logo
مواجهة بين عملاق عالمي ومجموعة صغيرة منظمة في اليمن

مواجهة بين عملاق عالمي ومجموعة صغيرة منظمة في اليمن

اليمن الآن٠٧-٠٥-٢٠٢٥

بقلم: هارلان أولمان*
ما يحدث في البحر الأحمر واليمن يُعد مثالاً استثنائيًا على التأثير الجيوستراتيجي الذي يمكن أن تُحدثه مجموعة صغيرة ومنظمة نسبيًا.
وعلى عكس تنظيم القاعدة، الذي شنّ هجمات 11 سبتمبر 2001 على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، مما استدعى رداً أدى إلى حرب لا تنتهي في أفغانستان، فإن الحوثيين في اليمن قادرون على مواصلة حملاتهم باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ.
ولا يُستبعد أن يتمكن الحوثيون من افتعال أزمة تضاهي في حجمها ما حدث في 11 سبتمبر.
لقد أصبح البحر الأحمر مغلقًا فعليًا أمام معظم حركة الشحن التجاري بسبب تهديدات الحوثيين بهجمات صاروخية وطائرات مسيّرة. وتقوم البحرية الأميركية بالحفاظ على وجودها في البحر الأحمر لحماية السفن التي تجرؤ على العبور، وقد شنت ضربات جوية وصاروخية على مئات الأهداف الحوثية. والحوثيون يردّون بالمثل.
[قال الرئيس دونالد ترامب يوم الثلاثاء إن الولايات المتحدة ستوقف القصف ضد الحوثيين بعد أن أبلغت الجماعة واشنطن بأنها "لا تريد القتال بعد الآن."]
حتى الآن، لم تُصَب أو تُلحَق أضرار بأي سفينة حربية أميركية. لكن نسبة تكلفة الأسلحة المستخدمة تصب بشكل كبير في صالح الحوثيين.
فمقابل طائرات مسيّرة وصواريخ باليستية زهيدة الثمن نسبيًا، تطلق البحرية الأميركية ذخائر باهظة الثمن. فمثلاً، تكلّف رشقة واحدة من سلاح "فالانكس" القريب الدفاعي عيار 20 ملم نحو 3500 دولار من الذخيرة، بينما يكلف صاروخ SM-6 ما بين 3 إلى 4 ملايين دولار. إذًا، من الذي يربح في هذه المعادلة؟
القليل من الناس يعرفون الكثير عن الحوثيين. فقد تأسست الجماعة تحت اسم "أنصار الله" في منتصف التسعينات كحركة مناهضة للولايات المتحدة، ولدول الخليج السنية، ولإسرائيل. ويُقدّر عدد أفرادها اليوم بين 100,000 و200,000.
ونظرًا لانخراطها الفعّال في الصراع، وقيامها بمهاجمة السعودية عام 2015، فإن الحوثيين يسيطرون الآن على صنعاء، عاصمة اليمن، ومعظم شمال البلاد. وبالإضافة إلى حصولهم على طائرات وصواريخ من إيران، فقد بات لديهم القدرة على تصنيع طائراتهم المسيّرة محليًا.
وقد أظهر هجوم الحوثيين الأسبوع الماضي على مطار بن غوريون في تل أبيب باستخدام صاروخ باليستي مدى قدرتهم على افتعال أزمة كبرى. وقد ورد أن إسرائيل ردّت على ذلك، لكن فعالية الرد الإسرائيلي العسكري لا تزال موضع تساؤل، خاصة في ظل الضربات الأميركية الواسعة على منشآت حوثية.
وما يدعو للقلق أكثر، أن اغتيال الأرشيدوق فرانز فرديناند وزوجته الحامل صوفي في سراييفو على يد جافريلو برينسيب في يونيو 1914 أدى إلى سلسلة من الأحداث التي أشعلت الحرب العالمية الأولى.
