❤️🌹🤲 التوكل على الله 🤲🌹❤️ بقلم المستشار عادل رفاعى
(وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) المائدة ٢٣'.
وقال: (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) إبراهيم ١١'.
وقال: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) الطلاق ٣'.
وقال عن أوليائه: (ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير) الممتحنة ٤'.
وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم:
(قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا) المُلك ٢٩'.
وقال له: (وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا) النساء ٨١'.
وقال عن أصحاب نبيه:
(الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) آل عمران ١٧٣'.
وفي الصحيحين، في حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب هم:
'الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون' صحيح أخرجه الشيخان.
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس قال:
'حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقيَّ في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم، حين قالوا له ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل'.
فالتوكل نصف الدين، ونصفه الثاني الإنابة، فإن الدين استعانة وعبادة، ومنزلته أوسع المنازل واجمعهم، ولا تزال معمورة بالنازلين، لسعة متعلق التوكل، وكثرة حوائج العالمين، وعموم التوكل، ووقوعه من المؤمنين والكفار ومن الأبرار والفجّار، والطير والوحش والبهائم،
فأهل السماوات والأرض المكلفون في مقام التوكل، وإن تباين متعلق توكلهم، فأولياؤه وخاصته يتوكلون عليه في الإيمان ونصرة دينه وإعلاء كلمته وجهاد أعدائه، وتنفيذ أوامره، ودون هؤلاء من يتوكل عليه في استقامته في نفسه، وحفظ حاله مع الله، فارغاً عن الناس، وآخرون يتوكلون عليه في معلوم يناله منه من رزق أو عافية أو نصر على عدو أو زوجة أو ولد، والعجيب أن هناك طائفة دون هؤلاء يتوكلون عليه في حصول الإثم والفواحش، يلقون بأنفسهم في المتالف والمهالك، معتمدين على الله أن يسلمهم وأن يظفرهم بمطالبهم.
وأفضل التوكل، التوكل في الواجب -واجب الحق وواجب الخلق وواجب النفس- وأوسعه وأنفعه التوكل في التأثير في الخارج في مصلحة دينية أو في دفع مفسدة دينية، وهو توكل الأنبياء في إقامة دين الله، ودفع فساد المفسدين في الأرض، وهذا توكل ورثتهم، والناس في التوكل على حسب هممهم ومقاصدهم، فَمِن متوكل على الله في حصول المُلك، ومِن متوكل في حصول رغيف.
ومن صدق توكله على الله في حصول شيء ناله، فإن كان محبوباً له مُرضياً كانت له فيه العاقبة المحمودة، وإن كان مسخوطا مبغوضا، كان ما حصل له بتوكله مَضَرَّة عليه، وإن كان مباحاً حصلت له مصلحة التوكل دون مصلحة ما توكل فيه، إن لم يستعن به على طاعته.
وعادت بيَّ الذاكرة حيث العام الميلادي ١٩٩٩، وقد أعيتني الحيل في الحصول على تأشيرة لأداء فريضة الحج لمرافقة أبي رحمه الله، الذي جاءته التأشيرة تسعى من إحدى الجمعيات على بساط المحبة، إلا أنه لم يكن يقوى على السفر وحده لظروفه الصحية، فقلبت الدنيا رأساً على عقب، وطرقت كل الأبواب، في سعيٍ دؤوب، إلا أن تلك المحاولات قد باءت جميعها بالفشل، فأبكى ذلك عيني وأوجع قلبي، وقرع مصفاة كبدي، وزاد في بلاء لُبّي، وراجعت الأمر كله، فأدركت أنني ضللت الطريق، إذ عظمّت الأسباب، ولم أتوجه بكل قلبي وخلجات نفسي لمسببها متوكلاً عليه في قضاء هذا الأمر الجلل، فَصِرْتُ إلى هذه الحسرة.
وأيقنت أنني سقطت في بئر سحيقة من ظلمات الخطيئة يجل عنها الوصف.
فالله الجليل وحده هو مقسم الأرزاق، وهو الكريم الذي لا تنفد خزائنه، وهو الذي ابتدأنا بالنعم قبل استسآلها، وامتن علينا بفيض عطائه وجزيل نعمائه.
فعدت إلى ربي لأرتمي في أحضانه، ورفعت أكف الضراعة إليه في ضعف واخبات، مؤملاً فيه وحده، بعد أن سجد قلبي سجدة الخشوع والاستكانة والخضوع والاخبات، وبعد أن وضعت خدي على عتبة العبودية، ناظرا بقلبي إلى ربي، أسأله العطف والمغفرة، بعد أن دلّني على الطريق الصحيح، وترسمت خُطاه بأنوار في الضمير تضيء دياجير الظلم.
