
وزير الخارجية السعودي يفتتح مبنى سفارة المملكة في روسيا
📹 | سمو وزير الخارجية الأمير #فيصل_بن_فرحان @FaisalbinFarhan يفتتح مبنى سفارة المملكة الجديد في #موسكو. pic.twitter.com/SEgY2WaUxY
— وزارة الخارجية 🇸🇦 (@KSAMOFA) July 5, 2025
ولدى وصول وزير الخارجية السعودي إلى مقر السفارة، أزاح الستار عن لوحة الافتتاح التذكارية، كما أطلع على المقر الجديد وما يضمه من مرافق وأقسام بعد الانتهاء من مشروع تجهيزه وتأثيثه.
ويأتي افتتاح المبنى انطلاقًا من مساعي وزارة الخارجية في توفير أصول عقارية مميزة وحديثة تعكس الاهتمام العالي بتقديم خدمات عالية الجودة للمواطنين والمراجعين في الخارج، ضمن رؤية شاملة تهدف إلى تطوير الأداء الدبلوماسي وتعزيز كفاءة عمل بعثات المملكة حول العالم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
إيران التي تريد السلام والتفاوض
المطالعة الهادئة وكم الرسائل الإيجابية التي وجهها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في حديثه مع تاكر كارلسون المقرب من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لم تنحج في التخفيف من حال الحذر الشديد والقلق العميق المسيطرين على الموقف الإيراني من تطورات محتملة قد تشهدها المنطقة، تحديداً إيران، وإمكان أن تتعرض لهجوم إسرائيلي- أميركي جديد. بزشكيان الذي حاول تحميل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مسؤولية الهجوم على إيران وأنه استطاع جرّ الطرف الأميركي إلى الدخول المباشر في هذه الحرب، اعتبر أن حرب الـ 12 يوماً كانت "حرب نتنياهو" على طاولة التفاوض، بالتالي فإن العودة لهذه الطاولة بحاجة إلى مزيد من العمل الجاد من أجل إعادة الثقة بهذه الطاولة ونوايا واشنطن الجدية بالتوصل إلى اتفاق واضح وجدي ودائم. مواقف الرئيس الإيراني جاءت عشية الزيارة الثالثة التي يقوم بها نتنياهو إلى واشنطن منذ عودة ترمب للبيت الأبيض، وحاول عبرها تقديم النصيحة إلى نظيره الأميركي بألا يقع في شباك نتنياهو وأهدافه وألا يقدم شعار "نتنياهو أولاً" على شعار "أميركا أولاً"، ويعرض بذلك إمكان التوصل إلى سلام في المنطقة للخطر، إضافة إلى أنه يضع المصالح الأميركية وإمكان الاستثمار في السوق الإيرانية في خطر، خصوصاً أن المرشد الأعلى علي خامنئي أعطى الضوء الأخضر لذلك. وعلى رغم الإشارات الإيجابية من الطرف الإيراني بإمكان العودة للمسار التفاوضي، فإنها لا ترقى إلى مستوى العجلة الأميركية لذلك التي عبّر عنها الرئيس ترمب ومبعوثه إلى المفاوضات ستيف ويتكوف وتوقعاتهما باستئنافها الأسبوع المقبل. فالجانب الإيراني سواء بزشكيان أو وزير خارجيته عباس عراقجي ما زالا، ومعهما منظومة السلطة، عالقين في أزمة انعدام الثقة بالمفاوض الأميركي، وحجم التأثير الذي يملكه نتنياهو في الموقف الأميركي، وأن تكون الرغبة الأميركية هذه مجرد خدعة جديدة قد تتعرض لها إيران. لا شك في أن طهران تراقب وتتابع عن كثب تفاصيل زيارة نتنياهو إلى البيت الأبيض ونتائجها، وتتعامل مع التأكيدات الأميركية بكثير من الحذر والريبة، وأن المحادثات مع نتنياهو لا تتمحور فقط حول ضرورة التوصل إلى إعلان هدنة في الحرب على قطاع غزة، وآلية إتمام الصفقة المرتقبة بين تل أبيب و"حماس"، فلا تسقط من حساباتها وجود بنود سرية في هذه المفاوضات وأن الموضوع الإيراني يشكل أحد المحاور الرئيسة والمفصلية فيها. ويسهم قرار ويتكوف بتأخير التحاقه بجلسات التفاوض غير المباشر الذي تستضيفه العاصمة القطرية الدوحة بين إسرائيل وحركة "حماس" في رفع منسوب الحذر الإيراني، خصوصاً أن هذا القرار جاء بعد الجلسة الليلية التي جرت بين الرئيس الأميركي ونائبه جي دي فانس من جهة، ورئيس الوزراء الإسرائيلي من جهة أخرى في المكتب البيضاوي والتي لم تسهم في إنضاج الاتفاق على الهدنة ووقف إطلاق النار. فالاعتقاد الإيراني، وبناء على تجربة الجولات الخمس السابقة من المفاوضات، بأن التركيز الأميركي والإسرائيلي على موضوع الهدنة في غزة، ربما يكون محاولة تضليل وإبعاد الأنظار من الموضوع الأساس والرئيس لمحادثاتهما التي تدور حول إيران، وأن التوصل إلى اتفاق حول الهدنة لا يعني أو لا ينفي مسألة أن إيران تشكل صلب هذه المفاوضات. وترى طهران أن حال عدم اليقين لدى الطرفين (الأميركي والإسرائيلي) من نتائج الضربة العسكرية التي استهدفت البرنامج النووي والقدرات العسكرية للنظام الإيراني، تفرض عليهما إعادة تقويم هذه النتائج ووضع آليات التعامل معها والسيناريوهات المحتملة في المرحلة المقبلة، إضافة إلى التفاهم حول جدول أعمال مشترك يتعامل مع الخطوات المقبلة، بما فيها التنسيق الضروري والمطلوب الذي يخدم الهدف النهائي المتمثل في التخلص من قدرات وطموحات إيران النووية والباليستية التي لا تزال تشكل تهديداً لمفهوم الاستقرار الذي يريدانه. في المقابل، فإن حال الإبهام أو الغموض النووي الذي تمارسه طهران، ومحاولة التماشي مع رغبة الرئيس الأميركي في أن الضربات العسكرية التي تعرضت لها المنشآت النووية الثلاث كانت قاسية وأن الدمار الكبير لا يسمح بالتحقق من حجم الأضرار، أو معرفة ما بقي من قدرات وإمكانات في هذه المواقع، قد تشكل مخرجاً للطرفين للقبول بالنتائج والعودة لتفعيل مسار التفاوض. وتدرك طهران، نظاماً وحكومة، أن المرحلة الجديدة من المفاوضات في حال حصولها، لن تكون كسابقاتها، وقد تشهد مرحلة جدية لاختبار النوايا ومدى رغبة الطرفين في