logo
إطلالات على نفوسنا

إطلالات على نفوسنا

الوطن٢٤-٠٤-٢٠٢٥

يقول الدكتور عبدالرحمن السميط رحمه الله تعالى، وهو الذي أسّس قوامات العمل الخيري والإنساني بمعانيها السامية، وعاش ما يقارب ثلاثين عاماً في أفريقيا، وأسلم على يديه أكثر من عشرة ملايين إنسان: «لا نجاح أبداً بدون الفشل، النملة لا تستطيع أن تتسلق الحائط بدون أن تسقط أكثر من مرة، والطريق إلى النجاح دائماً يمر بمحطات من الفشل، ولا خير فيمن يستسلم من المعركة الأولى». هكذا عاش السميط أيامه الأولى في العمل الخيري والإنساني، وواجه العديد من التحديات والصعوبات والنقد اللاذع، ولكن الإيمان بالفكرة، وبمنهجية عطائه، واستثمار طاقته، وأهمية نشر دين الإسلام، ومساعدة الآخرين، والمشي في حاجتهم، جعله ذلك يجسّد عطاءه وهمّته وإيمانه بالفكرة والثبات على المبدأ، من خلال صبره على خطوات المسير، وأهمية أن ينسج أثر عطائه على الجميع، وأن يصنع من نفسه «نسخة جديدة» ومتجدّدة في حياة البشر من أجل أن يعرف كيف يتعامل مع الجميع، وكيف يختار الطريق السليم من أجل العطاء، ولا تتعطّل همّته في بعض المحطات الضعيفة. آمن بالفكرة ومضى وتحقّق ما كان يرجو، وترك أثراً خالداً، مشى على أثره أبناؤه ومحبوه، ومازالت فكرته تنبع بالخير في مساحات أفريقيا.
في كل يوم من أيام أعمارنا، ننسج نسخة جديدة من نفوسنا، ولعلها نسخة مؤثرة تتفاعل مع الحياة، ومع المجتمع، ومع المحيط الذي نعيش فيه، نسخة سببها رسائل ربانية تأتينا على حين غرّة، حتى نعرف الطريق الأمثل الذي نسير فيه لنسج خيوط النجاح، ونعرف المساحات التي يجب أن نهجرها من أجل ألا نُتعب ذواتنا، ونهجر الأساليب التي لم تعد مجدية في ظل ما كنّا نعتقده أنه الأمثل. نحتاج أن نكون النسخة الأجمل من ذواتنا، بعد أن نضع حدّاً لكثير من الترّهلات الحياتية، ولكثير من تلك التوقعات التي ذهبت مع أدراج الحياة، واعتقدنا حينها أنها «الصورة الأمثل» لما تمنيناه، ولكن آن الأوان لنكون «صورة جميلة» نتمنّاها لنفوسنا، ونستحق أن نكون هذه الصورة، ونعود بأنفسنا إلى قامة الخير التي ابتعدنا عنها لحظات من الزمن.
مهما سعى المرء لبناء نفسه، وتقوية جذور إيمانه، ومهما مرّ بمحطات الحياة الكثيرة، وتقدّم في العمر، فإنه يظلّ يُدرك يقيناً بأن الغاية الحقيقية من وجوده في هذه الحياة إنما هي عبادة الله تعالى وحده، والسعي لخلافته في الأرض، والتخطيط للخلود الأبدي في الفردوس الأعلى، فتراه يسمو بنفسه عن كل ما يبعده عن مسارات الإيمان، ويشغله عن الغاية الأسمى، ويبقى الإرث الحقيقي هو ما يقدّمه لدينه وإيمانه، وما يستشعره من جهود من أجل أن ينفع المجتمع الذي يعيش فيه، ووطنه الذي نشأ على ترابه، وأمته الإسلامية التي تمتد جذوره فيها، لكونه عضواً بارزاً في نهضة الأوطان، وتجمعه مع كل فرد مسلم أواصر المحبّة والأخوّة في الله تعالى: «إنما المؤمنون إخوة.» كلها شواهد للخير يسعى من أجلها، من أجل أن يترك «الأثر الإيجابي الجميل» الذي سيخلد في الأرض بعد أن يرحل من دنيا البشر.
كبرنا وكبرت أحلامنا، وتبنينا منهج الأثر والتغيير في الحياة، واعتبرناه هو أسلوب حياة، وقيادة للضمائر، ومعايشة للإنجاز. هو الأسلوب الذي نسعى من خلاله للتغيير، وقلب مفاهيم وعادات ذاتية مغلوطة وسادرة في التقصير. ولعلنا نكتشف في لحظة ما، أننا قد أسأنا استخدام البوصلة لخطوات معيّنة، وأهدرنا أوقاتاً كان يُفترض أن نقضيها في آثار أجمل. نعيش الأثر، وهو الأثر الذي نرجو أن يستمر مهما كبرنا وكبرت أحلامنا، وبقينا على ثوابتنا ومشينا على طريق التغيير، وأيقنا أنه «من استوى يوماه فهو مغبون» بأن نضع حداً للنفور النفسي والتصادم المشاعري، ونرجع بحكمتنا للوقوف على خطوات المسير التي يجب أن تُراجع، ويُراجع معها أسلوب الحياة الفعلي، حتى نستطيع أن «نتخلى» عن المشاعر السلبية، ونتخلى عن فكر نفسي مؤلم لازمنا لفترات، وآن أوان القضاء عليه، وحذفه من قاموس الأيام، والرجوع إلى «فضاء الإيمان الرحب»، ونعلّم نفوسنا أن المسلك الأهم يكمن في ترويض النفس وتجديد القرب من الله الكريم، الذي فتح أبوابه للطائعين، ونادانا لنكون من أهل السماء، وأهل الفراديس الخالدة.
في كتابه النفيس «لأنك الله» يقول الكاتب علي الفيفي: (تذكر: «ومن يتوكل على الله فهو حسبه» لن تحتاج أحداً أبداً إذا وثِقتَ به وتوكلت عليه، وجعلته هو المُعين لك في شؤونك. هو حسبك وكافيك ورادّ السوء عنك. أنت إن لم تُحطْك رعاية الله من كل جانب هلكت! الحياة مزرعة مليئة بالأمراض والأتعاب والأشباح والخطط والمؤامرات، وبدون رعاية الله ستبتلعك هذه الأفاعي!!).
ومضة أمل
هو الأهم عندما تحتاج النفس لترتاح من عناء الأيام، وتقضي لوحدها قرباً من المولى، تسأله الحاجات، وتسأله تفريج الهموم والكربات. تحتاجه النفس كل حين، لتكون مع الله، ومن أجل الله، إيماناً ويقيناً بأن الإنابة إليه، والرجوع إليه، يوماً ما، عندما تنتهي صفحة الحياة الدنيوية إلى الأبد.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بالمثال يتضح المقال
بالمثال يتضح المقال