فهو أقرب باب إلى الله وأوسعه، فمن أراد السعادة الأبدية، فليلزم عتبة العبودية، ومذ عرفت الطريق ظللت أطرق أبواب الله بقلبي قبل لساني، وبروحي قبل الجسد -ومن أدمن طرق الباب ولج-
فانهمرت النعم من حيث لا أستطيع لها عدّاً، وأصبح البيت الحرام والمدينة المنورة خير مزار لسنوات عددا، وأصبحت تأتيني تأشيرات الحج والعمرة تسعى، في غير معاناة أو تكلف، وضمّتني بالدفء أحضان الأرض المقدسة في العام الألفين الميلادي، وأنا برفقة أبي فحججنا البيت وطفنا وسعينا ورمينا الجمار ووقفنا بعرفه وزرنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بمدينته، ثم توالت بعدها الزيارات الواحدة تلو الأخرى، ولم لا؟ فهي بقاع مقدسة، أول خيط الهدى عندها، وآخره فوق كل البشر.
أدركت أن الله تعالى هو الملاذ، إذا انقطع الرجاء عند العبيد، فلا ينقطع أبدا عند المبدئ المعيد، فهو الذي يهدئ بنسائمه عواصف الروح الهوجاء، ويُعطيك سؤلك ويرضيك ويغنيك، ويفتح لك أبواب السماوات والأرض فيأتي الفرج أرق من النسيم، وأنضر من صفحة الروض الوسيم، وأعذب من الماء السلسبيل، وكأنه الفرات السائغ من سياله الرقراق ونبعه المتجدد وعبيره الفواح ماءً نميرا، يجري في الجداول والأنهار، ليسقي الرياض والبساتين، وقد صدق الله الجليل إذ يقول في حديثه القدسي:
(أيطرق بالخواطر باب غيري وبابي موجود، أم هل يؤمل للشدائد سواي وأنا الملك القادر، لأكسون مَن أمّل في غيري ثوب المذلة.
أدركت أن الأماني بغير توكل على الله تعالى خداع وغرور، وأنها بحر لا ساحل له، يركبه مفاليس العالم، فالمنى بغير توكل رأس مال المفاليس، وبضاعة ركابه مواعيد الشياطين، وخيالات المحال والبهتان، ولا تزال أمواج الأماني الكاذبة والخيالات الباطلة تتلاعب براكبه، كما تتلاعب الكلاب بالجيف، وهي بضاعة كل نفس مهينة خسيسة، وأما أصحاب الهمة العالية الذين يتوكلون على ربهم آخذين بالأسباب المشروعة، دون عبادة لها، فأمانيهم إيمان ونور وحكمة.
وأن حكمة الله تظل مطوية في ظلمات الغيب، لا يتنورها إلا من غمره شعاع التوكل، الذي يفجر لديه نور الحكمة في القلوب،
واما الذين تعبدتهم شهوات أنفسهم، فلا يعرفون عبودية ولا توكلا، وهم أبدا في حيرة وضلال.
وإذ التقيت أستاذي الأستاذ بجامعة الأزهر فسألته عن التوكل؟ قال:
التوكل عمل القلب وهو علم القلب بكفاية الرب للعبد، وهو انطراح القلب بين يدي الرب الجليل، يقلبه كيف يشاء، وهو الاسترسال مع الله مع ما يريد، والرضا بالمقدور،
وهو في حقيقته الثقة بالله والطمأنينة إليه والسكون به.
وقد عرّفه ابن عطاء فقال:
التوكل ألا يظهر فيك انزعاج إلى الأسباب، مع شدة فاقتك إليها، ولا تزول عن حقيقة السكون إلى الحق مع وقوفك عليها، وقد ذكر ذو النون أنه:
ترك تدبير النفس والانخلاع من الحول والقوة وإنما يقوى العبد على التوكل، إذا علم أن الحق سبحانه يعلم ويرى ما هو فيه،
فهو التعلق بالله في كل حال،
وأن ترد عليك موارد الفاقات فلا تسمو إلا إلى من إليه الكفايات، وقال البعض هو نفي الشكوك، والتفويض إلى مالك الملوك وخلع الأرباب وقطع الأسباب.
وقد عرّف أبو تراب النخشبي التوكل بأنه:
' هو طرح البدن في العبودية وتعلق القلب بالربوبية، والطمأنينة إلى الكفاية،
فإن أعطيّ شكر، وإن مُنِع صبر.
وهذا أبو يعقوب النهرجوري عرف التوكل على الله بكمال الحقيقة، كما وقع لابراهيم الخليل عليه السلام وهو ملقى في النار، إذ قال لجبريل عليه السلام:
أما إليك فلا، لأنه غائب عن نفسه بالله، فلم يرَ مع الله غير الله،
فسألته هل التوكل ينافي القيام بالأسباب؟
قال: أجمع القوم على أن التوكل لا ينافي القيام بالأسباب،
فلا يصح التوكل إلا مع القيام بها، وإلا فهو بطالة وتوكل فاسد.
وترك الأسباب المأمور بها قادح في التوكل، وقد تولى الحق إيصال العبد بها، وأما ترك الأسباب المباحة فإن تركها لما هو أرجح منها مصلحة وفعلٌ ممدوح، وإلا، فهو مذموم.
