
بناء الإنسان: مفتاح مكافحة الفساد من منظور حسيني
الفساد موجود في جميع الدول، حتى المتقدمة منها، أما دول الشرق الأوسط، وأخص منها الدول العربية، ومنها العراق بطبيعة الحال، فهي غارقة بالفساد، وإذا كانت هناك حالات فساد في الدول المتقدمة، فإنها في نفس الوقت تتحصن بمنظومة قانونية في غاية الدقة والضبط والقوة في الإنفاذ أو التطبيق، أما بالنسبة للدول الضعيفة الغارقة بالفساد، فمن أخطر عيوبها أنها تتعامل مع المنطوق القانوني لفظيا، ولا يتم إنفاذه.
هذه باختصار هي المشكلة المعقدة التي يعاني منها العراق وكثير من الدول الإسلامية والعربية، ولكن نحن نعيش في بلد وأرض الحسين، أرض العراق، وفي أرضٍ أخرى مجاورة أو تبتعد جغرافيا بمسافة قلية مثل مصر وسوريا وإيران، هذه الدول توجد فيها رموز حسينية، مثلا في مصر منطقة (سيدنا الحسين)، وفي سوريا السيدة زينب وفي إيران الإمام الرضا، هذه الدول ذكرناها كمثال لا أكثر فهي تتوفر على الرموز الحسينية.
ولكنها للأسف دول ينخرها الفساد، والمفارقة الصادمة تكمن في التساؤل الذي يطرحه الجميع، كيف لدول مثل العراق ينخره الفساد وهو البلد الذي يضم علي بن أبي طالب والحسين والعباس والكاظم، وتميز بوجود عشرات الاضرحة، كيف يمكن للفساد أن يتسلل إلى سكان هذا البلد، (الموظفين، الباعة بكل أصنافهم، التجار، القطاع الحكومي)، هذه العناوين لا يبتعد عنها الفساد، ويمكن أن نعثر عليه من دون عناء هنا أو هناك.
مشكلة مركبة أسمها الفساد
والسؤال الأكثر تداولا، لماذا لا توجد عندنا ثقافة مكافحة الفساد، ما الذي يمنع هذه المنظومة من تنقية الطبقة السياسية وكافة المواطنين والمسؤولين من مشكلة معقدة ومركبة أسمها الفساد، ألم يعطِنا الإمام الحسين عليه السلام درسا في التضحية والثورة ضد الفساد، وعلي بن أبي طالب في العدالة، وموسى الكاظم في الصبر، والسجاد في إحقاق الحقوق.
هذه الرموز العظيمة التي قدمت للتاريخ دروسا خالدة في مكافحة الفساد والظلم ورفض القمع، وطرد الجهل، ونشر العدالة، ألم تكن كافية للناس الذين يعيشون في ربوع هذه البلدان، بحيث يتعلموا كيف يكافحون الفساد، وكيف يرفضون الظلم، وكيف يتعاونون لنشر العدالة والإنصاف في كل مكان وبين كل الناس صغيرهم وكبيرهم.
الناس الذين يقودون في الدول الإسلامية، ويحتلون المناصب القيادية الحساسة والكبيرة، لماذا يتغلب عليهم الفساد، ويسحب أرجلهم ونفوسهم وحتى عقولهم نحو الغرق في بحر الفساد المتلاطم؟، إن الإجابة عن مثل هذه الأسئلة تكاد تكون فاقدة لمعناها، لأنها تبقى تدور في فضاء اللفظ المجرد، ففي كثير من اللقاءات التي تطل علينا من الشاشات الصغيرة، يظهر لنا العشرات والمئات من المسؤولين، يرفضون الفساد قولا ويغوصون فيه فعلا.
فهناك مسؤولون فاسدون عمليا من خلال مناصبهم ونفوذهم، وفي نفس الوقت يلعنون كلّ فاسد، ولكن يتوقف هذا الأمر على التصريحات الفارغة من التطبيق الرافض، وهنا يطرح السؤال نفسه، لماذا نعلن بأننا أبناء الرموز العظيمة لأهل البيت وفي نفس الوقت، يكاد الفساد يسيل من أفواهنا، ومن أيدينا ومن جيوبنا، حتى أن جميع الناس يرون ذلك، ويرفضوه، ولكن ما فائدة الرفض والمكافحة من دون وضع الخطوات الرادعة والمعالجات الناجعة.
