
"غزة تنادينا".. معرض خيري في صيدا جنوبي لبنان نصرةً لأهالي غزة
ضم المعرض، الذي يستمر حتى اليوم السبت، مجموعة من المواد المتنوعة، من بينها ملابس، إكسسوارات، أدوات منزلية، مشغولات يدوية، مأكولات بيتية، وغيرها من المنتوجات، على أن يخصص كامل ريع المعرض لدعم أهالي غزة.
وفي حديثها لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أوضحت السيدة ميرفت أبو زينب أن إقامة هذا المعرض جاءت كردّ فعل شعبي على المجازر المستمرة في قطاع غزة، قائلة: "في خضم الجوع والمعاناة والألم، وبعد مراقبتنا لما يحصل في غزة منذ سنتين، قررنا ألّا نقف مكتوفي الأيدي أمام التجويع والبطش والقتل الممنهج لشعبنا الصامد. ما حصل أدمى قلوبنا، ونحن كشعب لبناني لا يمكن أن نكون شركاء في الصمت، لأن ما يحدث لا يمكن وصفه بالمعاناة البسيطة، بل هو أمر غير مقبول إطلاقًا".
وبيّنت أبو زينب أن المجموعة التي نظّمت المعرض تتألف من أخوات يجتمعن لقراءة القرآن وحفظه، وقد قرّرن أن يبادرن، ولو بخطوة بسيطة، لنصرة غزة: "تعاونّا في تحضير المأكولات البيتية، وجلبنا أغراضًا من بيوتنا لبيعها. منتوجاتنا لا تهدف لأي ربح تجاري، بل هدفنا الأساسي هو نشر الوعي وتذكير الناس بما يعانيه أهلنا في غزة. كل من له قلب وبصيرة شارك في إنجاح المعرض، من مهندسين ومتطوعين من مراكز تحفيظ القرآن، مثل مسجد الفرقان في صيدا، ومشغل الأم ، وهيئة الرعاية الإسلامية. قدّموا الكثير، وهو لا يقارن بما يقدمه أهلنا في غزة من تضحيات".
وفي رسالتها الإنسانية، شددت أبو زينب على أن الدافع الأساسي وراء هذه المبادرة هو الإيمان الإسلامي والواجب الأخلاقي تجاه من يحاصر ويجوع ويذبح، وأضافت: "نحن لا بد أن نتحرك، فليس ما يحرك قلوب الناس في الغرب بأقوى مما يحرك قلوبنا كمسلمين. لا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي في وجه هذه المجازر. أهل غزة لا يريدون سوى لقمة وشربة ماء وحرية على أرضهم. والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، ومن فرج عن مسلم كربة، فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. نحن مسؤولون ومحاسبون أمام الله، وسيسألنا عن هذا الصمت والتخاذل".
وفي ختام حديثها، وجهت أبو زينب رسالة إلى أهالي غزة، قالت فيها: "نحن نحاول أن نفي جزءا لا يذكر مما قدمتموه للأمة وللقضية، ونشكركم لأننا استمددنا منكم القوة والصبر. نحن معكم، لن ننساكم، ووجعنا هو وجعكم. نسأل الله أن يقدرنا على تقديم المزيد من المساعدة والدعم".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شبكة النبأ
منذ 13 دقائق
- شبكة النبأ
الاستعداد للسفر الطويل في مواعظ الإمام الحسن (ع)
فلا تسوف في القيام بالأعمال الصالحة، ولا تتأخر عن فعل الخير، ولا تؤجل أداء الحقوق إلى أصحابها، وتزود بالتقوى، وبادر إلى العمل الصالح، وسارع إلى فعل الخيرات قبل حلول الأجل؛ فالسعيد من اتعظ بالعِبَر، واعتبر بالأثر، وسارع إلى التوبة والاستغفار حتى يكون جاهزًا للسفر الطويل في أي لحظة نودي... من روائع الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) مواعظه البليغة التي تحث على الاستعداد للسفر الطويل في إشارة إلى عالم الآخرة، والانتقال من دار الفناء إلى دار البقاء، ومن الدنيا الزائلة