
الأسد وجنبلاط وجهاً لوجه… جدال ومواجهة (5-6)
المقدمة: وثائق سرية سورية عن الدخول إلى لبنان واغتيال كمال جنبلاط
الحلقة الأولى: الأسد "يستجوب" جنبلاط عن خصومه في لبنان... ويرفض عودة "البعثيين" إلى سوريا
الحلقة الثانية: ما بعد عين الرمانة... لبنان على شفا الحرب الأهلية
الحلقة الثالثة: من "السبت الأسود" إلى الدامور: حوار وسط المجازر
الحلقة الرابعة: الأسد وجنبلاط... اللقاء الأخير الفاصل
نستكمل هنا ما جرى في الاجتماع الأخير بين الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم "الحركة الوطنية" اللبنانية و"الحزب التقدمي الاشتراكي" كمال جنبلاط أثناء الحرب الأهلية اللبنانية من حيث انتهينا. حيث عاد حافظ الأسد بعد خروجه من الاجتماع مع كمال جنبلاط لإجراء محادثة هاتفية، خلال اللقاء الأخير بينهما في 27 مارس/آذار 1976.
استأذن الوفد المرافق لجنبلاط بالخروج، ليبدأ اجتماع مغلق بين الأسد وجنبلاط. شهد هذا اللقاء الفصل الأخير في العلاقة بين الرجلين، حيث احتدم الجدل وبرز التباين بين رؤيتين مختلفتين تماما. وكانت هذه هي المرة الأولى والأخيرة التي اجتمع فيها الأسد وجنبلاط وجها لوجه دون حضور أي طرف آخر، ولا حتى كاتب المحضر. كان اللقاء مسجلا وقد تم تفريغه وحفظه لاحقا.
صراحة وشكوى
بدأ جنبلاط بشرح وجهة نظره، ملقيا باللوم على الموارنة الذين، بحسب تعبيره، لا يريدون تغيير النظام حفاظا على مصالحهم. واتهم إسرائيل والمخابرات الأميركية بتحريكهم، ورأى أن التدخل العسكري الحاسم من قبل "الحركة الوطنية" كان سيُنهي الصراع سريعا: "لو تلقّوا ضربة قوية في اليوم الأول أو الثالث، لكُنّا انتهينا منهم خلال شهر، قبل أن يتمكنوا من جلب كل تلك الأسلحة التي جلبوها". وانتقد الوساطة السورية، وخصوصا دور وزير الخارجية عبد الحليم خدام في نقطة فصل النيابة عن الوزارة، قائلا: "في هذه النقطة أضع اللوم على الأخ عبد الحليم لأنه كان يأتي ويضغط على (الحركة الوطنية) ويترك أولئك (الكتائب). لماذا يكون الإنسان قويا فقط على أخيه؟ هذا غير معقول". أصرّ جنبلاط على ضرورة "دحر (الكتائب) والتخلص من المؤسسة الصهيونية–الكتائبية"، فحذّر الأسد من أن "استمرار القتال سيخلق عداء وتزداد الأحقاد. الفظائع وقعت من الطرفين، لكن جرائم "الكتائب" كانت غير مقبولة، وهم سبقوا الآخرين في ارتكابها".
اتهم جنبلاط سوريا بتجاهل "الحركة الوطنية" والعمل على إرضاء اليمين اللبناني، معتبرا أن "الحركة الوطنية" كانت الأقرب للتفاهم مع دمشق لولا "مزاجية عبد الحليم خدام". واعترف جنبلاط بخطئه في عدم زيارة سوريا حينها، وشرح كيف تحولت النقاط الخمس إلى سبع عشرة نقطة، مفنّدا اعتراضاته عليها. كما انتقد دور خدام في إيصال رسائل توحي بتدخل سوريا في تشكيل حكومة رشيد كرامي، متسائلا: "لماذا تتدخّل سوريا في قضية تافهة مثل تشكيل الحكومة؟".
اشتكى جنبلاط من أن حركة "فتح" تحد من توريد الأسلحة للحركة الوطنية، معتقدا أن سوريا تقف وراء ذلك. نفى الأسد أي علاقة له بهذا الأمر
اشتكى جنبلاط من أن الوسطاء السوريين "أقرب للكتائب ولشخصيات مسيحية... أقرب لهؤلاء مما هم قريبون لنا"! وأبدى تذمّره من تعامل بعض أجهزة المخابرات السورية مع (الحركة الوطنية)، مشيرا إلى وجود سوء فهم وتشويه للمواقف: "في الحزب هنا، علاقتنا معهم طيبة، ولكنها ليست هي العلاقة التي تربطنا بشخصك، وهذه أقولها بصراحة"!
