logo
هكذا عززت الصين الشكوك في بياناتها الاقتصادية

هكذا عززت الصين الشكوك في بياناتها الاقتصادية

Independent عربية٠٧-٠٥-٢٠٢٥

لم يمض وقت طويل حتى كان بمقدور أي شخص الوصول إلى مجموعة واسعة من البيانات الرسمية من الصين، ثم بدأت هذه البيانات في الاختفاء، فقد توقفت السلطات عن نشر مؤشرات مبيعات الأراضي، وبيانات الاستثمار الأجنبي، ومعدلات البطالة خلال الأعوام الأخيرة، وجرى حجب بيانات عن عدد عمليات الحرق الجنائزي ومؤشر ثقة الأعمال، وحتى تقارير الإنتاج الرسمي لصلصة الصويا اختفت.
وبحسب تحليل أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، أوقفت السلطات الصينية نشر مئات البيانات التي كانت تستخدم سابقاً من قبل الباحثين والمستثمرين.
وفي معظم الحالات لم تقدم الجهات الصينية أسباباً واضحة لوقف أو حجب هذه البيانات، لكن هذا الحجب تزامن مع تعثر ثاني أكبر اقتصاد في العالم تحت وطأة الديون المفرطة، وانهيار سوق العقارات، ومشكلات أخرى، مما دفع السلطات إلى اعتماد أساليب صارمة للسيطرة على الرواية الرسمية.
توقف المكتب الوطني للإحصاء في الصين عن نشر بعض الأرقام المتعلقة بالبطالة في المناطق الحضرية خلال الأعوام الأخيرة، وعندما سأل مستخدم مجهول على موقع المكتب عن سبب اختفاء أحد هذه المؤشرات، اكتفى المكتب بالرد بأن الوزارة التي كانت توفر هذه البيانات توقفت عن مشاركتها.
وأدى اختفاء البيانات إلى صعوبة متزايدة في فهم ما يحدث داخل الصين في وقت حاسم، إذ من المتوقع أن تضرب الحرب التجارية بين واشنطن وبكين الاقتصاد الصيني بقوة وتضعف النمو العالمي، وأدى تراجع التجارة مع الولايات المتحدة بالفعل إلى إغلاق مصانع وتسريح موظفين.
وكثيراً ما كان من الصعب الحصول على قراءة دقيقة للنمو في الصين، إذ يشكك كثير من الاقتصاديين منذ أعوام في موثوقية أرقام الناتج المحلي الإجمالي الرسمية. وزادت هذه الشكوك في الآونة الأخيرة، إذ تقول الأرقام الحكومية إن النمو بلغ خمسة في المئة في العام الماضي و5.2 في المئة عام 2023، لكن بعض التقديرات تشير إلى أن بكين بالغت في الأرقام بنحو نقطتين إلى ثلاث نقاط مئوية.
وللحصول على تقييمات يعتقد أنها أكثر واقعية، يلجأ اقتصاديون إلى مصادر بديلة مثل إيرادات شباك التذاكر في دور السينما، وبيانات الأقمار الاصطناعية حول شدة الإضاءة الليلية، ومعدلات تشغيل مصانع الأسمنت، وإنتاج الكهرباء من قبل شركات الطاقة الكبرى، ويلجأ البعض إلى تحليل بيانات المواقع الجغرافية من خدمات الخرائط التي تشغلها شركات خاصة مثل العملاق الصيني "بايدو" لتقدير النشاط الاقتصادي.
وقال أحد الاقتصاديين إنه بات يقيم صحة قطاع الخدمات في الصين من خلال عد الأخبار المتعلقة بأصحاب الصالات الرياضية وصالونات التجميل الذين يغلقون أبوابهم فجأة ويختفون، آخذين معهم رسوم الاشتراكات المدفوعة مسبقاً من الزبائن.
حال الاقتصاد
