
كلفة الاتفاق النووي
إيطاليا تلغراف نشر في 29 أبريل 2025 الساعة 8 و 01 دقيقة
إيطاليا تلغراف
غازي العريضي
وزير ونائب لبناني سابق.
انتهت الجولة الثالثة من المفاوضات الإيرانية الأميركية في مسقط، وسط أجواء إيجابية. قال وزير خارجية إيران، عبّاس عراقجي: 'أنا راضٍ عن المحادثات مع أميركا ووتيرتها، وهناك جدّية وإصرار من الجانبين مع التأكيد أن ثمّة خلافات لا تزال قائمةً بشأن قضايا رئيسة'. وقال مسؤولون أميركيون لـ'إكسيوس': 'أحرزنا تقدّماً. كانت الجولة مثمرةً'. أمّا وزير خارجية عُمان، بدر البوسعيدي، فأعلن أن محادثات رفيعة المستوى، بين أميركا وإيران، ستُعقد مبدئياً في 3 مايو/ أيار المقبل.
تزامن اللقاء مع انفجار بمرفأ رجائي في مدينة بندر عباس الإيرانية، وتوجّهت الأنظار مباشرة إلى إسرائيل، الدولة التي لا تريد رؤية إيجابيات في المفاوضات. هي مصرّة على ضرب المنشآت النووية الإيرانية، وتعتبر أنه لا يجوز تفويت الفرصة، وتحاول استغلال أيَّ أمر لتنفيذ إرادتها. وقد عبّر مسؤولوها عن عدم ارتياحهم، وأكّدوا أنه في اللحظة التي سيطرح فيها الأميركيون جميع شروطهم، بعد أسابيع، ستنفجر المباحثات. ثمّة مطالب أميركية لنزع البنى التحتية النووية لإيران على غرار النموذج الليبي، ووقف مسار تسلّحها بالصواريخ البالستية، ووقف أنشطة المنظّمات التي تقودها'، هذه هي رغبات الأميركيين الحقيقية، وثمّة أوركسترا إسرائيلية تعمل في الداخل والخارج، في أميركا وأوروبا، خصوصاً في العالم العربي مع أطراف عربية مختلفة تشاطر إسرائيل رغباتها في التحريض والضغط على الإدارة الأميركية، مستخدمين وسائل التحريض والتخريب كلها، لإفشال نجاح المفاوضات.
مطالب أميركية بنزع البنى التحتية النووية لإيران على غرار النموذج الليبي
قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان: 'مستعدّون للتوصل إلى اتفاق مع واشنطن في إطار محدّد، مع الحفاظ على المصالح الوطنية. إذا لم يرغب الأميركيون التفاوض بتكافؤ، فسنواصل طريقنا. لسنا متفائلين أو متشائمين. لا نرغب في النزاع مع أحد، لكنّنا لا نقبل التسلّط والتنمّر'. أكّد وزير الخارجية عبّاس عراقجي أن 'من المبكّر الحكم على مسار المحادثات مع أميركا، واثق من التوصّل إلى اتفاق إذا واصل الأميركيون التفاوض بشكل بنّاء'. وأضاف: 'إذا نظرنا إلى المستقبل، فإن أيّ اتفاق قد يتم التوصّل إليه يجب أن يرتكز إلى المصالح الاقتصادية الإيرانية، إلى جانب برنامج قوي للرصد والتحقّق، يضمن الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني'، وكان هنا يردّ على وزير خارجية أميركا ماركو روبيو (لا يفاوض، بل المكلّف بالأمر ستيف ويتكوف) عندما قال: 'إذا أرادت إيران برنامجاً نووياً مدنياً فيمكنها امتلاكه عبر استيراد المواد المخصّبة'. يعني، لا يمكن لإيران أن تخصّب المواد الضرورية، بل يتاح لها استيرادها. كما طُرحتْ فكرة ثانية مفادها نقل المواد المخصّبة إلى الخارج، وربّما إلى روسيا، فتكون تحت رقابتها وبأمانتها، وتعطي إيران ما تحتاجه من مواد للبناء النووي السلمي. قال عراقجي: 'كلّ ملّيغرام من اليورانيوم المخصّب في إيران هو تحت إشراف كامل ومتواصل من الوكالة الدولية للطاقة'، وركّز في برنامج الرصد والتحقّق، الذي سيكون ضمن الاتفاق. هذه إشارات مهمّة لتسهيل الوصول إلى اتفاق إذا كان هذا الهدف الأميركي حقيقي. في هذا السياق، أشارت 'العربي الجديد' إلى مسألة مهمّة: 'في الحديث عن آلية الرقابة والتأكّد من سلمية برنامج إيران النووي يتبيّن أن المفاوض الأميركي ليس مُلمّاً كما يجب بالاتفاق النووي، الذي يتضمّن آليات مشدّدة وافقت عليها طهران ضمن قبولها تنفيذ البروتوكول الإضافي الملحق باتفاق الضمانات التابع لمعاهدة حظر الأسلحة النووية'. وأضافت: 'الطرف الإيراني قدّم تطمينات عملية بعدم السعي لامتلاك السلاح النووي'.
