
صراخ المأزومين
محمد الراشد
في زمن التحولات الكبرى لا يسلم الناجح من سهام العاجزين، ولا ينجو العاقل من صخب الحاقدين، هذا تمامًا ما تواجهه المملكة العربية السعودية اليوم، وهي تتقدّم بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها كقوة إقليمية وركنٍ رئيس في المعادلة الدولية الجديدة. فكلما ارتفع صوت سعودي في محفل، أو تحقّق إنجاز نوعي على الأرض، أو اتُّخذ قرار سيادي يخدم أمن المنطقة واستقرارها، علت أصوات التشويش من زوايا مأزومة لم تستوعب أن المملكة باتت في قلب الفعل وصدارة التأثير.
السعودية لم تبنِ مجدها على حطام الآخرين، بل على سواعد أبنائها، واستثمار خيراتها، وتخطيط قادتها. لم تنتظر إذنًا من أحد لتتحرك، ولم تحتج شهادة من الخارج لتثبت أهليتها. انتقلت من الاستهلاك إلى الريادة، ومن الهدوء إلى التأثير.
تتقدم المملكة اليوم في ملفات الطاقة والاقتصاد والوساطة الدولية، وتعيد رسم خارطة علاقاتها بما يخدم مصالحها أولًا، ويعزز استقرار المنطقة ثانيًا، ويجعلها شريكًا لا تابعًا في منظومة العلاقات الدولية.
منذ عقود، والسعودية تقدم دعمًا سخيًّا للدول العربية في كل أزمة مرّت بها المنطقة، لم تكن يومًا غائبة عن مشهد الإنقاذ.. من المساعدات الاقتصادية، إلى المبادرات السياسية، إلى التبرعات الكبرى، إلى الإغاثة الفورية، وحين تخلّى الكثيرون، كانت المملكة تدفع باتجاه إنقاذ ما يمكن إنقاذه في إقليمها المضطرب، وليس أدلّ على ذلك من دورها الأخير في الدفع نحو عودة سوريا إلى الحضن العربي، وفتح قنوات الحوار، والعمل على تخفيف العقوبات عنها، رغم تعقيد الملف وتشابكاته الدولية.
المؤلم أن من أُطعِموا في أوقات الشدة، وتُركت لهم الأبواب مفتوحة في زمن الضيق، يردّون اليوم بالنكران، ويتطاولون على اليد التي امتدت إليهم بالخير، حين كانت أيادي غيرها ترتجف أو تتفرج.
تؤلم العقلاء حقيقة أن من رفعوا شعار السيادة والكرامة أضاعوا أوطانهم بسبب سوء الإدارة، وأن من زايدوا على القيم باعوا قراراتهم في مزادات السياسة. لا مشروع لديهم إلا مهاجمة من نجح، ولا بوصلة لهم إلا نحو من أنجز، وكأن النجاح تهمة، والقرار السيادي جريمة، والتموضع في قلب المشهد العالمي خيانة!
يُرافق هذه الحملات المأزومة ضجيجٌ إعلامي اعتاد تحريف الوقائع، وصناعة الكراهية، وتأجيج الشارع العربي ضد من يعمل لأجله. إعلام يتغذى على 'الترند'، ويعيش على التمويل الخارجي، ويبرر الفشل بالصراخ بدلًا من أن يعترف بالعجز!
السعودية تمضي بهدوء، وتصنع الفرص، وتعالج الملفات، وتبني المدن، وتقود المبادرات، لا تردّ على كل ناعق، ولا تتوقف أمام كل مأزوم، بل تترك المنجز يتحدث، والمستقبل يُنصف.
لقد تغيّر الزمن. من كان يظن أن صوت الضعيف العالي سيُسكت فعل القوي الصامت، خسر الرهان. السعودية اليوم تصنع تاريخًا لا يتّسع للمأزومين، وتقود قاطرة المستقبل دون انتظار من لم يركب.