وتعود الشكوك في شأن أرقام الناتج المحلي الإجمالي في الصين إلى أعوام طويلة، إذ قال رئيس الوزراء الصيني الراحل لي كه تشيانغ للسفير الأميركي عام 2007 إن بيانات الناتج المحلي لأحد الأقاليم التي كان يحكمها آنذاك "من صنع الإنسان"، بالتالي هي غير موثوقة، وذلك وفقاً لبرقية دبلوماسية أميركية مسربة. وبدلاً من الاعتماد على هذه الأرقام، أوضح لي أنه كان يراقب استهلاك الكهرباء وحجم شحنات السكك الحديد والقروض المصرفية الجديدة لتقييم النشاط الاقتصادي.
وصرح للسفير أن الأرقام الرسمية للناتج المحلي الإجمالي "للاطلاع فقط"، وفقاً لما جاء في البرقية، وكان لي توفي في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وسجل الناتج المحلي الإجمالي الرسمي للصين نمواً بنسبة خسمة في المئة عام 2024، وهو ما تطابق تماماً مع الهدف الذي وضعته الحكومة في العام السابق، لكن اقتصاديين أعربوا بصورة غير علنية عن تشككهم في هذا الرقم، وقال أحدهم للصحيفة إن الرقم كان ليبدو أكثر صدقية لو كان أقل قليلاً، وأشاروا إلى أن بيانات مبيعات التجزئة ونشاط البناء وغيرها رسمت صورة أكثر ضعفاً بكثير.
ووجدت مؤسسات مثل بنك فنلندا و"كابيتال إيكونوميكس" أن التقلبات في الناتج المحلي الإجمالي كانت أكبر بكثير مما تعلنه الصين، وغالباً ما جاءت تقديراتها أقل من الأرقام الرسمية في الأرباع الأخيرة.
وفي ديسمبر (كانون الأول) 2024 قال الاقتصادي الصيني البارز غاو شانون، من شركة" سيديك سيكيوريتيز" المملوكة للدولة، خلال مؤتمر في واشنطن إن نمو الاقتصاد الصيني "قد يكون في حدود اثنين في المئة" خلال الأعوام القليلة الماضية، مضيفاً "نحن لا نعرف الرقم الحقيقي لنمو الصين الفعلي".
وأمر الزعيم الصيني شي جينبينغ باتخاذ إجراءات تأديبية في حق غاو، وجرى منعه من الحديث العلني لفترة غير محددة. وفي أواخر ديسمبر 2024 حذرت جمعية الأوراق المالية الصينية شركات الوساطة المالية من ضرورة ضمان أن "يضطلع متخصصوها الاقتصاديون بدور إيجابي" في تعزيز ثقة المستثمرين.
من جانبها، دافعت هيئة الإحصاء الصينية عن ممارساتها، قائلة إن جودة البيانات تحسنت على مر الأعوام، وإنها اتخذت خطوات لضمان الدقة والتحقيق في أي مخالفات أثناء جمع البيانات.
وفي فبراير (شباط) الماضي وضعت "غولدمان ساكس" طريقة بديلة لقياس نمو الاقتصاد الصيني عبر تحليل بيانات مثل أرقام الواردات، التي يمكن اعتبارها مؤشراً غير مباشر على الإنفاق المحلي، وتعتمد هذه المنهجية على أن بيانات التجارة تنشر بصورة متكررة ويصعب التلاعب بها، نظراً إلى أن شركاء الصين التجاريين يقدمون تقاريرهم الخاصة أيضاً.
وبحسب هذا الأسلوب، بلغ متوسط نمو الصين عام 2024 نحو 3.7 في المئة، أما مجموعة "روديوم" البحثية، ومقرها نيويورك، فاستخدمت طريقة مختلفة وقدرت أن النمو كان أقرب إلى 2.4 في المئة في 2024.
فعل الاختفاء
ويعد تقديم صورة من الاستقرار أمراً بالغ الأهمية للحزب الشيوعي الصيني، لا سيما في الوقت الراهن، إذ يشعر كثير من أبناء الطبقة المتوسطة بالقلق حيال المستقبل، وتدخل البلاد مرحلة غير مسبوقة في تنافسها مع الولايات المتحدة.
وغالباً ما تكون البيانات التي تحجب مرتبطة بمجالات حساسة أو مزعجة لبكين، مثل سوق العقارات، التي شهدت انهياراً في الأعوام الأخيرة أدى إلى تآكل ثروات بمليارات الدولارات من أموال الأسر وأشعل احتجاجات من قبل مشترين ساخطين.