الوطن

timeمنذ 2 ساعات

  • الوطن

بالمثال يتضح المقال

لو قيل لك أنك ستقيم عشر سنوات في بلد ثم تنتقل لبلد مجاور لتعيش فيه مائة سنة.. فماذا ستفعل؟! بالتأكيد ستوجه كل خططك وأفكارك وسعيك نحو البلد الآخر، ستعيش في الأول على الكفاف، وستستثمر للثاني، لأنه الأهم والأطول.. هكذا يقول المنطق! والأمر ذاته ينطبق على الحياة المؤقتة والحياة المؤبدة، فأيُ الخيارات يستحق الجهد؟! بالطبع ستختار الثاني! ولكن في حقيقة الأمر نحن نعيش مفارقةً عجيبة .. حالة من التناقض بين العقيدة والسلوك، نؤمن بأن لحظة توديع الدنيا تقترب ونراها تأخذ أعداداً ممن ساكنوننا ثم نغفل ونتناسى، ولا ينعكس ذلك الإيمان على سلوكنا، يشير القرآن إلى هذه المقارنة والمفارقة بين قرب الأجل مقابل استمرار الغفلة، يقول الله عز وجل «اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ». لماذا علينا إذاً أن نستحضر فكرة الموت؟ لماذا يجب أن تظل هذه الفكرة المرعبة مصاحبةً لنا في كل وقت؟ أليست فكرة محبطة؟! عندما ينتاب الإنسان ألم النفس يرى أنها نهاية الكون؛ تصبح مباهج الحياة في عينيه من الشنائع؛ حتى كأنه يستهجن راحة الآخرين! يجد أن عذاباته جديرة أن تخسف لها شمس أهل الأرض؛ كل شيء يبكيه ويعذبه، حتى نفوق حشرة داس عليها طفل دون إدراك كأنما داس على روحٍ بتفاهة روحه هو! وهكذا يبدو الأمر: كل شخص يرى نفسه بمنأى أن يموت، على الرغم من إيمانه التام بحتمية الموت! لا أحد يدري من أين تأتي الثقة لهذا الإنسان بأن الموت سيتخطاه لنواياه الطيبة بحياة طويلة من أجل تحقيق أحلامه المؤجلة!رسالة أخيرة سنكتب عن حياتنا اليومية التي تاهت فيها أنفسنا حين اختلط الليل بالنهار؛ عن واجباتنا التي خادعنا فيها أرواحنا حين تكتظ الأسواق والمساجد فارغة .. عن تدمير العادات والحياة الاجتماعية والأمن النفسي نحو الآخرين؛ عن تجنبنا الدائم لفكرة الموت، رغم يقيننا التام بأنّه الحقيقة المطلقة التي سنواجهها ذات يوم، والمصيبة الأعظم في حياة البشرية.عن العجز الذي ضرب الأقوياء قبل الضعفاء في فهم ماهية الموت وطريقه نحو العالم الآخر. سنكتب؛ للتذكير والتبليغ، بأن الحياة الأبدية هي الحياة التي تستحق كل هذا الجهد.