فهل يمكن للحوثيين أن يصبحوا نسخة القرن الحادي والعشرين من برينسيب؟ وهناك العديد من "الضحايا" المحتملين لأداء هذا الدور، كما كان حال الأرشيدوق. فالهجمات على السعودية، أو التصعيد ضد إسرائيل، أو توجيه ضربة كبرى إلى سفينة حربية أميركية، كلها سيناريوهات ذات تبعات هائلة.
ورغم أن الأمر لا يرقى لبشاعة هجمات حماس في 7 أكتوبر، فإن الحوثيين قد يدفعون إسرائيل إلى تنفيذ ضربات انتقامية جديدة، مما قد يجهدها عسكريًا، وهي الغارقة أصلًا في صراع غزة.
تخيلوا أن تُضرَب سفينة حربية أميركية. هل سيكون ذلك شبيهًا بحادثة خليج تونكين في أغسطس 1964، ولكن هذه المرة بهجوم حقيقي وليس مُختلقًا؟ ماذا سيكون رد الولايات المتحدة؟ أو لنفترض أن الحوثيين ركزوا هجماتهم على منشآت النفط والمصافي السعودية؟
ربما لا تكون هذه الأحداث بمنزلة تكرار لعام 1914، لكن احتمالات المزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة لا يمكن تجاهلها. وفي هذا السياق، هل هناك ما يدعو للتفاؤل؟
ربما تمتلك إيران مفتاح الحل. فقد أعادت إدارة ترامب فتح قنوات التفاوض مع إيران بشأن الحد من طموحاتها النووية. وإذا كانت طهران تمارس بالفعل تأثيرًا حقيقيًا على الحوثيين، فما الثمن الذي يُمكن أن يُقدَّم مقابل ممارسة هذا النفوذ لتخفيف التصعيد والسماح بحرية الملاحة في البحر الأحمر؟
من المرجح أن يكون تخفيف العقوبات هو المقابل. وإذا تجاوز الحوثيون أي حدود في هجماتهم ضد السفن وجيرانهم، يمكن إعادة فرض العقوبات. والتهديد الأكبر يتمثل في إمكانية أن يكون الحوثيون شرارة لحرب إقليمية كبرى.
وللمراقب الموضوعي، كمن ينظر من كوكب آخر، فإن هذا المشهد يبدو غريبًا للغاية. كيف يمكن لمجموعة صغيرة، تكاد أن تكون طائفة دينية، أن تملك هذا القدر من التأثير المحتمل، سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا؟ وما هي السياسات أو الخيارات المتاحة للغرب لاحتواء الحوثيين أو ردعهم أو منعهم من زعزعة استقرار المنطقة بشكل أكبر؟ للأسف، ليس هناك الكثير منها.
ولا يتعلق الأمر فقط بالصواريخ والطائرات المسيّرة. فإيران تمتلك قدرات ضخمة في مجال الهجمات السيبرانية. فلنتخيل أن الحوثيين قد طوروا قدراتهم الخاصة في هذا المجال وأصبحوا يستخدمونها؟ من الصعب أن نتوقع أن تؤدي الهجمات السيبرانية المضادة ضد يمن بدائي من حيث البنية التحتية إلى أي نتائج مؤثرة.
* هارلان أولمان: هو الكاتب المميز باسم "أرنو دي بورشغريف" في وكالة UPI، ومستشار أول في المجلس الأطلسي في واشنطن، ورئيس مجلس إدارة إحدى الشركات الخاصة، والمؤلف الرئيسي لمبدأ "الصدمة والرعب". كتابه القادم، والذي شاركه في تأليفه الجنرال اللورد ديفيد ريتشاردز، القائد السابق لقوات الدفاع البريطانية، سيصدر العام المقبل تحت عنوان: "من يفكّر ينتصر: منع الكارثة الاستراتيجية".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