وخلال أعوام الازدهار سارع المطورون العقاريون في الصين إلى شراء الأراضي من الحكومات المحلية بأسعار خيالية، وضخت تلك الصفقات أموالاً طائلة في خزائن الحكومات المحلية، وشكلت مؤشراً إلى خطط تطوير مستقبلية تعد محركاً رئيساً للاقتصاد.
لكن التراجع بدأ عام 2021 بعدما شددت بكين القيود الائتمانية على القطاع، ومع تراجع مبيعات المساكن وإفلاس عدد من شركات التطوير العقاري، نشر مركز أبحاث صيني يدعى "معهد بيكي للأبحاث" عام 2022 تقريراً أفاد بأن معدل الشواغر السكنية في 28 مدينة صينية كان أعلى من المتوسط المسجل في الولايات المتحدة ودول أخرى، وهو ما اعتبر مؤشراً إلى وجود فائض مفرط في المعروض.
وأثار التقرير اهتماماً واسعاً، نظراً إلى أن الصين لا تصدر معدلاً رسمياً للشواغر السكنية، وكان المحللون يحاولون قياس مدى الإفراط في البناء من قبل المطورين.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبعد أيام قليلة، سحب معهد "بيكي" التقرير واعتذر، قائلاً إن بعض البيانات كانت تحوي أخطاء، لكن محللين رجحوا أن يكون التراجع عن التقرير جرى تحت ضغط حكومي.
وأظهرت الأرقام أن قيمة مبيعات الأراضي انخفضت بنسبة 48 في المئة عام 2022، وهو ما شكل ضربة قاسية للحكومات المحلية المثقلة بالديون، التي أصبحت فجأة غير قادرة على دفع الرواتب أو مواصلة مشاريع البنية التحتية، واختفت هذه البيانات في مطلع عام 2023.
وفي هذه الحال لا يزال هناك مزودون للبيانات الخاصة يجمعون المعاملات العقارية الفردية على المستوى المحلي من السجلات العامة.
وبحلول منتصف عام 2023 كان الحديث المحلي يركز بصورة كبيرة على سوق العمل المتردية للشباب، فلم يكن كثير من الطلاب الذين أنهوا دراستهم الجامعية يملكون عروض عمل، وأظهرت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لهم وهم يرتدون قبعات التخرج وأثوابها، مستلقين بلا حراك على الأرض، وهو ما فسره بعض المتابعين على أنه صورة من صور الاحتجاج الصامت.
في تلك الفترة سجل معدل البطالة الرسمي بين الشباب رقماً قياسياً بلغ 21.3 في المئة، وأثارت تصريحات للاقتصادية الصينية، زانغ داندان، عناوين الصحف عندما قالت إنها تعتقد أن معدل البطالة الحقيقي بين الشباب في الصين قد يصل إلى 46.5 في المئة.
وفي أغسطس (آب) 2023 أعلنت السلطات أنها ستتوقف عن نشر معدل البطالة بين الشباب، مشيرة إلى أنها في حاجة إلى إعادة النظر في طريقة حساب هذه الأرقام، وبعد خمسة أشهر بدأت بكين في نشر سلسلة بيانات جديدة، وقالت السلطات إن معدل البطالة الحقيقي بين الشباب بلغ 14.9 في المئة.
وأوضحت السلطات أن سلسلة البيانات الجديدة استثنت نحو 62 مليون شخص كانوا يدرسون بدوام كامل في الجامعات، لذا لا ينبغي اعتبارهم عاطلين من العمل، لكن هذا التفسير لم يكن منطقياً للاقتصاديين، فالإحصاءات عادة ما تعتبر أي شخص يبحث بنشاط عن عمل عاطلاً عن العمل، بما في ذلك الطلاب الذين يدرسون بدوام كامل.
هرب المستثمرين
وفي أبريل (نيسان) 2024 كانت سوق الأسهم في الصين على وشك الانهيار مع تعمق المخاوف الاقتصادية، وباع المستثمرون الأجانب أكثر من ملياري دولار من الأسهم الصينية على مدى أسبوعين، مما أثار ذعر المستثمرين المحليين الأفراد.