إلى الدنيا الخالدة. ومن هذه المواعظ المؤثرة ما روي عنه (عليه السلام) أنه قال: «اسْتَعِدَّ لِسَفَرِكَ، وَحَصِّلْ زَادَكَ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِكَ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ تَطْلُبُ الدُّنْيَا وَالْمَوْتُ يَطْلُبُكَ»[1] في هذا النص تعبير بلاغي رائع وعميق، إذ شبَّه الإمام الموت بالسفر، لأنه انتقال من مكان إلى آخر، ولكن من مكان مؤقت وهو الدنيا إلى مكان دائم وهو الآخرة، وهذا السفر الطويل الذي لا رجعة بعده يحتاج إلى تحصيل أحسن أنواع الزاد وأفضلها حتى ينال النعيم في مقره الخالد بعد انتقاله إليه. ويشير الإمام في هذه الموعظة البليغة وغيرها إلى عدة نقاط مهمة، وهي: 1- الاستعداد للرحلة الطويلة إذا أراد الإنسان أن يسافر ولو سفرة قصيرة يأخذ معه كل ما يحتاجه من متاع وأغذية وأغراض يحتاجها في سفره، فكيف إذا كان سفره طويلًا وبلا رجعة؟! يحتاج إلى تحصيل الزاد الجيد، والذي يبقى أثره ويدوم نفعه، وكما قال الإمام: «اسْتَعِدَّ لِسَفَرِكَ، وَحَصِّلْ زَادَكَ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِكَ» ومن أجل تحصيل زاد السفر الطويل عليه أن يأخذ بأحسن الزاد وأنفعه وهو زاد التقوى ويلتزم بلوازمه، قال الله تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)[2]. ولذا من المهم للغاية أن يخطط المرء لآخرته، ويستعد لملاقاة ربه في أي وقت، فيعمل ما يقدر عليه من الباقيات الصالحات بما يبقى نفعه ويدوم أجره، ويجهز من زاد العمل الصالح ما يستطيع من فعل الخيرات والمبرات، وإتيان الأعمال الصالحة. 2- عدم الاغترار بالدنيا إن الدنيا دار فانية زائلة، وهي دار ممر وليست بمقر دائم؛ فالمغرور من غرته، والمفتون من فتنته، وهي دار بلاء وفتنة، فلا تخلو من المنغصات والمحن والابتلاءات، والإنسان المؤمن عليه ألا يغتر ببهارجها وزينتها ومتاعها، وعليه الاستعداد لرحلة الإقلاع منها ومن دون رجعة، وقد ورد عنه (عليه السلام) أنه قال: «إنَّ الدُّنيا دارُ بَلاءٍ وفِتنَةٍ، وكُلُّ ما فيها إلى زَوالٍ، وقَد نَبَّأَنَا اللَّهُ عَنها كَيما نَعتَبِرَ، فَقَدَّم إلَينا بِالوَعيدِ كَي لا يَكونَ لَنا حُجَّةٌ بَعدَ الإِنذارِ، فَازهَدوا فيما يَفنى، وَارغَبوا فيما يَبقى»[3] فلأنها تفنى، وكل ما فيها إلى زوال على العاقل الحصيف أن يزهد فيها، وألا يلهث خلف حطامها، ولا يركن إلى خدعها ومكائدها، قال تعالى محذرًا من الاغترار بالدنيا: (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) بل كونوا على يقظة من الاستغراق فيها، ونسيان الآخرة، فيفاجئكم الموت من حيث لا تحتسبون. وعلى المرء ألا يغتر بهذه الدنيا؛ لأنه محاسب على كل شيء يعمله فيها، فقد ورد عنه: «اعْلَمْ أَنَّ فِي حَلَالِهَا حِسَابٌ، وَفِي حَرَامِهَا عِقَابٌ، وَفِي الشُّبُهَاتِ عِتَابٌ»[4] ففي الحلال حساب؛ بمعنى أنه سيسأل عن الحلال كيف اكتسبه؟ وكيف أنفقه؟ وكيف تعامل معه؟ وفي الحرام عقاب، فلكل ذنب عقاب، ولكل معصية جزاء من جنسه؛ وفي الشبهات عتاب إذا لم يتوقف المرء عند الشبهة، فالمؤمن كامل الإيمان من يتوقف عن فعل أي شيء يشتبه به أو يشك فيه، وإلا عرَّض نفسه للعتاب والملامة في يوم الحساب. وأسلم القلوب ما طهرت من الشبهات، فقد قال: «أسلَمُ القُلوبِ ما طَهُرَ مِن الشُّبُهاتِ»[5] فمن يطهر نفسه من كل شبهة، ويتوقف عن اقتحام كل ما يشتبه فيه فهو سليم القلب، ولا خوف عليه إن جاءه الموت بغتة؛ وأما من امتلأ قلبه بالحرام، وبطنه من الحرام، وماله من الباطل فعليه أن يخاف إن جاءه الموت؛ لأن حسابه عسير، وقلبه سقيم، ونفسه مريضة بالمحرمات والموبقات. 3- ترطيب القلوب من فوائد الاستعداد للرحيل من الدنيا: ترطيب القلب بذكر الله تعالى، واستذكار الآخرة، وأما من يغفل عن آخرته، وينسى ربه فإن قلبه يكون قاسيًا كالحجارة أو أشد، قال تعالى: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)[6]، ويقول تعالى متوعدًا أصحاب القلوب القاسية: (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)[7]. إن الإنسان بحاجة ماسة إلى تليين قلبه بذكر الله، والارتباط بالخلق عزَّ وجلَّ، وذكر هادم اللذات، ومفرق الجماعات، وعدم الغفلة عن الآخرة، والاعتبار بالمواعظ والعِبَر. 4- الاستعداد للموت على الإنسان ألا يغفل عن الآخرة، وأن يتذكر الحقيقة الساطعة وهي: قدره أن يموت في يوم من الأيام؛ فلا يركض وراء الدنيا، فإن الموت أسرع منه كما أشار الإمام (عليه السلام) بقوله: «وَاعْلَمْ أَنَّكَ تَطْلُبُ الدُّنْيَا وَالْمَوْتُ يَطْلُبُكَ» فخذ من الدنيا بقدر حاجتك، فقد قال الإمام الحسن (عليه السلام): «فَأَنْزِلِ الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ الْمَيْتَةِ خُذْ مِنْهَا مَا يَكْفِيكَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حَلَالًا كُنْتَ قَدْ زَهِدْتَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ حَرَاماً لَمْ يَكُنْ فِيهِ وِزْرٌ، فَأَخَذْتَ كَمَا أَخَذْتَ مِنَ الْمَيْتَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعِتَابُ فَإِنَّ الْعِتَابَ يَسِيرٌ»[8]. واعلم أن ما تبذله من جهد كبير من أجل جمع الأموال الزائدة عن حاجتك إنما تخزنها لغيرك، يقول: «اعْلَمْ أَنَّكَ لَا تَكْسِبُ مِنَ الْمَالِ شَيْئاً فَوْقَ قُوتِكَ إِلَّا كُنْتَ فِيهِ خَازِناً لِغَيْرِكَ»[9] فلا تلهث وراء الدنيا حتى تنسى الآخرة، ولا تجعل الدنيا تسيطر عليك، ولا تكن عبدًا للمال، بل اجعله في خدمتك ومن أجلك، وأنفق مما أنعم الله عليك على أهلك وعائلتك ومجتمعك، واعمل ما يمكنك من أعمال نافعة وصالحة بحيث تكون صدقة جارية لك حتى بعد رحيلك. وحتى لا يغفل المرء عن الآخرة عليه دائمًا أن يتذكر الموت، وأن يعمل ما ينفعه في آخرته وإن كان عليه ألا ينسى نصيبه من الدنيا كما قال تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)[10] وكلما صغرت الدنيا في عين الإنسان رغب أكثر في الآخرة، بينما من تكون الدنيا أكبر همه، ومبلغ غايته فإنه يغرق أكثر في متاع الدنيا، وينسى الموت الذي لا مفر منه، فيخسر آخرته، وقد أشاد الإمام الحسن (عليه السلام) بصديق له لأنه كان ينظر إلى الدنيا بعدم اهتمام، فقد قال الإمامُ الحسنُ (عليه السلام): «أيّها الناسُ، إنّما أُخبِرُكُم عن أخٍ لي كانَ من أعظَمِ الناسِ في عَينِي، وكانَ رأسُ ما عَظُمَ به في عَينِي صِغَرُ الدنيا في عَينِهِ»[11]. والمؤمن يحسب خطواته بدقة، ويترقب في كل لحظة أن يطرق بابه هادم اللذات، ومفرق الأحباب، فيبادر مسرعًا إلى العمل