أما أولئك الذين التهموا من موائدها في أزمنتهم العجاف، ثم انقلبوا حين شبعت بطونهم، فلن يغيّروا من مسارها شيئًا، سوى أنهم سيتحولون إلى تفاصيل باهتة في أرشيف الهامش. فالمملكة لم تولد من فراغ، ولم يُصنع مجدها بمنشورٍ أو 'ترند'، بل ببناءٍ وتضحيات ورؤية لا ترى للخلف.
وسيظل الذين ضيّعوا أوطانهم يصرخون:
'نحن أولى!'… لكن التاريخ لا يعبأ بالصراخ، بل يخلّد من بنى.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سودارس
منذ 33 دقائق
- سودارس
في حرب الرمل، ما خفي أعظم؟! (1)
الجميل الفاضل ليس حدثًا عابراً إعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة بغرب كردفان. فقد ودّع الدعم السريع بالفعل، كما يقول قادته، "الفوج الخامس" إلى خطوط الرمل الأمامية. أما الآن، فلو أن نملة نابهة أخرى قالت: "يا معشر النمل، ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم ابن حمدان وجنوده"، فقد صدقت أيضاً. بمظنة أن أفواجاً بعد، حبّات رمل كردفان، في طريقها لأن تنخرط في أتون هذه الحرب. إذ إن من يدمي الرمال بذبح أطفال ونساء "الحمادي" وشبّان "الخوي"، سيدمي لا محالة قلبه بجراح لن تبرأ قريبًا. وأقول: سبحان الذي استدرج أقدام "الإخوان" إلى أودية الرمل البعيدة، ليُلبي بعد نحو خمس سنوات رغبة من قالوا: "أي كوز ندوسو دوس... ما بنخاف، ما بنخاف". إن من نادوا بهذا "الدوس" في الخرطوم يومئذ، كانوا يقولون "جيبوه"، وليس "اذهبوا به إلى حيث أرشد مغنّون آخرون حين قالوا: لو داير البل تعال لدار حمر". وبالطبع، ف"البل" على رمال الصحارى المفتوحة ليس كغيره من "البل". فعندما تتحرك الرمال تحت قدميك، يجب أن تعرف أين أنت بالضبط، وإلى أين تجرفك هذه الرمال، أو تجرّ أقدامك. ثم، قبل أن تردّد الأهازيج الحمرية ذاتها: "يا حليل الفكي الجاب ليكم العرقي"، تذكّر أن ذلك "الفكي" ربما أتى لتلاميذه ب"عرقي" الانقلاب المعتّق قبل بضع وثلاثين سنة، قبل أن يتوسّد الآن "الباردة". على أية حال، فإن هؤلاء "الكُرْدافة" ليسوا فقط أولئك الناس "القيافة"، كما كنا نظن. فانظر إلى ناظرهم عبد القادر، هذا الأسد الرابض في عرينه يأبى أن يهرب من قدر الله إلى قدر الله. اختار أن يواجه كلا الاحتمالين: احتمال الموت، أو احتمال النجاة، من مكانه. إذ إن من يُدرك طبيعة الرمل، يدع الرمل يمشي، ولا يمشي هو. وهكذا يفعل أيضاً من يُدرك أن إرادة الرمال أقوى دائماً من إرادة الأقدام التي تدبّ وتسعى عليها. بل ربما هذا ما بات يُدركه سليل بيت الإدارة الأهلية الكبير، بيت الناظر منعم منصور. فالإنسان كائن متجدّد بطبعه، لا يمكن اختزاله أو اعتقاله في لحظة هاربة من تاريخه وماضيه. والتاريخ، قربًا أو بعدًا، ليس قفصًا حديديًا يُرهن له الناس حاضرهم ومستقبلهم. إذ لكل لحظةٍ حاضرة قانونها الخاص، الذي هو أقوى وأمضى من كافة صور الماضي، ومن تصوراتنا حوله. وبالعودة للتاريخ أيضا، فقد سقط بين كثبان هذه الرمال نفسها جنرال إنجليزي كبير، سقط في متاهة زحفها؛ إنه الجنرال "هكس"، الذي ظن أن "غابة شيكان" مجرد غابة من شجر، وأن الرمل لا يتحرك تحتها، ناهيك أن يصعد فوق هامات شجرها.