وأعلنت بورصتا الصين الرئيستان في شنغهاي وشينزين فجأة أنهما ستتوقفان عن نشر البيانات الحية حول تدفقات الأموال من وإلى المستثمرين الأجانب.
وقالت بورصة شنغهاي في بيان إنها تعمل على مواءمة ممارساتها مع الأسواق الدولية الأخرى، التي لا تكشف عن بيانات التداول الحية للمجموعات الاستثمارية المحددة.
وبعدما توقفت السلطات عن نشر البيانات الحية في منتصف مايو (أيار) 2024، واصل مؤشر (CSI 300) المرجعي تراجعه لأربعة أشهر متتالية، حتى أعلنت السلطات في سبتمبر (أيلول) 2024 عن سلسلة من التدابير لدعم الاقتصاد المتدهور في البلاد.
ولا تزال بعض البيانات متاحة للجمهور، لكنها أصبحت أصعب في الحصول عليها، وأصدرت بكين قانوناً عام 2021 ألزم مزودي البيانات بجعل بعض المعلومات، مثل بيانات السجل التجاري والصور الفضائية، متاحة فقط داخل الصين القارية.
وبدأ مزود البيانات الصيني "ويند إنفورميشن" في تقييد وصول المستخدمين الدوليين إلى مجموعات بيانات معينة، مثل أرقام مبيعات التجزئة عبر الإنترنت وسجلات مزادات الأراضي، في أوائل عام 2023، ونتيجة لذلك، بدأ أحد الاقتصاديين في بنك أجنبي في هونغ كونغ في تنظيم رحلات خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى مدينة شينزين المجاورة في البر الرئيس الصيني لتحميل البيانات، بحسب ما أفاد الاقتصادي لصحيفة "وول ستريت جورنال".
وفي الأعوام الأخيرة اختفت الأرقام الرسمية حول ديون مشغلي الطرق السريعة الصينية في نهاية العام وعدد المستثمرين الجدد في سوق الأسهم.
وتوقفت الصين عن نشر بيانات الحرق الجنائزي الوطنية بعدما أنهت سياستها المثيرة للجدل في "صفر كوفيد" لاحتواء الفيروس في أواخر 2022، وهي خطوة كان بعض المحللين قدروا أنها قد تؤدي إلى وفاة ما بين 1.3 إلى 2.1 مليون شخص.
وأصبح معدل الخصوبة المنخفض في البلاد عبئاً اقتصادياً كبيراً، وبعض البيانات التي تشير إلى ذلك اختفت أيضاً، وفي منتصف العقد الأول من القرن الحالي، تساءل اقتصادي يدعى "إي فوشيان" عن دقة بيانات السكان في الصين واعتبر أن لقاحات السل كانت مقياساً أفضل للنمو السكاني، لأن كل مولود في الصين يطلب منه تلقي اللقاح.
وفي عام 2020، جرى إعطاء 5.4 مليون لقاح من هذا النوع، وفقاً للبيانات التي جمعتها مجموعة "فوروارد بيزنس أند إنتليجنس" الصينية الخاصة وقالت السلطات الصينية إن البلاد سجلت 12.1 مليون ولادة في ذلك العام.
وفي العام التالي أوقف المعهد الوطني لمراقبة الغذاء والأدوية نشر البيانات الأسبوعية للقاحات السل المعطاة، إضافة إلى بيانات اللقاحات الأخرى، وبعض المعلومات التي اختفت لا يمكن تفسيرها، إذ توقفت بيانات تقدير حجم دورات المياه في المدارس الابتدائية عن النشر في 2022، ثم استؤنفت في فبراير الماضي، وتوقفت بيانات إنتاج صلصة الصويا الرسمية عن الظهور في مايو 2021، ولم تستأنف منذ ذلك الحين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وسط شكوك بشأن المساعدات الغربية.. أوكرانيا تراهن على تصنيع الأسلحة
وسط شكوك بشأن المساعدات الغربية.. أوكرانيا تراهن على تصنيع الأسلحة