الوصول إلى اتفاق بين أميركا وإيران أقلّ كلفةً على الجميع، وأكثر كلفةً على إسرائيل، من منظار رهاناتها وحساباتها
ماذا يعني ذلك؟… إذا كانت أميركا صادقةً في التوصّل إلى اتفاق يسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي السلمي، فإيران تقدّم كلّ الالتزامات والضمانات، وبالتالي يمكن الرهان على المفاوضات والوصول بنتيجتها إلى اتفاق. لكن نتنياهو في مكان آخر تماماً: 'أتعهد بالعمل على منع إيران من الحصول على سلاح نووي، وإذا خسرنا المعركة أمامها، فإن دولاً أخرى ستكون التالية'. وأضاف: 'لن تمنعنا أيُّ دولة من محاسبة إيران إذا لزم الأمر'. وأكّد ترامب لاحقاً: 'لم أمنع إسرائيل من ضرب المنشآت النووية الإيرانية، ومستعدّ للقاء خامنئي أو الرئيس الإيراني'.
مكمن القلق هنا… سبق لنتنياهو أن قال هذا الكلام في الحرب على غزّة، عندما دعاه كثيرون إلى وقفها، والإدارة الأميركية التي زوّدته بكلّ أدوات القتل، وقدّمت له كلّ الضمانات، خاطبها بالطريقة ذاتها. واليوم، يستخدم الأسلوب ذاته مدركاً (كما علّمتنا التجارب) أنه إذا بادر إلى تجاوزٍ ما، فإن أميركا تتجاوز الحسابات كلّها من أجل اسرائيل. ونتنياهو يقدّم نفسه مدافعاً عن البشرية والغرب و'العرب الأصدقاء'، 'التائهين'، 'الضائعين'، الذين سيدفعون أثماناً خيالية لـ'حمايتهم' و'تسليحهم'، ولا يتعلّمون أن أميركا لا توفّر الحماية إلا لإسرائيل، وعلى العرب أن يقدّموا أموالهم لشركات السلاح الأميركية والاستثمارات في أميركا، ومنذ عقود وثوابت أميركا لم تتغيّر، وحسابات العرب لا تتغيّر، وهم يتشاطرون ويتذاكون، وإسرائيل في طريقها لتصبح إسرائيل الكبرى التي ستسيطر على كلّ شيء. الوصول إلى اتفاق بين أميركا وإيران أقلّ كلفةً على الجميع، وأكثر كلفةً على إسرائيل، من منظار رهاناتها وحساباتها. غازي العريضي وزير ونائب لبناني سابق.كلفة الاتفاق النووي
السابق
الفرنسي توربان حكما لمباراة برشلونة وإنتر ميلان
التالي
حقيقة التفكير ، تفكير في الحقيقة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبر للأنباء
منذ ساعة واحدة
- خبر للأنباء
أوروبا تحذر أمريكا: إيران تماطل عمداً في المفاوضات النووية لتعطيل العقوبات
حذر مسؤولون رفيعو المستوى من دول (المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا)، إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أن إيران تُعمد إلى تعطيل المفاوضات بشأن الاتفاق النووي الجديد، في محاولة لمنع تفعيل آلية العقوبات الدولية في حال فشل التوصل لاتفاق، وفقاً لمصادر مطلعة تحدثت لصحيفة "ذا جيروزاليم بوست". وجاءت هذه التحذيرات خلال اتصالات بين مسؤولين رفيعي المستوى من بريطانيا وألمانيا وفرنسا مع إدارة ترامب، حيث أشاروا إلى أن طهران تحاول استغلال الوقت لخلق خلافات بين الحلفاء الغربيين. وتنص آلية "الاستعادة السريعة" للعقوبات، المدرجة في الاتفاق النووي لعام 2015، على إمكانية إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة في حال انتهاك إيران لالتزاماتها. لكن هذه الآلية ستنتهي صلاحيتها في أكتوبر 2025، مما يضع ضغطاً زمنياً على المفاوضات. وأبلغت الدول الأوروبية إيران بشكل واضح أن لديها حتى أغسطس القادم للتوصل إلى اتفاق جديد، وإلا ستلجأ إلى تفعيل العقوبات. من جهته، هدد وزير الخارجية الإيراني عباس أراغتشي برد قوي إذا ما تم تفعيل آلية العقوبات، في تصعيد واضح للخطاب الإيراني. وتكمن النقطة الأكثر إثارة للخلاف في قضية تخصيب اليورانيوم، حيث تصر الولايات المتحدة على منع إيران من أي أنشطة تخصيب، بينما تؤكد طهران على حقها في التخصيب للأغراض السلمية. عقد الطرفان مؤخراً جولة محادثات في عُمان وصفها الجانب الأمريكي بالبناءة لكن غير كافية، مع اتفاق على عقد لقاء آخر قريباً. وفي الوقت نفسه، تدرس واشنطن خيارات بديلة تشمل فرض عقوبات أحادية الجانب إذا فشلت الجهود الأوروبية في إحياء الاتفاق النووي.


