logo
دوافع انتاج مسرحية صاروخ العابد

دوافع انتاج مسرحية صاروخ العابد

موقع كتابات٢٦-٠٧-٢٠٢٥
في محاولة شخصية مني لتثقيف الأجيال الجديدة، جعلت من صفحتي على 'فيسبوك' منبرًا لنشر فضائح حكم الطاغية صدام. لذلك، تجد في صفحتي منشورات يومية عن فضائح الطاغية صدام. ومع استمرار النشر حول أكاذيب وفضائح حكم صدام في العراق، أجد 'البعض' يجادل ويرفض الحقائق المدعمة بوثائق تثبت سفاهة صدام، بل وسقوطه في بئر العمالة للأجنبي.
ومن هذه الخرافات البعثية التي جادلني بعض الإخوة فيها ورفضوا رواية غير الرواية التي يروِّج لها نظام صدام، باعتبارها الحقيقة المطلقة، هي خرافة صاروخ العابد. مع أن بعضهم أكاديميون متنورون، وبعضهم عانوا من حكم صدام وذاقوا مرارة الظلم والجوع والرعب.
لذلك، قررت أن أكتب سلسلة مقالات عن فترة حكم صدام والخرافات التي لا يزال البعض يؤمن بها. واليوم خصصتها لخرافة صاروخ العابد.
· المسرحية من البداية
في عام 1989، أعلن نظام الطاغية صدام عن إطلاق صاروخ أُطلق عليه اسم 'العابد'. كان وزن صاروخ العابد 48 طنًا، ويصل ارتفاعه إلى 17 مترًا، وكان يُفترض أن يكون قادرًا على إيصال أقمار صناعية تصل أوزانها إلى 300 كيلوجرام إلى المدار, وزعَم النظام أن هذا هو أول صاروخ عراقي وعربي يصل إلى الفضاء، وقد أثار هذا الإعلان ضجة كبيرة في الأوساط الإعلامية والسياسية العالمية التي كانت داعمة لنظام صدام خلال عقد الثمانينيات، لكن سرعان ما تكشفت الحقائق التي أكدت أن 'صاروخ العابد' لم يكن سوى خدعة دعائية كبرى من نظام صدام.
في يوم 5 كانون الأول من عام 1989، تم إطلاق صاروخ 'العابد' من 'قاعدة الأنبار الفضائية'، التي تبعد 230 كيلومترًا جنوب غرب بغداد، وذلك كخطوة تمهيدية لإرسال قمر صناعي إلى المدار. وعلى الرغم من أن هذا الصاروخ مصمم ليطير على ثلاث مراحل، إلا أن المرحلتين الثانية والثالثة في تلك التجربة كانتا عبارة عن نموذجين فولاذيين.
معلومات تحدثت في ذلك الوقت عن أن بغداد كانت في البداية مسرورة للتعاون مع عدة دول في مجال بناء الصواريخ وإطلاق الأقمار الصناعية، لكنها اعتمدت لاحقًا على مشروع خاص بخبرات عراقية وعربية، وبمشاركة بعض المتخصصين الأجانب الشهيرين، على رأسهم المهندس الكندي جيرالد بول، الذي يُرجح أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الموساد كان وراء اغتياله في بروكسل عام 1990.
بعض التقارير تنسب الفضل في إنجاز صاروخ 'العابد' العراقي لهذا المهندس الكندي، ويُزعم أنه قام بصنع هذا الصاروخ الفضائي العراقي من خلال دمج خمسة صواريخ سكود سوفيتية.
في كانون الأول من عام 1989، أعلن حسين كامل وزير التصنيع العسكري، نجاح العراق في إطلاق صاروخ العابد, ووصف الأخير بأنه بعيد المدى، عابر للقارات، ذو ثلاث مراحل، ويصل إلى إسرائيل إن شاء الله، وحتى قلب أوروبا، حسب تلك الادعاءات.
عرض التلفزيون العراقي ذلك الصاروخ ووصّفه بالنجاح، لكن العجيب أن جميع وكالات الأنباء العالمية والدول العظمى أبدت تصديقها لكل تلك الادعاءات، ولم يتشكك أحد في احتمال أن تكون التجربة في الحقيقة فاشلة! وكان هذا التصديق نابعًا من دعم الغرب لنظام صدام خلال عقد الثمانينيات.
لكن الملفت أن 'فيديو الإطلاق' كان قصيرًا جدًا! يقتصر على الثواني السبعة الأولى فقط، حيث يعيد التلفزيون العراقي تلك الثواني للمشاهد مرارًا وتكرارًا.
