
الحكومة تصدر تشريعات وقرارات تتعلَّق بتحديث القطاع العام
أقرَّ مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها الأحد، برئاسة رئيس الوزراء جعفر حسَّان، مشروع قانون معدِّل لقانون الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية لسنة 2025.
ويهدف مشروع القانون إلى إعادة تنظيم مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، بما يسهم في تعزيز استثمار الأموال الوقفية المنقولة وغير المنقولة والعقارات، بما يضمن مصلحة الوقف وفق أحكام الشريعة الإسلامية وشروط الواقفين وطرح الصكوك بدلاً من السندات.
كما يأتي مشروع القانون لغايات ضبط ممتلكات وأموال صندوق الحج، وإضافة برنامج طباعة المصحف الشريف إلى البرامج الوقفية، بهدف التوسُّع في طباعة نسخ القرآن الكريم ونشره في المملكة.
وسيتمّ بموجب التَّعديلات إلغاء شؤون الإفتاء من مهام وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية كونها أصبحت من اختصاص دائرة الإفتاء العام بموجب قانون الإفتاء العام.
كما قرَّر مجلس الوزراء الموافقة على الأسباب الموجبة لمشروع قانون التَّعليم وتنمية الموارد البشرية لسنة 2025؛ تمهيداً لإرساله إلى ديوان التشريع والرأي، للسَّير في إجراءات إقراره حسب الأصول.
ويأتي مشروع القانون إنفاذاً لمتطلَّبات تحديث القطاع العام المتعلِّقة بتوجُّهات تطوير وإصلاح منظومة التعليم في المملكة، والتي تتضمَّن إنشاء وزارة جديدة للتَّعليم وتنمية الموارد البشريّة؛ لتحلّ محلّ وزارتيّ التَّربية والتَّعليم والتَّعليم العالي والبحث العلمي.
وتأتي هذه الخطوة في ضوء التوجه إلى توحيد المرجعيات المسؤولة عن نظام التعليم وتنمية الموارد البشرية، وتطوير تنافسية الموارد البشرية، وزيادة التنافسية محلياً وعالمياً من خلال المواءمة ما بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، وكذلك الحاجة إلى تطوير نظام التعليم عبر مراحله المختلفة.
كما تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز استقلالية الجامعات الأردنية، وتعزيز الإدارة اللامركزية.
وكان مجلس الوزراء قد أقرَّ قبل نهاية العام الماضي التوجُّهات العامَّة لتطوير وإصلاح منظومة التعليم في المملكة التي نصَّت عليها خارطة طريق تحديث القطاع العام؛ تمهيداً للسَّير في الإجراءات القانونيَّة لإنفاذها.
وقرَّر مجلس الوزراء الموافقة على الأسباب الموجبة لمشروع نظام معدِّل لنظام مجلس الأمن الغذائي لسنة 2025 تمهيداً لإرساله إلى ديوان التشريع والرأي، لإقراره حسب الأصول.
وبموجب التَّعديل، سيتمّ تعديل اسم النظام ليصبح نظام المجلس الأعلى للأمن الغذائي، ليُصبح برئاسة رئيس الوزراء، وذلك نظراً لأهمية المجلس والمواضيع التي تطرح على اجتماعاته، وبما ينسجم مع التوجُّهات الوطنيَّة الرَّامية إلى تعزيز الجهود المتعلِّقة بالأمن الغذائي.
وكان مجلس الأمن الغذائي قد تم تأسيسه بهدف ترجمة التوجيهات الملكية السامية بتعزيز الأمن الغذائي في المملكة، من خلال وضع أسس وخطط واضحة لهذه الغاية، وتوفير الأرقام والمعلومات الدقيقة والخطط والاستراتيجيات الناظمة للقطاعات التي تسهم في تعزيز جهود تحقيق الأمن الغذائي الوطني.