وأردف أن أبا علي الدقاق ذكر أن التوكل ثلاث درجات:
التوكل ثم التسليم ثم التفويض
فالتوكل صفة العوام والتسليم صفة الخواص والتفويض صفة خاصة الخاصة،
والتوكل صفة الأنبياء والتسليم صفة ابراهيم عليه السلام والتفويض صفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
فسألته وما حقيقة التوكل؟ قال:
إن التوكل حال مركبة من مجموع أمور لا تتم حقيقة التوكل إلا بها، وأول ذلك
معرفة بالرب وصفاته من قدرته وكفايته وقيوميته
وانتهاء الأمور إلى علمه، وصدورها عن مشيئته وقدرته، فأي توكل لمن لا يعتقد بهذه الصفات لله كان وهماً، وكل من كان بالله وصفاته أعلم وأعرف كان توكله أصح وأقوى
ثانياً: اثبات في الأسباب والمسببات،
فالتوكل من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب، ويندفع بها المكروه، فمن أنكر الأسباب لم يستقم منه التوكل، لكن من تمام التوكل، عدم الركون إلى الأسباب، وقطع علاقة القلب بها، فيكون حال قلبه قيامه بالله لا بها، وحال بدنه قيامه بها، فالاسباب محل حكمة الله وأمره ودينه، أما التوكل فمتعلق بربوبيته وقضائه وقدره، فلا تقوم عبودية الأسباب إلا على ساق التوكل ولا يقوم ساق التوكل إلا على قدم العبودية.
ثالثاً: رسوخ القلب في مقام توحيد التوكل، فلا يستقيم توكل العبد حتى يصح له توحيده،
فالتوكل لا يتم إلا برفض الأسباب عن القلب وتعلق الجوارح بها، فيكون منقطعاً منها متصلاً بها
رابعاً: إعتماد القلب على الله واستناده إليه وسكونه إليه، بحيث لا يبقى فيه اضطراب من تشويش الأسباب ولا سكون إليها، بل يخلع السكون إليها من قلبه ويلبسه السكون إلى مسببها، فلا يبالي بإقبالها وادبارها، ولا يضطرب قلبه، ويخفق عند ادبار ما يحب منها واقبال ما يكره، لأن اعتماده على الله وسكونه إليه واستناده إليه، قد حصنه من خوفها ورجائها.
خامساً: حسن الظن بالله عز وجل، فعلى قدر حسن ظنك بربك ورجائك له، يكون توكلك عليه، إذ لا يتصور التوكل على من ساء ظنك به، ولا التوكل على من لا ترجوه.
سادساً:
استسلام القلب له وانجذاب دواعيه كلها إليه وقطع منازعاته.
فالتوكل إسقاط التدبير، وهو ما يعني الاستسلام لتدبير الرب القدير لك فيما يفعله بك.
سابعاً: التفويض، وهو إلقاء أمورك كلها إلى الله، مع العلم بكمال علم من فُوِض إليه وقدرته وشفقته.
ثامناً: الرضا، فمن توكل على الله قَبِل الفعل ورضي بالمقضي له بعد الفعل، فسألته هل يشتبه المحمود الكامل بالمذموم الناقص في هذا الباب؟ قال:
يشتبه التفويض بالإضاعة، فيضيع العبد حظه ظناً منه أن ذلك تفويض وتوكل، وإنما هو تضييع لا تفويض، فالتضييع في حق الله والتفويض في حقك،
ومنه اشتباه التوكل بالراحة والقاء حمل الكل، فيظن صاحبه أنه متوكل وإنما هو عامل على عدم الراحة، فالمتوكل مجتهد بالأسباب المأمور بها غاية الإجتهاد، ومنه اشتباه خلع الأسباب بتعطيلها، فخلعها توحيد وتعطيلها الحاد وزندقة،
فخلعها عدم اعتماد القلب عليه، ووثوقه وركونه إليها مع قيامه بها، وتعطيلها إلغاؤها عن الجوارح، ومنه اشتباه الثقة بالله بالغرور والعجز، والفرق بينمها أن الواثق بالله قد فعل ما أمره الله به، ووثق بالله في طلوع ثمرته، وتنميتها وتزكيتها كغارس الشجرة وباذر الأرض، والمغتر العاجز قد فرّط فيما أُمِر به، وزعم أنه واثق بالله، والثقة تصح بعد بذل المجهود، ومنه اشتباه الطمأنينة إلى الله والسكون إليه بالطمأنينة إلى المعلوم، وسكون القلب إليه، ولا يميز بينهما إلا صاحب البصيرة، الذي يعلم أن طمأنينته وسكونه لا يكون إلا بالله ولله، ومنه اشتباه الرضا عن الله بكل ما يفعل بعبده، مما يحبه ويكرهه، بالعزم على ذلك وحديث النفس به، وذلك شيء والحقيقة شيء آخر،
ومنه اشتباه علم التوكل بحال التوكل، فكثير من الناس يعرف التوكل وحقيقته وتفاصيله، فيظن أنه متوكل، لكنه ليس من أهل التوكل، فحال التوكل أمر آخر من وراء العلم به، وهذا كمعرفة المحبة والعلم بها وأسبابها ودواعيها وحال المحب العاشق وراء ذلك، وكمعرفة علم الخوف وحال الخائف وراء ذلك، وهو شبيه بمعرفة المريض ماهية الصحة وحقيقتها وحاله بخلافها