وهنا نتساءل: لماذا لا يعرضون أكثر من ذلك؟ يا تُرى ماذا حدث في الثانية الثامنة؟ ولماذا لم يُتبع المصور التلفزيوني الصاروخ بالكاميرا خلال تلك اللحظة؟ فكلنا على اطلاع وقد شاهدنا أفلام إطلاق صواريخ لوكالة ناسا الأمريكية تتبع الصاروخ حتى يختفي عن الأنظار وعن الكاميرا، ثم يُظهر انفصال مراحل الصاروخ واحدة تلو الأخرى. وتستغرق تلك الأفلام عادة دقائق، وليس ثواني… لكن التلفزيون العراقي كان يعيد باستمرار الثواني السبعة الأولى فقط.
والجواب الأكيد هو أن شيئًا خطيرًا وجسيماً ومحرجًا حدث بعد الثانية السابعة، ويتمثل في انفجار العابد.
خبراء الفضاء والمحللون العسكريون شككوا بسرعة في صحة تلك الادعاءات، حيث تشير التقارير اللاحقة، وبعد سقوط النظام، إلى أن ما تم عرضه كان في الغالب مجرد صاروخ معدل من نوع سكود، أو هيكل لصاروخ بدون قدرات فضائية حقيقية، أُطلق على ارتفاع منخفض، ولم يصل أبدًا إلى الفضاء.
لا توجد أي سجلات دولية أو بيانات مستقلة تؤكد وصول صاروخ عراقي إلى المدار في تلك الفترة.
· تكهنات ومبالغات
لم يكن العراق يمتلك في نهاية الثمانينيات قدرات تصنيع صواريخ معدة لحمل الأقمار الصناعية، وربما كان هناك مشروع طموح في هذا الخصوص، لكنه لم يتجاوز مرحلة التخطيط والتجارب الأولية.
ولا يوجد دليل على نجاح تلك التجربة سوى فيلم استمر لسنوات يصور عملية إطلاق صاروخ تم عرضه على تلفزيون العراق، لكن السبب الحقيقي لمسرحية صاروخ العابد هو صدام الذي كان مهووسًا بتضخيم القدرات العسكرية التي يملكها لغرض تهديد الاخرين.
ومن الملاحظ أن هناك خلطًا واضحًا في الحديث عن هذا الصاروخ، فمرة يُوصف بأنه صاروخ حربي مداه 2000 كم، ومرة يُوصف بأنه أول صاروخ عربي يدشن غزو الفضاء. علمًا أن الصواريخ المخصصة لحمل الأقمار الصناعية لا تُقاس بمدى الصاروخ مثل الصواريخ الحربية؛ فهذه مقارنة غير صحيحة، وهذا الخلط دليلاً على أن المسرحية كانت مدبرة.
· الهدف من الكذبة
لم يكن الهدف من وراء 'كذبة صاروخ العابد' علميًا أو فضائيًا بأي شكل من الأشكال، بل كان يخدم عدة أهداف سياسية ودعائية رئيسية لنظام صدام. ويمكن الإشارة إلى أهم دوافع الكذبة الصدامية:
أولًا: سعى صدام إلى تقديم نفسه كقائد قادر على تحقيق إنجازات تكنولوجية وعسكرية كبرى، مما يعزز شرعيته ويوحد الجبهة الداخلية في وجه التحديات الإقليمية والدولية. ولهذا جاء هذا الإنجاز المزعوم يهدف إلى بث روح الفخر الوطني والشعور بالقوة بين العراقيين، وحقيقته خرافة من نسج صدام.
ثانيًا: في سياق ما بعد حرب الخليج الأولى (الحرب العراقية الإيرانية)، كان نظام صدام يسعى لإظهار قدراته العسكرية والتكنولوجية المتقدمة لردع خصومه الإقليميين، وربما لإرسال رسالة إلى القوى الغربية بأنه قوي، وأن لديه من القدرة ما يخدمهم في أي مشروع عسكري غربي للمنطقة. وكان امتلاك القدرة على إطلاق الصواريخ إلى الفضاء يوحي بامتلاك تكنولوجيا متطورة يمكن تحويلها إلى أغراض عسكرية.
ثالثًا: ربما كان الإعلان عن 'صاروخ العابد' بمثابة ستار دخاني لإخفاء طبيعة وحجم البرامج السرية لتطوير الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، خاصة بعد كارثة حلبجة. فمن خلال التركيز على 'الإنجازات الفضائية'، يمكن صرف الانتباه عن الأنشطة الحقيقية والمثيرة للقلق في مجال التسلح.
رابعًا: قد يكون الهدف أيضًا إغراء بعض الدول أو الشركات لتقديم الدعم المالي أو التكنولوجي للعراق، بحجة تطوير برنامجه الفضائي السلمي، بينما الهدف الحقيقي كان الحصول على مكونات وتقنيات يمكن استخدامها في البرامج العسكرية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