قرينة العاهل المعظم ترعى حفل تكريم الفائزات بجوائز مسابقة البحرين الكبرى لحفظ القرآن الكريم وتجويده
قرينة العاهل المعظم ترعى حفل تكريم الفائزات بجوائز مسابقة البحرين الكبرى لحفظ القرآن الكريم وتجويده

البلاد البحرينية

timeمنذ يوم واحد

  • البلاد البحرينية

قرينة العاهل المعظم ترعى حفل تكريم الفائزات بجوائز مسابقة البحرين الكبرى لحفظ القرآن الكريم وتجويده

برعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المعظم رئيسة المجلس الأعلى للمرأة حفظها الله، نظمت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف بالتعاون مع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية حفل تكريم الفائزين بجوائز مسابقة البحرين الكبرى التاسعة والعشرين لحفظ القرآن الكريم وتجويده بقاعة المحاضرات والندوات بمركز عيسى الثقافي. وحضر الاحتفال الشيخة مرام بنت عيسى آل خليفة، مدير عام مكتب صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة ملك مملكة البحرين المعظم، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، حيث تفضلت بتوزيع الشهادات والجوائز على الفائزات بحفظ القرآن الكريم وعددهن 87 متسابقة، بالإضافة إلى تكريم الفائزة بجائزة أكبر متسابقة، والفائزة بجائزة أصغر متسابقة، والفائزة بجائزة مزمار داوود، كما تم تكريم المركز الفائز بجائزة أفضل مركز تحفيظ، إلى جانب تكريم 8 من المنظمات و15 من عضوات لجان التحكيم. وقد شارك في المسابقة 4,242 متسابقًا من الجنسين، من بينهم 1,598 من الذكور و2,644 من الإناث، حيث توزعوا على مختلف مسابقات الجائزة، وهي مسابقة الحفظ لطلبة المراكز والحلقات القرآنية، ومسابقة "بيان" لطلبة المدارس، ومسابقة "أجران" لذوي الهمم، ومسابقة "غفران" لنزلاء دور الإصلاح والتأهيل، ومسابقة "رضوان" لعموم الجمهور، ومسابقة "سلمان الفارسي" للناطقين بغير اللغة العربية، إلى جانب مسابقة التلاوة وحسن الأداء، فضلًا عن الجوائز الفردية وهي جائزة أكبر متسابقة، وجائزة أصغر متسابقة، وجائزة "مزمار داوود"، وجائزة أفضل مركز قرآني مشارك. يُشار إلى أن جائزة البحرين الكبرى للقرآن الكريم أحد أبرز المسابقات على مستوى مملكة البحرين والمنطقة والتي تشجع على حفظ وحسن تلاوة القرآن الكريم وتسهم في الارتقاء بالنواحي الفكرية والتعليمية للحافظات عبر الانفتاح على تعاليم الإسلام وإرشاداته المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. ويُذكر أن جائزة البحرين الكبرى انطلقت في العام 1996 في عهد صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، وتحظى بشراكة مع وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف ووزارة الداخلية، ووزارة التنمية الاجتماعية، ووزارة التربية والتعليم، وتهدف الجائزة منذ انطلاقها إلى تبني حفظة القرآن الكريم المتميزين.