فسألته وهل يكون التوكل اضطرارا أم اختيارا؟
قال: التوكل يكون تارة توكل اضطرار وإلجاء، بحيث لا يجد العبد ملجأ إلا التوكل، كما إذا ضاقت عليه الأسباب وضاقت عليه نفسه، وظن أن لا ملجأ من الله إلا إليه، وهذا لا يتخلف عنه الفرج والتيسير البتة، وتارة يكون توكل اختيار، وذلك التوكل مع وجود السبب المفضي إلى المراد، فإن كان مأمورا به، ذُم على تركه، وإن قام بالسبب وترك التوكل ذُم على تركه أيضاً، فيجب الجمع بينهما، وإن كان السبب مُحرّماً، حُرِّم عليه مباشرة وإن كان مباحاً نظر هل يعيق قيامه به التوكل أو يضعفه، فإن أضعفه وفرق عليه قلبه وشتت همه فتركه أولى
وان لم يضعفه فمباشرته أولى، وسر التوكل وحقيقته هو اعتماد القلب على الله وحده، فلا يضره مباشرة الأسباب مع خلو القلب من الاعتماد عليها والركون إليها.
'يراجع كتاب مدارج السالكين للإمام ابن القيم الجزء الأول'
فسألته هل التطير والتشاؤم يتنافى مع التوكل على الله؟
قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعحبه الفأل الحسن، فلا ريب في ثبوت ذلك عنه وقد قرن ذلك بإبطال الطيرة كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
'لا طيرة وخيرها الفأل،
قالوا وما الفأل يا رسول الله
قال: الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم'
أخرجه البخاري ٥٧٥٤
ومسلم ٢٢٢٣
وقد ثبت من حديث عبد الله ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
من أرجعته الطيرة من حاجته فقد أشرك، قالوا وما كفارة ذلك يا رسول الله ؟
قال: أن يقول أحدهم اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك ثم يمضي حاجته'
وخلاصة القول أن التطير هو التشاؤم من الشيء المرئي أو المسموع، فإذا استعملها الإنسان فرجع بها من سفره وامتنع بها مما عزم عليه، فقد قرع باب الشرك وبرئ من التوكل على الله، وفتح على نفسه باب الخوف، والتعلق بغير الله، وهو قاطع عن مقام إياك نعبد وإياك نستعين وعن مقام فاعبده وتوكل عليه وعن مقام عليه توكلت وإليه أنيب، فيصير قلبه متعلقا بغير الله عبادة وتوكلاً، فيفسد عليه قلبه وإيمانه وحاله ويبقى هدفاً لسهام الطيرة، ويقيض له الشيطان من ذلك ما يفسد عليه دينه ودنياه، وكم أُهلِك قوم بذلك وخسروا الدنيا والآخرة، فأين هذا من الفأل الصالح السار للقلوب المؤيد للآمال الفاتح باب الرجاء المسكن للخوف الرابط للجأش الباعث على الاستعانة بالله والتوكل عليه والاستبشار المقوى لأمله، السار لنفسه وهذا ضد الطيرة، والفأل يفضي بصاحبه إلى الطاعة والتفويض والطيرة تفضي بصاحبها إلى المعصية والشرك، لهذا استحب الرسول صلى الله عليه وسلم الفأل وأبطل الطيرة.
'يراجع كتاب دار مفتاح السعادة للإمام ابن القيم 222 : 225'
فاللهم إنا نسألك إيمانا لا يرتد ونعيما لا ينفد، وقرة عين الأبد، ومرافقة نبيك صلى الله عليه وسلم في أعلى جنة الخُلد، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون علينا به مصائب الدنيا والآخرة، اللهم املأ وجوهنا منك حياء وقلوبنا منك فرقا وأسكن في نفوسنا من عظمتك ما تذلل به جوارحنا لخدمتك، واجعلك اللهم أحب إلينا من سواك، نسألك جوامع الخير وفواتحه وخواتمه، ونعوذ بك من جوامع الشر ومفاتحه وخواتمه،
اللهم أصلح ذات بيننا وألف بين قلوبنا واهدنا سبل السلام وأخرجنا من الظلمات إلى النور بإذنك واعتق رقابنا من النار وأجرنا منها وقنا عذابها ولا تدخلنيها مع أعدائك من الكفار والفجار
واغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أعلنا وما أسررنا
أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت
اللهم أمنن علينا بنصر قريب، تشفي به صدور المؤمنين، وتقر به أعين الموحدين وتخذل به أعداء الدين وترد به الحق للمهضومين، وتستجيب به لدعوة المظلومين، واجبر برحمتك كسرنا وتولى بعنايتك أمرنا واهدنا لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.