على صعيد آخر، أقرَّ مجلس الوزراء نظاماً معدِّلاً لنظام رسوم تصاريح العمل لغير الأردنيين لسنة 2025.
ويأتي النِّظام المعدِّل لغايات لتخفيف الأعباء المالية المترتبة على أصحاب العمل، وتشجيع الاستثمار بإتاحة المجال لجميع القطاعات بإصدار تصاريح عمل برسوم مخفَّضة للعمال غير الأردنيين من ذوي المهارات المتخصصة جداً وغير المتوافرة في السوق المحليَّة ما يشجع الأعمال على التطور وينقل المعرفة والمهارة المتقدمة للسوق الأردنية، وكذلك تنظيم سوق العمل بالحد من وجود العمال غير الأردنيين المخالفين لأحكام القانون.
وبموجب النِّظام سيتم تخفيض رسوم تصاريح المهارات المتخصصة المحدَّدة وغير المتوافرة في السوق الأردنية من 2250 إلى 1500 دينار، وذلك دعماً للاستثمار وتسهيلاً على المستثمرين، ولتلبية حاجات الشَّركات المتخصِّصة من العمالة الماهرة، خصوصاً في مجالات متقدمة من الأتمتة والذَّكاء الاصطناعي والبرامج التقنيَّة، سواءً الصِّناعيَّة أو تكنولوجيا المعلومات؛ من أجل المساهمة في تدريب الأردنيين وإكسابهم المهارات المطلوبة لتلبية متطلبات سوق العمل في هذه المجالات الضَّروريَّة.
كما سيتمّ بموجب النِّظام إلغاء شرط حصول العامل الوافد على إجازة من وزارة العمل إذا رغب بالمغادرة المؤقَّتة خلال مدَّة سريان تصريح العمل؛ وذلك تسهيلاً على العاملين وأصحاب العمل.
وسيتمّ تنظيم مهنة العاملين في العمارات السكنيَّة وتصويب أوضاع العاملين فيها من خلال منحهم التصاريح المطلوبة بموجب النظام حيث لم تكن هناك تصاريح للعاملين في العمارات السكنيَّة وسيتم استحداث فئة جديدة بتصريح خاص لخدمة العمارات؛ وذلك لحل إشكاليَّة العمالة غير المرخَّصة العاملة في هذ المجال؛ وبالتَّالي تنظيم هذه المهنة، وتطبيق أحكام النظام عليها، وتوفير البيانات حول العاملين فيها، بما يحفظ حقوق السكَّان ويحدّ من المخالفات المرتبطة بهذا القطاع.
كما قرَّر المجلس الموافقة على مذكرة تفاهم في مجال تحديث وتطوير الإدارة العامة بين هيئة الخدمة والإدارة العامة وديوان الموظفين العام في دولة فلسطين، والتي سيتم توقيعها خلال فعاليات المؤتمر التاسع لشبكة الشرق الأوسط وشمال افريقيا لأبحاث الإدارة العامة الذي سينعقد في عمَّان نهاية الشَّهر الحالي.