سودارس
منذ 34 دقائق
- سودارس
صحفيون بلابسة: بم يزايد حلفاء دواعش البراء بن مالك على مؤيدي الدعم السريع؟
أطلقت عبارة الصحفيين البلابسة على مجموعة من مؤيدي الجيش وكتائب البراء بن مالك الإرهابية من قبيلة الصحفيين، نصبوا أنفسهم متحدثين حصريين بلسان الشعب السوداني حين أعجبتهم كثرتهم – على الوسائط – التي لا تغن عن الحق شيئاً. صحفيون بلابسة بأوداج منتفخة "كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد"، ويتوهمون في أنفسهم الأهمية دون سبب واضح. إذ لا تكاد تجد مساهمة – كبيرة كانت أو صغيرة – لمعظم هؤلاء، بل كان سر تميزهم الوحيد، هو أن أتيحت لهم من الفرص ما لم يتاح لغيرهم. وسرعان ما قفزوا على مقعد الاستاذية، يحاولون تعليم الناس ما يفتقدونه هم أنفسهم، ومن الجلي إن فاقد الشيء لا يعطيه، وأن مجرد "التصنع" لا يكفي أحدهم للجلوس على مقعد الاستاذية الفخيم، يلقي المواعظ وينتظر الانصات والاستماع. وأنت أيها القاريء الكريم تشتم في أحاديث هؤلاء الصحفيون البلابسة رائحة تعالٍ مجهول السبب والمصدر. إذ عادة ما يكون طابع تدويناتهم على وسائط التواصل هو الشتم والإساءة والهمز واللمز، و"المطاعنة" التي لطالما نسبت ظلماً لعموم النساء وهن من ذلك براء، فليس السوداني – رجلاً كان أو امراءة – بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذئ. تلبس هؤلاء الصحفيون البلابسة بلبوس الثورة حيناً من الدهر، قبل أن يكتشفوا فجأة إن تناقضهم مع الحركة الإسلامية ودواعش مليشيا "البراء بن مالك" هو تناقض ثانوي غير مهم في الوقت الحالي، بينما معركتهم المصيرية هي مع "قوات الدعم السريع" التي لم تتكون إلا في العقد الأخير من عمر الإنقاذ! اكتشف هؤلاء الأدعياء في عام 2023، إن من كانوا يزعمون النضال ضدهم لعشرين عاماً قبل أن يدخل "الدعم السريع" حيز الوجود، ليسوا هم العدو الرئيسي ولا الاستراتيجي! بل لم يجدوا بأساً في أن يتحالفوا معهم ضد ذلك العدو المستجد. يتذرعون بالوقوف مع مؤسسة مزعومة لدولة محطمة، ويتعامون عن الوجه السياسي الصارخ للصراع، ويديرون رؤوسهم للجهة الأخرى عن مذابح الدواعش. تخفت أصواتهم عند الحديث عنها أو يبررونها بمغالطة "وأنت أيضاً" الشهيرة، حين يجيبون على كل ذلك الدم المسفوك بواسطة سكاكين حليفهم الأبرز، بأن "الدعم السريع يرتكب أفظع منها"، وهذا شأنهم. لكن ما يبعث على الحيرة هو أنهم وجدوا في موقفهم المخزي هذا – وبطريقة ما – ما يتفاخرون به على الناس، يجاهرون بوقوفهم مع الجيش، ويستبيحون حرمة من يساند الدعم السريع كأشد ما تكون الاستباحة، والغريب إنه كلما نعق منهم ناعق وجد له مجيباً، فالله المستعان على ما يصفون. غفل صحفيو السودان البلابسة عن الالتفات ذات اليمين وذات الشمال لرؤية الواقفين إلى جوارهم في صف الجيش المخصي، ولو فعلوا لوجدوا أنفسهم غارقين في وحل مليشيات الحركة الإسلامية الداعشية، ومؤججات حرب أبريل من عاهرات المؤتمر الوطني، ولو أمعنوا