فتحية الكوهجي.. مسيرة مهنية في خدمة العمل الاجتماعي وتمكين المرأة
فتحية الكوهجي.. مسيرة مهنية في خدمة العمل الاجتماعي وتمكين المرأة

البلاد البحرينية

timeمنذ 3 أيام

  • البلاد البحرينية

فتحية الكوهجي.. مسيرة مهنية في خدمة العمل الاجتماعي وتمكين المرأة

أسرة محبة للعلم.. بداية مسار مليء بالشغف والمسؤولية التقاعد ليس نهاية الطريق، بل انطلاقة جديدة لطموحات لا يحدّها العمر 'الأسر المنتجة' نموذج فعّال لتعزيز الاقتصاد الأسري والصناعات الحرفية الجمعيات والعمل التطوعي ركيزة أساس في بناء مجتمع متكامل الشباب في قلب التنمية المستدامة استثمار في الحاضر ورسالة للمستقبل الصبر والاستمرارية قيمتان شكلتا مفتاح النجاح والمسيرة المؤثرة تزخر مملكة البحرين بشخصيات وطنية بارزة أسهمت في رسم ملامح الحاضر والمستقبل، وتركَت بصمات ملهمة تتناقلها الأجيال، بما قدمته من عطاءٍ متميز وحكمةٍ نابعة من الإيمان بالمسؤولية المجتمعية. ضيفتنا في هذا اللقاء هي واحدة من تلك الشخصيات الرائدة التي جمعت بين القيادة والرؤية، وبين الإبداع، والعمل الاجتماعي التطوعي، لتقدم نموذجًا مشرفًا للمرأة البحرينية، فتحية عبد الرزاق الكوهجي، رئيسة جمعية المرأة المعاصرة، التي تمكنت من خلال مسيرتها المهنية والاجتماعية الحافلة، وشغفها العميق بتحقيق التغيير، أن تكون قدوة في التميز والعطاء. في هذا اللقاء، تسلّط 'البلاد' الضوء على أبرز المحطات في مسيرة الكوهجي، وتفتح معها صفحات من تجربتها التي تؤمن فيها بأن الطموح، والإرادة، والعمل الجاد، هي مفاتيح تحقيق الإنجاز، وصناعة الأثر. تابعونا في هذه الرحلة المثرية، التي نستعرض فيها دروس النجاح من قلب تجربةٍ نسائية ملهمة، أبت أن تقف عند حدود، فاختارت أن تصنع الفارق. منذ سنواتها الأولى، أدركت فتحية عبد الرزاق الكوهجي أهمية التعليم والدعم الأسري في بناء الشخصية وصقل الطموح، فقد نشأت في أسرة تؤمن بأن العلم هو السبيل إلى التميز، إذ كان والداها – رحمهما الله – من عشاق المعرفة، وحرصًا على توفير بيئة تعليمية محفزة لأبنائهما، وهو ما انعكس على مسيرة جميع أفراد الأسرة الذين أصبحوا من حملة الشهادات الجامعية العليا. وفي هذا الشأن تستذكر الكوهجي تلك المرحلة بامتنان قائلة: 'والداي شجعانا على التعليم والتفوق، وحرصا على غرس حب العلم والمعرفة في نفوسنا'، وهي بذور نمت وتفتحت لاحقًا في مسيرة علمية ومجتمعية حافلة. فبعد إنهائها للمرحلة الثانوية، التحقت بجامعة الكويت لدراسة علم النفس والاجتماع، وهي الخطوة التي فتحت أمامها آفاقًا جديدة لفهم طبيعة الإنسان والمجتمع واحتياجاته، وتشكّلت معها ملامح طريقها المهني والاجتماعي، وتقول في هذا الجانب: 'في بداية طريقي الجامعي كنت محبة لعلم النفس، وفهم شخصيات الآخرين، ومد يد المساعدة لكل أفراد المجتمع'، وهذا الميل الإنساني المبكر لم يكن غريبًا على نشأتها، فهي ابنة أسرة عُرفت بحبها للعمل الخيري وخدمة المجتمع، حيث ترى أن العطاء والتطوع ليسا مجرد نشاط، بل أسلوب حياة ينبع من الإيمان بأهمية الإحساس بالآخر، والرضا النفسي والاجتماعي الناتج عن خدمة الناس. تؤمن الكوهجي بأن عمل الخير هو ركيزة أساس في حياة الأسرة، مؤكدة بالقول: 'نسعى دائمًا لدعم الأسر المحتاجة، فإسعاد الآخرين يمنحنا راحة نفسية لا تضاهى'. مسيرة حافلة بالعطاء بعد تخرّجها من الجامعة، خطت فتحية عبد الرزاق الكوهجي أولى خطواتها في ميدان