مبادئ المنهج الحسيني
نعم هي ثقافة يتثقف عليها الإنسان طفلا وتكبر معه، الطفل يرى الفساد في بيته، وفي روضته وفي مدرسته وفي جامعته وفي الأزقة التي يلهو فيها، إذن الفساد يعشش في كل مكان، ويحيط بالناس من كل الجهات، ويحاصرهم لدرجة أنهم يعجزون عن مكافحته، وكيف يكافح الإنسان البسيط شبكات ومافيات الفساد المتغلغلة وهو لا يمتلك السبل القويمة لهذا النوع من الكفاح، لذا نحن نحتاج من أجل المكافحة الناجعة المسؤول المثقف الوعي المؤمن بمبادئ المنهج الحسيني الرافض للفساد والقمع والقهر وعدم الإنصاف.
بمعنى لو أننا نريد فعلا مكافحة جيدة وحاسمة للفساد علينا ما يلي:
- بناء حاكم ومسؤول مثقف واع ومؤمن بمبادئ الحسين عليه السلام.
- بناء الطفولة الواعية المؤمنة بدءا من حاضنة البيت والأسرة صعودا إلى الروضة والمدرسة والجامعة، وتوعية أطفال الأزقة والمناطق السكنية.
- بناء الأسرة المؤمنة الواعية، وهذا أمر حاسم كونها تشكل الخلية الأصغر والأهم في المجتمع.
- منع المسؤولين وجميع المتكلمين الذين يرفضون الفساد قولا ويقومون به فعلا، منعهم من الظهور في جميع الوسائل الإعلامية وممارسة الخداع والكذب على الناس.
- الاستفادة القصوى من التجربة الفعلية الأخلاقية للحسين في مواجهة الطغاة والفاسدين والخارجين على القانون والشريعة والأعراف.
- وأخيرا إطلاق حملات التوعي المدروسة المنتظمة، وتنوير الناس بخطورة الفساد عليهم وعلى أولادهم وعلى بلدهم، فأنت قد تكسب أموالا، لكنك ستخسر أولادك و وطنك وحتى نفسك، وكلنا سمعنا بتلك المقولة العظيمة: ما فائدة أن تربح العالم وتخسر نفسك....
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المنار
منذ 23 دقائق
- المنار
الوزير محمد حيدر: طلبنا وقتا اكثر لدراسة الورقة بشكل كامل ومعمق فكان القرار ان نوافق على الاهداف فقررنا الانسحاب
مراسلة المنار: انتهاء جلسة الحكومة اللبنانية الوزيرة الزين للمنار: 'اسرائيل' لم تلتزم بالمطلوب منها في اتفاق وقف اطلاق النار الوزير حيدر للمنار: اكدنا انه يجب التركيز على الانسحاب 'الاسرائيلي' ووقف الاعتداءات ودعم الجيش اللبناني وتأمين اعادة الاعمار الوزير محمد حيدر: طلبنا وقتا اكثر لدراسة الورقة بشكل كامل ومعمق فكان القرار ان نوافق على الاهداف فقررنا الانسحاب الوزيرة الزين للمنار : الجلسة شهدت تشنجا وحاولنا ان نوضح اننا احرص على الجيش اللبناني وكل من نقوله من حرصنا على البلد المزيد


المنار
منذ 23 دقائق
- المنار
معلومات المنار: سبب انسحاب الوزراء عدم تصحيح قرار الحكومة وابقاء الجدول الزمني والاصرار على مناقشة ورقة براك
معلومات المنار: سبب انسحاب الوزراء عدم تصحيح قرار الحكومة وابقاء الجدول الزمني والاصرار على مناقشة ورقة براك مراسلة المنار: انتهاء جلسة الحكومة اللبنانية الوزيرة الزين للمنار: 'اسرائيل' لم تلتزم بالمطلوب منها في اتفاق وقف اطلاق النار الوزير حيدر للمنار: اكدنا انه يجب التركيز على الانسحاب 'الاسرائيلي' ووقف الاعتداءات ودعم الجيش اللبناني وتأمين اعادة الاعمار الوزير محمد حيدر: طلبنا وقتا اكثر لدراسة الورقة بشكل كامل ومعمق فكان القرار ان نوافق على الاهداف فقررنا الانسحاب المزيد


المنار
منذ 23 دقائق
- المنار
السيد الحوثي يكشف ركائز الوجود الصهيوني ويحذر من أطماعها التي لا حدود لها