البلاد الجزائرية
منذ 16 ساعات
- البلاد الجزائرية
واشنطن تدرس تعليق بعض العقوبات على إيران - الدولي : البلاد
قالت صحيفة عبرية إن الإدارة الأميركية تدرس إمكانية تعليق بعض العقوبات المفروضة على إيران، وذلك بعد يوم من إحتضان العاصمة الإيطالية روما جولة جديدة من المحادثات النووية غير المباشرة بين واشنطن وطهران. ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن مسؤول أميركي أن واشنطن عرضت اتفاقا تمهيديا تؤكد فيه إيران استعدادها للتخلي عن محاولة حيازة سلاح نووي، مضيفا أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب "لم تتنازل بمفاوضات روما عن مطلبنا بوقف إيران الكامل لتخصيب اليورانيوم على أرضها". وإستضافت روما -يوم الجمعة الماضي- الجولة الخامسة من المفاوضات الإيرانية الأميركية غير المباشرة بشأن البرنامج النووي الإيراني التي تتوسط فيها سلطنة عُمان، والتي بدأت أولى جولاتها في مسقط يوم 12 أفريل الماضي.


خبر للأنباء
منذ 4 أيام
- خبر للأنباء
تقرير: إسرائيل تنتظر انهيار المفاوضات لشن هجوم شامل على المنشآت النووية الإيرانية
وأشار المصدران إلى تحوّل مفاجئ في التقييم الاستخباراتي الإسرائيلي خلال الأيام الأخيرة، من الاعتقاد بقرب التوصل لاتفاق نووي إلى توقعات بانهيار وشيك للمفاوضات. وأفاد أحد المصادر بأن الجيش الإسرائيلي يرى أن النافذة الزمنية المناسبة لتنفيذ ضربة ناجحة قد تضيق قريبًا، مما يستدعي تحركًا سريعًا حال فشل المفاوضات، دون إيضاح أسباب تراجع فعالية الضربة لاحقًا. كما أكد المصدران تقارير عن قيام الجيش الإسرائيلي بإجراء تدريبات مكثفة استعدادًا لسيناريو الضربة، مع إشارة أحد المصادر إلى أن القوات الأمريكية تتابع هذه الاستعدادات وتدرك نوايا إسرائيل. من جهة أخرى، عبّر مسؤول أمريكي عن مخاوف الإدارة الأمريكية من احتمال قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتحرك دون انتظار موافقة واشنطن، فيما كشف مسؤول إسرائيلي عن عقد نتنياهو اجتماعًا سريًا مع كبار الوزراء والمسؤولين الأمنيين لاستعراض تطورات الملف النووي. وتأتي هذه التطورات مع استئناف الجولة الخامسة من المفاوضات في روما، بعد أن قدم المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف عرضًا كتابيًا لإيران قبل عشرة أيام. إلا أن المفاوضات واجهت عقبة رئيسية حول مسألة تخصيب اليورانيوم داخل إيران، حيث أصر الجانب الأمريكي على منع أي قدرة تخصيب إيرانية، بينما أعلنت طهران رفضها لأي اتفاق لا يسمح لها بالاستمرار في التخصيب. وأكد المصدران الإسرائيليان من أن أي عملية عسكرية لن تقتصر على ضربة واحدة، بل ستتخذ شكل حملة تمتد لأسبوع على الأقل، مع تنبيههما إلى التعقيدات والمخاطر الجسيمة المترتبة على مثل هذا السيناريو، بما في ذلك مخاوف دول الجوار من تداعيات إشعاعية أو اندلاع حرب إقليمية. وفي مؤتمر صحفي نادر، أكد نتنياهو التنسيق الكامل مع واشنطن بشأن الملف الإيراني، مع تأكيده التزام إسرائيل بأي اتفاق يمنع امتلاك طهران لسلاح نووي، لكنه شدد في الوقت ذاته على حق بلاده في الدفاع عن نفسها ضد "نظام يهدد وجودها".