بدوره، أكّد الأسد أن الأمر يتعلق بكيفية نقل المعلومات وليس بموقف رسمي. وحاول الأسد تهدئة جنبلاط قائلا: "أنا أعتقد أن الموضوع ليس موضوع حساسية، بل هو موضوع كيف تُنقل المعلومات". وأوضح أنه لم يوصِ بشيء ضد "الحركة الوطنية" أو ضد جنبلاط شخصيا: "(الحركة الوطنية) أنا لا أخاف منها، ولا توجد أية توصيات ضدها، ومن جانبك أنت تحديدا لم يكن هناك تحفظات ولم أوصهم بأي شيء".
الحكومة والسلاح
انتقل النقاش إلى قضية السلاح، حيث اشتكى جنبلاط من أن حركة "فتح" تحد من توريد الأسلحة للحركة الوطنية، معتقدا أن سوريا تقف وراء ذلك. نفى الأسد أي علاقة له بهذا الأمر، فاستطرد جنبلاط في شرح كيف حجزت منظمة "الصاعقة" شحنات أسلحة وتأخرت في الإفراج عنها رغم دفع ثمنها. "كل هذه الملابسات التي أتحدث عنها كونت لدينا فكرة أن السوريين يريدون فرض رأيهم علينا! والسوريون لم يعودوا ليتعاطوا مع (الحركة الوطنية)! بتنا نشعر أن السوريين يريدون وضعنا خارج المعادلة". تطور النقاش إلى جدال حول الطرف المسؤول عن بدء الصراع، وأصرّ جنبلاط على أن الحل يكمن في "كسر شوكة (الكتائب) لكي يرتاح لبنان وترتاح سوريا. لا يوجد شيء أهم من الانتصار الساحق العسكري". وهنا استشهد بتجربة حزب "البعث" في سوريا، ليرد الأسد بأن انتصار البعثيين كان "على الحكم وليس على فئة".
توقّع الأسد إرسال قوات دولية، فيما رأى جنبلاط إمكان استخدام الفيتو السوفياتي والصيني. سأله الأسد: "هل ستحاربون كل دول العالم؟". فرد جنبلاط: "نعم، سنحارب"
ثم تحول النقاش إلى إمكانية بناء دولة اشتراكية كاملة في لبنان، ورأى الأسد "مخاطر كبيرة في ذلك" بينما أصر جنبلاط على إمكانية تحقيقه "على الطريقة اللبنانية". أكد الأسد أن "تغيير رئيس الجمهورية وإقرار قوانين جديدة أمر يسير، لكن إقامة نظام اشتراكي كامل أمر غير معقول". طلب منه التفكير في "نظام اشتراكي في لبنان أو الوقوف في منتصف الطريق". وعندما سأله الأسد عن معنى عبارة "منتصف الطريق" أجابه جنبلاط: "يعني انتخاب رئيس جمهورية نتفق عليه بشرط أن يقبل العلمنة وإلغاء الطائفية السياسية، وأنا أقنع المسلمين بذلك". فأجاب الأسد بأنه مع نظام اشتراكي كامل، "لكن هذا الأمر مرهون برغبة (الحركة الوطنية)".
ناقش الطرفان استراتيجية التعامل مع الكتائب، فأصر جنبلاط على أن "الرحمة لا تنفع معهم". أجابه الأسد: "هؤلاء مسيحيون قبل أن يكونوا جيشا، وإذا قهرت (الكتائب) يعني أنك قهرت المسيحيين في لبنان". حاول جنبلاط المراوغة للحصول على موافقة على ما أسماه "سحق محدود". لكن الأسد ظل رافضا. عاد جنبلاط لوصف فظائع "الكتائب"، لكن الأسد رفض منطق الانتقام بقوله": "وهل تريد تقليد هذا النهج؟". دافع جنبلاط عن موقفه قائلا: "لا بد لكل فريق متعصب وفاشيستي من هذا النوع أن يتلقى الضربة القاضية، وإلا لن يتعلم. كيف تريد أن نعيش نحن وإيّاهم إذا لم نؤدبهم؟". رد الأسد: "لقد مشينا معكم كما تريدون لمدة 11 شهرا، لستم أنتم من مشى معنا. حسب معلوماتي، لا أحد متحمس للقتال غير الأستاذ كمال جنبلاط". تجاهل جنبلاط كلام الأسد وطلب سلاحا محجوزا لدى سوريا، ليرد الأسد متهكما: "كي تذبحوا أكثر؟ استمرار القتال يعني التقسيم بالتأكيد، لأنه لا حل آخر".
تساءل الأسد عن موقف جنبلاط إذا تدخّلت إسرائيل، مطالبا: "لا تدعوا مصالحنا تتعارض مع مصالحكم". رد جنبلاط بأنه لا يرى مبررا لتدخل إسرائيل، ولو كانت ستتدخّل لكانت فعلت عند دخول الجيش السوري في ديسمبر/كانون الأول 1975. اعتبر أن الأوروبيين يحاولون منع سيطرة سوريا على لبنان، ليرد الأسد: "على العكس، هم يطلبون منا ذلك. نحن ندخل لتثبيت الأمن ونخرج".