وتشمل مجالات التعاون بين الجانبين، تنمية وتطوير الموارد البشرية العاملة في مجال الإدارة العامَّة، والعمل المشترك في مجال الدراسات والأبحاث والاستشارات في هذ المجال، وتوظيف تكنولوجيا المعلومات في تمكين الموارد البشرية، والتعاون في مشاريع التحول الرقمي واستخدام الذكاء الاصطناعي في مجال إدارة الموارد البشرية، بالإضافة إلى تبادل الخبرات والتجارب الإدارية الناجحة؛ بما يسهم في رفع كفاءة وفعالية أداء القطاع العام.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ 21 ساعات
- سرايا الإخبارية
بالفيديو .. الشيخ عدنان العرعور يزور ضريح حافظ الأسد:"كان سلاحك السجن .. واليوم أقف على قبرك"
سرايا - رصد - قام الشيخ عدنان العرعور، أحد أبرز الدعاة السوريين المعارضين للنظام السابق، بزيارة ضريح الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد، بعد 55 عامًا من الغربة القسرية التي فرضت عليه بسبب مواقفه ضد النظام البائد. وخلال الزيارة استحضر الشيخ العرعور موقفًا شخصيًا جمعه بالأسد قبل أكثر من خمسة عقود، قال فيه إن "السجن كان سلاح النظام ضده"، مؤكدًا أنه "اليوم يقف على قبر من ظلمه"، على حد تعبيره. وأضاف العرعور: "لقد تحديتك قبل 55 عاماً، وكان سلاحك السجن… وها أنا اليوم أقف على قبرك. إننا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً، فهل وجدت ما وعدك ربك؟"، مستشهدًا بآيات من القرآن الكريم تذكّر بمصير الظالمين والطغاة. كما دعا الشيخ الله تعالى بأن يُحاسَب كل من تسبّب في معاناة الشعب السوري من اليتامى والثكالى والمظلومين.


صراحة نيوز
منذ يوم واحد
- صراحة نيوز
علم الأردن… رمزية الألوان ودلالات الهوية الوطنية
صراحة نيوز ـ يُعد علم المملكة الأردنية الهاشمية من أبرز الرموز الوطنية التي تجسد التاريخ، والهوية، والنضال العربي. يتكون العلم من ثلاثة مستطيلات أفقية متساوية، تُمثل الألوان: الأسود، والأبيض، والأخضر، ويقطعها مثلث أحمر من جهة السارية، يحمل في وسطه نجمة بيضاء سباعية. الألوان ومعانيها: الأسود: يُمثل راية الدولة العباسية، ويعبّر عن قوة الدولة الإسلامية في عهدها. الأبيض: يرمز إلى الدولة الأموية، ودلالة على النقاء والسلام. الأخضر: يُجسد راية الدولة الفاطمية، ويرتبط أيضاً بالخير والخصوبة. الأحمر: لون المثلث، وهو لون راية الثورة العربية الكبرى، التي انطلقت عام 1916 ضد الحكم العثماني، ويعبّر عن التضحيات والدماء الزكية في سبيل الحرية. النجمة السباعية: تقع في قلب المثلث الأحمر، وهي نجمة بيضاء بسبعة رؤوس، ترمز إلى السبع المثاني في القرآن الكريم، وتعبّر عن الوحدة، والهدف المشترك، ومبادئ الثورة العربية الكبرى. علم الأردن ليس مجرد قطعة قماش ترفرف في السماء، بل يحمل في طياته تاريخاً من الكفاح والكرامة، ويُجسد وحدة الشعب الأردني تحت قيادة هاشمية، بقيت دوماً نصيرة للحق العربي وقيم العدالة والحرية.