العمل الاجتماعي، حيث بدأت مسيرتها المهنية كباحثة اجتماعية، وهي التجربة التي شكّلت ركيزة أساسية في بناء رؤيتها العميقة لمفهوم التنمية المجتمعية، وتصف الكوهجي هذه المرحلة بأنها 'فرصة ذهبية' أتاحت لها الاطلاع عن قرب على التحديات التي تواجه الأسر البحرينية، مؤكدة أن دورها لم يكن محصورًا في تقديم المساعدات المادية، بل تعداه إلى الإسهام في تعزيز مفاهيم التنمية المستدامة والبحث عن حلول جذرية للمشكلات المجتمعية. هذا الفهم العميق لطبيعة العمل الاجتماعي، وتجربتها الميدانية الواسعة، أسهما في ترسيخ مكانتها كإحدى القيادات النسائية البارزة في مجال العمل الخيري والاجتماعي بمملكة البحرين. وترى الكوهجي بأن العمل الاجتماعي ليس مجرد وظيفة، بل رسالة ومسؤولية وطنية وإنسانية تتطلب الالتزام والجدية، مشيرة إلى أن هذا المجال لطالما كان جزءًا لا يتجزأ من حياتها، ومصدر فخر شخصي، لما يتيحه من فرص حقيقية للمساهمة في تنمية المجتمع وتنفيذ مشروعات تنموية تخدم الوطن والمواطن. وعلى مدار مسيرتها العملية، تولّت فتحية عبد الرزاق الكوهجي إدارة عدد من المراكز الاجتماعية، حيث أظهرت قدرات قيادية عالية في تنفيذ مشروعات تنموية نوعية تركت أثرًا ملموسًا في المجتمع، ومن أبرز هذه المبادرات 'مشروع الأسر المنتجة بفروعه المختلفة'، إلى جانب برامج 'تمكين المرأة وتدريبها على مهن وحرف نافعة'، التي ساهمت في تحسين المستوى المعيشي للعديد من الأسر، وفتحت آفاقًا جديدة أمام النساء لاكتساب المهارات والاستقلال الاقتصادي. وتدرّجت الكوهجي في مناصبها حتى تولّت منصب مديرة إدارة الرعاية الاجتماعية، حيث أُنيط بها الإشراف على مراكز رعاية كبار المواطنين، بما في ذلك الأندية النهارية وغيرها من المرافق التي تقدم خدمات متخصصة لهذه الفئة، مما يعكس التزامها برعاية مختلف شرائح المجتمع. وفي موازاة ذلك، تواصل الكوهجي دورها القيادي كرئيسة لجمعية المرأة المعاصرة، حيث تؤمن بأهمية الدور الرائد الذي تضطلع به الجمعيات الأهلية في دعم خطط التنمية المستدامة، مؤكدة أن الشراكة بين القطاع الأهلي والحكومي باتت ضرورة لتحقيق أهداف التنمية وتلبية احتياجات المجتمع بشكل تكاملي وفعّال. التحدي محطة صقل التجربة وفيما يتعلق بالتحديات التي واجهت فتحية في بداياتها المهنية، فهي لم تكن تراها عوائق، بل فرص حقيقية للتعلم والنمو وتطوير الذات، فهي تؤمن بأن العمل الجماعي والتخطيط السليم يشكلان أساسًا لتجاوز الصعوبات وتحقيق الأهداف، لا سيما في بيئة العمل الاجتماعي التي تتطلب تضافر الجهود. وتؤكد الكوهجي أن الجمعيات النسائية والاجتماعية في البحرين استطاعت، عبر التعاون المثمر، أن تقدم نموذجًا مميزًا في العمل المشترك لخدمة قضايا المرأة والمجتمع، مشيرة إلى أن هذا التكاتف أثمر عن تنظيم فعاليات ومشاريع نوعية دعمت المرأة البحرينية وعزّزت من حضورها محليًّا ودوليًّا، وتقول في هذا السياق: 'نجحنا في تنظيم فعاليات ومشاريع مشتركة دعمت قضايا المرأة والمجتمع، وأسهمت في تعزيز مكانة المرأة البحرينية على المستوى المحلي والدولي'. 