أحدث الأخبار مع #عبدالرحمنالسميط


الوطن
٢٤-٠٤-٢٠٢٥
- منوعات
- الوطن
إطلالات على نفوسنا
يقول الدكتور عبدالرحمن السميط رحمه الله تعالى، وهو الذي أسّس قوامات العمل الخيري والإنساني بمعانيها السامية، وعاش ما يقارب ثلاثين عاماً في أفريقيا، وأسلم على يديه أكثر من عشرة ملايين إنسان: «لا نجاح أبداً بدون الفشل، النملة لا تستطيع أن تتسلق الحائط بدون أن تسقط أكثر من مرة، والطريق إلى النجاح دائماً يمر بمحطات من الفشل، ولا خير فيمن يستسلم من المعركة الأولى». هكذا عاش السميط أيامه الأولى في العمل الخيري والإنساني، وواجه العديد من التحديات والصعوبات والنقد اللاذع، ولكن الإيمان بالفكرة، وبمنهجية عطائه، واستثمار طاقته، وأهمية نشر دين الإسلام، ومساعدة الآخرين، والمشي في حاجتهم، جعله ذلك يجسّد عطاءه وهمّته وإيمانه بالفكرة والثبات على المبدأ، من خلال صبره على خطوات المسير، وأهمية أن ينسج أثر عطائه على الجميع، وأن يصنع من نفسه «نسخة جديدة» ومتجدّدة في حياة البشر من أجل أن يعرف كيف يتعامل مع الجميع، وكيف يختار الطريق السليم من أجل العطاء، ولا تتعطّل همّته في بعض المحطات الضعيفة. آمن بالفكرة ومضى وتحقّق ما كان يرجو، وترك أثراً خالداً، مشى على أثره أبناؤه ومحبوه، ومازالت فكرته تنبع بالخير في مساحات أفريقيا. في كل يوم من أيام أعمارنا، ننسج نسخة جديدة من نفوسنا، ولعلها نسخة مؤثرة تتفاعل مع الحياة، ومع المجتمع، ومع المحيط الذي نعيش فيه، نسخة سببها رسائل ربانية تأتينا على حين غرّة، حتى نعرف الطريق الأمثل الذي نسير فيه لنسج خيوط النجاح، ونعرف المساحات التي يجب أن نهجرها من أجل ألا نُتعب ذواتنا، ونهجر الأساليب التي لم تعد مجدية في ظل ما كنّا نعتقده أنه الأمثل. نحتاج أن نكون النسخة الأجمل من ذواتنا، بعد أن نضع حدّاً لكثير من الترّهلات الحياتية، ولكثير من تلك التوقعات التي ذهبت مع أدراج الحياة، واعتقدنا حينها أنها «الصورة الأمثل» لما تمنيناه، ولكن آن الأوان لنكون «صورة جميلة» نتمنّاها لنفوسنا، ونستحق أن نكون هذه الصورة، ونعود بأنفسنا إلى قامة الخير التي ابتعدنا عنها لحظات من الزمن. مهما سعى المرء لبناء نفسه، وتقوية جذور إيمانه، ومهما مرّ بمحطات الحياة الكثيرة، وتقدّم في العمر، فإنه يظلّ يُدرك يقيناً بأن الغاية الحقيقية من وجوده في هذه الحياة إنما هي عبادة الله تعالى وحده، والسعي لخلافته في الأرض، والتخطيط للخلود الأبدي في الفردوس الأعلى، فتراه يسمو بنفسه عن كل ما يبعده عن مسارات الإيمان، ويشغله عن الغاية الأسمى، ويبقى الإرث الحقيقي هو ما يقدّمه لدينه وإيمانه، وما يستشعره من جهود من أجل أن ينفع المجتمع الذي يعيش فيه، ووطنه الذي نشأ على ترابه، وأمته الإسلامية التي تمتد جذوره فيها، لكونه عضواً بارزاً في نهضة الأوطان، وتجمعه مع كل فرد مسلم أواصر المحبّة والأخوّة في الله تعالى: «إنما المؤمنون إخوة.» كلها شواهد للخير يسعى من أجلها، من أجل أن يترك «الأثر الإيجابي الجميل» الذي سيخلد في الأرض بعد أن يرحل من دنيا البشر. كبرنا وكبرت