الشرق السعودية

timeمنذ 15 ساعات

  • الشرق السعودية

وسط شكوك بشأن المساعدات الغربية.. أوكرانيا تراهن على تصنيع الأسلحة

يُنتج قطاع الصناعات الدفاعية في كييف، أسلحةً أكثر من أي وقت سابق، ومع ذلك فإن أوكرانيا لا يمكنها محاربة موسكو بمفردها، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال"، فمع تباطؤ الحلفاء الغرب في زيادة إنتاج الأسلحة، ارتفعت قيمة الأسلحة التي يُمكن لقطاع الصناعات الدفاعية الأوكرانية إنتاجها من مليار دولار في عام 2022 إلى 35 مليار دولار على مدار 3 سنوات من الحرب مع روسيا. اعتمدت أوكرانيا إلى حد كبير على ترسانات أسلحة غربية، لتجهيز قواتها خلال السنوات الأولى من الصراع مع روسيا. وذكرت الصحيفة الأميركية، الأحد، أن أوكرانيا كان لديها نموذج أولي واحد من مدفع "هاوتزر بوهدانا" (Bohdana Howitzer) المُصنّع محلياً، عندما بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022. والعام الماضي، أعلنت كييف إنتاج أسلحة مدفعيةً أكثر من جميع دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" مجتمعةً. وأشار التقرير إلى أنه في ظل تراجع الدعم الأميركي، تتزايد أهمية صناعة الدفاع الأوكرانية في قدرتها على مواصلة القتال ضد روسيا، أو ضمان سيادتها في حال التوصل إلى اتفاق سلام. وكلما زادت قدرة أوكرانيا على إنتاج أسلحتها الخاصة، كلما قلّ تأثرها بتقلبات السياسة الدولية، أو ثغرات سلاسل التوريد العابرة للحدود. كما تعتبر البلاد، أن صناعتها الدفاعية مصدر دخل لما بعد الحرب، إذ يعزز ذلك اقتصادها المنهك، كما يعد وسيلة لتعزيز اندماجها مع الغرب بأن تصبح أحد مورديه. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: "ستظل أوكرانيا بحاجة دائمة إلى أسلحتها القوية، حتى نتمكن من بناء دولتنا الأوكرانية القوية". وأضاف زيلينسكي أن أكثر من 40% من الأسلحة المستخدمة على خط المواجهة مع روسيا، تُصنع الآن في أوكرانيا. وفي بعض القطاعات، مثل الطائرات المُسيّرة، والأنظمة البرية (المركبات) ذاتية التشغيل، والحرب الإلكترونية، تقترب هذه النسبة من 100%. تحوّل "غير كاف" ويُنتج مُصنِّعون أوكرانيون، كميات متزايدة من الأسلحة التقليدية، مثل أنظمة المدفعية والمركبات المدرعة والألغام والذخيرة من جميع العيارات، بحسب "وول ستريت جورنال". في هذا السياق، قال روب لي، الباحث في معهد أبحاث السياسة الخارجية، ومقره في ولاية بنسلفانيا: "تزداد المنافسة في الدول الغربية على أفضل خريجي علوم الحاسوب أو تكنولوجيا المعلومات. وفي أوكرانيا، اتجهت معظم أفضل المواهب إلى قطاع الدفاع". لكن هذا "التحوّل القوي" في الترسانة المحلية، لن يكون كافياً لأوكرانيا للتصدي لقوات موسكو بمفردها، بحسب الصحيفة، إذ أن كييف تحتاج إلى الولايات المتحدة وحلفاء غربيين آخرين لمواجهة آلة الحرب الروسية، فهي لا تستطيع إنتاج ما يكفي من الذخائر للحفاظ على استمرارية إطلاق مدافعها، أو أيٍّ من أنظمة الدفاع الجوي الاعتراضية التي تحتاجها للحماية من الصواريخ الروسية. ورغم ازدهار إنتاج الأسلحة، أُرهقت ميزانية كييف في ضوء الضغوط الشديدة جراء الحرب المستمرة. وقال أوليكساندر كاميشين، مستشار زيلينسكي ووزير الصناعات الاستراتيجية السابق، إن الحكومة لن تتمكن هذا العام من شراء سوى أقل من نصف ما تستطيع شركات تصنيع الأسلحة إنتاجه. وأضاف: "إنه لأمر مؤلم أن تعجز عن الإنتاج، وألا تملك ما تقاتل به. ويكون الأمر أشد إيلاماً عندما تتمكن من