كشف قائد انصار الله السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي عن 'ثلاث ركائز متشابكة بُنيَّ عليها الوجود للعدو الإسرائيلي، ككيانٍ يغتصب أرض فلسطين'، تتمثل بـ'الأطماع والتملك' و'الاستباحة' و'الرؤية اليهودية المحرفة-شعب الله المختار'. وقال السيد الحوثي في خطابه الأسبوعي، اليوم الخميس: إن 'المعتقد الديني هو أولى مرتكزات المشروع لاغتصاب فلسطين ومناطق تشمل الشام والعراق ومصر ومساحة واسعة من الجزيرة العربية بما فيها مكة والمدينة'، مشدّدًا على أن 'المقاومة هي الخيار الصحيح'. وأكد على أن 'نظرة اليهود إلى بقية الشعوب، وفي المقدمة الإسلامية والعربية، أنها ليست حتى في مستوى البشر؛ بل في بعض نصوص (التلمود) أنهم أقل رتبة من مستوى الكلاب والخنازير. كما أن اليهود يعتبرون كل العرب والمسلمين أمة ملعونة يجب أن تباد'. وأوضح أن 'الخلفية الثقافية الظلامية لليهود نتاجها هو الإجرام والطغيان؛ فاليهود لا يعترفون للعرب والمسلمين بامتلاك شيء؛ بل هم مستباحو الدم والعرض والمال كما أن المعتقد الديني لليهود يحتقر العرب إلى درجة أنهم يعتبرون العرب أقل رتبة من الكلاب والخنازير'. وأشار إلى أن 'اليهود لا يحملون أي مثقال ذرةٍ من الاحترام في سفك الدماء، ويقولون من يسفك دم غير يهودي فإنه إنما يقدم قربانًا للرب. وكل ما عمله اليهود في قطاع غزة ضد الشعب الفلسطيني بمرأى ومسمع من العالم كان بناء على هذه المعتقدات الظلامية الباطلة'. وحذّر من أن 'العدو الإسرائيلي لديه معتقد ديني بأنه لا بد أن يسيطروا على المنطقة وإبادة شعوبها ويعتبرون ذلك أمرًا مهمًا وبأحقاد رهيبة جدًا'، مشيرًا إلى أن 'المعتقد الديني لليهود الصهاينة صمم ليكون بالفعل منسجمًا بشكلٍ تام مع تلك الأطماع والاستباحة والرؤية الصهيونية تأتي في إطار التملك على كل العالم من خلال هذا المركز في هذه المنطقة كموطن لحكومة تسيطر عالميًّا'. لا حدود لأطماع الصهاينة وأكد السيد الحوثي أن 'أطماع اليهود الصهاينة وشهيتهم لا حدود لها'، مشيرًا إلى تصريحات السفير الأمريكي لدى كيان العدو والذي تحدث فيها بأن 'لدى أمريكا عدد غير قليل من الحلفاء لكن في الحقيقة لدى أمريكا شريك حقيقي واحد فقط وهي (إسرائيل)'. وأضاف أن 'السفير الأمريكي يقول افتراءً على الله بأنه اختار الشعب اليهودي والمهمة التي أعطاها لهم أن يكونوا نورًا للأمم ومن خلالهم ستظهر الحقيقة الإلهية، كما السفير الأمريكي يقول افتراءً على الله، إن الله اختار الشعب اليهودي ليكونوا نورًا للأمم وأعطاهم الأرض؛ بينما يذهب العرب إلى الأمريكي ليستجدوا منه أن يُعيد فلسطين'. وأشار إلى أن 'الأرض الخاصة باليهود من وجهة نظر الأمريكي ليست فقط فلسطين؛ بل تشمل المنطقة'، لافتًا إلى أن 'الأمريكيين يُعبرون بالشرف عن أي دعم للعدو الإسرائيلي كما في تصريحات رئيس مجلس النواب الأمريكي خلال زيارته لمغتصبات الضفة الغربية'. وأضاف: 'الأمريكيون يعتبرون دعم العدو الإسرائيلي شرفًا، وهم يدعمون الإجرام والطغيان والظلم؛ بينما لا تتجه الأمة الإسلامية لمناصرة المظلوم المعتدى عليه في إطار الحق والقضية العادلة'. وبيّن أن 'الأمريكي الذي يدعم الإجرام والظلم الإسرائيلي ويفتري على الله الكذب هو ينطلق من عادة متأصلة لديهم وإرث ورثوه