من القبة (الحديدية) إلى القبة (الذهبية).. ترامب بعيد تشكيل معادلة الردع الأمريكية!
من القبة (الحديدية) إلى القبة (الذهبية).. ترامب بعيد تشكيل معادلة الردع الأمريكية!

timeمنذ 3 ساعات

من القبة (الحديدية) إلى القبة (الذهبية).. ترامب بعيد تشكيل معادلة الردع الأمريكية!

أخبار وتقارير (الأول) وكالات: كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطط بناء درع صاروخية تحت مسمى "القبة الذهبية" -بهدف حماية الولايات المتحدة من هجمات خارجية- مستوحاة من نظام القبة الحديدية في إسرائيل. وأكد أنها ستوضع في الخدمة في نهاية ولايته الثانية الحالية. وفي حديثه للصحفيين بالبيت الأبيض مساء الثلاثاء، قال ترامب: "خلال الحملة الانتخابية، وعدت الشعب الأميركي بأني سأبني درعا صاروخية متطورة جدا"، وأضاف "يسرني اليوم أن أعلن أننا اخترنا رسميا هيكلية هذه المنظومة المتطورة". وأشار إلى أن الكلفة الإجمالية للمشروع ستبلغ زهاء 175 مليار دولار عند إنجازه بنهاية عام 2029، مضيفا أن ولاية ألاسكا ستكون جزءا كبيرا من البرنامج. وأوضح الرئيس الأميركي أن "كل شيء" في درع الدفاع الصاروخي "القبة الذهبية" التي يخطط لها سيُصنع في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الجنرال مايكل غويتلاين، نائب رئيس سلاح الفضاء، سيقود المشروع. وينظر للمشروع على نطاق واسع على أنه حجر الزاوية في تخطيط ترامب العسكري. وتهدف القبة الذهبية إلى إنشاء شبكة من الأقمار الصناعية لرصد الصواريخ القادمة وتتبعها وربما اعتراضها. وأكد ترامب من المكتب البيضاوي إن القبة الذهبية "ستحمي وطننا"، وأضاف أن كندا قالت إنها تريد أن تكون طرفا في المشروع، لكن لم يتسن بعد الحصول على تعليق من مكتب رئيس الوزراء الكندي مارك كارني بهذا الشأن. ويدشن إعلان اليوم جهود وزارة الدفاع (البنتاغون) لاختبار وشراء الصواريخ والأنظمة وأجهزة الاستشعار والأقمار الصناعية التي ستشكل القبة الذهبية في نهاية المطاف. وكان ترامب وقّع، نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، مرسوما لبناء "قبة حديدية أميركية"، تكون -وفق البيت الأبيض- درعا دفاعية متكاملة مضادة للصواريخ لحماية أراضي الولايات المتحدة. وسبق أن وجهت روسيا والصين انتقادات لذاك الإعلان الذي رأت فيه موسكو مشروعا "أشبه بحرب النجوم"، في إشارة إلى المصطلح الذي استُخدم للدلالة على مبادرة الدفاع الإستراتيجي الأميركي في عهد الرئيس رونالد ريغان إبان الحرب الباردة. يشار إلى أن تسمية "القبة الحديدية" تم إطلاقها على واحدة من المنظومات الدفاعية الإسرائيلية التي أنشئت لحماية إسرائيل من هجمات صاروخية أو بمسيّرات. وتعتبر القبة الذهبية التي اقترحها ترامب أكثر شمولا وتتضمن مجموعة ضخمة من أقمار المراقبة وأسطولا منفصلا من الأقمار الصناعية الهجومية التي من شأنها إسقاط الصواريخ الهجومية بعد فترة وجيزة من انطلاقها. وفي بادئ الأمر، طوّرت إسرائيل بمفردها "القبة الحديدية" بعد حرب عام 2006 مع حزب الله اللبناني، لتنضم إليها لاحقا الولايات المتحدة التي قدّمت خبراتها في المجال الدفاعي ودعما ماليا بمليارات الدولارات. وكان ترامب أشار بالفعل إلى هذا المشروع خلال حملته الانتخابية، لكن خبراء كثرا يؤكدون أن هذه الأنظمة مصمّمة في الأصل للتصدي لهجمات تشنّ من مسافات قصيرة أو متوسطة، وليست لاعتراض صواريخ بعيدة المدى قادرة على ضرب الولايات المتحدة.