الصالح قبل قدوم الأجل، وتحصيل التقوى قبل نفاد الوقت المحدد للبقاء في دار الفناء، وقد حثَّ الإمام الحسن (عليه السلام) على ذلك بقوله: «اتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَجِدُّوا فِي الطَّلَبِ وَتُجَاهَ الْهَرَبِ، وَبَادِرُوا الْعَمَلَ قَبْلَ مُقَطَّعَاتِ النَّقِمَاتِ وَهَاذِمِ اللَّذَّاتِ، فَإِنَّ الدُّنْيَا لَا يَدُومُ نَعِيمُهَا وَلَا تُؤْمَنُ فَجِيعُهَا وَلَا تَتَوَقَّى فِي مَسَاوِيهَا، غُرُورٌ حَائِلٌ، وَسِنَادٌ مَائِلٌ، فَاتَّعِظُوا عِبَادَ اللَّهِ بِالْعِبَرِ، وَاعْتَبِرُوا بِالْأَثَرِ، وَازْدَجِرُوا بِالنَّعِيمِ وَانْتَفِعُوا بِالْمَوَاعِظِ، فَكَفَى بِاللَّهِ مُعْتَصِماً وَنَصِيراً، وَكَفَى بِالْكِتَابِ حَجِيجاً وَخَصِيماً، وَكَفَى بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً، وَكَفَى بِالنَّارِ عِقَاباً وَوَبَالًا»[12]. فلا تسوف في القيام بالأعمال الصالحة، ولا تتأخر عن فعل الخير، ولا تؤجل أداء الحقوق إلى أصحابها، وتزود بالتقوى، وبادر إلى العمل الصالح، وسارع إلى فعل الخيرات قبل حلول الأجل؛ فالسعيد من اتعظ بالعِبَر، واعتبر بالأثر، وسارع إلى التوبة والاستغفار حتى يكون جاهزًا للسفر الطويل في أي لحظة نودي عليه بالإقلاع من هذه الدنيا الفانية إلى عالم الآخرة الباقية. ............................................. الهوامش [1] بحار الأنوار: 44/139/6. [2] سورة البقرة: 197. [3] التوحيد: ص 378 ح 24، المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 31. [4] بحار الأنوار: ج 44، ص 138 – 139، ح 6. [5] تحف العقول: 235. [6] سورة البقرة: 74. [7] سورة الزمر: 22. [8] بحار الأنوار: 44/139/6. [9] بحار الأنوار: 44/139/6. [10] سورة القصص: 77. [11] بحار الأنوار: 66/ 294/ 24. [12] بحار الأنوار: 75/ 109/ 20.


شبكة النبأ
منذ 13 دقائق
- شبكة النبأ
شذرات من حياة الإمام الحسن بن علي (ع)
اجتمع فيه نور النبوة وعزم الإمامة، فكان ثاني أئمة أهل البيت، وسيد شباب أهل الجنة مع أخيه، ودليلًا على أن الرفق أحيانًا أبلغ من السيف، وأن الإصلاح يحتاج إلى بصيرة، لا مجرد قوة. عاش الإمام في قلب العاصفة، ومات مسمومًا، لكنه انتصر في معركة التاريخ، حيث بقيت سيرته... الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، هو سبط رسول الله صلى الله عليه وآله، وأول ثمرة من ثمار بيت النبوة بعد فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين. وُلد في المدينة المنورة في النصف من شهر رمضان عام ثلاثة للهجرة، فكان مولده بهجة لقلوب المسلمين، وفرحًا لرسول الله الذي استقبله بالأذان والإقامة، وحنكه بريقه الطاهر، وسمّاه 'حسنًا' بإلهام من السماء. عاش الإمام الحسن في كنف جده النبي، وتربّى على مائدة الوحي، وتخلق بأخلاق الرسالة. وكان قريبًا إلى قلب الرسول، يحمله على كتفه، ويقول: «اللهم إني أحبه فأحبه». وقد عاش الإمام سبع سنوات في ظل الرسول، ثم في كنف والده الإمام علي، ينهل من علمه وتقواه. عرف الإمام الحسن بالحلم والسماحة، وسُمي بكريم أهل البيت، لما عرف عنه من كرم وجود، وكان من أعلام الهدى، وركنًا من أركان الدين، شهد مع والده الفتن الكبرى، وكان له دور بارز في تثبيت أركان الدولة