
الأردن هو وزن المعنى وسط الفوضى
تاريخ النشر : 2025-05-13 - 01:12 pm
منصور البواريد
في زمن تتنازع فيه القوى على رسم خرائط الدم والحدود، يبرز الاجتماع الثلاثي بين وزراء خارجية الأردن وسوريا وتركيا في تركيا كعلامة فارقة، تُعيد المعنى إلى الجغرافيا وتُوازن الفوضى.
تركيا، باعتبارها قوة إقليمية ودولية ذات نفوذ ملموس في الساحة السورية، تلعب دورًا محوريًّا في استقرار المنطقة، سواء من خلال تحركاتها العسكرية أو السياسية، فدعم تركيا لوحدة سوريا ومواقفها الإقليمية يتقاطع مع الأردن في التصدي للتدخلات الأجنبية، خاصة الإسرائيلية.
لقد بذلت تركيا جهدًا ملموسًا في دعم الملف السوري، سواء عبر دعم المعارضة المسلحة أو من خلال مشاركتها في الجهود الدبلوماسية التي تسعى لتحقيق تسوية شاملة، وهي تدرك جيدًا أنَّ استقرار سوريا هو جزء من أمنها القومي، وكذلك أمن المنطقة ككل.
يُشكِّل التنسيق مع الأردن وسوريا محور ارتكاز ضروريًّا لمنع التدخلات الخارجية وحماية الحدود والأمن الإقليمي، في ظل واقع متداخل بين الأطماع الإقليمية والأزمات المركبة.
وفي هذا الإطار، يسعى الأردن أيضًا إلى تعزيز التنسيق مع تركيا بشكل مستمر، لأنَّ كلًا من البلدين يواجه تحديات مشتركة تتطلب حلولًا استراتيجية لا تقتصر على الجوانب الحدودية فقط، بل تشمل التعامل مع قوى تسعى لفرض وقائع جديدة في المنطقة واحتكار القرار الإقليمي. وتركيا، بدورها، تدرك أهمية الحفاظ على علاقات وثيقة مع الأردن، لتُسهم تلك التحالفات في تقديم حلول أكثر شمولية وفعالية ضمن معادلة الاستقرار.
تكثيف التنسيق الأردني التركي ليس مجرد خيار دبلوماسي، بل ضرورة استراتيجية لدعم الانتقال السياسي في سوريا، والتصدي لمحاولات تقويض الاستقرار، خصوصًا من قبل إسرائيل والتنظيمات المتطرفة، بما يضمن استعادة الدولة السورية لعافيتها، ويُخفف من الضغوط الأمنية واللاجئين على الأردن وتركيا. فالصراع في سوريا لم يعد محصورًا داخل حدودها، بل تحول إلى اختبار إقليمي حول من يملك شرعية صياغة الحلول، لا مجرد مواقف.
وفي السنوات الأخيرة، لم يقف الأردن متفرجًا أمام تصدعات الإقليم، بل تحرك بوعي لتعزيز تحالفاته الاستراتيجية مع دول الجوار والقوى الدولية الفاعلة، مُدركًا أنَّ استقراره ليسَ ضرورة داخلية فحسب، بل ركيزة لتوازن أوسع، يعيد رسم مفهوم الدولة المستقرة في بيئة متقلبة. فالتحول في المرحلة المقبلة لا يكون بتغيير النهج، بل بتطوير أدواته: من خلال الحوكمة الاقتصادية العقلانية التي تستبق الأزمات قبل وقوعها، وتعتمد على التوازن لا على المجازفة.
بهذهِ الرؤية، يمكن للأردن أن يتحول من نقطة توازن إلى نقطة تحول، لا يقف عند حدود احتواء الأزمات، بل يشارك بفاعلية في تشكيل معادلة الاستقرار المقبلة للمنطقة، مُدافعًا عن مصالحه بوصفه صاحب مبادرة لا مجرد مستقبل للتحديات.
وفي ظل هذا المشهد المُعقد، تبرز دبلوماسية جلالة الملك عبد الله الثاني -حفظه الله ورعاه- بوصفها أنموذجًا متوازنًا يجمع بين الحكمة والفاعلية، ويؤسس لتفاهمات بدلًا من الانجرار إلى اصطفافات. لم يكن النهج الملكي يومًا صدىً لقوى أخرى، بل صوتًا مستقلًا ووازنًا في لحظات ارتباك إقليمي، يتحدث بلغة الدولة لا بلغة الغضب.
فحين تتكالب الفوضى على الإقليم، يثبت الأردن أنه ليس مجرد بلد نجاة، بل فكرة استقرار تمتلك حق الوجود وجرأة التأثير، وإنَّ استلهام هذا النهج في السياسات المقبلة يُشكِّل بوصلة ذكية تضمن بقاء الأردن ليس فقط في قلب المشهد، بل في صُلب صناعته أيضًا.
تابعو جهينة نيوز على

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوكيل
منذ 13 دقائق
- الوكيل
الملك يستقبل وفد منظمة (الفاو) ويتسلم ميدالية أجريكولا
الوكيل الإخباري- استقبل جلالة الملك عبدالله الثاني في قصر الحسينية، اليوم الأربعاء، وفد منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) برئاسة مديرها العام شو دونيو، في لقاء تناول سبل تعزيز التعاون بين الأردن والمنظمة. اضافة اعلان وقدمت منظمة الفاو لجلالة الملك، خلال اللقاء، ميدالية أجريكولا، تقديرا لجهود جلالته ومساهمته في سبيل تحقيق الازدهار للشعوب، ودعم تعزيز التغذية وتحقيق الأمن الغذائي في المنطقة والعالم، وخاصة من خلال الجهود الأردنية الإنسانية في غزة. وتمنح الفاو ميدالية أجريكولا تكريما للشخصيات العالمية البارزة والمؤسسات التي تقوم بدور استثنائي في مجال تعزيز الأمن الغذائي والتغذية، والحد من الفقر، وتحقيق التنمية الزراعية والريفية المستدامة. وأعرب جلالة الملك عن تقديره للدعم المستمر الذي تقدمه المنظمة للأردن، خاصة في إطار إطلاق النظام الوطني لإدارة معلومات الأمن الغذائي. وأكد جلالته حرص الأردن على إدامة التعاون مع الفاو لتحقيق الأهداف المتعلقة بالأمن الغذائي والزراعة ضمن رؤية التحديث الاقتصادي.


خبرني
منذ 20 دقائق
- خبرني
تهنئة لـ العقيد القاضي محمد المزايدة
خبرني - يتقدم أبناء عشيرة السعودي في محافظة الطفيلة بأصدق التهاني والتبريكات بمناسبة ترفيع ابنهم البار عطوفة العقيد القاضي محمد بيك المزايدة إلى رتبة عقيد في جهاز الأمن العام، متمنين له دوام الصحة والعافية والتوفيق من الله تعالى في ظل راعي المسيرة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه.


خبرني
منذ 20 دقائق
- خبرني
تهنئة بمناسبة ترفيع العقيد علاء عبدالمنعم العساف
العقيد علاء عبدالمنعم العساف وذلك بمناسبة صدور قرار ترفيعه المستحق إلى رتبة عقيد في جهاز الأمن العام. نبارك لك هذا الإنجاز العظيم الذي هو ثمرة جهدك، وانضباطك، وإخلاصك في أداء الواجب، ونسأل الله أن يوفقك في مهامك الجديدة، وأن يجعل هذه الترقية بداية لمزيد من النجاحات والرفعة في خدمة الوطن والقيادة الهاشمية. دمت فخرًا لعائلتك ولوطنك.