النظر في حمرة الدماء المسفوكة تحت أقدامهم، لعرفوا في أي درك هم مقيمون. لكنهم لن يفعلوا، فعلى أبصارهم غشاوة كبر تجعلهم يظنون أنهم أكبر من أن يكونوا على خطأ، بغض النظر عما تراه أعينهم وتسمعه آذانهم وما يجري أمامهم من أحداث، وهم ليسوا أغبياء، لكنك مع ذلك تجدهم يتصنعون البلاهة فتصيبك الحيرة، خاصة حينما تجدهم يتفاخرون بمثال هذه المخازي على صفحاتهم في وسائط التواصل دون حياء، بل وينصبون المشانق لمن خالفهم الرأي ورأى غير ما يرون، فيقيمون عليه حفلة شواء "اسفيرية"، يتداعون لها من كل حدب وصوب غير عابئين بتشابه مواقفهم لحد التطابق مع الدواعش. وأنت تتساءل عن السبب الذي يجعل هؤلاء يستحسنون اصطفافهم مع كتائب علي كرتي الإرهابية، ويرون فيه مفخرة تستدعي الانتشار والذيوع، وعما يجمع هؤلاء الصحافيين البلابسة، وعن سر اطمئنانهم لتحالفهم هذا رغم قطع الدواعش للرؤوس وبقرهم البطون وتنفيذهم للإعدامات الميدانيةعلى قارعة الطريق بحق المدنيين، فلا تجد سوى العنصرية دافعاً لموالاة إخوان الشياطين. في داخل كل صحفي بلبوسي "عنصري صغير"، يخجل من أن يبوح بما يحركه ويحدد مواقفه حين يتعلق الأمر بالجهة والقبيلة، كونها تتنافى مع ما يدعيه من سعة أفق وبعد إدراك. من كان بيته من زجاج فيجب أن لا يقذف الناس بالحجارة، ولن يسلم من الإثم من شارك في رقصة الحركة الإسلامية الشيطانية حول الجثث ومن عاونها ولو بشق كلمة، لا يغني في ذلك فلسفة مصطنعة،ولا رفع راية انحياز ليسار، ولا ادعاء للبلاهة. ألا لعنة الله على الصحفيين البلابسة، وعلى حلفائهم من إخوان الشياطين.

سودارس
منذ 34 دقائق
- سودارس
كيفية إنقاذ البرهان من قبضة الكيزان
صلاح شعيب بناءً على الأنباء المسربة من الحوار الذي دار بين السيسي والبرهان في لقائهما الأخير بالقاهرة، وعطفاً على التقارير، والمقالات التي تناولت علاقة الجيش بالحركة الإسلامية، نلحظ أن هناك تبايناً في الرؤى حول تكييف إدارة الحرب. ففريق يرى أن قدرة البرهان للتخلص من الإسلاميين مدنيين، وعسكريين، من جهاز الدولة العميق محال. ويعزز هؤلاء وجهات نظرهم انطلاقا مما كشفه شيخ عبد الحي بأنهم اخترقوا حتى مكتب البرهان، وأن انتصارات حرب الكرامة تعود لكوادر الحركة الإسلامية، وأن المصطلح نفسه يخفي وراءه مسمى الحرب الجهادية. وبالنسبة للمعارضين للحرب يرون أن الجيش هو جيش الحركة الإسلامية التي جيرته منذ الأعوام الأولى، وأصبح الدخول للكلية الحربية يتم وفقاً على توصيات أمراء الحركة الإسلامية في الثانويات. ولذلك يعضد هؤلاء وجهات نظرهم بأن معظم كبار الضباط، وصغارهم، دخلوا الجيش لانتمائهم الأيدلوجي. أما البقية فقد استثمر التنظيم في انتهازيتهم، كما هو حال الدبلوماسيين، وكبار قادة الخدمة المدنية، والإعلاميين، وبالتالي صاروا يقومون بأدوار نوعية أهم ربما من أدوار المنتمين للإسلام السياسي داخل الجيش، والقطاعين العام، والخاص. من جهة أخرى يرى كثيرون أن التعاون في خطة، وإدارة، الحرب