الأسد لجنبلاط: من غير المعقول أن تنتظروا منا أن نكون معكم دون نقاش، هذا غير معقول. نحن لم نفرض عليكم رأيا ولم تفرضوا علينا أنتم أيضا
توقّع الأسد إرسال قوات دولية، فيما رأى جنبلاط إمكان استخدام الفيتو السوفياتي والصيني. سأله الأسد: "هل ستحاربون كل دول العالم؟". فرد جنبلاط: "نعم، سنحارب". عاد جنبلاط للجدل: "ألا تريدوننا أن نأخذ حقوقنا؟ منذ 140 عاما ونحن نتحمّل ضغطهم وظلمهم (المسيحيين)، ألا نستطيع أخذ حقوقنا من خلال معركتين أو ثلاث؟". ردّ الأسد: "أخذ الحقوق لا يتم بالقتل، وطرح هذا الكلام يعني أنك ستخسر العالم كله. مشكلة لبنان الآن قوانين تحتاج إلى تطوير ورئيس جامد، لكن عندما تطرح أنك مظلوم من 140 عاما وستردّ الظلم بهذا الشكل، فهذا منطق لا يقبله عقل ولن يكون العالم معه".
الهواجس الطائفية
عاد جنبلاط للحديث عن القيود الطائفية في النظام السياسي اللبناني، واصفا الواقع بأنه "تمييز عنصري، حيث إن قائد الجيش يجب أن يكون مارونيا. ردّ الأسد موضحا: "ألغينا هذا الشيء في الوثيقة الدستورية وبقي موضوع رئيس الجمهورية. من غير المعقول أن تنتظروا منا أن نكون معكم دون نقاش، هذا غير معقول. نحن لم نفرض عليكم رأيا ولم تفرضوا علينا أنتم أيضا، لكننا ناضلنا معكم من أجل مطالبكم لمدة 11 شهرا، ونعتقد أن الأمور وصلت إلى ذروتها. الحل مطلوب ونعتقد أنكم لستم على صواب بالاستمرار في القتال". عاد جنبلاط إلى تكرار موقفه قائلا: "لقد مشينا معكم وعلى رأيكم ولم نكن مقتنعين بالحوار، ولا بحكومة توازن وطني، ولا بألف شيء آخر. وحتى الآن نحن غير مقتنعين". وهنا سأله الأسد: "إذن أنتم لستم مع وقف إطلاق النار؟". رد جنبلاط:
"لا، ليس الآن، نحن مع وقف إطلاق النار بعد أن نسيطر على الكحّالة. إذا قبلنا بوقف إطلاق النار قبل أن نصل إلى هناك، لن تبقى حركة وطنية في لبنان. ضع المسألة على ظهري أنا، فأنا لن أظهر كعنصري. أنا ذاهب لأنهي الثلاث أو أربع قرى مسيحيّة وننتهي من هذا الأمر".
نوّه الأسد إلى ما قاله بابا الفاتيكان عبر الإعلام عندما نادى بحماية المسيحيين في لبنان، محذرا من تسويق القضية كصراع بين المسلمين والمسيحيين، وهو ما تريده إسرائيل
أجابه الأسد: "من غير المعقول أن ألتقي أنا وإيّاك ويستمر القتال". رد جنبلاط: "أنا لم آتِ هنا لأجل هذا الشيء. سوف يقول الناس: تدخّل الأسد ليمنع انكسار (الكتائب). سيروا برغبتنا هذه المرة". رد الأسد: "لكن الوضع الآن مأزوم كثيرا". فأجابه جنبلاط: "إذن، من الأفضل أن أذهب إلى البيت، وأعلن للناس أنني ذهبت إلى الرئيس الأسد ووجدته مصرا على وقف إطلاق النار".. ليقاطعه الأسد منفعلا: "هل تظن أن الموضوع عشق بيني وبين (الكتائب)؟ لو أنّ هناك فقط ألفي كتائبي يجب أن نكسبهم. لا أحد قادر على أن يفرز (الكتائب) عن قسم واسع من جمهور المسيحيين". أكد جنبلاط قدرة "الحركة الوطنية" على التمييز بين المسيحيين و"الكتائب": "نحن قادرون أن نفرزهم".