'تمكين البحرينية'.. قصة نجاح وطنية في هذا الجانب، أعربت فتحية الكوهجي عن فخرها واعتزازها بالإنجازات التي حققتها المرأة البحرينية بفضل دعم قيادة مملكة البحرين، والمجلس الأعلى للمرأة، موضحة بالقول: 'أن المجلس الأعلى للمرأة قدّم دفعًا قويًّا من خلال استراتيجيات واضحة لدعم المرأة البحرينية عبر مبادراته الهادفة واستراتيجياته البناءة، الأمر الذي رسخ مكانة المرأة البحرينية وجعلها قادرة على تحقيق المستحيل، سواء في حياتها العملية أو بعد التقاعد، فالعمر ليس عائقاً أمام الطموح، بل هو دافع لمزيد من العطاء، وعليه، فإن المرأة البحرينية استطاعت تبوء أعلى المناصب القيادية'. أكدت فتحية أهمية الانخراط في العمل التطوعي لجميع فئات المجتمع كوسيلة لاكتساب الخبرات وتنمية الذات، خاصة وأنها ترى العمل التطوعي هو فرصة لتطوير مهارات القيادة وبناء الذات، والشباب هم أساس بناء مستقبل مشرق لمجتمعاتنا. 'البحرينية' قصة متجددة عبّرت فتحية عبد الرزاق الكوهجي عن فخرها العميق بالإنجازات التي حققتها المرأة البحرينية، مؤكدة أن ما تحقق هو ثمرة دعم مستمر من قيادة مملكة البحرين، والمجلس الأعلى للمرأة، الذي لعب دورًا محوريًّا في تمكين المرأة من خلال تبني استراتيجيات واضحة ومبادرات هادفة. وأوضحت الكوهجي أن المجلس الأعلى للمرأة قدّم دفعة قوية للمرأة البحرينية، عبر برامج وخطط بناءة رسّخت مكانتها في مختلف المجالات، ووفّرت لها البيئة المناسبة للتميّز والإنجاز، وتقول: 'لقد ساعدت تلك المبادرات المرأة البحرينية على تجاوز التحديات وتحقيق المستحيل، سواء في مسيرتها العملية أو بعد التقاعد، فالعمر لم يكن يومًا عائقًا أمام الطموح، بل أصبح دافعًا لمزيد من العطاء'. وأشادت الكوهجي بما حققته المرأة البحرينية من حضور بارز في مواقع اتخاذ القرار، حيث تبوأت مناصب قيادية عليا، وأثبتت قدرتها على المساهمة الفاعلة في مسيرة التنمية الوطنية. أكدت الكوهجي في شأن متصل، أهمية العمل التطوعي كأحد المسارات الرئيسة لاكتساب الخبرات، وتنمية الذات، وتطوير المهارات القيادية، داعية إلى تعزيز ثقافة التطوع لدى جميع فئات المجتمع، مشددة على أن الشباب يشكلون الأساس المتين لبناء مستقبل مشرق، لا سيما وأن الاستثمار في طاقاتهم وتمكينهم من أدوات العمل المجتمعي هو خطوة أساسية نحو مجتمع أكثر وعيًا وتقدمًا. رسالة وطنية تؤمن فتحية عبد الرزاق الكوهجي أن العمل الاجتماعي التطوعي ليس نهاية الطموح، بل هو بوابة لمساهمة وطنية أشمل تخدم مختلف مجالات التنمية في البحرين، وتؤكد أن تطلعاتها تتجاوز حدود المبادرات الاجتماعية إلى الإسهام الفاعل في دعم البرامج والمشروعات الوطنية، مستفيدة من خبراتها التراكمية الواسعة التي اكتسبتها على مدار سنوات من العمل والعطاء. وتضيف الكوهجي: 'شغفي بالعمل واستمراريتي فيه لا يتوقفان عند حد معين، فالمسؤولية الوطنية رسالة يحملها كل بحريني وبحرينية، بهدف بناء مجتمع أكثر تطورًا وتماسكًا'. نموذج للريادة المجتمعية كلمات تختزل مسيرة عطاء، وتحمل في طياتها دعوة صادقة لمواصلة البناء والمساهمة في رفعة الوطن. فتحية عبد الرزاق الكوهجي، رئيسة جمعية المرأة المعاصرة، لا تُجسد صورة المرأة البحرينية المبدعة فحسب، بل تمثل كذلك مصدر إلهام حقيقيًّا لكل من يسعى إلى التميز والعطاء في خدمة المجتمع، فقد تركت بصمات واضحة وعميقة في ميادين العمل الاجتماعي والتطوعي، لتبقى سيرتها ومسيرتها شاهدتين على تجربة ثرية وملهمة، تُشكّل رافدًا معرفيًّا وإنسانيًّا للأجيال القادمة. تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الإلكترونية الربحية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الإشارة للمصدر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store