'أنا يوسف يا أبي'…!خالد عطية
'أنا يوسف يا أبي'…!خالد عطية

ساحة التحرير

timeمنذ 44 دقائق

  • ساحة التحرير

'أنا يوسف يا أبي'…!خالد عطية

'أنا يوسف يا أبي'…! خالد عطية وأنا من رام الله أصرخ باسم من لا يُسمع، وأكتب باسم من لا يُكتب لهم إلا قوائم الشهداء. في العاشر من أيام الجوع، لم نعد نحفظ أسماء الجوعى في غزة فقط، بل صار لرام الله أيضًا أسماء تحفر في الذاكرة الفلسطينية معنىً آخر للتضامن: أحمد، ربى، عمر، نبيل، جميلة، هناء، عصام، نجمة… ثمانية أجساد تُذيبها الإرادة، لا لتموت، بل لتقول: غزة ليست وحدها. ثمانية ليسوا مجرد مضربين عن الطعام، بل حُراس المعنى في زمن انهارت فيه المفاهيم. في مدينة حاصرتها السلطة بالعتمة والتنسيق الأمني والبيانات الخشبية، يخرج صوتٌ نحيل، هشّ، لكنه صلب كجدار مخيم بلا أبواب… يخرج ليقول: 'نحن هنا، وهذا هو شعبنا… شعب لا يتضامن بالشعارات، بل يقدّم الجسد كمنبر، والألم كبيان سياسي.' ثمانية يواجهون القصف بالتجويع الذاتي، كي لا يُقال لاحقًا إن الضفة صمتت، أو إن رام الله ماتت سياسيًا. هؤلاء ليسوا نشطاء، ولا رموز نخبويّة، بل بسطاء، مؤمنون أن فلسطين لا تُقسم بين مقاوم وجائع، ولا بين سلطة ومحاصَر، بل تُوحّدهم الدمعة الواحدة، والرغيف المفقود، وصوت الطفل في غزة يقول لأبيه: أنا يوسف يا أبي، وقد أكَلني الذئبُ في صمت القبيلة. أولئك الثمانية ليسوا فقط ضد الإبادة. هم ضد النسيان. ضد أن تتحوّل غزة إلى عنوان يُقال ثم يُطوى، إلى صورة تُنشر ثم تُنسى، إلى خريطة تُختصر بخط حدود ومؤتمر دولي. هم ضد الدولة التي تُبنى بشرط أن تكون بلا سلاح، بلا مقاومة، بلا كرامة، بل بشرط أن تكون دولة تابعة، تُصفّق للمحتل حين يمنحها 'الاعتراف' على جثث أطفالها. في وجوههم، وجه خيمة الاعتصام أمام مقر الصليب الأحمر . وفي أجسادهم، وجع الطفلة التي ماتت على بوابة الشفاء تنتظر كيس دقيق. وفي أصواتهم، نداء من بقي في المخيمات، من شُرِّد في اللجوء، من مات في البحر، من كُبّل في سجنٍ بلا تهمة. هم الصرخة التي لم تُنقل على الهواء، لكنّها تصدح فينا جميعًا. وما فعلوه ليس 'احتجاجًا' فقط، بل وثيقة. وثيقة تقول إن شعبنا لا يُختصر في بيانات السلطة، ولا يُمثله من يسير في مؤتمرات الاستسلام حاملًا ملف 'دولة بلا سيادة'. وثيقة تقول إننا هنا نُضرب عن الطعام، لأنهم في غزة يُضربون بالصواريخ… وإن الجوع في رام الله، حين يكون خيارًا نضاليًا، أكرم من الشبع في ظل سلطة تُنكر المقاومة، وتخجل من السلاح، وتعتذر عن دم الشهيد. هذا الإضراب ليس رمزيًا فقط… إنه رمحٌ صغير في خاصرة الصمت، وخنجر في وجه الخضوع، وهو فعلٌ سياسي أبلغ من كل خطابات العواصم ومؤتمرات التطبيع. نكتب عنهم لأنهم لا يصمتون، بل يصرخون. • يصرخون باسم أمٍّ تبحث عن حليب لطفلها في خان يونس. • يصرخون باسم مُسنّ يسير سبعة كيلومترات على عكازه ليصل نقطة توزيع مساعدات لا تصله. • يصرخون باسم الشهداء الذين لم يُدفنوا، باسم الأحلام التي احترقت مع البيوت، باسم الكتب التي لم تُقرأ لأن مدارس غزة صارت أطلالًا. هؤلاء الثمانية في رام الله، لم يعلنوا فقط الإضراب عن الطعام… بل أعلنوا استمرار الكرامة الفلسطينية. أمام تواطؤ دولي، وهرولة نحو تصفية المشروع الوطني، يخرج منهم صوت يشبه صرخة يوسف: 'أين القبيلة؟ لماذا أنتم صامتون؟' لكنهم لا ينتظرون الجواب، لأنهم هم الجواب . هم الذاكرة في وجه النسيان، والإنسان في زمنٍ باتت فيه الإنسانية ترفًا لا يُتاح إلا لمن يوقّع اتفاقًا مع القاتل. من رام الله إلى غزة… الصوت لا يُحاصَر. من أجسادهم المُضربة… يولد الصوت الحر من رحم الجوع، لا ليقول 'كفى'، بل ليقول 'ما زلنا نقاتل حتى في صمتنا'. ‎2025-‎08-‎04