اعتبر الأسد أن سكوت سوريا عن عدم إيقاف القتال يعني أنها ستؤلب الرأي العام العالمي ضدها، ونتيجة ذلك دخول القوات الدولية إلى لبنان. فاجأه جواب جنبلاط: "أنا أفضّل أن تدخل القوات الدولية إلى لبنان على أن لا نتمكن من أن نفتح طريقنا إلى الكحالة". انتفض الأسد قائلا: "لن نلتقي معكم إلى الأبد إذا سرتم في هذا الطريق. لن نلتقي معكم لأن هذا الخطأ لا يمكن أن نقع فيه. صدقا وشرفا، أنا سأفعل كل ما أستطيع أن أفعله ضدكم لأنني أعتبر هذا الأمر مؤامرة على سوريا أولا، على سوريا! العالم كله يعرف أننا موجودون في لبنان وأننا قمنا بمبادرة، وتأتون أنتم وتقفون ضد هذه المبادرة بهذا الشكل؟ أنا أريدك لأجل أن نتفق على وقف إطلاق النار. انتصرتم في عشرة معارك، ونحن لو أردنا منع تطوير هذه المعارك، لفعلنا".
انفجار اللحظة الأخيرة
بذل جنبلاط كل ما في وسعه لإقناع الأسد باستمرار العمل العسكري وكسر "الكتائب"، بينما ظلّ الأسد يحاول إقناعه بضرورة وقف القتال. راح جنبلاط يشير إلى تحوّل المشاعر لدى المسلمين في لبنان في حال تدخّل سوريا لوقف القتال، فأكد الأسد استعداده لتحمّل المسؤولية قائلا: "حتى لو صارت مشاعرهم ضدنا لا مشكلة". طالب جنبلاط: "دعونا نستعِدْ كرامتنا حتى لا يبقى "الكتائب" يقتلون سوريين وعربا وغيرهم". وعرّج إلى سوريين قتلوا على الهويّة من قبل "الكتائب"... "منذ قيامته، قام لبنان على نظرية لا غالب ولا مغلوب، ولهذا لم يصبح وطنا واحدا". فعارضه الأسد: "على العكس، لبنان كان قائما على أساس غالب ومغلوب، أما نحن الآن فنقول لا غالب ولا مغلوب".
نوّه الأسد إلى ما قاله بابا الفاتيكان عبر الإعلام عندما نادى بحماية المسيحيين في لبنان، محذرا من تسويق القضية كصراع بين المسلمين والمسيحيين، وهو ما تريده إسرائيل. رد جنبلاط بأنه لم يألُ جهدا في توضيح قضيته، حيث قال إنها قضية اجتماعية ومطالبة بالعلمانية ورفع ظلم سياسي، فردّ الأسد: "إذا كان بيار الجميل قد قال إنه مع العلمانية، واتفقنا مع فرنجيّة على الاستقالة، ماذا سنقول للعالم؟". ليجيب جنبلاط: "تتوسطون وتدعونهم يوقعون على إلغاء الطائفية، وعلى العلمانية". انتفض الأسد مجددا قائلا إن الوثيقة الدستورية لم يجفّ حبرها بعد، وتم التوصل إليها نتيجة القتال، فماذا بعد؟
الأسد لجنبلاط: نحن لم نفعل شيئا إلا بالاتفاق مع "الحركة الوطنية"، ولو استلمت "الحركة الوطنية" الحكم في لبنان، نستطيع أن نرمي الحمل على لبنان أكثر، لأنه سيصبح دولة مواجهة حقيقية"
وصل الحوار إلى حائط مسدود، فقال جنبلاط إنه لا يستطيع فعل شيء يعاكس ضميره. وقال للأسد: "نحن نعتز بصداقتك". فردّ الأسد: "هذا الأمر يتعلّق بكرامتنا، فافعلوا ما ترونه مناسبا، لكن يبدو أن مصالحنا متعارضة". رد جنبلاط: "وما لي ومصالحكم؟". أجابه الأسد: "أعتقد أنك تسير ضد مصالحك، أو يبدو أن فهمنا للمصالح مختلف ومتعارض. في الحقيقة عندنا حاليا حوالي 70-80 ضابطا في لبنان، هل أرسلناهم ليكونوا متفرجين؟". وتابع الأسد: "الآن بعد لقائي وإياك، كما أعتقد، إما أن تكملوا حتى النهاية أو المفترض، وهكذا أتصور، أن تتوقفوا". ردد جنبلاط للمرة الثالثة: "أنا لم آتِ لنبحث هذه الأشياء". ردّ الأسد: "وماذا تتوقع أن نبحث إذن؟". قال جنبلاط إنه جاء ليرى كيفية تطوير النظام السياسي في لبنان ليصبح تقدميا، وإن كان بالإمكان الاستمرار بنفس النهج، واستطرد قائلا: "أنا لا أريد أن أصل إلى قريتي فقط، أريد أن أكمل كل الطريق". عبّر الأسد عن تعجّبه من عدم قدرته على إقناع جنبلاط و"الحركة الوطنية" بالعدول عن خطتهم، وبعد تذكيره بالدعم السياسي الذي قدمته سوريا تساءل الأسد: "ماذا تريدون أكثر؟ أخ كمال، نحن لم نفعل شيئا إلا بالاتفاق مع (الحركة الوطنية)، ولو استلمت (الحركة الوطنية) الحكم في لبنان، نستطيع أن نرمي الحمل على لبنان أكثر، لأنه سيصبح دولة مواجهة حقيقية".