واجعل بلادنا في أمانك وضمانك وحرزك، واستر أهلها وقوِ جيوشها، وكل لنا نصيرا ومعينا ومجيراً، واحفظنا من كل مكروه وسوء، وارحمنا بترك المعاصي أبدا ما أبقيتنا، وأعنا على شهوات أنفسنا وقسوة قلوبنا وضعف إرادتنا واقبل توباتنا واغسل حوباتنا، وانس الحفظة والزمان والمكان والجوارح ذنوبنا، وحققنا بحقائق أهل القرب، واسلك بنا مسالك أهل الحب، واعتق رقابنا ورقاب أهلينا وأحبابنا من النار، وغيّر ما بأنفسنا، وحول حالنا من الضعف إلى القوة ومن العسر إلى اليسر ومن الخوف إلى الأمن ومن اليأس إلى الأمل ومن الذلة إلى العزة ومن الهزيمة إلى النصر ومن الفرقة إلى الوحدة ومن الغي إلى الرشاد ومن الضلال إلى الهدى ومن الانحراف إلى الإستقامة ومن رذائل الجاهلية إلى فضائل الإسلام
ونسألك أن تصل على حبيبنا وشفيعنا وقرة أعيننا سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى زوجاته أمهات المؤمنين وعلى أصحابه الغر الميامين وعلى من والاه إلى يوم الدين
ما هبت النسائم و ما ناحت على الأيك الحمائم
ما طلعت شمس النهار و ما قد شعشع القمر
ما جن ليل الدياجي أو بدا السحر
ما صحب الدجى حاد وحنت بالفلا وجناء
المستشار: عادل رفاعي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

يمرس
منذ 29 دقائق
- يمرس
تحضيرات مبكرة لاستقبال ذكرى المولد النبوي بامانة العاصمة
تحضيرات مبكرة ومكثفة تشهدها العاصمة في عموم مديرياتها وقطاعاتها المختلفة، وتتهيأ قلوب أبنائها لاستقبال ذكرى مولد خير خلق الله وأعظم قائد وشخصية عرفتها البشرية محمد صلوات الله عليه وآله وسلم. وبوتيرة عالية وتفاعل واسع، بدأت منذ أسبوعين أعمال تحسين ونظافة وإضاءة وتزيين الشوارع والحارات والمباني والحدائق والمتنزهات والساحات والأماكن العامة، ابتهاجاً بقدوم ذكرى مولد الرسول الأعظم، ولكي تكون العاصمة في أبهى حللها. بدأت ملامح الاحتفاء تتشكل في تفاصيل الحياة اليومية في صنعاء المدينة التي تفوح بعبق التاريخ، فالشوارع تكتسي باللون الأخضر والمآذن تزداد بهاءً، والمساجد تتحول إلى منارات ومنابر للذكر، حيث تُقام المحاضرات والدروس التي تستعرض سيرة الرسول الأعظم وتربطها بالواقع المعاصر الذي يعيشه الشعب اليمني في ظل موقفه المشرف المساند والمناصر للأشقاء في غزة. وفي السياق تستعد الجهات الرسمية والمجتمعية لإطلاق الزينة الضوئية في الساعة الثامنة من مساء اليوم في العاصمة صنعاء تدشينا للفعاليات التحضيرية لذكرى المولد النبوي على صاحبه وآله أفضل الصلاة وأزكى التسليم. أما الإنشاد والمديح النبوي، فهما صوت الروح في صنعاء ، ويحتلان مكانة خاصة في هذه المناسبة الدينية الجليلة، حيث تُقام الأمسيات الإنشادية في مختلف الأحياء والمراكز الثقافية، في أجواء روحانية تتجاوز الطابع الاحتفالي إلى حالة وجدانية جماعية. يبهر اليمنيون العالم كله، بحفاوة استقبالهم، ومشهد احتفالهم العظيم والمهيب بهذه المناسبة، ويجددون عهد الولاء لرسول الله والاقتداء به والمضي على نهجه في نصرة الحق ومواجهة أعداء الأمة والدفاع عن المقدسات. تعد ذكرى المولد النبوي الشريف مناسبة دينية تتجسد فيها وحدة الأمة الإسلامية، ومنطلقا لتغيير وتصحيح واقعها، واستشعار المخاطر التي تترصدها من قبل أعدائها والتي تستهدف الإسلام وكل المسلمين. فعندما ابتعدت الأمة عن نبيها الكريم، استباحها الأعداء، وانتهكوا مقدساتها، إدراكا من العدو أن من يفرط برسول الله صلوات الله عليه وعلى آله سيفرط بفلسطين، وبكل المقدسات. تتجلى عظمة وأهمية التمسك بالنبي الكريم، في صلابة وإرادة الشعب اليمني وعزيمته الإيمانية والجهادية واستشعاره لمسؤولياته تجاه دينه وقضايا أمته وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والتصدي لمؤامرات الأعداء التي تستهدف اليمن وكل الأمة العربية والإسلامية. يعبر الشعب اليمني من خلال استقبال وإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف عن اعتزازه وافتخاره بعظيم محبته وارتباطه الوثيق برسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، والمضي