التوصل إلى اتفاق دائم كما يريدان، بخاصة الرئيس الأميركي. بالتالي فإن من المتوقع أن يعطي المرشد الأعلى الإذن بعقد جلسة حوار وتفاوض مباشر بين وزير الخارجية الإيراني والمبعوث الأميركي، تكون بمثابة اختبار من الناحية الإيرانية لجدية الجانب الأميركي في إعادة بناء الثقة وعدم وجود نوايا بممارسة الخداع مرة أخرى، أما بالنسبة إلى الجانب الأميركي فهي فرصة لمعرفة استعداد إيران للتجاوب مع مطلبه في ما يتعلق بمسألة أنشطة تخصيب اليورانيوم. واللقاء المباشر والعلني إذا ما حصل هذه المرة، فمن المرحج أن يكون مفصلياً، فإما أن يفتح الطريق أمام استمرار التفاوض والعمل من أجل عقد اتفاق نهائي ودائم بينهما، وإما أن يعزز المخاوف الإيرانية بالعودة للخيار العسكري، وأن المفاوضات المرتقبة قد تشكل مجرد تأخير في موعد الحرب وليس منع وقوعها. من هنا يبدو أن الجانب الإيراني يسعى إلى حشد دعم وتأييد دولي وإقليمي للمطالب التي يريدها، أقلها الاعتراف بحقه في امتلاك دورة تخصيب سلمي على أراضيه، ولو كانت مؤجلة. وفي الوقت نفسه يعمل على طمأنة الدول الإقليمية، بخاصة الدول العربية، تحديداً الخليجية التي ترصد بقلق، الوضع الهش بين طهران وتل أبيب، من خلال توسيع مشاركتها في المفاوضات التمهيدية مما يسمح لها بالقيام بدور فاعل في تدوير الزوايا والدفع باتجاه ترتيب أوضاع المنطقة على أسس ومعادلات جديدة تقوم على الشراكة الحقيقية وتدفع مسار التنمية والسلام بجدية. ولعل الزيارة التي قام بها عراقجي إلى العاصمة السعودية الرياض واستقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان له يشكلان مؤشراً واضحاً على الحاجة الإيرانية إلى دور سعودي فاعل في المرحلة المقبلة، بخاصة بعدما أدركت طهران أن تعميق علاقاتها العربية والخليجية قد يساعد على تشكّل مظلة لها أمام الضغوط الأميركية.


الشرق السعودية
منذ 3 ساعات
- الشرق السعودية
إيران بعد العاصفة.. أسئلة صعبة ترسم مستقبل النظام
بعد شهر من دوي أولى القنابل الإسرائيلية التي أمطرت طهران، فجر 13 يونيو، تبدو الأمور في إيران اليوم "تحت السيطرة".. لكن "الصمت الثقيل" الذي شهدته البلاد في أول ساعات الصدمة لا يزال حاضراً في الأذهان. حرب خاطفة، بدأت بضربة مباغتة، وانتهت باتفاق مفاجئ سمح لجميع الأطراف بإعلان "النصر". لكن ما بعد العاصفة ليس كما قبلها. فالبلد الذي استباحت المقاتلات الإسرائيلية – ثم الأميركية – سماءه، واخترق عملاء الموساد أراضيه، يجد نفسه الآن على موعد مع أسئلة صعبة ومراجعات قاسية، تحدد نتائجها مستقبل "الجمهورية الإسلامية" في إيران. أي مستقبل للنظام؟ فرضت الحرب الإسرائيلية على إيران مجموعة من التحولات الداخلية، لا سيما بعدما راهنت إسرائيل على أن تُسهم ضرباتها في "انهيار النظام السياسي الإيراني من الداخل"، عبر اغتيال كبار القادة، وإحداث فوضى تجعل خصوم السلطة ينتهزون الفرصة للانقضاض عليها. وكان رهان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واضحاً، إذ دعا الإيرانيين أكثر من مرة، إلى "الانتفاض ضد النظام للإطاحة به". رئيس مركز الدراسات الإيرانية في موسكو، رجب صفاروف، أشار إلى أن إسرائيل راهنت بالفعل على تعطيل أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية كافة في إيران، وعلى إحداث حالة من الشلل فيها، معتبراً في حديث لـ"الشرق"، أن نتنياهو أراد عبر استخدام القوة العسكرية المفرطة "التسبب في صدمة عميقة للشعب الإيراني وإرباكه"، وتحويل حياة الإيرانيين إلى جحيم ودفعهم للخروج إلى الشوارع وإبداء استيائهم من قادتهم واللجوء للعنف ضد مؤسسات الدولة، و"مساعدة ذوي الميول الغربية على تصدّر المشهد، والتحريض على القيام بانقلاب ضد الدولة". لكن هل خدمت الحرب النظام المُحافظ في إيران بدلاً من زعزعة أركانه؟ يرى مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الإيرانية العربية، مصدق بور، أن سعي تل أبيب إلى "تثوير" الإيرانيين ضد نظامهم "أحدث أثراً عكسياً"، فقد "تعززت الجبهة الداخلية الإيرانية". وأشار في حديثه لـ"الشرق"، إلى "انقسام داخل إيران بين المؤيدين والمعارضين للحرب"، لكنه أضاف أن "الأسلوب المُخادع الذي اتبعته واشنطن عبر شن الحرب في وقت كان الجميع يترقّب الجولة السادسة من المفاوضات بشأن الملف النووي، جعل المزاج العام في إيران ينظر باستياء أكبر إلى الموقف الأميركي، وهو ما دعم موقف المتشددين تجاه واشنطن، وصبّ بالتالي في مصلحة النظام السياسي". اعتبر صفاروف، أن الدوائر الاستخباراتية الإسرائيلية والبريطانية والأميركية، وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، "راهنوا" على نجاح مفعول العملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، و"ترك الأمور لاحقاً للمعارضة لاستكمال مهمة إسقاطه". وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب ألمح في أعقاب الضربات الأميركية التي استهدفت منشآت إيران النووية، إلى خيار "تغيير النظام"، وهو ما علّقت عليه المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، قائلة: "إذا أخفق النظام في الانخراط دبلوماسياً، فلماذا لا ينتفض الشعب ضده؟". لكن ترمب عاد ليحذّر من أن هذا المسار قد يؤدي إلى "فوضى" غير مرغوبة. وفيما كان ينتظر خصوم طهران حدوث انتفاضة داخلية، لم يشهد الشارع الإيراني في الواقع أي حراك ضد حكومته خلال الحرب، بل على العكس، خرج الآلاف في احتجاجات تُندد