الفشل في الإقناع والانفصال الهادئ
سأل جنبلاط سؤالا مباشرا: "هل تريدون أن تنكسر (الكتائب) أم لا؟ كمبدأ، كفكرة؟". أجابه الأسد: "رأينا أنها كُسرت كحزب". عاد جنبلاط لاشتراط إكمال بعض المعارك الصغيرة في منطقة الكحّالة بهدف فكّ الحصار عن بعض الموالين للحركة الوطنية وتحقيق هدف سياسي، فقال له الأسد إن الحصار يمكن أن يُفكّ من خلال اتصال هاتفي ووساطة، وأنه مضطر لإبلاغ جهات عديدة بنتائج مبادرته لوقف إطلاق النار. لكن جنبلاط عاد ليشكّك في قدرة سوريا على ذلك، قائلا: "لن يردّوا على طلبكم". أكمل في طرح الأمثلة عن ذبح المسلمين وجرائم "الكتائب"، ليقول في النهاية: "المسلمون في لبنان تهمهم كرامتهم". فرد عليه الأسد متهكّما: "هكذا يبدو وكأنك أنت مسلم وأنا لا أعرف من أين! لا أعتقد أنك مسلم أكثر مني".
أُدخلت في نهاية الاجتماع ورقة إلى الأسد، فقرأها: "اتصل البطرك خريش بوزير الخارجية، وقال إنهم اجتمعوا وأكدوا على وجوب استمرار الوساطة السورية. وفي حال فشل الوساطة فإنهم يخافون من حرب أهلية، وسيقومون بالحفاظ على سلامة لبنان بكافّة الوسائل". استنتج الأسد من كلمة "الحفاظ على سلامة لبنان" بأن المسيحيين سيقاتلون، لا سيما أن الاجتماع، بحسب برقيّة البطرك، تم بحضور الرئيس فرنجيّة. التفت إلى جنبلاط وسأله: "أخ كمال، ما الذي يستحق استمرار القتال؟ لا أجد أن هناك شيئا يستحق. في أي مرتبة من الصداقة تضعوننا؟ وأي صداقة هذه إذا كانت نظرتكم لسوريا هكذا؟".
قاطع جنبلاط الأسد بشكل يوحي برغبته في إنهاء اللقاء، فسأله الأسد: "أفهم أنكم تصرون على مواصلة القتال؟". أجاب جنبلاط بأنه سيمضي لتحرير القرى المحاصرة، فعاد الأسد لإقناعه للمرة الأخيرة بإمكانية الحل عبر السياسة والوساطة، فأجاب جنبلاط أنه لو اضطر لوقف القتال "سوف أُفهم الناس أنني لن أعمل بالسياسة في لبنان بعد الآن". ليردّ عليه الأسد: "لا تستطيع إلا أن تعمل بالسياسة". طلب جنبلاط في محاولة أخيرة: "دعونا نقصف قصفا بسيطا حتى لا يرفع رأسه (بيار جميّل)". لكن الأسد أجابه بشكل حاسم: "أستاذ كمال، الآن بعد أن اجتمعت أنا وإياك، صار للأمر معنى آخر". فرد جنبلاط للمرة الرابعة: "أنا لم آتِ لأنكم طرحتم قضية وقف إطلاق النار، بل لأضعكم في صورة الوضع في لبنان لا أكثر. وسنرى كيف يمكن أن تستمر الوساطة السورية". ختم الأسد قائلا لجنبلاط: "سيأتي إليك زهير محسن، التقِ به وتناقشا. أهلا وسهلا بك، أرجو أن تريح أعصابك قليلا".
قاطع جنبلاط الأسد بشكل يوحي برغبته في إنهاء اللقاء، فسأله الأسد: "أفهم أنكم تصرون على مواصلة القتال؟". أجاب جنبلاط بأنه سيمضي لتحرير القرى المحاصرة، فعاد الأسد لإقناعه للمرة الأخيرة بإمكانية الحل عبر السياسة والوساطة، فأجاب جنبلاط أنه لو اضطر لوقف القتال "سوف أُفهم الناس أنني لن أعمل بالسياسة في لبنان بعد الآن". ليردّ عليه الأسد: "لا تستطيع إلا أن تعمل بالسياسة". طلب جنبلاط في محاولة أخيرة: "دعونا نقصف قصفا بسيطا حتى لا يرفع رأسه (بيار جميّل)". لكن الأسد أجابه بشكل حاسم: "أستاذ كمال، الآن بعد أن اجتمعت أنا وإياك، صار للأمر معنى آخر". فرد جنبلاط للمرة الرابعة: "أنا لم آتِ لأنكم طرحتم قضية وقف إطلاق النار، بل لأضعكم في صورة الوضع في لبنان لا أكثر. وسنرى كيف يمكن أن تستمر الوساطة السورية". ختم الأسد قائلا لجنبلاط: "سيأتي إليك زهير محسن، التقِ به وتناقشا. أهلا وسهلا بك، أرجو أن تريح أعصابك قليلا".