أحلامنا، وتبنينا منهج الأثر والتغيير في الحياة، واعتبرناه هو أسلوب حياة، وقيادة للضمائر، ومعايشة للإنجاز. هو الأسلوب الذي نسعى من خلاله للتغيير، وقلب مفاهيم وعادات ذاتية مغلوطة وسادرة في التقصير. ولعلنا نكتشف في لحظة ما، أننا قد أسأنا استخدام البوصلة لخطوات معيّنة، وأهدرنا أوقاتاً كان يُفترض أن نقضيها في آثار أجمل. نعيش الأثر، وهو الأثر الذي نرجو أن يستمر مهما كبرنا وكبرت أحلامنا، وبقينا على ثوابتنا ومشينا على طريق التغيير، وأيقنا أنه «من استوى يوماه فهو مغبون» بأن نضع حداً للنفور النفسي والتصادم المشاعري، ونرجع بحكمتنا للوقوف على خطوات المسير التي يجب أن تُراجع، ويُراجع معها أسلوب الحياة الفعلي، حتى نستطيع أن «نتخلى» عن المشاعر السلبية، ونتخلى عن فكر نفسي مؤلم لازمنا لفترات، وآن أوان القضاء عليه، وحذفه من قاموس الأيام، والرجوع إلى «فضاء الإيمان الرحب»، ونعلّم نفوسنا أن المسلك الأهم يكمن في ترويض النفس وتجديد القرب من الله الكريم، الذي فتح أبوابه للطائعين، ونادانا لنكون من أهل السماء، وأهل الفراديس الخالدة. في كتابه النفيس «لأنك الله» يقول الكاتب علي الفيفي: (تذكر: «ومن يتوكل على الله فهو حسبه» لن تحتاج أحداً أبداً إذا وثِقتَ به وتوكلت عليه، وجعلته هو المُعين لك في شؤونك. هو حسبك وكافيك ورادّ السوء عنك. أنت إن لم تُحطْك رعاية الله من كل جانب هلكت! الحياة مزرعة مليئة بالأمراض والأتعاب والأشباح والخطط والمؤامرات، وبدون رعاية الله ستبتلعك هذه الأفاعي!!). ومضة أمل هو الأهم عندما تحتاج النفس لترتاح من عناء الأيام، وتقضي لوحدها قرباً من المولى، تسأله الحاجات، وتسأله تفريج الهموم والكربات. تحتاجه النفس كل حين، لتكون مع الله، ومن أجل الله، إيماناً ويقيناً بأن الإنابة إليه، والرجوع إليه، يوماً ما، عندما تنتهي صفحة الحياة الدنيوية إلى الأبد.


الوطن
٠٦-٠٢-٢٠٢٥
- منوعات
- الوطن
رسائل ومقتطفات
* عندما نتحدث عن "الإخلاص" في العمل و"صدق النوايا"، فإننا نتحدث عن "البركة" التي يجنيها المرء إن أحسن صنعه في الحياة كلها، وإن أخلص نواياه في عمل الخير. فالبركة تحل على صاحبها إن استطاع أن يجعل كل حركاته وسكناته لله عز وجل وحده، يبتغي رضاه، ويسير في قوافل الخير كلما سنحت له الفرصة. كثيراً ما نغفل في أعمالنا عن "الاحتساب" و"الإحسان"، في حين يجعلها البعض في صدارة أولوياته، بل يكتبها ضمن رؤيته، فيحتسب كل عمل من أعمال حياته لله عز وجل وحده، ويُحسن في أدائه حتى يرتقي إلى منازل العبودية والقرب من الله سبحانه وتعالى. فالإحسان الذي تتشوق إليه هذه الفئة هو بلوغ المعنى السامي: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك". اللهم اجعلنا منهم، يا رب. * المطلع على أعمال بعض الجمعيات الخيرية المتميزة في العمل الإنساني، ومنها على سبيل المثال لا الحصر "جمعية العون المباشر" بدولة الكويت الشقيقة، يلحظ روح التعاون بين العاملين، و"الإحسان" المتجسد في أعمالهم، مما أسهم في توسيع أنشطتهم في أفريقيا، لبركة وأثر مؤسسها الشيخ الدكتور