بالهجمات الإسرائيلية. ورأى رئيس مركز الدراسات الإيرانية في موسكو، رجب صفاروف، أنه رغم الضرر الكبير الذي تسببت به الحرب على إيران، إلّا أن "شعبها أظهر قدراً كبيراً من الانضباط، وامتنع عن التعبير عن أي سخط حيال النظام السياسي، إذ بدا جلياً التوجه نحو تعزيز الوحدة الوطنية، ولا سيما لدى فئة الشباب". ومن طهران اعتبر الدبلوماسي الإيراني السابق، عباس خامه يار، أن "إسرائيل ارتكبت أكبر خطأ تاريخي واستراتيجي" مع بلاده، معتبراً أن إيران "انتصرت"، لأن نتائج الحرب جاءت عكس ما أراده نتنياهو، فـ"رغم العدد الكبير من الضحايا، إلا أن الشعب أظهر وحدة وتلاحماً حول قيادته، بما في ذلك المعارضة بكل أطيافها، وحتى من هم داخل السجون، إلى جانب النخب على اختلاف توجهاتها، الوطنية والقومية، وهذه إحدى المكاسب المهمة للحرب"، على حد وصفه. ولفت خامه يار، إلى أنها المرة الأولى منذ عقود التي تشهد فيها إيران التقاء الشعور الوطني والقومي مع الشعور الديني، موضحاً أن هذه الثنائية كانت تُمثل تناقضاً في البلاد، حيث هناك من يعطي الأولوية للقيم الوطنية، على حساب الدينية؛ وهناك من يفعل العكس، "لكن اليوم توحّد الجميع ضد الاعتداء الإسرائيلي". مشهد داخلي معقد واستشهد خامه يار بما قاله مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، زبيجنيو بريجنسكي، في عام 2004، عندما حذّر من أن "أي تدخل خارجي أو هجوم عسكري على إيران، سيؤدي إلى اندماج القومية الإيرانية مع "الأصولية الشيعية"، كما لفت إلى ما اعتبره مؤشراً على اندماج الحس الوطني والديني حينما طلب المرشد الإيراني علي خامنئي في يوم عاشوراء الأحد الماضي، أن يتم إنشاد "يا إيران أيها الوطن". ويتفق مع هذا الانطباع أيضاً مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الإيرانية العربية، مصدق بور، الذي قال لـ"الشرق"، إن الإيرانيين شعروا جميعاً أن "الوطن في خطر، ولذلك وقفوا إلى جانب النظام". ومع ذلك، يرسم الدبلوماسي البريطاني نيكولاس هابتون، الذي خدم بلاده سابقاً كسفير في طهران، تساؤلات بشأن مستقبل النظام في إيران، والذي اعتبر أنه يعاني من "هشاشة شديدة". وأشار تقرير حديث لمركز "ستيمسون" البحثي الأميركي، إلى أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة، كشفت عن "مشهد داخلي معقّد" في إيران، وأظهرت أن الإيرانيين، على الرغم من استيائهم العميق من الأوضاع في بلدهم، إلا أنهم يميلون إلى الإصلاح الداخلي، وهو ما عزاه التقرير إلى "الفوبيا من الفوضى" داخل المجتمع. برغم ما سبق، هناك من يعتقد أنه حتى لو أخفقت رهانات تغيير النظام في إيران، فإن ذلك لا يعني هذا أن الخطر والتهديدات التي تحيط به، قد زال تماماً. وفي حديث لـ"الشرق"، قال جابريال نورونا، المدير التنفيذي لمؤسسة "بولاريس" للأمن القومي، إن احتمالات انهيار النظام الإيراني "تراجعت كثيراً" بعد التصعيد العسكري عما كانت عليه من قبل، إلا أنه رجّح من جانب آخر أن "تؤدي القبضة الأمنية إلى تأجيل الانهيار لسنة أو سنوات عدة"، مستبعداً أن "تحصنه تماماً أمام ذلك المصير". عودة "الحرس" إلى الحراسة خلال الحرب وفي الأيام التي أعقبتها، نفّذت طهران حملة أمنية موسعة قادها الحرس الثوري وجهاز الاستخبارات، وشملت اعتقال أكثر من 700 شخص، وإعدام 3 أشخاص مدانين بـ"التخابر لصالح إسرائيل"، بحسب وكالة أنباء "فارس" المقربة من الحرس الثوري. ورأى جابريال نورونا، وهو مستشار سابق لوزارة الخارجية الأميركية، أن التصعيد العسكري مع إسرائيل "أعاد الحرس الثوري إلى دوره القديم كحارس للثورة، بعدما كان يُقدّم نفسه كقوة موجهة للخارج"، مشيراً إلى أن "القبضة الأمنية أحبطت محاولات انتفاضات سابقة، فيما تُلاحق مؤخراً من يُشتبه في تعاطفهم مع إسرائيل، من دون محاكمة، لا سيما بعد الاختراق الذي كشفته الحرب الأخيرة، لعناصر الموساد الإسرائيلي، وتحركهم مباشرة على الأرض، أو عبر عملاء". وأعرب عن اعتقاده بأن "التيار المتشدد أو الأصولي استغل التصعيد الأخير لإحكام سيطرته بشكل أوسع على مفاصل السلطة". وبشأن احتمالية تخفيف السلطات الإيرانية من قبضتها الأمنية في ضوء ما تعرضت له البلاد جراء الحرب الإسرائيلية، استبعدت باربرا سلافين، المديرة السابقة لمبادرة "مستقبل إيران" بالمجلس الأطلسي، حدوث أي إصلاحات داخلية قريبة "قد تُفسَر على أنها مؤشر ضعف أو تنازل أمام القوى الخارجية"، وفق قولها، معتبرة أن "قبضة السلطة الأمنية في طهران بات أكثر قوة من ذي قبل". ورأت سلافين، في حديثها لـ"الشرق"، أنه في حال توقفت الهجمات الأميركية والإسرائيلية، وهدأت الأوضاع في إيران "قد تتزايد الضغوط الداخلية من أجل التغيير، وربما يشهد الشارع الإيراني احتجاجات أيضاً، إلا أن نجاحها، على غرار ما سبق، يبقى غير مضمون". من يقود الدفة؟ لعقود، وُصفت إيران بأنها دولة ذات جيشين، فإلى جانب قواتها النظامية المعروفة باسم Artesh، والتي تُعنى بحماية الحدود، استحدث المرشد السابق الخميني في عام 1979، مؤسسة عسكرية موازية لـ"حماية الثورة"، تحت اسم الحرس الثوري الإيراني IRGC، والذي تتمثل إحدى مهامه الرئيسية بحماية النظام، وبمرور الوقت، تنامى نفوذه داخلياً وخارجياً، ليشرف على جماعات مسلحة موالية لطهران في دول عدة. ومع اندلاع حرب يونيو الأخيرة، استهدفت أولى الضربات الإسرائيلية، في فجر 13 يونيو الماضي، علماء نوويين وقادة عسكريين، واغتيل قائد "الحرس الثوري" حسين سلامي، ورئيس هيئة الأركان محمد باقري، في ما شكّل ضربات تتعرض لها إيران للمرة الأولى على هذا المستوى منذ الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، لكن، رئيس مركز الدراسات الإيرانية في موسكو، رجب صفاروف، رأى أن ما خسرته إيران من كوادر عسكرية وعلمية لا تزيد عن 2% مما لديها، ولا تُشكل خطراً على إمكانياتها القيادية"، مقابل ما وصفه بـ"الأضرار الاقتصادية الهائلة" التي طالت إسرائيل، وأحدثت هزة سياسية وعسكرية وتكنولوجية، وفق رأيه. وتابع الباحث الروسي: "الخسائر الإسرائيلية هي ما دفعت الأميركيين إلى تقديم المساعدة من خلال قصف الأهداف النووية الإيرانية والعمل على التوصل إلى وقف إطلاق النار من أجل إنقاذ حليفتها". وحتى في ظل اغتيال أبرز قادته، يعتقد المستشار السابق لوزارة الخارجية الأميركية، جابريال نورونا، أن الحرس الثوري لا يزال يحتفظ ببنيته البيروقراطية وبشبكة من الجنرالات المرشحين للقيادة، وذلك على عكس ما واجهته الجماعات المدعومة من إيران في المنطقة، مثل "حزب الله" اللبناني، والذي "انهارت قدراته سريعاً" بعد اغتيال زعيمه حسن نصر الله وأبرز قادته. ولكن سلافين، ترى الأمور من منظور آخر، إذ قالت لـ"الشرق"، إن المشهد في إيران بات "معقداً ومزدوجاً"، وأضافت: "بينما زاد النظام الإيراني من قبضته الأمنية داخلياً، طرأت تغيرات لافتة على المؤسسة العسكرية، بتعيين أشخاص أقل خبرة محل قادة الحرس الثوري المخضرمين الذين لقوا حتفهم، فضلاً عن اختيار جنرال من الجيش النظامي لقيادة هيئة الأركان، في خطوة غير مسبوقة". وكان المرشد الإيراني أمر بتعيين حبيب الله سياري قائماً بأعمال رئيس هيئة الأركان، وذلك بعد اغتيال محمد باقري إثر ضربة إسرائيلية، الشهر الماضي، قبل أن يعود ويقع اختياره على عبد الرحمن موسوي، كأول عسكري من صفوف الجيش الإيراني يشغل المنصب رسمياً منذ إعلان "الجمهورية الإسلامية" عام 1979. وبحسب نورونا، فإن النظام الإيراني يعيش حالياً "حالة من التخبط وتقييم الأضرار"، وهو ما يجعل من المبكر الحديث عن شكل التغيير أو مراكز القوى التي ستسيطر على مفاصل الدولة. من زعيم المستقبل؟ أدت التلميحات بشأن استهداف المرشد الإيراني علي خامنئي، خلال الحرب سواء من الجانب الإسرائيلي أو الأميركي، إلى طرح نقاشات بشأن خلافة ثاني مرشدي "الثورة الإيرانية". وقبل أن تستهدف الولايات المتحدة منشآت نووية في فوردو ونطنز وأصفهان، طالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، طهران بالاستسلام غير المشروط، وقال في منشور على منصته "تروث سوشيال"، إن واشنطن تعلم بمكان خامنئي، واصفاً إياه بأنه "هدف سهل"، لكنه عاد وأضاف أن واشنطن "لا تعتزم استهدافه حتى الآن". وأشارت المديرة السابقة لمبادرة "مستقبل إيران" بالمجلس الأطلسي، باربرا سلافين، في حديثها لـ"الشرق"، إلى أن خامنئي البالغ من العمر 86 عاماً "يعيش في عزلة لدواع أمنية"، وهو ما يطرح تساؤلات برأيها، حول "مدى سيطرته الفعلية على الوضع حالياً". وكان تقدّم المرشد بالسن وحالته الصحية الغامضة، والتلويح باستهدافه، موضع تحليلات استراتيجية، رجّح بعضها، أنه ربما يبحث عن خليفة له، وقالت سلافين في هذا الشأن إن "خامنئي كان يُخطط للأمر منذ فترة، وقد عيّن لأجل ذلك لجنة ثلاثية تتولى مهمة اختيار خليفته". النجل والحفيد.. شروط القبول والاستبعاد وبحسب تقارير صحافية برز اثنان بين المرشحين الأوفر حظاً لخلافة علي خامنئي، أولهما نجله مجتبى، البالغ من العمر 56 عاماً، ويُنظر إليه كامتداد لسياسات والده، أما الثاني، فهو حسن الخميني (53 عاماً).، حفيد مؤسس "الجمهورية الإسلامية" ومرشدها الأول. لكن الانطباع في موسكو، يُشير إلى أن قضية المرشد المقبل ليست جديدة، وأن اختياره لن يقع على نجله. إذ يقول رئيس مركز الدراسات الإيرانية في العاصمة الروسية، رجب صفاروف، إن هذا الأمر قائم منذ مدة طويلة، لافتاً إلى أن المرشحين لهذا المنصب، 3 شخصيات حالياً، مشيراً إلى أن خامنئي "استثنى مجتبى من قائمة خلافته في قيادة البلاد رغم أنه يعمل إلى جانبه ويتمتع بالخبرة والتجربة". بدوره، لفت مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الإيرانية العربية، مصدق بور، إلى ما يتم تداوله عن عدد المرشحين، وأشار أيضاً إلى التكهنات التي تستبعد أن يختار خامنئي نجله لخلافته، مرجحاً أن يتم ترشيحه كخيار ثالث، من دون أن يعني اختياره للمنصب. وعن شروط المؤهل لمنصب المرشد أوضح بور من طهران، أن اللجنة المخولة لاختيار المرشد تنتقي من لديهم شروط القيادة، ومن بينها أن يكون الشخص "مجتهد (دينياً) وفقيهاً، وليست لديه محسوبيات أو سوابق، ومعروف بسمعته الحسنة، وشروط أخرى". لكنه يرى أن "كل شروط القائد لا تنطبق على مجتبى، إلى جانب وجود شخصيات قيادية أثقل وزناً منه على المستوى العلمي والفقهي، في حوزات إيران العلمية المختلفة". مع ذلك، يعتقد صفاروف، أن مسألة خلافة المرشد "ليست محل خلاف في إيران"، وقال لـ"الشرق"، إن هناك آلية تضمن انتقال السلطة بشكل سلس ومضمون في أي لحظة تقتضيها التطورات. آلية لا تعتمد على الوراثة وفي سياق متصل، استبعد الدبلوماسي الإيراني السابق، عباس خامه يار، "حدوث أي فراغ مستقبلاً بشأن خلافة المرشد"، معتبراً في الوقت نفسه أنه "من الطبيعي أن يكون هناك اهتمام بمسألة خلافة المرشد، بغض النظر عن وجود تهديد أم لا، لأن الأعمار بيد الله سواء بسبب حرب أو