الحلقة القادمة والأخيرة: الأسد وجنبلاط... قطيعة وغضب
*هذا المحتوى من مجلة "المجلة"
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
مازن الناطور في مواجهة الأسئلة الكبرى حول نقابة الفنانين السوريين
شكل مجلس الشعب الجديد في سوريا وآلية انتخابه - بودكاست بتوقيت دمشق بالتزامن مع المرحلة المفصلية والتاريخية التي تمر فيها سوريا، والمساعي الحثيثة لبناء دولة ديمقراطية تختلف تماماً كما كان في أيام حكم النظام السابق، نستضيف في هذه الحلقة من بودكاست #بتوقيت_دمشق رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب محمد طه الأحمد، ليجيب عن كل الأسئلة التي يطرحها السوريون حول المجلس القادم، ونبحث معه في شكل المجلس الجديد ومهامه، وآلية الترشح والانتخاب والفرز، إلى جانب توزيع المقاعد على كل المحافظات وحصة المرأة، بالإضافة إلى آلية اختيار رئيس الدولة لثلث أعضاء المجلس دقيقة منذ 3 أيام تفاصيل جديدة حول تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق وتداعياته في هذه الحلقة الخاصة من بودكاست #بتوقيت_دمشق نسلط الضوء أكثر على تفجير كنيسة مار إلياس في العاصمة السورية وتداعياته عبر استضافة رعاة الكنيسة، الذين أكدوا أن المسيحيين في سوريا ليسوا أقلية أو ضيوفاً، مطالبين الحكومة بوضع ملف الأمن كأولوية، كما تحدثوا عن قصص إنسانية حدثت أثناء التفجير وبعده خصوصاً مساعدة الكثير من المسلمين لهم، وهو ما يؤكد اللحمة والتعاضد داخل المجتمع السوري على حد وصفهم. دقيقة 13 يوليو ,2025 سوريا: خمسة إخوة في سجن واحد | بودكاست بتوقيت دمشق مع حسين الشيخ حلقات السجون لم تنته.. نستضيف في هذه الحلقة من بودكاست #بتوقيت_دمشق ياسر الملحم الذي أكمل رحلة والده في مواجهة النظام خلف اسم وهمي، لتبدأ حياته في سجون حافظ الأسد عام 1987 بعد كمين أعدّه النظام له ثم تنقل بين سجون الأسد من فرع فلسطين إلى سجن صيدنايا وغيرهما، وتنتقلت معه آلام التعذيب والإهمال والتجويع والتحقيق المهين بأسئلة تقوده إلى حماية زوجته من الابتزاز المتكرر لأهالي المساجين.. خمسة أخوة جمعهم نظام الأسد تحت سقف الجحيم، يواجه الواحد منهم مصير الآخر من العنف الجسدي والنفسي، ويكمل ضيفنا ذكرياته مع نضال أبيه ضد نظام حافظ الأسد والنوايا لقطع نسل هذه العائلة التي هددت بقاء النظام، وبعد سنوات الظلام والحرمان يعيش ضيفنا ليلة الإفراج بمشاهدة ابنه بعمر 14 عاما الذي سمع خبر ولادته وهو خلف أبواب السجن.


