاز.. تدشين حقل «السلحفاة» وانطلاقة نحو المستقبل صحراء ميديا
أ حمد فال محمدن – مستشار وزير الطاقة والنط نجحت موريتانيا والسنغال، بالتعاون مع شركة bp، في تصدير أولى شحنات الغاز الطبيعي المسال بأمان، إيذانًا ببدء التشغيل التجاري لحقل السلحفاة آحميم الكبير GTA لفترة لا تقل عن عشرين سنة قادمة أو تزيد. وشهد التدشين، الذي أشرف عليه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني رفقة نظيره السنغالي، اهتمامًا إعلاميًا واسعًا عكس الطابع الاستراتيجي لهذا المشروع الحيوي. إن مشروع السلحفاة آحميم الكبير يشكل موردًا طبيعيًا، ليس فقط من خلال العائدات المالية، بل من خلال بناء القدرات الوطنية، وتدريب وتأهيل اليد العاملة الوطنية، وإدماج القطاع الخاص لقيادة هذه الصناعة الواعدة. وهكذا تكون جهود تطوير المشروع قد توجت بالنجاح، معلنة الانضمام الفعلي لموريتانيا لنادي الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال. وبهذا تكون بلادنا قد قطعت شوطًا إضافيًا في مسارها التنموي نحو تطوير الصناعة الوطنية، وتعزيز السيادة الطاقوية، والرفع من مكانتها كمصدِّر موثوق للطاقة، في ظل ما تتمتع به من مناخ استثماري وطني محفِّز، واستقرار سياسي ومؤسسي. ودلّ إشراف فخامة رئيس الجمهورية على هذا التخليد، الذي تم في عرض المحيط، وتفقده للمنشآت العائمة، على الأهمية التي يوليها لهذا المشروع الحيوي، مؤكدًا التزام بلادنا بإدارة مواردها الطاقوية بحكمة ومسؤولية، بما يخدم الأجيال الحالية والمستقبلية. وفي سياق تثمين حصة موريتانيا الموجهة للسوق المحلي، تعمل وزارة الطاقة والنفط على بناء محطات لإنتاج الكهرباء بالغاز، حيث سيتم بناء محطة كهربائية بقدرة 230 ميغاوات قرب اندياكو تعمل بغاز حقل السلحفاة آحميم الكبير. كما تم وضع الحجر الأساس مؤخرًا لمحطة كهربائية مزدوجة إضافية بقدرة 60 ميغاوات، سترفع من قدرة إنتاج المحطة المزدوجة لتصل 240 ميغاوات. يعود اكتشاف تراكمات الغاز في منطقة المشروع لعام 2015، عندما كشفت شركة Kosmos Energy عن مؤشرات قوية لاحتياطيات هائلة مشتركة بين موريتانيا والسنغال، وهو ما أدى في ديسمبر 2018 إلى اتخاذ القرار النهائي للاستثمار (FID) الذي أطلق فورًا مرحلة التصميم الهندسي والأعمال البحرية. لكن جائحة كوفيد-19 أعاقت جدولة تسليم بعض المكونات الرئيسة لمنشآت المعالجة العائمة، مما استدعى إعادة ضبط جداول البناء وتأجيل بداية الإنتاج الفعلي إلى النصف الثاني من عام 2024. وبالرغم من تلك التحديات، تمكّنت فرق العمل المشتركة من التغلب على الأثر السلبي للجائحة بفضل التزام مستمر، وسلاسل توريد مرِنة، وتنسيق محكم مع مختلف الأطراف الفاعلة في الحقل. وأدت الاستجابة السريعة لهذه التحديات، والتنسيق الوثيق لشركة BP مع الفرق الفنية الوزارية، إلى تخطي الكثير من العقبات، وشكل هذا التنسيق عاملًا مهمًا في تراكم الخبرات لدى موريتانيا، معززةً تجربتها التي بدأت تخطو بثبات نحو النضج في عالم النفط والغاز. إن بدء الإنتاج التجاري من حقل السلحفاة آحميم الكبير لا يكتسي أهمية من الناحية التقنية فحسب، بل من حيث الأثر الاقتصادي الهام الذي سيحققه للدولة الموريتانية؛ إذ سيوفّر إيرادات مباشرة لخزينة الدولة، وسيُعزّز فرص تطوير وتعزيز المحتوى المحلي عبر توظيف الفنيين والمهندسين، كما سيدعم الشركات الوطنية المتخصصة في الخدمات البحرية واللوجستية. ونجحت بلادنا في تحديث إطارها التشريعي في ظل نظام تفضيلي لصالح الكوادر الوطنية، يضمن تعزيز العائدات المحلية، ويفتح المجال لتوسيع نطاق مشاركة المقاولين الموريتانيين في المراحل المقبلة، بهدف اكتساب بلادنا خبرة وتجربة معترف بها في مجال النفط والغاز. أما آفاق المستقبل فواعدة، حيث يجري التخطيط للمرحلة الثانية من المشروع لرفع طاقته الإنتاجية إلى نحو خمسة ملايين طن سنويًا، على أن تصل عشرة ملايين طن من الغاز المسال سنويًا مع بداية المرحلة اللاحقة، ما يعزز قدرة موريتانيا والسنغال على تلبية الطلب العالمي المتزايد على مادة الغاز الاستراتيجية. وموازاة مع ذلك، تتابع الحكومة تنفيذ مشاريع أخرى مثل حقل 'باندا' المخصص لتوليد الكهرباء باستخدام الغاز، كما تسعى لتثمين الاحتياطات الضخمة لحقل 'بيراللّ'. إن الإنجاز الذي احتفلنا به يوم الخميس 22 مايو يمثل انتصارًا لإرادة دولتين، إفريقيتين جارتين، في استثمار ثرواتهما الطبيعية المشتركة، ويجسد نموذجًا ناجحًا للشراكة الإقليمية يُحتذى به في استغلال الموارد الطبيعية خدمة للتنمية. والآن يحق لموريتانيا، أكثر من أي وقت مضى، أن ترنو نحو غدٍ اقتصادي مزدهر، ستكون له نتائج معتبرة في تغيير اللعبة التنموية برمتها، بما يحقق تطوير البنية الاقتصادية والصناعية، ويضمن بناء الكادر البشري، ويهيئ الظروف المواتية لبروز صناعات تحويلية محلية خدمة للوطن والإنسان الموريتاني.