أخبارنا
منذ 3 أيام
- أخبارنا
لارا سامي خمش : الوقف: مشروعيته في الإسلام
أخبارنا : يُعد الوقف إحدى الركائز الحضارية العميقة في البناء الاجتماعي والاقتصادي للأمة الإسلامية، إذ لا يقتصر على كونه آلية للتكافل أو نظامًا خيريًا تقليديًا، بل يُعبّر عن منظومة متكاملة من القيم المستندة إلى مبادئ العطاء الإنساني المستدام. يقوم الوقف على حبس الأصل وتخصيص منفعته في سبيل الله، وهو ما يجعله شكلاً فريدًا من أشكال الملكية العامة الدائمة التي لا تخضع للبيع أو الهبة أو الإرث، وإنما تُخصص لخدمة المنافع العامة بصورة مستمرة. وهذا يعني إن مفهوم الوقف في الإسلام لا يمكن اختزاله في البعد الخيري فحسب، بل يُعد تعبيرًا عن فلسفة اجتماعية واقتصادية تعكس الرؤية الإسلامية للعدالة التوزيعية والمسؤولية الجماعية. ويتميّز الوقف بأنه يتجاوز حدود الزمان والمكان، لكونه نظامًا دائمًا تُنقل ملكيته من الفرد إلى المجتمع، ويُستثمر ريعه في تلبية حاجات إنسانية متنوعة كالتعليم، والصحة، والرعاية الاجتماعية، مما يُسهم في بناء مجتمع متماسك ومستدام. وقد مثّل الوقف أحد أعمدة الحضارة الإسلامية، حيث تجلّت من خلاله القدرة الفريدة للإسلام على تحويل المبادئ الأخلاقية إلى مؤسسات عملية ذات أثر مستمر. ولهذا فقد عرّفه الفقهاء، في المذهب الحنفي، بأنه «نزع ملكية المال من يد مالكه وتخصيصه لله تعالى، على نحو يجعل منافعه دائمة ومستمرة لصالح البشرية»، مما يعكس عمق البُعد الاجتماعي والروحي لهذه المؤسسة. ويتضح من هذا التعريف أن الوقف لا يُنظر إليه كفعل فردي عابر، بل كمؤسسة ذات طبيعة قانونية واجتماعية مركبة، ترتكز على إخراج المال من حيازة المالك إلى حيازة جماعية مشروطة لا يملك أحد التصرف فيها إلا بما يوافق شرط الواقف. وتُبرز هذه الرؤية الفقهية للوقف عنصرين جوهريين: الاستدامة، من خلال حبس الأصل، والتخصيص، من خلال توجيه العائد إلى مصارف مشروعة. وهذا التوازن بين الحفاظ على رأس المال وتحقيق المنفعة ينسجم مع مقاصد الشريعة في تعظيم النفع ودفع الضرر، ما يجعل الوقف إحدى الأدوات التشريعية التي جمعت بين التعبد والمصلحة العامة. ثلاثة مرتكزات لمشروعية الوقف أولًا: القرآن الكريم رغم أن لفظ «الوقف» لم يرد صراحة في القرآن الكريم، إلا أن جوهره ومقاصده حاضرة بجلاء في عدد كبير من الآيات التي تحث على الإنفاق في سبيل الله، وتدعو إلى البذل والعطاء، ومنها قوله تعالى: لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ آل عمران: 92 وقوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ البقرة: 261 وتشير هذه الآيات إلى تأصيل مبدأ البذل من أجود ما يملك الإنسان، وهو ما يتجلى بوضوح في الوقف الذي يشترط غالبًا أن يكون من أطيب الأموال وأغلاها قيمة. وتؤكد الآيات كذلك على الطابع المضاعف للثواب الناتج عن الإنفاق في سبيل الله، مما يدفع الإنسان المسلم إلى اعتماد الوقف كأداة دائمة لتحقيق هذا الأجر المضاعف. وبالرغم من عدم التصريح باللفظ، إلا أن التوجيه القرآني نحو «الإنفاق المستمر» و»العطاء النافع» يمثل أرضية تشريعية صلبة لمشروعية الوقف بوصفه أحد أشكال الصدقة الجارية التي تخدم المجتمع وتُبقي العمل الصالح ممتدًا إلى ما بعد وفاة صاحبه. ثانيًا: السنة النبوية أكدت السنة النبوية على مشروعية الوقف من خلال التطبيق العملي والتشجيع عليه، إذ كان النبي محمد ? أول من أوقف أرضًا لبناء