على نهجه وسيرته العظيمة في نصرة الحق والمستضعفين والمقدسات الإسلامية، ومواجهة قوى الطغيان والاستكبار العالمي. يدرك شعب الإيمان والجهاد والنصرة، أهمية وعظمة التمسك بالقرآن والنبي الكريم كونه السبيل الوحيد لفلاح الأمة ونجاحها وعزتها والانتصار على أعدائها وتحرير مقدساتها من الصهاينة المجرمين. تتجلى ثمار الاتباع والتولي لله ورسوله، في الموقف اليمني العظيم والمشرف في نصرة غزة والشعب الفلسطيني والأقصى الشريف مسرى رسول الله، ومواجهة الطغاة والمستكبرين أمريكا وإسرائيل، رغم كل التحديات. وكأعظم وأغلى مناسبة على وجه الأرض، يحتفل اليمنيون بذكرى المولد النبوي، بما تحمل من دلالات عميقة تعكس إيمان وحب اليمنيين وارتباطهم الوثيق بالرسول الأعظم، وتاريخهم الإسلامي العريق. إذ يمثل الابتهاج والاحتفاء الكبير بهذه المناسبة رسالة لأعداء الأمة وعملاء الصهاينة والأمريكان ، مفادها أن موقف اليمن الراسخ مع غزة وفلسطين هو جزء من هوية الشعب اليمني وإيمانه العميق وارتباطه بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبما جاء به من هدى وتعاليم وقيم إنسانية وأخلاقية. ورغم محاولات الأعداء وأدواتهم التقليل من أهمية الاحتفاء بذكرى المولد النبوي، إلا أن الشعب اليمني ومن منطلق هويته الإيمانية الراسخة يعتبرها من أعظم وأهم المناسبات الدينية، ويتصدر شعوب الأمة الإسلامية في إحيائها، ليرسم لوحة إيمانية فريدة تزدان بحب وتوقير النبي الكريم. كما أن مظاهر إحياء هذه الذكرى ليست بجديدة على أبناء اليمن الذين ناصروا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ بداية بعثته الشريفة، وكان لهم أدوار عظيمة في نشر رسالة الإسلام إلى أصقاع الأرض، ولهذا وصفهم النبي بأنهم أهل الإيمان والحكمة، تعبيرا عن مكانتهم الخاصة والعظيمة لدى الرسول الأعظم.


وضوح
منذ ساعة واحدة
- وضوح
أحلام أهل غزة… رسائل ربانية لتخفيف أهوال الحرب ولبعث الأمل
كتب / ممدوح الشنهوري منذ اندلاع حرب السابع من أكتوبر، يعيش الفلسطينيون في غزة أهوالاً تفوق الخيال، بين الموت والقتل والدمار والخوف المستمر، وكأنهم في مشاهد من يوم القيامة، ولكن بأيدٍ بشرية تمارس القتل بدم بارد، هي أيدي الاحتلال الإسرائيلي. وفي ظل هذه المأساة التي يراها العالم بالصوت والصورة كل يوم، يظل للجانب الروحي والإنساني مساحة خاصة في حياة أهل غزة، حيث تظهر الأحلام والرؤى كنافذة ربانية تبعث الأمل أو تمنحهم الصبر على ما يمرون به. الرؤى والأحلام… عزاء من السماء أفاد العديد من الغزيين بأنهم يعيشون تجارب روحانية مدهشة، تتمثل في رؤى وأحلام تأتيهم قبل وقوع الأحداث، سواء أياماً أو ساعات، وكأنها رسائل إلهية لإعدادهم لما هو قادم، سواء كان خيراً أو شراً. هذه الرؤى، التي قد يراها البعض منحة إلهية، تمنحهم فرصة للاستعداد النفسي والروحي لمواجهة قدرهم، أو تبشرهم بالفرج بعد الضيق. الإرث النبوي في تفسير الرؤى الرؤى الصالحة جزء من الميراث النبوي، كما قال رسول الله ﷺ: 'لم يبق من النبوة إلا المبشرات'، قالوا: وما المبشرات؟ قال: 'الرؤيا الصالحة'. (رواه البخاري) كما قال ﷺ: 'الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة' (رواه البخاري ومسلم). ولهذا فإن فهم الرؤى وتفسيرها ليس لكل أحد، بل يحتاج إلى علم وخبرة ودراية بأصول التعبير. قصص واقعية من قلب غزة من بين القصص المؤثرة التي ترويها الأسر الفلسطينية، ما ذكرته سيدة من غزة عن حلمها بابنها الذي كان يقبل قدمها في المنام، ولم تدرك معناه إلا بعد استشهاده، حيث شعرت أنه كان يودعها قبل أن يذهب – بإذن الله – إلى الجنة. كما حكى أحد الفلسطينيين عن حلمه بعناق طويل من ابنة أخته قبل القصف بساعات، ولم يعلم حينها أنه كان العناق الأخير، قبل أن تُستشهد مع ستة من أفراد عائلتها. الرسالة الأوسع… ليست حكراً على غزة ورغم أن هذه الرؤى والمبشرات تنتشر بكثرة بين أهل غزة خلال الحرب، إلا أن هذا العالم الروحاني قد يظهر في أي مكان وزمان، بحسب درجة قرب العبد من ربه وصفاء قلبه، ليكون شاهداً على ما تبقى من إرث النبوة ورسالة السماء بعد خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد ﷺ. ممدوح الشنهوري كاتب صحفي وعضو المنظمة المصرية والدولية لحقوق الإنسان