الإسلامية. وحين آلت إليه الخلافة بعد شهادة أمير المؤمنين، وجد نفسه أمام أمة منقسمة، تتربص بها الفتن، وتنهشها الأطماع. فلم يكن السلام الذي عقده مع معاوية ضعفًا أو هزيمة، بل كان ميثاقًا لحقن دماء المسلمين، وحفظًا لوحدة الأمة، مقدِّمًا بذلك درسًا في القيادة الحكيمة، والتضحية من أجل مصلحة الدين. وقد امتُحن الإمام بظلم شديد، حتى انتهى به الأمر إلى أن يُغتال بالسم، شهيدًا في سبيل الله، مظلومًا مهضومًا، تاركًا وراءه تراثًا من المواقف العظيمة والمبادئ الخالدة، التي ما زالت تُلهم الأحرار والصالحين. دوره في خلافة الإمام علي عليه السلام بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، واكبت حياة الإمام الحسن أحداثًا جسامًا عصفت بالأمة، وكان فيها شاهدًا ومشاركًا، خاصة في عهد والده الإمام علي عليه السلام. فقد شارك في المشورة السياسية، والحملات العسكرية، لا سيما في معارك الجمل وصفين والنهروان، حيث كان يتولى الراية أحيانًا، ويخطب في الناس دفاعًا عن الحق. ويفهم من وصية الإمام علي عليه السلام له بأنه 'أعلم أهل زمانه، وأفضلهم حلمًا، وأشدهم خشية لله'، واعتبره الوريث الشرعي للإمامة من بعده، فبايعه الناس بالخلافة بعد استشهاد الإمام علي سنة 40 هـ. وكان عمر الحسن حينها سبعًا وثلاثين سنة. ورغم مكانته السامية، وجد الإمام الحسن نفسه أمام أمة متشرذمة، أنهكتها الحروب والانقسامات، وظهرت الفتن في العراق، حتى في أوساط جيشه، ما جعله أمام خيارين: مواصلة القتال، أو الحفاظ على وحدة الأمة. الصلح مع معاوية – خيار الحكيم الشجاع أدرك الإمام الحسن عليه السلام أن الحرب مع معاوية ستؤدي إلى حمام دم لا ينتهي، خاصة بعد أن اخترق معاوية جيشه بالمال والدعاية، واشترى ذمم القادة، حتى تخلّى عنه بعض أقرب الناس. وكان الجيش الكوفي قد فقد الحماسة، وأصابه الوهن والتخاذل. ولم يكن صلح الإمام الحسن استسلامًا أو تراجعًا، بل كان موقفًا شجاعًا لحقن الدماء وصيانة ما تبقى من الدين. لقد اشترط الإمام بنودًا تحفظ حقوق أهل البيت، أهمها أن لا يُعيِّن معاوية أحدًا من بعده، وأن لا يتعرض لأتباع الإمام، وأن يُترك الأمر بعده شورى بين المسلمين. وافق معاوية على الشروط ظاهريًا، لكنه نكث بها جميعًا. ومع ذلك، بقي الإمام الحسن وفيًا لعهده، صابرًا على الغدر، رابط الجأش، يؤدّي دوره كإمام من موقعه، ويواصل بثّ الوعي في الأمة من خلال العلم والإرشاد. مناقب الإمام الحسن ومكارمه تميز الإمام الحسن عليه السلام بعبادته وورعه، وكان إذا توضأ ارتجف لونه من خشية الله. حج خمسًا وعشرين حجة مشيًا على قدميه، وكان يُبهر الناس بجوده، إذ أعطى كل ما يملك في سبيل الله مرات عديدة، حتى أنه قسّم ماله نصفين في سبيل الله أكثر من مرة. أما حلمه، فقد ضُرب به المثل. كان يتعامل مع المسيئين إليه بأدب جمّ وخلق عظيم، حتى روِي أنه مرّ عليه رجل من أهل الشام، شتمه وشتم أباه، فاستقبله الإمام بوجه طلق، وقال له: 'أظنك غريبًا، إن كنت جائعًا أشبعناك، وإن كنت فقيرًا أغنيناك'، حتى بكى الرجل وقال: 'الله أعلم حيث يجعل رسالته'. شهادته ومظلوميته لم يُتح للإمام الحسن أن يعيش طويلًا بعد الصلح، فقد استُشهد مسمومًا سنة 50 هـ، بعد أن دسّ إليه معاوية السمّ عن طريق زوجته 'جعدة بنت الأشعث'، مقابل