الشرق السعودية
منذ 2 ساعات
- الشرق السعودية
إسرائيل تعيد فريق مفاوضات غزة لبحث رد "حماس" على مقترح وقف إطلاق النار
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، أنه قرر استدعاء فريق المفاوضين الإسرائيليين من الدوحة لإجراء مزيد من المشاورات، وذلك بعد تقديم "حماس" رداً جديداً على مقترح لوقف إطلاق النار في غزة، فيما قال مصدر في الحركة، إنه لا تزال هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق لكن الأمر سيستغرق "بضعة أيام" بسبب ما وصفه بـ"المماطلة الإسرائيلية". وجاءت هذه الخطوة بالتزامن مع وصول المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إلى إيطاليا لإجراء محادثات بشأن غزة مع مسؤولين قطريين وإسرائيليين. ووفقاً لموقع "أكسيوس" الأميركي، يأمل ويتكوف لاحقاً السفر إلى العاصمة القطرية الدوحة لإتمام اتفاق على وقف إطلاق نار لمدة 60 يوماً هذا الأسبوع. وقال مسؤول إسرائيلي للموقع، إن "قرار استدعاء المفاوضين جاء بهدف تحريك المفاوضات، وممارسة ضغوط إضافية على حماس للقبول بالمقترح، الذي يتضمن أيضاً إطلاق سراح 10 محتجزين أحياء و18 جثة". وذكر المسؤول أن "المحادثات لم تنهر"، لكنه أشار إلى أنه "من غير الواضح ما إذا كان هذا القرار سيؤدي إلى توقف المفاوضات"، كما قال مصدر إسرائيلي مطلع على الملف لشبكة CNN الأميركية، إن "قرار إسرائيل لا يُعد مؤشراً على وجود أزمة في المحادثات". وأشار المصدر، إلى أن "الفريق التفاوضي استُدعي من الدوحة لأن هناك قرارات تتعلق بسير المفاوضات لا يمكن اتخاذها عن بُعد"، فيما صرّح مسؤول آخر مطلع على سير المحادثات للشبكة، بأن "رد حماس كان إيجابياً". وزعم مسؤول إسرائيلي كبير ومصدر مطلع على التفاصيل في تصريحات لـ"أكسيوس"، أن وفد "حماس" طالب بزيادة عدد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم مقابل إطلاق سراح المحتجزين. وزعم "أكسيوس"، أن الوسطاء القطريون طلبوا من "حماس" عدم إعادة فتح هذا الملف، لكن الحركة فعلت ذلك، ما أثار غضب المسؤولين الإسرائيليين. وجاء في بيان صادر عن مكتب نتنياهو: "في ضوء رد حماس على المقترح، تقرر استدعاء طاقم التفاوض لمزيد من المشاورات في إسرائيل". وأضاف البيان: "نقدر جهود الوسطاء، قطر ومصر، وكذلك جهود المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف لتحقيق اختراق في المحادثات". "فجوات كبيرة" وقدم الوسطاء القطريون والمصريون مقترحاً محدثاً إلى كل من إسرائيل و"حماس" قبل أسبوع. ووافقت إسرائيل عليه لكن "حماس" تأخرت في الرد الذي أرسلته، الثلاثاء الماضي، لكن الوسطاء المصريين والقطريين اعتبروا أنه غير كافٍ، ورفضوا نقله إلى الجانب الإسرائيلي، وفقاً 3 مصادر مطلعة مباشرة على الملف. وصباح الخميس، قدمت "حماس" رداً جديداً وأكثر تفصيلاً، وقال مسؤولون إسرائيليون، إنه كان أفضل من الرد السابق، لكنه لا يزال يُظهر "فجوات كبيرة" بين الطرفين، لا سيما في قضية المحتجزين، بحسب "أكسيوس". وطالبت "حماس" بأن تُفرج إسرائيل عن 200 أسير فلسطيني محكوم عليهم بالسجن مدى الحياة بتهمة قتل إسرائيليين، بدلاً من 125 فقط كما جاء في المقترح. كما طالبت بالإفراج عن ألفي معتقل فلسطيني من غزة بعد هجوم 7 أكتوبر 2023، بدلاً من الرقم المقترح البالغ 1200. ورداً على ذلك، أبلغ مسؤولون إسرائيليون رفيعون المبعوث الأميركي، أن مطالب الحركة "غير مقبولة"، بحسب مصدر مطلع على سير المفاوضات. واعتبر المصدر، أن "هذا يُعد الموقف الأولي لحماس في التفاوض، وليس موقفها النهائي". "مماطلة إسرائيلية" وذكر قيادي في "حماس" لـ"رويترز"، أنه "لا تزال هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة لكن الأمر سيستغرق بضعة أيام"، بسبب ما وصفه بـ"المماطلة الإسرائيلية". وأضاف أن "رد حماس تضمن طلب بند يمنع إسرائيل من استئناف الحرب إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال فترة وقف إطلاق النار البالغة 60 يوماً". يواجه الجانبان ضغوطاً هائلة في الداخل والخارج للتوصل إلى اتفاق، مع تدهور الأوضاع الإنسانية داخل غزة بشدة، وسط تفشي الجوع الحاد في القطاع الفلسطيني ما أثار صدمة العالم. ونقلت وسائل إعلام محلية عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله، إن "إسرائيل بوسعها التعامل مع النص الجديد". ومع ذلك، قالت القناة 12 الإسرائيلية، إن التوصل إلى اتفاق سريع ليس في المتناول، مع وجود فجوات بين الجانبين، منها ما يتعلق بالأماكن التي سينسحب إليها الجيش الإسرائيلي خلال أي هدنة. وقال مسؤول فلسطيني مطلع على المحادثات لـ"رويترز"، إن موقف حماس الأحدث "مرن وإيجابي، ويأخذ في الاعتبار المعاناة المتصاعدة في غزة وضرورة إنهاء المجاعة".