ياسر نعمة النقابي الصلب والعروبي الاصيل!معن بشور
ياسر نعمة النقابي الصلب والعروبي الاصيل!معن بشور

ساحة التحرير

timeمنذ ساعة واحدة

  • ساحة التحرير

ياسر نعمة النقابي الصلب والعروبي الاصيل!معن بشور

ياسر نعمة النقابي الصلب والعروبي الاصيل! معن بشور لم يكن ياسر نعمة نقابيا شجاعا في زمن كانت الحركة النقابية في لبنان تلعب دورا محوريا في حياتنا الوطنية فحسب.. ولم يكن فقط ابن صور الابية رفيق المناضل الكبير المرحوم محمد الزيات في حركة القوميين العرب في اوج المد القومي في اواخر خمسينيات القرن الماضي ..حتى باتت اليوم احد قلاع المقاومة في جنوب لبنان… ولم يكن مديرا عاما لمجلة الحرية في ستينات القرن الماضي حين لعبت المجلة وكان على رأسها القائدان البارزان الراحلان القائد الوطني الكبير محسن ابراهيم والكاتب المرموق محمد كشلي… ليسهم فيما بعد في تأسيس جريدة 'السفير' مع الاستاذ الكبير والصحافي المميز المرحوم الاستاذ طلال سلمان متوليا ادارتها لتصبح واحدة من اهم الصحف العربية. ولم يكن مجرد زميل لنا في 'اللقاء اللبناني الوحدوي' الذي كان يرأسه المفكر الكبير منح الصلح ويضم نخبة من المثقفين والمناضلين من كل لبنان ومن اجل كل لبنان.. ولم يكن اول المتجاوبين مع فكرة تاسيس المنتدى القومي العربي عام 1992 بهدف انشاء اطار للتفاعل الفكري والثقافي والسياسي يتجاوز العصبيات الطائفية والمذهببة التي تحاول تمزيق البلاد وكان على رأسه امثال الدكاترة الراحلين محمد المجذوب وصلاح الدباغ ونشأت الخطيب (اطال الله في عمرها فقط ) بل كان بالاضافة الى ذلك كله المحب المعطاء اللبق، الصلب في قناعاته، العنيد في الحق، المسؤول في قراراته، القائد في العديد من التحركات المطلبية والوطنية والقومية. كانت ابتسامات ابي عمار التي لم تغب عن وجهه المشرق احد اسلحته الساحرة في اختراق القلوب …كما لم يغب عن حديثه الرصانة الهادئة التي تجعل الجالسين معه يحرصون على الانصات اليه رغم انه يحب الاستماع اكثر مما يحب الكلام رحمه الله والعزاء لاهله ومحبيه الكثر 2-8-2025