مناشدة دولية من 116 منظمة إغاثة للتدخل العاجل في اليمن
مناشدة دولية من 116 منظمة إغاثة للتدخل العاجل في اليمن

timeمنذ 5 ساعات

مناشدة دولية من 116 منظمة إغاثة للتدخل العاجل في اليمن

عدن - ريام محمد مخشف* "يمن اتحادي" دعت منظمات إغاثة دولية ومحلية عاملة في اليمن المجتمع الدولي يوم الثلاثاء إلى اتخاذ موقف عاجل ومشترك للحيلولة دون تدهور الأوضاع الإنسانية المتردية في بلد يعاني من تبعات حرب أهلية مستمرة منذ عشر سنوات. وجاء في بيان موقع من 116 منظمة، من بينها وكالات تابعة للأمم المتحدة، أنه 'بعد مرور ما يقرب من خمسة أشهر على بداية عام 2025، لم يتجاوز تمويل خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن 10 بالمئة، مما يحول دون وصول المساعدات الأساسية إلى ملايين الأشخاص في أنحاء البلاد'. وأضافت المنظمات في بيانها 'نناشد الجهات المانحة، بإلحاح، زيادة التمويل المرن، وفي الوقت المناسب، والقابل للتنبؤ لخطة الاحتياجات الإنسانية والاستجابة لها، فبدون اتخاذ إجراءات فورية، قد تضيع المكاسب الحيوية التي تحققت عبر سنوات من المساعدة المخلصة'. يأتي البيان عشية الاجتماع السابع لكبار مسؤولي الإغاثة الإنسانية بمقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم الأربعاء لبحث الوضع الإنساني في اليمن وتنسيق جهود الاستجابة. وأشار البيان إلى أن عام 2025 قد يكون الأصعب حتى الآن بالنسبة لليمنيين، في ظل استمرار الصراع، والانهيار الاقتصادي، والصدمات المناخية، مقابل تقلص كبير في المساعدات الإنسانية. ووجهت الأمم المتحدة نداء الاسبوع الماضي لتوفير تمويل عاجل 1.42 مليار دولار للحفاظ على الخدمات الضرورية للملايين في اليمن المصنف كأحد أفقر البلدان العربية. وكانت الأمم المتحدة قد أطلقت في يناير كانون الثاني نداء لجمع 2.48 مليار دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية لنحو 10.5 مليون نسمة في اليمن خلال 2025 لكن رغم مرور أكثر من أربعة أشهر فإن الفجوة التمويلية لا تزال هائلة وتقدر بمبلغ 2.27 مليار دولار، أي ما يعادل 91.6 بالمئة من إجمالي التمويل المطلوب. وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن نحو 25.5 مليون نسمة في اليمن من إجمالي السكان البالغ عددهم 35.6 مليون نسمة باتوا يعيشون تحت خط الفقر، وبحاجة ماسة إلى الدعم أكثر من أي وقت مضى. ‏الريموت. مصدر الخبر / وكالة رويترز

ترامب يقلّل من أهمية الحشد الروسي قرب فنلندا: "لست قلقًا على الإطلاق"
ترامب يقلّل من أهمية الحشد الروسي قرب فنلندا: "لست قلقًا على الإطلاق"

timeمنذ 7 ساعات

ترامب يقلّل من أهمية الحشد الروسي قرب فنلندا: "لست قلقًا على الإطلاق"

قلّل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من شأن التقارير التي تشير إلى وجود حشد عسكري روسي على طول الحدود مع فنلندا، مؤكدًا أنه "لا يشعر بأي قلق على الإطلاق" تجاه هذه التحركات. وجاء تصريح ترامب خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، أمس الثلاثاء، حين سُئل عن الموقف الأمريكي من التعزيزات الروسية بالقرب من دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو). وقال الرئيس الأمريكي بلهجة مقتضبة: "لا، أنا لست قلقًا بشأن ذلك على الإطلاق"، من دون أن يقدّم أي تفاصيل إضافية بشأن طبيعة التقديرات الاستخباراتية أو الردود المحتملة من واشنطن أو الحلف الأطلسي. وتأتي هذه التصريحات وسط تصاعد التوترات بين روسيا والدول الغربية، خصوصًا بعد انضمام فنلندا رسميًا إلى الناتو في أبريل 2023، ما أنهى عقودًا من الحياد العسكري وأثار قلق موسكو التي اعتبرت ذلك تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي. ويرى مراقبون أن لهجة ترامب تعكس رغبة في عدم التصعيد مع روسيا في هذا الملف تحديدًا، في وقت يواجه فيه تحديات أخرى على جبهات دولية متعددة، بما فيها أوكرانيا والشرق الأوسط.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store