مرض"، لافتاً إلى وجود آلية لاختيار المرشد لا تعتمد على الوراثة، وذلك من خلال مجلس خبراء القيادة، والذي يُنتخب أعضاؤه الـ88 مباشرة من الشعب، وتتمثل مهمتهم في تعيين "قائد الثورة". إلا أن مصدّق يختلف مع خامه يار، إذ لا يستبعد حدوث بعض الصعوبات في حال غياب خامنئي، معترفاً في الوقت نفسه بأن "إيران دولة مؤسسات، والتوقعات تشير إلى تشكيل مجلس لقيادة النظام ليُنتخب خليفة له من قبل مجلس خبراء القيادة". وفي حديثه لـ"الشرق"، وصف جابريال نورونا، إدارة المرشد لملف الخلافة قبل رحيله بأنها "ذكية" رغم تراجع التهديد المباشر لبلاده، وأضاف: "من غير المرجح أن تتعرض إيران لهجوم وشيك، وبالتالي، فإن هذه اللحظة قد تكون مثالية لانتقال سلس للسلطة، بحيث يتمكن القائد الجديد من تثبيت نفسه، واختيار فريقه، وتنظيم المرحلة الانتقالية بشكل مدروس". ورأى نورونا، أن تأجيل اختيار خليفة المرشد لما بعد وفاة خامنئي "قد يتسبب في فوضى، وربما يُعرّض النظام لهزات داخلية خطيرة، بعدما فقد المرشد عدداً من أقرب مساعديه وقادة الصف الأول"، متوقعاً أن يتنحى خامنئي طوعاً في المدى القريب، وذلك في ضوء "تراجع صحته والضغوط النفسية". هل تخلت إيران عن حلم "تصدير الثورة"؟ شكّلت إيران خلال العقود الأخيرة مصدر قلق لمعظم جيرانها في المنطقة. فمنذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران في عام 1979، تبنى نظام المرشد سياسة "تصدير الثورة الإسلامية"، وهو ما عبّر عنه الدستور الإيراني بنصه على "دعم لنضال المستضعفين ضد المستكبرين"، و"استمراريّة هذه الثورة داخل البلاد وخارجها"، لكن تقارير بحثية تُشير إلى أن تلك السياسة سرعان ما تحوّلت إلى "شبكة من الوكلاء والمليشيات والدعاية" سعت طهران من خلالها إلى توسيع نفوذها في دول المنطقة. وبحسب باربرا سلافين، فإنه "من الناحية العملية، تضررت الاستراتيجية الإيرانية بشكل كبير" على خلفية التصعيد العسكري في المنطقة والضربات التي تلقاها ما يُسمى "محور المقاومة" الذي تقوده طهران، لكن مع ذلك لم يتم القضاء على "المحور" بالكامل، فلا تزال إيران "تحتفظ بشبكات نفوذ، خصوصاً بين المجتمعات الشيعية العربية"، رغم مصرع عدد من القادة البارزين في الحرس الثوري وحزب الله. بين "مراجعة الذات"و"صناعة الأعداء" منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر 2023، دخل الشرق الأوسط في مرحلة جديدة، فقدت خلالها إيران الكثير من نفوذها في المنطقة، ثم جاءت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على إيران، لتزيد من الضغوط التي قد تدفع طهران في نظر البعض إلى تغيير نهجها وسياساتها في الإقليم. ويعتقد مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الإيرانية العربية، مصدق بور، أن إيران مقبلة على "تحول كبير"، لكن دون التخلي عن الأيديولوجيا التي "وقعت في أخطاء خلال تطبيقها، وتسببت في مشكلات إقليمية لطهران مع الدول الأخرى"، بما في ذلك استراتيجية "تصدير الثورة". واعترف مصدق خلال حديثه لـ"الشرق"، أن بلاده خلقت لنفسها الكثير من الأعداء "دون تخطيط مسبق منها"، مشيراً إلى أنه "رغم إخفاق محاولات الرؤساء الإصلاحيين إيجاد تقارب خارجي، إلا أن هناك جهات متشددة تريد أن تبقى إيران (فزاعة) أو مصدر تهديد دائم في نظر بعض الدول العربية، ولم يسمحوا لها بأن تكون دولة طبيعية". سياسة أكثر انفتاحاً؟ من جانبه، رأى جابريال نورونا، أن إيران ربما تُضطر لانتهاج سياسة أكثر انفتاحاً على البلدان العربية، "لأنها باتت في أمس الحاجة إلى حلفاء وشركاء"، لافتاً إلى أن الدول العربية لم تحصل في السابق إلا على "وعود فارغة"، في حين واصلت طهران السياسة نفسها تجاه تلك الدول. في المقابل، يميل صفاروف إلى الاعتقاد بأن إيران بدأت تجري مراجعة لسياساتها السابقة، والاتجاه نحو الانفتاح على الدول العربية، وقال إنها تُولي هذا الأمر "أهمية قصوى"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن ارتباط دول الجوار بمصالح اقتصادية وسياسية مع دول لا تكن الود لإيران، أعاق وجود علاقات جيدة، إلى جانب هواجس طهران تجاه القواعد الأميركية في المنطقة، والتي تعتبر أنها تُشكل خطراً جدياً عليها. وأضاف الباحث الروسي، أن "بعض المسؤولين الإيرانيين الذين أخذتهم النشوة في عام 1979، حاولوا تسويق أفكار الثورة الإسلامية على أنها النموذج الأصلح للحكم في البلدان الإسلامية"، لافتاً إلى أن الدوائر الغربية، لا سيما في الولايات المتحدة، "لعبت على هذا الوتر"، إلى جانب مسألة "الخلافات المصطنعة بين السنة والشيعة، من أجل الحيلولة دون تنامي قدرات إيران وتوجيه قدرات العالم الإسلامي ذي الأغلبية السنّية ضدها"، وفق قوله. على الرغم من أن التوترات التي شهدتها علاقة إيران بالعديد من الدول العربية، والاتهامات التي طالتها بنشر الفوضى ودعم الجماعات المسلحة، إلّا أن العالم العربي أدانت الحرب الإسرائيلية على إيران، وأعرب عن تضامنه مع طهران، وهو ما يعتقد صفاروف، أنه "مؤشر على حدوث تغيير في طبيعة علاقة طهران بدول الجوار". بدوره، أشار الدبلوماسي الإيراني السابق، عباس خامه يار، في حديثه لـ"الشرق"، إلى بدء مرحلة جديدة في العلاقة بين طهران وجيرانها العرب، لا سيما خلال ولاية الرئيس مسعود بيزشكيان. كما رجّح مصدّق بور، أن تعمد طهران إلى تعديل سياساتها الإقليمية، مذكراً بالاتفاق الذي رعته الصين لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، وإعادة