الإنتاج، دون أن تتمكن من تمويل المشتريات". ولاستغلال القدرة الإنتاجية الفائضة، تُموّل بعض الحكومات الغربية مشتريات الأسلحة من شركات الدفاع الأوكرانية بموجب ما يُسمى بالنموذج الدنماركي، حيث تُوفّر الأموال لشراء الأسلحة من شركات تصنيع الأسلحة الأوكرانية بدلاً من تزويد كييف بالأسلحة الغربية. وأضاف الباحث روب لي: "ربما يكون الاستثمار المباشر في هذه الشركات هو أفضل استغلال للأموال المتاحة فيما يتعلق بتحقيق تأثير في ساحة المعركة". "ساحة اختبار" للأسلحة كانت الحرب بمثابة ساحة اختبار لمجموعة من الأسلحة التي لم تكن مستخدمة سابقاً، ما وفّر لدول الناتو، دروساً قيّمة حول أدائها في المعركة. وذكر التقرير أن أوكرانيا ورثت جزءاً كبيراً من صناعة الدفاع السوفيتية، عندما نالت استقلالها، لكن قدرات التصنيع تلك سرعان ما تراجعت. طوّرت شركة خاصة نظام "بوهدانا" المدفعي عام 2016، لكنها لم تتلقَّ أي طلبات قبل الغزو الروسي، وفق فيتالي زاجوداييف، المدير العام لمصنع كراماتورسك لتصنيع الآلات الثقيلة. وبعد الغزو الروسي في عام 2022، زادت المخاوف إلى حد كبير من سيطرة روسيا على النظام لدرجة أن زاجوداييف تلقى تعليمات بتفكيك النموذج الأولي الوحيد، ولم يُستخدم النظام آنذاك إلا ضمن عرض عسكري بمناسبة عيد الاستقلال. لكن سرعان ما تلقى زاجوداييف تعليمات بإعادة تركيب المدفع لاستخدامه على خطوط المواجهة. وباستخدامه إلى جانب مدفع هاوتزر ذاتي الحركة من طراز "قيصر" فرنسي الصنع، قصف نظام "بوهدانا" المواقع الروسية في جزيرة "الثعبان" في البحر الأسود، ما أجبر موسكو على التخلي عن هذه البقعة الصخرية البارزة خلال الصيف الأول من الحرب. وبدأت تتزايد طلبات شراء نظام "بوهدانا"، لكن المصنع الواقع في شرق أوكرانيا كان في مرمى نيران روسيا. وتحت وطأة القصف، بدأ العمال نقل الإنتاج إلى منشآت جديدة غرب البلاد، ولكن ليس قبل تدمير أكثر من نصف المعدات. ومع طول فترات التنفيذ لاستلام طلبات استبدال المعدات، قامت الشركة بتصنيع معداتها بنفسها، مع توزع الإنتاج على عدة منشآت لتقليل تأثير أي هجوم روسي، فإذا نجح صاروخ في إصابة منشأة، يمكن للمنشآت الأخرى مواصلة الإنتاج. إنتاج أكبر وتكلفة أقل وقال زاجوداييف، إن الشركة تُنتج الآن أكثر من 20 مدفع "بوهدانا" شهرياً. ووفق دراسة أجراها معهد "كيل" الألماني للأبحاث، يُمكن لروسيا إنتاج نحو 40 سلاح مدفعية خلال الفترة نفسها. ولا يجري تجميع المدافع بصورة نهائية إلا في اللحظة الأخيرة، لتقليل فرص استهدافها قبل الوصول إلى خط المواجهة. وتبلغ تكلفة مدفع "بوهدانا" 2.8 مليون يورو (3.1 مليون دولار) للوحدة، مقارنةً بـ8.76 مليون يورو لمدفع آرتشر (Archer) السويدي، أو نحو 4 ملايين يورو لمدفع سيزار (Caesar) الفرنسي، الذي يتميز بأنظمة إلكترونية أكثر تطوراً، ولكن إنتاجه يستغرق وقتاً أطول. كما أن مدفع "بوهدانا" أسهل في الإصلاح والصيانة، إذ يقول زاجوداييف: "أي قطعة متوفرة خلال 24 ساعة. لدينا ألوية متنقلة تعمل على خط المواجهة بأكمله"، لافتاً إلى أن الشركة تعمل على تطوير هيكلها الخاص لتقليل الاعتماد على الواردات بشكل أكبر. وفي الوقت الراهن، تنتج كييف نحو 85% من مكونات مدفع "بوهدانا" محلياً. وهذا الطراز يظهر مدى التقدم الذي أحرزته صناعة الدفاع الأوكرانية، لكن الجهود المبذولة لإنتاج ذخيرة عيار 155 ملم متوافقة مع معايير الناتو، والتي تُعدّ عنصراً أساسياً في المجهود الحربي، تُبرز العقبات، بحسب التقرير.