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
الأمم المتحدة تحذّر من تفاقم الأزمة المستمرة في لبنان نتيجة الحرب
حذّرت الأمم المتحدة من «تفاقم الأزمة المستمرة في لبنان الذي يعاني أصلاً آثار الحرب وأزمات أخرى»، داعية إلى «تحرّك عاجل ومنسّق لإطلاق جهود التعافي فيه»، في وقت تستمر فيه الانتهاكات الإسرائيلية في جنوب لبنان، حيث سُجّل، الخميس، توغل من الجيش الإسرائيلي، واستهدفت غارات عدداً من البلدات. وسُجل، صباح الخميس، توغّل داخل الأراضي اللبنانية في بلدة حولا، حيث تم اختراق الحدود بمسافة تقدّر بنحو 800 متر، وخلال العملية نفّذت القوة الإسرائيلية تفجيراً أدى إلى تدمير غرفة تستعمل للمواشي قبالة موقع العباد، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام». كما نفذت مسيّرة إسرائيلية غارة بصاروخ موجه على منطقة حرجية في أطراف بلدة بيت ليف في قضاء بنت جبيل مما أدى إلى اشتعال حريق كبير في المنطقة، لتعود بعدها وتطلق صاروخاً ثانياً بعد نصف ساعة تقريباً من الاستهداف الأول، وذلك لمنع فرق الإطفاء من السيطرة على النيران، وفق «الوطنية». وأطلقت أيضاً القوات الإسرائيلية في تلة الحمامص الرصاص باتجاه محيط رعاة الماشية في منطقة العمرة - الوزاني، ومن ثم قنابل فوق عين عرب والوزاني. حرائق في بيت ليف نتيجة الغارات الإسرائيلية (الوكالة الوطنية للإعلام) وبعد الظهر، نفذت مسيّرة إسرائيلية غارة على سيارة نقل صغيرة في بلدة عيتا الشعب، ما أدى إلى مقتل سائقها. في غضون ذلك، قال الجيش اللبناني إن «وحدة عسكرية مختصة عثرت على جهاز تجسس مموه ومزود بآلة تصوير كان قد وضعه العدو الإسرائيلي في مزرعة بسطرة - حاصبيا، كما عملت الوحدة على تفكيكه». ودعا بيان صادر عن قيادة الجيش المواطنين إلى الابتعاد عن الأجسام المشبوهة وعدم لمسها، والتبليغ عنها لدى أقرب مركز عسكري، حفاظاً على سلامتهم. ومع استمرار تداعيات الحرب الإسرائيلية على لبنان دعت الأمم المتحدة إلى «تحرّك عاجل ومنسّق لإطلاق جهود التعافي في لبنان»، محذّرة من «تفاقم الأزمة المستمرة في بلد يعاني أصلاً آثار الحرب وأزمات أخرى». جاء ذلك في تقرير جديد بعنوان: «الآثار الاجتماعية والاقتصادية لحرب 2024 على لبنان» الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، بالتعاون مع منظمة «اليونيسيف»، ومنظمة العمل الدولية، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية. وسلّط التقرير الضوء على الآثار المدمّرة للحرب الإسرائيلية، لافتاً إلى أن النزاع تسبب بتهجير أكثر من 1.2 مليون شخص، وتعرّض نحو 64 ألف مبنى للدمار أو الضرر، وتوقّف التعليم لمئات الآلاف من الطلاب. وكانت المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، التي تشكّل 90 في المائة من الاقتصاد اللبناني، من بين الأكثر تضرراً، وفي المناطق الأكثر تضرراً من القصف، أُجبر 70 في المائة من المؤسسات على الإغلاق التام. من هنا، يلفت التقرير إلى أن الأثر الاقتصادي كان عميقاً، إذ انكمش الاقتصاد اللبناني بنسبة 38 في المائة بين عامي 2019 و2024. ويوصي التقرير بإعطاء الأولوية لقطاعات حيوية قادرة على الدفع بعجلة النمو، أبرزها الزراعة والبناء والسياحة والصناعة. في هذا السياق، أكدت الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان بليرتا أليكو أن «لبنان عند مفترق طرق. وقد أُعدّ هذا التقييم لدعم الحكومة اللبنانية في تحديد الأولويات وصياغة خطة تعافٍ وطنية. ولكي تكون هذه العملية مستدامة وشاملة، لا بدّ لمؤسسات الدولة أن تكون قوية ومجهزة لتقديم الخدمات». وشدّد التقرير على أن «مسار التعافي في لبنان يستوجب تحرّكاً عاجلاً ومنسّقاً بين الحكومة، والجهات المانحة، ووكالات الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية». وأكد أن تلبية حجم الحاجات تتطلب تمويلاً كبيراً من مصادر مختلفة، تشمل الموارد المحلية، واستثمارات القطاع الخاص، والمساعدات الإنمائية الدولية، والاستثمار الأجنبي المباشر، مشيراً إلى أنه «من دون تدخل فوري، سيستغرق الانتعاش الاقتصادي وقتاً أطول، وسيتفاقم الفقر، وتضعف المؤسسات الحكومية أكثر، ما سيهدد الاستقرار الاجتماعي في البلاد».