فتح سفارتيهما في مارس 2023. ورأى جابريال نورونا، المسؤول السابق بالخارجية الأميركية، أن مواصلة إيران اتباع سياسة خارجية تسعى لـ"إسقاط أنظمة الدول المجاورة وإثارة الفوضى"، تُمثل مغامرة تفوق قدرات إيران الحالية، بعدما تكبدت خسائر فادحة في ساحة المعركة، وربما لم يعد لديها أنظمة دفاع حقيقية. وأشار إلى أن التقارير الاستخباراتية تتحدث عن تقلّص تمويل إيران لـ"حزب الله" اللبناني بشكل ملحوظ، مع منح الأولوية في الإنفاق على الداخل. وتابع: "إلى جانب سعي طهران لإعادة بناء قدراتها الدفاعية، وإعادة إعمار البنى التحتية، ستحرص مستقبلاً على تعويض ما فقدته ترسانتها الصاروخية" خلال التصعيد العسكري مع إسرائيل. "رقصة دبلوماسية" وبخصوص الرد الإيراني على القصف الأميركي من خلال استهداف قاعدة العديد في قطر، يقول صفاروف، إن طهران أبلغت الدول العربية المعنية بأن هذا الهجوم لا يستهدف سيادة هذه الدول وسلامة أراضيها، بل القواعد الأميركية "التي تشكل خطراً" على أمن إيران وسلامتها. وفي حديثه لـ"الشرق"، اعتبر الدبلوماسي البريطاني، نيكولاس هابتون، الذي سبق أن مثّل بلاده سفيراً في كل من الدوحة وطهران، أن الوصول إلى الهدنة تم "عبر رقصة دبلوماسية صُممت بشكل جيد"، وفق تعبيره. وأضاف: "يبدو أن الأمر كان وراءه عمل دبلوماسي ماهر من حيث تصميم العرض الذي شاهدناه لتحقيق وقف إطلاق النار". وأشاد هابتون، المقرب من مراكز صُنع القرار في لندن، بدور قطر "في جعل طهران توافق على وقف إطلاق النار"، واصفاً قصف إيران لقاعدة العديد الأميركية جنوب الدوحة، بأنه "حركة رمزية مهدت الطريق للوصول إلى اتفاق". ويتفق مع هذا الرأي، شاشانك جوشي، الأستاذ المحاضر في شؤون الأمن ومحرر قضايا الدفاع في مجلة "الإيكونوميست"، والذي قال في حديث لـ"الشرق"، إنه "كانت هناك حاجة وضرورة للتأكد من أن الرد سيكون رمزياً، دون خسائر بشرية". ولفت جوشي، إلى أنه "عبر الرد الإيراني دارت المعركة دورة كاملة، وهناك مخرج للجميع، الولايات المتحدة ضربت منشأة فوردو وأخرجتها عن الخدمة أو عطلتها، وإيران ردت باستهداف قاعدة أميركية، دون أن تقحم دولاً أخرى في الصراع، وإسرائيل فرضت إرادتها وحجّمت الخطر الصاروخي والنووي الإيراني". هل تحول البرنامج النووي إلى عبء؟ يُعد مشروع البرنامج النووي، أبرز إنجازات إيران، منذ قيام الثورة في عام 1979، وتعتبره مصدر فخرها وقمة مكتسباتها، لكن الحرب الأخيرة وضعتها أمام اختبار صعب، تمثل في احتمال تدمير هذا البرنامج الذي كلّفها الكثير. في عام 2015، وقّعت إيران اتفاقاً نووياً مع الولايات المتحدة خلال رئاسة باراك أوباما يُعرف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)" والذي نصّ على تقييد برنامج إيران النووي، مقابل رفع تدريجي للعقوبات الدولية المفروضة عليها، مع فرض نظام تفتيش وصفته الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنه "الأكثر صرامة في التاريخ". لكن مع وصول دونالد ترمب إلى الرئاسة في ولايته الأولى في عام 2017، أعلن انسحاب واشنطن من الاتفاق في مايو 2018، واعتبره "اتفاقاً كارثياً وغير كافٍ" للحد من طموحات إيران النووية. كما أعاد فرض عقوبات اقتصادية شاملة على طهران ضمن سياسة "الضغط الأقصى"، ما دفع طهران تدريجياً إلى تقليص التزاماتها النووية منذ 2019، ورفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى ما يتجاوز حدود الاتفاق، وفق تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ويُبرر الدبلوماسي الإيراني السابق، عباس خامه يار، رفع بلاده نسب تخصيب اليورانيوم إلى معدلات تفوق الحدود التي وضعها اتفاق 2015، بأنه كان "رد فعل على القرار الأميركي بالانسحاب من الاتفاق، وبسبب فرض العقوبات عليها"، مشيراً إلى أن طهران "كانت مستعدة في المفاوضات لأي مبادرة سلمية، بما في ذلك تخفيف نسبة التخصيب تحت إشراف العالم والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن الأميركيين استخدموا الدبلوماسية كغطاء، واتبعوا أسلوب الخديعة، وأوصلوا إيران إلى الحرب الأخيرة". ورأى خامه يار "استحالة تنازل طهران عن المشروع النووي السلمي، الذي يرتبط بالكرامة الوطنية"، وفقاً لتعبيره. من جانبها، استبعدت باربرا سلافين، زميلة مركز "ستيمسون" البحثي، أن تسمح طهران لمفتشي وكالة الطاقة الذرية، باستئناف عملهم "ما لم تُقدَّم لها عروض ملموسة تتضمن تنازلات اقتصادية واعترافاً، ولو نظرياً، بحقها في التخصيب". ومع عودة ترمب إلى البيت الأبيض، في ولايته الثانية مطلع العام الحالي، وقّع أمراً تنفيذياً يقضي بإعادة العمل بـ"سياسة الضغط الأقصى"، لمنع إيران من المضي في برنامجها النووي، وعلى الرغم من إعلانه لاحقاً بدء مفاوضات مع طهران، إلّا أن الرئيس الأميركي شدّد بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران على ضرورة "تخلي النظام الإيراني تماماً" عن أي طموح نووي. وفي حديثها لـ"الشرق"، قالت باربرا سلافين، المديرة السابقة لمبادرة مستقبل إيران بالمجلس الأطلسي، التي دافعت في شهادات سابقة أمام الكونجرس عن إحياء الاتفاق النووي، إن "إدارة ترمب لا تبدو في عجلة من أمرها للدخول في محادثات نووية مع طهران، فيما تدّعي أنها سحقت البرنامج النووي الإيراني، وهو ادعاء غير صحيح، بطبيعة الحال". ما حجم الدمار؟ ويتفق مع سلافين الدبلوماسي البريطاني السابق، نيكولاس هابتون، الذي قال لـ"الشرق"، إن القصف الأميركي "لم يدمر المشروع النووي الإيراني، أو يقضي على قدرة طهران على التخصيب بالضرورة"، ويؤيد هذا الرأي أيضاً شاشانك جوشي الذي لفت إلى أن منشآت فوردو ونطنز "صُممت بحيث تتحمل هجوماً من هذا النوع". ورغم أن شاشانك يُرجح تأثر المشروع النووي الإيراني بهذا الاستهداف، لكن هابتون، الذي يطرح الكثير من التساؤلات عن مكان مخزون إيران من اليورانيوم المخصّب، لا يستبعد أن يكون لديها مواقع مخصصة للمشروع النووي لم تُفصح عنها ولم تُفعّلها في السابق. لكن "رويترز" نقلت في 11 يوليو عن مسؤول إسرائيلي كبير، الخميس، قوله إن معلومات الاستخبارات الإسرائيلية أظهرت أن اليورانيوم الإيراني المخصب، كان موجوداً قبل الضربات الجوية على إيران، في مواقع فوردو ونطنز وأصفهان وأنه ظل هناك ولم يتم نقله. أما سلافين فلفتت إلى أن السؤال الأكثر أهمية الآن، بشأن ما إن كانت إيران ستحاول "الاندفاع سراً" نحو امتلاك قنبلة نووية، وإن كانت ستنجح في ذلك بالفعل، مشيرة إلى أن طهران واصلت تخصيب اليورانيوم طيلة عقدين من الزمن، كما تمتلك المعرفة اللازمة، ومن المرجح أن لديها المواد الانشطارية وأجهزة الطرد المركزي التي تتيح لهم إعادة تشغيل البرنامج النووي في أي وقت، ولفتت إلى أن "هذه القصة لم تنتهِ بعد، وبعيدة كل البعد عن نهايتها". من جانبه، قال جابريال نورونا، رئيس مركز "بولاريس" للأمن القومي، إن استئناف النشاط النووي "هو السؤال الأصعب" الذي سيُطرح داخل أروقة النظام الإيراني، لا سيما مع وجود شكوك حول قدرة إيران على حماية ذلك البرنامج من أي هجوم مستقبلي، لكن النقطة الأهم من وجهة نظره، هي مدى جاهزية البنية التحتية بعد ما ألحقته بها الغارات الأميركية من أضرار. مغامرة "إعادة البناء" ورأى نورونا، الذي عمل مستشاراً للشأن الإيراني في الخارجية الأميركية خلال إدارة ترمب الأولى، أن الإيرانيين قد يضطرون لبناء منشآت نووية جديدة في عمق بعيد جداً تحت الأرض "بحيث لا تستطيع القنابل الخارقة للتحصينات تدميرها"، لكنه لفت إلى أن "بناء منشآت كهذه سيستغرق وقتاً طويلاً، كما ستؤدي إعادة بناء البرنامج النووي إلى هجمات جديدة ضد إيران". وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اعترف في تصريحات مؤخراً أن الضربات الأميركية "ألحقت أضراراً جسيمة وفادحة" بالبرنامج النووي لبلاده. وقال رئيس مركز الدراسات الإيرانية في موسكو، رجب صفاروف، إن تخصيب اليورانيوم هو "مسألة حياة أو موت بالنسبة لطهران"، مشيراً إلى أنه لا يستبعد ذهابها للحرب مرة أخرى إذا ما كانت مخيّرة بين التخلي عن حقها في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية. ورغم أن صفاروف توقّع خلال حديثه لـ"الشرق"، أن تتوصل إيران والولايات المتحدة إلى اتفاق يسمح للأولى بتخصيب اليورانيوم في الحدود المُستخدمة لصناعة الأدوية، وغيرها، لكنه شكّك في احتمال التوصل إلى حل وسط يسمح بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20% التي تُستخدم لتشغيل المفاعلات النووية وكذلك في المجالات الحساسة. وأضاف: "أعتقد أن إيران ستوافق على التخلي عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، مقابل التزام واشنطن بعدم الاعتداء عليها، والحصول على تعهدات خطية بذلك وإلغاء العقوبات والقيود المفروضة". بدوره، اعتبر عباس خامه يار، أن نسبة الـ20% مقبولة، وذلك كونها "لا تقترب من احتمالية عسكرة المشروع النووي"، لكنه ذكّر بأن إيران في الاتفاق الأول عام 2015، قبلت بأقل من ذلك، ووصلت النسبة التي جرى الاتفاق عليها 3.67%، وقال إن الأمر قابل للتفاوض، وبلاده حريصة على طمأنة الأطراف المعنية بخصوص عدم التوجه نحو عسكرة المشروع. قضايا يمكن التفاوض بشأنها خبير الأمن والدفاع شاشانك جوشي، وصف المشروع النووي الإيراني بأنه "كبير ومركب"، لكنه يرى أن "هناك الكثير من الأمور التي يُمكن التفاوض بشأنها، فبالنسبة لإيران تخفيف العقوبات أو رفعها بالكامل يُعد أولوية مركزية لطهران، وبالنسبة للأميركيين، عودة المفتشين الدوليين وبقاء طهران ضمن معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية مسألة بالغة الأهمية". ويتوقع الخبير البريطاني أن يتمحور موضوع التفاوض حول حق إيران في امتلاك دورة نووية كاملة، وربما سينتهي المطاف بالعودة إلى نسبة تخصيب اليورانيوم التي كان معمولاً بها في الاتفاق النووي السابق، و"ضمان ألّا تتجاوز مستويات التخصيب عتبة الخطر". يُذكر أن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كان تبنى قراراً ضد إيران لعدم الوفاء بالتزاماتها ضمن خطة العمل المشتركة، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز السقف المحدد عند 3.67%. والذي تتهم طهران مدير الوكالة رافائيل جروسي بسببه، بالتواطؤ ضدها، من خلال ما تعتبره إعطاء ذريعة لشن حرب إسرائيلية ضدها. وشدد الدبلوماسي الإيراني السابق، خامه يار، على ضرورة "طمأنة إيران بأن المفاوضات لن تكون مجدداً مجرد غطاء لعدوان جديد، كما حصل عندما أعطى الرئيس ترمب مهلة أسبوعين للتوصل إلى اتفاق ومع ذلك وقعت الضربة". أما صفاروف، فرأى أن إيران ستكون مطالبة في المقابل باستئناف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وضمان شفافية النشاط النووي. وتشير التقديرات إلى أن إيران تمتلك أطناناً من اليورانيوم من بينها نحو 400 كيلو جرام تصل نسبة تخصيبها إلى 60% علماً أن تصنيع سلاح نووي يحتاج إلى نسبة نقاء تصل إلى 90%. يأتي ذلك، بينما تبرز مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي طرحها في 12 يوليو للدفع باتجاه اتفاق نووي جديد يشترط عدم السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم، كنافذة محتملة لاحتواء التصعيد، ترافق معها إعلان طهران الاستعداد لاستئناف المفاوضات النووية مع واشنطن، إلّا أنها تدرس "الزمان والمكان والشكل والضمانات"، وفقاً لتصريحات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. هل انتهت الحرب حقاً؟ وعلى الرغم من أن الحرب بين إسرائيل وإيران توقفت، إلّا أن ثمة تكهنات باحتمالات تجددها، واحتمال أن تكون العودة إلى تخصيب اليورانيوم، هي كلمة السر. فطهران استطاعت ضرب العمق الإسرائيلي لتقول من خلال ذلك، إنها ربما تتلقى ضربات قوية، بما في ذلك من الولايات المتحدة، لكنها لن تقف مكتوفة الأيدي. مع ذلك، لا تستبعد التوقعات أن تشن إسرائيل ضربات جديدة ضد طهران. وربما من مصلحة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أن يترك باب التكهنات مفتوحاً أمام هذا الاحتمال، من أجل إجبار إيران على تقديم المزيد من التنازلات في مفاوضاته معها، على اتفاق نووي جديد. هدنة هشة ويرى الخبير الروسي في الشؤون الإيرانية صفاروف، أن "الهدنة القائمة حالياً بين إيران وإسرائيل هشة، لأنها لم تستند إلى اتفاق أو وثائق، ولذلك فتجدد القتال محتمل وواقعي"، مرجعاً السبب إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة لم تُحققا الأهداف المعلنة للحرب، إضافة إلى أن البرنامج النووي لا يزال قائماً رغم الضرر الكبير في منشآته. فيما لا يستبعد رئيس حزب العمال السابق في بريطانيا، جيرمي كوربين، وعضو مجلس العموم حالياً، اندلاع الحرب مجدداً، حيث قال في حديث لـ"الشرق"، إن إسرائيل ستهاجم إيران في المستقبل، لأنها "لم تتصرف بمفردها، فقد اعتمدت على الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي من الحكومات في جميع أنحاء العالم خلال حربها الأخيرة". في المقابل، يعتبر شاشانك جوشي، أن "وقف إطلاق النار سيستمر، غير أن هذا لا يعني أن إسرائيل لن تستهدف إيران مستقبلاً، فمثلاً في حال استشعرت تل أبيب قيام طهران بتحريك اليورانيوم المخصب أو استئناف مشروعها النووي بقوة، لن تتوانى عن شن هجمات جديدة". ويلفت إلى أن الحديث عن معادلة الردع انتفى بعد أن وضعت الحرب أوزارها، فقد سيطرت إسرائيل على أجواء إيران أو على الأقل سماء غرب ووسط إيران، خلال أيام، وتمكنت طائراتها من تحييد الدفاعات الجوية والعمل بحرية كبيرة. ويوضح جوشي، أن "إسرائيل حققت نصراً كبيراً، غير أنها لم تحقق بالضرورة جميع الأهداف التي تحدثت عنها في بداية الحرب. نعم أخرجت الكثير من منصات الصواريخ عن الخدمة، وضربت قيادة الحرس الثوري في مقتل، وأمور أخرى، إلا أنها لم توقف إطلاق الصواريخ تماماً". إيران وإسرائيل.. ماذا بعد؟ وتبقى جبهة الصراع بين إسرائيل وإيران مفتوحة على احتمالات جولة ثانية لا يتردد قادة البلدين في ذكرها علناً. تل أبيب لم تنجح في القضاء النهائي على المشروع النووي الإيراني أو إسقاط النظام، وطهران تبحث عن تقليل الخسائر واستعادة توازن الردع. وواشنطن التي انتقلت بـ"رشاقة" من قصف المنشآت النووية الإيرانية إلى رعاية اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، تبادر الآن إلى فتح باب المفاوضات، بينما يحذر ترمب من أن الصراع "قد ينشب مرة أخرى، وربما قريباً".


الرياض
منذ 4 ساعات
- الرياض
أمير جازان يوجه بالحفاظ على ممتلكات الدولة
استقبل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان، بحضور صاحب السمو الأمير ناصر بن محمد بن عبدالله بن جلوي نائب أمير المنطقة، بمكتب سموه في الإمارة وكيل الإمارة المساعد للحقوق الدكتور بداح بن خليف الشمري، وأعضاء اللجنة الرئيسة لمراقبة عقارات الدولة وإزالة التعديات بالمنطقة. واطلع سمو أمير المنطقة، خلال الاستقبال، على التقرير النصف سنوي للجنة لعام 1446هـ، الذي يتضمن جهود اللجنة وأهم إنجازاتها ودورها الفاعل في تعزيز الرقابة على عقارات وأراضي الدولة ومنع التعديات عليها، وما تم تنفيذه من جولات ضمن مهام عملها للتأكد من سير أعمال اللجان وفق قواعد مراقبة عقارات الدولة. ووجّه سمو أمير المنطقة، بمضاعفة الجهود التي تبذلها اللجنة للحفاظ على ممتلكات الدولة، مؤكدًا أهمية الاستمرار في أعمالهم في ظل اهتمام ودعم القيادة الرشيدة -أيدها الله- بكل ما يعود بالنفع والفائدة على الوطن والمواطن. من جهة اخرى استقبل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان, بمكتبه مدير عام فرع صندوق التنمية الزراعية بالمنطقة المهندس فواز زعقان, وعددًا من منسوبي الصندوق. واطّلع سموه خلال الاستقبال على التقرير السنوي الصادر عن الصندوق للعام الماضي 2024، وما قدمه خلال النصف الأول لهذا العام من قروض تنموية للمزارعين والصيادين وكبار المستثمرين في المنطقة، بهدف تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي من خلال تمويل الإنتاج المحلي واستغلال الميز النسبية لمنطقة جازان، بما يتوافق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030. وأشاد الأمير محمد بن عبدالعزيز بما يقدمه الفرع من جهود لدعم المزارعين والمستثمرين من خلال برامج الإقراض والتسويق الزراعي والتنمية الريفية، مؤكدًا أهمية تعزيز دور الصندوق.