مسجد قباء، وغرس بذلك النموذج الأول لمفهوم «حبس الأصل وتسبيل المنفعة». ويُستدل من الحديث الشريف: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له» أن الصدقة الجارية – والتي فسرها العلماء بأنها الوقف – تُعد من الأعمال المستدامة التي تبقى آثارها بعد الوفاة. وتُظهر هذه السنة الفعلية والتقريرية بوضوح كيف أن الوقف يُعد من الأدوات الشرعية التي تحفظ استمرارية الخير في المجتمع. تعكس السنة النبوية في هذا السياق الطابع العملي والتطبيقي للتشريع الإسلامي، حيث لا يكتفي بتقديم المبادئ المجردة، بل يقرنها بنماذج تطبيقية فعلية. فمبادرة النبي ? إلى إنشاء الوقف وتوجيه الصحابة إليه - كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وقفه لأرض خيبر - تؤكد على تأصيل هذا النظام في التجربة الإسلامية الأولى. كما أن الحديث الشريف يضع الوقف في صدارة الأعمال الصالحة التي يستمر نفعها بعد وفاة الإنسان، مما يمنحه بُعدًا أخرويًا إضافة إلى نفعه الدنيوي، ويُكرّس لمفهوم «الاستدامة في الأجر» من خلال الاستدامة في الأثر المجتمعي. ثالثًا: الاجتهاد الفقهي أسهم الفقهاء عبر العصور في بناء منظومة الوقف من خلال اجتهادات مستندة إلى النصوص العامة للكتاب والسنة، بالإضافة إلى القواعد الفقهية الكبرى مثل قاعدة «لا ضرر ولا ضرار». ورغم اختلاف التفاصيل الفقهية بين المذاهب، إلا أن هناك إجماعًا على أن مشروعية الوقف تتطلب النية الصادقة لوجه الله، وأن تُوجه منافعه إلى أهداف مشروعة تعود بالنفع العام. هذه الاجتهادات أثبتت قدرة الفقه الإسلامي على تطوير أدوات تنظيمية فعالة تحقّق المقاصد العليا للشريعة في مجالات العدالة والتكافل والاستدامة. تميز الفقه الإسلامي بمرونته في التعاطي مع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، وقد ظهر ذلك جليًا في تطور أحكام الوقف. فمن خلال قاعدة «شرط الواقف كنص الشارع» أُعطي الواقف سلطة كبيرة في توجيه ريعه بما يحقق غايات متعددة. كما أن تنوع الأوقاف تاريخيًا – من أوقاف العلم والصحة إلى أوقاف الحيوانات والعابرين – يدل على اتساع دائرة المصالح المعتبرة شرعًا التي يمكن للوقف أن يخدمها. إن تضافر النصوص مع الاجتهاد الفقهي يؤسس لشرعية الوقف ضمن بنية متكاملة من مقاصد الشريعة التي توازن بين حقوق الفرد والصالح العام. الوقف: عبادة اختيارية لا إلزام فيها الوقف لا يُعد فريضة واجبة، وإنما هو من أعظم القربات المستحبّة التي يتقرب بها العبد إلى ربه. فهو يعكس صورة حضارية راقية لمسؤولية الفرد تجاه مجتمعه، كما يسهم في إعادة توزيع الثروات، وتوفير الخدمات الحيوية للفئات الأقل حظًا، ويعزز من مفاهيم العدالة الاجتماعية والرحمة في الإسلام. بهذه الخصائص، يبرز الوقف كأداة تنموية متقدمة تجمع بين الأجر الأخروي والمنفعة الدنيوية. الطابع الاختياري للوقف يمنحه خصوصية متميزة، إذ يُمارس بدافع من الإيمان والضمير الأخلاقي، لا من باب الالتزام القانوني أو الجبري، مما يجعل أثره في النفوس والمجتمعات أكثر عمقًا وتجذرًا. وقد نجح الوقف تاريخيًا في سد ثغرات كبرى في الخدمات العامة دون أن يُثقل كاهل الدولة، بما يجعله من أهم أدوات «الاقتصاد المجتمعي» الذي يعتمد على المبادرات الذاتية والمؤسسات المدنية في تلبية الحاجات العامة. وهو بذلك يُعد تجسيدًا حيًّا لمبدأ «التنمية من الداخل»، التي تقوم على وعي الأفراد والتزامهم الاجتماعي والأخلاقي.