من رام الله إلى غزة: حماية الفعل التحرري وصوت لا يُجَيَّر ولا يُسكَت!انية ملحيس
من رام الله إلى غزة: حماية الفعل التحرري وصوت لا يُجَيَّر ولا يُسكَت!انية ملحيس

ساحة التحرير

timeمنذ 5 ساعات

  • ساحة التحرير

من رام الله إلى غزة: حماية الفعل التحرري وصوت لا يُجَيَّر ولا يُسكَت!انية ملحيس

من رام الله إلى غزة: حماية الفعل التحرري وصوت لا يُجَيَّر ولا يُسكَت! غانية ملحيس تلقيت عددا من التعليقات الخاصة على المقال الأخير: 'من رام الله… صوت غزة لا يُحاصَر'، ووجدت أن من الضروري نقل هذه الملاحظات إلى الحيز العام، لأهميتها في تبديد الغموض والتأويلات التي قد تقوض الفعل النضالي، والتعاطف الوطني معه، ولضمان أن يظل النقاش في الفضاء العام نزيها وواضحا، دون إسقاطات أو تسطيح. أشارت بعض الملاحظات إلى الاشتباه في سعي البعض لربط التحرك بأسماء كيانات سياسية بعينها، بدلا من تقديم الإضراب كفعل نضالي خالص موجه نحو غزة والمحرقة المستمرة فيها. وبصفتي كاتبة المقال الذي تناول الإضراب وتضمن أسماء المضربين، الذين بلغني بداية أنهم ثلاثة، ثم ثمانية، فقد أوردت الأسماء، كما وردتني، دون ترتيب على مستوى المبادرة والتنظيم، وفاتني التحقق من ترتيبها الأبجدي الذي كان يتوجب الالتزام به. وأوردتها دون قصد تقديم أحد على أحد، ولا المشاركة في أي سردية تعظم أشخاصا أو جهات على حساب روح الفعل النضالي المستحق منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. ما سعيت إليه في مقالي هو إسناد هذا الفعل النضالي المهم، الذي: يُعيد إلى الضفة عموما، ورام الله خصوصا، نبضها المقاوم وفعل الانخراط النضالي الفعلي لا اللفظي، ويقاوم الصمت المطبق والنأي بالنفس، بذريعة 'الحكمة' و' الواقعية السياسية'. وهو المبدأ ذاته الذي يحكم مواقفي المؤيدة للمقاومة الأسطورية في قطاع غزة، بالتركيز على الفعل، دون تنزيه الفاعل. فلست معنيّة بحسم النوايا، ولا بتوزيع شهادات صدق أو اتهام، بل بأن يظل الجوهر هو الفعل التحرري الساعي لتحقيق الحلم الجماعي للشعب الفلسطيني في الحياة، والحرية، والعودة، وتقرير المصير، وهزيمة وتفكيك الكيان الاستعماري الغربي الصهيوني العنصري في فلسطين. وأن يستمر الإضراب، ويتطور التفاعل الشعبي معه في الضفة الغربية وباقي فلسطين، فهذا الفعل الشعبي بحاجة إلى حماية من التجيير والتفريغ في آن معا، من أجل القيام بفعل فلسطيني شعبي ورسمي مؤثّر تأخر كثيرا، للوقف الفوري للإبادة الجماعية في قطاع غزة، قتلا وتجويعا. الوضوح ضرورة: دعم الأجساد المضربة لا يعني التنازل عن الشفافية، والحرص على صدق المسار لا يعني كسر من انخرطوا فيه. بل يعني فقط أن نضع فلسطين فوق الجميع… لا خلف أحد. مغزى الإضراب أبعد من الأشخاص، وأسمى من الأطر. إنه صرخة أخلاقية في وجه الإبادة، ونداء ضمير في زمن الخذلان. وحرصا على هذا المعنى، لا بد من إبقاء صوت غزة هو العنوان الوحيد. أغسطس 3, 2025

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store