رئيس الاحتياطي الفيدرالي بنيويورك: تقلبات الرسوم الجمركية تعمّق حالة عدم اليقين
رئيس الاحتياطي الفيدرالي بنيويورك: تقلبات الرسوم الجمركية تعمّق حالة عدم اليقين

شبكة عيون

timeمنذ يوم واحد

  • شبكة عيون

رئيس الاحتياطي الفيدرالي بنيويورك: تقلبات الرسوم الجمركية تعمّق حالة عدم اليقين

رئيس الاحتياطي الفيدرالي بنيويورك: تقلبات الرسوم الجمركية تعمّق حالة عدم اليقين ★ ★ ★ ★ ★ مباشر: قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك جون ويليامز، إن تقلبات السياسات الجمركية تُبقي الأسر والشركات في حالة من عدم اليقين؛ ما يؤدي إلى تأجيل قرارات الإنفاق الكبرى. وأوضح ويليامز - خلال مؤتمر أعمال عُقد في مدينة نيويورك، اليوم الاثنين، بحسب ما أوردته صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية - أن هذا الغموض كان سببًا رئيسيًا وراء إبقاء بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير حتى الآن هذا العام، مشيرًا إلى أن الرؤية المستقبلية قد لا تتضح لعدة أشهر قادمة. وأضاف: "لن يكون الأمر واضحًا في يونيو، ولا في يوليو، إنها عملية تتطلب جمع البيانات، وتكوين صورة أوضح، ومراقبة تطورات الأوضاع". وكان مسؤولو بنك الفيدرالي الأمريكي قد قرروا - بالإجماع، في وقت سابق من هذا الشهر - تثبيت سعر الفائدة المرجعي ضمن نطاق 4.25% إلى 4.5%، مؤكدين رغبتهم في الحصول على مؤشرات أوضح بشأن مسار الاقتصاد قبل النظر في أي خفض محتمل للفائدة. وأشار ويليامز، إلى أن التغييرات في السياسات التجارية، إلى جانب المواقف المالية المحتملة للكونجرس، تجعل قادة الفيدرالي أكثر حذرًا في اتخاذ قرارات سريعة بشأن السياسة النقدية. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية .. اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك المصرية.. تابع مباشر بنوك مصر .. اضغط هنا ترشيحات أسعار الذهب في مصر تتحول للتراجع مع ختام تعاملات الاثنين مباشر (اقتصاد) مباشر (اقتصاد) الكلمات الدلائليه أسعار السعودية مصر اقتصاد Page 2

مغناطيسات الأرض النادرة في قلب الحرب.. بكين تضبط التصدير والغرب يترقب
مغناطيسات الأرض النادرة في قلب الحرب.. بكين تضبط التصدير والغرب يترقب