وعد بالزواج من يزيد، وهو ما لم يتحقق. ظل الإمام يعاني آلام السمّ أيامًا، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة شهيدًا مظلومًا، كما كان جده وأبوه من قبله. ورفض بنو أمية أن يُدفن إلى جوار جده المصطفى (صلى الله عليه وآله)، فدُفن في البقيع، وشيّعه أخوه الإمام الحسين في جنازة مهيبة، وسط دموع المحبين، وغضب المؤمنين. الإرث الخالد للإمام الحسن خلّف الإمام الحسن تراثًا خالدًا في السيرة الإسلامية، فقد أثبت أن الإمامة ليست فقط موقفًا سياسيًا، بل رسالة ربانية تقوم على الرحمة، والحكمة، والتضحية. إن صلحه لم يكن خنوعًا، بل وعيًا عميقًا بما تقتضيه مصلحة الدين في ظرف ملتهب. كما ترك وراءه مدرسة في العطاء، وحلمًا لا نظير له، وثباتًا في مواجهة التخاذل. وقد بقي اسمه رمزًا للسمو الروحي والقيادة الهادئة التي تدفع الشر بالحكمة، وتواجه الفتن بالحلم. وأخيراً: كان الإمام الحسن بن علي عليه السلام رجلًا اجتمع فيه نور النبوة وعزم الإمامة، فكان ثاني أئمة أهل البيت، وسيد شباب أهل الجنة مع أخيه، ودليلًا على أن الرفق أحيانًا أبلغ من السيف، وأن الإصلاح يحتاج إلى بصيرة، لا مجرد قوة. لقد عاش الإمام في قلب العاصفة، ومات مسمومًا، لكنه انتصر في معركة التاريخ، حيث بقيت سيرته عنوانًا للحكمة، وسُمي بـ«كريم أهل البيت» بحق، فجزاه الله عن الإسلام وأهله خير الجزاء.


صدى البلد
منذ 8 ساعات
- صدى البلد
موعد إجازة المولد النبوي الشريف وجدول الإجازات المتبقية في 2025
موعد إجازة المولد النبوي 2025 يحظى باهتمام كثير من الموظفين العاملين بالجهاز الإداري للدولة والقطاعين العام والخاص، لمعرفة موعد إجازة المولد النبوي 2025، مع قرب ذكرى ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وما إذا كانت الإجازة ستمتد لأيام عدة، كما هو معتاد في السنوات الأخيرة. إجازة المولد النبوي 2025 سيوافق المولد النبوي 2025 يوم الخميس 4 سبتمبر المقبل، 12 ربيع الأول 1447 هـ، وفق الحسابات الفلكية، وسيجري منح هذا اليوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر، مع امتدادها إلى يومي الجمعة والسبت بوصفها عطلة أسبوعية، ليحصل الموظفون على عطلة طويلة لمدة 3 أيام. واقرأ أيضًا: الفئات المستفيدة من إجازة المولد النبوي 2025 العاملون بالجهاز الإداري للدولة موظفو القطاع الخاص طلاب المدارس والجامعات موظفو البنوك والبورصة العاملون بالهيئات العامة والمحلية وبموجب قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003، تُعد هذه المناسبة إجازة رسمية بأجر مكتمل للعاملين في القطاع الخاص، وفي حال تشغيل العامل في هذا اليوم يجب تعويضه ماديًّا أو بيوم راحة بديل. المولد النبوي في مصر تتميز مصر بطقوس مميزة للاحتفال بهذه المناسبة، تشمل: حلويات المولد: عروسة المولد، الحمصية، الفولية، الملبن الاحتفالات الدينية: تنظمها وزارة الأوقاف بالتعاون مع الأزهر الليالي الصوفية: خاصة في الحسين والسيدة زينب موالد شعبية: في محافظات مثل قنا وسوهاج والأقصر الإجازات الرسمية المتبقية في مصر 2025 عقب إجازة المولد النبوي، لم يتبقَ في جدول الإجازات الرسمية لهذا العام، سوى إجازة ذكرى نصر أكتوبر (عيد القوات المسلحة) والتي توافق يوم الاثنين 6 أكتوبر 2025.