بين قيادة الجيش والإسلاميين المدنيين والعسكريين من جماعة البراء، وغيرهم، مرحلي. فالبرهان يريد استخدامهم كقاعدة دائمة لتحقيق طموحه في رئاسة البلاد. أما الإسلاميون فقد وجدوا في الحرب فرصة لاستعادة حكمهم، والتخلص من موروث ثورة ديسمبر، وعزل القوى السياسية التي أسقطت مشروعهم المستقبلي، ومن ثم التخلص لاحقاً من البرهان نفسه، بوصفه غير منتمي عقائدياً للحركة الإسلامية، فضلاً عن حاجتها لقائد عسكري مؤدلج يستجيب لشروطها، ويكون واجهة لها في القوات المسلحة. كثيرون يقولون بأن البرهان يدرك أن المحيط الإقليمي، والدولي، لا يساعد على ترسيخ مستقبله في حال انتصاره في الحرب إذا اعتمد على الإسلاميين كقاعدة للحكم. ولكل هذا فإن فضه الشراكة مع الإسلاميين أمر حتمي متى ما أصر على مواصلة الحرب ليظفر، أو في حال رضوخه للضغط الخارجي للتوصل إلى تسوية سلمية للنزاع الدامي. اياً كانت حجج، وحيثيات هذه التحليلات، والأقاويل، والتقارير، والتسريبات، حول علاقة قيادة الجيش، والإسلاميين، فإن الطرفين يتربصان لا بد في الخفاء ليحققان أجندتهما في اليوم الموعود. في تقديري أن البرهان إذا حقق الانتصار، ودانت له السيطرة على الدولة، سيواجه فاتورة الحركة الإسلامية انطلاقاً من زعمها أنها – كما قال عبد الحي وآخرون- قدمت التخطيط، والتنفيذ، في منازلة الدعم السريع، والقوى السياسية التي أسقطت المشروع الحضاري. وفي حال قناعته – مع الضغط الإقليمي والدولي – بأن يعود للتفاوض مع الدعم السريع لوقف إطلاق النار فإن البرهان بحاجة إلى تاكيد قدرته على تحجيم الإسلاميين قبل أن تتم الإطاحة به، وتنصيب قائد عسكري عقائدي، أو غير عقائدي موالٍ لهم. لاحظنا أن الآلة الإعلامية الإسلاموية الداعمة لاستمرارية الحرب نجحت كثيراً في ابتزاز البرهان في كل مراحل التفاوض السابقة، وتهديد حياته، إذا سعى للاتفاق على إيقاف الحرب. بل ما يزال البرهان يواجه هذا الابتزاز، والتهديد، هذا الأيام في ظل أنباء غير مؤكدة عن وجود مساعٍ للتفاوض بين الطرفين المتقاتلين. برغم كل هذه التحديات التي تواجه مستقبل البرهان فإن الرجل أصر في أكثر من لقاء بأنه يمسك بزمام والحرب، وأن لا شأن للإسلاميين بإدارتها، وأن الجيش يدير أمور البلاد لوحده، وأن كل الكتائب التي تقاتل معه تسير بإمرته. ومع ذلك فإن إصرار البرهان على عدم تأثير الإسلاميين عليه يندرج تحت طريقة خطبه المخاتلة الخادعة التي مهدت له الاستفادة من تناقضات المشهد السياسي. الحقيقة أن البرهان في وضع لا يحسد عليه الآن. فمن ناحية يحتاج إلى التحرر من ثقل مسؤولية الحرب الكبيرة بكلفتها الإنسانية على شعبه، وتهديدها، لوحدة البلاد والمخاطر، والضغوط الشخصية التي تحيط به محلياً، وإقليمياً، ودولياً. وهو بهذا الوضع الحرج يحتاج إلى إنقاذ عاجل من الإسلاميين الذين ورطوه في الحرب حتى يدخل أي تفاوض مستقبلي مدعوم من كل الشعب السوداني الذي وصل إلى القناعة بعدم جدوى استمرار الحرب.