صحراء ميديا
منذ 3 أيام
- صحراء ميديا
الرئيس الموريتاني: حقل آحميم سيوفر فوائد كبيرة للبلاد صحراء ميديا
قال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، إن مشروع حقل الغاز السلحفاة آحميم الكبير، سيوفر فوائد كبيرة وعوائد هامة للبلاد. جاء ذلك خلال حضوره أمس، حفل تدشين عمليات تصدير الغاز الطبيعي المسال، بالمنصة العائمة لتسييل الغاز الطبيعي بمنطقة حقل الغاز السلحفاة آحميم الكبير، رفقة نظيره السنغالي باصيرو ديوماي فاي. وأضاف ولد الغزواني: ' نتحدث اليوم عن بداية المرحلة الأولى، التي ستكون فوائدها جيدة، إلا أن المرحلتين الثانية والثالثة ستكون فوائدهما كبيرتان بل ضخمتان، منها فوائد وعائدات للخزينة العامة، وتوفير الطاقة الكهربائية للمواطنين وللصناعة الموريتانية.' وأشار إلى 'المحتوى المحلي الذي سيساهم في تحقيق تحول حقيقي يرفع من وتيرة النماء الاقتصادي، وهو مربط الفرس.' وتابع: 'إذن الاقبال على التكوين والإبداع وروح المبادرة هي الطريق التي ستمكننا – إن شاء الله – من الاستفادة الكبيرة من المحتوى المحلي، وسوف ترفع من عائدات استغلال مواردنا الطبيعية، التي ستتجلى من خلالها آثار هذه العائدات على مواطنينا وحياتهم وعلى التنمية الاقتصادية عموما.'


تونس تليغراف
منذ 3 أيام
- تونس تليغراف
Tunisie Telegraph ماذا دار في لقاء النفطي بالمفوضة الأوروبية لشؤون البحر الأبيض المتوسط
قالت السيدة Dubravka Šuica المفوضة الأوروبية لشؤون البحر الأبيض المتوسط في تغريدة لها على منصة تويتر بعيد لقائها بوزير الخارجية محمد علي النفطي الذي يشارك حاليا في أشغال الدورة العادية الثالثة لاجتماع وزراء خارجية الاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي والاجتماع الأول لمتابعة التعاون الافريقي الأوروبي ببروكسيل ' 'تُعد تونس شريكًا استراتيجيًا للاتحاد الأوروبي. أجريتُ نقاشًا صريحًا حول أهدافنا المشتركة في مجالات الازدهار الاقتصادي، وتغيّر المناخ، والهجرة، وغيرها مع وزير الخارجية محمد علي النفطي. أتطلع إلى تعزيز تعاوننا وشراكاتنا الإقليمية في إطار الاتفاق الجديد من أجل منطقة البحر الأبيض المتوسط.' و'الاتفاق الجديد من أجل منطقة البحر الأبيض المتوسط' هو مبادرة أطلقها الاتحاد الأوروبي لتعزيز شراكته مع دول الضفة الجنوبية للمتوسط، كجزء من سياسة الجوار الأوروبية، وخصوصًا في ظل التحديات المتزايدة في المنطقة منذ جائحة كوفيد-19، والأزمات الاقتصادية والبيئية والسياسية. وقد تم تقديمه رسميًا في فيفري 2021 من قبل المفوضية الأوروبية والممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل. يهدف الاتفاق إلى بناء شراكة أقوى وأكثر توازناً وإنصافًا بين الاتحاد الأوروبي ودول جنوب المتوسط، بما في ذلك تونس، المغرب، الجزائر، ليبيا، مصر، لبنان، الأردن، سوريا (معلق)، وفلسطين. المحاور الرئيسية للاتفاق التنمية البشرية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان دعم التعليم، تمكين الشباب، المساواة بين الجنسين، ودعم المجتمع المدني. المرونة الاقتصادية والتكامل دعم الاقتصاد الأخضر، وتعزيز التجارة والاستثمار، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة. السلام والأمن تعزيز الاستقرار، ومحاربة الإرهاب، وتسوية النزاعات في المنطقة. الهجرة والتنقل مكافحة الهجرة غير النظامية، وتعزيز الهجرة القانونية المنظمة، وتطوير شراكات هجرة مع دول جنوب المتوسط. التحول الأخضر والرقمي الاستثمار في الطاقات المتجددة (كالربط الكهربائي عبر المتوسط)، وإطلاق مشاريع رقمية لدعم الابتكار والتنمية. خصّص الاتحاد الأوروبي تمويلاً يصل إلى 7 مليارات يورو للفترة ما بين 2021–2027، بهدف جذب 30 مليار يورو من الاستثمارات عبر 'الخطة الاقتصادية والاستثمارية' للمنطقة. أهمية الاتفاق لتونس بالنسبة لتونس، يشكّل هذا الاتفاق إطارًا لتعزيز الشراكة الاقتصادية والبيئية، لكنه أثار نقاشًا سياسيًا حادًا، خاصة بعد توقيع مذكرة التفاهم في جويلية 2023، التي ربطها الاتحاد الأوروبي أيضًا بملف الهجرة