عبدالرحمن السميط رحمه الله وتقبل منه ما قدم. فقد اعتبروا أن كل مدرس وعامل في مختلف الدول، يمثل رسالة الجمعية وسمعتها ورؤيتها. كما أن ثقة الناس في مشروعات هذه الجمعية مكّنتها من تنفيذ مبادرات تنموية تترك وراءها "أثراً مستداماً". من الجميل أن تكون لديك بيئة عمل مُحفزة على الخير في العمل الإنساني، والأجمل أن يجتمع كل العاملين على هدف مشترك يسعون لتحقيقه، فيترك كل فرد منهم أثراً في صاحبه، ويعينه على استكمال مسيرته في إنجاز المشروعات الخيرية. * رسالتي للقلوب التي لم تستوعب بعد حجم أدوارها في الحياة، ولم تسعَ لتحقيق إنجازات ذات أثر، ولم تنجب أفكاراً خيرية تزيد من الأجور الخالدة: لا تستسلموا للكسل، ولا تركنوا للراحة، ولا تكونوا عبئاً على الآخرين في تحمل سقطاتكم وأخطائكم، بل سارعوا لنفض غبار العجز، وانهضوا لميدان الخير. أنتم وحدكم من يستطيع رسم مكانته، وحجز مقعده في مساحات الخير. رسالتي التي أوجهها لنفسي أولاً: الحياة تمضي سريعاً، والقطار لا ينتظر من لم يجهز نفسه للركوب قبل انطلاقه. احجزوا المقاعد الأمامية التي تتيح لكم الاستمتاع بالمناظر الخلابة، وكونوا الصورة المثلى التي تحلمون بها. صورة لا تهتز مع صخب الحياة، ولا تتبدل مع تقلبات الدهر، ولا تتأثر بسموم البشر وطبائعهم المزرية، بل تتلألأ ملامحها على جدران القلوب، فتجذب الآخرين إليها، وتظل محبة خالدة لا تتزعزع، وإن تباعدت الأجساد. * عندما أتحدث إلى صديقي الجالس على "كرسي العطاء"، وأتأمل ملامح وجهه، وأسمع طيب كلامه، وألتقي به بعد انقطاع، وأحس بدفء احتضانه وحرارة سلامه، أتأمل حالي، وأشكر نعمة "الصحة والعافية"، وأندهش من صموده كالجبال في محطات العطاء. مازال طموحاً، يرنو ببصره إلى مستقبل مشرق، ويسعى للارتقاء بإنجازاته السابقة. يحب أن يعطي، ويجعل من قصته الملهمة نموذجاً في الخير والعطاء والنجاح والصبر والكفاح، ليتعلم منها الشباب، فلا يكونون في عداد الموتى وهم أحياء يُرزقون، ولا يعيشون في شتات من أمرهم، أو مجرد أسماء داخل جدران بيوتهم بلا أثر يُذكر. صديقي المقعد عرفته منذ فترة وجيزة، لكن "المحبة" التي جمعتنا جعلتنا وكأننا تعارفنا منذ سنوات. أخجل من أن أسميه "مُقعداً"، فهو أكبر من ذلك، إنه صفحة مضيئة من العطاء والمجد والإشراق في الحياة، ومدرّب في مدرسة القيم، وصانع سعادة في هذا الكون. خرج من تحت الركام ليقول للعالم: "الحياة جميلة"، نجملها بأيدينا، بقناعتنا، بحبنا للخير، بكفاحنا وصمودنا، وبصبرنا على الابتلاءات. القوة الحقيقية يبنيها المرء بقربه من الله، وهكذا سار صاحبي، وهكذا أدرك معنى الحياة، وهكذا أحبه الناس، وقدم العطاء لمن حوله. لم يقل يوماً إنه عاجز عن اللحاق بركب الناجحين، بل مضى بأسلوبه المتميز، وانتصر على عجز قدميه، واستثمر قصته ليجعلها فصلاً من فصول الأثر الجميل في حياة الآخرين. سر يا صاحبي كما عهدتك، بإرادتك وعزيمتك. ومضة أمل اللهم أسعدنا بالقرب منك، ولا تؤاخذنا بتقصيرنا، وتقبل منا إحساننا وعملنا، وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.