الوئام

timeمنذ 2 أيام

  • الوئام

مغناطيسات الأرض النادرة في قلب الحرب.. بكين تضبط التصدير والغرب يترقب

خاص – الوئام في خضم الحرب التجارية المحتدمة بين الولايات المتحدة والصين، تتجلى حقيقة استراتيجية جديدة وهي المعادن الأرضية النادرة، وتحديدًا مغناطيسيتها الحيوية للصناعات التكنولوجية والدفاعية، تحولت إلى أداة ضغط جيوسياسية خطيرة في يد بكين. ومع استئناف الصين جزئيًا لتصدير هذه المواد، تتنفس الصناعات الغربية الصعداء، ولو مؤقتًا، في انتظار اتضاح نوايا بكين المستقبلية. ترخيصات التصدير تعود جزئيًا بعد أسابيع من التوقف شبه التام في تصدير المغناطيسات الأرضية النادرة، بدأت الصين مجددًا في منح بعض التراخيص التصديرية، ما وفر بعض الارتياح لقطاعات السيارات والإلكترونيات الغربية. القرار الصيني، الصادر في 4 أبريل، ألزم المصدرين بالحصول على تراخيص لتصدير المواد النادرة ومكوناتها، ما أثار مخاوف من استخدام الصين لهذه المواد كسلاح تجاري. احتكار صيني وقلق غربي تُعد الصين اللاعب الأهم عالميًا في سوق المعادن الأرضية النادرة، إذ تقوم بمعالجة نحو 90% من الإنتاج العالمي، وهي النسبة التي تمنحها قدرة هائلة على التحكم بالسوق. ومع تعثر التصدير مؤخرًا، بدأت الشركات الغربية تستشعر مدى هشاشتها في مواجهة هذا الاحتكار. أفادت شركات مغناطيس صينية أن بعض المصنعين بدأوا بتلقي تراخيص تصدير محدودة، شملت مكونات مغناطيسية إلى ألمانيا، فيما حصلت شركات أميركية أيضًا على تراخيص جزئية. ورغم هذا الانفراج، لا يزال الغموض يكتنف آلية منح التراخيص، خصوصًا مع التدقيق المتزايد على القطاعات المرتبطة بالصناعات العسكرية. يشير محللون إلى أن الأمور لم تعد إلى طبيعتها بعد، وأن الصين لا تزال تحتفظ بالسيطرة الكاملة على الصادرات. ووفقًا لتحليل نِها موكيرجي من 'بنشمارك مينرال إنتليجنس'، فإن بكين تتعامل مع هذه التراخيص كما تتعامل مع صنبور مياه، تفتحه وتغلقه وفقًا لحسابات سياسية دقيقة. تطبيقات عسكرية حرجة تشمل القيود الصينية الأخيرة، حسب ما أفادت وول ستريت جورنال الأمريكية، مغناطيسات تحتوي على عناصر نادرة ثقيلة مثل الديسبروسيوم والتيربيوم، والتي تُستخدم في تصنيع أنظمة عسكرية مثل مقاتلات F-35، والصواريخ، وأجهزة الآيفون. وهذه العناصر تمثل أهمية استراتيجية قصوى، ما يفسر حرص الصين على مراقبة وجهات استخدامها النهائية. معاناة صناعية غربية لم تعلن بكين بشكل رسمي عن سبب بدء إصدار التراخيص مؤخرًا. ورغم إعلان هدنة تجارية بين واشنطن وبكين، يعتقد بعض المراقبين أن الأمر يعود ببساطة إلى أن المهلة التي حددتها الصين لمراجعة الطلبات، 45 يوم عمل، قد انقضت. وأفادت شركات غربية أن عشرات مكونات السيارات الكهربائية، خصوصًا لدى شركات مثل تيسلا وفولكسفاجن، تحتوي على مغناطيسات نادرة يصعب استبدالها. أدى هذا إلى سباق محموم داخل المصانع لفحص سلاسل الإمداد، والتأكد من مدى اعتمادها على العناصر النادرة الصينية. مشروعات بديلة ولكنها بطيئة وقعت شركات أمريكية مثل 'جنرال موتورز' اتفاقيات مع مصانع مغناطيسات قيد الإنشاء في الولايات المتحدة، إلا أن الإنتاج الفعلي لا يزال بحاجة إلى شهور أو سنوات ليبدأ. وفي الوقت ذاته، تبقى الصين المتحكم الوحيد تقريبًا في السوق العالمي. تخشى شركات الدفاع الغربية من أن تتحوّل التراخيص الصينية إلى وسيلة ضغط طويلة الأمد تهدد سلاسل الإمداد الحيوية وتؤثر على الجاهزية العسكرية. وحتى الاستخدامات المدنية، مثل روبوت 'أوبتيموس' الذي تخطط شركة تيسلا لتطويره، قد تواجه عقبات مستقبلية، وهو ما دفع إيلون ماسك إلى التعبير عن أمله في الحصول على ترخيص سريع لتأمين المكوّنات اللازمة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store