ضمن الاتجاه المنحرف على مدى التاريخ'، مشيرًا إلى أن 'الأمريكي بكل وحشيته وإجرامه لم يعتذر حتى اليوم من اليابان على إبادة مواطنيها بالقنابل الذرية'. وشدّد على أن 'الأمريكي والإسرائيلي بكل إجرامهم وطغيانهم، هم من كان ينبغي أن يقال لهم لا يجوز أن تمتلكوا الأسلحة والقدرات العسكرية؛ فهم أصحاب الإبادة الجماعية كسلوكٍ ورؤيةٍ وممارسة، وهم خطرٌ على كل المجتمعات البشرية'، مؤكدًا أنهم 'من ينبغي أن يقال لهم إن تواجد السلاح معكم يشكل خطرًا على الناس وليس المظلومين المعتدى عليهم من يمتلكون الضوابط الإنسانية والأخلاقية'. الرؤى العربية عمياء والمقاومة هي الخيار الصحيح وأكد السيد الحوثي أن 'كل الرؤى والتوجهات لدى بعض الأنظمة العربية والنخب والشخصيات المخالفة للقرآن الكريم هي عمياء وظلامية وباطلة تكبد الأمة الكثير من الخسائر'. ولفت إلى أن 'ما حصل من كوارث وخسائر في فلسطين وفي غيرها هي نتاج للرؤى الغبية الجاهلة التي لا تستند إلى أسس صحيحة في تقييم القضية وتقييم العدوّ'. وأوضح أن خيار 'حل الدولتين' طرح منذ مرحلة مبكرة وكان دائمًا يطرح للخداع من جهة ولمنع أي تحرك فلسطيني أو عربي ضد الاحتلال وضد السيطرة الإسرائيلية من جهة أخرى'، مؤكدًا أن خيار 'حل الدولتين يتكرر للخداع عقدا بعد آخر وصولاً إلى يومنا هذا بعد 77 عامًا'. وأكد أن 'خيار المجاهدين رغم بساطة الإمكانات يثبت أنه خيار ناجح ينبغي أن تدعمه الأمة وأن يحظى بالمساندة؛ فالإخوة المجاهدين في قطاع غزة يواصلون عملياتهم الجهادية البطولية بتفانٍ واستبسال منقطع النظير'. وبيّن أن 'كتائب القسام نفذت في هذا الأسبوع قرابة 12 عملية متنوعة وعمليات مشتركة بينها وبين سرايا القدس وعمليات من سرايا القدس ومن الفصائل الأخرى، والعدو الإسرائيلي يعبر عن خيبة أمله بما يشهد على فاعلية وتأثير الفعل المجاهد المقاوم في قطاع غزة'. وأشار إلى مواقف تعكس 'خيبة الأمل الإسرائيلي عبّر عنها رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق عاموس يدلين بقوله (إسرائيل) تواجه استنزافًا، وهي غارقة في غزة وتقترب من هزيمة استراتيجية عميقة'، معتبرًا 'تصريحات قادة صهاينة فيما يتعلق بخيارات الاحتلال الكامل لغزة، تؤكد أن ذلك لا يعني نهاية المعركة ولا نهاية حماس؛ بل حرب استنزاف طويلة الأمد'. حراك شعبي عالمي يستهدف بالقمع والاضطهاد في السياق، أشار السيد الحوثي إلى الأنشطة الشعبية المتضامنة مع غزة مؤكدًا أن 'في هذا الأسبوع كان هناك تظاهرات في ثمانية بلدان إسلامية وعربية واليمن في الصدارة فيها وفي كل العالم'. وأضاف أن 'هناك تظاهرات في أمريكا وأوروبا وبلدان مختلفة من العالم في 17 بلدًا، لكنها تستهدف بالقمع والاضطهاد'، لافتًا إلى أن 'مظاهرات كبيرة أقيمت في العاصمة النرويجية بين الأمطار الغزيرة ومظاهرات كبيرة في أستراليا'. وأوضح السيد الحوثي أن 'الأمريكي يستمر في مضايقة طلاب الجامعات وبعض إدارات الجامعات أصبحت تتعاون مع الأمريكي ضد الطلاب في إجراءات تعسفية'، مشيدًا بـ 'خطوة حكومة سلوفينيا خطوة جيدة كأول دولةٍ أوروبية تحظر استيراد وتصدير ونقل الأسلحة إلى (إسرائيل)، والمفترض بكل الحكومات الأوروبية أن تتخذ مثل خطوة سلوفينيا، إن كانت صادقة فيما تعبر به عن تعاطفها مع الشعب الفلسطيني'. المصدر: المسيرة