فيتو
منذ 2 ساعات
- فيتو
كيف يتعامل الأبناء مع الأب الذي يهين أمهم؟ تعرف على رد الإفتاء
ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية يقول صاحبه: 'ما هي كيفية تعامل الأولاد مع أبيهم الذي يهين أمهم؟ فوالدي رجل عصبي، ودائمًا نراه يتطاول على والدتي ويسيء إليها على أقل الأسباب أمامي أنا وإخوتي جميعًا، مما يجعلنا في بعض الأحيان نسيء التعامل معه ونقصر في البر والإحسان إليه، فما الحكم في ذلك، وماذا نصنع تجاهه؟'. حث الشرع الشريف على حسن العشرة بين الزوجين وقالت دار الإفتاء إنه من المقرر شرعًا أن الإسلام جعل الألفة والمودة والرحمة الأساس الذي تبنى عليه العلاقة بين الزوجين؛ قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21]؛ قال الإمام البغوي في "تفسيره" (3/ 575، ط. دار إحياء التراث العربي): [جعل -أي: الحق سبحانه وتعالى- بين الزوجين المودة والرحمة، فهما يتوادان ويتراحمان وما شيء أحب إلى أحدهما من الآخر من غير رحم بينهما] اهـ. بر الوالدين وقد حثَّ الشرع الشريف الزوج بأن يحسن العشرة مع زوجته، وأن يعاشرها بالمعروف؛ لا أن يهينها أو يسيء إليها أو يؤذيها بقول أو فعل؛ قال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: 19]. قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (5/ 97، ط. دار الكتب المصرية): [قوله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ أي: على ما أمر الله به من حسن المعاشرة. والخطاب للجميع... ولكن المراد بهذا الأمر في الأغلب الأزواج، وهو مثل قوله تعالى: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ﴾ [البقرة: 229]، وذلك توفية حقها من المهر والنفقة، وألا يعبس في وجهها بغير ذنب، وأن يكون منطلقًا في القول لا فظًّا ولا غليظًا ولا مظهرًا ميلًا إلى غيرها] اهـ. وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم معيار الخيرية في الأزواج قائمًا على حسن معاملتهم لزوجاتهم، والإحسان إليهم، وكف الأذى عنهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِكُمْ» أخرجه الأئمة: الترمذي، وأحمد، وابن حبان. وفي رواية أخرى عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنَهُمْ خُلُقًا، وَأَلْطَفَهُمْ بِأَهْلِهِ» أخرجه الأئمة: الترمذي، والنسائي، وأحمد، وابن أبي شيبة، وابن حبان، والحاكم. قال الشيخ عبد الرؤوف المُناوي في "فيض القدير" (2/ 97، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [(وخياركم خياركم لنسائهم) أي: من يعاملهن بالصبر على أخلاقهن... وطلاقة الوجه، والإحسان، وكف الأذى، وبذل الندى، وحفظهن من مواقع الريب] اهـ. مشاكل أسرية حكم إهانة الزوج زوجته والتطاول عليها بالسبّ أو الضرب وأكدت الإفتاء أنه لا يجوز للزوج أن يهين زوجته أو يتطاول عليها بأي حال من الأحوال؛ لأن إهانة الزوجة والاستطالة عليها بالسبِّ أو الضَّرب حرام شرعًا؛ فعن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، أَوِ اكْتَسَبْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ» أخرجه الأئمة: أبو داود، والنسائي، والبيهقي، وأحمد. قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" (3/ 221، ط. المطبعة العلمية): [قوله: «وَلَا تُقَبِّحْ»، معناه: لا يسمعها المكروه ولا يشتمها؛ بأن يقول: قبحك الله، وما أشبهه من الكلام] اهـ. بيان فضل برّ الوالدين والإحسان إليهما وحرمة عقوقهما وقد أمر الله تعالى ببر الوالدين والإحسان إليهما، والتلطف في معاملتهما، وقرن عبادته ببرهما، وشكرهما بشكره، ونهى عن كل ما يؤذيهما من قول أو فعل؛ قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 23-24]. قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (14/ 17): [أمر الله سبحانه بعبادته وتوحيده، وجعل بر الوالدين مقرونًا بذلك، كما قرن شكرهما بشكره... ومن البر بهما والإحسان إليهما: ألا يتعرض لسبهما ولا يعقهما، فإن ذلك من الكبائر بلا خلاف] اهـ. وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن بر الوالدين أفضل الأعمال بعد الصلاة التي هي من أعظم دعائم الإسلام، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قلت: يا رسول الله، أي العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصَّلَاةُ عَلَى مِيقَاتِهَا»، قلت: ثم أي؟ قال: «ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ»، قلت: ثم أي؟ قال: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» متفق عليه. وقد أجمع الفقهاء على حرمة عقوق الوالدين، وكونه كبيرة من كبائر الذنوب، قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (16/ 104، ط. دار إحياء التراث العربي): [وأجمع العلماء على الأمر ببر الوالدين وأن عقوقهما حرام من الكبائر] اهـ. وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" (10/ 406، ط. دار المعرفة): [والعقوق -بضم العين المهملة- مشتقٌّ من العق، وهو القطع، والمراد به: صدور ما يتأذَّى به الوالد من ولده من قولٍ أو فعلٍ، إلا في شرك أو معصية] اهـ. كيفية تعامل الأولاد مع أبيهم الذي يهين أمهم وأضافت أن الأمر ببر الوالدين والإحسان إليهما، وفعل ما يسرهما، وعدم الإساءة إليهما بالقول أو الفعل جاء عامًّا غير مشروط بصلاحهما وحسن تصرفهما، فالوالدان لهما حق البر والإحسان في جميع الأحوال، ولا يسقط بإساءتهما. وإذا أساء الرجل إلى زوجته أمام أولادهما، فإنه ينبغي على الأولاد حينئذ توجيه النصح إلى والدهم بالمعروف من غير عنف أو إساءة، وذلك النصح يستلزم الحكمة في الشكل والتوقيت والأسلوب والمفردات؛ ليتحقق الغرض المطلوب من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحتى لا يؤدي إلى مفسدة أعظم؛ لأن من الشروط التي اشترطها الفقهاء لإنكار المنكر: ألا يؤدي ذلك الإنكار إلى مفسدة أكبر، فإن أدى إلى مفسده أكبر، كان منهيًّا عنه، وأن يأمن المُنكِر من أن المُنكَر عليه لا يزيد عنادًا، وأن يغلب على ظن المُنكِر أن إنكاره يزيل المنكر. قال الشيخ الخرشي في "شرحه على مختصر خليل" (3/ 109، ط. دار الفكر): [الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفاية بشروط... أن يأمن أن يؤدي إنكاره إلى منكر أكبر منه... وأن يعلم أو يظن أن إنكاره يزيل المنكر، وأن أمره بالمعروف مؤثر فيه ونافع. وبفقد الشرطين الأولين يحرم الأمر والنهي] اهـ. وقال العلامة شمس الدين الرملي في "نهاية المحتاج" (8/ 49، ط. دار الفكر): [وشرط وجوب الأمر بالمعروف أن يأمن على... غيره، بأن يخاف عليه مفسدة أكثر من مفسدة المنكر الواقع... وأمن أيضا أن المنكر عليه... لا يزيد عنادًا، ولا ينتقل إلى ما هو أفحش] اهـ. كيف يتعامل الأبناء مع الأب الذي يهين أمهم؟ وقال الشيخ البهوتي في "كشاف القناع" (3/ 37، ط. دار الكتب العلمية): [وقال ابن عقيل في آخر "الإرشاد": من شروط الإنكار: أن يعلم أو يغلب على ظنه أنه لا يفضي إلى مفسدة] اهـ. وقال الشيخ ابن مفلح في "الآداب الشرعية والمنح المرعية" (1/ 449، ط. عالم الكتب): [وقال -الإمام أحمد- في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه] اهـ. وإذا تعذر على الأولاد منع الأب من الإساءة إلى أمهم، فإنه يمكنهم اللجوء إلى أهل الخير والصلاح من الأهل والأقرباء، أو غيرهم ممن يستطيع رده عن ما يقوم به من التصرفات السيئة. كيف يتعامل الأبناء مع الأب الذي يهين أمهم؟ وأوضحت الإفتاء أنه بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال، فالأب له حق البر والإحسان في جميع الأحوال، ولا يسقط هذا الحق بإساءته، أو سوء تصرفاته مع الأم، وعلى الأولاد توجيه النصح إليه بالمعروف، وأن يختاروا لذلك الوقت المناسب والأسلوب اللائق، مع الدعاء له بالصلاح والهداية، وإن تعذر عليهم ذلك فيمكنهم اللجوء إلى أهل الخير والصلاح من الأقارب أو غيرهم؛ لرده عن سوء تصرفه. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.